• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى: الفرج بعد الشدة في حياة خليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم

خطبة عيد الأضحى: الفرج بعد الشدة في حياة خليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2023 ميلادي - 4/12/1444 هجري

الزيارات: 17486

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى

الفرج بعد الشدة في حياة خليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم

 

الحمد لله الذي جعل الأعياد في الإسلام مصدرًا للهناء والسرور، الحمد لله الذي تفضَّل في هذه الأيام العشر على كل عبدٍ شكور، سبحانه غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب!

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.

ربنا لك الحمد سرًّا وجهرًا، ولك الحمد دومًا وكرًّا، ولك الحمد شعرًا ونثرًا.

 

فالحياة الدنيا مليئة بالمحن والمتاعب، والبلايا والشدائد والنكبات، إن صَفَت يومًا كدِرت أيامًا، وإن أضحكت ساعة، أبكت أيامًا، لا تدوم على حال؛ ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140].

 

فقر وغِنًى، عافية وبلاء، صحة ومرض، عزٌّ وذلٌّ، فهذا مصاب بالعِلل والأسقام، وذاك مصاب بعقوق الأبناء، وهذا مصاب بسوء خلق زوجته وسوء عشرتها، وتلك مصابة بزوج سيئ الأخلاق، فظ الخلق، سيئ العشرة، وثالث مصاب بكساد تجارته وسوء صحبة الجيران، وهكذا إلى نهاية سلسلة الآلام التي لا تقف عند حدٍّ، ولا يحصيها عدٌّ.

 

ولرُبَّ حاجاتٍ تعسَّر نَيلها
والخير كل الخير في تعسيرها
كنْ واثقًا بالله فيما قد قضى
واترك أمورًا قد دعاك لغيرها
واجعل حياتك كلها بيد الذي
لولاه لن تقوى على تدبيرها
واترك هواك لأمرِ ربك واحتسب
لا تلتفِتْ للنفس عند زئيرها
من يتَّقِ الرحمنَ يَلْقَ سعادةً
يعيا لسانُ الخَلق عن تفسيرها

 

إخوة الإيمان: إن حياة خليل الرحمن إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام ملحمةٌ إيمانية، وجامعة تربوية، ومن أعظم الدروس المتكررة في حياته درسُ الفرج بعد الشدة، فهيا لنقف على بعض تلك المشاهد التي تثبِّت المسلم، وتمنحه الثقة بالله، وأنه يجعل دائمًا بعد العسر يسرًا.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الفرج بعد الشدة في نجاة إبراهيم من النار: لما دعا الخليلُ قومه إلى ترك عبادة الأصنام، ولم ينفع معهم الدليل، ولا المواعظ، انتقل الخليل إلى الحل العملي؛ لعلهم يفقهون، ولعلهم يتفكرون، فحطَّم أصنامهم؛ يقول الحق جل جلاله: ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 57 - 67].

 

ولكن القوم نكسوا على رؤوسهم، وقرروا قتله بأبشع صور القتل التي لا ترحم؛ إنها الإحراق بالنار حيًّا، وأجَّجوا له النار، وصنعوا المنجنيق لرميه، وها هو الخليل صلى الله عليه وسلم قد وُضِع على المنجنيق، والنار تحرق ما حولها، ورُمِيَ الخليل في وسط ذلك اللهيب، ولكن الخليل كان واثقًا بالجليل، وأنه سيجعل له من هذه النار مخرجًا؛ وجاء الفرج من الله تعالى: ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 68 - 70].

 

يقول القرطبي رحمه الله: "فضجَّتِ السماوات والأرض ومن فيهن من الملائكة وجميع الخلق، إلا الثقلين ضجة واحدة: ربَّنا، إبراهيم، ليس في الأرض أحدٌ يعبدك غيره يُحرق فيك، فأذَنْ لنا في نصرته؛ فقال الله تعالى: إن استغاث بشيء منكم، أو دعاه، فلْيَنْصُرْهُ، فقد أذِنتُ له في ذلك، وإن لم يَدْعُ غيري، فأنا أعلم به وأنا وليه"، فلما أرادوا إلقاءه في النار، أتاه خُزَّان الماء - وهو في الهواء - فقالوا: يا إبراهيم، إن أردت أخمدنا النار بالماء، فقال: لا حاجة لي إليكم، وأتاه مَلَكُ الريح، فقال: لو شئت طيَّرت النار، فقال: لا، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: "اللهم أنت الواحد في السماء، وأنا الواحد في الأرض، ليس أحد يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل"، وروى أُبيُّ بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن إبراهيم حين قيَّدوه ليلقوه في النار، قال: لا إله إلا أنت، سبحانك، رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك، قال: ثم رمَوا به في المنجنيق من مضرب شاسع، فاستقبله جبريل، فقال: يا إبراهيمُ، ألك حاجة؟ قال: أمَّا إليك فلا، فقال جبريل: فاسأل ربك، فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي))؛ فقال الله تعالى وهو أصدق القائلين: ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69]؛ قال بعض العلماء: جعل الله فيها بردًا يرفع حرها، وحرًّا يرفع بردها، فصارت سلامًا عليه، قال أبو العالية: "ولو لم يقل: ﴿ بَرْدًا وَسَلَامًا ﴾ [الأنبياء: 69]، لكان بردها أشدَّ عليه من حرها، ولو لم يقل: ﴿ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69]، لكان بردها باقيًا على الأبد"[1].

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


الفرج بعد الشدة بنجاته صلى الله عليه وسلم من الملك الظالم، الذي أراد سارة عيلها السلام بسوء:

إلهي أنت تعلم كيف حالي
فهل يا سيدي فرجٌ قريبُ
وكم متملِّق يخفي عنادي
وأنت على سريرته رقيبُ
وحافر حفرة لي هارٍ فيها
وسهم البغي يدري من يصيبُ
وممتنع القوى مستضعف لي
قصمت قواه عني يا حسيبُ
وذي عصبية بالمكر يسعى
إلى سعيٍ به يوم عصيبُ
فيا ديَّان يوم الدين فرِّج
همومًا في الفؤاد لها دبيبُ

 

لما هاجر الخليل بزوجته سارةَ إلى مصر، وهنا كانت المحنة، وكان بها جبار لا يعلم بامرأة إلا اغتصبها وانتهك عرضها، فإن كانت ذات زوج قتل زوجها، ووقع إبراهيم في تلك الشدة، فلجأ إلى مفرِّج الكروب علَّام الغيوب، وإليكم أحداث ذلك المشهد؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة، فدخل بها قريةً فيها ملك من الملوك، أو جبار من الجبابرة، فقيل: دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء، فأرسل إليه أن: يا إبراهيم، من هذه التي معك؟ قال: أختي، ثم رجع إليها، فقال: لا تكذِّبي حديثي، فإني أخبرتهم أنك أختي، والله إنْ على الأرض مؤمنٌ غيري وغيرك، فأرسل بها إليه فقام إليها، فقامت توضَّأ وتصلي، فقالت: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فَرْجِي، إلا على زوجي، فلا تسلط عليَّ الكافر، فغُطَّ حتى ركض برجله، قال الأعرج: قال أبو سلمة بن عبدالرحمن: إن أبا هريرة، قال: قالت: اللهم إن يمت يُقال: هي قتلته، فأُرْسِل، ثم قام إليها، فقامت توضأ تصلي، وتقول: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي، إلا على زوجي، فلا تسلط عليَّ هذا الكافر، فغط حتى ركض برجله، قال عبدالرحمن، قال أبو سلمة: قال أبو هريرة: فقالت: اللهم إن يمت فيُقال: هي قتلته، فأُرْسِل في الثانية، أو في الثالثة، فقال: والله ما أرسلتم إليَّ إلا شيطانًا، ارجعوها إلى إبراهيم، وأعطوها آجَرَ، فرجعت إلى إبراهيم عليه السلام، فقالت: أشعرتَ أن الله كَبَتَ الكافر، وأخدم وليدةً))[2].

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الفرج بعد الشدة بولادة إسماعيلَ عليه السلام:

ومن مشاهد الفرج بعد الشدة في حياة خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم أن الخليل بلغ من الكبر عِتيًّا، ولم يرزقه الله تعالى بولد تقَرُّ به عينه، ورضِيَ بقضاء ربه جل جلاله، وأراد الله تعالى الذي يقول للشيء: كن فيكون، أن يفرِّج كرب وهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فرزقه الله تعالى بولده البكر إسماعيل عليه السلام من السيدة هاجر عليها السلام، ثم منَّ الكريم عليه بعد ذلك بأن بشره بإسحاق من زوجته سارة عليه السلام، ومن وراء إسحاق يعقوب عليهما السلام؛ يقول الله تعالى في شان سارة: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود: 71 - 73].

 

وهكذا توالت البشارات، فقد أعلنت الملائكة أنها جاءت لتعذِّب قوم لوط، هؤلاء الذين اختلف معهم إبراهيم عليه السلام؛ لِما جاؤوا به من الفواحش، وكذلك لأن إبراهيم عليه السلام وامرأته قد علما أنهما لم يأتيا بأيِّ أمر يُغضِب الله تعالى.

 

والثالثة من البشارات هي الغلام، وكان ذلك حُلمًا قديمًا عند امرأة إبراهيم عليه السلام؛ لأنها عاقر، واستقبلت امرأة إبراهيم البشارة الأولى بالضحك، واستقبلت البشارة بالابن بالدهشة.

 

وهذا ما يقول فيه الحق سبحانه: ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ﴾ [هود: 72]، والشيء العجيب هو الذي يخالف نواميس الكون المعتادة، ولكنَّ هناك فرقًا بين النواميس وخالق النواميس، الذي هو قادر على أن يخرق النواميس.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الفرج بعد الشدة في حفظ الله لزوجته هاجرَ وولدها إسماعيلَ:

أيها الأحباب، ومن مواطن الفرج بعد الشدة في حياة خليل الرحمن أنه لما رزقه الله تعالى إسماعيلَ، غارت السيدة سارة عليها السلام، فأمر الله خليله أن يأخذ ولده وزوجته، ويضعهما عند البيت؛ حيث لا إنس ولا جن، ولا زرع ولا ماء؛ فعن سعيد بن جبير رحمه الله، قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: ((أول ما اتخذ النساء الْمِنْطَق من قِبل أم إسماعيل، اتخذت منطقًا لتُعفِّي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه فوضعهما - حتى وضعهما - عند البيت عند دوحة فوق زمزمَ - الزمزم - في أعلى المسجد، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جِرابًا فيه تمر، وسِقاءً فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم منطلقًا، فتبِعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا - في هذا - الوادي الذي ليس فيه إنس – أنيس - ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يُضيِّعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ؛ حيث لا يرَونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات – الدعوات - ورفع يديه، فقال: رب ﴿ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ﴾ [إبراهيم: 37]، حتى بلغ ﴿ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37]، وجعلت أم إسماعيل تُرضِع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفِد ما في السقاء، عطِشت، وعطِش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوَّى - أو قال يتلبَّط، أو يتلمَّظ - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر، هل ترى أحدًا؟ فلم تَرَ أحدًا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طرق درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدًا؟ فلم تَرَ أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذلك سعيُ الناس - فلذلك سعى الناس - بينهما، فلما أشرفت على المروة، سمعت صوتًا، فقالت: صَهٍ؛ تريد نفسها، ثم تسمَّعت فسمِعت أيضًا فقالت: قد أسمعت، إن كان عندك غِوَاث - غواث - فإذا هي بالْمَلَكِ عند موضع زمزم، فبحث بعَقِبِه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تُحَوِّضُه، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرِف من الماء في سقائها، وهو يفور بعدما تغرف، قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينًا معينًا، قال: فشربت وأرضعت ولدها...))[3].

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


الفرج بعد الشدة في نجاة إسماعيل من الذبح:

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


ومن مواطن الفرج بعد الشدة في حياة الخليل صلى الله عليه وسلم ذلك الاختبارُ الذي أجراه العزيز الجبار، على تلك الأسرة المؤمنة المحتسبة؛ حيث أمره الله تعالى أن يذبح ولده إسماعيلَ عليه السلام بيديه، وأي كرب وأي اختبار مثل ذلك الاختبار؟ ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 101 - 111].

 

لطائف الله وإن طال المدى
كلمحة الطرف إذا الطرف سجى
كم فرج بعد إياس قد أتى
وكم سرورٍ قد أتى بعد الأسى!

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

كونوا - عباد الله - على ثقة بأن الله يجعل بعد العسر يسرًا؛ ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].

 

كونوا على يقين بأن الله سيجعل بعد الفقر رخاء وسَعَة؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

كونوا على يقين بأن الله سيجعل بعد الظلم والجور عدلًا.

كونوا على يقين بأن الله سيجعل بعد المرض صحة وعافية.

كونوا على يقين بأن الله سيجعل لكم من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا.

 

اللهم تقبَّل منا واقبلنا، واجعلنا من المقبولين، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، وصلى الله على محمد وعلى أهله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.



[1] تفسير القرطبي (11/ 303).

[2] أخرجه البخاري (3 /105، و213 و218، و9 /22 و28).

[3] البخاري (3364).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (1)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1436هـ (عيد النحر)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (اليوم عيدنا)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1442هـ
  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1443هـ
  • خطبة عيد الأضحى: كن سلاما على من حولك
  • الفرج بعد الشدة

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الأضحى: الثقة بالله في حياة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام(مقالة - ملفات خاصة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة عيد الفطر 1444 (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1437 هجرية (خطبة دينية اجتماعية)(مقالة - ملفات خاصة)
  • هل لصلاة العيد خطبة أو خطبتان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة مضمنة مجموعة خطب مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى 1442هـ ( الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم )(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب