• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البعثة والهجرة (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسباب نشر الأدعية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    كليات الأحكام
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

المجيد جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)

المجيد جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/7/2024 ميلادي - 14/1/1446 هجري

الزيارات: 867

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المَجِيدُ جل جلاله وتقدست أسماؤه

 

عَنَاصِرُ الموْضُوعِ:

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوَيَّةُ لاسْمِ (المَجِيدِ).

ثانيًا: وُرُودُهُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ.

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ في حَقِّ الله تَعَالَى.

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإيِمَانِ بهذا الاسْمِ.

 

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ:

أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:

1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

 

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ [1].

 

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ [2].

 

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

 

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً للهِ في بيتِ الله.

 

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ [3].

 

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ [4].

 

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ [5].

 

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ [6].

 

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك (4).

 

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبي صلى الله عليه وسلم «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»؛ رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

 

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحُ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيه.

 

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:

1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المسْلِمِينَ بِمَعَانِي اسْمِ الله (المَجِيدِ).

2- تَنْوِي حَثَّ المسْلِمِينَ عَلَى تَمْجِيدِ الله وَتَعْظِيمِهِ.

3- تَنْوِي لَفْتَ نَظَرِهِم إِلَى بَعْضِ نِعَمِ الله عَليْهِم.

4- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى تَمْجِيدِ كَلَامِ الله تَعَالَى بِتِلَاوَتِهِ وَالعَمَلِ بِهِ.

5- تَنْوِي حَثَّ المسْلِمِينَ عَلَى تَمْجِيدِ شَرْعِ الله بِاتِّبَاعِهِ والعَمَلِ بِهِ.

 

أولًا: الدَّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (المَجِيدِ):

المجيدُ في اللُّغَةِ مِنْ صِيغَةِ المبَالَغَةِ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ، فِعْلُه مَجَّدَ يُمَجِّدُ تَمْجِيدًا.

 

وَالَمجِيدُ هو الكريمُ الفِعَالِ، وقِيلَ: إِذَا قَارَنَ شَرَفُ الذَّاتِ حُسْنَ الفِعَالِ سُمِّيَ مَجْدًا، وفَعِيلٌ أَبْلَغُ مِنْ فَاعِلٍ، فَكَأَنَّهُ يَجْمَعُ مَعْنَى الجَلِيلِ والوَهَّابِ والكَرِيمِ.

 

والمجْدُ الُمرُوءةُ والكَرَمُ والسَّخَاءُ والشَّرَفُ والفَخْرُ والحَسَبُ والعِزَّةُ والرِّفْعَةُ، والمَجْدُ أَيْضًا الأَخْذُ مِنَ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدَدِ مَا يَكْفِي، وَأَمجَدَه ومَجَّدَهُ كلاهما عَظَّمَه وأَثْنَى عَلَيْهِ، وَتَماجَدَ القَوْمُ فيمَا بينهم ذَكَرُوا مَجْدَهُمْ [7].

 

واللهُ ﻷ وَصَفَ كِتَابَه بالمجيدِ فَقَالَ: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]؛ لأَنَّ القُرْآنَ كَلَامُ الله غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وصِفَةُ الكَلَامِ مِنْ صِفَاتِهِ العُلْيَا فَالقُرْآنُ كَرِيمٌ فِيهِ الإِعْجَازُ والبَيَانُ، وَفِيهِ رَوْعَةُ الكَلِمَاتِ وَالمَعَانِي، وفيه كَمَالُ السَّعَادَةِ للإِنْسَانِ، فهو كِتَابٌ مَجِيدٌ عَظِيمٌ رَفِيعُ الشَّأْنِ.

 

وَالمجيدُ سُبْحَانَهُ هو الذي عَلَا وَارْتَفَعَ بذاتِهِ، وَلَهُ الَمجْدُ في أسمَائِهِ وصِفَاتِهِ وَأفَعْالِهِ فَمَجْدُ الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ بَيِّنٌ في جَمَالِ الله وَسِعَتِهِ وَعُلُوِّه واسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله غ قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ» [8].

 

ورَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» [9]، وَكَيْفِيَّةُ جمالِ الذَّاتِ أَوْ كَيْفِيَّةُ مَا هُوَ عليه أَمْرٌ لَا يُدْرِكُه سِوَاهُ وَلا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ، وليس عِنْدَ الَمخْلُوقِينَ مِنْهُ إِلَّا مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ كَمَالِ وَصْفِهِ وَجَلَالِ ذَاتِهِ وَكَمَالِ فِعْلِهِ [10].

 

وَمِنْ مَجْدِ ذَاتِهِ اسْتِوَاؤُه عَلَى عَرْشِهِ ؛ فَهُوَ العَلِيُّ بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى فِي مُلْكِهِ وَهُوَ القَائِمُ عليهم والُمحِيطُ بِهِمْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، وَقَدْ ثَبُتَ أَنَّ العَرْشَ أَعْلَى الَمخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ فَوْقَ الماءِ، وَأَنَّ الَماءَ فَوْقَ السَّمَاءِ، واللهُ ﻷ فَوْقَ ذَلِكَ مُحِيطٌ بِالخَلَائِقِ ويَعْلَمُ مَا هُمْ عليه، رَوَى البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفْجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ» [11].

 

وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ فِي كَمَالِ مَجْدِهِ اخْتِصَاصِ الكُرْسِي بِالذِّكْرِ دُونَ العَرْشِ فِي أَعْظَمِ آيةٍ في كِتَابِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، وَالكُرْسِيُّ كَمَا فَسَّرَهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ مَا يَكُونُ تَحْتَ قَدَمِ الملِكِ عِنْدَ اسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ مِنْ كَمَالِ وَصْفِهِ وَسِعَةِ مُلْكِهِ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْ طَاعَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ فِي عِبَادَتِهِ أَنْ مُلْكَ مَنْ أَشْرَكُوا بِهِ لَوْ بَلَغَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالأَرْضُونَ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بينهن على عَرْضِهن ومِقْدَارُهن وَسِعَةِ حَجْمِهِن لا يُمَثِّلْنَ شَيئًا في الكُرْسِي الذي تَحْتَ قَدَمِ الملِكِ، فَمَا بَالُكَ بِعَرْشِهِ وَمَجْدِهِ؟ وَمَا بَالُكَ بِاتِّسَاعِ مُلْكِهِ؟ وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ لَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا، فَهُوَ الذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ أَنْ تَزُولا ؛ لأنه لا يَقْوَى غَيْرُه عَلَى حِفْظِهن وإدَارَتِهِنَّ حتى لَوِ ادَّعَى لنفسه مِلْكُهن، فاللهُ من حِلْمِهِ ِعَلَى خَلْقِهِ أَمْسَكَهن بقدرتِهِ وَأبْقَاهُن لحِكْمَتِه، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر: 41]، وَقَدْ وَرَدَ عِنْدَ ابنِ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي مِنْ حَدِيثِ أِبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ غ قَالَ: «مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الكُرْسِي إِلَّا كَحَلَقَةٍ بِأْرِضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ العَرْشِ عَلَى الكُرْسِي كَفَضْلِ تِلْكَ الفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الحَلَقَةِ» [12].

 

وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مَوْقُوفًا أَنَّهُ قَالَ: «الكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القَدَمَينِ والعَرْشُ لَا يَقْدُرُ قَدْرَه إلا اللهُ تَعَالَى» [13].

 

أَمَّا مَجْدُ أَوْصَافَهُ فَلَه عُلُوُّ الشَّأْنِ فِيهَا، لَا سِمِيَّ لَهُ وَلَا نَظِيرَ وَلَا شَبِيهَ له ولا مَثِيلَ فَالَمجْدُ وَصْفٌ جَامِعٌ لِكُلِّ أَنْوَاعِ العُلُوِّ التي يَتَّصِفُ بِهَا الَمعْبُودُ فَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ، لأَنَّ أَيَّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ إِذَا عَلَا مَجْدُهُ بَعْضَ الخَلْقِ وَغَلَبَ عَلَى العَرْشِ واسْتَقَرَّ لَهُ الُملْكُ فَإِنّهُ مَسْلُوبُ العَظَمَةِ في عُلُوِّهِ المحدُودِ، إما لمرضِه أَوْ نومِه، أو قدومِ أجَلِهِ، أو غلبةِ غيرِه على مُلْكِه أو غَيْرِ ذلك مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرُورَةِ والقيودِ، فأَيُّ عَظَمَةٍ في عُلُوِّ الَمخْلُوقِ وهو يَعْلَمُ أَنَّ قُدْرَتِهِ مَحْدُودَةٌ وَأَيَّامَه مَعْدُودَةٌ؟ أَيَسْتَحِقُّ الَمخْلُوقُ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا مِنْ دُونِ الله؟ فَمَا بَالُنا بَمَجْدِ رَبِّ العِزَّةِ وَالجَلالِ الذي له العُلُوُّ وَالكَمَالُ والعَظَمَةُ وَالجَمَالُ في جَميعِ الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ، له عُلُوُّ الشَّأنِ والقَهْرِ وَالفَوْقِيَّةِ، وعَظَمَتُه فِي عُلُوِّهِ عَظَمَةٌ حِقِيقِيَّةٌ فَهُوَ المجيدُ حَقًّا وَصِدْقًا، وَمَجْدُ الظَّالِمينَ زُورًا وَإِفْكًا، وَأَيُّ عَاقِلٍ سَيُقِرُّ بِمَجْدِ أَفْعَالِهِ وَبالِغِ كَرَمِهِ وَإِنْعَامِهِ، وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ، فهو الذي أَوْجَدَ الَمخْلُوقَاتِ وحَفِظَها وهَدَاها وَرَزَقَها فُسُبْحَانَ المجيدِ في ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 116]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الزخرف: 82].

 

ثانيًا: وُرُودُه في القُرْآنِ الكَرِيمِ:

وَرَدَ هَذَا الاسْمُ مَرَّتِينِ: في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود: 73]، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾ [البروج: 14، 15][14].

 

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ في حَقِّ الله تَعَالَى:

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: «حَمِيدٌ مَجِيدٌ؛ أَيْ مَحْمُودٌ مَاجِدٌ» [15].

وَقَالَ ابنُ جَرِيرٍ: «(مَجِيدٌ): ذُو مَجْدٍ وَمَدْحٍ وَثَنَاءٍ كَرِيمٍ» [16].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(الَمجِيدُ) هُوَ الوَاسِعُ الكَرَمِ» [17].

وَفِي الَمقْصِدِ: «(الَمجِيدُ) هُوَ الشَّرِيفُ ذَاتُهُ، الجَمِيلُ أَفْعَالُه الجَزِيلُ عَطَاؤُه وَنَوَالُه» [18].

وَقَالَ ابنُ كَثِيرٍ: «الحَمِيدُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، مَحْمُودٌ مُمَجَّدٌ فِي صفاته وذاته [19].

وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: «(مَجِيدٌ) كَثِيرُ الإِحْسَانِ إِلَى عِبَادِهِ، بِمَا يُفِيضُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الخَيْرَاتِ» [20].

 

وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ:

وَهُوَ الَمجِيدُ صِفَاتُه أَوْصَافُ تَعْظِيمٍ
فَشَأْنُ الوَصْفِ أَعْظَمُ شَانِ[21]

وَقَالَ عَبْدُ الرحمنِ السَّعْدِي: «الَمجِيدُ الكَبِيرُ العَظِيمُ الجَلِيلُ، وهو الَموْصُوفُ بِصِفَاتِ الَمجْدِ وَالكِبْرِيَاءِ وَالعَظَمَةِ وَالجَلَالِ، الذي هو أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَجَلُّ وَأَعْلَى، وَلَهُ التَّعْظِيمُ وَالإِجْلَالُ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ، قَدْ مُلئتْ قُلُوبُهم مِنْ تَعْظِيمِهِ وَإِجْلَالِهِ وَالخُضُوعِ له والتَذَلُّلِ لِكِبْرِيَائِهِ» [22].

 

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإيمَانِ بهذا الاسْمِ:

1- قَالَ الأَزْهَرِيُّ: «اللهُ تَعَالَى هُوَ (الَمجِيدُ) تَـمَجَّدَ بِفِعَالِهِ، وَمَجَّدَهُ خَلْقُه لِعَظَمَتِهِ» [23].

 

فاللهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الَمجْدُ العَلِيُّ العَظِيمُ بَفِعَالِهِ العَظِيمَةِ وَصِفَاتِهِ العَلِيَّةِ وَبِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى، فَلَا مَجْدَ إِلَّا مَجْدُه، وَلَا عَظَمَةَ إِلَّا عَظَمَتُه، وَكُلُّ مَجْدٍ لِغَيْرِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْهُ عَطَاءٌ وَتَفْضُّلٌ [24].

 

وَفِي اقْتِرَانِ (الحَمِيدِ) مَعَ (الَمجِيدِ) بَيَانُ أَنَّهُ مَحْمُودٌ على مَجْدِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكَمَالِ صِفَاتِهِ، فَلَيْسَ كَلُّ ذِي شَرَفٍ مَحْمُودًا، وَكَذَلِكَ لَيْسَ كُلُّ مَحْمُودٍ يَكُونُ ذَا شَرَفٍ.

 

قَالَ الحُلَيْمِيُّ: «(الَمجِيدُ) وَمَعْنَاهُ: الَمنِيعُ المَحْمُودُ ؛ لأَنَّ العَرَبَ لا تَقُولُ لِكُلِّ مَحْمُودٍ مَجِيدًا، ولا لِكُلِّ مَنِيعٍ مَجِيدًا. أَوْ يَكُونُ الوَاحِدُ مَنِيعًا غَيْرَ مَحْمُودٍ، كالُمتَآمِرِ الخَلِيعِ الجَائِرِ، أَوِ اللِّصِّ الُمتَحَصِّنِ بِبَعْضِ القِلَاعِ.

 

وَقَدْ يَكُونُ مَحْمُودًا غَيْرَ مَنِيعٍ، كَأَمِيرِ السُّوقَةِ وَالصَّابِرِينَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ.

 

فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنهما مَجِيدٌ، عَلِمْنا أَنَّ (الَمجِيدَ) مَنْ جَمَعَ بينهما فَكَانَ مَنِيعًا لَا يُرَامُ، وكَانَ فِي مِنَعَتِهِ حَسِنَ الخِصَالِ جَمِيلَ الفِعَالِ، والبَارِي ـ جَلَّ ثَنَاؤُه ـ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يُرَامَ وأَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ لا يَسْتَطِيعُ العَبْدُ أَنْ يُحْصِي نِعْمَتَه، ولَوِ اسْتَنْفَذَ فِيهِ مُدَّتَه، فاسْتَحَقَّ اسْمَ الَمجِيدِ وَمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ» اهـ [25].

 

2- إِنَّ اللَه سُبْحَانَهُ عَطَاؤُه وَاسِعٌ، وَفَضْلُه سَابِغٌ، قَدْ شَمَلَ الُمؤْمِنَ والكَافِرَ، والبَرَّ وَالفَاجِرَ، مَجَّدَ بذلك نَفْسَه فِي قَوْلِهِ ﻷ: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34] [26].

 

3- مَجِّدَ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ فِي آياتٍ كَثِيرَةٍ بَلِ القُرْآنُ مَلِيءٌ بِتَمْجِيدِ الله وَتَعْظِيمِهِ، وَكَذَا حديثُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وأَعْظَمُ آَيَاتِ القُرْآنِ وَسُوَرِهِ هِي التي احْتَوتَ عَلَى ذَلِكَ، كَآيةِ الكُرْسِي فِي البَقَرَةِ، وسورةِ الفَاتِحَةِ والإخلاصِ.

 

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُعَظِّمُ بِهِ العَبْدُ رَبَّهُ وَيُمَجِّدُه هو تِلَاوَةُ كِتَابِهِ، فِي آَنَاءِ اللَّيلِ وَأَطْرَافِ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لَا أَحَدَ يُحْصِي الثَّنَاءَ عليه والتَّمْجِيدَ له، هو كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ.

 

في الحدِيثِ القُدْسِي «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَلَّاةَ بيني وبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَينِ ولِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فإذا قَالَ العَبْدُ: فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، قَالَ: مَجَدَّنِي عَبْدِي...» [27].

 

ثُمَّ ذِكْرُهُ وتَسْبِيحُهُ وتَحْمِيدُه وَتَكْبِيرُه وتَهْلِيلُه، وما يَلْتَحِقُ بِهَا مِنَ الحَوْقَلَةِ والبَسْمَلَةِ والحَسْبَلَةِ والاسْتِغْفَارِ والدُّعَاءِ بِخَيْرَي الدًُّنْيَا وَالآَخِرَةِ.

 

وَهَذِهِ الحَالُ هي حَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ، مَنْ لَا يَشْقَى بهم الجَلِيسُ، مِنْ الأَنْبِيَاءِ والصِّدِّيقينَ، والشُّهَدَاءِ والصَّالِحينَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله غ: «إِنَّ للهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرق يَلتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادُوا هَلُمُّوا إلى حَاجَتِكُمْ، قَالَ فَيَحُفُّونَهم بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا»، قَالَ: «فَيَسْأَلُهم رَبُّهم ﻷ وهو أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالَ تَقُولُ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ»، قَالَ: «فَيَقُولُ: كَيْفُ لَوْ رَأَوْنِي؟»، قَالَ: «يَقُولُونَ: لَوْ رَأُوكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَأَكْثَرَ لك تَسْبِيحًا...»، حَتَّى قَالَ تَعَالَى: «فَأُشْهِدُكم أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لهم»، قَالَ: «يَقُولُ: مَلَكٌ مِنَ الَملَائِكَةِ: فيهم فلانٌ لَيْسَ منهم، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ»، قَالَ: «هُمُ الجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهم» [28].

 

4- سَمَّي اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كِتَابَهُ بـ (الَمجِيدِ) في آيتينِ مِنْ كِتَابِهِ:

في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ * بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 20 - 22].

 

قَالَ قَتَادَةُ: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ﴾ يَقُولُ: «قُرْآنٌ كَرِيمٌ» [29]، فَالقُرْآنُ مَجِيدٌ أَيْ شَرِيفٌ كَرِيمٌ عَظِيمٌ، وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَلُامُ الله الَمجِيدِ الذي لا يَأْيِتِهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.

 

ومِنْ مَجْدِ القُرْآنِ وَشَرَفِهِ أَنَّه لَا يُمْكِنُ للجِنِّ وَالإِنْسِ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، بَلْ بِسُورَةٍ مِنْهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].

 

وَهَذَا يَتَجَلَّى في جَوَانِبَ عَدِيدَةٍ:

منها، أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ للجِنِّ والإنْسِ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ مَا فِيهِ مِنَ التَّشْرِيعَاتِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَحَلالٍ وَحَرامٍ، وَمَا فِيهِ مِنَ العِبَادَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالُمعَامَلَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ إِعْجَازِهِ.

 

ومنها أَنَّ بَلَاغَتَه وَفَصَاحَتَه، وَرَوْعَتَه وَبَهَاءَه، وحُسْنَ تَرَاكِيبِه وَأُسْلُوبَه، وَأَخْذَه بِالنُّفُوسِ كُلُّه مِمَّا لَا يُضَاهَى.

 

ومنها كَثْرَةُ فَوَائِدِه التي لا تَنْقَضِي، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهَا العُلَمَاءُ عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ والعُصُورِ.

 

ومِنْ شَرَفِهِ وَرِفْعَتِهِ، أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ حَفِظَهُ وَصَانَهُ مِنْ كَيْدِ الكُفَّارِ والُمنَافِقِينَ، وَمِنَ الحَاقِدِينَ عَلَى هَذَا الدِّينِ، حَفِظَهُ مِنْ أَنْ يُبَدِّلُوه أَوْ أَنْ يُحَرِّفُوهُ، أَوْ أَنْ يَزِيدُوا فيه أو يُنْقِصُوهُ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 8، 9]، ومِنْ عَظَمَةِ هَذَا الكِتَابِ وَمَجْدِه أَنَّ اللَه يَرْفَعُ بِهِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَاتَّخَذَهُ دِينًا وَمِنْهَاجًا، وَيَخْفِضُ بِهِ وَيَذِلُّ مَنْ تَرَكَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَرَأَى أَنَّ العَمَلَ بِهِ رَجْعِيَّةٌ وَتَخَلُّفٌ وَجُمُودٌ.

 

ففي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَامِرٍ بنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بنَ عبدِ الحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُه عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ على أَهْلِ الوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلَى مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عليهم مَوْلَى؟! قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ الله ﻷ، وَإِنَّهُ عَالَمٌ بِالفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَّا إِنَّ نَبِيَّكم غ قَدْ قَالَ «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» [30].

 

فَقَدْ رَفَعَ اللهُ تَعَالَى الَموْلَى لِحفْظِهِ لِكِتَابِهِ وَعِلْمِهِ بِهِ مَعَ انْحِطَاطِ نَسَبِهِ وَشَرَفِهِ عَلَى غَيْرِه مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَهْلِ الشَّرَفِ والنَّسَبِ.

 

وهَكَذَا الَمجْدُ والرِّفْعَةُ في الدَّرَجَاتِ في الآخِرَةِ، فَإِنَّما هي لِمَنْ أَخَذَ بهذا الكِتَابِ، وعَمِلَ بِهِ، والذُلُّ والَمهَانَةُ والدَّرَكَاتُ لِمَنْ تَرَكَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ.



[1] رَوَى مسلمٌ عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بيتٍ مِنْ بِيوتِ الله، يَتْلُونَ كِتابَ الله ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نزلتْ عَليهم السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُم الملائكةُ، وَذَكَرَهُم اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».

[2] َروَى الإمامُ أَحمدُ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (5507) عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ عَلَى ذِكْرٍ، فَتَفَرَّقُوا عنه إلا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم»، ومَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ المجالسُ التي تُذَكِّرُ بِالله وبآياتهِ وأحكامِ شرعهِ ونحو ذلك.

[3] في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ».

وفي صحيح مُسْلِمٍ عَنْه أيضًا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بيتهِ ثُمَّ مَضَى إلى بيتٍ مِنْ بيوتِ الله لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله كانتْ خُطُواتُه: إِحدَاها تَحطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرَى تَرْفَعُ دَرجةً».

[4] رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُه، لا يَمْنَعُه أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أهلهِ إلا الصلاةُ».

ورَوَى البُخَاريُّ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الملائكةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكم مَا دامَ في مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ ارْحَمْه».

[5]، (4) رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي بنِ أبي طالبٍ: «فوالله لأنْ يَهْدِي اللهُ بك رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ».

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إلى هُدَىً كَانَ لَه مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهم شيئًا».

[6] رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ عن أبي أمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ وملائكتَه، حتى النملةَ فِي جُحْرِها، وحتى الحوتَ في البحرِ لَيُصَلُّون عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ»، وَصلاةُ الملائكةِ الاسْتِغْفَارُ.

[7] النهاية في غريب الحديث (4/ 298)، ولسان العرب (3/ 396)، واشتقاق أسماء الله (ص: 152)، ومفردات ألفاظ القرآن (ص: 760)، وفتح الباري شرح صحيح البخاري (13/ 408).

[8] مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه (1/ 93) (91).

[9] الموضع السابق، باب في قوله ؛ إن الله لا ينام (1/ 161) (179).

[10] انظر: الفوائد (ص: 182).

[11] البخاري في كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم (6/ 2700) (6987).

[12] صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان (2/ 77) (361)، قال الشيخ الألباني: «لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث»؛ انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 223) (109).

[13] انظر: تعليق الألباني على الرواية في شرح العقيدة الطحاوية (ص: 45).

[14] قرئ المجيد بالرفع نعتًا لله عز وجل، وبالجر نعتًا للعرش؛ انظر: إملاء ما من به الرحمن لأبي البقاء عبد الله العكبري (2/ 284)، القرطبي (19/ 296-297).

[15] مجاز القرآن (1/ 293).

[16] جامع البيان (12/ 47).

[17] شأن الدعاء (ص: 74)، وبه قال الأصبهاني في الحجة (ق18أ)، وقال: «وقيل (المجيد) في صفات الله تعالى الكريم الفعال، ورجل ماجد مفضال كثير الخير».

[18] المقصد الأسنى (ص: 77) باختصار.

[19] التفسير (2/ 452).

[20] فتح القدير (2/ 511).

[21] النونية (2/ 215).

[22] تيسير الكريم (5/ 300).

[23] اللسان (5/ 4138).

[24] راجع الكلام على اسمه (العظيم).

[25] المنهاج (1/ 197) ذكره في الأسماء التي تتبع نفي التشبيه عن الله تعالى جده، وكذا البيهقي في الأسماء (ص: 57).

[26] راجع البحث في اسمه (الرازق) وغيره.

[27] رواه مسلم في صحيحه (1/ 296) عن أبي هريرة ت مرفوعًا به.

[28] رواه أحمد (2/ 251-252)، والبخاري (11/ 208-209)، والترمذي (5/ 579-580).

[29] أخرجه ابن جرير (30/ 89) بإسناد حسن.

[30] مسلم (1/ 559)، وابن ماجه (1/ 78-79).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المجيد جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • المصور جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المستعان جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المنان جل جلاله، وتقدست أسماؤه

مختارات من الشبكة

  • المجيد في إعجاز القرآن المجيد لابن خطيب زملكان (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المجيد في إعراب القرآن المجيد ( الجزء الثاني ) (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المجيد في إعراب القرآن المجيد ( الجزء الرابع )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المجيد في إعراب القرآن المجيد ( الجزء الثالث )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المجيد في إعراب القرآن المجيد ( الجزء الثاني )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المجيد في إعراب القرآن المجيد ( الجزء الأول )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • صدر حديثاً (المجيد في إعراب القرآن المجيد) لبرهان الدين السفاقسي.(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • المجيد جل جلاله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المجيد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الحميد، المجيد)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب