• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

البعوضة في القرآن والسنة (خطبة)

البعوضة في القرآن والسنة (خطبة)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/7/2024 ميلادي - 14/1/1446 هجري

الزيارات: 6492

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البعوضة في القرآن والسنة

 

الحمد لله الكريم الودود، المعروف بالكرم والجود، المحيط علمه بالحد والمحدود، أحمده سبحانه، وهو الرب المعبود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُنجي قائلها من هول اليوم الموعود، وتُدخله جنات تجري من تحتها الأنهار بغير أخدود، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، والمقام المحمود، اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد وصحبه ما أضاءت البروق، وسبَّحت الرعود، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى، وراقبوه في السر والعلن، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

عباد الله، سنقف وإياكم مع سلسلةٍ علمية إيمانية نقف فيها مع الحيوانات في القرآن والسنة.

 

عباد الله، من أكثر ما يزيد الإيمان ويقرب العبد من ربه عز وجل الخالق الديان عبادة التفكُّر في خلق الله؛ في الإنسان والحيوان والأكوان.

تأمل في نبات الأرض وانظر ‍
إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ‍
بأحداقٍ هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات ‍
بأن الله ليس له شريك

 

تفكَّر في النبات والشجر والفاكهة والثمر، وفي البحر والنهر، إذا طاف عقلك في الكائنات، ونظرك في الأرض والسموات، رأيت على صفحاتها قدرة الله وعظمة بارئ البريات، وامتلأ قلبك بالإيمان بالله محيي الأموات، وانطلق لسانك بلا إله إلا الله، وخضعت مشاعرك لسلطان الله رافع السماوات.

الله ربي لا أُريد سواه
هل في الوجود حقيقة إلاه

أإلهٌ مع الله، لا رب غيره ولا معبود سواه.

 

وسنقف وإياكم متأملين متفكرين معتبرين مع أول حيوان ذُكِر في القرآن الكريم، هل عرفتموه؟

 

مع حشرة ضرب الله بها المثل في القرآن، مع حشرة بالرغم من صغر حجمها فإنها تسببت في موت ملايين البشر، إنها القاتل الأول في العالم، هل عرفتموها؟ إنها البعوضة وما أدراكم ما هي البعوضة؟

 

البعوضة أو الناموسة - كما تُسمَّى في بعض البلاد - وتُسمَّى البَقَّة كما قال الحسن البصري رحمه الله­: «مسكين ابن آدم محتوم الأجل، مكتوم الأمل، مستور العلل، يتكلم بلحمة وينظر بشحمة، ويسمع بعظمة، أسير جوعه، صريع شبعه، تؤذيه البَقَّة، وتنتنه العرقة، وتقتله الشرقة».


سبحان الله! ابن آدم لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، وصدق الله القائل: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28].

 

لقد كانت البعوضة أوَّلَ دابَّة ذُكرت في كتاب الله وأصغرَها، وفي المقابل كان الفيل آخرَ دابَّة ذُكر وأكبرَها، والعامل المشترك بينهما أنَّهما يملكان خرطومًا يُساعدهما في الغذاء، وقد خلق الله في البعوضة على صِغَر حجْمِها جميعَ ما خلق في الفيل مع كبره، فسُبْحان الَّذي أتْقَن كلَّ شيء!


عباد الله، إنَّ هذه البعوضة الصَّغيرة جند من جند الله تعالى، وفيها من بديع الصُّنْع وعظيم الأسرار ما يَجعلُنا نلهج دهرَنا بتسْبيح العزيز القهَّار.


قول العلماء: إنَّ البعوضة ترفرِف بأجنحتها حوالي 500 مرَّة في الثانية الواحدة، كي تطيرَ بسُرْعة متواضعة مقدارُها ثلاثة أميال في السَّاعة، ولا يمصُّ الدماءَ منها سوى الإناث لتغذيَ بيوضها بالبروتين الَّذي يحمله الدَّم؛ أما ذكور البعوض فهي بريئة من دمائنا كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، مع أنه أكبر حجمًا لكنه يتغذَّى فقط على رحيق الأزهار، ولا يظهر إلَّا في موسم التزاوُج.


يقول ابن القيم رحمه الله ­في كتابٍ له اسمه «مفتاح دار السعادة»، يتكلم فيه عن أسرار خلق الله بما يدهش العقول: «حشرةٌ صغيرةٌ تقف على ست قوائم، وهذه القوائم ذات مفاصل، وهذه المفاصل داخلها عظام رقيقة دقيقة، يجري فيها المخ والدم يقول الناظم:

يا من يرى مدَّ البعوض جناحها
في ظلمة الليل البهيم الأليلِ
ويرى نياطَ عروقها في نحرها
والمخ في تلك العظام النُّحَّلِ
ويرى ويسمع كل ما هو دونه
في قاع بحر ٍمظلمٍ متجلجلِ
امنُنْ عليَّ بتوبةٍ أمحو بها
ما كان مني بالزمان الأولِ

 

علماء التشريح عندما يُشرِّحونها يقفون مذهولين، مبهورين، إن في رأس البعوضة مئة عين، ولو كبر رأس البعوضة بالمجهر الإلكتروني لرأينا عيونها المئة على شكل خلية النحل، وفي فمها ثمان وأربعون سِنًّا، وفي صدر البعوضة ثلاثة قلوب: قلب مركزي، وقلب لكل جناح؛ فلا إله إلا الله.

 

تمتلك البعوضة جهازًا لا تمتلكه الطائرات الحديثة، وهو عبارة عن مستقبلات حرارية؛ حيث إن البعوضة لا ترى الأشياء بأشكالها وألوانها بل بحرارتها.

 

تمتلك البعوضة جهازًا لتحليل الدم، فليس كل دم مناسب لها، فقد ينام طفلان على سرير واحد، وفي الصباح تجد جبين أحدهما مليئًا بلسعات البعوض، أمَّا الثاني فلا تجد أثرًا للسعات البعوض عليه.

 

تمتلك البعوضة جهازًا للتخدير، فهي تخدر موضع اللسع حتى لا يشعر بها الشخص فيقتلها أثناء امتصاصها للدم، وعندما يزول أثر المخدِّر يشعر الشخص بألم اللسع؛ فلا إله إلا الله.

 

تمتلك البعوضة جهازًا لتمييع الدم الذي تمتصه من الإنسان، حتى يتيسَّر له المرور عبر خرطومها الدقيق.

 

للبعوضة خرطوم فيه ست سكاكين؛ أربع سكاكين تحدث في جلد الملدوغ جرحًا مربعًا يصل إلى وعاء دموي، والسكينتان الخامسة والسادسة تلتقيان لتكوِّنا أنبوبًا لامتصاص الدم، فلا إله إلا الله.

 

في أرجل البعوضة مخالب تستخدمها إذا أرادت الوقوف على سطح خشن، ولها محاجم إذا أرادت أن تقف على سطح أملس، ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [لقمان: 11].

 

أيها الأخوة، يقول علماء الحشرات: «إن حياة البعوض لا تزيد على ثلاثين يومًا وهناك أكثر من (3000) نوع من البعوض».

 

أيها المسلمون، وردت البعوضة في القرآن مرة واحدة في أول مثل ضربه الله جل وعلا بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾ [البقرة: 26] ما هو سبب نزول هذه الآية؟ ضرب الله سبحانه وتعالى ما يُقارب من البعوضة وما فوقها وما دونها أمثلة في القرآن، ذكر الله النحل وهي حشرة خلقها وفطرها وهداها سبحانه وتعالى، فقال: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ [النحل: 68].

 

فقال الكفار: ربٌّ قديرٌ كبيرٌ عظيم ويتحدث عن النحل! والنحلة حشرة صغيرة، والعظماء- على زعمهم- لا يتحدثون في الحشرات.

 

وذكر الله الذباب، فقال: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73].

 

قال كفار مكة: ربُّ محمد يضرب المثل بالذباب. قالوا: كيف يضرب الله مثلًا بالبعوضة ذلك المخلوق الضعيف الذي يكفي أن تضربه بأي شيء أو بكفِّك فيموت؟! فقالوا: ﴿ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ﴾ [البقرة: 26]، ولم يفطنوا إلى أن هذه البعوضة دقيقة الحجم خلقها معجزة.

 

عباد الله، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

عباد الله، البعوض يذكِّرنا بأن موازين الناس عند الله ليست المال ولا الجاه ولا المنصب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال: اقرءوا: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105] »؛ [صحيح البخاري (4729)، صحيح مسلم (2785)]، ويُؤتى بالرجل الضعيف كعبدالله بن مسعود رضي الله عنه؛ لكنه امتلأ إيمانًا وخشيةً وتقوى وله في يوم القيامة من الثقل ما ليس للجبال، ساقاه أثقل من جبل أُحُد في الميزان كما قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فالموازين يوم القيامة لا تخِف ولا تثقل بحسب ضخامة الأبدان وكثرة الشحم والدهن، وإنما تثقل وتخف بحسب الحسنات والسيئات.

 

البعوضة تُذكِّرنا بالنمرود الفاجر الكافر الذي جادل إبراهيم عليه السلام وقال - كما قال تعالى -: ﴿ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾[البقرة: 258] سلَّط الله على هذا المتكبر بعوضةً جنديًّا بسيطًا من جنود الله، دخل من أنفه واستقر في دماغه وامتص دمه، وتربَّع على مُخه، وكانت تضطرب باستمرار، وكانت تنتفض بجناحها، فإذا انتفضت أحسَّ في رأسه مثل الصواعق، دوارًا وصُداعًا وحركة غريبة في رأسه، فلا تسكن إلا إذا ضُرب وجهه ورأسه بالنعال، وإذا وقف الضرب حرّكت أجنحتها فيقول: اضرب اضرب، فضرب النعل أخف من حركة البعوضة في رأسه حتى تقطَّع وجهه، أصبح وجهه تسيل منه الدماء من كثرة الضرب، حتى تقيَّحت وتقرَّحت وبدَت عِظام وجهه، وأخيرًا لم يجد فرصة للحياة، لم يتحمل أبدًا، إن ضُرب تألم، وإن لم يُضرب تألم من الداخل، ما هو الحل؟ الحل: الموت، دخل عليه عبد من عبيده وفي يده سيف، قال: يا عبدي، قال: نعم.

 

قال: اضرب هامتي - يقول: اضرب رأسي- فسلَّ العبد السيف وفلق رأسه، وروي أن السيف نزل على رأسه ونزل على جناح البعوضة فقصَّه فاشتكت إلى الله، وقالت: يا رب، دخلت في عدوِّك بأمرك لأُعذِّبه؛ لأنه عدوُّك، ولكن سلَّطت عليَّ من قطع جناحي، فقال الله لها: أتريدين جناحك، أم تريدين دية؟ قالت: كم الدية؟ قال: الدية الدنيا منذ خلقتها حتى أُفنيها - وكل ما فيها- ففكرت وقالت: ماذا أفعل بالدنيا، وأنا مكسورة الجناح لا أطير؟ فقالت: لا يا رب، أريد جناحي من أجل أن أطير، فأعطاها الله جناحها، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: «لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء»؛ [رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع رقم (5292)].

 

نعم الدنيا كلها بقصورها وذهبها وأنهارها وما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة؛ فعلامَ الاقتتال؟! وعلامَ الحسد والكبر؟! وعلامَ الحرص عليها؟!

 

البعوض يُذكِّرنا حين قدم أهل العراق في عهد ابن عمر رضي الله عنه، فقالوا: «يا بن عمر، ما حكمك إذا قتل المُحرم بعوضة؟!» قال: من أين أنتم؟ قالوا: من العراق قال: «قاتلكم الله، يا أهل العراق، ذبحتم الحسين بن علي، ابن بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وتسألونني في بعوضة؟». هذا مثل من يحافظ على الإبرة ويُضيِّع الجمل، عجيب بعض الناس إذا ذُكر الكافر الملحد أو اليهودي المحارب قال: أستغفر الله، لا تغتابوا أحدًا في مجلسنا، وإذا أتى ذكر جاره، أو ذكر أحد الدُّعاة، وبعض طلبة العلم، أو بعض الصالحين والأخيار وقع فيه، فإذا قيل له: استغفر الله، قال: أنا ما أغتابه ولكن أُبيِّن شيئًا موجودًا فيه، أما الملحد فأنا أستغفر الله، نُبرئ ألسنتنا من أن نغتاب الكفار وأمثالهم من أعداء الله، فهذا ورع مُظلم وبارد، فبعض الناس يتحرز في قطرات نجاسة، ويركب من الذنوب أمثال الجبال.

 

عجيبٌ بعض الناس يتوضأ ساعة ليُسبغ الوضوء بينما هو ليل نهار ينهش في صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - والعلماء والدعاة.

 

فيا عجبًا من هؤلاء! كيف وقر الوقر في آذانهم من قول الباري سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]؟! أم كيف جهلوا قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: «لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم»؛ [صحيح، أخرجه أحمد (3/224)، وأبو داود ح (4878)].

 

أيها المسلمون، هناك فئة من الناس مثل كتائب البعوض شعارها السعي بين الناس بالإفساد وإفشاء العداوة بين الأشقاء والأصدقاء، فلا يهدأ لهم بال حتى يرَوا الصديقين الحميمين قد تعاديا، والزوجين الحبيبين قد تفرَّقا، والقريبين المتآلفين قد اختلفا، يشعلون الفتن إذا هدأت فتنة أيقظوا أُخرى، سرى حبُّ النميمة مجرى الدم في عروقهم، يحرقهم صفاء الأفئدة، ويغيظهم حب التآلف، مرضت نفوسهم، واسودَّت قلوبهم، فأيُّ ذمٍّ نذمهم بعد ذمِّ خالقهم لهم في كتابه العزيز حين قال: ﴿ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 11]!

 

عباد الله، البعوض في المنام رمز لقومٍ ضعاف لكنهم أشرار، أقوام يسلبونك مالك بدون أن تشعر، هذا إذا كان البعوض كثيرًا، وإن كانت بعوضة واحدة فهي رمز لرجل أو امرأة ألسنتهما سيئة تتكلم في الُخفية، وقد تسلبك شيئًا ثمينًا في حياتك، وكان كيدها ضعيفًا، وأحسن وسيلة للتعامل مع هؤلاء: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34] كما علمنا القرآن.

 

هذا وصلوا - عباد الله - على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البعوضة
  • البعوضة وضربها للمثل
  • الله تعالى يضرب البعوضة مثلا

مختارات من الشبكة

  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في القرآن منهج السعادة (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) خطبة عيد الفطر 1443(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • شهر القرآن يا أهل القرآن (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل تلاوة القرآن من القرآن والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاضرات في الدفاع عن القرآن: المحاضرة الأولى: تعريف القرآن عند أهل السنة والجماعة(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • محاضرات في الدفاع عن القرآن: المحاضرة الرابعة: رد دعوى الطاعنين بالقول بنقص القرآن(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • محاضرات في الدفاع عن القرآن: المحاضرة الثالثة: أصول وقواعد في الدفاع القرآن(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • رحلتي مع القران (76) وعاء القرآن(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب