• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

عظات للملوك

عظات للملوك
الشيخ عبدالعزيز السلمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2024 ميلادي - 22/4/1446 هجري

الزيارات: 756

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عظات للملوك

 

حج أبو جعفر فدعا ابن أبي ذئب، فقال: نشدتُك بالله ألست أعمَل بالحق، ألست تراني أعدل.


فقال ابن أبي ذئب: أما إذا نشدتني بالله، فأقول: اللهم لا أراك تعدِل، وإنك لجائر وإنك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير.

 

قال محمد بن عمر: فحدثني محمد بن إبراهيم بن يحيى، وأخبرت عن عيسى بن علي قالوا: فظننا أن أبا جعفر سيعاجله بالعقوبة، فجعلنا نلف إلينا ثيابنا مخافةَ أن يصيبنا من دمه.


فجَزِعَ أبو جعفر واغتمَّ، وقال له: قُمْ فاخرُج، تأمل يا أخي، هل يوجد هذا الطراز ممن لا تأخذهم في الله لومةُ لائمٍ، أظنُّه معدوم في هذا الوقت، ما فيه اليوم من يصدع بالحق، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


دخل عمرو بن عبيد على المنصور، فقال: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر منه نفسك ببعضها، وإني لأحذرك ليلةً تتمحض صبيحتها عن يوم القيامة، ثم قال له عن حاشيته: إن هؤلاء اتخذوك سلمًا لشهواتهم.


فأنت الآخذ بالقرنين وهم يحلبون، فاتَّق الله فإنك ميِّت وحدك ومحاسب وحدك، ومبعوث وحدك، ولن يُغنوا عنك هؤلاء من ربك شيئًا، فقال له: أعنِّي بأصحابك فأستعين بهم دون هؤلاء، فردَّ عليه: أظهِر الحقَّ يتَّبعك أهله.


فقال له: ألك حاجة قال: نعم، قال: ما هي؟ قال: ألا تبعث إليَّ حتى آتيك، قال: إذا لا نلتقي، قال: عن حاجتي سألت ثم ذهب.

 

قال الحجاج ليحيى بن يعمر: ما تقول في واسط (مدينة بناها الحجاج)، فقال له: ما أقول فيها وقد بنيتها من غير مالك، وسيسكنها غير أهلك، فقال له الحجاج في غيظ وغضب: ما حملك على ما قلت؟ قال: ما أخذ الله تعالى على العلماء من العهد ألا يكتموا الناس حديثًا.

 

فقال له: ألم تخش سيف الحجاج؟ فقال: لقد ملأتني خشيةُ الله جل وعلا فلم تدَع مكانًا لخشية سواه.

 

وقيل: إن الحجاج خطب يومًا فقال: أيها الناس الصبر عن محارم الله أيسرُ من الصبر على عذاب الله، فقام إليه رجل، فقال له: ويحك يا حجاج ما أصفَق وجهك وأقل حياءَك، تفعل ما تفعل وتقول مثل هذا الكلام، خبأتَ وضلَّ سعيُك.

 

فقال للحرس: خذوه، فلما فرغ من خطبته قال له: ما الذي جرَّأك عليَّ؟ فقال: ويحك يا حجاج، أنت تجترئ على الله، ولا أجترئ عليك، ومن أنت حتى لا أجترئ عليك وأنت تجترئ على رب العالمين؟ فقال: خَلُّوا سبيله، فأُطلق.


ودخل العز بن عبد السلام على السلطان فوعظه وشدَّد في الموعظة فعاتبه ولده في ذلك، فقال له: هذا اجتماع لله فلا أكدِّره بشيء من عرَض الدنيا، يا بني لقد رأيت السلطان في تلك العظمة، فأردت أن أُهينه لئلا تكبُر نفسُه عليه فتؤذيه، ولقد استحضرت هيبة الله تعالى إذ أُخاطبه، فصار السلطان أقلَّ من القط عندي،


ولو كانت بنفسي لديه حاجة من حاجات الدنيا، لرأيته الدنيا كلها، وأجبر أحد العلماء على أن يدخل على ملك مصر، وطلب منه أن يلبس ملابس خاصةً، فأبى وقال: كيف أتجمل له بلباس لا أتجمل به لربي في الصلاة.


ودخل عبَّاد الخوَّاص على إبراهيم بن صالح وهو أمير فلسطين، فقال له: يا شيخ عظني، فقال: بِمَ أَعظك أصلَحك الله، بلغني أن أعمال الأحياء تُعرض على أقاربهم من الموتى، فانظر ما يُعرض على رسوله صلى الله عليه وسلم من عملك، فبكى حتى سالت دموعه على لحيته، فقلت له: يا أمير المؤمنين، إن من إجلال الله إجلال ذي الشَّيبة المسلم، فقام فجلس بين يدي، قال: فقال بعد مدة يا أبا عبد الله، تواضعنا لعلمك فانتفعنا به، وتواضَع لنا علم سفيان بن عيينة فلم ننتفع به.

 

وروى البيهقي وغيره أن المهدي لما قدم المدينة حاجًّا، جاءه مالك فسلَّم عليه، فأمر المهدي ابنيه الهادي وهارون الرشيد أن يسمعا منه، فطلباه إليهما فامتنع، فعاتَبه المهدي في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين، للعلم نضارة، يؤتى أهله.


وفي رواية: العلم أهل أن يوقَّر ويوقَّر أهلُه، فأمرهما والدهما بالمسير إليه، فسأله مؤدبهما أن يقرأ عليهما، فقال: إن أهل هذه البلدة يقرؤون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم، فإذا أخطؤوا أفتاهم، فرجعوا إلى الخليفة فعاتبه المهدي في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين، سمعت ابن شهاب يقول: سمعنا هذا العلم من رجال في الروضة سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة، والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله، وعدَّ آخرين، كل هؤلاء يُقرأ عليهم ولا يَقرؤون، فقال المهدي في هؤلاء قدوة صِيروا إليه فاقرؤوا عليه.

 

أراد الوليد أن يولي يزيد بن مرثد القضاء، فبلغ ذلك يزيد، فلبس فروة وقلبها، فجعل الجلد على ظهره والصوف خارجًا، وأخذ بيده رغيفًا (أي خبزة) وعرقًا (آي عظم عليه لحمٌ)، وخرج بلا رداء ولا قلنسوة؛ (أي أصلع الرأس)، ولا نعل ولا خف، ويمشي في الأسواق ويأكل.

 

فقيل للوليد: إن يزيد قد اختلط (أي خرف)، وأخبر بما فعل فترَكه الوليد.


قلت: وفعل يزيد يدل على ورعه وخوفه مِن تَبعة القضاء؛ لأن القضاء فيه خطر عظيم، ولهذا قال العلماء: يَحرُم على من لا يُحسنه، ولن تجتمع فيه شروطه الدخول فيه، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «القضاة ثلاثة، واحد في الجنة واثنان في النار»، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَن وَلِيَ القضاء فقد ذُبح بغير سكين»، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ليأتينَّ على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرة قط».


وفي لفظ: يُدعى القاضي العدل يوم القيامة، فيَلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره قط.


ترك خلف البزار الرواية عن الكسائي، فلم يروِ عنه مع أنه كان أستاذه، وهو بحاجة إليه في تصنيفه كتاب القراءات، ولَما أن ضايقوه لم يرو عنه.

 

قال: لقد سمعته يقول: قال لي سيدي الرشيد، فقلت: إن إنسانًا مقدار الدنيا عنده أن يُجل أهلها هذا الإجلال لَحَرِيٌّ ألا يؤخذ عنه شيء من العلم.

 

قلت: لله درة حيث لم يطمئنَّ قلبُه لمن يعظِّم الدنيا.

 

فانظر رحمك الله إلى شدة ورعهم وترفُّعهم وتنزُّهم عن مخالطة الملوك وأهل الدنيا، وصيانة العلم وإعزازه، وبمثل هذه الأخلاق العطرة والصفات الفاضلة عظُم الإسلام وأهلُه.

 

دخل رجل على المأمون كان يمشي في الناس، فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر دون أن يكون مأمورًا مِن قِبَل الخليفة، فاستدعاه المأمون وقال له: لِمَ تأمر وتنهى، وقد جعل الله ذلك إلينا ونحن الذين قال الله فيهم: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [الحج: 41].


فقال الرجل: صدقت يا أمير المؤمنين، أنت كما وصفت نفسك من السلطان والتمكن، غير أنَّا أولياؤك وأعوانك فيه.

 

ولا ينكر ذلك إلا مَن جَهِلَ كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- قال الله جل وعلا وتقدس: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 71]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا».

 

فأعجب المأمون بكلامه وسُرَّ به، وقال: مثلك يجوز أن يأمر بالمعروف، فامضِ على ما كنت عليه بأمرنا وعن رأينا، وهكذا حين أحسن الرجل الاحتجاج بالقرآن والسنة، انقطعت حجة المأمون، ولم يجد بدًّا من إقرار الرجل على طريقته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

وعكس هذا الرجل دخل واعظ على المأمون، فوعَظه وأغلَظ عليه في القول، فقال له المأمون: يا رجل، ارفِق فإن الله بعث من هو خيرٌ منك إلى مَن هو شرٌّ مني، وأمره بالرفق، بعث موسى وهارون إلى فرعون، فأوصاهما بقوله: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44]، وهنا كان موقف المأمون هو الأقوى؛ لأن الدليل معه.


بعث الأمير طاهر بن عبد الله إلى محمد بن رافع بخمسة آلاف درهم على يد رسوله، فدخل عليه بعد صلاة العصر وهو يأكل الخبز مع الفجل، فوضع كيس الدراهم بين يديه، فقال: بعث الأمير طاهر بهذا المال إليك لتنفقه على أهلك، فقال: خذه، لا أحتاج إليه، فإن الشمس قد بلغت رؤوس الحيطان، وإنما تغرب بعد ساعة، وأنا قد جاوزت الثمانين سنة إلى متى أعيش، فرد المال ولم يَقبله، فأخذ الرسول المال وذهب ودخل على الشيخ ابنه، فقال: يا أبت ليس لنا الليلة خبز، قال: فذهب بعض أصحابه خلف الرسول ليردَّ المال إلى صاحبه خوفًا من أن يذهب ابنه خلف الرسول، فيأخذ المال، هذا من رقم واحد في الزهد.

 

وقال أحد الزُّهاد للمنصور: اذكر ليلةً تبيت في القبر لم تبت ليلةً مثلها، واذكر ليلةً تمخض عن يوم القيامة لا ليلة بعدها، فأفحَم المنصورَ قولُه، فأمر له بمال فردَّه، وقال: لو احتجت إلى مالك ما وعظتك، (لله دره ما أزهده بالحطام الفاني).

 

وقال لابنه لَما ولاه العهد: استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والنصر بالتواضع، والتآلف بالطاعة، ولا تنسَ نصيبك من الدنيا، ونصيبك من رحمة الله، وقال للربيع: ويحك لقد رأيت منامًا هالني، رأيت قائلًا وقف في باب هذا القصر يقول:

كأني بهذا القصر قد باد أهلُه
وأوحشَ منه أهله ومنازله
وصار رئيسُ القصر من بعد بَهجة
إلى جدَثٍ يُبنى عليه جنادلُه

 

وكان ابن أبي ذئب جالسًا في المسجد النبوي الشريف في المدينة، فدخل أمير المؤمنين المهدي فلم يبق أحدٌ إلا قام، فلما وصل إلى ابن أبي ذئب لم يقُم، قال المسيب بن زهير: قُمْ هذا أمير المؤمنين، فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فقال المهدي: دَعْه فلقد قامت كلُّ شعرة في رأسي.

 

هكذا العلماء المخلصون الذين يحفَظ الله بهم الإسلام، ويرفع الله بهم المسلمين، تأمل يا أخي هل يوجد في زمننا مثل هؤلاء، ما أظن يوجد ولا رقم ثلاثة لا حول ولا قوة إلا بالله.

 

فإن قلت زند العلم كابٍ فإنما
كبَى حيث لَم تُحمَ حماه وأظلمَا
ولو أن أهل العلم صانُوه صانَهم
ولو عظَّموه في النفوس لعظَّما
ولكن أهانُوه فهانوا ودنَّسوا
مُحيَّاه بالأطماع حتى تَجَهَّما

 

والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


عن جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي قال: ما رأينا في القراء أحدًا مثل عيسى بن يونس، أرسلنا إليه فأتانا بالرقة، فاعتلَّ قبل أن يرجع، فقلت: يا أبا عمرو، وقد أمر لك بعشرة آلاف، فقال: هي، فقلت خمسون ألفًا، قال: لا حاجة لي فيها، فقلت: لِمَ والله لأهنئنكها هي والله مائة ألف، قال: لا والله لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمنًا، ألا كان هذا قبل أن ترسلوا إليَّ، فأما على الحديث فلا والله ولا شرابة ماء ولا هليلجة.


وقال أبو بكر المروزي: سمعت أحمد بن حنبل وذكر ورع عيسى بن يونس، قال: قدم فأُمر له بمائة ألف، أو قال بمالٍ، فلم يَقبل، وتدري ابن كم كان عيسى أراد أنه كان حدث السن.

 

وقال محمد بن المنكدر: حجَّ الرشيد فدخل الكوفة، فركب الأمين والمأمون إلى عيسى بن يونس، فحدثهما، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم، فأبى أن يَقبلها فظن أنه استقلَّها، فأمر له بعشرين ألفًا، فقال عيسى: لا والله ولا إهليلجة ولا شربة ماء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ملأت لي هذا المسجد ذهبًا إلى السقف، لله درُّه هذا من زاهدٍ.

 

طلب الخليفة هشام بن عبد الملك ذات يوم أحد العلماء، فلما دخل عليه قال: السلام عليك يا هشام، ثم خلع نعليه وجلس بجانبه.

 

فغضب هشام وهَمَّ بقتله، ولما تحدَّث معه وجده عالِمًا كبيرًا.

 

فلما انتهى الحديث عاتبه بقوله: لقد سَمَّيتني باسمي ولم تكلِّمني أو تدعني بالخلافة، وخلعت نعليك، وجلست بجانبي، فلِمَ فعلت ذلك، قال له: لم أَدعك بالخلافة؛ لأن الناس لم ينتخبوك كلُّهم، وسَمَّيتك ولم أُكنك؛ لأن الله جل وعلا وتقدَّس نادى الأنبياء بأسمائهم، فقال: يا عيسى، يا إبراهيم، يا موسى، يا نوح، يا داود، وكنَّى عدوَّه، فقال: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1]، وخلعت نعلي بجانبك وأنا أخلعهما لَما أَدخل بيت ربي، وجلست بجانبك؛ لأني سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سرَّه أن يمثل له الرجال قيامًا، فليتبوَّأ مِقعدَه من النار»، فكرِهت لك النار، فأمر له هشام بمال فلم يقبله وانصرَف.

 

تأمل يا أخي هذا الورع عن أخذ شيء من حطام الدنيا على ما حدثهما به، وقال: لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمنًا.

 

فما ظنُّك بمن يأكل بالكتب التي تحتوي على الآيات والأحاديث باسم تحقيق أو نشر، ويحتكرها، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة. نعوذ بالله من عمى البصيرة، قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ﴾ [فاطر: 8]، وقال تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].

 

أكثِر يا أخي من قول: الحمد لله الذي عافنا مما ابتلاهم، الله يعافيهم ولا يبلينا، ويروى عن أبي عمرو الزاهد صاحب أبي العباس أن بعض الوزراء أرسل إليه مبلغًا ما يحتاج إليه لقوته وقُوت عياله في كل سنة؛ ليجري عليه كفايته، فقال للرسول الذي أرسله أحد الوزراء: قل لصاحبك: أنا في جراية الذي ما مِن دابة إلا عليه رزقُها، وإذا غضب عليَّ لم يقطع عني ما يجريه عليَّ، "لله درُّه هذا من رقم (1) في العفاف والزهد».


اللهم اختِم بالأعمال الصالحات أعمارَنا، وحقِّق بفضلك آمالنا، وسهِّل لبلوغ رضاك سبلنا، وحسِّن في جميع الأحوال أعمالنا.

 

يا منقذ الغرقى ويا منجي الهلكى، ويا دائم الإحسان، أذِقنا بردَ عفوك، وأنِلْنا من كرمك وجودك ما تَقَرُّ به عيونُنا من رؤيتك في جنات النعيم، واغفِر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج: آيات باهرات وعبر وعظات
  • عظات وعبر في قصة ابني آدم (خطبة)
  • التكافل وقت الأزمات: مواقف وعظات
  • حرارة الصيف.. عبر وعظات (خطبة)
  • الزلازل والفيضانات: وقفات وعظات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • عظات وعبر في قصة أصحاب الجنة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • عظات ذائعات في التحذير من الشائعات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظات وجيزة للسلف (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من عظات القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ميانمار: عظات الكراهية البوذية تؤجج نيران العنف الطائفي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • النحل والعسل.. عظات وعبر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحج عظات وعبر(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الحج عبر وعظات (المحاضرة التاسعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الحج عبر وعظات (المحاضرة الثامنة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الحج عبر وعظات (المحاضرة السابعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب