• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

لا تغضب ولك الجنة

لا تغضب ولك الجنة
د. خالد أحمد عبدالساتر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/9/2023 ميلادي - 17/2/1445 هجري

الزيارات: 15601

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا تغضب ولك الجنة


أنواع الغضب:
الأول: الغضب المحمود المشروع.

وهو ما كان لله تعالى عندما تنتهك محارمه، وما كان دفاعًا عن نفسٍ، أو عرضٍ، أو مالٍ، أو دينٍ، أو حقوق عامة، أو نصرة مظلوم، وكذلك الغضب لما يحدث للمسلمين من سفك للدماء، وانتهاك للأعراض، واستباحة للأموال، وتدمير للبلدان بلا حق.

 

فالغضب إذن أوجده الله في الإنسان؛ ليقع في مكانه، ويكون التصرف بعده وفق ما يقتضيه العقل، وجاء به الشرع، وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان؛ إذ إن الذي لا يغضب في هذا المحل ضعيف الإيمان، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى ‌قَوْمِهِ ‌غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 150].

 

وكان غضب النبي صلى الله عليه وسلم لله عز وجل، إذا انتهكت محارمه، فعن أم المومنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما؛ ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه؛ إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها))[1].

 

فقد غضب صلى الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي يطول الصلاة، فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبًا من يومئذٍ فقال: ((أيها الناس إنكم منفرون، فمَنْ صلَّى بالناس فليُخفِّف؛ فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة))[2].

 

وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت، فعن أم المومنين عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتشفع في حَدٍّ من حدود الله))، فقال له أسامة: أستغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختطب، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: ((أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها[3].

 

وغضب لما لبس عليٌّ رضي الله عنه الحرير، فعن علي رضى الله تعالى عنه قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، فبعث بها إليَّ، فلبستها، فعرفت الغضب في وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إني لم أبعثْ بها إليك لتلبَسَها إنما بعثتُها إليك لتُشَقِّقَها خُمُرًا بينَ النساءِ))[4].

 

وغضب لما تشدد الناس، فعن أم المومنين عائشة رضي الله عنها قالت: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر، فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال: ((ما بال أقوام يرغبون عما رُخص لي فيه، فوالله لأنا أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية))[5].

 

وغضب لما رأى تصاوير في الستر الذي وضعته عائشة، فعن أم المومنين عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متستِّرة بقِرام فيه صورة، فتلوَّن وجهه، ثم تناول الستر فهتكه، ثم قال: ((إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذي يُشَبِّهون بخلق الله))[6].

 

وغضب لما رأى نُخامةً في القبلة، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه، حتى رؤي في وجهه، فقام، فحكه بيده، فقال: ((إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته؛ ولكن عن يساره أو تحت قدميه))، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: ((أو يفعل هكذا))[7].

 

الثاني: الغضب المذموم.

وهو الغضب في غير الحق، وما كان انتقامًا للنفس، وفي سبيل الباطل والشيطان، وكان باعثه الكِبر والجدال، وهذا هو الذي حذَّر منه الحديث الشريف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: ((لا تغضب))، فردد مرارًا: ((لا تغضب))[8].

 

فالإسلام يأمر أتباعه بعدم الغضب؛ بمعنى: اجتناب أسباب الغضب، فإنْ غلبَه الغضبُ، فتمكَّن منه، ولم يستطعْ دَفعْه، فينبغي ألَّا يتجاوز حدَّه، وأن يمسك لسانه ويده؛ فإنَّه إن ظفر بذلك؛ فكأنَّه لم يغضبْ، عن أبي هريرة رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصُّرَعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))[9]، قال ابن رجب: (تكرار النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم "لا تغضبَ" يدلُّ على أنَّ الغَضَب جِماعُ الشرِّ، وأنَّ التحرُّز منه جماعُ الخير)، قال ميمون بن مهران: (جاء رجل إلى سلمان رضي الله عنه فقال: يا أبا عبدالله، أوصني، قال: لا تغضب، قال: أمرتني ألَّا أغضب، وإنه ليغشاني ما لا أملك، قال: فإن غضبت فاملك لسانك ويدك)[10].


ويأمر الإسلام بكظم الغيظ، قال تعالى: ﴿ ‌وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 134]، ويروى أن جارية لعلي بن الحسين جعلت تسكب عليه الماء ليتوضأ، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه، فرفع علي بن الحسين رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله عز وجل يقول: ﴿ ‌وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾، فقال لها: قد كظمت غيظي، قالت: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، فقال لها: قد عفا الله عنك، قالت: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾، قال: اذهبي فأنت حرة[11]، وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (مَنْ خاف الله لم يَشْفِ غَيْظه، ومَنْ اتَّقى الله لم يصنع ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون)[12]، وقال: (دُمْ على كَظْم الغَيْظ تُحْمد عواقبك)[13]، وكان معاوية رضي الله عنه يقول: (ما غضبت على من أقدِر عليه، ومن لا أقدِر عليه؛ لأن الغضب تعب لا فائدة منه، فلا يشفي صاحبه، ولا يضر بالمغضوب منه)، وقال الحسن البصري رَحِمَهُ اللهُ: (أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان، وحرمه على النار: من مَلك نفسه عند الرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب)، وقال ابن عبد البر رَحِمَهُ اللهُ: (مَن كَظَم غَيْظَه وردَّ غَضَبه؛ أخزى شيطانه، وسَلِمت مروءته ودينه)[14]. وقال الإمام الغزالي رَحِمَهُ اللهُ: (فأقل الناس غضبًا أعقلهم، فإن كان للدنيا كان دهاءً ومكرًا، وإن كان للآخرة كان حلمًا وعلمًا)[15]، وقال الرَّاغب رَحِمَهُ اللهُ: (كَظْمٌ يتردَّد في حلقي، أحبُّ إليَّ من نقص أجده في خُلُقي)[16]، وقيل: (اصبر على كَظْم الغَيْظ، فإنَّه يُورث الرَّاحة، ويؤمِّن السَّاحة)، وقال الأحنف رَحِمَهُ اللهُ: (كنَّا نعدُّ المروءة: الصَّبر على كَظْم الغَيْظ، ومن لم يصبر على كلمة، سمع كلمات)[17]، وقال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: (إذا اقتدحت نار الانتقام من نار الغضب ابتدأت بإحراق القادح، أَوْثِقْ غضبك بسلسلة الحلم، فإنه كلب إن أفلت أتلف)[18]، وقيل لابن المبارك: اجمع لنا حسن الخلق في كلمة واحدة؛ فقال: (ترك الغضب)، وصدق القائل حيث قال:) إياك وعزة الغضب فإنها تفضي إلى ذل العذر).

 

إن المشكلة تكمن في أننا لا نحسن الغضب إن غضبنا، ولم نُربِّ أنفسنا وأولادنا كيف نغضب؟ ولماذا نغضب؟

 

أسباب الغضب:

بواعث الغضب، وأسبابه كثيرة جدًّا، والناس متفاوتون فيها، فمنهم مَن يَغضب لأمر تافه لا يُغضب غيره وهكذا، فمِن أسباب الغضب:

أولًا: البيئة المحيطة: فعندما يعبر الآباء عن انفعالاتهم في صورة غضب، فإن الأطفال يميلون إلى تقليدهم في التعبير عن مشاعرهم، وقد تحيط بالمرء بيئة مليئة بأشرار، يحسبون التهور شجاعة، وطغيان الغضب الموجب للظلم رجولة، فتتأثر نفسه بذلك، وتصبح سرعة الغضب عادة له وشعارًا، قال الغزالي رَحِمَهُ اللهُ: (ومن أشد البواعث عليه عند أكثر الجهال: تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية، وعزة نفس وكِبر همة)[19].

 

ثانيًا: عدوان الآخرين بأي لون من ألوان العدوان: سواء كان سخرية، أو استهزاء، أو تجسسًا وتتبعًا لعوراته، أو غيبة ونميمة، أو سبًّا وتجريحًا، أو ضربًا وتعذيبًا، ولعل هذا هو السبب في تحذير الله ورسوله من العدوان على الآخرين دون مبرر يقتضي ذلك، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ ‌قَوْمٌ ‌مِنْ ‌قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

 

ثالثًا: العُجب بالرأي والمكانة، والنسب والمال، ذلك أن المستعلي المتكبر في الأرض بغير الحق يتأثر كلما فاته ما يعتقد أنه يستبقي عظمته، ومنزلته بين الناس، روي أن يحيى بن زكريا لقي عيسى بن مريم صلى الله عليهما وسلم فقال: أخبرني بما يُقرِّب من رضا الله، وما يُبعد من سخط الله؟ فقال: لا تغضب، قال: الغضب ما يبدؤه وما يعيده؟ قال: التعزز والحمية والكبرياء والعظمة.[20]


رابعًا: المِراء، ذلك أن كلًّا من المتجادلين يريد الانتصار على الآخر، ولو بالباطل، وحين لا يتم له ذلك يغضب ويثور، قاصدًا السطو أو الانتقام، لا سيما إذا كان يرى نفسه أقوى وأشد ممن يناظره أو يجادله.


خامسًا: المزاح، فإنه إذا تجاوز حدود الحق إلى الباطل أدى إلى الخصومة، وتنتهي الخصومة إلى إشعال نار الغضب في القلب بصورة تنعكس على الجوارح، فإذا هي ساعية إلى السطو والانتقام، قال ميمون بن مهران رَحِمَهُ اللهُ: (إذا كان المزاح أمام الكلام كان آخره اللطم والشتام).

 

سادسًا: بذاءة اللسان وفحشه بشتم، أو سب مما يوغل الصدور، ويثير الغضب.


سابعًا: الوصف بما يراه المرء منقصة له أو عيبًا؛ مثلًا أن يقال له: لو كنت رجلًا لفعلت كذا، وأنت لا تريد أن تلقى فلانًا خوفًا منه، وهكذا.

 

ثامنًا: الغفلة عن العواقب المترتبة على الغضب.


أضرار الغضب[21]:

• على الصحة الجسدية:

عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه))[22].

 

1- يزيد الغضب (نتيجة لإفراز هرمونات الإدرينالين والنورإدرينالين) من عدد مرات انقباض القلب في الدقيقة الواحدة، فيضاعف بذلك كمية الدم التي يدفعها إلى الأوعية الدموية مع كل انقباض، وهذا بالتالي:

أ- يجهد القلب؛ لأنه يجعله يزيد عمله عن معدلاته الطبيعية.

 

ب- قد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ؛ إذ إن الغضب يعمل على تقوية سرعة القلب بحيث تخرج عن السيطرة.

 

ج- ارتفاع ضغط الدم؛ حيث إن قلبه يضطر إلى أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المعتاد، ويزيد عن معدله الطبيعي، كما أن شرايينه الدقيقة تتصلب جدرانها، وتفقد مرونتها وقدرتها على الاتساع؛ لكي تستطيع أن تمرر تلك الكمية من الدماء الزائدة التي يضخها قلب الغاضب، والارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفًا دماغيًّا صاعقًا يؤدي إلى إصابة الغضبان بالجلطة المخية، وقد يؤثر على أوعية العين الدموية؛ فيسبب له العمى المفاجئ.

 

2- الإصابة بمرض السكر (لأنه يزيد من تحرر الجليكوجين من مخازنه في الكبد، وتحوله إلى جليكوز مما يرفع السكر الدموي؛ إذ من المعلوم أن معظم حادثات السكر تبدأ بعد انفعال شديد أو غضب).

 

3- ولزيادة إفراز الكورتيزون في أثناء الغضب تزيد حموضة المعدة وكمية الببسين فيها؛ مما يهيئ للإصابة بقرحة المعدة.

 

على الصحة النفسية والاجتماعية:

• يؤدي إلى تعطيل التفكير؛ لذلك كثيرًا ما يندم الفرد على ما يصدره من سلوك أو أقوال في أثناء غضبه.

 

• يؤدي إلى الوحدة بخسارة الأصدقاء، وشماتة الأعداء، واستهزاء الحُسَّاد.

 

• يؤدي إلى تقطيع الأرحام، ووقوع الطلاق، وتهاجر الجيران.

 

• الوقوع في مذلة الاعتذار، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (أول الغضب جنون، وآخره ندم، ولا يقوم الغضب بذل الاعتذار، وربما كان العطب في الغضب).


• قد يؤدي الغضب إلى قتل إنسان، وعندها يخسر الدنيا والآخرة.

 

فوائد كظم الغيظ:

• سبب لدخول الجنة عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تغضب ولك الجنه))[23].

 

• به يبلغ الإنسان درجة الإحسان: وهذه سنة رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ ‌فِي ‌السَّرَّاءِ ‌وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

 

• المباهاة به على رؤوس الخلائق، والفوز بالحور العين: عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه؛ دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء))[24].

 

• النجاة من غضب الله: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يُباعِدُني من غضب الله عز وجل؟ قال ((لا تغضب))[25]، فالجزاء من جنس العمل، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (أقرب ما یكون العبد من غضب الله إذا غضب، واحذر أن تظلم من لا ناصر له إلا الله)[26].


• عظم أجر الكاظمين للغيظ ورفعة مكانتهم: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله))[27].


• خضوع العدو وتعظيمه للذي يكظم غيظه: قال ابن عبَّاس رضي الله عنه في قوله تعالى: ﴿ ‌ادْفَعْ ‌بِالَّتِي ‌هِيَ ‌أَحْسَنُ ﴾ [المؤمنون: 96] قال: (الصَّبر عند الغَضَب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عظَّمهم عدوُّهم، وخضع لهم).

 

• هو قوة: عن أبي هريرة رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصُّرَعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))[28].


• يملأ الله قلبه رِضًا ورجاءً يوم القيامة: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: ((أحَبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحَبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد –يعني: مسجد المدينة– شهرًا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه يوم القيامة رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له؛ ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام))[29]، وفي رواية أخرى: ((ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة))[30].

 

هل يمكن إزالة الغضب؟

اختلف العلماء في إمكانية إزالة الغضب بالكلية، فقيل: قمع أصل الغضب من القلب غير ممكن؛ لأنه مقتضى الطبع، إنما الممكن تضعيفه، حتى لا يتجاوز حدَّه، وأن يمسك لسانه ويده، وقيل: الغضب ممكن الزوال، ولولا ذلك للزم وجوده للأنبياء والصالحين، ولا ريب في بطلانه، وهو الأرجح.

 

فيجب على المسلم العمل على ترويض النفس، وتربيتها بين الحين والآخر على التحلي بفضائل الأخلاق، وكريم السجايا، وحميد الصفات حتى تعتاد الحلم والصفح، وتألف الصبر والتروي، وتتربَّى على عدم الاندفاع، والتسرُّع في الرد، والانتقام عند الغضب سواء بالقول أو الفعل، وهكذا مرة بعد مرة يُصبح ذلك طبعًا عند الإنسان المسلم مقتديًا فيه برسوله صلى الله عليه وسلم الذي كان يسبق حلمه غضبه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما العِلم بالتعَلُّم، والحِلْم بالتحَلُّم، ومن يتحرَّ الخير يُعطه، ومن يَتوقَّ الشر يُوقَه))[31].


علاج الغضب:

أ- اجتناب وإزالة أسباب الغضب، وتجنُّب الدخول إلى مواطن قد تتسبب في غضبه.

 

ب- أن يفكر في نتائج التصرف الذي ستقوم به حال الغضب عليك وعلى الآخرين، وأن يعلم أن تركه إغلاق لباب من أبواب العصيان.

 

ج- استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ، وفضيلة الحلم، والصفح والمغفرة.

 

د- استحضار أن السبب الذي أغضبك واقع في مشيئة الله تعالى، وأنه ساقه إليك ليبتليك ماذا ستفعل.

 

هـ- أخذ الدروس من ثمرة غضبٍ سابقٍ ندم عليه بعد إنفاذه، فمنع الغضب أسهل من إصلاح ما يفسده، قال ابن حبان رَحِمَهُ الله: (المرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على إصلاح ما أفسد به بعد الغضب)[32].


• المرحلة الثانية: عند حدوث الغضب:

أولًا: الاستعاذة بالله من الشيطان، قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا ‌يَنْزَغَنَّكَ ‌مِنَ ‌الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 200]، وعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: كنت جالِسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يستبان، فأحدهما احمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد))، فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعوَّذ بالله من الشيطان))، فقال: وهل بي جنون؟[33] فالشیطان أملك ما یكون للإنسان عند غضبه وشهوته، یفعل به الشیطان ما یشاء.

 

ثانيًا: الوضوء، خطب معاوية بن أبي سفيان يومًا، فقال له رجل: كذبت، فنزل مغضبًا فدخل منزله، ثم خرج عليهم تقطر لحيته ماءً، فصعد المنبر فقال: (يأيها الناس، إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، فإذا غضب أحدكم فليطفئه بالماء)، ثم أكمل خطبته من الموضع الذي وقف عنده[34].

 

قال ابن القيِّم رَحِمَهُ الله: (ولـمَّا كان الغَضَب والشهوة جمرتين من نار في قلب ابن آدم، أمر أن يطفئهما بالوضوء، والصلاة، والاستعاذة من الشيطان الرجيم، كما قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا ‌بِالصَّبْرِ ‌وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45]، وهذا إنما يحمل عليه شدة الشهوة، فأمرهم بما يطفئون بها جمرتها، وهو الاستعانة بالصبر والصلاة، وأمر تعالى بالاستعاذة من الشيطان عند نزغاته، ولـمَّا كانت المعاصي كلها تتولد من الغَضَب والشهوة، وكانت نهاية قوة الغَضَب القتل، ونهاية قوة الشهوة الزنا، جمع الله تعالى بين القتل والزنا، وجعلهما قرينين في سورة الأنعام، وسورة الإسراء، وسورة الفرقان، وسورة الممتحنة؛ والمقصود: أنه سبحانه أرشد عباده إلى ما يدفعون به شر قُوتَي الغَضَب والشهوة من الصلاة والاستعاذة).

 

ثالثًا: التنفس العميق: حيث سيعود الدم إلى الدماغ بعد أن اندفع بالغضب إلى الأطراف؛ مما يجعلك أكثر تركيزًا وهدوءًا، مثل اللاعب الذي يقوم بتسديد ركلات الجزاء يتنفس بعمق قبل التنفيذ ليكون أكثر هدوءًا.

 

رابعًا: تغيير الحال بالجلوس أو الاضطجاع: فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس؛ فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع))[35].


خامسًا: ترك المخاصمة والسكوت: فلا تتكلم حال الغضب، وإذا تكلمت فلا تتكلم بما تندم علیه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علِّموا وبشِّروا ولا تُعسِّروا وإذا غضب أحدكم فليسكت))[36]. قال ابن رجب رَحِمَهُ اللهُ: (وهذا أيضًا دواء عظيم للغضب؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيرًا من السباب وغيره مما يعظم ضرره، فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده)[37].

 

سادسًا: الإكثار من ذكر الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا ‌وَتَطْمَئِنُّ ‌قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، فمن اطمئن قلبه بذكر الله تعالى كان أبعد ما يكون عن الغضب، قال عكرمة رَحِمَهُ اللهُ في قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ ‌إِذَا ‌نَسِيتَ ﴾ [الكهف: 24]؛ (أي: إذا غضبت)[38].

 

سابعًا: قبول النصيحة والعمل بها؛ فعلى مَن شاهد غاضبًا أن ينصحه، ويذكره فضل الحلم، وكظم الغيظ، وعلى المنصوح قبول ذلك، قال ابن عباس رضي الله عنهما قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من القُرَّاء، ومن النفر الذين يدنيهم عمر، فقال عيينة للحر: لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، فاستأذن الحر لعيينة، فلما دخل على عمر قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هَمَّ به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ ‌خُذِ ‌الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقَّافًا عند كتاب الله[39].

 

المرحلة الثالثة: بعد حدوث الغضب:

• وأفضل ما يمكن أنْ يقوم به في هذه المرحلة هو المبادرة لإصلاح ما أفسده، والمصارحة والعتاب الحسن، وتبادل المسامحة، وإعمال فضيلة الصلح والأُلْفة، والوئام والاعتذار إن لزم الأمر.

 

• الدعاء إلى الله أن يشفي القلوب مما بها من غيظ، وأن يسكب فيها الرضا، والرحمة، والشفقة على عباد الله.

 

• دراسة ومطالعة القصص الدالة على كظم الغيظ، والتحلِّي بالحلم والعفو، فإن هذا يحمل على الاقتداء والتأسِّي، أو على الأقل المحاكاة والتشبُّه.

 

قصص عن عدم الغضب وكظم الغيظ:

• عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء[40]؛ وجبذه؛ أي: جذبه، عاتق: الذي بين الرقبة والكتف.

 

• عن أبي برزة الأسلمي قال: (كنت عند أبي بكر رضي الله عنه، فتغيَّظ على رجلٍ، فاشتدَّ عليه، فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه، فقام، فدخل، فأرسل إليَّ، فقال: ما الذي قلت آنفًا؟ قلت: ائذن لي أضرب عنقه، قال: أكنت فاعلًا لو أمرتك؟ قلت: نعم، قال: لا والله، ما كانت لبشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم)[41]، قال الإمام أحمد بن حنبل: (أي: لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلًا إلَّا بإحدى الثَّلاث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفرٌ بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس).

 

• سب رجل ابن عباس رضي الله عنهما، فلما فرغ قال: (يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟ فنكس الرجل رأسه واستحى)[42].

 

• وقال أبو ذر رضي الله عنه لغلامه: لِمَ أرسلت الشاة على علف الفرس؟ قال: أردت أن أغيظك، قال: (لأجمعن مع الغيظ أجرًا؛ أنت حر لوجه الله تعالى)، وشتم رجلًا أبو ذر رضي الله عنه، فرفع أبو ذر إلیه رأسه لیسكت، فقال الرجل: والله لو رددت عليَّ كلمة لرددت علیك مائة، فقال أبو ذر: (والله لو سببتني بمائة، فلن أرد علیك بكلمة، اذهب غفر الله لي ولك)[43].

 

• وأسمع رجل أبا الدرداء رضي الله عنه كلامًا، فقال: (يا هذا، لا تغرقن في سبنا، ودع للصلح موضعًا، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه)[44].

 

• سبَّ رجل أبا هریرة رضي الله عنه، فلما انتهى قال له أبو هریرة: انتهیت، قال الرجل: نعم، وإن أردت أن أزیدك زدتك، فقال أبو هریرة: یا جاریة، ائتني.... فسكن الرجل، وقال في نفسه بماذا سیأمرها؟ فقال أبو هریرة: ائتني بوضوء، فتوضأ أبو هریرة، وتوجه إلى القبلة فقال: اللهم إن عبدك هذا سبَّني، وقال عني ما لم أعلمه من نفسي، اللهم إن كان عبدك هذا صادقًا فیما قال عني اللهم فاغفر لي، وإن كان عبدك هذا كاذبًا فیما قال عني، اللهم فاغفر له، فانكب الرجل على رأس أبي هریرة يُقبِّله[45].

 

• أسْمَعَ رجلٌ أمير المومنين عمر بن عبد العزیز كلامًا یكرهه، فقال عمر: أردت أن یستفزني الشیطان لعزة السلطان، فأنال منك الیوم ما تناله مني غدًا یوم القیامة، انصرف رحمك الله، ودخل عمر بن عبدالعزیز المسجد في لیلة مظلمة، فمرَّ برجل نائم، فعثر به، فرفع الرجل رأسه، وقال: أمجنون أنت؟ وما علم أنه أمیر المؤمنین، فقال عمر: لا، فهم به الحرس، فقال عمر: مه إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا.

 

• لقي زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهم رجل في الطریق فسبه، فثارت إلیه العبید، فقال: مهلًا، ثم أقبل على الرجل، فقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعینك علیها؟ فاستحیا الرجل، فألقى علیه خمیصة كانت علیه، وأمر له بألف درهم، فكان الرجل بعد ذلك یقول: أشهد أنك من أولاد الرسول.

 

• وعن أبي رزين قال: (جاء رجل إلى الفضيل بن بَزْوَان، فقال: إنَّ فلانًا يقع فيك، فقال: لأغيظنَّ مَن أمره، يغفر الله لي وله، قيل: من أمره؟ قال: الشَّيطان)[46].

 

• كان سَلَم بن نوفل سيِّد بني كِنَانة، فوثب رجلٌ على ابنه وابن أخيه فجرحهما، فأُتي به، فقال له: )ما أمَّنك من انتقامي؟ قال: فلِمَ سوَّدناك إذًا؟! إلَّا أن تكَظْم الغَيْظ، وتحلُم عن الجاهل، وتحتمل المكروه، فخلَّى سبيله)[47].

 

• وشتم رجل عدي بن حاتم وهو ساكت، فلما فرغ من مقالته قال: (إن كان بقي عندك شيء فقل قبل أن یأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا)[48].



[1] متفق عليه، رواه البخاري (3/ 3367)، ومسلم (1/ 548).

[2] رواه البخاري (1/ 90).

[3] رواه مسلم 3/ 1688.

[4] رواه البخاري 5/ 5051، ومسلم 3/ 2070، واللفظ له.

[5] رواه مسلم 4/ 2356.

[6] رواه البخاري (5/ 5610)، ومسلم (3/ 2107)، واللفظ له.

[7] رواه البخاري 1/ 397، واللفظ له، ومسلم 3/ 2070.

[8] رواه البخاري 5/ 5765 .

[9] رواهالبخاري5/ 5763، ومسلم 4/ 2609.

[10] أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت ص 610.

[11] شعب البيهقي 8317.

[12] أحكام القرآن، للجصاص.

[13] روض الأخيار، للأماسي.

[14] التمهيد، لابن عبدالبر.

[15] إحياء علوم الدين، للغزالي 3/ 173.

[16] محاضرات الأدباء.

[17] ربيع الأبرار، للزمخشري.

[18] الفوائد، لابن القيم الجوزية، أخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد خلف يوسف، دار التوزيع والنشر الإسلامية. مصر، 1419هـ، ص 50.

[19] إحياء علوم الدين3/ 173.

[20] الزهد 44.

[21] الهدي النبوي في منع وعلاج الغضب سبق طبي وإعجاز علمي، د. محمد العجرودي من أبحاث المؤتمر العاشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة 2011م (Almoslih.net).

[22] أخرجه أحمد في المسند، وأخرجه الترمذي في باب (ما أخبر به أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال: حديث حسن.

[23] رواه الطبراني في الأوسط، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح لغيره 3/ 2749.

[24] رواه أبو داود والترمذي وأحمد وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره 3/ 2753.

[25] رواه أحمد وابن حبان، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 3/ 2747.

[26] البيان والتبيين 1/ 456.

[27] رواه ابن ماجه، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح لغيره 3/ 2752 .

[28] رواه البخاري5/ 5763، ومسلم 4/ 2609.

[29] رواه الأصفهاني وابن أبي الدنيا، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره 2/ 2623.

[30] رواه الطبراني وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 2/ 906.

[31] أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية، وحسَّنه الألباني في السلسلة الصحيحية 342.

[32] روضة العقلاء 138.

[33] رواه البخاري5/ 5764، ومسلم 4/ 2610.

[34] عيون الأخبار، لابن قتيبة 1/ 405.

[35] رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 4782.

[36] رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع 693.

[37] جامع العلوم والحكم 1/ 146.

[38] رواه البيهقي في الشعب 8296.

[39] رواه البخاري 4/ 4366.

[40] رواه البخاري 5/ 5472، ومسلم 2/ 1057.

[41] رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 4363.

[42] رواه الثعلبي في تفسيره 9/ 80.

[43] ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، للزمخشري 2/ 227.

[44] المستطرف في كل فن مستظرف/ شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي، تحقيق: درويش الجويدي، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، 1416هـ، الطبعة الأولى، ص 201.

[45] أحاديث وقصص عن الحلم والعفو عند الغضب للشيخ ندا أبو أحمد aluka.net/ sharia/ 0/ 9895/.

[46] الزهد والرقائق، لابن المبارك.

[47] العقد الفريد.

[48] لا تغضب ولك الجنة، للشيخ ندا أبو أحمد ص 14.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا تغضب ولك الجنة
  • بعض أوصاف الجنة (الجزء الأول) خطبة

مختارات من الشبكة

  • لا تغضب ولك الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تغضب ولك الجنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لا تغضب ولك الجنة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من تمام النعيم في الجنة مرافقة الصفوة من الخلق في الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة...(مقالة - ملفات خاصة)
  • الجنة دار الطيبين (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا يدخل أهل الجنة الجنة أبناء ثلاث وثلاثين؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب