• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    شرح لفظ "كواعب" (في ضوء كلام العرب والقرآن
    د. أورنك زيب الأعظمي
  •  
    مكانة إطعام الطعام في الإسلام
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    منهج القرآن في بيان الأحكام
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ماذا أخذت من السعودية؟
    أ. محمود توفيق حسين
  •  
    يعلمون.. ولا يعلمون
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

يسروا ولا تعسروا (خطبة)

يسروا ولا تعسروا (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2024 ميلادي - 15/3/1446 هجري

الزيارات: 9849

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يَسِّروا ولا تُعَسِّروا


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ بِجَمِيعِ تَكَالِيفِهِ، وَعِبَادَاتِهِ وَتَشْرِيعَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الْيُسْرِ، وَرَفْعِ الْحَرَجِ، وَإِزَالَةِ التَّعَنُّتِ وَالتَّشَدُّدِ؛ مِنْ أَجْلِ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَطَاقَتِهِمْ، وَالتَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]؛ وَقَالَ – لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ [الْأَعْلَى: 8]؛ أَيِ: الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ.

 

وَلَعَلَّ مِنْ أَسْبَابِ هَذَا التَّيْسِيرِ هُوَ مَا اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ خَصَائِصَ؛ وَمِنْ أَهَمِّهَا: كَوْنُهَا الْأُمَّةَ الْخَاتِمَةَ الَّتِي بِهَا خُتِمَتِ الْأُمَمُ؛ وَمِنْ ثَمَّ فَلَيْسَ هُنَاكَ مَجَالٌ لِلِاسْتِدْرَاكِ عَلَى أَحْكَامِهَا؛ إِذْ تُمَثِّلُ الْأُمَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مَرْحَلَةَ الرُّشْدِ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ، وَالَّتِي بِبُلُوغِهَا كَمُلَ الدِّينُ وَتَمَّتِ النِّعْمَةُ، وَبِمَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْقَطَعَ الْحَبْلُ الْوَاصِلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنَ النُّبُوَّةِ الْمُبَارَكَةِ.

 

لِذَا جَاءَتْ شَرِيعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلَةً وَمُيَسَّرَةً فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا وَأَحْوَالِهَا، وَلَمْ يُصِبْهَا مَا أَصَابَ الشَّرَائِعَ السَّابِقَةَ مِنَ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِمْ؛ بِسَبَبِ ظُلْمِ كَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِهَا، وَجُحُودِهِمْ، وَتَلَكُّئِهِمْ عَنِ الِاسْتِجَابَةِ لِأَنْبِيَائِهِمْ، فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ التَّشْرِيعَاتِ، فَأَصْبَحَتْ شَاقَّةً وَثَقِيلَةً؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 160].

 

وَتَكَرَّرَتْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى التَّيْسِيرِ فِي أَحَادِيثَ عِدَّةٍ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُضَيِّقَ عَلَى النَّاسِ وَيُدْخِلَ عَلَيْهِمُ الْمَشَقَّةَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَتَكَلَّفْهُ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ إِذًا فَالتَّيْسِيرُ مِنْ أَبْرَزِ مَقَاصِدِ وَمَعَالِمِ بَعْثَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ.

 

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَالْمَعْنَى: لَا يَتَعَمَّقُ أَحَدٌ فِي الْأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ، وَيَتْرُكُ الرِّفْقَ إِلَّا عَجَزَ، وَانْقَطَعَ فَيُغْلَبُ).

 

وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ أَيْضًا: «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ؛ قَالَ لَهُمَا: «ادْعُوَا النَّاسَ، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

قَالَ النَّوَوِيُّرَحِمَهُ اللَّهُ: (جَمَعَ فِي هَذِهِ ‌الْأَلْفَاظِ ‌بَيْنَ ‌الشَّيْءِ وَضِدِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُهُمَا فِي وَقْتَيْنِ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى «يَسِّرُوا» لَصَدَقَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَسَّرَ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ، وَعَسَّرَ فِي مُعْظَمِ الْحَالَاتِ، فَإِذَا قَالَ: «وَلَا تُعَسِّرُوا» انْتَفَى التَّعْسِيرُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي «يَسِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا»؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَتَطَاوَعَانِ فِي وَقْتٍ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي وَقْتٍ، وَقَدْ يَتَطَاوَعَانِ فِي شَيْءٍ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ).

 

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» فِيمَا كَانَ مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ دُونَ مَا كَانَ فَرْضًا مِنَ اللَّهِ، وَفِيمَا خَفَّفَ اللَّهُ عَمَلَهُ مِنْ فَرَائِضِهِ فِي حَالِ الْعُذْرِ؛ كَالصَّلَاةِ قَاعِدًا فِي حَالِ الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ، وَكَالْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ فِيمَا رَخَّصَ اللَّهُ فِيهِ لِعِبَادِهِ، وَأَمَرَ بِالتَّيْسِيرِ فِي النَّوَافِلِ، وَالْإِتْيَانِ بِمَا لَمْ يَكُنْ شَاقًّا وَلَا فَادِحًا؛ خَشْيَةَ الْمَلَلِ لَهَا وَرَفْضِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ إلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: «لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ» حَسَنٌ - رَوَاهُ أَحْمَدُ؛أَيِ: الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَالدِّينُ كُلُّهُ يُسْرٌ، لَكِنَّ بَعْضَهُ أَيْسَرُ مِنْ بَعْضٍ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْيُسْرَ، وَكَرِهَ لَهَا الْعُسْرَ» قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. صَحِيحٌ - رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

 

وَمِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ:

1-أَهَمِّيَّةُ التَّبْشِيرِ بِفَضْلِ اللَّهِ وَعَظِيمِ ثَوَابِهِ، وَجَزِيلِ عَطَائِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ نُضِيفَ التَّبْشِيرَ إِلَى التَّخْوِيفِ وَالْإِنْذَارِ.

 

2-أَهَمِّيَّةُ التَّيْسِيرِ وَالتَّبْشِيرِ؛ لِتَأْلِيفِ قَلْبِ الْمُسْلِمِ الْجَدِيدِ، وَتَرْكِ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ قَارَبَ الْبُلُوغَ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَمَنْ تَابَ مِنَ الْمَعَاصِي، كُلُّ هَؤُلَاءِ يُتَلَطَّفُ بِهِمْ، وَيَدْرُجُونَ فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ قَلِيلًا.

 

3-التَّيْسِيرُ لَا يَكُونُ بِتَرْكِ الْأَوَامِرِ، أَوْ بِفِعْلِ النَّوَاهِي، إِلَّا أَنْ تُوجَدَ رُخْصَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي ذَلِكَ؛ كَتَرْكِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ، وَعَدَمِ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ لِعُذْرٍ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. أَكَّدَتْ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ التَّشْرِيعِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى مَبْدَأِ رَفْعِ الْحَرَجِ عَنِ الْعِبَادِ فِي التَّكَالِيفِ، وَالتَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ فِي التَّطْبِيقِ دُونَ مَشَقَّةٍ، أَوْ ضَرَرٍ، أَوْ عُسْرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 286]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الْحَجِّ: 78].

 

وَمِنَ الْأَعْذَارِ الْعَارِضَةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّيْسِيرِ: السَّفَرُ، وَالْمَرَضُ، وَالْإِكْرَاهُ، وَالنِّسْيَانُ، وَالْجَهْلُ، وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، وَالْعُسْرُ، وَعُمُومُ الْبَلْوَى، وَقُرْبُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ.

 

وَلْنَتَأَمَّلْ مَبْدَأَ الْيُسْرِ فِي أَحْكَامِ الصِّيَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]؛ فَإِرَادَةُ الْيُسْرِ لِلْعِبَادِ مِنْ مَقَاصِدِ الدِّينِ الْعَظِيمَةِ؛ لِيُكْمِلُوا عِدَّةَ صَوْمِهِمْ، وَيُكَبِّرُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا هَدَاهُمْ، وَلَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَهُ بِسَبَبِ التَّرْخِيصِ وَالتَّيْسِيرِ.

 

وَلِذَا حَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّشَدُّدِ فِي الدِّينِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ، فَقَالَ: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلَاثًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمُتَنَطِّعُونَ: هُمُ الْمُتَشَدِّدُونَ، وَالْمُتُعَمِّقُونَ فِي الدِّينِ، فِي غَيْرِ الْمَوَاطِنِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّشَدُّدِ.

 

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلَانَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا. قَالَ: «مَهْ! عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ؛ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ! فَقَالَ: «حُلُّوهُ؛ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ قَعَدَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِمَنْ أَطَالَ الصَّلَاةَ حَتَّى شَقَّ عَلَى النَّاسِ: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟» قَالَهَا ثَلَاثًا - «اقْرَأْ ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ وَ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ وَنَحْوَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَيْضًا: «إِذَا مَا قَامَ أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفِ الصَّلَاةَ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ، وَفِيهِمُ الضَّعِيفَ، وَإِذَا قَامَ وَحْدَهُ فَلْيُطِلْ صَلَاتَهُ مَا شَاءَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

هَذَا هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ؛ إِنَّهُ يُسَايِرُ الْفِطَرَ السَّلِيمَةَ، وَيُعَايِشُ الْإِنْسَانَ فِي جَمِيعِ أَطْوَارِ حَيَاتِهِ، وَيُعَامِلُهُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، وَيَرْفَعُ عَنْهُ الْإِصْرَ وَالْعَنَتَ؛ لِيَأْخُذَ بِيَدِهِ إِلَى الْخَيْرِ، وَإِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا
  • شرح حديث أنس: "يسروا ولا تعسروا"

مختارات من الشبكة

  • يسروا ولا تعسروا(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • "يسرا ولا تعسرا"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • يسروا ... وبشروا ( بطاقة دعوية )(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • يسر الإسلام وسماحته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقتضى يسر الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحفة الأنام بمظاهر اليسر في فريضة الصيام (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • بشائر الرحمن باليسر والفرج لأهل الصبر والإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليسر في فريضة الصيام (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • مظاهر اليسر في الصوم (1): التدرج في فرض الصيام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/12/1446هـ - الساعة: 22:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب