• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

التأمل في اسم الله الحكيم (خطبة)

التأمل في اسم الله الحكيم (خطبة)
الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/9/2023 ميلادي - 26/2/1445 هجري

الزيارات: 4431

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التأمل في اسم الله (الحكيم)

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، أرسل رُسُلَه حُجَّةً على العالمين؛ ليَحْيا من حيَّ عن بينة، ويهلِك من هلك عن بينة، وأشهد أن محمدًا عبدُالله ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير، ترك أمَّتَه على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه، ومَن اقتفى أثره، واستنَّ بسُنَّتِهِ إلى يوم الدين؛ أما بعد عباد الله:

فاتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وآخراكم بتقوى الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

عباد الله: إن الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتُها: معرفةُ العبد ربَّه، فهو ربِّي الله الذي ربَّاني وربى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي ليس لي معبود سواه، فكلما ازداد العبد في معرفة ربه تبارك وتعالى، ارتقى في سُلَّمِ العبودية، فاستسلم لأمر الله القدري والشرعي، كيف لا والله جل جلاله خالق الخلق ومشرع الشريعة، ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]؟

 

فالخلق خَلْقُه، والأمر أمره، والشرع شرعه، فسبحان من قال: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]!

 

واليوم - عباد الله - نتأمل في اسم الله (الحكيم)؛ وهو الذي يحكم الأشياء ويتقنها، ويضعها في موضعها؛ كما قال سبحانه: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88]، فالحكيم هو الذي يضع الشيء في موضعه بقدره، فلا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص، مع ما له سبحانه في ذلك من الحِكَم العظيمة، علِمها مَن علِمها، وجهِلها مَن جهِلها.

 

والحكمة ظاهرة جليَّة في خلقه وأمره ونهيه وعموم شرعه، فشرع الله جل جلاله الذي أنزله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ينطق بالحكمة؛ فالقرآن موصوف بالحكمة؛ قال تعالى: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ [يس: 1، 2].

 

فتشريعاته سبحانه وبحمده كلها حكمة في مقاصدها وأسرارها ومآلاتها، فشريعته حكمة، وخلقه وقدره حكمة، حتى ولو عجزت بعض العقول عن فَهم أبعادها؛ فإن من الحوادث والشرائع ما لا يتبين مداه إلا بعد عصور وأجيال، وما زال العلم البشري يكتشف الشيء بعد الشيء، وحينئذٍ لا ينقضي عجبُك؛ وأنت تقرأ قول ربك: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].

 

فالشرع المطهَّر فيه الحلول الصادقة والمناسبة، الملائمة في شتى أمور الحياة؛ دقيقِها وجليلها، وما أعجب قول المشركين لسلمان الفارسي رضي الله عنه: ((إني أرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى يعلمكم الخِرَاءة، فقال: أجَل، إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه، أو يستقبل القبلة، ونهى عن الرَّوث والعظام، وقال: لا يستنجِ أحدكم بدون ثلاثة أحجار)).

 

عباد الله: إذا تبين ذلك، عُلِمَ أن كل أفعال الله سبحانه وتعالى وأقواله وشرعه مملوءة بالحكمة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها.

 

ومن مقتضيات الإيمان باسم الله (الحكيم) أن تعلم أن جميع أوامر الله مُحْكَمَة، إن علمتها، كان ذلك أقوى في الامتثال، وإن لم تعلمها، فهو أقوى في التعبُّد، فأنت عبدٌ تسمع لسيدك وتطيع.

 

ثم يلزم بعد ذلك ألَّا يُراجَع الله في حكمه أو يبطله؛ قال جل جلاله: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 41]، وليس لنا أن نتعدى حكم الله أو نتجاوزه؛ لأنه لا حكمَ أعدل منه، ممتثلين موقفَ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين طلب منه المشركون أن يجعل بينه وبينهم حكمًا؛ فنزل قول ربنا جل جلاله: ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [الأنعام: 114].

 

ثم يلزمنا الرضا بحكم الله، فهو من صفات المؤمنين، وإن بدا لهم أنه ضد مصالحهم الشخصية؛ قال جل جلاله: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

 

وقبل ذلك يجب ألَّا يكون تحاكُمٌ في أي أمر من أمور الحياة إلا إلى شريعة الإسلام، ثم يلزم بعد ذلك الرضا والتسليم بالحكم الإلهي: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 

عباد الله: إن من حكمة الله جل وعلا أن بيَّن للناس عبادتهم وتقرُّبهم لربهم، فالأصل في العبادات التوقيفُ؛ أي: الدليل، فما دلَّ الدليل على كونه عبادةً، فهو عبادةٌ، وما لا فلا، و((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ))؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها.

 

وبيَّن لنا الإسلام كيفية التعايش فيما بيننا، وبيَّن لنا الحلال والحرام في مأكلنا ومشربنا، ومعاملاتنا وأنْكِحتنا، فالأصل في الأطعمة والأشربة والمعاملات المالية الإباحةُ، إلا ما ورد بالدليل التحريم، فما أعظم سَعَةَ الإسلام! والأصل في الأبضاع التحريم، إلا بالزواج أو ملك اليمين.

 

وأبانت الشريعة حدودَ الحرية ومساحتها، فحرية الإنسان تنتهي حيث تبدأ حدود الله جل وعلا، فنزاع البشرية في نهاية الحرية لا بدايتها؛ ولذا جاءت واضحة في الشريعة: ﴿ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

 

عباد الله: لقد ضبطت الشريعة حقوق الناس وتعاملاتهم، فالأمان والاطمئنان محفوظان لأهل الإسلام والمعاهَدين؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)).

 

وجاء ديننا الكريم بحفظ الدين الذي لا يُكْرِه أحدًا على اعتناقه، فـ((من بدَّل دينه فاقتلوه))، وجاءت شريعة الإسلام لحفظ العقل؛ ولذا جاء حدُّ شرب الخمر؛ حفاظًا على العقل الذي هو مناط التكليف، وجاءت الشريعة لحفظ المال، وحدَّت حدَّ السرقة؛ وهو قطع اليد؛ قال الله جل وعلا: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38].

 

وجاءت شريعتنا الْمُحْكَمَة بحفظ الأعراض واحترامها، وعدم تدنيسها، وعدم إشاعة الفاحشة بين المسلمين، فلا يجوز قذف المحصن أو المحصنة بالزنا أو اللواط، وعلى القاذف الإتيان بأربعة شهود، وإلا حُدَّ في ظهره: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 4، 5].

 

ومن ثبت عليه الزنا بإقرار أو شهود، فحدُّه إن كان محصنًا الرجم، وإن كان بكرًا جَلْدُ مائة، وتغريب عام.

 

وهذه الحدود حقٌّ لله جل وعلا، فلا يجوز لأحد التنازل عنها، والشفاعة فيها، إذا رُفعت للحاكم، ومن قُتِلَ عمدًا، خُيِّر أولياء دمه بين القتل والدِّيَة والعفو، ويبقى حق الله وحق المقتول، ومن قُتِلَ وكان قتله شبه عمد أو خطأ، فله الدية، وإن شاء أولياؤه العفوَ، فلهم ذلك.

 

عباد الله: لا يخفى على عاقل مدرك أن الأمن مطلوب لإقامة الدين وشرائعه، والدنيا ومطالبها، فمن أخَلَّ بالأمن، ونشر الرعب في قلوب الناس، وأفسد في الأرض بسفك الدماء، أو سلب الأموال، أو هتك الأعراض، أو قطع الطريق على المسافرين، أو زرع المتفجرات في المباني، أو الطائرات والسيارات وغيرها، أو زرع الأفكار الهدَّامة الضالَّة المخالفة لشرع الله، أو اختطاف الرهائن والتهديد بقتلهم، أو ترويج المخدِّرات، أو تزييف العملات، أو عمل عملًا يفكك لحمة أهل الإسلام، ويفرِّق كلمتهم، فهو محارب لله ولرسوله يُحَدُّ بحدِّ الحرابة؛ قال الله جل جلاله: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33].

 

عباد الله: إقامة شرع الله جل وعلا مطلوبُ ربنا جل وعلا، وإقامة الحدود فيها حِكَمٌ عظيمة، فيها حفظ الضروريات الخمس التي جاء الإسلام بالحفاظ عليها؛ حفظ الدين، والبدن، والعقل، والنسل، والعِرض، والمال.

 

وفيه استتبابُ الأمن في المجتمع وحمايته، فشرع الله تلك العقوباتِ رحمةً بالعباد؛ ليحفظ للناس حقوقهم، وليقيم العدل فيما بينهم، ولكي يرتدع المجرمون عن جرمهم، وردع الناس وزجرهم عن الوقوع في المعاصي والتنكيل بالمجرم وردعه؛ تكفيرًا لذنبه، وتطهيرًا له من دنس جريمته.

 

ومن حكمة إقامة الحدود دفعُ الشرور والآثام والأسقام عن الأمة؛ فإن المعاصي إذا فَشَتْ وانتشر البلاء والفساد، ارتفعت عنها النعم والرخاء؛ "فما وقع بلاء إلا بذنب، وما رُفِعَ إلا بتوبة"، وخير سبيل لحماية الأمة من الفساد هو إقامة الحدود؛ وفي الحديث: ((إقامة حدٍّ في الأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة)).

 

ولربما دخَلَ في أصل معتبر في الشريعة؛ وهو أن إقامة الحدود وشرع الله له الأثر العظيم على رزق الناس وبركات الأرض؛ قال الله جل جلاله: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُالله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين؛ أما بعد عباد الله:

فاحمَدوا ربَّكم على نعمة الأمن والإيمان، أسأل الله جل جلاله بعزَّة جلاله، وكمال عظمته، أن يُدِيم علينا وعليكم نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، فهي نعمة لا يعرف قدرها إلا من فقدها.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمورنا.

 

اللهم اجعلنا معظِّمين لأمرك، مؤتمرين به، واجعلنا معظِّمين لِما نهيتَ عنه منتهين عنه، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تُعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين، وأن تدمر أعداء الدين، وأن تنصر من نصر الدين، وأن تخذُل من خذله، وأن تواليَ من والاه، بقوتك يا جبار السماوات والأرض.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولاة أمرنا لِما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.

 

اللهم من أرادنا وأراد ديننا وأمننا، وشبابنا ونساءنا بسوء وفتنة، اللهم اجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره دمارَه، يا سميع الدعاء، اللهم كُنْ لإخواننا المرابطين على الحدود، وجازِهم خير الجزاء، اللهم اقبل من مات منهم، واخلفهم في أهليهم يا رب العالمين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمع كلمتهم على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم بواسع رحمتك وجودك وإحسانك يا ذا الجلال والإكرام، اجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وتفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وجازِهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حيًّا فأطِلْ عمره، وأصلح عمله، وارزقنا بره ورضاه، ومن سبق للآخرة فارحمه رحمة من عندك تغنيهم عن رحمة من سواك.

 

اللهم ارحم المسلمين والمسلمات، اللهم اغفر لأموات المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، اللهم جازِهم بالحسنات إحسانًا، وبالسيئات عفوًا وغفرانًا يا رب العالمين.

 

اللهم احفظنا بحفظك، واكلأنا برعايتك، ووفِّقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك.

 

اللهم أصلحنا وأصلح ذريتنا وأزواجنا، وإخواننا وأخواتنا، ومن لهم حق علينا يا رب العالمين.

 

اللهم ثبِّتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين، اللهم كن لإخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم بالشام وكل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الصمد، تصمُد إليك الخلائق في حوائجها، لكل واحد منا حاجة لا يعلمها إلا أنت، اللهم بواسع جودك ورحمتك وعظيم عطائك، اقضِ لكل واحد منا حاجته يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وجازِهم عنا خير ما جزيتَ والدًا عن ولده، اللهم من كان منهم حيًّا فأطِلْ عمره، وأصلح عمله، وارزقنا برَّه ورضاه، ومن كان منهم ميتًا فارحمه برحمتك التي وسعت كل شيء، وجميع أموات المسلمين، يا أرحم الراحمين.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التأمل في الأسماء والصفات وفهم معانيها والتدبر فيها
  • التأمل في مفعولات الله وآياته الكونية
  • دور التأمل في الوصول إلى الحكمة
  • النظر والتأمل في إنزال الغيث

مختارات من الشبكة

  • خطبة التأمل في اسم الله الرقيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبادة التأمل والتفكر في الأديان الكبرى المعاصرة دراسة عقدية مقارنة لرؤى اليوبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التأمل النافع(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التأمل والتفكر في نعم الله علينا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التأمل في الكون (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • التأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والقرون المفضلة في جهاد الكافرين(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • من كلمات التأمل (10)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من كلمات التأمل (9)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من كلمات التأمل (8)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من كلمات التأمل (7)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب