• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

{ لتؤمنن به ولتنصرنه }

{ لتؤمنن به ولتنصرنه }
د. خالد النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/8/2024 ميلادي - 1/2/1446 هجري

الزيارات: 1082

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ﴾

 

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 81، 82].

 

﴿ وَإِذْ ﴾ واذكر إذ ﴿ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ ﴾ عهد، وسُمِّيَ ميثاقًا؛ لأن كلًّا من المتعاهدَينِ يتوثق به مع الآخر كالوثاق – الحبل - الذي يُشَدُّ به الإنسان.

 

﴿ النَّبِيِّينَ ﴾ جعل ذلك ميثاقًا للنبيين على سبيل التعظيم لهذا الميثاق، واكتفى بذكر الأنبياء؛ لأن العهد مع المتبوع عهدٌ على الأتباع، ويُبيِّن هذا التأويل قراءة أُبَيِّ بن كعب، وعبدالله بن مسعود: (ميثاق الذين أوتوا الكتاب) بدل: ﴿ النَّبِيِّينَ ﴾، وكذا هو في مصحفيهما، ويبين أيضًا أن الميثاق يشمل الأمم قوله: ﴿ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 82]، ومحال هذا الفرض في حقِّ النبيين، وإنما ذلك في حق الأتباع.

 

﴿ لَمَا آتَيْتُكُمْ ﴾: التفات من الغيبة إلى الحضور، والمعنى: للذي آتيتكم بمعنى الخبر؛ قال سيبويه: "سألت الخليل بن أحمد عن قوله عز وجل: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾ [آل عمران: 81]، فقال: لَما بمعنى الذي"، قال النحاس: "التقدير على قول الخليل: للذي آتيتكموه، ثم حذف الهاء لطول الاسم".

 

وقيل: بمعنى الجزاء؛ أي: لئن آتيتكم ومهما آتيتكم.

 

﴿ مِنْ كِتَابٍ ﴾ وكل الأنبياء لم يُؤتَوا الكتاب، وإنما أُوتيَ البعض، ولكن الغلبة للذين أوتوا الكتاب، والمراد أخذ ميثاق جميع الأنبياء، فمن لم يُؤتَ الكتاب، فهو في حكم من أُوتيَ الكتاب؛ لأنه أُوتيَ الحكم والنبوة.

 

وأيضًا من لم يؤتَ الكتاب، أُمِرَ بأن يأخذ بكتاب من قبله، فدخل تحت صفة من أُوتيَ الكتاب.

 

﴿ وَحِكْمَةٍ ﴾: الحكم بين الناس، وإصابة الصواب من تنزيل الأشياء منازلها.

 

• وفيه: أن ما منَّ الله به على النبيين من الكتاب والحكمة، يتفرع عليه أن من ورث هذا الكتاب والحكمة، فإنه قد أخذ بحظٍّ وافر مما أنعم الله به على النبيين؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر))؛ [أبو داود]، فيجب عليهم إذ ورَّثهم الله علمَ الأنبياء أن يقوموا مقام الأنبياء في الدعوة إلى الله، ونشر العلم، والجهاد في سبيله.

 

﴿ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ﴾ له معنيان:

المعنى الأول: أنه يُصدِّق ما سبقه من الكتب، ويقول مثلًا: إن التوراة حق، والإنجيل حق، وما أشبه ذلك.

 

والمعنى الثاني: أنه يقع مصداقًا لِما سبقه من الكتاب؛ لأن الكتب أخبرت به، فإذا جاء مطابقًا لما أخبرت به، صار مُصدِّقًا لها، فيكون على هذا الوجه شهادة لهذا الكتاب بأنه حق؛ لأن الله تعالى يقول في النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157]، فإذا جاء على الوصف الذي جاءت به التوراة والإنجيل وقع مصدقًا لهما؛ لأنهما أخبرا بشيء، فجاء هذا الشيء كما أخبرا فيكون مصدقًا.

 

إذًا لما قالت الرسل: إن محمدًا رسول الله يُبعَث على الوجه الذي ذكر الله، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فجاء مطابقًا لما أخبرت به، صار مصدقًا لها؛ ﴿ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ﴾؛ أي: للذي معكم من الكتب السابقة التي جاؤوا بها.

 

قال في البحر المحيط: وكثيرًا ما وُصِفَ بهذا الوصف في القرآن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ألا ترى إلى قوله: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ ﴾ [البقرة: 101]، وكذلك وصف كتابه بأنه مصدق لما في كتبهم؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ ﴾ [البقرة: 89].

 

﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ﴾ تُعينونه على نشر رسالته، وقتال أعدائه؛ لأن النصر هنا يشمل النصر بالعلم وبالسلاح.

 

فيخبر تعالى أنه أخذ ميثاقَ كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام، لمهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة، وبلغ أيَّ مبلغ، ثم جاءه رسول من بعده، لَيُؤمنَنَّ به ولينصرَنَّه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بُعِثَ بعده ونصرته، وإن لم يدركه أن يأمر قومه بنصرته إن أدركوه؛ قاله طاووس، والحسن البصري، وقتادة: "أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضًا".

 

وقال علي بن أبي طالب وابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "ما بعث الله نبيًّا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَثَ محمدًا وهو حيٌّ، ليؤمنَنَّ به ولينصرَنَّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء، ليؤمنُنَّ به ولينصرُنَّه".

 

واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين؛ كقوله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ﴾ [النحل: 112]، إلى قوله: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ ﴾ [النحل: 113].

 

وإلى هذا يرجع ما ورد في القرآن من دعوة إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 129].

 

وقد جاء في سفر التثنية قول موسى عليه السلام: "قال لي الربُّ: أُقيم لهم نبيئًا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به"، وإخوة بني إسرائيل هم بنو إسماعيل، ولو كان المراد نبيئًا إسرائيليًّا، لقال: أُقيم لهم نبيئًا منهم على ما في ترجمة التوراة من غموض، ولعل النص الأصليَّ أصرح من هذا المترجَم.

 

والبشارات في كتب أنبياء بني إسرائيل وفي الأناجيل كثيرة؛ ففي "متَّى" قول المسيح: "وتقوم أنبياء كَذَبَة كثيرون، ويُضلُّون كثيرين، ولكن الذي يصبر - أي يبقى أخيرًا - إلى المنتهى، فهذا يخلص ويكرز - ويحسن تبليغ الدين - ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة، شهادةً لجميع الأمم، ثم يأتي المنتهى".

 

وفي إنجيل يوحنا قول المسيح: "وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد، وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم، ومتى جاء المعزي روح الحق الذي من عند الأب ينبثق، فهو يشهد لي"، إلى غير ذلك.

 

وفي أخذ العهد على الأنبياء زيادةُ تنويهٍ برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى هو ظاهر الآية، وبه فسَّر محقِّقو المفسرين من السلف؛ منهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وطاووس، والسدي.

 

• وفيه: أنه إذا كان واجبًا على الأنبياء والأمم السابقين أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وينصرونه، كان إيماننا نحن به ونصرته من باب أولى؛ لأننا ننتسب إليه وننتمي إليه، ونعتقده إمامنا، عليه الصلاة والسلام، فكان واجبًا علينا أن ننصره، ومن المعلوم أن نصره في حياته هو الجهاد معه جنبًا إلى جنب، وأما نصره بعد وفاته فهو نصر سنته ونشرها، وبيانها للناس، والدفاع عنها، والجهاد في نصرتها، كل هذا واجب على الأمة الإسلامية، وبِناءً على ذلك يجب على الأمة الإسلامية أن ترفض كل وارد إليها من أعداء الله إذا كان مخالفًا للسنة، كل شيء يرد علينا من الكفار من عقائد وأخلاق، وأعمال ومعاملات، وغيرها، إذا كان مخالفًا لسنة الرسول، فإن أقل ما يُقال في النصرة أن يُرفَض هذا الشيء، وأن يُضرَبَ به وجه مورده، وألَّا يكون له مكان بين الأمة الإسلامية؛ لأنه كيف يكون نصره ونحن نستورد من أعداء هذه النصرة ما يخالف هذه النصرة؟! من ادَّعى ذلك فهو كاذب، فإنَّ فِعْلَه يكذِّب قوله، ولو كان قوله صادقًا، لكان أول ما يقوم به من نصرة شريعة الله أن يرفض كل ما خالف شريعة الله.

 

﴿ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ﴾ عهدي وميثاقي الشديد المؤكَّد، ﴿ قَالُوا أَقْرَرْنَا ﴾ بالإيمان به وبنصرته، وقبِلنا ذلك والتزمناه، ﴿ قَالَ فَاشْهَدُوا ﴾ فاشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم وأُمَمِكم، ﴿ وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 81] عليكم وعليهم.

 

﴿ فَمَنْ تَوَلَّى ﴾ يعني: من أمم هؤلاء الأنبياء، ولا تَرِد هذه الشرطية على الأنبياء؛ إذ لا يجوز على الأنبياء التولي والفسقُ، ولكن المقصود أُمَمُهم؛ كقوله: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65].

 

﴿ بَعْدَ ذَلِكَ ﴾ عن هذا الإقرار والعهد والميثاق، ولم يقل: "فمن تولى بعد ذلك منكم"، كما قال في الآية التي خُوطِبَ فيها بنو إسرائيل في سورة المائدة: ﴿ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12].

 

• وفيه: أن من تولَّى قبل قيام الحُجَّةِ عليه، لم يُحكَم عليه بالفسق؛ لقوله: ﴿ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ ﴾ [آل عمران: 82]، ويتفرع على هذا فائدة مهمة؛ وهي: أن الشرائع لا تُلزِم قبل العلم.

 

وهذه مسألة عظيمة جدًّا، اختلف فيها العلماء اختلافًا طويلًا عريضًا، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة، وتأمل أيضًا ما لله من صفات عظيمة، تبيَّن له أن الشرائع لا تُلزِم قبل العلم؛ لأن الله كتب على نفسه أن رحمته سبقت غضبه، ولو قلنا بوجوب الشرائع قبل العلم، لكان الغضب سابقًا على الرحمة؛ لأننا نُلزِم الإنسان بشيء لم يعلمه، لكن ربما يكون من الإنسان تفريط في السؤال، أي: لا يسأل، فحينئذٍ قد نُلزمه قبل أن يعلم من أجل تفريطه، أما لو لم يكن مفرطًا كإنسان نشأ في بادية، ولا يعلم شيئًا عن الدين، وليس عنده عالم، ولا طرأ على باله، فكان يصلي على جنابة بدون اغتسال مثلًا، وبقِيَ على ذلك عشر سنوات أو أكثر، فجاء يسأل نقول له: ليس عليك شيء؛ لأنك لم تعلم بوجوب الغسل من الجنابة، لكن لو كان في البلد، ويسمع ويستطيع أن يسأل، فربما نُلزمه بقضاء ما مضى.

 

ومن ذلك ما يحدث لكثير من النساء التي تبلغ بالحيض وهي صغيرة، ولكنها لا تصوم بناء على أنها صغيرة، وأن الصوم لا يُلزِم إلا مَن تم لها خمس عشرة سنة، ثم تأتي تسأل، فإذا علمنا من حالها أنها معذورة بالجهل، فإننا لا نُلزمها بقضاء ما فات من الصيام؛ لأنها معذورة.

 

وهذا في الذي ينتسب إلى الإسلام نعذره، ونحكم بإسلامه، ونصلي عليه إذا مات، أما من لا ينتسب إلى الإسلام فهذا كافر في الدنيا، وأما في الآخرة فعلمه عند الله، فالقوم الذين لم تبلغهم الدعوة وهم كفار، هؤلاء كفار في الدنيا، لو ماتوا لا نصلي عليهم، ولا ندعو لهم، لكن في الآخرة، الصحيح أن أمرهم إلى الله، وأن الله تعالى يمتحنهم بما يشاء من تكليف، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، وهذه مسألة يجب الانتباه إليها.

 

أما من ينتسب إلى الإسلام، ولكنه على حال تكفِّره؛ من ترك واجب، أو فعل محرم، وهو لم يبلغه الشرع، فإن القول الراجح أنه لا يُحكم بكفره؛ لأنه معذور؛ ولهذا تجد في نصوص الكتاب والسنة كلها أو غالبها مقيدًا ببلاغ الرسالة بالعلم، أو بالتبيين وما أشبه ذلك، وهذا - كما تقدم - هو مقتضى صفة الله عز وجل؛ وهي أن رحمته سبقت غضبه، والحمد لله رب العالمين.

 

﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 82]، ووجه الحصر أنه للمبالغة؛ لأن فسقهم في هذه الحالة أشدُّ فسقٍ، فجعل غيره من الفسق كالعدم.

 

والفاسقون: العاصون الخارجون عن الإيمان، والمراد بالفسق هنا فسق الكفر؛ لأن الفسق يطلق على فسق المعاصي، وعلى فسق الكفر؛ فمن الأول قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6]؛ هذا فسق المعصية.

 

ومن الثاني قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 18 - 20].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله)
  • تفسير: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم)
  • تفسير: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة)
  • تفسير: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب