• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

تنبيه العقلاء بخطر الشحناء

تنبيه العقلاء بخطر الشحناء
جمال بن محمد الحرازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2023 ميلادي - 12/11/1444 هجري

الزيارات: 4152

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تنبيه العقلاء بخطر الشحناء


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله.

 

إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

معاشر أهل الإيمان، إن من وقف وقفةَ تأمل، ونظر نظرة مُتعقِّلٍ، عن أمر عظيم، وداءٍ خطير، هذا الأمر العظيم، والداءُ الخطير هو خطر الشحناء بين المسلمين، وذلك لعِظَمِ ما تفعل بهم، وأردتُ في هذا المقام إبراءً للذمةِ، وأدَاءً للأمانةِ، وتَنبيهًا للأمةِ، وبذلًا للنصيحة لي ولعموم المسلمين، تنبيه العقلاء بخطر الشحناء.

 

فحقٌّ علينا جميعًا معشر المؤمنين أن نتعرف على هذا الداء الخطير لنجتنبه، وأن نتعرف على آثاره وأسبابه وطُرق علاجه، وحال من سلمه الله منه كما قيل:

عَرَفتُ الشَّرَّ لا لِلشَّر
وَلَكِنْ لِتَوَقِّيهِ
وَمَنْ لَا يَعْرِفِ الشَّرَّ
مِنَ الْخَيرِ يَقَعْ فِيهِ

والشحناء هي: العداوة والبغضاء التي تملأ القلب.

 

معاشر المؤمنين، ويَكْمنُ خطرُ هذا الداء ويترتب عليه آثار تضُرُّ بالفرد والمجتمع، فمن ذلك:

1- الفشل والتفرُّق والضعف؛ قال الله جل وعلا: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].

 

2- ومن آثار الشحناء: الغيبةُ والنميمةُ وتتبُّع الزلَّات والهمز واللمز، فقلَّما تجد من يحمل في قلبه شحناءَ على أخيه المسلم إلا وسعى في كل مجلسٍ إلى عيْبه وهمزه ولَمْزه وتنقُّصه وغَيبته، بل ربما وقع في الكذب في بعض الأحيان وفي الظلم وتجاوز الحدِّ ليُشفي غليله من أخيه المسلم قريبًا كان أو بعيدًا.

 

3- ومن آثارها العظيمة: تأخيرُ مغفرة الذنوب، وعدم قبول العمل، روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»، وعنه عند مسلمٍ أيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»، وعند أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ»، ما أعظمها من فاجعة حين يغفر الله لجميع خلقه، ويُنْظَر ويُؤخر من كان بينهم شحناء!

 

فتخيَّل هذا المشاحن والمقاطع لأخيه ورحمه في جمع من الناس ينتظر عطاءً أو قضاء حاجةٍ له، فتُقضى حوائج الحضور كلهم إلَّا له، يُقال: راجعنا في يوم الاثنين، فيكون يوم الاثنين، فتُقضى حوائج الحضور كذلك، ويُقال له: راجعنا يوم الخميس، وهكذا كلما حضر لحاجته تؤجَّل بين اثنين وخميس، فإذا تَمَّ العام، وجاءت الهبات الكبيرة والأُعطيات الجزيلة ليلة النصف من شعبان قيل له: راجعنا العام القادم، وهكذا حاله في كل يومٍ وكل مرتين في الأسبوع، ومرة كل عام يغدو ويروح دون أن تُحقق مصلحته أو تُقضى حاجته التي يُريدها، فكم من المسلمين والمسلمات اليوم مع الأسف هذا حالهم إلا من رحم الله، فيا من يروم مغفرة الله ورضوانه والدخول لجنَّتِه أخرج الشحناء والعداوة الآن من قلبك، الآن قبل أن تتجاوز عتبة باب المسجد بل قبل أن تقوم لصلاتك.

 

4- ومن آثارها الوعيدُ بسوء الخاتمة في حقِّ من كان قلبُه يحمل الغلَّ والشحناء على إخوانه، روى أبو دواد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ»، وهذا دليل على أنَّ الهجر من كبائر الذنوب، وما الهجر إلا أثر من آثار الشحناء.

 

تلكمُ هي آثار الشحناء، وإليكم بعض أسبابها:

1- تحريش الشيطان بين المؤمنين، فقد قال الله سبحانه: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]، وعند مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ الْعَرَبِ؛ وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ»، وقوله: «ولكن في التحريش بينهم»؛ أي: ولكنه يسعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.

وقد نال الشيطان من هذا التحريش كثيرًا من مُراده ومبتغاه حين أسلم له بعض الناس العنان، فانساقوا خلفَ هذا المرض القلبي الفَتَّاك، فشحن إبليس قلوب بعض الأبناء على الآباء والأمهات، والعكس أحيانًا، وشحن قلوب بعض الإخوة والأخوات والأزواج والزوجات، وأبناء العمومة على بعضهم البعض، غير ما يبثُّه بين عموم المسلمين من ضغينة وشحناء حتى أمسيت ترى فئامًا من المسلمين قد تباغضوا وتقاطعوا وتدابروا وتقاضوا في المحاكم على لُعاعةٍ من الدنيا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، تجد البعض قد احمَرَّ وجهه وانتفخت أوْداجُه، وتسمَّرت عيناه، وقد تطاير البُغْض والحنق من عينيه ليس على كافر مُحارب تعَدَّى على دين الله، بل على أخيه من أبيه وأمه؛ وأخيه في الدين والعقيدة، من أجل خلاف دنيوي، فإلى الله المُشتكى، إن الإسلام حرَّم النميمة، وتُوعَّد صاحبها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة إن لم يتب، لماذا هذا الوعيد؛ وذلك لأنها سبب للتحريش وزرع الشحناء بين المسلمين، حتى وإن كان النمَّام الناقل للكلام بين الناس للإفساد بينهم صادقًا، وأُبيح الكذب لأجل الإصلاح بين المتخاصمين، وإذهاب الشحناء بينهم.

 

2- ومن أسباب الشحناء: الغضب، فإن الإنسان إذا عجز عن إخراج غضبه، رجع إلى باطنه فصار حقدًا وغلًّا وشحناء على أخيه؛ ولذلك حذَّر الإسلام من الغضب تحذيرًا عظيمًا، وأوصى في اجتنابه وكرر ذلك، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: "لَا تَغْضَبْ" فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: "لَا تَغْضَبْ"، فأوصاه بهذه الوصية العظيمة، في رواية عند أحمد «فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ، فلنجاهد أنفسنا على دفعه».

 

3- من أسبابها: الحسد؛ روى الترمذي عن الزُّبَيْر بْن العَوَّامِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ»، والحسدُ هو تمنِّي زوال النعمة عن الآخرين، وهو مرضٌ من أخطر أمراض القلوب، فلنستعذ بالله من الحسد.

 

4- ومن أسباب التشاحُن والغلِّ بين الناس: الهوى والجِدال والتعصُّب للرأي، فمتى تحوَّل النقاش والحوار وطلب الحق إلى جدالٍ مذموم وتعصُّبٍ للرأي، وصار الجدال طلبًا لتحقيق الرغبات والانتصارات الشخصية، فسينتج عن هذا الجدال الحقد والشحناء والبغضاء على من خالفه في رأيه؛ لأن الوصولَ إلى الحق لم يكن هو الدافع في هذا النقاش الذي دار بينهما، فليترك المسلم الجِدال العقيم، الذي لا يتولَّد منه قبول الحق، وإنما يتولَّد منه الانتصار للنفس، ويكمن في النفوس الغل والشحناء، روى أبو دواد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ في رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ في وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ في أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ».


5- ومن الأسباب كذلك: التنافسُ على الدنيا وحطامها، فإنها ترهِق أصحابها المتنافسين في طلبها، وتورث التشاحن والعداوات فيما بينهم، روى مسلمٌ عَنْ عبدالله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قال: قال رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ»، قَالَ عبدالرحمن بْنُ عَوْفٍ نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ»، فلنحذر من غوائلها، وإفسادها للإخوة بيننا، الإخوة أبقى.

 

6- ومن الأسباب كذلك النجوى وكثرة المزاح، وربما كان مزاح وفيه كذب، فهذا حرام ولا يجوز، وقد أخبر الله سبحانه أن النجوى من الشيطان، والنجوى أن يتحادث اثنان دون الثالث، وليس في المجلس سواهم، فهذا مما يُوغر الصدور، ويُحرِّش بين الناس، روى البخاري عَنْ عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ»، عند الترمذي: «فَإِنَّ ذِلِكَ يُحْزِنُهُ».

 

معاشر المسلمين، فما السبيل لسلامة الصدور من الشحناء، فما من داءٍ إلا وله دواء، فإليك يا طالب الدواء لهذا الداء العلاج:

1- إخلاصُ العمل لله عز وجل، بأن يكون المقصد هو وجهه سبحانه، روى أحمد في مسنده وغيره عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، وجاء عن غيره رضي الله عنهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»؛ أي: هذه الثلاث الخصال تنفي الغل عن قلب المسلم.

 

2- ومن العلاج لهذا الداء: ملازمةُ الدعاء وسؤال الله عز وجل ذهاب الغل والشحناء من القلوب، والاستعاذة به سبحانه وتعالى، واللجوء إليه أن يُطهِّر القلبَ من هذا المرض، يقول سبحانه مبينًا حال المؤمنين: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بدعاءٍ عظيم، ومنه الدعاء بأن يُطهِّر الله قلبه من كل هذا الداء، روى أبو دواد وغيره عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو: «رَبِّ أَعِنِّي وَلا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إليَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي».

 

والسخيمةُ: الغل والحقد والحسد ونحوها مما يسكن في القلب من مساوئ الأخلاق، وأمَّا الاستعاذةُ فقال ربنا جل وعلا: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36]، فعلينا أن ندعو الله الآن أن يسلَّ سخيمة قلوبنا على بعضنا البعض، ويزيل عنها الشحناء، فنحن في ساعة إجابة، واعزم على حل مشكلتك مع أخيك، ولا بأس بأن يتنازل المسلم عن حقه أو بعضه في سبيل مغفرة ذنبك، ألا تحب أن يغفر الله لك، قال الله جل وعلا: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، بلى كلنا نُحِبُّ أن يغفر الله لنا، فهيَّا نبادر ولتُبادر من الآن لا نؤجل، والله، إني لك من الناصحين، ندعو الله الآن بقلوب صادقة راغبة راهبة: اللهم اسلُلْ سخيمة قلوبنا، اللهم طهِّر قلوبنا من الحقد والغل والشحناء والبغضاء، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

3- ومن العلاج: حُسْنُ الظن بالأخ المسلم، وإعذار المخطئ من الناس، فإن المسلمَ حين يحمل إخوانه على محملٍ حسن ويعذرهم إذا أخطئوا، فإن قلبه يبقى سالمًا له من الغلِّ والشحناء، قال الله جل وعلا: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

 

في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ».


4- ومن العلاج كذلك: صيامُ ثلاثة أيام من كلِّ شهر، روى النسائي عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ؟ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ».

 

5- ومن العلاج: الهديةُ وإفشاء السلام، روى البُخاري في الأدب المفرد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَهَادُوا تَحَابُّوا»، ومن أراد عود المحبَّة بينه وبين أخيه، فعليه بإفشاء السلام، وخير المتخاصمين من يبدأ به، روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ»، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ»، وعند أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلامَ تَسْلَمُوا».

 

6- والصدقة كذلك والكلمة الطيبة من العلاج لهذا الداء، يقول سبحانه: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، ويقول جلا وعلا: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].

 

اللهم يا حي يا قيوم، طهِّر قلوبنا من الشحناء، اللهم لا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، اللهم أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعلنا هداةً مهتدين، اللهُمَّ اهْدِنَا لأحْسَنِ الأَخْلَاقِ والأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ لا يَهْدِي لِأحْسَنِها إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَها إِلَّا أَنْتَ، اللهمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاها، وَزَكِّها أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّها وَمَوْلَاها، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وعليك بالمعتدين من اليهود والنصارى يا قوي يا متين، اللهُمَّ فرِّج عن عبادك المؤمنين ما هم فيه من المحن والأزمات، يا رحيم، اللهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ نسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لَنا شَأْنَنا كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنا إلى أنَفُسِنا طَرْفَةَ عَيْن، اللهم صلِّ وسلم وبارك على إمامنا ونبيِّنا محمد بن عبدالله، عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون، وارض اللهم عن آل بيته، وصحبه والتابعين، ومن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 20/6/1433 هـ - أثر الشيطان في إذكاء الشحناء والبغضاء
  • خطورة الشحناء (خطبة)
  • اتقوا الشح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تنبيه العقلاء إلى وجوب الصبر على البلاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصال العاقل من روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تنبيه المشيع للموتى والزائر للمقابر إلى بدع ومخالفات وتنبيهات وملاحظات وعظات ومسائل تتعلق بالمقابر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تنبيه الأمم على خطر الإلحاد في الحرم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التنبيه على خطر الابتعاث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نهي العقلاء عن السخرية والاستهزاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحذير العقلاء من حرمة الدماء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تذكير العقلاء بأحوال الناس عند الابتلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في صفات العقلاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب