• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

دوام العلاقة مع الله (خطبة)

دوام العلاقة مع الله (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2024 ميلادي - 25/10/1445 هجري

الزيارات: 9606

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دوام العلاقة مع الله

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيئات أعمالنا، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70،71].

 

أَمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكلُّ محدثةٍ بدعةٌ، وَكُلُّ بدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكلُّ ضَلَالَةٍ في النَّار.

 

معاشر المؤمنين الكرام: لقد رحلَ الشهرُ الفضيل، رحلَ وهو حافظٌ لكلٍ منا ما قدمَه فيهِ من أعمال.. ففي الحديث القدسي الصحيح: "يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجدَ خيرًا فليحمد الله، ومن وجدَ غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه".. وفي محكم التنزيل: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران:30].

 

ولا شك يا عباد الله: أنّ للعبادة الصحيحة أثرٌ عظيمٌ على حُسن سلوك العبد وصلاحِ قلبه، وعلى استقامة خُلُقِهِ وَأَدَبِهِ، فَلا تَكَادُ تَجِدُ مُسلماً حريصاً عَلَى أداء الطاعات أداءً صحيحاً، إِلاَّ وَتجدهُ صَادِقٌ في قَولِهِ، وَافٍ بِوَعدِهِ، بَارٌّ بوَالِدَيهِ، وَاصِلٌ لِرَحِمِهِ، جميلُ الاخلاق، سَمحٌ في أخذه وعطائه، حسنُ التَّعَامُلِ، لَيِّنُ القول، ظاهرُ الودِّ، مَحمُودُ السُّمعةِ، محبوبٌ عند القاصي والداني.

 

فَحَذَارِ يا عِبَادَ اللهِ وَقَد وَدَّعنَا رَمَضَانَ، أَن يكون ذلكَ هُوَ آخِرَ العَهدِ بتلك الفضائل والأخلاق الحسنة، والسلوكيات المنضبطة.

 

أَجَل أَيُّهَا المباركونَ، فالمقصودُ الأسمى والهدفُ الأكبرُ من جميع الفروض والعِبَادَاتِ: (صَلاةً وَصِيَاماً وَزَكَاةً وَحَجّا وَغيرهَا)، إنما هو التقوى، واستقامةُ القلبِ على الهدى، وحُسن الأخلاقِ وجمالُ المعامُلةِ مع الأدنى والأقصى، فما قيمةُ الصَّلاة إن لم تنهى عن الفحشاءِ والمنكر، وما قيمةُ الصّومِ إن لم يدع المسلمُ قولَ الزورِ والجهل، وما قيمةُ الزكاةِ إن لم يتخلص المسلمُ من الشُحَّ والأثرة.. كيفَ ونحنُ نقرأُ قَولَ الحقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ ﴾ [العنكبوت:45]، وَقَولَه سبحانه: ﴿ خُذْ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتَزكِيهِم بِهَا ﴾ [التوبة:103]، وَقَولَهُ تَعَالى: ﴿ الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ وَمَا تَفعَلُوا مِن خَيرٍ يَعلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى ﴾ [البقرة:197]، وَقَولَهُ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة:183]، وَقَولَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهلَ فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ في أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، والحَدِيثِ في البُخَارِي.

 

والخلاصةُ يا عباد الله، أنه ليس هناك علاقةٌ أهمَّ ولا أعظمَ من علاقة العبدِ بربه جلّ وعلا، تلك العلاقةُ التي يُحققُ بها الإنسان هدفَ وجوده، ويرتقى بها أرفعَ درجاتِ مجدِهِ.. تلك العلاقةُ التي إن توثَّقت طابت حياةُ العبدِ وصلحت، وكان مصيرها بتوفيق الله الفوزَ العظيم، تأمّل: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾ [البقرة:97].. ووالله مهما مَلَكَ الإنسانُ من الامكانيات والماديات، فستبقى روحهُ محتاجةٌ إلى قوةٍ عُليا تُسنِدُها، والى نورٍ صادقٍ يهديها، إلى طُمأنينةٍ وسكينةٍ تُأَمنُها، ولن يكون ذلك إلا في قوة الصّلةِ بالله، وحُسنِ الارتباطِ به، والاعتصامِ والتّعلقِ به جلّ وعلا، وهذا ما تُثمرهُ العباداتُ والطاعاتُ بمختلف أنواعها، وهذا هو جوهرُ الدين؛ وأساسُ الإيمان، إنها صِلةُ الروحِ بربها، وقوةُ علاقتها بخالقها، وتلك هي التّقوى، وبقدر ما تقوى هذه التّقوى يعيشُ الأنسانُ في سعادةٍ واستقامةٍ وهُدى.. ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه:124].

 

فالعلاقةُ مع اللهِ جلّ وعلا هي الزمُ ما يجبُ على العبد أن يهتمَّ بإصلاحها وتقويتها، فبصلاحها يصلحُ كلُّ شيء، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون ﴾ [الأعراف:96].

 

وحين يعلمُ المسلمُ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا معه أينما يكون، في خلوته وجلوته، في بيته وسوقهِ ومكانِ عمله، في حِله وترحاله، في فرحه وترحه، في صحته ومرضه، فاللهُ جلّ وعلا معهُ على الدّوام، ويعلمُ أحوالهُ كلها، لا يخفى عليه شيءٌ من أمره، إن تحركَ أبصره، وإن تكلمَ سمعه، وإن تحدثَ بينه وبين نفسه علمه، سبحانه وبحمده: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور ﴾ [غافر:19].. ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق:14]، ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير ﴾ [الحديد:4]، حينما يوقنُ المؤمنُ بهذه الحقيقة الكبرى، فسيراقبُ ربهُ ويخشاه، ويلتزمُ بما يحبهُ اللهُ ويرضاه، وتلك هي التّقوى.. ففي صحيح مُسلم: قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إلى أَجْسَامِكُمْ ولا إلى صُوَرِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ".. في الحديث الصحيح: "التَّقْوَى هَاهُنا"، وأشارَ صلى الله عليه وسلم إلى صدره، وفي محكم التنزيل: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [المائدة:7]، فهما تشعبت بك الحياة، وكثرت اشغالك واهتماماتك، فلا تنسَ الاهتمامَ بعلاقتك مع الله، تعاهدها كأعظم شيءٍ تهتمُ به وتخافُ عليه، حافظ عليها كما تحافظُ على روحك وأشد؛ لأنك بها تُدرك كلُّ شيء، وبدونها أنت لا شيء.. فإيّاك أيّها الموفق، أن تُقدِّم على علاقتك مع الله شيئاً آخر، اجعلها هي حبلُك المتين، وركنك الشّديد، وعروتُك الوثقى، احرص ألَّا تكونَ صِلتك به صِلةً مؤقتة، فتستقيمَ في المواسم فقط، أو عند الشدائدِ والأزمات فقط، ثم تنساهُ في حال الرخاء، فاللهُ دائمٌ وباقٍ، وليس لك غنىً عنهُ طرفةَ عين.. وربُّ رمضانَ هو ربُّ الشهور كُلها، والمُسلِمُ الحقُّ يبقى مُستمسكاً بإسلامه، مُلتزماً بتعاليمه في كُلِّ مَكَانٍ وَفي كُلِّ زمان وَعلى كُلِّ حال، وما ذلك إِلاَّ لأَنَّه يَعلَمُ أَنَّهُ يَعبُدُ رَبًّا وَاحِدًا لا شريك له، ويؤمنُ بدينٍ قويم، لا يجدُ في نفسه حرجٌ من الاستقامةِ عليه، وَمِن ثَمَّ فَهُوَ مُستَسلِمٌ للهِ، مُنقَادٌ لِشرعه، مُخلصٌ لَهُ في الطاعة والعبادة، غايتهُ واضحة، فهو مُستقيمٌ لا يروغ، صادقٌ لا يتلون، ثابتٌ لا يَتَغَيَّرُ، لا يُرِيدُ إِلاَّ مَا عِندَ اللهِ والدار الآخرة: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴾ [الإسراء:19].

 

فمهما تعددت علاقاتك مع من حولك، فإن علاقتك بالله تعالى تبقى هي أساسُ كلِّ العلاقات، ‏وكل علاقةٍ مهما بلغت من المودة والأهمية، فلا بدَّ لها من انقطاع، فتنقطع بالموت أو بغيره، إلا علاقةُ المؤمنِ بربه وخالقه، فلا تنتهي أبدًا.. ‏العلاقةُ بالله هي العلاقةُ الوحيدةُ الباقيةُ والمستمرةُ والدائمة، ﴿ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾ [النحل:96]، العلاقةُ بالله علاقةٌ صادقةٌ صافيةٌ لا تشوبها شائبة، علاقةٌ واضحةُ الملامحِ والأهدافِ والغايات.. ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة:111]، وقال سبحانه: ﴿ فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون ﴾ [الشورى:36].. ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون ﴾ [البقرة:277].. فلنتق الله تعالى يا عباد الله، ولنعالج قلوبنا، فهي بأشدَّ الحاجة إلى المعالجة، ولنجاهدها في سبيل الله فهي بأمس الحاجة إلى المجاهدة.. ولنصلح علاقتنا مع الله جلّ وعلا فهي الأهمُّ لنا في دنيانا وآخرتنا.

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:29].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، ومن ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: في مداومة المسلمِ على الطاعة بعد مواسمِ الخيرِ المضاعفةِ دليلٌ على الهداية والتوفيق، ففي الحديث الصحيح: "خيرُ الناسِ من طالَ عمرهُ وحسنُ عمله".. ولئن كانَ رمضانُ قد ودعنا فإن الأعمالَ الصالحةَ لا تتوقفُ برحيله، وإنما رمضانُ مدرسة، فمن ذاقَ حلاوةَ الصيامِ في رمضان فليعلم أنَّ البابَ سيظلُ مفتوحاً للمواصلة بعد رمضان، فقد سنَّ لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صيامَ ست أيامٍ من شوال، وصيامَ ثلاثة أيام من كلِّ شهرٍ، ويومَ عرفة، ويومَ عاشوراء، وسَنَّ لنا صيامَ الاثنين والخميس من كلِّ أسبوع.. ومن استشعرَ حلاوة المناجاةِ في رمضان، فليعلم أنّ الله تعالى قريبٌ يجيبُ دعوة الداع إذا دعاهُ في كلِّ وقتٍ وحين، بل ويناديه: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر:60]، بل جاء في الحديث الصحيح: "ما على الأرض مسلمٌ يدعو اللهَ بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها أو صرفَ عنهُ من السوء مثلها، ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم"، فقال رجلٌ من القوم: إذا نُكثر؟ قال: "اللهُ أكثر".. وكذلك يا عباد الله من تعطرَ فمهُ بتلاوة القرآن، وأمضى اوقاتاً طويلةَ خلالَ رمضان يتلو كتاب ربه، فليواصل مُعاهدةَ وصحبة القرآن، ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـٰرَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:29].. وكذلك من حافظَ على صلاة التراويحِ طوالَ رمضان فليواصِل ولو بثلاث ركعات، فالحق تبارك وتعالى يقول: ﴿ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾ [الإسراء:79].. والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبد في جوف الليلِ الآخر، فإن استطعتَ أن تكونَ ممن يذكرُ الله في تلك الساعة فكن".. وفي بذل المالِ أجرٌ وطُهرٌ وسِعةٌ في الرزق ووعدٌ من الكريم سبحانه بالخُلف، فلنستمر في هذا العمل الجليل الجميل، ولو بأقل القليل، يحدونا قولَ الحقِّ جلَّ وعلا: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة:245]، وما جاء في الحديث الصحيح: "إن الله ليربي لأحدكم اللقمة حتى تكون في ميزانه كجبل أحد".. وهكذا سائر المكاسبَ التي حصَّلها المسلمُ في رمضان، ينبغي أن تكونَ مُرغِّبةً له في استمرار العمل، لا أن تكونَ مدعاةً للتقاعُسِ والكسل.

 

فالجدير بالمُسلِمِ أن يعَّوِدَ نَفسهُ عَلَى الجدِ في الطاعة في كُلِّ زَمَانٍ، وَأن يروِضهَا عَلَى سُلُوكِهِ وَالاستِقَامَةِ عَلَيهِ في سائر الأحيان، فـ

النفس راغبة إذا رغبتها
وإذا ترد إلى قليل تقنع

فيا أهل الطاعة، إنَّ الله لا يريدُ من سائرِ عباداتنا مجردَ الأفعالِ والحركات، وإنما يريد منا سبحانهُ ما وراءَ ذلك من الهُدى والتقوى والاخبات، والخشية والمراقبة، قال جلَّ وعلا: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة:183].

 

لقد غرس رمضان في نفوسنا خيراً عظيماً، صقل القلوب، وأيقظ الضمائر، وطهّر النفوس، ومن استفاد من رمضان فإن حاله بعد رمضان خيرٌ له من حاله قبل رمضان، وما أجمل الطاعة تتبعها بطاعة، ما أجمل الحسنة تعقبها الحسنة، ما أحسن الإحسان بعد الإحسان، والمعروف في أثر المعروف والخير يليه الخير، قال تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَءاتَـٰهُمْ تَقُوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]، أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿ وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 114].

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان...

 

اللهم صل على محمد...

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حسن العلاقة مع الله .. أساس العمل في الإسلام
  • العلاقة مع الله
  • كيف نجدد العلاقة مع الله؟
  • العلاقة مع الله (خطبة)
  • {ورحمتي وسعت كل شيء} (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تصميم بطاقة ( إن دوام الذكر سبب لدوام المحبة )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تصميم بطاقة ( إن دوام الذكر سبب لدوام المحبة )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دوام الخير بعد شهر الخير (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • دوام العمل الصالح بعد رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دوام الاتصال بالله وتجديد العلاقة معه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوقاف الكتب والمكتبات مدى استمرارها ومعوقات دوام الإفادة منها (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • دوام الإيمان في مكة والمدينة إلى قيام الساعة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • دوام الحال من المحال (بطاقة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • على قدر الشكر يكون دوام النعمة (حكمة في صورة)(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب