• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / المرأة
علامة باركود

الستر فطرة والحجاب فريضة (خطبة)

الستر فطرة والحجاب فريضة (خطبة)
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/6/2023 ميلادي - 16/11/1444 هجري

الزيارات: 40819

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الستر فطرة والحجاب فريضة (خطبة)[1] [2]

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فالسترُ فِطْرَةٌ، والحجاب فريضة، فرض الله تعالى الحجاب لحكمة عظيمة، وفوائدَ جسيمةٍ، الحجاب عبادة فيها السعادة، وراحة تُنسِي كل راحة.

 

فرض الله تعالى الحجاب؛ ليستر المرأة عن الأجانب، ليحميها من ذئاب البشر؛ أعداء العفاف والطهر، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين، ويرفعها عن مستنقعات العار، وأوحال الرذيلة.

 

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ كي تبقى دُرَّةً غالية، وجوهرةً مصونة، لا تعبث بها يد السارق، ولا تَطُولها عين الغادر.

 

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ لتبقى عزيزةً نظيفة، عفيفةً شريفة، يتمناها التقي، ويخشاها الشقيُّ.

 

إن الأتقياء الأنقياء الشرفاء لَيفتخرون بكل فتاة محجبة، ويعتزون بحجابها، ويحرصون على أن تكون زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم كذلك.

 

فالحجاب عزة ووقار، وفخر للرجل والمرأة معًا، ولم يكن يومًا منقصةً أو ذلًّا، فالله تعالى أعزَّ المرأة بالحجاب، وصانها بالخِمار، وحفظها بالغطاء.

 

المرأة المسلمة المحجبة "سيدة بيتها"[3]؛ لا تمشي خارج بيتها إلا بمعية حجابها الذي هو معها كالحارس الشخصي، يرافقها في السوق والمستشفى والشارع، يحميها ويحرسها بعون الله تعالى، من الكلمات النابية، والنظرات المؤذية، يمشي معها بعزة وفخر، وتمشي معه بطمأنينة وأمان، فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء؛ لأنها محجبة، فأي سعادة وحرية وراحة أكثر من هذه؟

 

أحبتي الكرام:

تأملوا - رحمكم الله وغفر لكم - كيف بدأ الله تعالى بزوجات وبنات النبي صلى الله عليه وسلم؛ بدأ سبحانه بالعفيفات الطاهرات، الصالحات الزاهدات، أمرَهُنَّ سبحانه بالحجاب والجلباب، ونهاهن عن التكشُّف والتبرج، وهن أمهات المؤمنين، وسيدات نساء أهل الجنة، ومن أُمِرْنَ بالتحجب والتستر عنهم؟ هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أصحاب القلوب الطاهرة، والنفوس العفيفة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الله نساء المسلمين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب"، فإذا كان هذا الأمر متوجهًا ابتداء لصفوة الصفوة من قرون هذه الأمة، فما ظنُّكِ - أختي الكريمة - بزمان أصبح كثيرٌ من أهله يقضون ساعاتٍ طوالًا أمام قنوات الفساد والدمار، تشبعت قلوبهم بحب الشهوات والمنكرات، والذي نفسي بيده، إن الأمر بالحجاب لَيشتد ويغلظ في أزمنة الفتن، وضعف الإيمان، وإن مسؤوليتكِ - أختي الكريمة - أمام الله تعالى عظيمة؛ لأنكِ - في الحقيقة - موضع فتنة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان))؛ أي: تطلع إليها الشيطان، فزيَّنها للناس، ورفع البصر إليها؛ ليُغويَها أو يغوي بها غيرها، فيُوقِع أحدهما أو كليهما في الفتنة، فالحرب ضدكِ - أختي الكريمة – تدور، أنتِ الهدف والغاية؛ لأن صلاحك صلاح الأمة، وفسادكِ فسادها:

من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علة ذلك الإخفاقِ
الأم مدرسة إذا أعددْتُها
أعددتَ شعبًا طيبَ الأعراقِ
الأم رَوضٌ إن تعهده الحيا
بالري أورَقَ أيما إيراقِ

 

وهنا يأتي السؤال، الفرح والحزن، تلك المشاعر أين تبدو؟ حديث العيون وفتنتها، أين يكمن؟ الاهتمام أو اللامبالاة، كيف نحس بهما؟ مشاعر الحب والكراهية، علامات الجمال والملاحة، كلها نقرؤها في صفحات الوجه، أبعد هذا تَشُكِّين - يا أختاه - في وجوب تغطية الوجه؟ أختاه، لو قدمت لكِ سبع صور لأيدي نساء مختلفات، وطُلِب منك تحديد الجميلة من الدميمة، لقلتِ: لا يمكن ذلك، ولكن لو قُدِّم لكِ سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لتمكنتِ مباشرة من معرفة الجميلة من الدميمة، ولو أن رجلًا أراد أن يخطب امرأة، فقيل له: انظر إلى كفِّها، لرفض ذلك، ولأصر على رؤية الوجه؛ مكمنِ الجمال، ومنبع الزينة؛ قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: "لا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها - كما هو معلوم - والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة، والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي".

 

معاشر الكرام:

يجب على المرأة ستر بدنها كله أمام الرجل الأجنبي، بما في ذلك الوجه والكفان، وحُكِيَ اتفاق المسلمين على ذلك، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره؛ قال الجويني: "اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور، وترك التنقُّب"، وأقره الرافعي والنووي، وقال ابن رسلان والسهارنفوري الحنفي: "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفُسَّاق، وكثرة الفساد وظهوره"، وللأسف، كثير من النساء اليوم لا يلتزمن بالحجاب الشرعي، وبعض من يلتزم منهن بتغطية الوجه، يتساهلن في كشف الكفَّينِ والساعدين، وما حول العينين.

 

أختي المسلمة، إن عزكِ بإسلامكِ وحجابكِ:

زعموا السفور والاختلاط وسيلة
للمجد قومٌ في المجانة أُغْرِقوا
كذبوا متى كان التعرض للخَنا
شيئًا تُعَزُّ به الشعوب وتُسبقُ

 

اللهم احفظ نساءنا من التبرُّج والسفور، وثبِّتهن أمام تيارات الانحراف والفجور.

 

أختاه يا بنت الإسلام تحشمي
لا ترفعي عنكِ الخمار فتندمي
صوني جمالكِ إن أردت كرامةً
كي لا يصول عليكِ أدنى ضَيغمِ
لا تعرضي عن هَدْيِ ربِّكِ ساعةً
عَضِّي عليه مدى الحياة لتغنمي
ما كان ربك جائرًا في شرعه
فاستمسكي بعُراه حتى تسلمي
ودَعِي هُراء القائلين سفاهةً
إن التقدم في السفور الأعجمِ
هم الذين تبرؤوا عن دينهم
فهم يبيعون العفاف بدرهمِ
يشِيعون التبرج إن أردت رخيصةً
أما العفاف فدونه سفك الدمِ
لكنني أُمْسِي وأصبح قائلًا
أختاه يا بنت الإسلام تحشمي

 

أختي الكريمة:

صوني حياءكِ صوني العِرض لا تَهني
وصابري واصبري لله واحتسبي
إن الحياء من الإيمان فاتخذي
منه حُلِيَّكِ يا أختاه واحتجبي
ويا لَقبح فتاة لا حياء لها
وإن تحلَّت بغالي الماس والذهبِ
إن الحجاب الذي نبغيه مكرُمة
لكل شريفة ما هانت ولم تهُنِ
نريد منها احتشامًا عفةً أدبًا
وهم يريدون منها قلة الأدبِ

 

تذكري - يا أختاه - أن الحجاب عبادة وليس بعادة، أمركِ الله تعالى بالتعبد به، وليس لأحدٍ كائنًا من كان تغيير أحكام الله تعالى، ولا خيار للمسلمة في هذا الأمر؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

أختاه، يا من نطق فمكِ بـ(لا إله إلا الله)، وأيقن قلبكِ بها، وعمِلت جوارحكِ بمقتضاها أكملي دينكِ بحجابكِ، ولا تنظري لحثالة البشر، وأتباعهم، فما يُمْلُون عليكِ إلا ذنوبًا وعارًا، تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ، وهنا نذكركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي:

أولًا: أن يكون ساترًا لجميع البدن.

 

ثانيًا: أن يكون فضفاضًا، لا شفافًا، ولا معطرًا، ولا واصفًا.

 

ثالثًا: ألَّا يكون به ما يزينه من الفصوص، والكريستالات، وغير ذلك مما يجعله لبس زينة، واحتسبي الأجر - يا أختاه - عند الله تعالى، كلما أردتِ لُبْسَ العباءة الساترة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].

 

فبادري - أختي الكريمة - بالتمسك بالشريعة الغرَّاء، قبل أن يكون يومٌ لا دينار فيه ولا درهم، وإنما هي الحسنات والسيئات، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا، وترحمنا.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:

فلقدِ انتشرت خديعة كبرى، يردِّدها بعض الناس دون أن يعرفوا مصدرها الخبيث؛ وهي خديعة أن النساء المحجبات لَسْنَ شريفات - معاذ الله - وحيلة أخرى، وهي أنهن يُرِدْنَ إخفاء قبحهن، بينما السافرات سائرات لا يتعرضن لأيِّ أذًى، لا يلتفتن لأحد، ولا يلتفت إليهن أحد - زعموا - واثقات من أنفسهن، وانطلت هذه الحيلة على كثير من النساء المسلمات، فنبذْنَ الحجاب، خوفًا من هذه الدعاية الكاذبة، الضالة المضلة.

 

ويُرَاد من وراء هذه المكايد مضايقة المحجبات؛ كي ينبذن الحجاب، ويتحقق ما يريده الكفار والفجَّار؛ حين قالوا: "لا بد من التركيز على ذم الحشمة عند النساء، حتى تصبح عيبًا في نظرهن"، هذا وغريب حقًّا في امرأة صفاتها حميدة، تصلي وتصوم وتغض بصرها، وتحفظ فَرْجَها، وتجتنب الغِيبة والنميمة، ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب؛ لأن من تمسكت حقًّا بهذه الأعمال الصالحة الحسنة، فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير، ونفورها من الشر، ثم لا ننسى أن ﴿ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45][4]، والحسنة تأتي بأختها، فاحرصي - يا أختاه - على الحجاب الذي أمركِ به ربنا تبارك وتعالى، واتركي الشبهات، وقاومي ضغوط أهلها، ولا تستسلمي لكلام الناس والمنتقدين، واتركي مشابهة الفاسقات، اللاتي يُرِدْنَ التبرج، على حسب الموضة والموديلات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صِنفان من أهل النار لم أرَهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مُمِيلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخْتِ المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لَيوجد من مسيرة كذا وكذا))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس، فهي كذا وكذا))؛ يعني: زانيةً.

 

فقاومي - يا أختاه - هوى النفس، الذي يدعوكِ لإظهار الزينة والتباهي بها، وتمسكي بما فيه صون وستر وحماية لكِ، وترفَّعي عن أن تكوني سلعة، يتمتع بالنظر إليها الغادي والرائح من الأشرار، ولْتَأْبَ نفسكِ أن تكوني سببًا لفتنة عباد الله، فنحن نخاطب فيكِ إيمانكِ، وحبكِ لله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونناشدكِ أن تحافظي على ما أُمِرْتِ به من الحجاب؛ وتلتزمي قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 31]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: 33]؛ عن أبي أسيد الأنصاري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: ((استأخِرْنَ؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)).

 

ولا يغيب عن أذهانكم - أحبتي الكرام - وأنتم تسمعون مثل هذه الاحتياطات التشريعية، أنها جاءت في حق أشرف الناس بعد الأنبياء، وفي الطريق العابر، وفي الوقت القصير، وفي وضح النهار، مع وجود الحجاب، حالة الخروج من أطهر البقاع، بعد إقامة أشرف العبادات العملية، فمن باب أولَى أن يُمنَع الاختلاط، في أماكن المكث الطويل، في أزمان الريب، والبعد عن الحجاب، عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وكانت من العجائز، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمكِ الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ [النور: 60]، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ [النور: 60]، فتقول: هو إثبات الحجاب"، وعن نافع قال: "لما ماتت أم المؤمنين زينب بنت جحش، أمر عمر مناديًا فنادى، ألا لا يخرج على زينب، إلا ذو رحمٍ من أهلها، فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين، ألَا أريك شيئًا رأيت الحبشة تصنعه لنسائهم؟ فجعلت نعشًا وغشَّته ثوبًا، فلما نظر إليه، قال: ما أحسن هذا! ما أستر هذا! فأمر مناديًا فنادى أن اخرجوا على أمِّكم"، الله أكبر، حياء في الحياة وفي الممات، لَحقٌّ هم إحدى المعجزات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل حليم حَيِيٌّ، سِتِّير، يحب الحياء والستر)).

 

اللهم احفظنا واسترنا، رجالًا ونساء، أحياء وأمواتًا، اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفَّنا على مِلَّتِه، وأعِذْنا من مضلات الفتن.

 

اللهم وفِّق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنِّبهم كل معصية وطغيان وكفران.

 

يا رب ولِّ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].



[1] المرجع الرئيس لهذه الخطبة، مقال منشور على موقع صيد الفوائد، عنوانه: "يا وردةً من قطاف العفاف" لأم سمية، وهو موجود على الرابط التالي:

http://www.saaid.net/female/m80.htm

[2] أُلقيت هذه الخطبة بمسجد الإمام الذهبي، بمدينة جدة، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي:

https://youtu.be/538M6e0dvRk

[3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا))؛ [أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (388)، والديلمي في "الفردوس" (4781)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4565)].

[4] قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل أبدو أجمل بالحجاب؟
  • آيات عن الحجاب
  • التبرج والحجاب
  • توضيحات ونصائح حول قضية الحجاب
  • الحجاب دين وعبادة
  • الستر والحجاب
  • خطبة الحجاب بين موت الغيرة، وقلة الحياء
  • لماذا هذا التعب والكدح (خطبة)
  • خطبة خلق الستر

مختارات من الشبكة

  • حجاب المرأة (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (20)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (18)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الستر على المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الستر والتستر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسماء الله الحسنى (الغفور)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الستر ... ومتى يكون(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • فضل الستر(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب