• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطر الشذوذ (خطبة)

خطر الشذوذ (خطبة)
د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/4/2024 ميلادي - 6/10/1445 هجري

الزيارات: 7377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطر الشذوذ

 

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، له الحمد كله وبيده الخير كله، وإليه يُرجَع الأمر كله؛ علانيته وسرُّه، وكل شيء عنده بمقدار، خَلَقَ فسوَّى، وقدَّر فهدى، خلق الإنسان فسوَّاه، وعلى التوحيد والخُلُقِ القويم فَطَرَهُ وأوصاه.


وأشهد أن لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، ولا ندَّ ولا ظهير، لا رادَّ لأمره، ولا مُعقِّبَ لحكمه، وهو أحكم الحاكمين.


وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، وحُجَّة على الناس أجمعين، لا خير إلا ودَلَّ أُمَّتَه عليه وأمرهم به، ولا شرَّ إلا وحذَّرهم ونهاهم عنه، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، أمَرَ أُمَّته بمكارم الأخلاق وجميل الخِصال، ونهاهم عن كل خُلُقٍ سافل وفعل رذيل، وحذرهم من مخالفة أمر الله، وارتكاب معاصيه، وذكَّرهم بالبأس الشديد والوعد والوعيد، صلوات ربي وسلامه عليه عددَ ما خلق الله تعالى وبرأ؛ أما بعد:

فاحمَدوا الله ربَّكم، واشكروه على نِعَمِهِ، فأنتم تتقلَّبون في خيرٍ مدرار، ونِعَمٍ غِزار، لا يحصيها مُحْصٍ، ولا يعُدُّها عادٌّ ما تعاقب الليل والنهار، واتقوه سبحانه فهو أهل التقوى وأهل المغفرة، عزَّ جاهه وتباركت أسماؤه.

 

أيها المسلمون، إن رأس المال الذي لا غنى عنه لعبد في كل وقت تحقيقُ العبودية، وتمحيص التوحيد لله سبحانه، فعلى ذلك فَطَرَ الله الناس، وبذلك أمرهم؛ ولأجل ذلك بعث المرسلين في كل أمة وُجِدت على وجه البسيطة: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]؛ ولذا كان كل نبي يبعثه الله إلى قوم، يبادر إلى أمْرِهم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له؛ قائلًا لهم: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59].


وبعد بيان ذلك وإقامة البراهين عليه، يُعرِّج كل نبي على أبرز المعاصي والمخالفات التي يقع فيها قومه، فيحذرهم منها، ويبيِّن لهم عاقبتها وخطورة أمرها، فمن تاب وأناب، تاب عليه ربه وأنجاه: ﴿ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [فصلت: 18].


ومن كَفَرَ واستكبر، وطغى وتجبَّر، وعصى المرسلين، واستمرَّ في غَيِّه وعدوانه، حاق به العذاب الأليم بصنوف وأشكال يقدرها الله القوي العزيز؛ ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].


وقد حكى الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم قصصَ أولئك الأقوام الذين عصَوا ربهم واستكبروا؛ لتحذر ذلك المصير، وتأخذ العِظة والعبرة من أولئك الأقوام العُصاة، الذين نزل بهم بأس الله الشديد، قوم كفروا بربهم، وزادوا على الكفر ارتكاب فاحشة لم يُسبقوا إليها، خالفوا فيها الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، فوقعوا في تلك الفاحشة العظيمة والفعلة القبيحة، التي تأنَف منها المخلوقات، حتى البهائم العجماوات لم تصنع صنيعهم، ولم يَزَل نبيهم عليه السلام يحذرهم ويُنذرهم، ويُذكِّرهم بربهم، ويُبيِّن لهم شناعة ما اقترفوه وولغوا فيه، فمرَّةً يقول لهم كما حكى الله تعالى عنه: ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف: 80، 81]، ومرة يقول: ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النمل: 54، 55]، ولكنهم لم ينتهوا، بل طغَوا واستكبروا وتحدَّوا: ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [النمل: 56]، فلما نكَصُوا على أعقابهم، وأصروا على كفرهم ومعصيتهم، جاء القَدَرُ المقدور، والأمر الذي لا يُرَدُّ من رب العالمين، فعُذِّبوا وأُهْلِكوا بعذاب لم يسبق مثله لأُمَّة من الأمم؛ جزاءً لهم على كفرهم وفعلهم هذه الفاحشة التي لم يُسبَقوا إليها: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 82، 83].


قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ﴾ [هود: 82]، وأمطرنا عليها حجارة من طين مُعَدَّة لذلك، قوية شديدة يَتْبَعُ بعضها بعضًا في نزولها عليهم، وفي رواية عن قتادة وغيره: بلغنا أن جبريل عليه السلام لما أصبح، نشر جناحه، فانتسف بها أرضهم بما فيها؛ من قصورها، ودوابها، وحجارتها، وشجرها، وجميع ما فيها، فضمها في جناحه، فَحَوَاها وطواها في جوف جناحه، ثم صعِد بها إلى السماء الدنيا، حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب، وكانوا أربعة آلاف ألف، ثم قَلَبها، فأرسلها إلى الأرض منكوسة، ودَمْدَمَ بعضها على بعض، فجعل عاليها سافلها، ثم أتْبعها حجارة من سجِّيل، وذَكَروا أنها نزلت على أهل البلد وعلى المتفرقين في القرى مما حولها، فبينا أحدهم يكون عند الناس يتحدث، إذ جاءه حَجَرٌ من السماء، فسقط عليه من بين الناس، فدمَّره، فتَتْبَعهم الحجارة من سائر البلاد، حتى أهلكتهم عن آخرهم، فلم يبقَ منهم أحد"؛ [انتهى كلامه باختصار].


أيها المسلمون، إن لذلك الفعل القبيح أضرارًا تعود إلى الدين وإلى النفس والخُلُق؛ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "نجاسة الزنا واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات، من جهة أنها تفسد القلب، وتضعف توحيده جدًّا؛ ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركًا".


ومن الأضرار الخلقية لتلك الفاحشة: قلة الحياء، وسوء الخلق، وقسوة القلب، وقتل المروءة والشهامة، وذهاب الغَيرة والنَّخوة والكرامة، وإِلْفُ الجريمة والتساهل فيها، وانتكاس الفطرة، وذهاب الجاه وسقوط المنزلة، وسواد الوجه وظلمته، حتى لَيكاد يُعرَف من يقوم بهذا الفعل؛ كما قال القائل:

وعلى الفتى لطباعه
سِمَةٌ تَلُوح على جبينِهِ

ومن أضرارها على المجتمع: حلول العقاب إذا ظهر هذا الأمر، ولم يُنكَر، وزوال الخيرات، ومَحْقُ البركات، وشيوع الفوضى، وتفسُّخ المجتمع، وتفكُّك الأُسَرِ، وعزوف الرجال عن الزواج، وقلة النسل.


ومن أضراره أيضًا: ظهور الأمراض والأوجاع التي لم تكن فيمن سبق؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضَوا))؛ [أخرجه ابن ماجه من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني].


ولها أيضًا أضرار على النفس بملازمة الحزن والقلق، ووجود الوحشة والاضطراب، وخوف العقاب والفضيحة، إلى غير ذلك من الأضرار التي يقدرها الله تعالى لمن ارتكست فطرته، وزالت غَيرته، واستهان بمعصية ربه.


وللوقوع في هذه الفاحشة أسباب تجُرُّ إليها، لا يَسَعُ المقام ولا يناسب في تفصيلها، ولكن الحُرَّ العاقل تكفيه الإشارة، فمن ذلك ضعف الإيمان الذي يعمُر القلب ويمنعه من المعصية، ومن ذلك ترك الصلاة أو التهاون فيها؛ فالله تعالى يقول:﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].


ومن أسباب الوقوع في تلك الفاحشة: تفكُّك البيوت، ووجود الطلاق أو الشِّقاق بين الوالدين، ومن ذلك غفلة الصالحين والمعلِّمين، وأئمة المساجد والدعاة عن التنبيه على هذا المنكر العظيم بالأسلوب الحسن، وأعظم من ذلك التغاضي عن مثل تلك الممارسات، وترك الحزم في مواجهتها وفق المنهج الشرعي في علاجها.


إن ديار قوم لوط يا عباد الله ليست ببعيدة: ﴿ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الصافات: 137، 138]، وستبقى بحيرةُ قوم لوط عِبْرَةً للظالمين، أينما وُجِدوا، وحيثما كانوا.


وإن من أبشع أنواع الحماقة - أيها المؤمنون - أن يغفُلَ الناس عن قدرة الله عز وجل، وشدة بطشه، ويركنوا إلى حَولِهم وقوتهم، وعلينا - يا عباد الله - أن نتذكر أن الله جلَّت قدرته الذي أهلك قوم لوط بثوانٍ معدودات قادر على إهلاك وتمزيق كل مجتمع، لا يهتدي بهديه مهما قويت شوكتهم، وكثُر عددهم، وتزايد بطشهم؛ قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ﴾ [محمد: 10].


عباد الله: هذه نُتَفٌ وإشارات علَّها تُذكِّر أو تنبِّه، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، نسأل الله تعالى أن يطهر مجتمعات المسلمين من كل فاحشة ومنكَرٍ، اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نستغفرك ونتوب إليك.


نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي سهَّل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلًا، وأوضح لهم طريق الهداية، وجعل اتباع الرسول عليه دليلًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحلال ما أحله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده المصطفى، ونبيه المرتضى، ورسوله المجتبى، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، صلاةً وسلامًا دائمين بدوام السماوات والأرَضين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فلنحذر هذا الصنيع يا عباد الله؛ واسمعوا ما قاله الإمام ابن كثير رحمه الله معلقًا: "وقوله: ﴿ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 83]؛ أي: وما هذه النقمة ممن تشبَّه بهم في ظلمهم ببعيد عنه، وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به))، وذهب الإمام الشافعي في قول عنه وجماعة من العلماء إلى أن اللائط يُقتَل، سواء كان محصنًا، أو غير محصن؛ عملًا بهذا الحديث، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يُلقَى من شاهق، ويُتْبع بالحجارة؛ كما فعل الله بقوم لوط، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب".


واعلم أن الصحابة رضي الله عنهملم يختلفوا في أنَّ حُكْمَ مَن فَعَلَ تلك الفاحشة القتلُ، ولكن اختلفوا في كيفيته؛ وإليك ما قاله الإمام الشوكاني رحمه الله حول عقوبة مَن فَعَلَ ذلك: "وما أحق مرتكب هذه الجريمة، ومقارف هذه الرذيلة الذميمة، بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرةً للمعتبرين، ويعذب تعذيبًا يكسِر شهرة الفَسَقَةِ المتمردين، فحقِيقٌ بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يُصلَى بما يكون في الشدة والشناعة مشابهًا لعقوبتهم، وقد خسف الله تعالى بهم، واستأصل بذلك العذاب بِكْرَهم وثيِّبَهم".


وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله: "وقال بعض العلماء: إذا علا الذَّكَر هربت الملائكة، وعجَّت - صاحت - الأرض إلى ربها، ونزل سخط الجبار جل جلاله عليهم، وغشيتهم اللعنة، وحفت بهم الشياطين، واستأذنت الأرض ربها أن تخسف بهم، وثقُل العرش على حملته، وكبَّرت الملائكة، واستعرت الجحيم، فإذا جاءته رُسُلُ الله لقبض روحه نقلوها إلى ديار إخوانهم، وموضع عذابهم، فكانت روحه بين أرواحهم، وذلك أضيق مكانًا وأعظم عذابًا من تنُّور الزُّناة، فلا كانت لذة توجب هذا العذاب الأليم، وتسوق صاحبها إلى مرافقة أصحاب الجحيم، تذهب اللذات، وتعقب الحسرات، وتفنى الشهوة".


عباد الله، بعد ذكر مخاطر تلك الفواحش، وما تسبِّبه من أضرار على الفرد والمجتمع، وما قد تدفع به صاحبها إلى الخاتمة السيئة والعياذ بالله، فها هي سُبُلُ العلاج والوقاية منها ومن غيرها من الذنوب، بإذن الله تعالى:

1- تذكَّر أن الله معك ويراك في كل وقت وحينٍ، فلا تَعْصِهِ.


2- تذكَّر الحساب، والحساب إما يسير أو عسير، فاعمل في دنياك ليخفَّف عنك.


3- تذكر هذه الشهادات وأنك لن تترك سُدًى:

الشهادة الأولى: شهادة الله عليك، فالله مطَّلع عليك يراك حين تقوم، وتقلُّبك على فراشك، يرى النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء.


الشهادة الثانية: شهادة الملائكة الكرام؛ وهما اللذان على كتفيك؛ يقول الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].


الشهادة الثالثة: شهادة جوارحك عليك:

يوم أن تطلب شهيدًا عليك من نفسك فتتكلم أعضاؤك شاهدةً ناطقةً بأفعالك وأقوالك؛ يقول الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].


الشهادة الرابعة: شهادة الأرض عليك: فالبقعة التي كنت تمارس عليها فعل الفواحش والحرام ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك؛ كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: 4].


هذا، وصلوا وسلِّموا على إمام المرسلين، وقائد الغُرِّ المحجَّلين؛ فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه؛ حيث قال عز قائلًا عليمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

 

وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّرْ أعداء الدين، اللهم من أراد الإسلام وأراد المسلمين بسوء، فاجعل كيده في نَحْرِهِ، واجعل تدبيرَه تدميرَه يا سميع الدعاء.

 

اللهم عليك بالمفسدين في الأرض فإنهم لا يُعجزونك، اللهم اكشف أمرهم، واهتِك سرَّهم، وانشر خبرهم، واجعلهم عِبرة للمعتبرين يا رب العالمين.

 

اللهم إن زرع الشر والفساد قد نما فقيِّض له يدًا من الحق حاصدة، تقتلع جذوره، وتنزِع عنا وعن بلادنا شروره يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم تولَّ أمرنا، وأحسن خلاصنا، واحفظ أمننا وبلادنا، وقُرانا ومساكننا، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أصلح شباب المسلمين ونوِّر قلوبهم، واهدهم إلى معالي الأمور، وقِهم شر الشيطان وشركه يا أرحم الراحمين.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

 

عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشذوذ في الفتوى: أضراره وأسبابه وعلاجه
  • غامبيا: الرئيس يحذر من دعاة الشذوذ ويتوعد الشواذ
  • مالاوي: المسلمون يرفضون عمل استفتاء على حظر الشذوذ
  • رهبانية القساوسة والكهان بين الجوع والشذوذ الجنسي وتعذيب الجسد المهان
  • إيطاليا: مظاهرة ضد مشروع قانون لصالح الشذوذ
  • التحذير من ظاهرة الشذوذ الجنسي
  • الشذوذ الجنسي انحراف نفسي
  • المتصدق على زانية وغني وسارق (خطبة)
  • ارحموا الآباء والأمهات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 12/2/1433 هـ - خطر الجهر بالمعاصي والذنوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقدم لخطبتي شاب تائب من الشذوذ(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • خطر الإسراف والتبذير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخي الأصغر يشاهد إباحية الشذوذ(استشارة - الاستشارات)
  • خطبة: الأشهر الحرم وخطر ظلم النفس وظلم الغير..(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • حب الفاحشة ونشرها، وخطر ذلك على المجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر الوجود اليهودي على البلاد الإسلامية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر الاستهزاء بالدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زوجتي ومقاطع الشذوذ(استشارة - الاستشارات)
  • الإسراف خطره وصوره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/11/1446هـ - الساعة: 15:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب