• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة التوبة (الحلقة الخامسة) لا مأمن من البلاء إلا بخالص الولاء

تفسير سورة التوبة (الحلقة الخامسة) لا مأمن من البلاء إلا بخالص الولاء
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2023 ميلادي - 21/5/1445 هجري

الزيارات: 2230

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة التوبة (الحلقة الخامسة)

لا مأمنَ من البلاء إلا بخالص الولاء

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته الغُرِّ الميامين.

 

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ * لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 23 - 28].


كان بين فتح مكة في العشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، ووفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة، مجرد ثلاثين شهرًا، قضاها صلى الله عليه وسلم كلها في الدفاع عن الدولة الإسلامية الناشئة؛ ترويضًا للقبائل المعادية التي تعمل لإطفاء جذوة الإسلام وفتحًا لمعاقلها؛ من سرية ذات السلاسل[1] في جمادى الآخرة من السنة الثامنة؛ أي: بعد فتح مكة بثمانية أشهر، إلى غزوة حنين في شوال من السنة نفسها؛ أي: بعد ثلاثة أشهر من ذات السلاسل، ثم إلى غزوة الطائف[2] في شهر شوال نفسه من السنة الثامنة نفسها، ثم بدأ الإعداد مباشرة تحريضًا وتجييشًا لغزوة تبوكَ[3] التي كانت في رجب من السنة التاسعة للهجرة؛ أي: بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر؛ حيث كان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يومًا؛ أقام منها عشرين يومًا في تبوك، والباقي كان مسيرة للجيش، قضاها في الطريق ذهابًا وعودة، ولم يبقَ من عمره صلى الله عليه وسلم بعدها إلا نحو ثمانية عشر شهرًا نزلت فيها سورة التوبة[4]، وكانت الأمة في أشد الحاجة إلى توجيهاتها وإرشادها، وكانت بما نزلت به من أحكامها وأوامرها تطهيرًا للحرم المكي من الشرك والمشركين، وتطهيرًا للمجتمع من شوائب النفس، ورُعُونات القلوب، ورواسب الحياة الجاهلية في المعتقدات والطِّباع، والعادات والتصرفات، لا سيما أن هذا المجتمع الجديد الذي قام على الإسلام لم يبقَ حكرًا على نُخْبَتِهِ المؤسِّسة الأولى من المهاجرين والأنصار، الذين سبقوا إلى الإسلام وطالت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنفقوا في سبيل الله وقاتلوا، بل انضاف إليهم أضعفَ منهم إيمانًا، وأوهى تربية وإعدادًا نفسيًّا وعقديًّا، من مسلمة الفتح طُلَقاءَ وعُتَقاءَ، ومن غيرهم في الأطراف والقبائل والأعراب، فكان من حكمة الله تعالى وضرورة المرحلة الأخيرة للنبوة في الأرض أن تنزل سورة التوبة[5]، تمده صلى الله عليه وسلم بما يُصلِح دخائل النفوس، ويُقوِّي ضعف الإيمان، ويثبت القلوب، ويُرمِّم الصف، ويكشف عَوَار المنافقين كي يؤمن من آمن منهم بصدقٍ، ويكفر من كفر عن بينة، من كفر فله كفره ونتيجة كفره، ومن آمن فله إيمانه وثمار إيمانه، كما كانت علاجًا للشرك في المجتمع، وكَنْسًا للوثنية من الحَرَمِ، وميثاقًا غليظًا بين المسلمين من المهاجرين والأنصار وبين من أسلم بعدهم، وتحريرًا لهم من الروابط المثبِّطة والوشائج الْمُضَلِّلة الفاسدة، وأثرها في التصرفات والاختيارات، واستخلاصًا من التِّيه والضلالة، وإعلاء لشأنهم حاضرًا ومستقبلًا، على نمطٍ لم تعرفه جاهليتهم، وبمنهج ربانيٍّ جديد يعيد صياغة الفرد فيهم والأسرة والمجتمع والأمة في بوتقة واحدة، تؤهِّلهم لسعادة الدنيا والآخرة، وتُعِدُّهم لمرحلة ما بعد النبوة، والتحاقه صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى؛ ولذلك نزل الوحيُ في سورة التوبة يخاطبهم مباشرة؛ بقوله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ [التوبة: 23]، والآية بذلك حكمٌ شرعي عامٌّ لجميع المسلمين في كل عصر، موجَّه إلى الجيل الأول من مسلمي البعثة النبوية إرشادًا وتحذيرًا، وعلاجًا لآفات أخذت تظهر في بعضهم، وتفشو في مجتمعهم، وتكاد تُضْعِف صفُّهم، وتُفرِّق كلمتهم، وتهدم دولتهم الإيمانية الحديثة، لا سيما وقد ذرَّ قرنها من قِبل بالمدينة، في تصرف خاطئ من حاطب بن أبي بلتعة، وهو من كرام الصحابة البدريين؛ إذ استخفَّتْه نعرة القرابة، فكتب إلى بعض مشركي مكة من أقاربه سرًّا، يُعلِمهم فيه بما عزم عليه النبي صلى الله عليه وسلم من قتالهم؛ كي يتخذ له بذلك يدًا عندهم يحمونه بها، ثم برز قرناها معًا في غزوة تبوك بين ضَعَفَةِ الإيمان وبعض المنافقين من فتنة الميل إلى الاعتزاز بالأنساب العائلية والقبلية والمناطقية، والاستعلاء بها على الانتساب للعقيدة، واتخاذها الركن الركينَ انتماءً وتمسكًا وافتخارًا، مما ورد عنها عدد من الروايات؛ منها ما أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلًا في السفر، لم يرتحل منه حتى يصلي فيه، فلما كانت غزوة تبوك نزل منزلًا، فقال عبدالله بن أُبِيٍّ: لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرِجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتحل ولم يُصَلِّ، فذكروا ذلك، فذكر قصة ابن أبي ونزل القرآن: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ﴾ [المنافقون: 1]، وجاء عبدالله بن أُبِيٍّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يعتذر ويحلف ما قال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: تب، فجعل يلوي رأسه؛ فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ ﴾ [المنافقون: 5]))، وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد أن عبدالله بن أبي بن سلول، قيل له: تعالَ يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلوى رأسه وقال: ماذا قلت؟[6] ولعله كان يراهن على الوصول للمدينة تشوُّفًا لتمام ما يُدبَّر فيها من تآمُرٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد أبي عامر الفاسق وبعض من تخلَّف عن غزوة تبوك في مسجد الضِّرار من المنافقين، بعد أن فشِلت مؤامرة الاغتيال في العقبة.


والأداة "يا"، في هذه الآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا... ﴾ [التوبة: 23]، للنداء القريب والبعيد، مناداه: "أي"، وأي: نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب، اتصل بحرف "ها" للتنبيه، و"الذين" اسم موصول بدل من "أي"، مبني في محل نصب، و"آمنوا" ماضٍ فاعله واو الجماعة، "لا تتخذوا" لا ناهية جازمة، "تتخذوا" فعل مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فيه فاعل، من فعل "تَخِذَ" الشيء، إذا حازه، خلاف أعطاه، على زنة "فَعِل" مكسور العين، زِيدت فيه ألف وفاء "افتعل"، وقُلِبت الفاء تاء لتناسب التاء الأصلية فصار "اتتخذ"، وأُدغمت التاء الزائدة في الأصلية، وعُوِّضت بالشَّدَّة، فكان الفعل "اتخذ"، "يتخذ"، الشيء؛ أي: جعله، أو صيَّره، أو اصطنعه، أو اعتمده، فهو مُتَّخِذ؛ كما في قوله تعالى: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]، و"آباؤكم" مفعول به أول، والكاف مضاف إليه، "وإخوانكم" معطوف عليه، "أولياء" مفعول به ثانٍ، من فعل "وَلِيَ"؛ قال ابن فارس في معجمه: "الواو واللام والياء: أصل صحيح يدل على قُرْبٍ، والوَلْيُ: القرب، يُقال: تباعد بعد وَلْيٍ؛ أي قرب، وجلس مما يليني؛ أي: يقاربني، والوَلِيُّ: المطر يجيء بعد الوَسْمِيِّ، سُمِّيَ بذلك لأنه يلي الوسمي ويأتي بعده"[7]، والولي الحليف والمعتِق، وكل من تحمَّل عمل شيء، أو تولى حمايته أو اصطناعه أو رعايته، فهو وليُّه، ووليُّ اليتيم والمرأة من يقوم بأمرهما ورعايتهما، وذكر أبو هلال العسكري في (الفروق اللغوية) الفرق بين الولي والمولى فقال: "إن الولي يجري في الصفة على الْمُعان والْمُعين،تقول: الله ولي المؤمنين؛ أي معينهم، والمؤمن ولي الله؛ أي المعان بنصر الله عز وجل، ويُقال أيضًا: المؤمن ولي الله، والمراد أنه ناصر لأوليائه ودينه، والله ولي المؤمنين بمعنى أنه يلي حفظهم"، والجملة استئنافية مَسُوقة للرد على ما قالوه بعدما أمر الله تعالى بالتبرؤ من المشركين، فقد قالوا: كيف يمكن أن يقاطع الرجل أباه وأخاه؟ فرد الله عليهم قائلًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ [التوبة: 23]؛ أي: إن مقاطعة الرجل أهلَه في الدين واجبة؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 257]، والولاء لله بذلك فعل إيجابي، وثمرة لموقف إيجابي، بين الوليِّ والْمَولى، هي المحبة التي منبتها القلب وغذاؤها المعرفة؛ ألَا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد والبخاري، عن عبدالله بن هشام رضي الله عنه قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر: والله لأنت يا رسول الله أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يا عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: والله، أنت الآن أحب إليَّ من نفسي، قال: الآن يا عمر))، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه، وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يُلقى في النار))؛ ولذلك قيَّد الحق تعالى الولاء بالمودة وهي المحبة؛ في قوله عز وجل: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]؛ لأن المحبة ثمرة للإيمان، وثمرة المحبة الولاء، وثمرة الولاء النُّصْرة، والولد الذي لا يحب والده لا ينصره ولوِ ادَّعى، والأخ الذي لا ينصر أخاه لا يحبه ولو زعم، والزوجة التي لا تحب زوجها لا تنصره ولو تصنَّعت أو اصطنعت؛ لذلك حرم الله المودة التي تثمر التناصر بين المؤمنين والكفار المحاربين، ولو كانت سرًّا ومن وراء حجاب؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [الممتحنة: 1].


إن هذه الآية الكريمة: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ [التوبة: 23]، تُعَدُّ لَبِنة أساسية صلبة، وركنًا ركينًا في بناء المجتمع المسلم والأمة المسلمة؛ لأنها تحرم تحريمًا جازمًا اتخاذَ أقرب الناس إلى المرء من غير المسلمين أولياء، أو محط مُسارَّة أو مخابرة؛ لأن المؤمن يضع نفسه بذلك في تنافٍ مع دينه وعاطفته وولائه؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب امرئ، ولا يجتمع الكذب والصدق جميعًا، ولا تجتمع الخيانة والأمانة جميعًا))[8]، ولكنه تعالى قيَّد تحريم هذا الولاء للآباء والإخوان بحالة كفرهم، وما داموا كفارًا، ولاؤهم وحبهم ونصرتهم لغير المسلمين؛ فقال عز وجل: ﴿ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ﴾ [التوبة: 23]، و"إن" شرطية، و"استحبوا" فعل وفاعل في محل جزم فعل الشرط، و"الكفر" مفعول "استحبوا"، و"على الإيمان" جار ومجرور متعلقان بفعل "استحبوا" المتضمن معنى "اختاروا"، ثم هدَّدهم تعالى بنتيجة مخالفتهم؛ فقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [التوبة: 23]، الواو استئنافية، و"مَن" شرطية مبتدأ، و"يتولهم" فعل الشرط رُوعِيَفيه اللفظ فأُفْرِد، و"منكم" حال، والفاء رابطة، و"أولئك" مبتدأ، و"هم" ضمير فصل أو ضمير مبتدأ، و"الظالمون" خبر "أولئك"، أو خبر "هم"، والجملة خبر "أولئك"؛ أي: إن فضَّلوا الكفر واختاروه، أو إن دعوتهم إلى الإيمان فأعرضوا؛ أي: والذين يختارون منكم الولاء للكفار هم الظالمون حقًّا لأنفسهم؛ لأنهم أوردوها موارد الهلاك، ولأُمِّتهم؛ إذ والَوا أعداءها فخانوها، ولعهدهم الأزلي[9] مع الله؛ إذ نقضوه واستحقوا عقابه، ولا يجوز أن يكون بينكم وبينهم محبة أو ولاء أو نصرة، إلا أن يؤمنوا.


والآية بمعناها حكم عام ومُطلَق لكل مسلم ما دام مسلمًا، وإنْ زَعَمَ بعض المحدثين والرواة - وفيهم مقاتل – أن سبب نزولها رِدَّةُ سبعة مهاجرين عن الإسلام، وعودتهم إلى مكة من المدينة[10].


وبعد أن حرَّم تعالى موالاة الكفار من الآباء والإخوان؛ حماية للصف المسلم ورصًّا لبنيانه، خاطب المترددين في تجنُّب مكامن الخيانة، ومظانِّها بين الأقارب المشركين، محذِّرًا من التقصير، مفصلًا أصناف القرابات الناشئة عن الأُبوة والأُخوة، التي ينبغي عدم الركون إليها ما دامت كافرة، ومنبهًا إلى تنافي الإيمان الذي أعلنوه مع مواقف المودة في هذه العلاقات، داعيًا إلى الاختيار الرشيد الذي ينقذون به أنفسهم في الدنيا والآخرة؛ فقال عز جل: ﴿ قُلْ ﴾ [التوبة: 24]، لهم يا محمد، مذكِّرًا ومنبهًا ومحذرًا: ﴿ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ ﴾ [التوبة: 24]، إن كان ولاؤكم للكفار من الآباء والأبناء والإخوان، والأزواج والعشيرة، بطنًا وقبيلة، وأول همِّكم في الدنيا ﴿ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا ﴾ [التوبة: 24]؛ أي: اكتسبتموه وتحرصون على تنميتها، ﴿ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا ﴾ [التوبة: 24]، وتجارة تنمونها، وتخافون بوارها ونفادها، ﴿ وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ﴾ [التوبة: 24]، وبيوت أو قصور تشيدونها وتفاخرون بسكنها، ﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 24]، أولى لكم من محبة الله، واتباع شريعته، والدفاع عن دينه، ونشر كلمته، ﴿ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 24]، ومن محبة رسوله واتباعه ونصرته، ﴿ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ ﴾ [التوبة: 24]، ومن الجهاد في سبيل الله بالمال والجهد والنفس، ﴿ فَتَرَبَّصُوا ﴾ [التوبة: 24]، فانتظروا وترقَّبوا ﴿ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [التوبة: 24]، إلى أن يأتيكم الله بنتيجة اختياراتكم، وثمار ولاءاتكم، ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، والله لا يهدي الفاسق الكافر إن بيَّن له فلم يَسْتَبِنْ، وهداه فلم يهتدِ، وأرشده فأصرَّ على الضلالة والغيِّ، والآية بهذا التهديد الصارم دليل على وجوب اختيار مصالح الدين، إذا تعارضت مع مصالح الدنيا.


ولئن ذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآيات نزلت في شأن المهاجرين إذ أمروا بالهجرة فقالوا: "إن هاجرنا، قطعنا آباءنا وأبناءنا وعشائرنا، وذهبت تجارتنا"، فإن هذا المذهب منهم لا يستقيم؛ لأن الأمر بالهجرة كان في مكة من اليوم؛ الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم لأصحابه في مكة وهو مُحاصَر بها: ((إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانًا ودارًا تأمنون بها...))، فخرجوا مهاجرين أرسالًا، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكةَ ينتظر إلى أن أذِن له ربه في الخروج من مكة، والهجرة إلى المدينة؛ وحذَّر من التخلف عنها بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [الفاتحة: 97]، وذلك قبل مدة طويلة من فتح مكة؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استُنْفِرْتُم فانفروا))، وقبل مدة أطول من نزول هذه الآية من سورة التوبة في فترة انتقالية دقيقة إلى الفتح والغزو، ومعارك حنين وتبوك، والإعداد لجيش أسامة وغزو الروم؛ لذلك نرى أنها نزلت لمعالجة حالات آنية ومستقبلية تتطلب تحفيزًا للهِمَمِ، وتحشيدًا للقوة، وإعدادًا لِما يخطط له الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر ربه، واستكمالًا لدولة الإسلام الناشئة، لا سيما وقد بدا من بعض المسلمين التردد في الإقبال على الجهاد، والشعور بالاطمئنان بعد تراكم ثروات غنائم الفتوح في أيديهم، مما حبَّب إليهم الحفاظ على أبنائهم وأهلهم، وتنمية أموالهم وتجاراتهم، ومال بهم للراحة والتوجُّس من خوض معارك قد ينهزمون فيها، وليس لهم قدرة على تحمُّل نتيجتها، فكانت هذه الآيات الكريمة؛ إيقاظًا للهمم، وتهدئة للرَّوع، وعلاجًا إيمانيًّا لِما يختلج في النفوس، من رهاب العودة إلى القتال من جديد، نزل بعدها ما يذكِّرهم بأيام الدعم الإلهي المباشر، والنصر البيِّن، الذي كانوا فيه مجرد غطاء للملائكة يبطِشون بعدوِّهم؛ بقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ﴾ [التوبة: 25]؛ أي: تذكروا نصر الله لكم في أكثر معارككم السابقة، سرايا وغزواتٍ، نصرتم فيها كلها بأمر الله وتدبيره، وإرادته وقدرته، كان نصركم في بدر في السنة الثانية للهجرة بالملائكة[11]؛ وقال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9]، وكان في غزوة الأحزاب في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة، كذلك بالملائكة؛ إذ حرَّض فيها يهود بني قريظة قبائل العرب على غزو المدينة، وقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ونسف دولة الإسلام الناشئة، فتحالفت معهم على ذلك قريش وكنانة، والأحابيش وغطفان، وفزارة وبنو مُرَّة، وأشجعُ وبنو أسد وسُلَيم، وغيرهم، وأحاطوا بالمدينة من شمالها، فحفرتم دونهم خندقًا، عجزوا عن تجاوزه واقتحامه، وضربوا عليكم حصارًا دام أكثر من عشرين يومًا تعرَّضتم فيها للأذى الشديد، فألقىالله الرعب في قلوبهم، وسلَّط عليهم الرياح الباردة، والعواصف الشديدة، والأمراض، فلم يثبُت لهم راجلٌ ولا راكب، وتشتَّت جمعهم، وانقلبوا خائبين؛ قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9 - 14].


ثم عقَّب تعالى فذكَّرهم بأشد هزائمهم وضوحًا حين فرُّوا من معركة حنين، ثم انقلبت هزيمتهم نصرًا بأمر الله فقال عز وجل: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ﴾ [التوبة: 25]، وحنينٌ وادٍ بينه وبين مكة حوالي سبعة وعشرين كيلومترًا في اتجاه عرفاتٍ، بين مكة والطائف كان ميدانًا للمعركة، ﴿ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ﴾ [التوبة: 25]، المؤلَّفة من جيش المهاجرين والأنصار، البالغ عددهم عشرة آلاف مقاتل، معهم ألف مقاتل من الطلقاء والعتقاء مُسْلِمة الفتح، وفيهم المنافق المصرُّ على شِرْكِهِ، ومن يتربص بالمؤمنين الدوائرَ، ومن يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم أو يرجو موته، وفيهم ضعفاء الإيمان والشبان الذين يَرْجُون الغنيمة، ومن انضاف إليهم من الأعراب من سُلَيمِ وبني كلاب، وعبس وذبيان، فهال بعضكم العدد، وأُعجِبوا به، واغتروا حتى قالوا: "والله لا نُهزَم اليوم من قلة عدد أو عدة"،﴿ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ﴾ [التوبة: 25]، لم تنفعكم هذه الكثرة بشيء في مواجهة الهزيمة، ﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ﴾ [التوبة: 25]، ضاقت من شدة خوفكم وهلعكم عند الصدمة الأولى، ﴿ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25]، مُولِّين الأدبار لا تلوون على شيء، وتركتم خلفكم رسول الله مع قلة من أصحابه في مواجهة العدو.


لقد وقعت معركة وادي حنين في شوال من السنة الثامنة للهجرة، بعد فتح مكة بشهر واحد في العشرين من رمضان، في السنة الثامنة نفسها، عندما غضبت القبائل الكبيرة المجاورة لمكة، وفي مقدمتها ثقيف وهوازن، ونصر وجُشَم، وسعد بن بكر لدخول المسلمين مكةَ منتصرين، فقرروا قتالهم لاستخلاص مكة منهم، والقضاء عليهم، يقودهم مالك بن عوف، وبيَّتوا لجيش المسلمين ليلًا في مضايق وادي حنين، وأعاليه ومداخله، وبين صخوره، وأعدَّ الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش، ثم عبَّأ في السَّحَرِ الصفوف، ووضع الألوية والرايات في أهلها، فدفع بلواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبلواء الأوس إلى أُسَيدِ بن حُضَيرٍ رضي الله عنه، ولواء الخزرج إلى حبَّاب بن المنذر رضي الله عنه، واستعمل على مكة عتَّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، ثم استقبل وادي حنين في الغسق، وإذا بالنبال تمطر عليهم من كل حَدَبٍ وصَوْبٍ، قبل أن يصلوا ميدان المعركة، وإذا بكتائب العدوِّ قد شدَّت عليهم شدة رجل واحد، فانهزم المسلمون راجعين فرارًا، لا يلوي أحدٌ على أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم وحده يناديهم لا يُقبَل نحوه أحدٌ إلا قُتِلَ؛ ويقول: ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب)، ويقول: ((أي رب آتني ما وعدتني))، ولم يبقَ معه عندما فرَّ الناس إلا أربعة[12]: ثلاثة من بني هاشم؛ هم: علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيده راية المهاجرين، والعباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه بين يديه، وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب رضي الله عنه آخذٌ بالعِنان، ورابعهم في الجانب الأيسر من هذيل هو عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وكان للطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف والقبائل المجاورة، وحُدَثاء الإيمان والمنافقين، ومتطوعة الأعراب أخطرُ دور في الاستدراج لهذه الهزيمة؛ إذ كانوا أول المنجفلين للخلف، وأسرعهم إلى الفرار وإثارة الخوف وروح الهزيمة، والهروب من المعركة، بهم اضطرب الصف كله وكانت الهزيمة؛ كما ورد في قول قتادة: "ذُكِرَ لنا أن الطلقاء انجفلوا يومئذٍ بالناس، فلما انجفل القوم هربوا"، وقوله: "يُقال: إن الطلقاء من أهل مكة فرُّوا وقصدوا إلقاء الهزيمة في المسلمين، وبلغ فلُّهم مكةَ"، وقوله هذا إشارة إلى أن الخيانة وحداثة عهد بعض المقاتلين بالإسلام، وعدم تخلصهم من رواسب الجاهلية، كانت من أهم أسباب هذه الهزيمة؛ يزيدها وضوحًا ما رواه الترمذي في صحيحه عن أبي واقد الليثي: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة حنين مرَّ بشجرة للمشركين كانوا يُعلِّقون عليها أسلحتهم يُقال لها: ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ [الأعراف: 138]، والذي نفسي بيده لتركَبُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم))، وطفِق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القلة الصامدة ثابتًا، يركض بغلته قِبَلَ الكفار، ويقول: ((أي عباس، نادِ أصحاب السَّمُرَة))[13]، فنادى العباس وكان صيِّتًا: يا عباد الله، يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، فكرُّوا عنقًا واحدًا، يقولون: لبيك لبيك، ثم اقتتلوا والكفار، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: ((حَمِيَ الوطيس))[14]،ثم أخذ صلى الله عليه وسلم حَصَيات، فرمى بهن وجوه الكفار وقال: شاهت الوجوه، ثم قال: ((انهزموا ورب الكعبة))، فانهزموا وفرَّ قائدهم مالك بن عوف ومن معه من رجالات قومه، والتجؤوا إلى الطائف، وتحصنوا بها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرهم فريقًا من الصحابة حاصروهم وقاتلوهم، حتى حسموا الأمر معهم.


إن المسلمين لم يُبتلوا بالهزيمة تأديبًا لهم إلا في موقعتين؛ موقعة أُحُدٍ بمخالفتهم أوامر قيادتهم النبوية التي تأتمر بأمر ربها، ثم في حنين باغترارهم وإعجابهم بأنفسهم، لولا أن الله تداركهم برحمة منه ونصر من عنده؛ كما بيَّن عز وجل ذلك بقوله عقب الهزيمة: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 26]، بثَّ في قلوبهم الشعور بالأمن والطمأنينة والمعية الإلهية، ﴿ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 26]؛ هُمُ الملائكةُ يُثبِّتون المسلمين، ويُثبِّطون المشركين، ﴿ وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التوبة: 26]، بالهزيمة والقتل وذل الأسر، ﴿ وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 26]، وذلك حصاد المشركين من مواقفهم الكفرية العدوانية في الدنيا، ولعذاب الآخرة أشد وأنكى، ﴿ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ﴾ [التوبة: 27]؛ أي: ثم يتوب الله تعالى بعد هذه الهزيمة في حنين، وفي كل حين على من يشاء ممن كفر به، أو خالف أمره، بحكمته ومغفرته ورحمته سبحانه، ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 27]، واسع المغفرة والرحمة؛ لقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [النجم: 32]، وقوله سبحانه: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54].


ثم بالتفاتٍ ليِّنٍ لطيف، عاد الوحي الكريم لصلب الموضوع الذي نزلت له سورة التوبة؛ مفاصلة مع الشرك والمشركين في الحرم المكي، وفي المجتمع الإسلامي، والعلاقات الاجتماعية العامة، ورفعًا لِهِمَمِ المترددين بين مصالحهم الشخصية والعائلية، والتجارية والمالية، وبين واجبهم الإيماني الذي عاهدوا الله عليه؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [التوبة: 28]؛ أي: الثابتون منهم والمترددون من ضعَفة الإيمان، ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28]، وأنتم أطهار بالإيمان، والأصل في المسجد الحرام عند تأسيسه أول أمْرِهِ الطهارةُ، ﴿ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ [التوبة: 28]، فلا يجوز أن يقترب منه، أو يدخله المشركون، معلنين كفرهم؛ تحديًا واعتزازًا وتنجيسًا له بشركهم، ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً ﴾ [التوبة: 28]، إن خفتم فقرًا بانقطاع تجارتكم مع المشركين، ﴿ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ﴾ [التوبة: 28]، فالأرزاق ليست بيد المشركين ولا بيد أحد من العالمين، وإنما هي بيد الله، يرزق من يشاء متى شاء، وكيف شاء، وقَدْرَ ما يشاء، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 28]، وتقدير ذلك كله بعلمه الذي وسِع كل شيء وحكمته البالغة.


بهذه الآيات الكريمات من أول سورة براءة إلى الآية الثامنة والعشرين فيها، عالج الوحي الكريم أسس بناء الأمة الإسلامية ودولتها الناهضة، وأقام لها أهم أركانها وأقوى حصونها، توحيدًا خالصًا، وحَرَمًا مركزيًّا آمِنًا، وأمة واحدة شاهدة متميزة، قاعدتها الصلبة الولاء الصارم غير المحابي ولا المرائي، يحميها ربها بخالصه من كل بلاء، وعمادها العقيدة الجهادية الثابتة المتينة، ودعامتها المفاصلة الشعورية والاجتماعية المميزة، بمقتضياتها الإرادية العملية التنظيمية، تخطيطًا للمستقبل وعملًا بما يضمن النماء والنمو، والانتشار والغلبة والبقاء، على مدى الدهر، أمة شاهدة، لا يضرها من خالفها أو عاداها إلى قيام الساعة.



[1] سرية ذات السلاسل قادها في جمادى الآخرة من السنة الثامنة للهجرة عمرو بن العاص بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى قبيلة قضاعة التي كانت تُعِدُّ لغزو أطراف المدينة.

[2] غزوة الطائف قادها صلى الله عليه وسلم في شوال من السنة الثامنة للهجرة، وهي امتداد لغزوة حنين، كان هدفها القضاء على قوات ثقيف وهوازن التي هربت من معركة حنين وتحصَّنت في الطائف.

[3] غزوة تبوك أو غزوة العسرة بأرض قضاعة الخاضعة للروم البيزنطيين، شمال الحجاز على بعد حوالي ألف كيلومتر من المدينة، بعين تسمى "تبوك".

[4] وبعد التوبة نزلت سورة المائدة التي أكملت التشريع، ثم سورة النصر التي ختم بها القرآن والتحق عقبها صلى الله عليه وسلم بربه.

[5] اختتم نزول الوحي بنزول سورة المائدة المكملة للتشريع في حجة الوداع من السنة العاشرة للهجرة، ثم بالسورة المودعة (سورة النصر) أيام التشريق من الحجة نفسها.

[6] الدر المنثور لجلال الدين السيوطي.

[7] والْوَسْمِيُّ: أول المطر؛ لأنه يَسِمُ الأرض بالمطر المعشب.

[8] الألباني وقال عن إسناده: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.

[9] العهد الذي أخذه الله تعالى في عالم الغيب على الإنسان؛ بقوله عز وجل: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الأعراف: 172، 173].

[10] لا يكاد يُذكَر أحدٌ ارتدَّ من هذا إلا عبدالله بن سعد بن أبي سرح، وعبيدالله بن جحش، أما عبدالله بن سعد بن أبي سرح، فقد عاد إلى الإسلام عند فتح مكة، شفع له عثمان بن عفان؛ لأنه أخوه من الرضاعة؛ كما في رواية أبي داود والنسائي عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: ((لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، اخْتَبَأَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَجَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَاللَّهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ، فَيَقْتُلُهُ؟ فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُن))؛ [صححه الألباني في: صحيح سنن أبي داود]، وأما عبيدالله بن جحش، فقد تُوفِّيَ بالحبشة أثناء هجرته، ولم تثبت رِدَّته بنقل صحيح أو يُعتَدُّ به.

[11] وبعد انتهاء المعركة أمَرَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم أصحابَه بالتوجُّه إلى بني قريظة، فحاصروهم حتى استسلموا.

[12] فتح الباري لابن حجر وابن أبي شيبة في مرسل الحكم بن عتيبة.

[13] أي بيعة يوم الحديبية عند شجرة السَّمُرة، وقد بايع فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نحوُ ألف وخمسمائة رجل على الفتح والنصرة وأن لا يفروا من الموت، ونزل فيها قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18].

[14] أي اشتدت المعركة، والوطيس حفرة النار التي يخبز فيها أو يُشوى، الكانون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الأولى) شهادة الله تعالى على الأمة آخر عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بها
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الثانية) المفاصلة مع الشرك والمشركين ظاهرًا وباطنًا
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الثالثة) الوفاء للأوفياء والحزم مع الناكثين الطاعنين
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الرابعة) ولائج السوء والبطانات الفاسدة أصل البلاء
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة السادسة) الدولة الإسلامية الناشئة بين سندان أهل الكتاب والمنافقين في الداخل، وبين مطرقة الغزو البيزنطي من الخارج
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة السابعة) {إلا تنصروه فقد نصره الله}
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الثامنة) نشأة النفاق في المجتمع الإسلامي الأول
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة التاسعة) مصارع المنافقين في قلوبهم وألسنتهم وأيديهم
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة العاشرة) للمنافقين خسران وللمؤمنين رحمتان
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الحادية عشرة) المنافقون حسدة بخلاء لمازون
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة الرابعة عشرة) الجهاد جهادان، بالقرآن وبالسنان

مختارات من الشبكة

  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين - سورة يونس الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب