• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

قواعد وأصول فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل رضي الله عنه

قواعد وأصول فقه الإمام المبجل احمد بن حنبل رضي الله عنه
د. ضياء الدين عبدالله الصالح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/8/2023 ميلادي - 22/1/1445 هجري

الزيارات: 18186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قواعد وأصول فقه الإمام المبجَّل أحمد بن حنبل رضي الله عنه

 

هذا المختصر أعددتُه لطلبتي الدارسين في كتاب (العمدة) في الفقه الحنبلي لابن قدامة المقدسي، ضمن مدرسة العلَّامة الألوسي للتعليم عن بُعْدٍ، أنقُل فيه أصولًا وقواعدَ ومعلوماتٍ عن المذهب الحنبلي بصورة مختصرة؛ ليسهُلَ عليهم فَهم فقه المذهب، ومعرفة طريقة استنباط الإمام أحمد، وكذلك فقهاء المذهب للأحكام الشرعية من مصادرها الشرعية المعتبَرة، فلا يمكن فهم فقه المذهب وطريقة تحرير الفتاوى عندهم إلا بعد الاطلاع على أصولهم وقواعدهم المقرَّرة في الاستنباط.

 

ومعرفة قواعد وأصول الاستنباط لكل مذهب من مذاهب الأئمة المتبوعين المرضيين، يُولِّد جيلًا واعيًا من الشباب المسلم يحترم ويقدِّر هؤلاء الأئمة، ويعذرونهم في اختلافهم، وأنهم لا يتعمَّدون مخالفة النص أبدًا؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القيِّم [رفع الملام عن الأئمة الأعلام (1/ 10)]: "وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولًا عامًّا يتعمَّد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سُنَّته؛ دقيق ولا جليل؛ فإنهم متفقون اتفاقًا يقينيًّا على وجوب اتباع الرسول، وعلى أن كل أحد من الناس يُؤخَذ من قوله ويُترَك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا وُجِدَ لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلا بد له من عذر في تركه"، ونسأل الله تعالى القبول والإخلاص.

 

أولًا: إمام المذهب:

هو إمام المحدِّثين، وشيخ الإسلام في العلم والأحكام، وإمام أهل السنة والجماعة، الثابت في المحنة؛ أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الذُّهلي، الشَّيباني، الْمَرْوَزي، ثم البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، ويلتقي ابن حنبل في نسبه مع الرسول عليه الصلاة والسلام في نزار بن معد بن عدنان، وُلِد الإمام في بغداد سنة 164هـ، وتُوفِّيَ في بغداد 241هـ.

 

ويُعَدُّ الإمام أحمد من أكبر تلاميذ الإمام الشافعي رحمهما الله، الذي تلقَّى على يده العلم في الفترة الواقعة ما بين (195 - 197هـ)، التي ارتحل فيها الإمام الشافعي إلى بغداد.

 

فعن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: "قلت لأبي: يا أبتِ أيَّ شيء كان الشافعي؟ فإني سمعتك تُكْثِر الدعاء له، فقال لي: يا بني، الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، انظر هل لهذين من خَلَفٍ أو منهما عِوَض؟".

 

وكان الإمام أحمد من أخص تلاميذ الإمام الشافعي، وأشدهم لصوقًا به وحبًّا له بالعراق، حتى إن الشافعي كان يركب حماره وأحمد يمشي بجواره يذاكره، ولما أنكر يحيى بن معين على أحمد بن حنبل في ذلك قال له: "لو كنت في الجانب الآخر من الحمار، لكان خيرًا لك"، ولقد أخذ أحمدُ بيد إسحاق بن راهويه يومًا، وقال له: "تعالَ حتى أذهب بك إلى من لم تَرَ عيناك مثله، فذهب به إلى الشافعي"؛ [ينظر: تهذيب الأسماء للنووي (1/ 60)].

 

وقد قال عنه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في [طبقات الحنابلة (1/ 5)]: "أحمد إمام في ثماني خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد".

 

وفي [تذكرة الحفَّاظ للذهبي (2/ 16)]: "قال حرملة: سمعت الإمام الشافعي يقول: خرجت من بغداد، فما خلفت بها رجلًا أفضلَ ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى من أحمد بن حنبل".

 

وقال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في [سير أعلام النبلاء (11/ 292)]: "شيخ الإسلام وسيد المسلمين في عصره، الحافظ الحجة أبو عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني المروزي الذهلي البغدادي... وإلى الإمام أحمدَ المنتهى في معرفة السنة علمًا وعملًا، وفي معرفة الحديث وفنونه، ومعرفة الفقه وفروعه، وكان رأسًا في الزهد والورع، والعبادة والصدق".

 

وقال الإمام النووي في [التهذيب (1/ 111)]: "هو الإمام البارع المجمَع على إمامته وجلالته، وورعه وزهده وحفظه، ووفور علمه وسيادته، أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي".

 

وقد اهتم فقه الحنابلة اهتمامًا كبيرًا بالسنة النبوية والآداب الشرعية؛ ولهذا ألَّف الإمام ابن مفلح المقدسي (ت: 763ه) كتاب (الآداب الشرعية) من ثلاثة أجزاء؛ حيث قال في الجزء الأول: "فهذا كتاب يشتمل على جملة كثيرة من الآداب الشرعية، والمنح المرعية، يحتاج إلى معرفته أو معرفة كثير منه كل عالم أو عابد وكل مسلم، وقد صنَّف في هذا المعنى كثير من أصحابنا؛ كأبي داود السجستاني صاحب السنن، وأبي بكر الخلال، وأبي بكر عبدالعزيز، وأبي حفص، وأبي علي بن أبي موسى، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل وغيرهم".

 

وكذلك اهتم بالاقتداء بالسلف الصالح قولًا وعملًا؛ لِما كان عليه الإمام أحمد بن حنبل في هذا الجانب، فقد ألزم نفسه ألَّا يكتب حديثًا إلا يعمل به، حتى مرَّ به أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطى الحجام دينارًا حين احتجم.

 

ثانيًا: أصول المذهب:

وقد حرَّر الإمام ابن القيم أصول المذهب الحنبلي الفقهية، في كتابه [إعلام الموقعين (1/ 24)]، وقد صرح كذلك المجتهدون من أهل مذهبه التابعون له في الأصول، أن فتاواه رضي الله عنه مبنية على خمسة أصول:

الأصل الأول: النص من الكتاب والسنة:

كان إذا وجد النص، أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه، لا إلى من خالفه كائنًا من كان؛ ولهذا لم يلتفت إلى خلاف عمر في المبتوتة؛ لحديث فاطمة بنت قيس في صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال لها عندما طلقها زوجها ثلاثًا: ((ليس لكِ عليه نفقة ولا سُكنى))، وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يرى أن لها النفقة والسكنى، ولا إلى خلافه في التيمم للجُنُب؛ لحديث عمار بن ياسر المصرح بصحة تيمم الجنب.

 

ولا خلاف في استدامة الْمُحْرِم الطِّيبَ الذي تطيَّب به قبل إحرامه؛ لصحة حديث عائشة في ذلك؛ حيث قالت: ((كنت أنظر إلى وَبِيصِ الطِّيب في مَفارِقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم))؛ [متفق عليه]، ولا خلافه في منع الْمُفْرِد والقارِن من الفسخ إلى التمتع؛ لصحة أحاديث الفسخ، وكذلك لم يلتفت إلى قول عليٍّ وعثمانَ وطلحةَ وأبي أيوب وأُبيِّ بن كعب رضي الله عنهم في عدم الغسل من الإكسال؛ لصحة حديث عائشة رضي الله عنها ((أنها فعلته هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلا))؛ [رواه مسلم].

 

ولم يلتفت إلى قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن علي رضي الله عنهما أن عدة المتوفَّى عنها الحامل أقصى الأجلين؛ لصحة حديث سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نَفِسَتْ بعد وفاة زوجها بليالٍ، فجاءت النبي عليه الصلاة والسلام، فاستأذنته أن تُنكَح، فأذِن لها، فنُكحت؛ [رواه البخاري].

 

ولم يلتفت إلى قول معاذ ومعاوية رضي الله عنهما في توريث المسلم من الكافر؛ لصحة الحديث المانع من التوارث بينهما، ولم يلتفت إلى قول ابن عباس في الصرف (بيع الأصناف الربوية بجنسها متفاضلة) قبل رجوعه عنه؛ لصحة الحديث بخلافه، ولا إلى قوله بإباحة لحوم الحمر الأهلية كذلك.

 

فلم يكن يقدِّم على الحديث الصحيح عملًا ولا رأيًا، ولا قياسًا، ولا قول صاحب، ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس بالإجماع، ويقدمونه على الحديث الصحيح؛ وقال الإمام ابن القيم وغيره من علماء الأصول: قد كذَّب أحمد من ادَّعى هذا الإجماع، ولم يسُغ تقديمه على الحديث الثابت، وكذلك الشافعي أيضًا نصَّ في رسالته الجديدة على أن ما لم يُعلَم فيه خلاف، لا يُقال له: إجماع.

 

الأصل الثاني: ما أفتى به الصحابة:

فكان رحمه الله تعالى إذا وجد لبعضهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها، لم يتجاوزها إلى غيرها، ولم يقل: إن ذلك إجماع، بل من ورعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئًا يدفعه أو نحو هذا.

 

الأصل الثالث: إذا اختلف الصحابة تخيَّر من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال، حكى الخلاف فيها، ولم يجزم بقول.

 

قال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ في مسائله: "قيل لأبي عبدالله: يكون الرجل في قومه فيُسأل عن الشيء فيه اختلاف، قال: يفتي بما وافق الكتاب والسنة، وما لم يوافق الكتاب والسنة أمْسَك عنه، قيل له: أفيُجاب عليه؟ قيل: لا".

 

الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر، ولا في روايته متهم، بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به، وإنما خفيف الضعف؛ أي سبب ضعفه حفظ الراوي وضبطه، وليس عدالته.

 

والحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف قبل الترمذي (ت: 279ه)، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرًا يدفعه ولا قول صاحب، ولا إجماع على خلافه، كان العمل به عنده أولَى من القياس.

 

وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه على هذا الأصل من حيث الجملة، فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدَّم الحديث الضعيف – خفيف الضعف - على القياس.

 

الأصل الخامس: القياس:

وهو طريقة في الاستدلال، فيستدل المجتهد بعلة الحكم الثابت بالنص أو الإجماع على حكم أمر غير معلوم الحكم، فيلحق الأمر المسكوت عنه في الشرع بحكم المنصوص على حكمه، إذا اشتركا في علة الحكم، وكان الإمام أحمد رحمه الله تعالى يستعمله للضرورة على ما علمت مما سبق، ففي كتاب (الخلال) عن أحمد قال: "سألت الشافعي عن القياس، فقال: إنما يُصار إليه عند الضرورة أو ما هذا معناه".

 

فهذه الأصول الخمسة من أصول فتاويه، وعليها مدارها، وقد يتوقف في الفتوى؛ لتعارض الأدلة عنده، أو لاختلاف الصحابة فيها، أو لعدم اطلاعه فيها على أثر أو قول أحد من الصحابة والتابعين، وكان شديد الكراهة والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف، كما قال لبعض أصحابه: "إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام".

 

وهذه الأصول تلتقي في المبدأ مع قواعد مذهب الإمام الشافعي، ولعل السبب قوة الاتصال الذي وقع بين الإمامين، والعلاقة العلمية التي تجعل الإمام الشافعي يطلب تصحيح الحديث عن الإمام أحمد، وكذا تتلمذ أحمد بن حنبل في الفقه، وتخرج على يد الإمام الشافعي، رحمة الله عليهما جميعًا.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في [مجموع الفتاوى (34/ 113)]: "وموافقة الإمام أحمد للشافعي وإسحاق - ابن راهويه - ‌أكثر ‌من ‌موافقته ‌لغيرهما، وأصوله بأصولهما أشبه منها بأصول غيرهما، وكان يثني عليهما، ويعظِّمهما، ويرجِّح أصول مذاهبهما على من ليست أصول مذاهبه كأصول مذاهبهما، ومذهبه أن أصول فقهاء الحديث أصح من أصول غيرهم، والشافعي وإسحاق هما عنده من أجَلِّ فقهاء الحديث في عصرهما".

 

ثالثًا: أسباب تعدد الروايات في الفقه عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى:

يعزو العلماء ذلك إلى أصوله الخمسة التي ذكرنا؛ فمثلًا قد يصل إليه أكثر من حديث صحيح في الباب فيعمل بها جميعًا، أو قد يجد للصحابة في المسألة قولين، ولم يجد حديثًا يرجِّح به أحد القولين على الآخر، فيترك المسألة، وفيها القولان المأثوران عن الصحابة، وقد تكون الأقوال أكثر من اثنين.

 

وكذلك أصحاب الإمام أحمد أخذوا آراءه الفقهية من أقواله وأفعاله، وأجوبته وروايته، فكل واحد منهم كان يبذل كل ما في وُسْعِهِ من أجل استنباط الحكم الذي قد يكون مراد الإمام، ولا شك أن الأفهام تختلف، والقدرات تتباين، وعليه فإن النتيجة تختلف؛ ومن ثَمَّ تتعدد الروايات والأقوال المنسوبة إلى الإمام أحمد.

 

وأيضًا قد يفتي الإمام في إحدى الواقعات بما يتفق مع الأثر، ثم يفتي في واقعة أخرى تقارب الأولى، ولكن اقترنت بأحوال وملابسات جعلت الأنسب أن يفتي فيها بما يخالف الأولى، فيجيء الرواة فيروون الاثنتين، وهم يحسبون أن بينهما تضاربًا؛ لعدم النظر إلى الملابسات التي اقترنت بكل واقعة منهما، والحقيقة أن لا تضارب؛ لأن كل واحدة جاءت في حال، وأحاطت بها ملابسات فصلتها عن الأخرى، من أجل هذه الأسباب وغيرها؛ كانت الآراء الفقهية المنسوبة لأحمد رحمه الله تعالى قد اختلفت فيها الأقوال والروايات بكثرة عظيمة.

 

ومن خلال دراستي في الماجستير والدكتوراه لترجيحات الإمام ابن قدامة في باب الطهارة وباب الصلاة، من خلال كتابه (المغني)، وجدت أن للإمام أحمدَ في بعض المسائل أكثر من قول، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

قوله: "ولا يجوز أن يستقبل القبلة في الفضاء، وفي استدبارها فيه واستقبالها في البنيان روايتان"؛ قال المرداوي في [الإنصاف (1/ 101)]: "اعلم أن في هذه المسألة رواياتٍ:

إحداهن: جواز الاستقبال والاستدبار في البنيان دون الفضاء؛ وهي المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، قال الشيخ تقي الدين: هذا المنصور عند الأصحاب.

 

قال في الفروع: اختاره الأكثر، وجزم به في الإيضاح، وتذكرة ابن عقيل، والطريق الأقرب، والعمدة، والمنور، والتسهيل، وغيرهم، وقدمه في المحرر، والخلاصة، والحاويين، والفائق، والنظم، ومجمع البحرين، وقال: هذا تفصيل المذهب، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وصححه ابن عبيدان وغيره، والثانية: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء والبنيان.

 

جزم به في الوجيز، والمنتخب، وقدمه في الرعايتين، واختاره أبو بكر عبدالعزيز، والشيخ تقي الدين وصاحب الهدى، والفائق وغيرهم، والثالثة: يجوزان فيهما، والرابعة: يجوز الاستدبار في الفضاء والبنيان، ولا يجوز الاستقبال فيهما، والخامسة: يجوز الاستدبار في البنيان فقط...".

 

وأما مسألة المضمضة والاستنشاق، ففيها سبعة أقوال في المذهب؛ قوله: "وهما واجبان في الطهارتين"؛ يعني: المضمضة والاستنشاق، وهذا المذهب مطلقًا وعليه الأصحاب، ونصروه، وهو من مفردات المذهب.

 

وعنه أن الاستنشاق وحده واجب، وعنه أنهما واجبان في الكبرى دون الصغرى، وعنه أنهما واجبان في الصغرى دون الكبرى، عكس التي قبلها، نقلها الميموني، وعنه يجب الاستنشاق في الوضوء وحده، ذكرها صاحب الهداية والمحرر وغيرهما، وعنه عكسها، ذكرها ابن الجوزي، وعنه هما سنة مطلقًا.

 

رابعًا: طبقات فقهاء المذهب:

1- الطبقة الأولى: المتقدمون، أصحاب المسائل، (من 241 هـ - 403 هـ).

 

وهم أصحاب المسائل الذين نقلوها عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى؛ كمسائل إسحاق بن منصور الكوسج البغدادي (ت: 251ه)، ومسائل إسحاق بن إبراهيم بن هاني البغدادي (ت: 275ه)، ومسائل ابْنَيه صالح (ت: 265ه)، وعبدالله (ت: 290ه).

 

ومنهم صاحب السنن الحافظ أبو بكر الأثرم (ت: 273ه)، وصاحب الجامع الكبير أبو بكر الخلال البغدادي (ت: 311ه)، وأبو القاسم عمر بن الحسين الخرقي البغدادي صاحب المختصر (ت: 334ه)، أخذ عن ابنه عبدالله.

 

والإمام الحسن بن حامد الوراق البغدادي إمام الحنابلة في عصره (ت: 403ه)، صاحب كتاب الجامع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، وكتاب شرح أصول الدين، وكتاب تهذيب الأجوبة... وغيرهم كثير.

 

2- الوسطى: (403 هـ - 884 هـ).

منهم القاضي أبو يعلى الفراء (ت: 526ه) صاحب التعليقة والجامع الصغير، ومنهم الحافظ أبو الخطاب الكلوذاني البغدادي شيخ الحنابلة في عصره (ت: 510ه) صاحب الانتصار والمسائل الكبار والهداية، ومنهم أبو الحسن علي بن عبيدالله بن الزاغوني البغدادي شيخ الحنابلة، وهو من أصحاب الترجيح صاحب الواضح (ت: 527ه).

 

ومنهم الإمام أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي (ت: 513ه)، ومنهم الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي صاحب المغني والعمدة والمقنع والكافي (ت: 620ه)، ومنهم أبو البركات المجد بن تيمية الجد (ت: 625) صاحب المحرر في الفقه الحنبلي... وغيرهم.

 

3- المتأخرون: (885 هـ - إلى الآخر):

ويبدأ من إمام المذهب في زمانه الإمام أبي الحسن علاء الدين المرداوي الدمشقي الصالحي (ت: 885ه)، صاحب الإنصاف وتصحيح الفروع والتنقيح المشبع، وما تابعه عليه الشيخان أبو النجا الحجاوي المقدسي (ت: 968هـ)، وابن النجار الفتوحي المصري (ت: 972هـ) في كتابيهما (الإقناع)، و(والمنتهى)، وغيرهم إلى زماننا هذا.

 

خامسًا: الاختيارات الفقهية، وللحنابلة ثلاثة اختيارات مذهبية عامة:

1- اختيارات المتقدمين؛ وهي ممثَّلة بمختصر الإمام الخرقي.

 

2- اختيارات المتوسطين؛ وهي ممثَّلة باختيارات الإمام ابن قدامة المقدسي.

 

3- اختيارات المتأخرين؛ وهي ممثلة باختيارات الإمام المرداوي.

 

وإذا أطلق العلماء المتأخرون لفظ (المختار)، فهو ما رجَّحه المرداوي ومَن بعده في المذهب، ومن أشهر كتب المختار عند المتأخرين: (زاد المستقنع) لشرف الدين الحجاوي.

 

وإطلاقهم لفظ (اختيار المذهب) يُحمَل على الاختيارات المذهبية في طبقة المتكلم، فإن كان من المتأخرين حمل قوله على اختيارات المرداوي ومن بعده، وكما ذكرنا هي المتمثلة بكتاب (زاد المستقنع).

 

وأما إذا أطلق المتكلم كلمة (المختار)، فإنه يُحمَل غالبًا على اختياره وترجيحه هو بين الأقوال والروايات والأوجه في المذهب.

 

وقد يكون من المتأخرين، لكنه يختار ترجيح مذهب المتوسطين أو المتقدمين، وهذا هو صنيع محرري المذهب ومحققيه، وكذا من لم يَسِرْ على طريقة التقليد المحضة.

 

والله تعالى أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من القواعد الأساسية لحفظ القرآن الكريم .. الإخلاص
  • من القواعد المساعدة لحفظ القرآن الكريم .. ارتبط بمجموعة
  • من القواعد المساعدة لحفظ القرآن الكريم .. استمع جيدا إلى إمام الصلاة
  • من القواعد المساعدة لحفظ القرآن الكريم .. ابدأ بالأجزاء السهلة
  • الفرق بين القاعدة المقاصدية وغيرها من القواعد
  • خطبة: قواعد الخلق الحسن
  • قواعد بناء المجتمع وصلاحه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفيد القضاة في أصول المحاكمات على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من قواعد وتقريرات الإمام أحمد بن حنبل في الحسبة ‫(PDF)‬‬‬‬‬‬‬‬‬(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإعراب عن قواعد الإعراب للعلامة الإمام النحوي بن هشامٍ الأنصاري(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب قواعد الإمام ابن رجب رحمه الله(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تعريف القواعد الأصولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسند الإمام الحافظ إمام دار الهجرة رأس المتقنين وكبير المتثبتين مالك بن أنس بن مالك الأصبحي (المتوفى: 179 هـ) رواية الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل (المتوفى: 241 هـ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب