• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    الحج: أسرار وثمرات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل بعض أذكار الصباح والمساء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    المال الحرام
    د. خالد النجار
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

رحيق الشفاء من كتاب الداء والدواء

رحيق الشفاء من كتاب الداء والدواء
د. سعد الله المحمدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/9/2024 ميلادي - 4/3/1446 هجري

الزيارات: 1756

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحيق الشفاء من كتاب الداء والدواء


هذه هي الدفعةُ الرابعةُ والأخيرةُ من دُرَر الفوائد، ولطائف الخرائد، التي تم التقاطها وتهذيبها من كتاب "الداء والدواء" لصاحب المؤلفات البديعة، والتعليقات السديدة، الإمام المصنِّف، العلَّامة المحقِّق ابن قيم الجوزية رحمه الله.


وقد غطَّت هذه النفائس واللآلئ من الحلي والجواهر من 280 إلى نهاية الكتاب، الصادر عن دار ابن الجوزي، بتحقيق العالم الأثري الشيخ علي بن حسن الحلبي رحمهُ الله، وأسألُ الله تعالى أن ينفعني بها والمسلمين.


1-المؤمنُ المخلصُ مِنْ أنعَمِ الناس بالًا:

قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64].

 

فالمؤمنُ المخلصُ للهِ مِنْ أطيبِ الناسِ عيشًا، وأنعمِهم بالًا، وأشرحِهم صدرًا، وأسرِّهم قلبًا، وهذه جنَّةٌ عاجلةٌ قبلَ الجنَّةِ الآجلةِ؛ ص: 280.


2-مِنْ كُلِّ محبوبٍ عوضٌ إلا مِنَ الله تعالى:

إنَّ المصابَ في الدنيا يرجو جَبْرَ مُصيبتِه بالعِوَضِ، ويعلمُ أنَّه أُصيبَ بشيءٍ زائلٍ لا بقاءَ له، فكيفَ بمَنْ مُصيبته بِمَنْ لا عِوَض عنه، ولا بَدَل منه، ولا نِسبةَ بينه وبينَ الدُّنيا جميعِها؟

 

فاعْرِض الآن على نَفْسِكَ أعظمَ محبوبٍ لك في الدُّنيا، بحيثُ لا تطيبُ لك الحياةُ إلَّا معهُ، فأصبَحْتَ وقد أُخِذَ منك، وحِيْلَ بينكَ وبينه أحوجَ ما كُنْتَ إليه، فكيفَ يكونُ حالُكَ؟ هذا ومنه كلُّ عِوَضٍ، فكيفَ بِمَنْ لا عِوَض عنه؟ كما قيل:

 

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إذَا ضَيّعتَهُ عِوَضٌ
وَمَا مِنَ اللهِ إنْ ضَيّعتَهُ عِوَضُ

ص: 282.


3-أصلُ دعوةِ جميعِ الرُّسُل:

أصلُ دعوةِ جميعِ الرُّسلِ عليهم السلام مِنْ أوَّلهم إلى آخرهم: إنما هي عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له المتَضمِّنَةُ لكمالِ حُبِّه، وكمالِ الخُضوع والذُّلِ لهُ، والإجلالِ والتعظيمِ، ولوازِم ذلك: من الطاعة والتَّقْوى؛ ص: 283.


4- كلُّ حركةٍ في العالم تسبيحٌ لله تعالى:

كلُّ حركةٍ في العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ، أصلُهَا المحبَّةُ، وجميع تلك الحرَكاتِ والإرَاداتِ هي عبادةٌ منهم لربِّ الأرضِ والسمواتِ، فلولا الحُبُّ ما دارتِ الأفلاكُ، ولا تحرَّكتِ الكواكبُ النِّيِّراتُ، ولا هَبَّتِ الرياحُ المسخَّراتُ، ولا مرَّتِ السُّحُبُ الحاملاتُ، ولا تحرَّكتِ الأجِنَّةُ في بُطُونِ الأُمَّهات، ولا اضطربتْ أمواجُ البحارِ الزَّاخراتِ، ولا تحرَّكت المدبِّراتُ والمقَسَّماتُ، ولا سبَّحتْ بحمدِ فاطرها الأرضونَ والسمواتُ، وما فيها من أنواع المخلوقاتِ، فسبحان من ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44]؛ ص: 284-286.


5-معنى قوله تعالى: ﴿ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾:

قال تعالى: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 42].

 

قيل: المعنى لابتغَوا السبيلَ إليه بالمغَالبةِ والقَهْرِ، كما يفعلُ الملوكُ بعضهم مع بعضٍ، ويدُلُّ عليه قولُه في الآية الأخرى: ﴿ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [المؤمنون: 91].

 

قال شيخُنا (شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله): والصحيحُ أنَّ المعنى: لابتَغَوا إليه سبيلًا بالتقرُّبِ إليه وطاعتِه، فكيفَ تعبدونَهُم من دونِهِ؟ وهم لو كانوا آلهةً كما يقولونَ لكانوا عبيدًا له، ويدلُّ على ذلك، أنَّه سبحانه لم يقُل: لابتغوا عليه سبيلًا، بل قال: ﴿ لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾، وهذا اللفظُ إنَّما يُستعمل في التقرُّب؛ كقوله تعالى: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]، وأمَّا في المغالبةِ فإنَّما يُستعمل بــ (على)؛ كقوله: ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 34]؛ ص: 288.


6-المحبَّة المحمودةُ والمذمومَةُ:

المحبَّةُ المحمودةُ هي المحبَّةُ النافعةُ التي تجلِبُ لصاحبها ما ينفعُه في دنياه وآخرتِهِ، وهذه المحبَّةُ هي عنوانُ السعادةِ، وضدّها هي التي تجلبُ لصاحبِها ما يضُرُّهُ في دنياه وآخِرَتِهِ، وهي عنوانُ شقاوته، ولا تقعُ إلا من جهلٍ أو اعتقادٍ فاسدٍ أو هوًى غالبٍ، أو ما تركَّبَ مِنْ ذلك؛ ص: 289.


7-المقصودُ بــ "يوم الدين":

سمَّى الله تعالى يومَ القيامة يومَ الدِّينِ؛ لأنَّه اليوم الذي يُدينُ فيه الناس بأعمالهِم، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشَرٌّ، وذلك يتضمَّنُ جزاءهم وحسابهم؛ فلذلك فُسِّرَ بيومِ الجزاءِ ويوم الحسابِ؛ ص: 292.


8- عِبَر وفوائد من قصة يوسف عليه السلام:

احتوَتْ قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز على فوائد وعِبَر، فذكرت عِشْقَ امرأة العزيز ليوسفَ وما راودتْهُ وكادتهُ به، كما أخبرت عن صبر يوسُف وعِفَّته وتقواهُ، مع قوَّة الداعي وزوال المانعِ من عدَّةِ وُجوهٍ:

أحدها: ما ركَّبه الله سبحانهُ في طَبْعِ الرجلِ مِنْ ميلِه إلى المرأةِ، كما يميلُ العطشانُ إلى الماءِ والجائعُ إلى الطعامِ.

 

الثاني: أنَّ يوسفَ عليه السلام كان شابًّا، وشهوةُ الشابِّ وحِدَّتُهُ أقوى.

 

الثالث: أنَّه كان عَزَبًا ليس له زوجةٌ تكسرُ ثورةَ الشهوةِ.

 

الرابع: أنَّه كان في بلاد غُرْبةٍ يتأتَّى للغريب فيها مِنْ قضاءِ الوَطَرِ ما لا يتأتَّى له في وطنه.

 

الخامس: أنَّ المرأة كانت ذاتَ منصبٍ وجَمالٍ، بحيثُ إنَّ كلَّ واحدٍ من هذينِ الأمرين يدعو إلى مُواقعتِها.

 

السادس: أنَّها غيرُ ممتنعةٍ ولا آبيَةٍ؛ فإنَّ كثيرًا مِنَ الناسِ يُزيلُ رغبَتَهُ في المرأةِ إباؤها وامتناعُها.

 

السابع: أنَّها طلَبتْ وأرادتْ وبذلتْ الجهدَ؛ فكَفَتْهُ مؤنة الطَّلب وذُلَّ الرغبة إليها.

 

الثامن: أنَّهُ في دارِها وتحتَ سُلْطانِها، بحيثُ يخشى إنْ لم يُطاوعها مِنْ أذاها له، فاجتمعت الرغبة والرهبة.

 

التاسع: أنَّه لا يَخْشَى أن تَنمَّ عليه هي أو أحد من جهتها؛ فإنَّها هي المُطالبةُ الراغبةُ، وقد غلَّقَتِ الأبوابَ.

 

العاشر: أنه كان في الظاهرِ في دارها، بحيثُ يدخلُ ويخرجُ ولا يُنْكرُ عليه، وهو من أقوى الدواعي.

 

الحادي عشر: أنَّها استعانتْ عليه بالمكرِ والاحتيالِ والشكوى إلى النِّسْوة؛ لتستعينَ بهنَّ عليه، فاستعانَ هُو باللهِ عليهنَّ فقال: ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].

 

الثاني عشر: أنها توعَّدته بالسِّجن والصَّغَارِ، وهذا نوعُ إكراهٍ، فاجتمعَ داعي الشَّهْوةِ وداعي السلامةِ مِن السِّجْن والصَّغَارِ.

 

الثالث عشر: أنَّ الزوج لم يظهر منه الغيرة والنَّخْوة، بل كان غاية ما قابلَها به أن قال ليوسف: ﴿ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ﴾ [يوسف: 29]، وللمرأة: ﴿ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 29]، وشدَّةُ الغيرةِ للرجلِ من أقوى الموانعِ.

 

ومع هذه الدواعي كلِّها آثَرَ يوسف عليه السلام مرضات الله وخوفه، وحمله حُبُّه للهِ على اختيار السجن على الزنا: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33].

 

وعَلِمَ أنَّه لا يُطيقُ صرف ذلك عن نفسهِ، وأنَّ ربَّهُ تعالى إن لم يعصِمْهُ ويصرفْ عنه كيدَهُنَّ صَبَا إليهنَّ بِطَبْعه وكانَ من الجاهلينَ، وهذا من كمال معرفته بربِّه وبنفسِهِ؛ ص: 295-298.


9-عِشقُ الصُّور:

كلما قَرُبَ القلبُ مِنْ عِشْق الصُّورِ، و قويَ اتِّصالُهُ به بَعُدَ مِنَ الله، فأبعدُ القلوبِ مِنَ اللهِ قلوبُ عُشَّاقِ الصورِ، وإذا بَعُدَ القلبُ مِنَ اللهِ طَرَقتْهُ الآفاتُ، وتوَلَّاه الشيطان مِنْ كلِّ ناحيةٍ، واستولى عليه وأنالَهُ وَبَالًا وَعَذابًا؛ ص: 302.


10-خطورة استعانة العاشقِ بالشياطين:

إنِ استعانَ العاشقُ على وِصالِ معشوقِهِ بشياطين مِنَ الجنِّ - إمَّا بسحرٍ أو استخدامٍ أو نحو ذلك- ضمَّ إلى الشِّرْكِ والظُّلمِ كُفْرَ السِّحرِ، فإنْ لم يفعلْهُ هو ورَضِيَ به كان راضيًا بالكفرِ غيرَ كارهٍ لحصولِ مقصدِهِ به، وهذا ليس ببعيدٍ من الكفر.

 

والمقصودُ: أنَّ التَّعاونَ في هذا البابِ تعاونٌ على الإثمِ والعدوانِ؛ ص: 307.


11-من أضرار العشق:

كم أزالَ العشق مِنْ نعمةٍ، وأفقرَ منْ غنى، وأسقطَ مِنْ مرتبةٍ، وشتَّت مِنْ شمل؟ وكم أفسدَ منْ أهلٍ للرجل وولده؟

ص: 309.


12- محبَّة الله تعالى:

إنَّ أنفعَ المحبَّةِ على الإطلاقِ وأوجبَها وأعلاها وأجلَّها محبَّةُ مَنْ جُبِلَتِ القلوبُ على محبَّتهِ، وفُطِرَتِ الخليقةُ على تألُّهِهِ، وبها قامَتِ الأرضُ والسمواتُ، وعليها فُطِرت المخلوقاتُ، وهي سرُّ شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ.

 

وقد دلَّ على وُجوبِ محبَّتهِ سبحانه جميعُ كُتبهِ المنَزَّلةِ، ودعوةُ جميع رُسُلِه، وفطرتُهُ التي فطرَ عبادَهُ عليها، وما ركَّبَ فيهم من العُقولِ، وما أسبغَ عليهم مِنَ النِّعَمِ؛ فإنَّ القُلوبَ مَفْطُورةٌ مجبولَةٌ على محبَّةِ مَنْ أنعمَ عليها وأحسنَ إليها؛ فكيفَ بمَنْ كلُّ الإحسانِ مِنْهُ؟ قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]؛ ص: 324.


13-الجمالُ والجلالُ من دواعي المحبة:

المحَبَّةُ لها داعيان: الجَمالُ، والجَلالُ، والرَّبُّ تعالى له الكمالُ المطْلقُ مِنْ ذلك؛ فإنَّهُ جميلٌ يُحِبُّ الجمالَ بل الجمالُ كلُّه له، والإجلالُ كلُّه منه، فلا يستحقُّ أنْ يُحَبَّ لذاتِهِ مِنْ كلِّ وجهٍ سواهُ، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]؛ ص: 325.


14-سعة رحمة الله تعالى:

إنَّ الله سبحانه وتعالى أجودُ الأجْوَدينَ وأكرمُ الأكرمينَ، أعطى عبدَهُ قبل أن يسألَهُ فوقَ ما يُؤمِّلُه، يشكرُ القليلَ مِنَ العملِ ويُنَمِّيه، ويغفرُ الكثيرَ من الزَّلَلِ ويمحوهُ، يسألُه مَنْ في السماواتِ والأرضِ، كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، لا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمعٍ، ولا يغلِّطُه كثرةُ المسائلِ، يحب المُلحِّين في الدعاء، ويستحي مِنْ عبده حيث لا يستحي العبدُ مِنْهُ، ويسترُه حيثُ لا يسترُ نفسَهُ، دعاهُ بنِعَمِهِ وإحسانهِ وأياديهِ إلى كرامتِه ورضوانهِ فأبى، فأرسلَ رسُلهُ في طلبه، وبعثَ إليهم معهم عَهْدهُ، ثم نزلَ سبحانه بنفسِه وقال: "من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرُني فأغفر له؟"؛ رواه البخاري: 5962. ص: 327.


15-كلُّ لذَّة أعانت على لذَّة الآخرة فهي محمودة:

إنَّ لذَّاتِ الدُّنيا ونعيمَها متاعٌ ووسيلةٌ إلى لذَّاتِ الآخرةِ، فكُلُّ لذَّةٍ أعانَتْ على لذَّةِ الآخرةِ وأوصلتْ إليهَا لم يُذَمَّ تناولُها، بل يُحمدُ بحسبِ إيصالهِا إلى لذَّةِ الآخرةِ.

 

وإنَّ أعظم نعيمِ الآخرةِ ولذَّاتِها: هُوَ النَّظرُ إلى وجهِ الربِّ جلَّ جلالُه، وسماعُ كلامهِ منه، والقربُ منه كما ثبت في الصحيح. "فو اللهِ، ما أعطاهُمْ شيئًا أحبَّ إليهم مِنَ النَّظَرِ إليه"؛ مسلم: 181.

 

وإذا عُرفَ هذا، فأعظمُ الأسبابِ التي تُحَصِّلُ هذه اللذَّةَ هو أعظمُ لذَّاتِ الدنيا على الإطلاقِ وهو لذَّةُ معرفةِ الله سبحانه، ولذَّةُ محبَّتهِ، فإنَّ ذلك هو جنَّة الدنيا ونعيمُها العالي، وقُرَّةُ العُيونِ، ولذَّةُ الأرواحِ، وبهجةُ القلوبِ؛ ص: 330-331.


16-محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم:

أحْمَدُ أنواعِ الحبِّ محبَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التي تَشغَلُ قلبَ المحبِّ وفكرَه وذِكرَهُ بمحبوبه، فهذه المحبة هي التي تُلطِّفُ وتُخفِّفُ أثقالَ التكاليفِ، وتُسخِّي البخيلَ، وتُشَجِّعُ الجبانَ، وتُصَفِّي الذهنَ، وتُروِّضُ النفسَ، وتُطيِّبُ الحياةَ على الحقيقةِ، وهي التي تنوِّرُ الوجهَ، وتشرحُ الصدرَ، وتُحيي القلبَ؛ ص: 334.


17-محبَّة كلام الله تعالى:

إذا أردتَ أن تعلمَ ما عندك وعندَ غيرِك من محبَّةِ الله، فانظرْ محبَّةَ القرآنِ مِنْ قلبِكَ، والتذاذَك بسماعِهِ أعظمَ مِن التذاذِ أصحابِ الملاهِي والغناءِ المُطْرِبِ بسماعِهِم، فإنَّ مِنَ المعلومِ أنَّ مَنْ أحَبَّ محبوبًا، كانَ كلامُهُ وحديثُهُ أحبَّ شيءٍ إليه. وكيفَ يشبعُ المُحِبُّ مِنْ كلامِ محبوبه وهو غايةُ مطلوبِهِ؟

 

فلمحبِّي القرآنِ مِنَ الوجدِ، والذَّوقِ، واللَّذةِ، والحلاوةِ، والسرورِ أضعافُ ما لمحبِّي السماعِ الشيطانيِّ، فإذا رأيتَ الرجلَ؛ ذوقَهُ ووجدَهُ، وطربَهُ، وتشوُّقه إلى سماعِ الأبيات دون سماعِ الآيات، وفي سماعِ الألحانِ دونَ سماعِ القرآنِ، فهذا مِنْ أقوى الأدلّةِ على فَراغِ قلبهِ مِنْ مَحبَّةِ اللهِ وكلامهِ، وتعلُّقِهِ بمحبَّةِ سماعِ الشَّيطانِ، والمغرورُ يعتقدُ أنَّه على شيءٍ! ص: 334-335.


18-محبَّة الزوجات:

وأمَّا محبَّةُ الزَّوجاتِ؛ فلا لَوْمَ على المحبِّ فيها، بل هي مِنْ كمالِهِ، وقد امتنَّ اللهُ سبحانه بها على عباده، فجعلَ المرأةَ سَكَنًا للرجلِ يسكنُ قلبُه إليها، وجعلَ بينهما خالصَ الحبِّ، وهو المودَّةُ المقرونةُ بالرَّحمةِ، وعشقُ الرَّجُلِ امرأتَه عِشْقٌ نافعٌ؛ فإنَّه أدْعى إلى المقاصدِ التي شرعَ اللهُ لها النكاحَ، وأكفُّ للبصرِ والقلبِ عن التطلُّعِ إلى غيرِ أهلِهِ؛ ولهذا يُحمَدُ هذا العاشقُ عندَ الله، وعندَ الناس؛ ص: 336.


والحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الانتكاسة: الداء والدواء
  • فوائد من كتاب "الداء والدواء" للعلامة ابن القيم
  • مختارات من كتاب الداء والدواء
  • لطائف من كتاب الداء والدواء (1)
  • لطائف من كتاب الداء والدواء (2)
  • فوائد من كتاب الداء والدواء
  • لطائف من كتاب الداء والدواء (3)
  • لطائف من كتاب الداء والدواء (4)
  • روائع الانتقاء من كتاب الداء والدواء
  • لطائف من كتاب الداء والدواء (5)
  • لطائف من كتاب الداء والدواء (6)
  • تغريدات من كتاب الداء والدواء

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحيق المحبة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ختام فعاليات مسابقة «السيرة النبوية من الرحيق المختوم» بجامعة حلوان - مصر(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • السلسلة الشهرية في السيرة النبوية من الرحيق المختوم للشيخ عبد الغني عبد ربه الرحيلي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الوالدان رحيق الحياة ( بطاقة دعوية )(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • رحيق الحروف(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الرحيق المختوم في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عائشة..اسم من نور ورحيق ( قصيدة للأطفال)(مقالة - ملفات خاصة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/11/1446هـ - الساعة: 15:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب