• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    موجة الإلحاد الجديد: تحديات وحلول
    محمد ذيشان أحمد القاسمي
  •  
    الأسوة الحسنة ذو المكارم صلى الله عليه وسلم (كان ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من عوفي فليحمد الله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: أخبر الناس أنه من استنجى برجيع أو عظم ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    كيف يمكن للشباب التكيف مع ضغوط الدراسة وتحديات ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: ذو الجلال ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الإلحاد والأساس الخرب
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (17)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    وما المفردون؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    وأقيموا الصلاة (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: علموا أولادكم أهمية الصلاة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق المظلوم
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

بناء الكعبة

بناء الكعبة
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/12/2023 ميلادي - 16/6/1445 هجري

الزيارات: 4049

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بِنَاءُ الكَعْبَةِ

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أَمَّا بُعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « بِنَاءِ الكَعْبَةِ ».


- أَيُّهَا النَّاسُ - لَقَدْ بُنِيَتِ الكَعْبَةُ خِلَالَ الدَّهْرِ كُلِّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِيَقِيْنٍ.


فَأَمَّا المَرَّةُ الأُوْلَى مِنْهَا - أَيُّهَا النَّاسُ -: فَهِيَ الَّتِي قَامَ بِأَمْرِ البِنَاءِ فِيْهَا إِبْرَاهِيْمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُعِيْنُهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيْلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَذَلِكَ اسْتِجَابَةَ مِنْهُمَا لِأَمْرِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى - ثَبَتَ ذَلِكَ بِصَرِيْحِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيْحَةِ.


وَأَمَّا الكِتَابِ فَقَوْلُ اللهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].


وَأَمَّا َالسُّنَّةُ فَأَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا مَا جَاءَ فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [1]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: « أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ. ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ.


قَالَتْ إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].


وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ: يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ، هَلْ تَرَى أَحَدًا؟، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ.


قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا ».


فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ: صَهٍ -تُرِيدُ نَفْسَهَا- ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ. فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ -أَوْ قَالَ: بِجَنَاحِهِ- حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ.


قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أَوْ قَالَ - لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا ».


قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللهِ، يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ.


وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ -أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ- مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ! لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ! فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ - أَيْ: رَسُولًا أَوْ رَسُولَيْنِ -، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَأَقْبَلُوا - قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟، فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ.


قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ ».


فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ، وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ.


فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ، قَالَتْ: نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟، قَالَتْ: نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ.


قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى.


فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ، فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ؟، قَالَتْ: اللَّحْمُ، قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟، قَالَتْ: الْمَاءُ، قَالَ: اللهُمَّ! بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ.


قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ ». قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟، قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ.


قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ.


ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ: وَتُعِينُنِي، قَالَ: وَأُعِينُكَ.


قَالَ: فَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].


قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].


فَهَذَا هُوَ البِنَاءُ الأَوَّلُ بَنَاهَا إِبْرَاهِيْمُ، وَإِسْمَاعِيْلُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام- اسْتِجَابَةً مِنْهُمَا لِأَمْرِ اللهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ والسُّنَّةِ الصَّحِيْحَةِ.


وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

مُشَارَكَةُ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم-فِي بِنَاء الكَعْبَةِ

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.


أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ « بِنَاءِ الكَعْبَةِ »، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ «مُشَارَكَةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي بِنَاء الكَعْبَةِ ».


فَبَعْدَ بِنَاءِ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيْلَ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا - لِلكَعْبَةِ المُعَظَّمَةِ تَعَرَّضَتْ بَعْدَ أَنْ مَضَتْ قُرُونٌ مِنْ بِنَائِهَا لِلْعَوَادِيِّ الَّتِي أَوْهَتْ بِنَاءَهَا وَصَدَّعَتْ جُدْرَانِهَا، وَكَانَ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ العَوَادِيِّ سَيْلٌ عَرِمٌ جَرَفَ مَكَّةَ قَبْلَ البِعْثَةِ بِسَنَوَاتٍ قَلِيْلَةٍ، حَيْثُ زَادَ مِنْ تَصَدُّعِ جُدْرَانِهَا وَضَعْفِ بُنْيَانِهَا، فَلَمْ تَجِدْ قُرَيْشُ بُدًّا مِنْ إِعَادَةِ تَشْيدِ الكَعْبَةِ حِرْصًا عَلَى مَا لِهَذَا البِنَاءِ مِنْ حُرْمَةٍ وَقَدَاسَةٍ خَالِدَةٍ.


وَلَقَدْ ظَلَّ احْتِرَامِ الكَعْبَةِ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَتَعْظِيْمُهَا بَقِيَّةً مِمَا ظَلَّ مَحْفُوظًا مِنْ شِرْعَةِ إِبْرَاهِيْمِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَ العَرَبِ، وَقَدْ شَارَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي بِنَاءِ الكَعْبَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [2]، مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «لَمَّا بُنِيَتِ الكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَعَبَّاسٌ يَنْقُلاَنِ الحِجَارَةَ، فَقَالَ العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «أَرِنِي إِزَارِي فَشَدَّهُ عَلَيْهِ».


فَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ»[3]، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي الطُّفَيْلِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَذَكَرَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَهَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ، وَجَعَلُوا يَبْنُونَهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي، تَحْمِلُهَا قُرَيْشٌ عَلَى رِقَابِهَا، فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا. فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَحْمِلُ حِجَارَةً مِنْ أَجْيَادٍ وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ النَّمِرَةُ، فَذَهَبَ يَضَعُ النِّمِرَةَ عَلَى عَاتِقِهِ فَتُرَى عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِ النَّمِرَةِ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ، خَمِّرْ عَوْرَتَكَ! (وَفِي رِوَايَةٍ: لا تَكْشِفْ عَوْرَتَكَ )، فَلَمْ يُرَ عُرْيَانًا بَعْدَ ذَلِكَ.


فَفِي «مُسْنَدِ» أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ» [4]، عَنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا انْهَدَمَ الْبَيْتُ بَعْدَ جُرْهُمٍ بَنَتْهُ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا أَرَادُوا وَضْعَ الْحَجَرِ تَشَاجَرُوا مَنْ يَضَعُهُ، فَاتَّفَقُوا أَنْ يَضَعَهُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِثَوْبٍ فَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ، وَأَمَرَ كُلَّ فَخِذٍ أَنْ يَأْخُذُوا بِطَائِفَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، فَرَفَعُوهُ، وَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَوَضَعَهُ».


فَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ» [5]، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَوْلَاهُ - وَهُوَ السَّائِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ- أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: وَكَانَ لِي حَجَرٌ أَنَا نَحَتُّهُ - [بِيَدِي: أَيْ صَنَمٌ] - أَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ: وَكُنْتُ أَجِيءُ بِاللَّبَنِ الْخَاثِرِ الَّذِي آنَفُهُ عَلَى نَفْسِي فَأَصُبُّهُ عَلَيْهِ فَيَجِيءُ الْكَلْبُ فَيَلْحَسُهُ، ثُمَّ يَشْغَرُ فَيَبُولُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَبَنَيْنَا حَتَّى بَلَغْنَا مَوْضِعَ الْحَجَرِ، وَلَا يَرَى الْحَجَرَ أَحَدٌ فَإِذَا هُوَ وَسْطَ أَحْجَارِنَا مِثْلُ رَأْسِ الرَّجُلِ يَكَادُ يَتَرَايَا مِنْهُ وَجْهُ الرَّجُلِ فَقَالَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ: نَحْنُ نَضَعُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: نَحْنُ نَضَعُهُ، فَقَالُوا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمًا فَقَالُوا: أَوَّلُ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْأَمِينُ، فَقَالُوا لَهُ فَوَضَعَهُ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ فَرَفَعُوا نَوَاحِيَهُ [مَعَهُ] فَوَضَعَهُ هُوَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».


فَهَذِهِ - أَيُّهَا النَّاسُ- هِيَ المَرَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي بَنَتَ فِيْهَا قُرَيْشٌ الكَعْبَةَ المُعَظَّمَةَ قَبْلَ الإِسْلَامِ، وَاشْتَرَكَ فِي بِنَائِهَا الرَّسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَلَكِنْ كَانُوا قَدْ أَخْرَجُوا مِنْهَا الحَجْرُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَذْرَاعٍ، أَوْ سَبْعَةُ أَذْرَاعٍ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ - قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ - أَيْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا أَنْ يَبْنُوهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيْمَ، وَجَعَلُو لِلْكَعْبَةِ بَابًا وَاحِدًا مِنْ نَاحِيَةِ المَشْرِقِ، وَجَعَلُوهُ مُرْتَفَعًا لِئَلَّا يَدْخُلُ إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ، فَيُدْخِلُوا مَنْ شَاؤُوا، وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاؤُوا.


فِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [6]، مِنْ حَدِيْثِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهَا: « يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ ».


وَلِهَذَا - أَيُّهَا النَّاسُ- لَمَّا تَمَكَّنَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - بَنَاهَا عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- وَجَاءَتْ فِي غَايَةِ البَهَاءِ وَالحُسْنِ وَالسَّنَاءِ، كَامِلَةً عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيْلَ -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا - لَهَا بَابَانِ مُلْتَصِقَانِ بِالأَرْضِ شَرْقًا وَغَرْبًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْ هَذَا، وَيَخْرُجُونَ مِنَ الآخَرِ، وَكَانَ هَذَا هُوَ البِنَاءُ الثَّالِثُ لِلْكَعْبَةِ المُعَظَّمَةِ.


وَأَمَّا البِنَاءُ الرَّابِعُ - أَيُّهَا النَّاسُ- فَهُوَ بِنَاءُ الحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَالَّذِي ظَلَّ حَتَّى يَوْمَ النَّاسِ هَذَا.


وَفِي «صَحِيْحِ مُسْلِمٍ» [7]، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أُسٍّ نَظَرَ إِلَيْهِ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّا لَسْنَا مِنْ تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ، أَمَّا مَا زَادَ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ، وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ فَرُدَّهُ إِلَى بِنَائِهِ، وَسُدَّ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ، فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى بِنَائِهِ.


فهَذِهِ هِيَ الرَّابِعُةُ وَالأَخِيْرَةُ - أَيُّهَا النَّاسُ- وَقَدْ قَالُوا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيْدَ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ قَد عَزِمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا وَيُعِيْدَهَا كَمَا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ لَهُ الإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ بَعْدَكَ، لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُغَيِّرَهُ إِلَّا غَيَّرَهُ، فَتَذْهَبَ هَيْبَتُهُ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، فَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيهِ.


رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِيْنَ سَبَقُونَا بِالإِيْمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلذِيْنَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيْمٌ.


اللهُمَّ أَلْهِمْنَا رُشْدَنَا وَقِنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ.


وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 2368) .

[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 1582)، وَمُسْلِمٌ (340) .

[3] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5 /455)، بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «الصَّحِيْحَةِ» (2378) .

[4] (صَحِيْحٌ)أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيِّ فِي «مُسْنَدِهِ»(2 /86)، وَالحَاكِمُ (1 /458-459)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (45) .

[5] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (15543)، ، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (84) .

[6] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 1584)، وَمُسْلِمٌ (1333) .

[7] رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1333) .





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بناء الكعبة قبل الإسلام
  • الكعبة معظمة عند الله تعالى
  • أحكام استقبال الكعبة في الصلاة
  • تجديد بناء الكعبة المشرفة
  • تجديد بناء الكعبة وتحكيم النبي صلى الله عليه وسلم في الحجر الأسود
  • قصة بناء الكعبة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • بناء الكعبة ومرحلة المكث في الحجاز(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • بناء الكعبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الكعبة (PDF)(كتاب - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • قصة بناء الكعبة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • حول بناء الكعبة المعظمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • قصة إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر المصرية القبطية وبناء البيت العتيق الكعبة(مقالة - ملفات خاصة)
  • الكعبة بين البناء والهدم تاريخ حافل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بناء الكعبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل مقام إبراهيم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/12/1446هـ - الساعة: 15:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب