• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات ...
    سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
  •  
    اشتراط الحول والنصاب في الزكاة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من فضائل الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لا أحد أحسن حكما من الله
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    دلالة السنة والنظر الصحيح على أن الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير: (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس الثالث والعشرون: لماذا نكره الموت
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الإنفاق على الأهل والأقارب بنية التقرب إلى الله ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الإسلام يدعو إلى المؤاخاة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خطبة عيد الأضحى: عيدنا طاعة وعبادة
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    خطبة عيد الأضحى: الامتثال لأوامر الله
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    أقسام المشهود عليه
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من ...
    سعيد مصطفى دياب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

النداء..... استجيبوا لله وللرسول

النداء..... استجيبوا لله وللرسول
د. شريف فوزي سلطان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2024 ميلادي - 29/7/1445 هجري

الزيارات: 3289

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النداء... استجيبوا لله وللرسول

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 24، 25].

 

تضمن هذا النداء العظيم ستة محاور:

المحور الأول: الأمر بالاستجابة لله وللرسول.

 

المحور الثاني: نتيجة الاستجابة لله وللرسول.

 

المحور الثالث: التهديد بالحرمان من الاستجابة عند التهاون بها.

 

المحور الرابع: من أعظم المعينات على الاستجابة: تذكُّر اليوم الآخر.

 

المحور الخامس: الفتنة الحاصلة من وراء عدم الاستجابة إذا وقعت عَمَّتْ.

 

المحور السادس: العقوبة شديدة.

 

الأول: الأمر بالاستجابة لله وللرسول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 24]؛ أي: امتثلوا أوامر الله، واجتنبوا مناهيه، الزموا ما يحب، وابتعدوا عما يكره، وكل ذلك منشور مفصَّل في كتابه، وكذلك امتثلوا أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتنبوا مناهيه، الزموا ما يحب، وابتعدوا عما يكره، وكل ذلك منشور مفصَّل في سُنته صلى الله عليه وسلم.

 

عندما يبلغك حكم الله في مسألة من شؤون حياتك، عندما يبلغك حكم رسول الله في قضية من قضايا معاشك، كم يمضي عليك من الزمن لتمتثل حكم الله وحكم رسول الله؟ هل تُطبِّق أمرهما بأسرع صورة ممكنة، أم أنك تتريث حينًا من الدهر، يومًا، أسبوعًا، شهرًا وربما أكثر من ذلك؟

 

إن الدليل على صدق إيمانك، وقوة يقينك، وشدة حبك لله ورسوله هو سرعة استجابتك لأوامر الله ورسوله، عندما تسمع آية فيها أمرُ الله تعالى، عندما تسمع حديثًا فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تتقبل ذلك، وتُقبِلَ عليه دون تسويف أو تباطؤ.

 

فإن الاستجابة طريق الرشاد؛ كما قال سبحانه: ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

الثاني: نتيجة الاستجابة لله وللرسول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، فإن قيل: ألَسْنا أحياء؟

 

الجواب: بلى، ولكن الحياة الحقيقية، السعادة القلبية، الراحة النفسية، هي التي تحصل بالاستجابة لربنا جلَّت عظمته، إن أولئك الذين لم تحصُل لهم هذه الحياة ليسوا بأحياء على الحقيقة، وإن تحركت أجسادهم، فراحوا وأكلوا وشربوا، إن السعادة الحقيقية، والحياة الطيبة هي حياة المستجيبين لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم استجابة ظاهرة، وباطنة، أن يكونوا مؤمنين حقًّا، منقادين بظاهرهم، وباطنهم، فهؤلاء هم الأحياء، وإن ماتت أجسادهم، وغيرهم أموات، وإن كانوا أحياءَ الأبدان.

 

وعلى قدر الاستجابة تكون الحياة، فهي مراتب، كلما زاد العبد في الاستجابة لله وامتثال أوامره، زاده الله هداية وتوفيقًا، وقد شبَّه الله المستجيب لنداء الله ورسوله بالحيِّ، والذي لا يستجيب بالميت؛ فقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [الأنعام: 36].

 

فالحياة نوعان:

الأول: حياة الأبدان؛ وهذا النوع يشترك فيها المومن والكافر، بل الإنسان والحيوان، كما أن هذا النوع من الحياة يعتريها من الآفات والآلام، والعاهات والأمراض ما يعتريها.

 

النوع الثاني: حياة القلوب؛ التي تحصل بها السعادة والنعيم، واللذة والانشراح والسرور، ويحصل بها التمييز بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال، فإذا وقعت الفتن، واختلطت الأمور على كثير من الناس، فإن صاحب هذه الحياة يكون مبصرًا بالحقِّ، عارفًا به، مُتَّبِعًا له.

 

هذه الحياة خاصة بمن استجابوا لله وللرسول، خاصة بمن استسلموا لأمر الله وشرعه؛ كما قال الله: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: 122]، وقال سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

والأمر كما قال ابن تيمية رحمه الله: "إن في الدنيا جنَّةً، مَن لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"[1].

 

- إنها دعوة عزيزة إلى العمل بدين الله، والعيش مع شريعة الله، والسير على منهج الله.

 

ــ إنها دعوة إلى حياة لا تَبْلَى، وعيشة لا تَفْنى؛ كما جاء في الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ينادي منادٍ - يعني يوم القيامة - إن لكم أن تَصِحُّوا ‌فلا ‌تسقموا ‌أبدًا، وإن لكم أن تَحيَوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبُّوا فلا تَهْرَموا أبدًا، وإن لكم أن تَنْعَموا فلا تبتئسوا أبدًا؛ فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]))[2].

 

ــ دعوة إلى حياتنا الحقيقية؛ التي قال فيها رب البرية: ﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

 

ــ دعوة إلى الحياة التي يتمنى الإنسان يوم القيامة أنْ لو قدَّم لها؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا *وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 22 - 24].

 

قال سبحانه: ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [الرعد: 18].

 

الثالث: التهديد بالحرمان من الاستجابة عند التهاون بها:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]، والمعنى: إنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها، فلا تأمنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم، فلا يُمكِّنكم بعد ذلك من الاستجابة؛ عقوبةً لكم على تأخركم عنها لمَّا دُعيتم إليها؛ وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام: 110]، وقوله: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، وقوله: ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ ﴾ [الأعراف: 101].

 

وقال الشيخ السعدي رحمه الله: "فإياكم أن تردُّوا أمر الله أول ما يأتيكم، فيُحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإن الله يحول بين المرء وقلبه، يقلب القلوب حيث شاء ويصرفها أنى شاء، فلْيُكثر العبد من قول: ((يا مُقلِّبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب، اصرف قلبي إلى طاعتك))[3].

 

ومن هنا كان لزامًا على العبد تلبية هذه الدعوة، وتحقيق هذه الاستجابة؛ ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى، قال: ((كنت ‌أصلي ‌في ‌المسجد، ‌فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أُجِبْه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾ [الأنفال: 24] ثم قال لي: لَأُعلِّمنَّك سورةً هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تَقُلْ: لأعلمنك سورةً هي أعظم سورة في القرآن، قال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه)).

 

إذا كان تأخُّرُ هذا الصحابي لأجل انشغاله بالصلاة في مدة يسيرة، أثار سؤال واستنكار النبي صلى الله عليه وسلم عليه؛ لعدم مبادرته واستجابته لأمره، فكيف بحال كثير منا اليوم؟

 

فهل استجبنا لمنادي الله حين ينادي علينا كل يوم خمس مرات: حي على الفلاح، أم أننا ننتظر الحيلولة بيننا وبين قلوبنا؟

 

ولقد ضرب السلف رضي الله عنهم أروع الأمثلة في سرعة الاستجابة لله ورسوله، وأكتفي بذكر مثالين اثنين؛ مثال يخص رجال الأمة، ومثال لنسائها:

ــ عن معقل بن يسار ((أنه زوَّج أختَه رجلًا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثم طلَّقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عِدَّتُها، فهَوِيَها وهَوِيَتْه، ثم خطبها مع الخُطَّاب، فقال له معقل: يا لُكَعُ، أكرمتُك بها، وزوَّجتك فطلَّقتها، والله لا ترجع إليك أبدًا، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلِها، فأنزل الله: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 232]، فلما سمعها مِعْقل، قال: سمعًا لربي وطاعة، ثم دعاه، فقال: أُزوِّجك وأُكرِمك))[4].

 

ــ وعن أم سلمة، قالت: ((لما نزلت: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 59]، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن ‌الغِربان ‌من ‌الأكسية))[5].

 

والمعنى: تستَّرْنَ بالأكسية السوداء، وحَجَبْنَ رؤوسهن ووجوههن، وما قالت واحدة منهن: سألبَس الحجاب، ولكن بعد الزواج، أو بعد انتهاء الدراسة، أو غير ذلك من الحُجَجِ الشيطانية، التي تعارض الاستجابة لأمر الله ورسوله.

 

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((‌يرحم ‌الله نساء المهاجرات الأُوَل، لما أنزل الله: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، شَقَقْنَ مُرُوطَهنَّ فاخْتَمَرْنَ بها))[6].

قال الحافظ ابن حجر: "أي: غطَّين رؤوسهن ووجوههن"[7].

 

لأن أوامر الله لا تقبل النقاش، ولا تخضع للخيرة، أوامر العزيز الجبار لا تُرَدُّ ولا تُرفض، وإلا كان العقاب الوخيم، والعذاب الأليم، في الدنيا والآخرة.

 

فقد قال الله تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50]، وقال تعالى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ﴾ [الشورى: 47]، الفرص لا تتكرر، المؤمن إذا أتَتْهُ أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، رضِيَ بها رضًا تامًّا، وسلَّم لها تسليمًا كاملًا، فسارع مُمْتَثِلًا، إذا بلغه ما نهى الله عنه، سارع مُنْتَهِيًا؛ لأن اليوم حياة وغدًا موت، اليوم تقدِر وغدًا لا تقدر.

 

ليس في كلِّ حينٍ وأوان
تتهيأ صنائع الإحسانِ
فإذا مُكِّنتَ فبادر إليها
حذرًا من تعذُّر الإمكانِ

 

الرابع: من أعظم المعينات على الاستجابة: تذكُّر اليوم الآخر:

﴿ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]: أي: تجمعون ليوم لا ريب فيه، فيُجازَى المحسن بإحسانه، والمسيء بعصيانه، ففي ذلك ترغيب شديد في العمل، وتحذير من الغفلة والكسل.

 

فالذي يعلم أنه سيُحشر رغم أنفه إلى الله، وسيُعرض على الله، كيف يسوِّغ له عقله أن يسمع نداء الله يأمر أو ينهى، فيُعرض عنه؟

 

قال الله تعالى في الحديث القدسي: ((يا عبادي، إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثم ‌أوفيكم ‌إياها، فمن وجد خيرًا فليحمَدِ الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسه))[8].

 

‌أما ‌والله ‌لو ‌علِمَ الأنامُ
لِما خُلقوا لما غفَلوا وناموا
لقد خُلقوا لِما لو أبصرتْهُ
عيونُ قلوبهم تاهوا وهاموا
ممات ثم قبر ثم حشرٌ
وتوبيخٌ وأهوالٌ عِظامُ
ليوم الحشر قد عمِلت أناسٌ
فصلُّوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أُمِرْنا أو نُهِينا
كأهل الكهف أيقاظٌ نِيامُ

 

الخامس: الفتنة الحاصلة من وراء عدم الاستجابة إذا وقعت عمَّت:

﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]: بل تصيب فاعل الظلم وغيره، وذلك إذا ظهر الظلم فلم يُغيَّر، وإذا وُجِدَ المنكر فلم يُنْهَ عنه، فإن العقوبة تعمُّ الجاني وغيره؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقاب))[9].

 

السادس: العقوبة شديدة:

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]: في الدنيا والآخرة، لمن لم يمتثل أوامره، لمن لم يجتنب مناهيه، لمن لم يفعل ما يرضيه، لمن لم يستجب لتكاليفه الشرعية.

 

قال الله تعالى: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا *قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 123 - 127].

 

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13، 14].

 

قال المفسرون: إن هذه الآية تعم أحوال الأبرار والفُجَّار في الدنيا والآخرة، فالمؤمن في نعيم في دنياه وقبره وآخرته، وإن أصابه في الدنيا ما أصابه من أنواع المصائب كالفقر والمرض ونحوها، والفاجر في جحيم في دنياه وقبره وآخرته وإن أدرك ما أدرك من نعيم الدنيا، وما ذاك إلا لأن النعيم في الحقيقة هو نعيم القلب وراحته وطمأنينته، فالمؤمن بإيمانه بالله، واعتماده عليه، واستغنائه به، وقيامه بحقه، وتصديقه بوعده، مطمئنُّ القلب، منشرِحُ الصدر، مرتاح الضمير، والفاجر لِمَرَضِ قلبه، وجهله، وشكِّه، وإعراضه عن الله، وتشعُّب قلبه في مطالب الدنيا وشهواتها، في عذاب وقلق وتعب دائم، ولكن سكرة الهوى والشهوات تُعمي العقول عن الانشغال بذلك والإحساس به.

 

وختامًا:

ينادي الله تعالى الأمة بالاستجابة لِما يأمرهم به ربهم، وما يدعوهم إليه رسولهم من الحياة الحقيقية، وإلى ما يسعدها السعادة الأبدية من العلم النافع، والأعمال الصالحة، ومن العقائد الصحيحة، والأخلاق العالية من الصدق والبر، والإحسان والعدل، والبعد عن الظلم والفواحش والكذب، والأمور التي تُوقِع في الفتن العامة الْمُهْلِكة، والْمُوقِعة في الضلال والشقاء، في الدنيا والآخرة.

 

فيا وَيحَ قومٍ يسمعون مثل هذه النداءات، فلا يفقهون ولا يعملون!

 

ويا سعادة أقوام يفقهونها ويعملون بها!

 

اللهم اجعلنا منهم بمنِّك وفضلك وكرمك.



[1] الوابل الصيب، ومدارج السالكين.

[2] رواه مسلم.

[3] تفسير السعدي.

[4] صحيح سنن الترمذي.

[5] صحيح سنن أبي داود.

[6] رواه البخاري.

[7] فتح الباري.

[8] رواه مسلم.

[9] صحيح سنن أبي داود.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن
  • حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن
  • من بلاغة النداء في الأربعين النووية
  • النداء : تعريفه وأدواته
  • النداء المعقول من مليون متقاعد ومتقاعدة إلى المبني للمجهول
  • من الأذكار والأدعية الوارد عند سماع النداء

مختارات من الشبكة

  • دروس دعوية في نداءات سورة الأنفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • العلامة الإعرابية بين القدماء والمحدثين: دراسة في أساليب (النداء، التعجب، المدح والذم، الإغراء والتحذير) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحوالات المالية بعد النداء الثاني ليوم الجمعة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • البيع عبر الإنترنت بعد النداء الثاني للجمعة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • حكم انعقاد البيع بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلبية النداء إلى أحكام فصل الشتاء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النداء الأخير ( قصة قصيرة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حديث: من قال حين يسمع النداء ...(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 18:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب