• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البعثة والهجرة (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسباب نشر الأدعية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    كليات الأحكام
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الرابع: الاجتهاد والاتباع

ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الرابع: الاجتهاد والاتبا
د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/10/2024 ميلادي - 15/4/1446 هجري

الزيارات: 963

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص كتاب:

(الْمُجْملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات)

الرابع: الاجتهاد والاتباع


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

‌اللهم ‌صلِّ ‌على ‌محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

 

مقدمة:

هذا هو المقال الرابع من خمس مقالات، في ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات، لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ أحمد عبدالرحمن النقيب، الأستاذ بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، كلية التربية، جامعة المنصورة، مصر، الكتاب من إصدار دار طابة للنشر والترجمة، المنصورة، مصر، الكتاب يقع في 126 صفحة من القطع المتوسط، ويغطي أربعة أقسام رئيسة؛ هي: العلم، والتقليد، والاجتهاد والاتباع، والاختلاف، ولله الحمد وحده، سبق التعريف بموضوع الكتاب، وبيان محتواه إجمالًا، ووصف الكتاب، ومقدمته، في المقال الأول، وسبق ملخص الموضوع الأول من الكتاب - وهو العلم - في المقال الثاني، وسبق ملخص الموضوع الثاني من الكتاب - وهو التقليد - في المقال الثالث، ونتناول في هذا المقال إن شاء الله ملخص الموضوع الثالث في الكتاب؛ وهو: الاجتهاد والاتباع.

 

الاجتهاد:

ذكَّر المصنف حفظه الله في بداية هذا الجزء من الكتاب بما أورده سابقًا، من أن باب الاجتهاد مفتوح ولم يُغلَق، وإذا كان باب الاجتهاد مفتوحًا، فنريد أن نعرف بعض الأمور؛ منها:

معنى الاجتهاد:

نقل المصنف حفظه الله قول الشنقيطي رحمه الله في "مذكرة أصول الفقه ط: عطاءات العلم" (ص 485): "فصلٌ في حكم المجتهد: اعلم أن الاجتهاد في اللغة: ‌بذل ‌المجهود ‌في استفراغ الوسع في فِعْلٍ، ولا يُستعمَل إلا فيما فيه جَهدٌ - أي: مشقة - يُقال: اجتهد في حمل الرَّحى، ولا يُقال: اجتهد في حمل النواة، والجَهد بالفتح: المشقة، وبالضمِّ: الطاقة؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ﴾ [التوبة: 79]؛ قاله القرافي.

 

والاجتهادُ في اصطلاح أهل الأصول: بذلُ الفقيه وُسْعَه بالنظر في الأدلة، لأجل أن يحصل له الظن أو القطع بأن حكم اللَّه في المسألة كذا.

 

والأصل في الاجتهاد قوله تعالى: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95]، وقوله تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ﴾ [الأنبياء: 78].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتهد الحاكمُ فأصاب...))؛ الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ((الحمدُ للَّه الذي وفَّقَ رسولَ رسولِ اللَّه...)).

 

وقد علَّق الشيخ حفظه الله على الحديث الأخير، الذي أخرجه أبو داود (3592)، والترمذي (1327)، وغيرهما، وقال عنه: منكر، وأحال إلى "السلسلة الضعيفة" (881) للألباني رحمه الله، وذكر أنه صحَّ عن عمر، وابن مسعود رضي الله عنهما ما يؤيِّد معناه، وذكره.

 

مشروعية الاجتهاد:

ثم ذكر المصنف حفظه الله قولَ الأستاذ محمد عياد عباسي في "بدعة التعصب المذهبي" (ص 15، 16): "ونحن نعتقد أن الاجتهاد مصدر هام من مصادر التشريع الإسلامية، ودليل على حيويتها وصلاحها لكل زمان ومكان، وهذا لأن حوادث الحياة كثيرة متجددة غير محصورة، بينما نصوص الشريعة محصورة، ولذلك كان من حكمة الله عز وجل أن يُشرِّع لعباده الاجتهاد في الأمور التي لم ينصَّ عليها، وذلك بقياسها على الأمور التي نصَّ عليها، إذا اشترك النوعان في العلة، وقد أشار القرآن الكريم إلى مشروعية الاجتهاد بقوله سبحانه: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83]، وقوله عز وجل: ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2]، وقوله عز وجل: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، وقوله عز وجل: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59]، فهذا كله أمرٌ بالتدبُّر والاستنباط والاعتبار، وبديهي أنه لا يُخاطِب بهذا العوام من الجُهَّال لأنهم ليسوا أهلًا لذلك، وإنما المخاطَب هم العلماء".

 

حكم الاجتهاد:

قسَّم المصنف حفظه الله حكم الاجتهاد إلى ثلاثة أقسام؛ حيث قال: تتنوع أحكام الاجتهاد إلى فرض عين، وفرض كفاية، ومندوب.

 

فرض العين هو ما يلزم المكلَّف ولا يقوم غيره به عنه؛ كالصلاة، وفرض الكفاية هو ما إن قامت به طائفة، سقط الإثم عن جميع الأمة؛ كصلاة الجنازة، والمندوب هو ما كان بفعله الثوابُ وليس بتركه عقاب؛ كالسواك.

 

أورد المصنف حفظه الله نَقْلَ الأستاذ محمد عيد عباسي عن أصول الفقه للخضري في "بدعة التعصب المذهبي" (ص 16)؛ حيث قال: "فقد يكون - أي الاجتهاد - فرض عين، وذلك حين يقع لمن يستطيع الاجتهاد حادثة لا يعرف حكمها، أو حين يُسأل عن حادثة وقعت وخاف فَوتَها، وقد يكون الاجتهاد فرض كفاية، وذلك حين يُسأل من يستطيع الاجتهاد عن مسألة لا يَعرف حكمها، ويكون هناك مجتهدون آخرون، فإذا أفتى له أحدهم، سقط الإثم عنهم، وإذا تركوه كلهم، أثِموا جميعًا، وقد يكون الاجتهاد مندوبًا، وذلك حين يبحث المجتهد عن حكم مسألة يمكن أن تقع له، أو يمكن أن يُسأل عنها".

 

وقد ذكر المصنف حفظه الله تعليقًا نفيسًا؛ حيث قال عند ذِكْر أن مِن الاجتهاد ما هو فرض كفاية: "وعليه يُحمل أن السائل من التابعين كان يذهب إلى نيِّفٍ وسبعين صحابيًّا يسألهم في المسألة، فكلهم يقول: لا أدري، والمقصود أن الصحابة كانوا يتورَّعون عن الفتوى في وجود غيرهم".

 

شروط الاجتهاد:

وضع العلماء والمتأخرون شروطًا قاسية للمجتهد، هذه الشروط ترتكز في محورها على الإحاطة بالعلوم الشرعية (علوم القرآن، والسنة، والأصول...)، والعلوم الآلية (كالنحو، والبيان، والمعاني، والبديع، والصرف، والمنطق...)، وهذه الشروط إن اعتُبرت، فهي شروط للمجتهد المطلق، وقد عرَّفه د. عبدالكريم زيدان في "أصول الدعوة" (ص54) بأنه "من حفِظ وفهِم أكثر الفقه، وأصوله، وأدلته في مسائله، إذا كانت له أهلية تامة، يمكنه بها معرفة أحكام الشرع بالدليل، وسائر الوقائع إذا شاء".

 

ويرى المصنف حفظه الله أن شروط الاجتهاد يسيرة على من يسَّرها الله عليه، وأنه يحسُن الاجتهاد في تحصيلها؛ وهي:

أولًا: إحاطته بمدارك الأحكام المثمِرة لها من كتاب وسُنَّة وإجماع، واستصحاب وقياس، ومعرفة الراجح منها عند ظهور التعارض، وتقديم ما يجب تقديمه منها، كتقديم النص على القياس.

 

والعدالة ليست شرطًا في أصل الاجتهاد، وإنما هي شرط في قَبول فتوى المجتهد، ولا يُشترط حفظ آيات الأحكام وأحاديثها، بل يكفي علمه بمواضعها في المصحف وكتب الحديث ليراجعها عند الحاجة.

 

والمقصود بمدارك الأحكام: أي: أن يعلم كيف أخذنا الحكم من هذا الدليل.

 

والكتاب والسنة والإجماع: هذه هي الأدلة المتفق عليها.

 

والاستصحاب والقياس: هما من الأدلة المختلَف فيها، وكذلك الرأي، والمصلحة المرسلة، والعرف، والإجماع السكوتي، وشرع من قبلنا، وعمل أهل المدينة.

 

والعدالة: هي العمل بطاعة الله عز وجل بترك الكبيرة وعدم الإصرار على الصغيرة؛ قال الإمام الشافعي رحمه الله: "العدل: العامل بطاعته، فمن رأوه عاملًا بها كان عدلًا، ومن عمِل بخلافها كان خلاف العدل".

 

وقال المصنف حفظه الله: وأنا أميل إلى حفظ آيات الأحكام، وهي لن تزيد على خمسمائة آية، وفي تفسيرها يُرجَع إلى: تفسير الجصاص، والقرطبي، وأبي بكر بن العربي، وتفسير آيات الأحكام لصديق حسن خان.

 

وعن كتب الحديث، قال المصنف حفظه الله: فهناك كتب فقهية جمعت أحاديث الأحكام، ومن ثَمَّ شرحها الشارحون، ما بين مختصر ومتوسط ومطوَّل، ومن هذه الكتب الحديثية الفقهية: عمدة الأحكام، وبلوغ المرام، وتحصيل الطالب حفظًا، وفهمًا، ودرسًا لكتاب أو أكثر من هذه الكتب، أظن من مهمات الطلب والترقِّي في فن الفقه وتصور الأحكام.

 

أما البحث عن الآيات والأحاديث، فهذا إنما يكون عند فَقْدِ العلماء ونُدرتهم، فهذا درجٌ أول، وليس ما ينبغي أن ينتهي إليه طالب العلم.

 

ثانيًا: أما الشرط الثاني في المجتهد، يُشترط علمه بالناسخ والمنسوخ، ومواضع الإجماع والاختلاف، ويكفيه أن يعلم أنَّ ما يستدِلُّ به ليس منسوخًا، وأن المسألة لم ينعقد فيها إجماع من قبل، ولا بد من معرفته للعام والخاص، والْمُطلَق والْمُقيَّد، والنص والظاهر والمؤوَّل، والْمُجْمَل والْمُبيَّن، والمنطوق والمفهوم، والمحكَم والمتشابه.

 

ثالثًا: لا بد من معرفة ما يصلح للاحتجاج به من الأحاديث من أنواع الصحيح والحسن، والتمييز بين ذلك وبين الضعيف الذي لا يُحتَجُّ به، بمعرفته بأسباب الضعف المعروفة في علم الحديث والأصول.

 

رابعًا: تحصيل القدر اللازم لفهم الكلام من النحو واللغة، والنحو ليس هو اللغة، إنما هو نظام واحد من أنظمة اللغة.

 

ولا يخفى أنه ينبغي أن يُدرَّب طالب العلم بعد تأديبه على النظر بشروطه، والاجتهاد بآدابه وقيوده، وهذا بابٌ عظيم، ما حُرمت منه أمة الإسلام على مرِّ العصور، ولا ينبغي أن تُحرمَه في عصرنا هذا، فالله المستعان.

 

إذًا نحن في حاجة إلى أهل العلم الربَّانيين المؤدَّبين المؤدِّبين، وهو ما يكون نافعًا؛ لإخراج أجيال من أمة الإسلام أزكى وأطهر وأعظم بركة، وهذا هو المأمول.

 

تجزُّؤ الاجتهاد:

ثم تحدَّث المصنف حفظه الله عن تجزؤ الاجتهاد، وأنه هو الصواب، ونقل وناقش عددًا من أقوال الأئمة والمعاصرين؛ كالغزالي، والآلوسي في نقله عن ابن تيمية، والشنقيطي، ود. عبدالكريم زيدان، الذي جعل الاجتهاد على أربعة أقسام، متابعًا في ذلك مَن رأى من العلماء الأجِلَّة تجزؤَ الاجتهاد؛ وهي: اجتهاد مُطلَق، واجتهاد في مذهب معين، واجتهاد في نوع من العلم، واجتهاد في مسألة ما.

 

قال المصنف حفظه الله: وقد ذكر الإمام الغزالي شروط الاجتهاد، وجعلها في ثمانية علوم، أرجعها إلى ثلاثة علوم مهمة؛ هي: علم الحديث، وعلم الفقه، وعلم أصول الفقه، ثم قال الغزالي تحت عنوان: "دقيقة في التخفيف يغفُل عنها الأكثرون" كما في "المستصفى" (1/ 342) بتصريف يسير: "اجتماع هذه العلوم الثمانية، إنما يُشترَط في حقِّ المجتهد المطلق، الذي يُفتي في جميع الشرع، وليس الاجتهاد عندي مَنْصِبًا لا يتجزأ، بل يجوز أن يُقال للعالم بمنصب الاجتهاد في بعض الأحكام دون بعض، فمن عرَف طريقَ النظر القياسيِّ، فله أن يُفتي في مسألة قياسية، وإن لم يكن ماهرًا في علم الحديث... ومن عرف الحديث وطريقة التصرف فيه، فما يضره قصوره عن علم النحو، وليس شرط المفتي أن يجيب عن كل مسألة، فقد سُئل مالك عن أربعين مسألة فقال في ستة وثلاثين منها: لا أدري، وكم توقف الشافعي - بل الصحابة - في مسائل!".

 

مرتبة الاتِّباع، والفرق بينها وبين التقليد، والاجتهاد:

ذكر المصنف حفظه الله نقلين مهمين في التفريق بين المقلِّد، والمتَّبع، والمجتهد، وإبراز الفروق بينهم.

 

الأول: نقل الحافظ ابن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/992): عن أبي عبدالله بن خُوَيْز منداد البصري المالكي، قوله: "التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قولٍ لا حُجَّة لقائله عليه، وهذا ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما ثبت عليه حُجَّة"، وقال في موضع آخر من كتابه: "كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يُوجِب ذلك، فأنت مُقلِّده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله، فأنت مُتَّبِعُه، والاتباع في الدين مسوغ، والتقليد ممنوع".

 

الثاني: ثم قال المصنف حفظه الله: وتحدث الأستاذ محمد عيد عباسي عن هذه المرتبة - مرتبة الاتباع - بعد حديثه عن التقليد والاجتهاد، في "بدعة التعصب المذهبي" (ص 33، 34) فيقول: "ونحن إذا نظرنا فيمن حولنا من الناس، فإننا نلاحظ بالإضافة إلى وجود كثير من النوع الأول – المقلِّدة - وقليل نادر من النوع الثاني - مجتهدة - نلاحظ وجود نوع آخر وسط بين النوعين السابقين، وهذا ما نسميه بالاتباع، ونُسمِّي أصحابه مُتَّبعين؛ فالناس حولنا منهم من يكون عنده القدرة على معرفة طرق الاستنباط، فهو مجتهد، ومنهم من ليس عنده القدرة على البحث والنظر أبدًا، فهو مقلِّد، ونلاحظ أن منهم طائفة - يقصد من الناس - ليست عندها القدرة على الاستقلال في البحث وفَهم الأدلة، واستنباط الأحكام منها، ولكنها - أي الطائفة - في الوقت نفسه تفهم الحُجَّة وتعرِف الدليل، فهي أعلى درجة من المقلِّدين، وأدنى درجة من المجتهدين، فهؤلاء ماذا نُسمِّيهم؟ هل نُسمِّيهم مُقلِّدة؟ إننا حينئذٍ نظلمهم؛ لأن المقلد هو إنسان يتبع قول المجتهد دون معرفة حجة على ذلك القول، وهؤلاء يتبعون قول المجتهد ويعرفون دليله وحجته، فلا يصح أن نجعلهم هم ومن لم يعرف حجته سواء بدرجة واحدة، كما لا يصح أن نسميهم مجتهدين؛ لعدم استقلالهم بالنظر، فاقتضت الضرورة الاصطلاح على اسم خاص بهذه المرتبة؛ فكان الاتباع".

 

مسألة:

رجل في مرتبة الاتباع عنده الصحيحان أو أحدهما، أو كتاب من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موثوق به، فهل له أن يُفتي بما يجده فيه؟

 

ذكر المصنف حفظه الله أن زيادة في مرتبة الاتباع قد أدرجها في السؤال؛ إذ لا يجوز أن يكون عاميًّا وهذا حاله، كما لا يصح أن يكون مجتهدًا ويحدث فيه الخلاف على ما هو مُبيَّن في أصل المسألة.

 

الجواب:

وقع النزاع في هذه المسألة على قولين: عدم الجواز، والجواز، وقد فصَّل فيه ابن القيم القول في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (6 / 164/ الفائدة الثامنة والأربعون)، ومعنى كلامه في هذه المسألة: "إن كان الحديث في هذا الكتاب ظاهر الدلالة، لا يحتمل غير مراده، فله أن يعمل به، ويُفتي به، ولا يطلب له التزكية من قول فقيه أو إمام، بل الحُجَّة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خالفه من خالفه، أما إذا كانت الدلالة خفِيَّة، ومثله لا يستطيع إدراكها، فله أن يسأل أهل العلم؛ كما قال الله عز وجل: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].

 

فائدة:

قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (6/ 101/ الفائدة الحادية والعشرون): "إذا تفقَّه الرجل، وقرأ كتابًا من كتب الفقه أو أكثر، وهو مع ذلك قاصر في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف، والاستنباط والترجيح، فهل يسوغ تقليده في الفتوى؟".

 

قال المصنف حفظه الله: فيه أربعة أقوال عدَّها ابن القيم وبسطها، ثم قال: "والصواب فيه التفصيل، وهو أنه إذا كان السائل يمكنه التوصل إلى عالم يهديه السبيل، لم يحلَّ له استفتاء مثل هذا، ولا يحل لهذا أن ينسُب نفسه للفتوى مع وجود هذا العالم، وإن لم يكن في بلده أو ناحيته غيره، بحيث لا يجد المستفتي من يسأله سواه، فلا ريب أن رجوعه إليه أولى - أي أفضل - من أن يقدم على العمل بلا علمٍ، أو يبقى مرتبكًا في حيرته، مترددًا في عماه وجهالته، بل هذا هو المستطاع من تقواه المأمور بها".

 

خاتمة:

قلت: هذه نهاية المقال الرابع من هذه السلسلة المباركة، ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم، والتقليد، والإفتاء، والاختلافات، كان المقال الأول مقدمة، وتعريفًا بالكتاب، وبيان موضوعه، وأهميته، وكان المقال الثاني في ملخص الموضوع الأول من الكتاب: العلم، وكان المقال الثالث في ملخص الموضوع الثاني من الكتاب: التقليد، وهذا هو المقال الرابع الذي تناول ملخص الموضوع الثالث في الكتاب؛ وهو: الاجتهاد والاتباع، والمقال القادم إن شاء الله وهو المقال الخامس والأخير، في ملخص الموضوع الرابع من الكتاب؛ وهو: الاختلاف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الثاني: العلم
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الأول: المقدمة
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات الثالث: التقليد
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الخامس: الاختلاف
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - الأول: المقدمة

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملخص كتاب كيف تقرأ كتابا: الطريقة المثلى للاستفادة من القراءة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • قراءة في كتاب الموجز في تاريخ البلاغة لمازن المبارك: ملخص لأهم معطيات الكتاب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - الرابع: مهدي الشيعة الإمامية الجعفرية - المهدي الدموي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة كتاب: مع كتاب "المشوق إلى القراءة وطلب العلم" في قناة المجد الفضائية(مادة مرئية - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)
  • مخطوطة الجزء الثاني كتاب العلم من كتاب نهاية المراد من كلام خير العباد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب العلم من كتاب نهاية المراد من كلام خير العباد(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب