• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

منهج المالقي في شرحه: الدر النثير

أ. د. محمد حسان الطيان

المصدر: بحث ألقي في المؤتمر الثالث لمكتبة الاسكندرية
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2006 ميلادي - 23/11/1427 هجري

الزيارات: 22177

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج المالقي في شرحه: الدر النثير


ملخص البحث:

يتناول هذا البحث أثر المخطوطات الشارحة في فن القراءات القرآنية من خلال عرض نموذج جليل لهذه المخطوطات هو الدر النثير في شرح كتاب التيسير لعبد الواحد المالَقي (705هـ).

 

وهو يبين أولا المنهج العام الذي يكاد ينتظم كل ما ألف من متون في هذا الباب، من خلال عرضه لمنهج أبي عمرو الداني (444هـ) في كتاب التيسير.

 

ثم يعرض لمنهج المالَقي في شرحه للتيسير مبينا طريقته في شرح المتن، وما امتاز به من مقارنة كتاب التيسير بكتابي: التبصرة لمكي بن أبي طالب القيسي (437هـ) والكافي لابن شريح (476هـ) ملخصا أصول هذا المنهج في أمور خمسة هي:

1- الاستقصاء والشمول.

2- التعليل وتوجيه الأحكام.

3- التعليم وحل المشكلات.

4- تعقّب الماتن وتحقيق المتن.

5- العناية بعلوم اللغة.


1
-كتاب التيسير في القراءات السبع [1]:

• مؤلِّفُه:

عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد، أبو عمرو الأموي الأندلسي القرطبِي ثم الداني، المعروف قديماً بابن الصيرفي، الإمام الحافظ المحدث شيخ مشايخ المقرئين ولد سنة (371هـ) بقرطبة، وابتدأ يطلب العلم سنة ست وثمانين ثم رحل إلى المشرق سنة سبع وتسعين فحجّ وأفاد علماً وقراءةً، ورجع إلى الأندلس سنة تسع وتسعين ثم سكن سرقسطة سبعة أعوام رجع بعدها إلى قرطبة، ثم استقرّ به المقام بدانية سنة (417هـ).

كان أبو عمرو من الأئمة في علم قراءة القرآن وطرقه ورواياته وتفسيره ومعانيه وإعرابه. ولم يكن في عصره ولا بعده من يضاهيه في قوة حفظه وحسن تحقيقه، وفي ذلك يقول: ((ما رأيتُ شيئاً قطُّ إلا كتبته، وما كتبته إلا حفظته، وما حفظته فنسيته [2])). وكانت لَه معرفة بالحديث وطرقه ورجاله ونقَلَتِه. قال عنه الذهبي: ((إلى أبي عمرو المنتهى في تحرير علم القراءات وعلم المصاحف مع البراعة في علم الحديث والتفسير والنحو وغير ذلك)).

أخذ أبو عمرو عن الجمِّ الغفير من مشايخ عصره وفي مقدمتهم أبو القاسم خلف بن إبراهيم ابن خاقان المصري الخاقاني (402هـ) وأبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غَلْبون الحلبِي (399هـ) وأبو الفتح فارس بن أحمد الضرير (401هـ) وعبد العزيز بن جعفر بن خواستي الفارسي (412هـ) وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب (399هـ).

قرأ على أبي عمرو وحدث عنه خلق كثير منهم أبو داود سليمان بن نجاح الأموي (496هـ) وهو أجلُّ أصحابه، وأبو القاسم أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة (بعد 530هـ) وأبو عبد الله محمد بن يحيى بن مزاحم الأنصاري (502هـ) وأبو القاسم خلف بن إبراهيم الطليطلي (477هـ).

صنف أبو عمرو تواليف كثيرة بلغت مئة وعشرين كتاباً جلّها في علوم القرآن، وعلى رأسها كتاب التيسير في القراءات السبع، وجملة من كتب القراءات كجامع البيان، وإيجاز البيان، والمفردات، والتمهيد، والإيضاح، والمفصح، والموضح، وله في رسم المصحف: المقنع، وفي نقطه: المحكم.

توفي أبو عمرو في سنة (444هـ) ودفن بدانية ومشى السلطان أمام نعشه، وشيعه خلق عظيم، رحمه الله تعالى [3].


• مادة الكتاب ومنهجُه:

موضوعُ كتاب التيسير هو القراءاتُ القرآنية على مذاهب القراء السبعة المشهورين بروايات رواتهم المعروفين، وقد صدّر الداني كتابه بذكرهم مترجماً لكلٍّ منهم، وهو لم يخرج في نهجه العام عن سنن المؤلفين في هذا الفن، وإنما حذا حذوهم فكان أنموذجاً للتأليف في فن القراءات. بيد أنه جاء استجابةً لرغبة في الاختصار والتسهيل: ( فإنكم سألتموني أحسن الله إرشادكم أن أصنف لكم كتاباً مختصراً في مذاهب القراء السبعة بالأمصار رحمهم الله، يقرب عليكم تناوله، ويسهل عليكم حفظه، ويخف عليكم درسه [4].). لذلك ما رسم المؤلف لنفسه خطة في الاختصار والإيجاز واليسر جاء فيها: ((... واعتمدت في ذلك على الإيجاز والاختصار، وترك التطويل والتكرار وقربت الألفاظ وهذبت التراجم، ونبهت على الشيء بما يؤدي عن حقيقته من غير استغراق...)). وقد رمى من هذه الخطة إلى تحقيق الغاية التي وضع الكتاب من أجلها وسمَّاه بها، وهي التيسير: ((لكي يوصل إلى ذلك في يسر ويتحفظ في قرب [5]).

لقد أخذ الداني نفسه بما رسم من خطّة، إذ تبدّت ضروب الاختصار والإيجاز والتيسير في مظاهر من كتابه، يمكن تبيّنها في كل قسم من أقسامه الرئيسية الثلاثة: الإسناد، والأصول، والفرش [6].


1- في الإسناد والقرّاء:

أي في باب ذكر أسماء القراء والناقلين عنهم [7]. وباب ذكر الإسناد [8]... وفي كل منهما ضرب من ضروب الاختصار:

أ- ففي الأول اقتصر الداني على ذكر روايتين لكل قارئ من السبعة: ((وذكرت عن كل واحد من القراء روايتين)) على حين حفلت جلُّ كتب القراءات التي تقدمته بتنوع الروايات واختلافها فابن مجاهد في السبعة يذكر لكل قارئ تلامذتَهُ وإن كثروا فتجاوزوا الخمسة والعشرين قارئاً- كما في تلامذة نافع [9]- ثم هو يعنى ببيان الخلاف بينهم ويناقش رواياتهم [10]. وابن مهران في المبسوط يستقصي في ذكر الروايات حتى تصل إلى تسع روايات لقراءة عاصم [11]، وسبع روايات لقراءة أبي عمرو [12]، على سبيل التمثيل.

ب- وفي الثاني اختصر الداني في ذكر الأسانيد فلم يستوعب طرقه المختلفة، بل اكتفى بذكر إسناد واحد للرواية وآخر للتلاوة لكلٍّ من الروايات التي اعتمدها، ثم ختم الباب بقوله: (فهذه بعض الأسانيد التي أدت إلينا الروايات روايةً وتلاوةً وبالله التوفيق [13]) ولم يستغرق ذلك كله سوى صفحات ست من نشرة التيسير، على حين استغرق ذكر الأسانيد في كتاب المبسوط مثلاً نحواً من ثمانين صفحة جاء في ختامها: (فهذه أسانيد القراءات التي قرأنا بها نقلاً وأخذناها لفظاً اختصرناها كراهية الإطالة فيها. [14])!.


2- في أبواب الأصول:

وهي الأبواب التي تتناول الأحكام العامة المبنية على قاعدة يطرد القياس عليها. ويتعلق الكلام عليها هنا بثلاثة أمور هي:

أ- التنبيه على الشيء بما يؤدي عن حقيقته من غير استغراق، وهذا ما جعل الكتاب أشبه بالمتون التي تقتصر على رؤوس المسائل بإيجازٍ ولكنه غير مخلّ؛ إذ إنه يستوعب كل مذاهب القراء التي اعتمدها وما تنطوي عليه من وجوه أداء مختلفة دون حشو أو إسهاب، بل يؤدي ذلك كله بأوجز عبارة ممكنة؛ من ذلك قوله في باب ذكر الهمزتين المتلاصقتين في كلمة: ((اعلم أنهما إذا اتفقتا بالفتح نحو﴿ أَأَنْذَرْتَهُمْ ﴾ [البقرة: 6] و﴿ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ ﴾ [البقرة: 140] و﴿ أَأَسْجُدُ ﴾ [الإسراء: 61] وشبهه فإن الحِرْميين وأبا عمرو وهشاماً يسهّلون الثانية منهما، وورش يبدلها ألفاً، والقياس أن تكون بينَ بينَ، وابن كثير لا يدخل قبلها ألفاً، وقالون وهشام وأبو عمرو يدخلونها والباقون يحقّقون الهمزتين [15]).

ب- الاكتفاء غالباً بذكر مثال واحد لكل ظاهرة من أحكام الأصول؛ ففي باب الإدغام الكبير مثلاً يذكر الداني أمثلةً لجملة من حروف الإدغام، ولا يكاد يتجاوز المثال الواحد للحرف إلا إن تطلبت الحالة تنوّعاً ما؛ كأن يسبق الحرف المدغم بساكن مرة وبمتحرك مرة أخرى نحو: ﴿ فِيهِ هُدًى ﴾ [البقرة: 2] و﴿ إِنَّهُ هُوَ ﴾ [البقرة: 37] [16] ثم هو لا يستنفد كل الحروف المدغمة وإنما يقيس على ما ذكر: ( وما كان مثله من سائر حروف المعجم حيث وقع) إنَّ كل مثال من هذه الأمثلة التي ذكرها الداني هنا غدا شبه عنوان في الدر النثير أفاض المالقي تحته بذكر جميع نظائره في القرآن الكريم على وجه الاستيعاب والحصر [17].

على هذا النحو من التركيز والإيجاز سار الداني في كل أبواب الأصول ثم ختمها بالقول: (فهذه الأصول المطردة قد ذكرناها مشروحةً على قدر ما يحتمله هذا المختصر من تقليل اللفظ وتقريب المعنى ليقاس عليها ما يروى منها فيعمل على ما شرحناه... [18]).

ج- عدم العناية بتوجيه القراءات والاحتجاج لها، شأنه في ذلك شأن المختصرات في هذا الفن كالعنوان والتلخيص، خلافاً لأكثر كتب القراءة التي لا تخلو من توجيه واحتجاج كالسبعة والتبصرة والإقناع والتذكرة [19]. وينطبق هذا الأمر على فرش الحروف كما ينطبق على الأصول.


3- في فرش الحروف:

وهو ما اختلف فيه القراء من حروف متفرقة لاتؤول إلى قاعدة تنتظمها أو أصل يجمعها، والكلام عليه- في التيسير- يتعلق بملحظين أيضاً:

أ- الإشارة إلى مذاهب القراء واختلاف رواياتهم بأوجز عبارة ممكنة؛ إذ ينص الداني على اسم القارئ أولاً (أو مجموعة منهم مختزلاً على طريقته التي بيّنها في المقدمة [20]) ويتبعه بقراءته، ثم يذكر قراءة الباقين دون النص على أسمائهم معتمداً مفهوم المخالفة. من ذلك قوله في فرش سورة البقرة: (نافع) ﴿ حَتَّى يَقُولَ ﴾ [البقرة: 214] برفع اللام، والباقون بنصبها [21])) وقوله في فرش سورة المؤمن: (الكوفيون ونافع) ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ ﴾ [الشعراء: 88] بالياء، والباقون بالتاء [22])). ومن تمام إيجاز الداني في عبارته أنه يسقط منها كلمة (قرأ) التي تعدّ شبه لازمة في فرش الحروف في معظم كتب القراءات.

ب- عمد الداني إلى ما لَه نظائر في فرش الحروف- مما لا يندرج تحت أصل من الأصول- فذكر نظائره في القرآن الكريم كله لدى أول ذكر له إن كان مما يطاق حصره، كقوله في فرش سورة البقرة: (ابن عامر) ﴿ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117] هنا، وفي آل عمران ﴿ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 47] وفي النحل، ومريم، ويس، وغافر، في الستة بنصب النون، وتابعه الكسائي في النحل ويس فقط. والباقون بالرفع [23])). وإن كان من الكثرة بمكان اكتفى بذكر المثال مشفوعاً بعبارة ((حيث وقع)) كقوله في فرش سورة آل عمران: (أبو بكر) ﴿ وَرِضْوَانٌ ﴾ [آل عمران: 15] بضم الراء حيث وقع ما خلا الحرف الثاني من المائدة وهو قوله: ﴿ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ ﴾ [المائدة: 16] والباقون بكسر الراء [24]).

أما الحروف التي تندرج تحت أصل من الأصول فلا يذكرها الداني في فرش الحروف البتة خلافاً لبعض كتب القراءات التي أعاد مؤلفوها ذكر بعض الحروف في الفرش أو ذكر أحكامها مع أنها تندرج تحت أصل من أصول القراءات، ككتاب التذكرة [25]، وكتاب العنوان، وكتاب التلخيص [26].


2-
الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير:

ترجمة المؤلف:

عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السَّداد، أبو محمد، الأندلسي الأموي المالقي الشهير بالباهلي والبائع. عَلَمٌ حفلت مصادر التراجم بذكره منذ القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) [27] ولد بمالَقة (بفتح اللام) Malaga- وهي مدينة ساحلية تقع على الشاطئ الجنوبي الشرقي من الأندلس، كانت أيام دولة بني الأحمر العاصمة الثانية بعد غرناطة- ورافقت نشأته قيام مملكة غرناطة في النصف الأول من القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) وهو ينتسب إلى أسرة أوتيت حظاً غير قليل من العلم والفضل فأبوه الشيخ الأجل أبو عبد الله محمد بن علي، وخاله الولي الصالح أبو محمد عبد العظيم بن أبي الحجاج.

تلقى المالقي القراءات والتجويد والعربية عن جلّة علماء عصره في بلده مالقة كالشيخ الحسين بن عبد العزيز الأحوص الفهري (699هـ) والقاضي قاسم بن محمد الحجري السكوت (690هـ) والمقرئ الراوية عبد الرحمن ابن عبد الله بن حوط الله الأنصاري. ثم رحل إلى غرناطة وسمع على رواتها وكتب له بعضهم بالإجازة العامة كالمقرئ الراوية إسماعيل بن يحيى العطار الغرناطي، والإمام المؤرخ أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي وغيرهم كثير. ثم عاد إلى مالقة وقد برع في علوم شتى على رأسها القراءات والتجويد والنحو والفقه والأصول، مما خوله أن يكون خطيب مسجد مالقة الأعظم وأستاذ العامة والخاصة من أبنائها.

أمَّه الطلبة من كل مكان، وتخرّج به الكثيرون، كالقاضي محمد بن يحيى الأشعري المالقي (741هـ) والقاضي يوسف بن موسى الجذامي، والقاضي محمد بن عبد الله القيسي المالقي (750هـ) وسواهم.

خلَّف المالقي مصنفات عديدة في الفقه وعلوم القرآن أجلّها الدر النثير موضوع هذا البحث، وله كتاب الأصول الخمسة التي بني الإسلام عليها والمنتخب في فضائل القرآن [28] وغيرها. توفي سنة (705هـ) بمالقة، وكان الحفل في جنازته عظيماً.


* موضوع الكتاب ومحتواه:

لابد لنا قبل الشروع في دراسة الكتاب من تحديد زمن تأليفه لما لذلك من أهمية في دراسته، والحق أنه ليس في ما بين أيدينا من تراجم مؤلفه ما يحدد هذا التاريخ أو قريباً منه، بيد أن نسخة من نسخ الكتاب المخطوطة المعتمدة في التحقيق قيّدت ذلك، وهي نسخة مكتبة كوبريلي؛ إذ جاء في ختامها: (قال المؤلف رحمه الله: وكان الفراغ من تأليفه يوم الجمعة تمام ثلاثين لشهر ربيع الثاني من عام سبعة وتسعين وستمئة، والحمد لله رب العالمين. انتهى تعليق هذه النسخة المباركة في يوم السبت ثالث عشر من شهر رمضان سنة خمس وأربعين وألف).

وتتجلى أهمية هذا التاريخ (697هـ) في قربه الشديد من تاريخ وفاة المؤلف (705هـ) إذ يدل على أن المَالَقي وضع كتابه هذا في أخريات حياته بعد أن اكتمل تحصيله ونضج علمه واستحصد أمره واستوى فهمه، وأفاد من عمره المديد الذي قضاه عالماً ومعلماً، قارئاً ومقرئاً، واستمدَّ من تراثٍ غنيٍّ وعريق في القراءات وما إليها من علوم العربية.

أما موضوع الكتاب فهو القراءات القرآنية؛ إذ شرح فيه المَالَقي كتاب التيسير للداني أشهر كتب القراءات آنذاك، ومضى على سَنَنِه متتبعاً ترتيب أبوابه وفصوله، بيد أنه ألزم نفسه عرض ما فيها من أحكام على كتابَي التبصرة لمكي والكافي لابن شريح وأضاف إليها فصولاً وفقراتٍ قَدَّمَتْ لها، واستدركَتْ نقصَها، وشرحَتْ ما غمض من مصطلحاتها، ولا حاجة بي هنا إلى استعراض أقسام الكتاب وذكر أبوابه وفصوله لأن فيما عرضته من أبواب التيسير غنية [29]، وإنما سأقتصر على ما لم يرد هناك مما زاده المَالَقي على أبواب التيسير فأذكره تباعاً فيما يلي:

1- الإسناد: وقد ذكر فيه المَالَقي أسانيده إلى أصحاب الكتب الثلاثة: الدَّاني ومكي وابن شريح [30].

 

2- القسم الأول في تمهيد قواعد وتقرير أصول من باب الإدغام الكبير: وهو سبعة فصول سيأتي الحديث عنها [31].

 

3- المد بسبب الحرف الساكن ومد حروف التهجي: وهو كلام طويل زاده المَالَقي على باب المد والقصر مشيراً إلى أنَّ الدَّاني لم يذكره [32].

 

4- مسألة في توجيه أحكام النون الساكنة والتنوين الأربعة [33]: وردت إثر ذكر أحكام النون والتنوين.

 

5- فصل في تهذيب ترتيب التبويب [34]: وقد أورده في ختام أبواب الأصول قبل الشروع في فرش الحروف.

 

إن هذه الفصول بالإضافة إلى ما تقدم من أبواب التيسير وفصوله تمثل مجمل محتوى الكتاب.

 

• طريقته في عرض المادة:

سلك المَالَقي في عرض مادة شرحه طريقة واحدة لم يكد يتعداها، تتلخص في النقاط التالية:

1- يستهلّ المَالَقي معظم أبواب الكتاب بتمهيد يشرح فيه مصطلحات الباب، وهو تمهيد يقصر أو يطول تبعاً لحجم الباب وطبيعة مادته، فمثال الأول ما صنعه في بابَي الاستعاذة والبسملة [35]، ومثال الثاني ما صنعه في باب الإدغام الكبير حيث مهد للباب بذكر قواعد وتقرير أصول كسرها على سبعة فصول [36]. وسيأتي الكلام عليها في سمات المنهج [37]. وكثيراً ما ينهي المَالَقي تمهيده للباب بقوله: (وأَرجعُ الآن إلى كلامه في التيسير [38]).

2- يقتطع من كلام الدَّاني في التيسير عبارات يصدِّرُها بقوله: (قال الحافظ رحمه الله) وهي عبارات تطول وتقصر تبعاً لما تنطوي عليه من أحكام [39]، إلا أنها لا تتجاوز في الأعم الأغلب السطرَ الواحد، فإن تجاوز ما يبغي شرحه السطر اقتصر منه على كلمات وأشار إلى طوله بقوله: (إلى آخره) أو (إلى آخر كلامه) أو (الفصل) [40]. وإذا انحصرَتْ بغيتُهُ في تبيين مراد الدَّاني من كلمة أو عبارة قصيرة، فإنه يذكرها مصدَّرةً بقوله: (وقول الحافظ)) أو (وقوله) ثم يبين المراد منها مصدَّراً بكلمة (يريد) [41] وهو في تتبّعِه كلامَ الدَّاني يكاد يستغرق كل ما جاء في التيسير خلا مواضع يسيرة أَعرض عنها لوضوحها وعدم تعلّق أيّ إشكال بها، على أنه لم يدع أن يشير إلى ذلك وما أشبهه بمثل قوله (وكلامه إلى آخر الباب بَيِّنٌ وقد مرّ بيان مقتضاه [42]).

وعلى أنه أيضاً كان يتجاوز ما يرد في الأصل من الأمثلة دفعاً لما يقع من تكرار لها عند الشرح إلا إذا كان المثال نفسه مادة للشرح كما في أمثلة الإدغام الكبير.

3- يشرع في شرح عبارة الدَّاني مستهِلاً ذلك غالباً بكلمة (اعلم) حتى غدت هذه الكلمة هي الفاصل بين كلام الماتن وكلامه، وهو يرمي من شرحه إلى توضيح مقاصد الدَّاني في كلامه، وحلِّ ما فيه من إشكال، واستقصاء الأمثلة القرآنية التي يستوعبها ما ذكره من أحكام... إلى غير ذلك مما سيأتي بسط الكلام عليه، وكثيراً ما يعرِّج على كتب الدَّاني الأخرى يستكمل منها نقصاً أو يسدُّ خللاً أو يشرح مسألة أو يبسط مشكلة، وأمثلة ذلك كثيرة متفشِّيَة في الكتاب، وهو لا يقتصر على مؤلفات الدَّاني وإنما يستعين بغيرها من مصادر القراءات المشهورة كالإقناع والكشف والتذكرة وسواها.

4- يختم شرحه للعبارة ببيان قول الشيخ (أي: مكي بن أبي طالب)، والإمام (أي: ابن شريح) في الحكم المذكور أو المسألة المطروحة إمّا اشتملت على حكم من الأحكام، وذلك في كتابيهما التبصرة والكافي سواء وافقا الدَّاني أو خالفاه، وقد يعرض لَه أحياناً أن ينبِّه على أمر أو يثير مسألة فيفرد لذلك فقرة مستقلة تحت عنوان "تنبيه" أو "مسألة".


• أبرز سمات منهجه:

أَجْمَلَ المَالَقيُّ في مقدمة كتابه الكلامَ على منهجه في الدر النثير بقوله: (فدونك زِيّاً من الدر النثير، ورَيّاً من العذب النمير، في شرح مشكلات وقيد مهملات وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير متبعاً بالموافقة والمخالفة على الأسلوب الكافي فيما بينه وبين كتاب التبصرة والكتاب الكافي، إلى كلام من غيرهما دعت إليه ضرورة التفسير [43]).

وهو بهذا الإجمال يفصح عن غايته من الشرح أولاً؛ وهي شرح مشكلات التيسير ثم يبيِّن شيئاً من طريقته وأسلوبه في هذا الشرح؛ وهو تتبُّع ما بين التيسير والتبصرة والكافي من موافقة ومخالفة، والاستعانة بغيرهما من كتب القراءات..

هذا ما أجمله المَالَقي في مقدمته، لكن الدارس المستأني لكتابه يقف على سماتٍ مُميِّزة لمنهج الرجل فيه، نستطيع حصْرَها بما يلي: الاستقصاء والشمول، والتعليل وتوجيه الأحكام، والتعليم وحل المشكلات، وتعقّب الماتن وتحقيق المتن، والعناية بعلوم اللغة. وهذا بيان القول في كل منها:

1- الاستقصاء والشمول:

جعل المَالَقي من التيسير أساساً ومنطلقاً لخوضه في مباحث القراءات المختلفة يستوفي الكلام على أحكامها، ويستقي من مصادرها المتنوعة، ويستقصي أمثلتها كاملةً من القرآن الكريم، وهكذا تتحول إشارات الدَّاني وإلماعاتُهُ إلى كلامٍ مستفيضٍ وشرح مستطيلٍ، وتنقلب بلاغةُ الإيجاز إلى بلاغةِ الإطناب.

 

إن سمة الاستقصاء والشمول في الدر النثير تتجلى في مظاهر عدة يمكن أن نذكر منها:

أ- الشواهد والأمثلة:

لم يكثر المَالَقيُّ في كتابه من شيءٍ إكثارَه من الاستشهاد والتمثيل بآيات القرآن الكريم لدى ذكر أي حكم من أحكام القراءات، فقد غدا مثال الدَّاني الذي يمثل به لحكم من أحكام الأصول عنواناً يضم تحته كل ما كان على شاكلته في القرآن على سبيل الحصر والاستقصاء لا التمثيل والاستدلال، وبذا تحولت أحكام الأصول التي يطَّرد فيها القياس إلى فرش يستوعب كلَّ ما انطبق عليه هذا القياس منسوقاً على سُوَرِهِ ابتداءً بالفاتحة وانتهاءً بالناس، والمَالَقي يلتزم في هذا نهجاً لا يحيد عنه؛ فهو يذكر أولاً جملة ما في القرآن من مواضع ينطبق عليها الحكم المذكور.

ثم يبين ما جاء منها في كل سورة مراعياً عدة ما في كل سورة جامعاً النظير إلى النظير، فما كان من السور مشتملاً على موضع واحد ذكره أولاً ثم ما اشتمل على موضعين وهكذا.. إلى أن يستنفد الأمثلة، وهو في كل ذلك يتَّبع ترتيبَ السور في المصحف الشريف، ولتوضيح هذا نمثل بما ذكره المَالَقي في باب الإدغام الكبير عن إدغام الهاء في مثلها إذ قال: (قال الحافظ رحمه الله: نحو قولِه تعالى ﴿ فِيهِ هُدًى ﴾ [البقرة: 2] وشرَعَ يشرحُ أحكام إدغام الهاء في مثلها منتهياً إلى أن جملتَهُ في القرآن أربعة وتسعون حرفاً، ثم أخذ يذكر هذه الحروف مبتدئاً بما جاء منها حرف واحد في سور القرآن: (منها حرف حرف في ثلاث وعشرين سورة. [44])، ثم ثنّى بما جاء منها حرفان: (ومنها حرفان حرفان في عشر سور [45]) فثلاثة: (ومنها ثلاثة ثلاثة في سبع سور) فأربعة. فخمسة. فستة [46]. وهو في كل مرة يلتزم ترتيب السور كما تقدمت الإشارة.

إن سمةَ الاستقصاء في الأمثلة هذه- في الدر النثير- تكاد تميزه من سائر كتب القراءات الأخرى على اختلاف أنواعها وأحجامها، ذلك لأن كتاباً منها لم يستقصِ استقصاءَه، ولا أدلَّ على ذلك من موازنته بكتابَي الإقناع في القراءات السبع لابن الباذش والنشر في القراءات العشر لابن الجزري.

أما الأول فيقول مؤلفه في تمهيده لباب الإدغام: (ونشرح أصول الإدغام الكبير على حروف المعجم شرحاً شافياً يغني الواقف عليه من النظر في فرش الإدغام إن شاء الله تعالى [47]) ومع ذلك فهو يقول في إدغام اللام مثلاً: ((يدغمها في مثلها، تحرك أو سكن ما قبلها نحو ﴿ يَجْعَلْ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 29] ﴿ جَعَلَ لَكَ ﴾ [الفرقان: 10] و﴿ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ﴾ [إبراهيم: 25] وجملة ذلك مئتا موضعٍ وخمسةَ عشرَ موضعاً أولها في البقرة﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾ [البقرة: 11] وآخرها في الشمس ﴿ فَقَالَ لَهُمُ ﴾ [البقرة: 243] [48]). فيقتصر على ذكر هذه المواضع الخمسة مغفلاً من ورائها مئتين وعشرة مواضع.

وأما الثاني وهو المعروف بتوسعه وتعدد طرقه واستقصاء مؤلفه، فإن مؤلفه يقول في الموضع نفسه أي إدغام اللام: (واللام نحو) ﴿ لَا قِبَلَ لَهُمْ ﴾ [النمل: 37] ﴿ جَعَلَ لَكَ ﴾ [الفرقان: 10] وجملته مئتان وعشرون حرفاً، واختلف منها عنه في ﴿ يَخْلُ لَكُمْ ﴾ [يوسف: 9] و﴿ آلَ لُوطٍ ﴾ [الحجر: 59] [49] دون أن ينص على المواضع تحديداً وكذلك صنيعُه في كل موضع تكثر أمثلته؛ إذ يجتزئ عنها بمثالين أو أكثر مفصّلاًَ القول في مواضع الاختلاف وتعدد الطرق.

على حين ذكر المَالَقي مواضع إدغام اللام المشار إليها موضعاً موضعاً دون أن يخلَّ بحرفٍ منها [50]، وهذا ديدنه في سائر حروف الإدغام الكبير، بل في كل أبواب الكتاب.

بقي أن أشير إلى أن هذا المنهج الذي اتبعه المالَقي في استقصاء الأمثلة مكَّن لَه في إطلاق أحكام ما كانت لتصدر إلا عن استقراء تامٍ وتتبّع دقيقٍ. من ذلك قوله في باب الهمزتين المتلاصقتين في كلمة: (وليس في القرآن همزتان ملتقيتان في كلمة إلا في لفظة واحدة وهي (أئمة) وقعت في القرآن في خمسة مواضع، الأول في براءة. [51]). ومن ذلك نفيه اجتماع بعض حروف العربية في القرآن الكريم، كقولِه: ( وليس في القرآن لام بعدها شين في كلمة واحدة [52])، وقوله: ((وأما الضاد فيدغم فيه سبعة أحرف وهي الطاء والتاء والدال والظاء والذال والثاء واللام، نحو: أمط ضيره، واحفظ ضأنك، وانبذ ضغنك، ولم يقع في القرآن منها شيء، ووجدت البواقي نحو:﴿ فَقَدْ ضَلَّ ﴾ [البقرة: 108] و﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ﴾ [العاديات: 1] و﴿ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الذاريات: 24] و﴿ بَلْ ضَلُّوا ﴾ [الأحقاف: 28] [53].

ومن هذه البابة أيضاً حكمه بعدم تكرر بعض الكلمات أو التراكيب في القرآن الكريم، فمن الكلمات "مشارب" في [يس 37] ((إذ ليس في القرآن غيره [54])) ومن التراكيب: ﴿ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾ [الغاشية: 5] (إذ ليس في القرآن) ﴿ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾ [الغاشية: 5] غيره وكأنه يصدر عن معجم مفهرس ينتظم ألفاظ القرآن وتراكيبه [55].


ب- التمهيد للأبواب:

درج المَالَقي على أن يقدم بين يدي كل باب من أبواب كتابه بتمهيد يتناول أحكام الباب ويشرح بعض مصطلحاته قبل أن يشرع في شرح عبارات الدَّاني فيه- كما سلفت الإشارة- ويمكن القول إن مادة الكلام في معظم هذه التمهيدات مستقاة من اللغة والنحو والصرف كما سيأتي بيانه فيما بعد.

والحقُّ أن تمهيداته هذه تتفاوت في طولها وبسط الكلام عليها، على أن أطولها وأكثرها إسهاباً واستقصاءً تلك الفصول السبعة التي مهَّد فيها لباب الإدغام الكبير، فبسط الكلام على معنى الإدغام لغة واصطلاحاً، وعدد أنواعه، ثم أتى على ذكر مخارج الحروف وصفاتها متوسعاً في الكلام على الصفات تعليلاً وتوجيهاً، ثم انتقل إلى أنواع الحروف من حيث الاختلاف والتقارب، ومن حيث القوة والضعف، وختم ذلك كله بالكلام على أضرب الحروف من حيث قبول الإدغام وامتناعه [56].

ولا تقتصر تمهيداتُ المَالَقي على الأبواب فحسب، بل تتناول أحياناً عبارة من عبارات المتن تنطوي على حكم لم يسبق التعرض له أو شرح مصطلحاته. من ذلك ما صنعه بين يدي شرحه عبارة الدَّاني (قال الحافظ: فإن الحرميين وأبا عمرو وهشاماً يسهلون الثانية منهما [57])) حيث مهّد بالكلام على التسهيل ونوعَيْه المطلق والمقيد، فأوضح أن المراد بالمطلق جعل الهمزة بين بين، وأورد ما يقال فيه من تسهيل وتليين وتسهيل على مذاق الهمزة وهمزة بين بين، ثم أوضح أن التقييد ينصرف إلى المعنى الذي يقتضيه، فيقال تسهيل بالبدل وبالنقل وبالحذف، وختم بالقول: (فهذه جميع ألقاب التسهيل، وهذا كلُّهُ في المتحركة، فأما الساكنة فتسهيلها أبداً بالبدل نحو (كاس وبير ومومن) تبدل حرفاً من جنس حركة ما قبلها، وسيأتي ذلك كله مفصلاً في مواضعه بحول الله العلي العظيم [58]) وبعد ذلك كله عاد إلى عبارة الحافظ السابقة ليستأنف ما كان بصدده من شرحها بقوله: ((فإذا تقرر هذا فقول الحافظ: يسهلون. [59]).


ج- استكمال ما ليس في التيسير:

لم يقف المَالَقي عند حدود شرح ما في التيسير بل حرص على استكمال ما ليس فيه واستدراك نقصه، سواء كان ذلك مما أشار إليه الدَّاني إشارةً، أو مما سكَتَ عنه.

فمن الأول قول الدَّاني بعد أن ذكر جلَّ ما يدغم من الحروف: ( وما كان مثله من سائر حروف المعجم حيث وقع. [60]) فكان أن استكمل المَالَقي ذكر هذه الحروف وهي: الغين والقاف والثاء والواو، شافعاً كلَّ واحد بما ورد له من الأمثلة في القرآن الكريم كما فعل بأشياعها مما نصَّ عليه الدَّاني [61].

ومن الثاني أي مما سكت عنه الدَّاني- المدّ اللازم الذي عبّر عنه بأنه السبب الثاني الموجب للزيادة في المدّ. يقول: (والذي يوجب ذلك شيئان: أحدهما الهمزة، والثاني الحرف الساكن إذا وقع كل واحد منهما بعد حرف من أحرف المد، وتكلم الحافظ في هذا الباب على الهمزة دون الساكن، وذكَرَ الساكن والهمزة في غير هذا الكتاب من سائر تواليفه كجامع البيان وغيره. وأقدِّمُ الآن الكلام على الهمزة مرتباً على كلام الحافظ، ثم أُتبعه بالكلام على الساكن بحول من لا حول ولا قوة إلا به وهو العلي العظيم [62]). ولا يكتفي المَالَقي بذكره وإنما يُردفه بذكر ما يلحق به وهو مدّ حروف التهجي التي في أوائل السور [63]، فيذكر أشكالها، وأصولها، وأقسامها من حيث تركيبها، وأحكام مدّها، وما يترتب عليها من إدغامٍ وتحركٍ لأواخرها بحركة عارضة، واختلاف القرّاء في كل ذلك [64].

ومما يدخل في هذا الباب إفرادُهُ مسائلَ مِمّا لم يذكره الدَّاني في التيسير، وهي غالباً ما تكون مستقاةً من كتب الدَّاني الأخرى، والمَالَقي يصنع فيها صنيعَهُ في عبارات التيسير من حيث الشرحُ والمعارضةُ بأقوال مكي وابن شريح والاحتكامُ إلى كتب الدَّاني الأخرى.

وخير مثال يمكن أن يساق على ذلك المسألةُ التي ذكرها في باب المد والقصر وهذا نصُّها: ((مسألة: قال الحافظ في المفردات مانصه: "وكلهم لم يزد في تمكين الألف في قوله تعالى: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ ﴾ [البقرة: 225] و﴿ لَا تُؤَاخِذْنَا ﴾ [البقرة: 286] وبابه، وزاد بعضهم ﴿ الْآنَ ﴾ [البقرة: 71] ﴿ آلْآنَ ﴾ [يونس: 51] في الموضعين من يونس [51، 91]. و﴿ عَادًا الْأُولَى ﴾ [النجم: 50] في [والنجم 50]. فلم يزيدوا في تمكين الألف والواو فيهنَّ". وافق الإمام على ترك الزيادة في هذه الألفاظ وكذلك الشيخ إلا في ﴿ آلْآنَ ﴾ [يونس: 51] في الموضعين فلم أرَ للشيخ فيه شيئاً. واعلم أن الألف التي تقصر من ﴿ آلْآنَ ﴾ [يونس: 51] هي التي بعد اللام دون التي بعد الهمزة. نصّ عليه الإمام في (الكافي) [65]). ثم يتابع الحديثَ عن المدِّ فيذكر مدَّ الألف المبدلة من التنوين في الوقف وقول الحافظ فيها في (جامع البيان) معارضاً بقول الشيخ والإمام. ويتبعه بالوقف على (رأى) فيذكر قول الحافظ فيها في إيجاز البيان والتمهيد وغيرهما وقول الشيخ فيها في الكشف [66].

أردتُ من عرض هذه المسألة وما بعدها التدليلَ على أمرين اثنين: الأول حرص المَالَقي على استكمال ما لم يأتِ عليه الدَّاني في التيسير، والثاني تكثّره من المصادر والمراجع حتى بلغت كتب الدَّاني وحده اثني عشرَ كتاباً بَلْهَ ما رجع إليه من كتب غيره.

وكأنما أراد لكتابه أن يكون جامعاً لما حوته كتب الدَّاني على اختلافها وتنوع موضوعاتها، لأجل هذا ما تنوعت موارده ومصادره وكان لكل فن منها نصيب عنده، فهو يستعين في بحث الإمالة بالموضِح في الفتح والإمالة، وفي رواية ورش بإيجاز البيان والتلخيص، وفي قراءة نافع بالتمهيد، وفي الهمزتين بالإيضاح، وفي الإدغام الكبير يستعين بالتفصيل والمفصح، وفي الرسم القرآني بالتحبير والمقنع، وفي تفصيل القول على القراءات عموماً يستعين بالمفردات وجامع البيان، إلى كلام من غيرها دعت إليه ضرورة الشرح والتفسير، حتى ليصدق فيه قولهم "كلُّ الصيد في جوف الفَرا".


د- الموازنة:

وأعني بها ما أخذ به نفسه من عرض ما في التيسير على ما في التبصرة والكافي وتتبع ما فيهما من الموافقة والمخالفة لما في التيسير من مذاهب القرّاء وأحكام الأداء؛ إذ لم يدع أن يختم كل مسألة يعرضها من كتاب التيسير بذكر قول الشيخ والإمام فيها- وهما صاحبا التبصرة والكافي- وأمثلة ذلك فاشية في الكتاب لا تكاد ورقة تخلو منها.


هـ- الإسناد:

وهو، وإن لم يكن من صميم الموضوع، فإن المصنف نحا فيه نحو الإسهاب والاستقصاء إذ ذكر ثمانية عشر سنداً لرواية كتبه الثلاثة المعتمدة التيسير والتبصرة والكافي وفي بعضها أكثر من طريق، وقد اشتملت في جملتها على خمسين شيخاً.


2- التعليل وتوجيه الأحكام:

يتمتع المَالَقي بذهنية علمية متوقدة لا تقعد عن طلب العلة والسبب في جلِّ ما يعرض لها من أحكام، فهو كَلِفٌ بالتعليل، حريصٌ على توجيه كثير من مسائل القراءة ووجوه الأداء، حتى لا يكاد فصل من فصول الكتاب يخلو من ذكر العلة وسلوك مسالكها، وقد يفضي به الأمر إلى تطلب ما وراء العلة مما أطلق عليه علماء أصول النحو علة العلة أو العلل الثواني [67]، ولو رحنا نتتبع ما ذكره من العلل لخرج بنا الأمر عن مقصده، وإنما هي الإشارة العجلى والبيان الموجز والمثال المومئ إلى ما وراءه، لذا سأقتصر فيما يلي على ذكر المظاهر التي تجلى فيها التعليل عنده:


أ- تعليل وجوه القراءات:

وهو ما اصطلح عليه بالاحتجاج للقراءات أي التماس الدليل لها، وذلك إما بالاستناد إلى قاعدة مشهورة في العربية، أو بالاعتماد على القياس وحشد النظائر وموازنة المثيل بالمثيل، وقد يساق للاحتجاج والتوجيه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشعر العربي والأمثال ولغات العرب ولهجاتها وأقوال أئمة العربية [68]. وكتب القراءات متباينة في تناول هذا الموضوع، منها ما لم يذكره البتة كالتيسير والعنوان، ومنها ما ألَمّ به على قلة كالسبعة والتبصرة، ومنها ما أكثر من ذكره كالإقناع [69]، ومنها ما تخصص فيه وأفرد له كالحجة والكشف. أما الدر النثير فتوسَّط بين ذلك كله؛ إذ لم يخلُ باب من أبوابه من توجيه القراءات والتعليل لها، والتعليل عند المَالَقي- شأنه عند جل من صنف في هذا الفن- تتنازعه كل أنواع المعارف اللغوية من نحو وصرف ولغة وصوت، فمن التعليل النحوي قوله: ((ومن هذا النوع- أي الحمل على التوهم- قراءة الجماعة غير أبي عمرو: ﴿ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10] بجزم أكن حملاً على موضع الفاء؛ لأنه لو لم تثبت الفاء لجزم ﴿ أَصْدَقُ ﴾ [النساء: 87] وعلى هذا تتخرج قراءة نافع رحمه الله: ﴿ وَمَحْيَايَ ﴾ [الأنعام: 162] بسكون الياء كأنه نوى الوقف عليها وإن لم يقف. [70]).

ومن التعليل اللغوي تضعيفه قراءة تحقيق الهمزتين اعتماداً على قول سيبويه في باب الهمز: (فليس في كلام العرب أن تلتقي همزتان فتحققا [71]).

ومن التعليل الصوتي لوجوه القراءات ما قاله في توجيه قراءة ترك صلة هاء الكناية: (وجه قراءة الجماعة بترك الصلة إذا سكن ما قبل الهاء أن الهاء عندهم لضعفها ووهنها في حكم العدم فلو وصلوها لكانوا كأنهم قد جمعوا بين ساكنين، فتركوا الصلة لذلك. [72]).

والحقُّ أن التعليل الصوتي هو واسطةُ العقد في الدر النثير، فيه تكمن أصالة الكتاب ويبدو إبداع مؤلفه، وبه يتميز الدر النثير من سائر كتب القراءات، وهو ينتظم كل أبواب الكتاب وفصوله لأنه يتعلق أساساً بظواهر الأداء المختلفة من إدغام ومد وهمز وتسهيل وإمالة وهي التي تؤلف مادة الكتاب الأساسية لأجل ذلك ما أفردتُ له فقراتٍ في دراستي الموسعة عن هذا الكتاب.

ويحسن أن أشير هنا إلى أن المَالَقي- على حفاوته وعنايته بتوجيه القراءات- لم يكن يتكلف فيه أو يلتزمه في كل ما يطرأ من أحكام مما يجعله أمراً لا مفرَّ منه ولا محيد عنه، بل هو على النقيض من ذلك يتناول المسألة بما فيه مقنع من تعليلاتها، ولا يعدُّ التعليلَ ملزماً لسواها من المسائل، وإنما نجده ينبِّه على عدم اطراد التعليل في كل المسائل حيث يقول إثر تعليله إمالة الفتحة والألف في (عالم وعابد): (وينبغي للطالب أن يعلم أنه متى حصل توجيه مسألة في هذا العلم بوجه مناسب كفى، فإن اتفق مع ذلك اطراد التوجيه في سائر النظائر واستمرار التعليل فحسن، وإن لم يطرد ذلك وحصل الاختلاف بين النظائر فلا اعتراض؛ لأن القوانين في علم العربية إنما هي أكثرية لا كلِّيّة لأن موضوع هذا العلم الألفاظ، وهو أمر وضعي، وإنما يلزم الاطراد ويقدح الانكسار في العلوم العقلية [73]).


ب- تعليل أوجه الخلاف:

لم يدع المَالَقي أن يعلل ما ألزم نفسه تتبعه من أوجه الخلاف بين التيسير والتبصرة والكافي في أحكام القراءات، من ذلك قوله في تعليل خلافهم حول إدغام: ﴿ وَالْأَرْضِ شَيْئًا ﴾ [النحل: 73] : (فالجواب أنه يمكن الجمع بينهما بأن الرواية خلاف التلاوة، كما تقرر في باب البسملة أو بلغ أحدهما ما لم يبلغ الآخر، وهذا التوجيه الثاني أظهر لقول الحافظ: ولا فرق بينهما إلا إرادة الجمع بين اللغتين. فظهر أن الحافظ لم يبلغه ما بلغ الإمام والله أعلم [74]).

ومن هذا القبيل تعليله- الذي أشار إليه هنا- للخلاف بين الرواية والأداء، على أنه لم يقع في باب البسملة كما نص هنا وإنما في باب الاستعاذة [75].

 

ومنه أيضا تعليله الخلاف في ضم ميم الجمع عند قالون [76].


ج- تعليل ترتيب أبواب التيسير وفصوله:

عُنِيَ المَالَقي إلى ذلك كله بتعليل إيراد الدَّاني لأبواب كتابه وفصوله على هذا النحو من الترتيب، وأفرد لذلك فصلاً بتمامه في ختام أبواب الأصول دعاه: (فصل في تهذيب ترتيب التبويب [77]) وعرض فيه لأبواب التيسير باباً باباً مبيِّنا الحكمة من ترتيب الحافظ له، ملتمساً المعاذير لما قد يرد على هذا الترتيب، وكان مما جاء في مستهله: (قال العبد: أما تقديم الخطبة والصدر فغنِيٌّ عن إبداء التعليل، فأما تقديم ذكر أسماء القرّاء الناقلين فلأن مجموع ما اشتمل عليه الكتاب منسوب إليهم، ثم أتبعَه بذكر اتصال قراءتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لولا ذلك لم يصح الاعتماد عليهم، ولزم تقديم هذا الباب على اتصال قرائه بالأئمة لأمرين.) وراح يبدي الوجوه والتعليلات لما فعله الحافظ في هذا الترتيب متتبِّعاً أبواب الأصول في الكتاب باباً إثر باب إلى أن فرغ منها [78].

وليس هذا هو الموضع الوحيد الذي تولَّى فيه المَالَقي تعليلَ ترتيب كلام الدَّاني، بل كان يعمد إلى هذا في أثناء الشرح وضمن بعض الأبواب، ولا أَدَلَّ على ذلك من قوله في سورة أم القرآن: (تنبيه: ذكر عن حمزة (عليهم ولديهم وإليهم) بضم الهاء في الحالين أولاً، ثم ذكر عن ابن كثير وقالون بخلاف عنه صلة الميم، ثم أتبع بمذهب ورش، ثم رجع إلى مذهب حمزة والكسائي. وهذا العمل له وجه من الترتيب حسن، وإن لم يكن بادياً من أول وهلة، وبيانه. [79]). ومثل ذلك أيضاً تعليلُه تأخيرَ فصلِ النون الساكنة والتنوين عمّا يدغم مما سكونه عارض، حيث وصف ترتيب الحافظ ثَمّةَ بأنه (أكمل وأنبل [80]).


3- التعليم وحل المشكلات:

ينحو المَالَقي في شرحه نحو التعليم، ويلبس لبوس المعلمين في تذليله للكثير من الصعوبات وحلِّه للمشكلات، ولا ريب أن تَمَرُّسَهُ بالإقراء والخطابة والتعليم عُمَرَهُ كان لَه أكبر الأثر في هذه النَّزعة، فقد كان كما تقدم في ترجمته (مولي النعمة على الطلبة من أهل بلده، أستاذاً حافلاً متفنناً مضطلعاً، إماماً في القراءات، مقسوم الأزمنة على العلم وأهله. أقرأ عمره وخطب بالمسجد الجامع من مَالَقة، وأخذ عنه الكثير من أهل الأندلس [81]) فلا غروَ بعد أن يولِيَ التعليمَ في كتابه كلَّ عناية، وأن يتوجَّه فيه إلى الطلاب يزيل حيرتهم، وينبّه على أخطائهم، ويقسِّم الموضوعات إلى فروع وأجزاء، ويفترِضُ المسائلَ المشكلة التي قد ترد على ألسنتهم ليضعَ لها الجوابَ المناسب.

إن هذه العناية بالتعليم وحل المشكلات تبدَّت في عدة مظاهر أهمها:

أ- التوجّه إلى الطالب:

وأبرز مظهر من مظاهر هذا التوجه كلمته التي يبدأ بها كل فقرة من شرحه وهي (اعلم) فهو ما يَنِي يخاطب القارئ بها، ولا حاجة إلى التمثيل عليها لأنها تطالع القارئ في كل صفحة من صفحات الكتاب.

ومن مظاهر هذا التوجه التنبيه على ما قد يقع فيه الطلاب من أخطاء في التلاوة أو في فهم عبارة التيسير كقوله لدى تنبيهه على تكرر عبارة (وشبهه) عند الدَّاني: (لكن هذه العبارة تحدث على الطالب حيرة إذا لم يكن قوي الذِّكْرِ لألفاظ القرآن، فقد يطلب نظيراً لما ذكر الحافظ إذا وجده يقول: وما أشبهه، فلا يجده، فيرمي نفسه بالتقصير، فلهذا مهما أجدْ عبارة الحافظ في مثل هذا وأعرفْ أنه ليس لما ذكر نظير أنبِّهْ عليه إن ألهمني الله تعالى لأزيلَ حيرة الطالب [82]).

ومن هذا التوجه تنبيهه الطالب على عدم اطراد التعليل في كل المسائل: ((وينبغي للطالب أن يعلم أنه متى حصل توجيه مسألة في هذا العلم بوجه مناسب كفى [83].) وقد تقدم النص على تمام العبارة قريباً [84].

وقد يذهب المؤلف إلى أبعد من ذلك فينبه المعلم على أخطاء تعرض للطلاب في تلاوتهم كقوله في فرش سورة الملك لدى الكلام على تسهيل همزة ﴿ أَأَمِنْتُمْ ﴾ [الملك: 16]: ((قال العبد: وينبغي للمعلم أن يتفقد لفظ الطالب المتعلم في مثل هذا، فإنه كثيراً ما يخلُّ بلفظ الهمزة الملينة في ذلك والله أعلم [85]).


ب- العناية بالتقسيم:

أي تقسيم المسألة إلى أقسام بغية تجزئتها ليكون ذلك أيسر لفهمها وأدعى لحفظها وهي عناية لا تكاد تتخلف عن باب من أبواب الكتاب، فأمثلتها فاشية في كل باب.

من ذلك كلامه على الاستعاذة إذ قسمها إلى أربع مسائل: في لفظها، وكيفية اللفظ بها، ومحل استعمالها، وحكمها [86]. ومنه تقسيمه المواضع باعتبار البسملة في مذهب الحافظ إلى أربعة: موضع تترك فيه باتفاق، وموضع تثبت فيه باتفاق، وموضع يُخيّر فيه باتفاق، وموضع فيه خلاف [87]. ومن ذلك أيضاً تقسيمه هاء الكناية من حيث اتفاق القرّاء على الصلة وتركها إلى ثلاثة أقسام: قسم اتفق القرّاء على صلة حركته، وقسم اتفقوا على تركها، وقسم اختلفوا فيه [88]. ومنه تقسيمه الساكن الذي يسبق الهمزة المتبوعة إلى ثلاثة أقسام: أحدها أن يكون حرفاً صحيحاً، والثاني أن يكون حرف مدٍّ ولين، والثالث أن يكون حرف لين [89] ومثله كثير.

ومما يتصل بهذه النّزعة إلى التقسيم إعادة عرضه بعض الأحكام ملخّصة ومجزأة على نحو يقرِّبُها من الأفهام، كما صنع في عرض حالات ميم الجمع بعد أن فرغ من الكلام على سورة أم القرآن حيث قسم هذه الحالات إلى أربع: حالة تحرك فيها بالضم وتوصل ضمتها بواو بالاتفاق، وحالة تحرك فيها من غير صلة، وحالة تسكن فيها، وحالة فيها خلاف [90] دائر بين الإسكان والتحريك مع الصلة.

وقد يصنع العكس فيستهل الباب بمثل هذه الأحكام المقسمة كما نجد في باب ذكر الهمزة المفردة حيث قدم له بتقسيم مذاهب القرّاء في الهمزة المفردة إلى أربعة أقسام [91].


ج- إثارة الانتباه بوضع عناوين جانبية:

وهي ذات صيغ مختلفة أبرزها: (تنبيه) و(مسألة) و(تنقير).

وغالباً ما تنطوي التنبيهات على إشكال يثيره المَالَقي ثم يبادر إلى حلّه، كصنيعه في تنبيهه على الخلاف في ضم ميم الجمع عند قالون، حيث عرض عبارتين للحافظ الأولى في التيسير والثانية في المفردات ثم قال: (وبين العبارتين بَوْنٌ يعرض منه للناظر إشكال، ووجه البيان في ذلك [92]) وقد يكون المراد من التنبيه عرض حكم بصورة مجزَّأة ومقسَّمة وفق ما مر بنا في الفقرة السابقة من تنبيهه على حالات ميم الجمع. أو يكون غرضه منه تعليل ترتيب كلام الدَّاني في مسألة من المسائل كالذي مرّ بنا قريباً من توجيهه لترتيب الدَّاني الكلامَ على مذاهب القرّاء في (عليهم ولديهم وإليهم) في سورة أم القرآن [93]. وقد يكون الغرض من التنبيه الكلام على حكم دقيق من الأحكام هو مظنَّة الخفاء، كتنبيهه على أن الهمزة المتطرفة المتحركة في الوصل إذا سكنت في الوقف فهي محقّقة في قراءة أبي عمرو سواء قرئت برواية التحقيق أم برواية التسهيل. وقد اعتمد في هذا الحكم على كلام للحافظ في المفردات، ثم قال: (ولو نبه عليه في التيسير لكان حسناً [94]).

وأما المسائل فهي تنطوي على كلام للداني من التيسير يختاره المَالَقي بغية شرحه دون سائر ما حوله، كالمسائل التي أوردها في مفتتح الكتاب يشرح فيها عبارات وردت في مقدمة التيسير وباب ذكر الإسناد [95].

وقد يحصر الباب كله في مسائل كما صنع في باب الاستعاذة حيث حصرها في أربع مسائل [96].

وقد يسوق المسألة يضمنها كلاماً ليس في التيسير، كما مرَّ بنا في المسألة المأخوذة من كتاب المفردات حول تمكين ألف المد في بعض الكلمات [97].

وأما التنقيرات فهي مواضع يتعقب فيها الماتن وسيأتي الكلام عليها مفصلاً.

ومما يلحق بهذه العناوين قوله: ((تتميم)) إثر فصل ما يدغم مما سكونه عارض حيث ذكر الصيغ التي يعرض فيها تسكين الحروف وقسمها ثلاثة أقسام [98].


د- إثارة المشكلات بغية حلها:

لم يكن المَالَقي يتغافل عن مسألة عويصة أو شائكة، بل كثيراً ما كان يبادر إلى إثارة مثل هذه المسائل وافتراضها بغية حلِّها وتذليل صعبها، ولا يعنيني هنا الكلام على شرح المشكل من كتاب التيسير، فالكتاب إنما يقوم من أساسه على ذلك، ولكن الذي يعنيني تلك المواضع التي أثار فيها المَالَقي مشكلاتٍ، وأدار الكلام فيها على صورة حوار جدلي يبدؤه بقوله: (فإن قيل) ويتبعه بقوله: (فالجواب) على طريقة المناطقة، وهي كثيرة فاشية في الكتاب، أذكر منها التساؤل الذي أثاره في باب الإدغام الكبير عن امتناع الإدغام في (أنت) [99]. وما أثاره حول حذف النون من (يكون) للجزم [100]، وما أثاره حول الخلاف في إظهار حرف النحل: ﴿ الْأَرْضِ شَيْئًا ﴾ [النحل: 73] وإدغامه [101]. وما أثاره في باب هاء الكناية حول كون التشديد عارضاً في قوله تعالى: ﴿ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾ [عبس: 10] على قراءة البزي [102]. وما أثاره بعد ذلك حول الرجوع إلى الأصل في كلام العرب [103]. ومثله كثير [104].


هـ- التفنن في شرح المعضلات:

ولعل خير مثال على هذا التفنن ما صنعه المالقي في إيضاحه المقصود بصفة الإطباق،وهي صفة من الصفات المميزة لبعض أصوات العربية؛ إذ لا تكاد توجد في غيرها من أصوات اللغات الأخرى، وقد اضطربت عبارات المتقدمين في التعبير عنها، واختلفتْ تفسيراتهم لعبارة سيبويه فيها وقصَّرت عن جلاء حقيقتها وتَعرّف كنهها، على حين أَوفتْ عبارةُ المالَقي على الغاية في التعبير عن ظاهرة الإطباق، وتَميّزتْ مما سواها بخاصيةٍ انفردتْ بها، وهي الربطُ بين مخارج حروف الإطباق ورسمها. وسأعمد فيما يلي إلى استعراض جلِّ ما وقفتُ عليه في هذه الظاهرة ليسهل موازنته بما جاء عند المالَقي. 

قال سيبويه: (وهذه الحروف الأربعة إذا وضعتَ لسانك في مواضعهن انطبق لسانُك في مواضعهن إلى ما حاذى الحنكَ الأعلى من اللسان ترفعه إلى الحنك فإذا وضعت لسانك فالصوت محصور بين اللسان والحنك إلى موضع الحروف [105]).

هذه هي عبارة سيبويه وقد تلقَّفها خالفوه، إلا أن عباراتِ كثيرٍ منهم قصَّرت عن تأدية المعنى المراد، فأوهَمتْ أن الإطباقَ يكون بانطباق اللسان كله على الحنك دون تخصيص جزء منه، من ذلك قول الرّمّاني: (والمطْبقة أحرفٌ ينطبق اللسان فيها على الحنك وهي أربعة: الطاء والظاء والصاد والضاد [106]). وقول ابن الحاجب: (المطْبق ما ينطبق معه الحنك على اللسان [107]). وقول زكريا بن محمد الأنصاري في شرحه للمقدمة الجزرية: (والانطباق لغةً الالتصاق، سُمّيَتْ حروفُه مطْبقة لانطباق طائفة من اللسان بها على الحنك الأعلى عند النطق بها [108]).

بيد أن ثمة عباراتٍ أخرى كانت أكثرَ دقّة وتوفيقاً في شرح معنى الإطباق إذ خصصته بظهر اللسان، أو شبّهته بالطبق، إلا أنها دون شك لم تبلغ درجة عبارة المالَقي في ذلك، منها قول ابن السراج: (وهذه الأربعة الأحرف إذا وضعتَ لسانَك في مواضعهن انطبق لسانك من مواضعهن إلى ما حاذى الحنك الأعلى من اللسان، ترفعه إلى الحنك، فإذا وضعت لسانك فالصوت محصور فيما بين اللسان والحنك إلى موضع الحروف [109]). ومنها قول ابن جني: (والإطباق أن تَرفعَ ظهر لسانك إلى الحنك الأعلى مطبقاً له [110]). ومثله قول ابن عصفور في الممتع [111]. وقول الرضي في شرح عبارة ابن الحاجب السالفة: (. لأنك ترفع اللسان إليه فيصير الحنك كالطَّبَق على اللسان، فتكون الحروف التي تخرج بينهما مطبقاً عليها [112]). ولعل عبارة الرضي هذه أوضح العبارات السابقة لتشبيهها وضع الحنك على اللسان بالطَّبَق، والطَّبَق إنما تنطبق أطرافه بعضها علىبعض لا هو ذاته، وهذا ما جعل عبارة المالَقي أكثر بياناً إذ هي تنص على اتصال الطرفين وذلك قوله: (فالأحرفُ المطْبقة: الطاء والظاء والصاد والضاد، سُمّيت بذلك لانطباق ظهر اللسان مع الحنك الأعلى عند النطق بها، ولهذا كُتِبَ كلُّ واحدٍ منها في خطَّيْن متوازيين متصلَي الطرفين إشعاراً بمخرجها، والمنفتحةُ ما عداها، لانفراج ما بين ظهر اللسان والحنك الأعلى عند النطق بها [113]).

فالمالَقي هنا ينص على أن المنطبق هو ظهر اللسان، أي آخره، وهو ينطبق مع الحنك الأعلى، والمقصود بالأعلى: الحنك اللين لأن الحنك ينقسم إلى قسمين: الأول الحنك الصُّلب وهو الجزء العظمي الأمامي من الجدار الفاصل بين الأنف والفم ويتخذ شكل قبة أولها اللثة وآخرها الحنك اللين، والثاني الحنك اللين وهو الجزء العضلي المتحرك من الحاجز الفاصل بين الأنف والفم من جهة وبين الفم والبلعوم من جهة أخرى، ويتصل بالحنك الصُّلب من أمام، وبالجدران الجانبية للبلعوم من الجانبين [114]، ولما كان مخرج هذه الحروف من طرف اللسان، أي مقدمته، والمخرج هو الحَبْسَة الناتجة من اتصال عضوين من أعضاء النطق، فقد تكوَّن تجويف في الفم بين هذا المخرج في أول اللسان وذلك الانطباق في آخره، فهو تجويف بين قبة الحنك الصُّلب من الأعلى وتقعر اللسان من الأسفل، وطرفاه مسدودان، وهذا ما عبّر عنه المالَقي بالإشارة إلى العلاقة بين رسم هذه الحروف ونطقها؛ فهي ترسم في خطين متوازيين متصلي الطرفين إيذاناً بمخرجها.


4- تعقّب الماتن وتحقيق المتن:

حظي الدَّاني بمكانة رفيعة عند أبي محمد، يتجلى ذلك في كل نقل نقله عنه سواء كان من كتاب التيسير أو من سواه، إذ لا يكاد يذكره إلا مقروناً بعبارة الترحم والتبجيل، وهي العبارة الدائرة في كلامه لدى كل نقل (قال الحافظ رحمه الله) وحسبك بالتصدّي لشرح الكتاب إعجاباً بصاحبه، فإذا أضفنا إلى ذلك تعويله الكثير على كتبه المختلفة، ورواية هذه الكتب بأسانيد متعددة عن صاحبها الدَّاني قدَّرنا أيّ مكانة احتلها الدَّاني في نفس المَالَقي.

وقد مرّ بنا كيف كان يوجِّه كلامه بأخفّ عبارة وألطفِها، وكيف كان يلتمس المعاذير لتقديماته وتأخيراته، بل يعقد فصلاً كاملاً لبيان وجه ترتيب أبواب التيسير [115].

بيد أن هذا كله لم يصرفه عن تتبع عثراته والتنبيه على زلاته كلما استدعى الأمر ذلك، ولكن عبارته لم تخرج عن حدود التقدير والتبجيل الذي يكنُّه له في كل ما انتقده به بل إنه كثيراً ما يوجِّه عبارة الدَّاني- موضع النقد والتنقير- ويلتمس له فيها المعاذير.

هذا وإن معظم تعقيبات المَالَقي وانتقاداته تنحو نحو تقييد عبارة الدَّاني، ودفع ما قد يُتوهَّم من إطلاقها، من ذلك تعقيبه على قول الحافظ: (وشبهه) بإثر قوله: ﴿ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا ﴾ [غافر: 28] بقولِهِ: (إذ هو- كما يقول- يقتضي أنّ في القرآن من هذا المعتل المختلف فيه زيادة على هذه المواضع الثلاثة التي ذكرها الدَّاني وليس الأمر كذلك فعلى هذا يبقى قوله "وشبهه" لا يحرز شيئاً [116]). ثم يشير المَالَقي في هذا الصدد إلى أنه سيُعنَى بتقييد كلِّ ما كان على هذه الشاكلة من كلام الدَّاني، لأن الحافظ ((قلَّما يترك هذه العبارة في أكثر المسائل فلهذا مهما أجدْ عبارةَ الحافظ في مثل هذا وأعرف أنه ليس لما ذكَرَ نظيرٌ أنبِّهْ عليه إن ألهمني الله تعالى لأزيل تحير الطالب، وقد أبديت عذر الحافظ ومقصوده في ذلك رحمه الله ورضي عنه، والله جل جلاله أعلم [117]).

وهذا ما صنعه في غير ما موضع من كتابه [118].

وقد يرد تقييدُ المَالَقي لعبارة الدَّاني على صورة أسئلة، كما جاء في تعقيبه على منع الحافظ الإدغام في (واللاي يئسن) حيث قال: (وكان ينبغي للحافظ أن يبيِّنَ كيف يصنع القارئ بهذا الحرف على قراءة أبي عمرو والبزي؟ هل يفصل بسكت خفيف؟ أو يشبع مدَّ الصوت؟ أو كيف يكون وجه العمل مع ما فيه من التقاء الساكنين في الوصل إذ قبل الياء ألف؟ [119]).

أو يرد هذا التقييدُ على صورة اقتراحٍ يتمِّم فيه عبارةَ الدَّاني، كما صنع في آخر باب ذكر الهمزة المفردة لدى قول الحافظ: "والباقون يحققون الهمزة في ذلك كله" حيث قال: (فكان الوجه أن يقول بإثر قوله: في ذلك كله. إلا ما نذكره من مذهب أبي عمرو وحمزة. والله تعالى أعلم [120]).

ومن هذا القبيل قوله في الفصل التالي من الباب نفسه: ولم يذكر في هذا الموضع ﴿ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ﴾ [الأعراف: 165] الذي في آخر [الأعراف 165] وسيذكره في فرش الحروف بما فيه من الخلاف، ولو نبَّه عليه أنه سيذكره في موضعه لكان حسناً [121]).

وقد درج المَالَقي في عدد من هذه التعقيبات على أن يُعَنْوِنَ لها بكلمة (تنقير) وهوالتفتيش والبحث [122]، جاء في أول تنقير له في باب ذكر مذهب حمزة وهشام في الوقف على الهمز: (تنقير: قوله رحمه الله في هذا الفصل: "أبدلاها واواً في حال تحريكها وسكونها" كلامٌ خرج غيرَ معتنىً بتصحيحه، إذ ليس في القرآن همزة متطرفة ساكنة بعد ضمة، وكذا نصّ هو عليه بإثر هذا الكلام فظهر في كلامه تنافر، لكن يتخرج كلامه على أنه أُطلق بحسب ما يقتضيه القياس في الساكنة لو وُجدت بعد ضمة، ولو أسقَطَ التقييدَ بقوله: في حال تحريكها وسكونها وأتى بالمُثُل متصلة بقوله: أبدلاها واواً. ثم أتبعه بقوله: ولم يأت في القرآن ساكنة لكان حسناً صحيحاً. والله أعلم [123]).

وقد تطول بعض تنقيراته فتشتمل على بحث في الصرف كما صنع في تنقيره عن قول الدَّاني: (إذا كان الساكن أصلياً غير ألف) إذ بيَّن أن الألف لا تكون أصلاً في نفسها لا في الأسماء ولا في الأفعال، وإنما تكون أبداً إما زائدة وإما بدلاً من حرف أصلي، وراح يشرح المراد من ذلك مستشهداً بكلام سيبويه، ثم عاد ليخرِّج كلامَ الدَّاني على عادته في التماس المعاذير له وتوجيه كلامه التوجيهَ المناسب [124].

ولا نَعدم الوقوعَ على مواضع من تعقيبات المَالَقي خلتْ من التماس المعاذير له، وجاءت فيها عبارته أشدَّ وقعاً من غيرها، من نحو قوله تعقيباً على تجويز الدَّاني مذهبَي التسهيل والتحقيق لحمزة في ما يتوسط من الهمزات بدخول الزوائد عليهن: (واعلم أن هذا القول مستغرب من الحافظ كيف يطلق القول بتجويز المذهبين وقد قال في أول الفصل: إن حمزة يراعي في التسهيل خط المصحف؟ أليس أكثر أمثلة هذا الفصل لا يمكن موافقتها لخط المصحف إلا إذا حققت الهمزة؟ [125]).

ويحسن أن أشير هنا إلى ملاحظة لاحظها المَالَقي على الدَّاني في باب الإمالة، وذلك أن ظاهر عبارة التيسير تؤذن بأن ورشاً لا يميل (هداي ومحياي ومثواي) على حين صرح الدَّاني في كتبه الأخرى (إيجاز البيان والتمهيد والتلخيص والموضح) بإمالتها بين اللفظين لورش، يقول المَالَقي خاتماً القول فيها: (فظهر من جميع ما تقدم أنه اختلف قوله في هذه الكلمات، وأن مذهبه في التيسير فتحها لورش كما تفتح لحمزة. والله أعلم [126]). وقد تلقَّف هذه الملاحظةَ ابنُ الجزري وأفرد لها تنبيهاً في النشر أشار فيه إلى ظاهر عبارة التيسير هذه ثم قال: (وقد نصَّ في باقي كتبه على خلاف ذلك وصرَّح به نصاً في كتاب الإمالة، وهو الصواب خلافاً لمن تعلق بظاهر عبارته في التيسير [127]) وكأنه يغمز بذلك من مقولة المَالَقي السالفة دون أن يصرِّح باسمه.

ومما يمكن أن يندرج في هذه السبيل- أعنِي تعقيبات المَالَقي واستدراكاته- تصحيحُهُ بعضَ ما وقع في نسخ التيسير من أخطاء، وموازنته بين هذه النسخ، وإيراده عباراتٍ للحافظ ليست في نشرة التيسير، وهذا يدلّ على استعانته بنسخ أتمّ وأقوم من النسخ التي نشر عنها كتاب التيسير- فهو قد جمع إلى عنايته بالشرح تحقيقَ النص-وسأمثل لكل من هذه الظواهر الثلاث بمثال.

أما الأولى فمثالها قوله في باب الإدغام منبهاً على تصحيف في عبارة الحافظ: "ولا فرق بين البابين [128]": (وقد يقع في بعض النسخ: ولا فرق بين اليائين. تثنية ياء التي باثنين من أسفل، وهو تصحيف والله جل جلاله أعلم [129]) وما ذكره المَالَقي هنا من التصحيف هو ما وقع في نشرة التيسير.

وأما الثانية- وهي الموازنة بين نسخ التيسير- فمثالها قوله في مستهل شرحه: (مسألة: يثبت في كثير من نسخ التيسير بإثر البسملة والتصلية: "قال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان" والذي رويتُهُ تركُ ذلك، وإثباتُ الخطبة بإثر البسملة والتصلية، وهو قوله: الحمد لله المنفرد بالدوام [130]). وما أشار إليه المَالَقي هنا هو ما أثبَتَتْهُ نشرةُ التيسير أيضاً [131]، على حين خلت منه نشرةُ تحبير التيسير [132]، فدلَّ على مطابقة روايةِ مؤلفِه ابنِ الجزري لروايةِ المَالَقي [133].

وأما الثالثة- وهي الزيادة على ما في نشرة التيسير- فمثالها قولُهُ في آخر باب الإدغام: (قال الحافظ رحمه الله: فأما قول اليزيدي: إنما أدغم من أجل كسرة الذال فلا يصحّ، إذ كان قد أظهر: ﴿ ضُرِبَ مَثَلٌ ﴾ [الحج: 73] و﴿ كُذِّبَ مُوسَى ﴾ [الحج: 44] و﴿ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [الحج: 24] و﴿ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ ﴾ [البقرة: 249] [134])) ثم راح يشرح هذه العبارة كما جرى في غيرها مما بنى عليه كتابه، على أني لم أقف على نصِّها في مطبوع التيسير ولا مخطوطه- الذي بين يدي- ولا تحبيره، فلعلها من نُسخٍ أخرى كانت بحوزة المَالَقي رحمه الله، والجدير بالذكر أنه أردَفَها بنظائرَ لها في الباب ينطبق عليها الأمر نفسه [135].

إن تعقيباتِ المَالَقي واستدراكاته على الدَّاني تومئُ إلى سعة علم، ودقةِ ملاحظةٍ، وتحرٍّ للصواب، وفرطِ إحساسٍ بدلالة الألفاظ والتراكيب، وشدةِ حرصٍ على فهْمِ الطالب خشيةَ أن تلتويَ به ظاهرُ العبارة إلى ظلمات الوَهْمِ أو تنْزلقَ به في مهاوي الخطل والسُّقْم. فإذا أضفنا إلى ذلك كله تحقيقاته وعنايته بنُسخ المتن الذي تصدَّى لشرحه علمنا أيّ عالم كان وأيّ محقق !.


5- العناية بعلوم اللغة:

في الدر النثير علم غزير، وعناية ملحوظة بالعربية وعلومها من نحوٍ وصرفٍ ولغةٍ وصوتٍ، وقد أفاد مصنفه من ثقافته اللغوية، فكانت مورداً من الموارد التي رفدته في تأليف الكتاب.

ولو رحت أتتبع مظاهر هذه العناية لما وسعتني هذه العجالة، ففي كل صفحة من صفحات الكتاب أثر واضح يدل على مبلغ هذه العناية.


الخاتمة:

إنّ ما ذكرتُهُ من دقّة المَالَقي وتعليله، واستقرائه واستيعابه، وتعليمه وتذليله للصعوبات، وعنايته بعلوم اللغة عامة والنحو والصرف خاصة... إلى غير ذلك من خصائصِ منهجه يدل دلالة لا ريب فيها أن المصنف لم يقتصر على شرح المتن في كتابه هذا، بل أضاف إضافات علمية لا تقل أهمية عما في المتن نفسه إن لم تربُ عليه في بعض الأحيان، وهي ترقى بالكتاب ليكون أنموذجاً يحتذى في كتب الشروح عموما وفي هذا الفنّ خصوصا، لا دَرَك عليه بل له الدَّرَك والسَّبق الذي لا يُدانَى ولا يدرَك.

ولا غروَ فقد أوفى صاحبُه على الغرض من تأليفه فلم يَدَعْ صغيرةً ولا كبيرةً في كتاب التيسير إلا أحصاها شرحاً وحلاًّ وتمثيلاً وتعليلاً وتعليماً وتتميماً.

 

ثبت المراجع

أ- المخطوطة:

• التيسير في القراءات السبع، أبو عمرو الداني (444هـ)، مصورة عن نسخة الأخ الأستاذ محمد اليعقوبي.

• الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير، عبد الواحد المالقي (705هـ)، خمس نسخ خطية:

1- نسخة مجمع اللغة العربية بدمشق.

2- نسخة المكتبة الأزهرية بالقاهرة رقم (260) قراءات.

3- نسخة متحف طوبقبو سراي باصطنبول رقم (153).

4- نسخة مكتبة إسميخان سلطان في مكتبة السليمانية باصطنبول رقم (11).

5- نسخة مكتبة كوبريلي باصطنبول رقم (16).

 

• شرح كتاب سيبويه، أبو الحسن علي بن عيسى الرماني (384هـ)، مصورة عن نسخة مكتبة فيض الله باصطنبول رقم (1987).

• عمدة النحرير في الإدغام الكبير، عبد الواحد المالقي (705هـ)، مصورة عن نسخة المكتبة الظاهرية الموجودة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق رقم (5964).

ب- المطبوعة:

• الإحاطة في أخبار غرناطة، لسان الدين بن الخطيب (776هـ)، تحقيق محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط2، 1393هـ-1973 م.

• أساس البلاغة، الزمخشري (538هـ)، تحقيق عبد الرحيم محمود، دار المعرفة، بيروت، 1402هـ-1982

• الأصول في النحو، أبو بكر السراج (316هـ)، تحقيق د. عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1405هـ-1985 م.

• الأعلام، خير الدين الزركلي (1396هـ)، دار العلم للملايين، بيروت، ط5، 1980 م.

• الاقتراح في علم أصول النحو، عبد الرحمن السيوطي (911هـ)، تحقيق أحمد محمد قاسم، مطبعة دار السعادة، القاهرة، ط1، 1396هـ-1976 م.

• الإقناع في القراءات السبع، أبوجعفر بن الباذش الأنصاري (540هـ)، تحقيق د. عبد المجيد قطامش، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة، 1403هـ.

•برنامج التجيبي، القاسم بن يوسف التجيبي (730هـ)، تحقيق عبد الحفيظ منصور، الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس، 1981 م.

• برنامج الوادي آشي، محمد بن جابر الوادي آشي (749هـ)، تحقيق محمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط3، 1982م.

• بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (911هـ)، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم- تاج العروس، محمدمرتضى الزَّبيدي (1205هـ)، تحقيق عبد الستار فراج وجماعة، وزارة الإعلام، الكويت، 1965-1989 م.

• التبصرة في القراءات، مكي بن أبي طالب القيسي (437هـ)، تحقيق د. محيي الدين رمضان، منشورات معهد المخطوطات العربية، الكويت، ط1، 1405هـ-1985 م. نشرة الهند بتحقيق د. محمد غوث الندوي، حيدرأباد، 1979 م.

• تحبير التيسير في قراءات الأئمة العشرة، ابن الجزري (833هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1404

• التذكرة في القراءات، طاهر بن عبد المنعم بن غلبون (399هـ)، تحقيق د. عبد الفتاح إبراهيم، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، ط1، 1410هـ-1990 م.

• التيسير في القراءات السبع، أبو عمر عثمان بن سعيد الداني (444هـ)، بعناية أوتوبرتزل، مصورة دار الكتاب العربي ببيروت، ط3، 1406هـ-1985 م.

• جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، الحميدي محمد بن أبي نصر الأزدي (488هـ)، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966 م.

• الحجة للقراء السبعة، أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي (377هـ)، تحقيق بدرالدين قهوجي وبشير جويجاتي، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1404هـ-1984 م.

• دراسة السمع والكلام، د. سعد مصلوح، عالم الكتب، القاهرة، 1400هـ-1980 م.

• الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير، عبد الواحد المالقي (705هـ)، تحقيق د.محمد حسان الطيان (قيد الطبع في مجمع اللغة العربية بدمشق).

• درَّة الحَجَّال في أسماء الرجال، أحمد بن محمد المكناسي الشهير بابن القاضي (1025هـ)، تحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور، المكتبة العتيقة بتونس، ودار التراث بالقاهرة، ط1، 1390هـ-1970 م.

• الدقائق المحكمة في شرح المقدمة الجزرية في علم التجويد، زكريا بن محمد الأنصاري (926هـ)، تحقيق د. نسيب نشاوي، دمشق، 1400هـ-1980 م.

• الديباج المُذْهَب في معرفة أعيان علماء المذهب، ابن فرحون المالكي (796هـ)، تحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور، دار التراث، القاهرة.

• السبعة في القراءات، ابن مجاهد (324هـ)، تحقيق د. شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1400

• سر صناعة الإعراب، عثمان بن جني (392هـ)، تحقيق مصطفى السقا وزملائه، الجزء الأول، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط1، 1374هـ-1954 م. نسخة ثانية دراسة وتحقيق د. حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ط1، 1405هـ-1985 م.

• سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي (748هـ)، تحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط وزملائه، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1401-1409هـ-1981-1988 م.

• شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي، تحقيق محمد نور الحسن والزفزاف وعبد الحميد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1395هـ-1975 م.

• الصلة، ابن بشكوال (578هـ)، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966 م.

• غاية النهاية في طبقات القراء، ابن الجزري (833هـ)، بعناية ج. برجستراسر، مكتبة المتنبي، القاهرة.

• القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (816هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1986

• الكافي في القراءات، (بهامش كتاب المكرر لسراج الدين الأنصاري)، محمد بن شريح الرعيني (476هـ)، مطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر، 1326هـ.

• كتاب سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثان بن قنبر (180هـ)، تحقيق عبد السلام هارون، عالم الكتب، بيروت، 1385هـ-1966 م.

• كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله الرومي المعروف بحاجي خليفة (1017هـ)، دار الفكر، بيروت، 1402هـ-1982 م.

• لسان العرب، ابن منظور (711هـ)، دار صادر، بيروت.

• المبسوط في القراءات العشر، ابن مهران الأصبهاني (381هـ)، تحقيق سبيع حاكمي، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1407هـ-1986م.

• معجم الأدباء، ياقوت الحموي (626هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

• معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1376هـ-1957 م.

• المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، 1407هـ-1987

• معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، شمس الدين الذهبي (748هـ)، تحقيق بشار عواد وشعيب الأرنؤوط وصالح عباس، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1404هـ- 1984 م.

• الممتع في التصريف، ابن عصفور الإشبيلي (669هـ)، تحقيق د. فخر الدين قباوة، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط4، 1399هـ-1979 م.

• هداية القاري إلى تجويد كلام الباري، عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي (1409هـ).

• هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، إسماعيل باشا البغدادي (1339)، دار الفكر، بيروت، 1982م.

 


[1] يسمى أيضاً كتاب التيسير لحفظ القراءات السبع، أو لحفظ مذاهب القراء السبعة. انظر مقدمة التيسير صفحة (ح). وحكي أنه يسمى أيضاً الكتاب الميسّر. انظر الدر النثير 27.

[2] السير 18/ 80.

[3] جذوة المقتبس 305، والصلة 2/ 405-407، ومعجم الأدباء 12/ 121، ومعرفة القراء الكبار 1/ 406-409، وسير أعلام النبلاء 18/ 77-83، وغاية النهاية 1/ 503-505، وتحبير التيسير 9، وهدية العارفين 1/ 653، وBro. 516. SI: 719، والأعلام 4/ 206، ومعجم المؤلفين 6/ 254، ومقدمة مطبوع التيسير صفحة د-ح.

[4] التيسير 2.

[5] التيسير 2-3.

[6] ليس من وراء هذه الأقسام إلا المقدمة والخاتمة.

[7] التيسير 4-7.

[8] التيسير 10-16.

[9] السبعة 63-64.

[10] من ذلك مثلاً ما جاء في السبعة 172 و346. وانظر ما كتبه محققه الدكتور شوقي ضيف تحت عنوان "مناقشة ابن مجاهد لأصحاب القراءات السبعة ورواتهم" السبعة 27-34.

[11] المبسوط 41-57.

[12] المبسوط 28-35.

[13] التيسير 16. وتجدر الإشارة إلى أن أسانيد بعض كتب القراءات أفردت في كتاب على حدة كما في كتاب قراءات القراء المعروفين بروايات الرواة المشهورين (167 صفحة).

[14] المبسوط 85. وانظر ذكر الأسانيد 8-85.

[15] التيسير 31-32. ومثل هذه العبارات التي تحوي أحكاماً متعددة بأوجز ما يمكن كثيرة يمور بها الكتاب، من ذلك قوله أيضاً في باب ذكر الهمزتين من كلمتين: "والمكسورة المضموم ما قبلها تسهل على وجهين؛ تبدل واواً مكسورة على حركة ما قبلها، وتجعل بين الهمزة والياء على حركتها والأول مذهب القراء وهو آثَرُ، والثاني مذهب النحويين وهو أقيس." التيسير 34.

[16] التيسير 20.

[17] انظر- على سبيل المثال- الكلام على "فيه هدى" ص 102-105 من الدر النثير.

[18] التيسير 71.

[19] انظر على سبيل التمثيل السبعة 107-108، والتذكرة 2/ 536-537، والإقناع 1/ 350-357، والتبصرة 133-135.

[20] وهي في قوله: ".. فإذا اختلفت عنهم ذكرت الراوي باسمه وأضربت عن اسم الإمام، وإذا اتفقت ذكرت الإمام باسمه، وإذا اتفق نافع وابن كثير قلت الحِرْميان، وإذا اتفق عاصم وحمزة والكسائي قلت: قرأ الكوفيون طلباً للتقريب على الطالبين ورغبة في التيسير على المبتدئين." التيسير 3.

[21] التيسير 80.

[22] التيسير 192.

[23] التيسير 76، ومن ذلك ذكره لتاءات البزِّي 83.

[24] التيسير 86.

[25] من ذلك مثلاً كلام مؤلفه في فرش سورة الحج على أحكام الإمالة في قوله تعالى: ﴿ سُكَارَى ﴾ [النساء: 43] التذكرة 2/ 549 على حين أغفل الداني ذكر هذه الأحكام فيها عندما عرض لها في فرش سورة الحج، التيسير 156 لكونها سبقت في الأصول.

[26] من ذلك كلام مؤلفه على إمالة ﴿ بَارِئِكُمْ ﴾ [البقرة: 54] في مكانها من سورة البقرة ص 210 مع أنه ذكرها في باب الإمالة ص 179.

[27] الإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب 3/ 553- 554"، وبرنامج الوادي آشي 146- 147"، وبرنامج التنجيبي 102"، والديباج المذهب لابن فرحون 2/ 63"، ودرة الحجال لابن القاضي 3/ 137- 138"، وغاية النهاية لابن الجزري 1/ 477"، وبغية الوعاة للسيوطي 2/ 121- 122". وطبقات المفسرين للداوودي 1/ 359- 360... وغيرها".

[28] كشف الظنون 1/ 114- 520"، هدية العارفين 1/ 635- 636"، هذا وقد ظفرنا له برسالة مخطوطة عنوانها "عمدة النحرير في الإدغام الكبير" في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق وحصلنا على مصورة عنها.

[29] انظر ما مضى ص 3-6.

[30] الدر النثير 7-20.

[31] الدر النثير 63-90.

[32] الدر النثير 221-227.

[33] الدر النثير 376-381.

[34] الدر النثير 630-633.

[35] الدر النثير 35 و44.

[36] الدر النثير 63-90.

[37] انظر ما سيأتي ص 13.

[38] انظر على سبيل المثال الدر النثير 296.

[39] انظر مثالاً على العبارات الطويلة 275، وانظر مثالاً على العبارات القصيرة 241.

[40]انظر على سبيل التمثيل الدر النثير 193، 199، 211.

[41] انظر على سبيل التمثيل الدر النثير 243.

[42] الدر النثير 273.

[43] الدر النثير 4-5.

[44] الدر النثير 102.

[45] الدر النثير 103.

[46] الدر النثير 104-105.

[47] الإقناع 1/ 197.

[48] الإقناع 1/ 223.

[49] النشر 1/ 281.

[50] انظر الدر النثير 107-112.

[51] الدر النثير 239.

[52] الدر النثير 82.

[53] الدر النثير 83.

[54] الدر النثير 484.

[55] انظر المعجم المفهرس (مشارب) 378 و(عين) 495.

[56] الدر النثير 63-90.

[57] الدر النثير 242.

[58] الدر النثير 243.

[59] الدر النثير 243.

[60] الدر النثير 126.

[61] الدر النثير 126-128.

[62] الدر النثير 211.

[63] وهو ما يسميه أهل التجويد المد اللازم الحرفي، على حين يسمون الأول المد اللازم الكلمي. انظر هداية القاري 341 وما بعدها، وحق التلاوة 79-80.

[64] الدر النثير 221-227.

[65] الدر النثير 235-236.

[66] الدر النثير 236.

[67] انظر الاقتراح للسيوطي 118.

[68] عن مقدمة تحقيق الحجة للفارسي 1/ 14-15.

[69] الإقناع 1/ 29.

[70] الدر النثير 289.

[71] الدر النثير 245.

[72] الدر النثير 206.

[73]الدر النثير 489.

[74]الدر النثير 162.

[75] الدر النثير 40-41.

[76]الدر النثير 60.

[77] الدر النثير 630.

[78] الدر النثير 630-633.

[79] الدر النثير 60-61.

[80] الدر النثير 356.

[81] الإحاطة 3/ 553.

[82] الدر النثير 137-138.

[83] الدر النثير 489.

[84] انظر ما مضى ص17.

[85] الدر النثير 708.

[86] الدر النثير 35-43.

[87] الدر النثير 45.

[88] الدر النثير 199.

[89] الدر النثير 233.

[90] الدر النثير 61-62.

[91] الدر النثير 274.

[92] الدر النثير 60.

[93] الدر النثير 60-61 وانظر ما تقدم 269.

[94] الدر النثير 303.

[95] الدر النثير 27-34.

[96] الدر النثير 35.

[97] الدر النثير 235.

[98] الدر النثير 360-361.

[99] الدر النثير 132-133.

[100] الدر النثير 135.

[101] الدر النثير 162.

[102] الدر النثير 202-203.

[103] الدر النثير 204-205.

[104] الدر النثير 230، 232.

[105] الكتاب 4/ 436 (2/ 406).

[106] شرح الكتاب ورقة 161/ أ.

[107] الشافية، والنص مأخوذ من شرحها 3/ 262.

[108] الدقائق المحكمة 40.

[109] الأصول 3/ 404.

[110] سر الصناعة 1/ 70.

[111] الممتع في التصريف 2/ 674.

[112] شرح الشافية 3/ 262.

[113] الدر النثير 74.

[114] دراسة السمع والكلام 151-152.

[115] انظر ما مضى ص 18.

[116] الدر النثير 138.

[117] الدر النثير 137-138.

[118] انظر على سبيل المثال الدر النثير 144، 169، 278.

[119] الدر النثير 146.

[120] الدر النثير 279.

[121] الدر النثير 280.

[122] جاء في الأساس: نَقَرْتُ عن الخبر ونقّرت عنه: بحثت. وهو من المجاز. انظر أساس البلاغة، واللسان، والقاموس، والتاج: (نقر).

[123] الدر النثير 307.

[124] الدر النثير 313-315.

[125] الدر النثير 340.

[126] الدر النثير 442.

[127] النشر 2/ 50.

[128] هي في التيسير 21.

[129] الدر النثير 143.

[130] الدر النثير 21.

[131] انظر التيسير 2.

[132] انظر تحبير التيسير 12.

[133] أشرت إلى ذلك في حواشي التحقيق انظر الدر النثير 21 حاشية 1.

[134] الدر النثير 191.

[135] الدر النثير 195-196.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منهج التربية الإسلامية في تنظيم الغريزة الجنسية
  • المنهج المفيد في بناء الإيمان والعقيدة (عرض)
  • ملخص بحث: سلوك المراهق بين التوجهات الوافدة والمنهج الغائب
  • ملخص بحث: الإسلام دين ومنهج... والديمقراطية وهم ممنهج
  • نحو منهج نقدي إسلامي
  • قصة اختراع المال

مختارات من الشبكة

  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة العاشرة: أضواء على المنهج العقدي في وصايا لقمان)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة السادسة: تابع منهج الإمام الطبري في التفسير)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أولويات التربية "عقيدة التوحيد"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • سيد المناهج (المنهج الوصفي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا إله إلا الله: منهج حياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدر حديثاً (منهج السمين الحلبي في التفسير في كتابه الدر المصون) للدكتور عيسى الدريبي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • الوجيز في مناهج المحدثين للكتابة والتدوين (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما هو منهج الفصحى؟(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب