• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

من أحكام الشفعة في السنة النبوية

من أحكام الشفعة في السنة النبوية
محمد عبدالعاطي محمد عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/9/2024 ميلادي - 25/3/1446 هجري

الزيارات: 1461

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أحكام الشفعة في السنة النبوية


الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه الكرام، وبعد:

أحكام الشفعة في السنة النبوية فيها مسائل نقف معها وقفة يسيرة، ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، ويزيدنا علمًا.


الأولى: ما استقلت به السنة النبوية في مشروعية الشفعة:

الشفعة لغةً: مأخوذة من الشفع بمعنى الضم أو الزيادة والتقوية، تقول: شفعت الشيء: ضممته، وسميت شفعة؛ لأن الشفيع يضم ما يتملكه بهذا الحق إلى نصيبه أو ملكه، فيزيده عليه، ويتقوَّى به، فقد كان الشفيع منفردًا في ملكه، فبالشفعة ضم المبيع إلى ملكه، فصار شفعًا ضد الوتر [1].

 

وفي الاصطلاح الفقهي: هي حق تملُّك العقار المبيع جبرًا عن المشتري، بما قام عليه، من ثمن وتكاليف (أي: النفقات التي أنفقها) لدفع ضرر الشريك الدخيل أو الجوار. وهذا عند الحنفية [2]؛ لأن الشفعة تثبت عندهم للشريك والجار.

 

وعرفها الجمهور غير الحنفية: بأنها استحقاق شريك أخذ ما عاوض به شريكه، من عقار، بثمنه أو قيمته، بصيغة وبعبارة أخرى: هي حق تملُّك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث، فيما ملك بعوض[3]؛ وهذا لأن الشفعة حق للشريك فقط دون الجار عند الجمهور.

 

ويلاحظ أن المذاهب الأربعة حصروا الشفعة في العقار. أما الظاهرية فقد أجازوها أيضًا في المنقول؛ كالحيوان ونحوه[4].

 

دليلها: أحاديث كثيرة دلَّت على مشروعيتها: منها حديث جابر رضي الله عنه: «جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة» [5]وفي رواية: «في أرض، أو ربع، أو حائط»، والربع: المنزل، والحائط: البستان.

 

ومنها حديث آخر لجابر في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجار أحقُّ بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبًا، إذا كان طريقهما واحدًا» [6].

 

ومنها حديث سَمُرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جار الدار أحقُّ بالدار من غيره» [7].

 

ومنها حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجار أحقُّ بسقبه» أو «بصقبه» [8]؛ أي: أحق بقربه وبشفعته؛ لأن السقب أو الصقب: ما قرب من الدار.

 

وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «جار الدار أحق بالدار» [9].

 

وأما الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع من أرض أو دار أو حائط.. ولا نعلم أحدًا خالف هذا إلا الأصم، فإنه قال: لا تثبت الشفعة؛ لأن في ذلك إضرارًا بأرباب الأملاك، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء، فسيتضرر المالك؛ أي: إن الشفعة تصادم مبدأ حرية المتعاقد في التصرف. ورد عليه: بأن قوله ليس بشيء لمخالفته الآثار الثابتة والإجماع المنعقد قبله[10] .

 

وحكمتها: دفع ضرر الدخيل الأجنبي الذي يأتي على الدوام، بسبب سوء المعاشرة والمعاملة، في استعمال أو استحداث المرافق المشتركة، أو إعلاء الجدار، أو إيقاد النار، أو منع ضوء النهار، وإثارة الغبار، وإيقاف الدواب، ولعب الأولاد، لا سيما إذا كان خَصْمًا أو ضدًّا.

 

وقد تكون الحكمة أيضًا -والله أعلم-: دفع ضرر مؤنة القسمة، كما قال المالكية والشافعية والحنابلة.

وكل ما ذكر مظاهر للضرر، والمقرر في الإسلام رفع الضرر وأنه «لا ضرر ولا ضرار».

كما أن حسن العشرة يقتضي رعاية مصلحة الشريك أو الجار، ورعاية المصلحة أمر مطلوب شرعًا أيضًا [11].

 

وهذه المعاني كما هي متوقعة بين الناس بسبب الشركة، أو الخلطة في المنافع، كذلك هي متوقعة -في رأي الحنفية - بسبب الجوار [12].

 

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد إتيانها بالشفعة؛ فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين مهما أمكن، ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب؛ رفع هذا الضرر بالقسمة تارةً وبالشفعة تارةً، فإذا أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه؛ كان شريكه أحقَّ به من الأجنبي، ويزول عنه ضرر الشركة، ولا يتضرر البائع؛ لأنه يصل إلى حقه من الثمن، وكانت من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد" [13].

 

 

ويشترط لصحة الشفعة ما يلي:

1- أن يكون المشفوع فيه لم يُقسم.أما بعد معرفة الحدود وتميزها بين النصيبين، وبعد تصريف شوارعها فلا شفعة، لزوال ضرر الشراكة والاختلاط الذي ثبت من أجله استحقاق انتزاع المبيع من المشتري.

 

2- أن يكون الشفيع شريكًا في المشفوع فيه.

 

3- أن يُخرِج المشفوع فيه من ملك صاحبه بعوض مالي كالبيع.

 

4- أن يطلب الشفيع الشفعة متى علم على الفور.

 

5- أن يأخذ الشفيع جميع الصفقة بثمنها كله.

 

الثانية: ما استقلت به السنة النبوية في الشفعة للشريك:

من شروط صحة الشفعة التي لا تصح إلا بها: أن يكون الشفيع شريكًا في المشفوع فيه، فعن جابر - رضي الله عنه - جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة[14].

 

وروى البخاري من طريق عبدالواحد، عن معمر به، بلفظ: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم ) وذكر بقية الحديث [15].

 

وروى البخاري أيضًا من طريق هشام، عن معمر به، بلفظ: (إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يقسم ...) وذكر بقية الحديث [16].

 

وإذا كانت لفظة (قضى) ولفظة (جعل) بمعنى، تبقى لفظة الحصر في رواية هشام بن يوسف قد يقال: إن فيها زيادة معنى، ولم ينفرد فيها هشام بن يوسف بل تابَعَهُ عليها خارج الصحيح عبدالرزاق الصنعاني، وعبدالرزاق وهشام من أثبت أصحاب معمر، فهما يمنيان، ومعمر يمني، ورواية من سمع من معمر باليمن أصح ممن سمع منه بالبصرة.

 

وجه الاستدلال من الحديث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» دلَّ على أمرين:

الأول: أن الشفعة في العقار المشترك الذي تمكن قسمته دون غيره لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «في كل ما لم يقسم» فنصَّ على أنها في العقار المشاع مما يحتمل القسمة؛ لأن الذي لا يحتملها لا يحتاج إلى نفيه.

 

الثاني: أن الجار ليس له حق في الشفعة؛ لقيام الحدود وتميُّزها، فإذا كانت الشفعة لا تثبت للشريك إذا قاسم وعرفت الحدود، فالجار الملاصق الذي لم يقاسم أبعد من ذلك.

 

الثالث: أن الحديث بلفظ «إنما جعل الشفعة في كل ما لم يقسم» فكلمة (إنما) تدل على نفي الشفعة لغير الشريك؛ لأن كلمة الحصر تعمل بركنيها، فهي مثبتة للشيء نافية لما سواه، فثبت أن لا شفعة في المقسوم [17].

 

وأجيب عن هذا الحديث بعدة أجوبة:

الأول: ذهب أبو حاتم الرازي (رحمه الله) إلى أن قوله: «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» مدرج من كلام جابر، وليس من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن لفظ الحديث مكون من جملتين: أحدهما حكاية من جابر عن قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم) فهذا اللفظ ليس لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو لفظ جابر حكاية عن حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

وقوله: «فإذا وقعت الحدود» هذه جملة قولية، فالذين يرون أنها من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يرون الالتفات من حكاية جابر - رضي الله عنه - لقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى نقل جابر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أن يكون هناك دليل على هذا الالتفات، ولو كان هذا القول صادرًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - لاقتضى ذلك أن يقول جابر، وقال: فإذا وقعت الحدود، ليفصل جابر بين حكاية وبين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما لم يذكر القول للنبي صارت الجملة القولية من جابر أيضًا، وليس في الحديث ما يدل على أنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - [18].

 

ويشبه أن يكون بقية الكلام هو كلام جابر: (فإذا قسم ووقعت الحدود فلا شفعة) والله أعلم.

 

قلت له: بم استدللت على ما تقول؟ قال: لأنا وجدنا في الحديث: إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة فيما لم يقسم تم المعنى، فإذا وقعت الحدود فهو كلام مستقبل، ولو كان الكلام الأخير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: إنما جعل النبي الشفعة فيما لم يقسم، وقال: إذا وقعت الحدود، فلمَّا لم نجد ذكر الحكاية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكلام الأخير استدللنا أن استقبال الكلام الأخير من جابر؛ لأنه هو الراوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث ... " [19].

 

ويرد على هذا الاعتراض:

بأن الإدراج لا يثبت بالاحتمال، والأصل أن كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل؛ كمجيء رواية مبينة للقدر المدرج، أو استحالة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوله، وقد سئل الإِمام أحمد عن هذا الحديث، فلم ير الإدراج، وقد نقل صالح بن الإِمام أحمد أنه رجح رفعها [20].

 

جاء في مسائل أحمد رواية أبي الفضل: "قلت: حديث الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن جابر: (إنما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة)، قوله: "فإذا وقعت الحدود فلا شفعة" في الحديث عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو هو من كلام أبي سلمة؟

 

قال: معمر يقول: عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصالح بن أبي الأخضر كذا يقول أيضًا.

 

ورواه مالك عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة مرسلًا قالا: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة"[21].

 

الثاني: الاختلاف في وصله وإرساله، فرواه عبدالرزاق وعبدالواحد بن زياد، وهشام بن يوسف، عن معمر، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن جابر موصولًا، وسبق تخريج هذه الطرق.

 

وتابَعَهُ صالح بن أبي الأخضر، عن الزُّهْري به[22].

 

وخالفهم صفوان بن عيسى، فرواه عن معمر عن أبي سلمة مرسلًا [23]، ورجاله ثقات.

 

وعبدالرزاق ومن معه مقدمون على صفوان بن عيسى، فالمحفوظ من رواية معمر أنها متصلة إلى جابر رضي الله عنه.

 

ورواه مالك عن الزُّهْري، واختلف على مالك فيه:

فروي عن مالك، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة متصلًا [24].

فجعله من مسند أبي هريرة، وقد رواه معمر عن الزُّهْري من مسند جابر.

وروي عن مالك، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، وسعيد بن المسيب مرسلًا [25].

ولم ينفرد مالك بإرساله، بل تابعه يونس بن يزيد، فرواه عن الزُّهْري عن سعيد بن المسيب مرسلًا ورجاله ثقات [26].

وروي عن مالك، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، أو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بالشك.

 

وأجيب:

صحَّح الإمام أحمد حديث جابر كما نقل عنه من رواية ابنه أبي الفضل، وصحَّح البخاري والدارقطني أيضًا رواية مالك المتصلة إلى جابر - رضي الله عنه - وصحَّح الدارقطني أيضًا رواية مالك المتصلة إلى أبي هريرة، ولم يعل هاتين الروايتين بالإرسال [27].

 

والرواية المرسلة عن مالك صحيحة أيضًا ثابتة عنه، رواه كبار أصحابه، كالرواية المتصلة، وقد يرسل مالك الحديث، وهو متصل عنده، وهذا معروف عنه، خاصة أن الرواية المتصلة لم ينفرد بها عن مالك راوٍ واحدٌ حتى يمكن القول بشذوذها، كيف وقد تُوبِع مالك في الحديث متصلًا إلى أبي هريرة.

 

وقد ضعَّف الحافظ ابن حجر حديث أبي هريرة، ولم ير من الحديث محفوظًا إلا حديث جابر، ومرسل ابن المسيب.

 

قال الحافظ: "اختلف على الزُّهْري في هذا الإسناد، فقال مالك: عنه، عن أبي سلمة، وابن المسيب مرسلًا، كذا رواه الشافعي وغيره.

 

ورواه أبو عاصم والماجشون عنه، فوصله بذكر أبي هريرة. رواه البيهقي.

 

ورواه ابن جريج، عن الزُّهْري كذلك، لكن قال: عنهما، أو عن أحدهما. رواه أبو داود. والمحفوظ روايته عن أبي سلمة، عن جابر موصولًا، وعن ابن المسيب مرسلًا، وما سوى ذلك شذوذ ممن رواه".

 

ورأي الدارقطني أقرب للصواب، وعلى كل حال فإن رواية جابر في الصحيح، وهي كافية في الاحتجاج بالمقصود، والله أعلم.

 

الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» فيه نفي الشفعة بشرطين: وقوع الحدود، وتصريف الطرق، والمنفي بوجود شرطين لا ينتفي عند وجود أحدهما، بل لا بد من اجتماعهما، فإذا وقعت الحدود، ولم تصرف الطرق فالشفعة باقية، وهذا جواب من قال: إن الشفعة بين الجارين إذا كان بينهما حق مشترك، وهذا أقوى الأجوبة، والله أعلم[28].


الثالثة: ما استقلت به السنة النبوية في حكم سقوط الشفعة:

سقوط حق الشفعة: الشفعة حق ضعيف كما يقول الفقهاء؛ ولذا فهو يتعرَّض للسقوط بأقل الأسباب، ومنها: الإعراض عن الطلب بها، وكذلك عدم المبادرة إليها، وخروج الشفعة عن ملكه قبل الحكم بها، وصلح الشفيع المشتري على شيء من مالٍ ليترك له الشخص الذي اشتراه، فإن الصلح باطل ولا يستحق شيئًا من العِوَض، ومن ثمَّ يسقط حقه في الشفعة.

 

كذلك فإنها تسقط -أي الشفعة - بواحد مما يلي:

• إذا عجز الشفيع عن دفع الثمن كله أو بعضه.

• إذا تأخر الشفيع عن المطالبة بالشفعة بلا عذر.

• بيع الشفيع ما يشفع به قبل العلم بالشفعة.

• إذا انتقل نصيب الشريك إلى غيره بغير عوض؛ كالإرث والهبة ونحوهما.

• إذا مات الشفيع قبل أن يطلب الشفعة.

• إذا أسقط الشفيع حقَّه في الشفعة.

• ومن مسقطات الشفعة: إتمام التقسيم ووضع الحدود، حينها لا تصحُّ الشفعة.

 

فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها»[29].

 

قال الخطابي: في هذا بيان بأن الشفعة تبطل بنفس القسمة والتمييز بالحصص بوقوع الحدود، ويشبه أن يكون المعنى الموجب للشفعة دفع الضرر سوى المشاركة والدخول في ملك الشريك، وهذا المعنى يرتفع بالقسمة، وأملاك الناس لا يجوز الاعتراض عليها بغير حجة؛ انتهى.

 

والله تعالى أعلى وأعلم، والحمد لله رب العالمين.



[1] الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: 6/ 640.

[2] الدر المختار: 152/ 5، تكملة الفتح: 406/ 7، تبيين الحقائق: 239/ 5.

[3] الشرح الصغير: 630/ 3، الشرح الكبير: 473/ 3، مغني المحتاج: 296/ 2، كشاف القناع: 196/ 4، المغني: 284/ 5.

[4] المحلى: 101/ 9، م 1594.

[5] صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب: بيع الشريك من شريكه (ج3/ 79)، رقم (2213).

[6] مسند أحمد، مسند جابر بن عبدالله (22 م 155)، رقم (14253).

[7] مسند أحمد، مسند البصريين، حديث سَمُرة بن جندب (ج33/ 279)، رقم (20088).

[8] أخرجه النسائي، كتاب البيوع، باب: ذكر الشفعة وأحكامها (ج7/ 320)، رقم (4703).

[9] رواه الترمذي، أبواب الأحكام عن رسول الله، باب: ما جاء في الشفعة (ج3/ 43)، رقم (1368).

[10] المغني لابن قدامة: 284/ 5.

[11] تبيين الحقائق: 239/ 5، مغني المحتاج: 296/ 2، أعلام الموقعين: 120/ 2.

[12] الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: 6/ 642.

[13] الملخص الفقهي: 2/ 115.

[14] صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب: بيع الشريك من شريكه (ج3/ 79)، رقم (2213).

[15] البخاري كتاب الشفعة، باب: الشفعة فيما لا يقسم (ج 3/ 87) رقم (2257).

[16] صحيح البخاري، كتاب الشركة، باب: الشركة في الأرضين وغيرها (ج 3/ 140) رقم (2495).

[17] معالم السنن للخطابي (3/ 152).

[18] لهذا أمثلة من السنة، منها ما رواه البخاري (530) ومسلم (17) من حديث ابن عباس في قصة وفد عبد القيس لما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع.

أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: أتدرون ما الإيمان بالله وحده ...

ونهاهم عن أربع، عن الحنتم والدباء والنقير، والمزفت، وربما قال المقير. وقال: «احفظوهن، وأخبروا بهن من وراءكم».

فهنا الصحابي لما انتقل من حكاية ما أمر به النبي وما نهى عنه إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء بلفظ: قال؛ ليبين أن القول قول الرسول صلى الله عليه وسلم.

[19] العلل لابن أبي حاتم (1/ 478).

[20] فتح الباري (4/ 437)، شرح الزرقاني (3/ 477).

[21] مسائل الإِمام أحمد رواية أبي الفضل (2/ 282)، رقم 890.

[22] مسند أبي داود الطيالسي (1691)، ومسند الإِمام أحمد (3/ 372)، وسنن البيهقي الكبرى (6/ 103)، والكامل في الضعفاء (4/ 65)، والكفاية في علم الرواية (ص 256).

[23] سنن النسائي كتاب البيوع/ باب: ذكر الشفعة وأحكامها (ج 7/ 320) رقم (4704).

[24] رواه عن مالك متصلًا:

أبو عاصم الضحاك بن مخلد كما في سنن ابن ماجه (2497)، وشرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 121)، وسنن البيهقي (6/ 103).

وعبدالملك بن عبدالعزيز الماجشون؛ كما في السنن الكبرى للنسائي (11732) وشرح معاني الآثار (4/ 121)، وصحيح ابن حبان (5185)، والسنن الكبرى للبيهقي (6/ 103).

[25] الموطأ (2/ 713).

[26] سنن البيهقي (6/ 103).

[27] قال الدارقطني في العلل (9/ 341): "والصواب في حديث مالك - رحمه الله - المتصل في حديث أبي هريرة، وقول من قال: عن أبي سلمة، عن جابر فهو محفوظ أيضًا".

واستدل على ذلك بأنه رواه عن مالك متصلًا إلى أبي هريرة كل من الضحاك بن مخلد وعبدالملك بن عبدالعزيز الماجشون، وابن أبي قتيلة، كلهم رووه عن مالك، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، وعن سعيد، عن أبي هريرة.

[28] المعاملات المالية أصالة ومعاصرة: 10/ 189.

[29] سنن أبي داود، كتاب الإجارة، باب في الشفعة (ج3/ 505)، رقم الحديث (3515).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مسألة: الشفعة على الفور
  • حديث: قضى بالشفعة في كل مال لم يقسم
  • أحكام الغصب، والشفعة، والوديعة، واللقطة، والعارية (خطبة)
  • حديث: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم
  • حديث: الشفعة كحل العقال
  • أحكام الشفعة

مختارات من الشبكة

  • أحكام الشفعة (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • من أحكام ثبوت الشفعة في الفقه(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الشفعة ( تعريفها - مشروعيتها - حكمتها - شروطها - أحكامها )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلاصة القول في الشفعة واللقطة واللقيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب