• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

قتل الأولاد لآبائهم وأمهاتهم: أسبابه وعلاجه (خطبة)

قتل الأولاد لآبائهم وأمهاتهم: أسبابه وعلاجه (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/5/2023 ميلادي - 11/11/1444 هجري

الزيارات: 7598

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قتل الأولاد لآبائهم وأمهاتهم: أسبابه وعلاجه

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

أيها المسلمون، إن للقريب حقًّا على قريبه، وله حرمة ومنزلة عليَّة في مشهده ومغيبه، وكلما كان أقرب كان أعظم حقًّا وحرمةً ومكانةً؛ ولهذا أمر الله تعالى بصلة القُرْبى، ونهى عن قطعها، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقال سبحانه: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23].


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)) [1].


ولأجل القرابة جعل الإسلام الإحسان من القريب لقريبه مضاعف الأجر؛ فعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ صَدَقَتَكَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَإِنَّهَا عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ))، وفي رواية: ((الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ))[2].


بل أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم بالإحسان من القريب إلى قريبه حتى ولو أساء إليه؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: ((لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ))[3].


ولهذه الصلة التي يجب مُراعاتها جعلت شريعتنا الغَرَّاء اعتداء القريب على قريبه أمرًا شنيعًا لا سيَّما الاعتداء عليه بالقتل وإذهاب الحياة؛ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ لَأَيَّامًا يَزُولُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ))، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: ((الْقَتْلُ))، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ؛ إِنَّا نَقْتُلُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ وَأَبَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ))، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِن النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ، يَحْسَبَ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ))[4].


فتأمَّلوا -رحمكم الله- في هذا النص الشريف الذي يخبرنا رسولُنا صلى الله عليه وسلم فيه عن زمان مظلم يكثر فيه القتل، ويشير عليه الصلاة والسلام إلى سبب من أسبابه في أول الحديث؛ ألا وهو الجهل بالدين، وما أكثره في أيامنا هذه!


نعم، لقد ازداد العلم بالدنيا ولكن قلَّ العلم بالإسلام؛ فلذلك كثرت الذنوب، ومنها ذنب القتل الحَرام.


ثم انظروا كيف أخبر رسول الله عمَّا يحدث في ذلك الزمان من القتل الكثير، وكيف بيَّن أن القتلى فيه إنما هم من المسلمين يقتل بعضُهم بعضًا.


بل إن فظاعة المشهد تزداد حين تمتدُّ جريمةُ القتل إلى قتل الأقارب بعضهم بعضًا؛ فيقتل الزوج زوجته، والزوجة زوجها، ويقتل الابن أباه أو أمَّه، ويقتل الأخ أخاه أو أخته، ويقتل ابن العم عمَّه والعم ابن أخيه، ألا ترون أن هذه الصور حاصلة في أيامنا، وبتنا نسمع عنها هنا وهناك؟


وانظروا نظرة ثالثة إلى الحديث وتفكَّروا في استغراب الصحابة رضي الله عنهم أن يحصل هذا والعقول التي تعقل الإنسان عن الشر موجودة!


لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأن أولئك القاتلين للأقربين ليس لهم عقول على الحقيقة؛ إذ كيف يمكن لعاقل أن يعتدي على قريبه بالقتل وهو ربما يُضحِّي بحياته في بعض الأحوال من أجله.


عباد الله، إنه لمن المآسي الفظيعة، والأحوال المخيفة في هذا الإطار المؤسف: أن نسمع بين حين وآخر عن قيام بعض الأبناء أو البنات بقتل آبائهم وأمهاتهم، بل بأبشع أنواع القتل في بعض صور تلك الجريمة الشنعاء.


فهل كنتم تتصوَّرُون أن تصلوا إلى زمان تسمعون فيه أن ابنًا قتل أباه أو أُمَّه، وأن بنتًا قتلت أُمَّها؟!


هل يعقل هذا؟! بل هل يعقل أن يكثر هذا ولم يبق محصورًا في حالات نادرة؟!


إننا نقول بكل أسًى: إنه لم يبقَ لدى مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء ما يمنعهم من جريمتهم من إنسانية أو عُرف أو دين أو مشاعر أو رحمة، ولو كانت هذا الموانع قويةً في نفوسهم لما أقدموا على خطيئتهم الفظيعة.


فكيف يمكن لإنسان أن يقتل من كان سبب وجوده إلى هذه الحياة، ومن ربَّاه وأحسن إليه غاية الإحسان، وتعب من أجله كي يستريح وسهر لينام، ومرض ليصح، وشقي ليسعد، وتحمَّل أنواع المشاقِّ حتى يرى ولده الحياة جميلةً سعيدةً.

غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَمُنْتُكَ يَافِعًا
تُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ
إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ
لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ
كَأَنِّي أَنَا الْمْطَرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي
طُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنَايَ تَهْمُلُ


قال الله تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف: 15].


وكيف يصحُّ أن يعتدي إنسان على من قرن الله حقَّه بحقهما، وشكره بشكرهما، وجعل رضاه في رضاهما وسخطه في سخطهما.


قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، وقال: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].


وعَنْ عبدالله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ))[5].


أيغري العاقَّ في الاعتداء على والديه قوتُه وضعفهما، وشبابُه وهرمهما، وقدرتُه وعجزهما، وقد كان صغيرًا فرَعَيا صَغِرَه، ضعيفًا فقوَّياه، عاجزًا فأقدراه.


إن الإنسان الكريم يسعده مجيءُ الوقت الذي يستطيع فيه ردَّ الجميل لمن أحسن إليه، وضعف الوالدين وحاجتهما عند كبرهما هو الوقت الذي يحتاجان فيه إلى مزيد بر الأولاد، قال تعالى: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].


أيها الإنسان، ارجع بذاكرتك إلى طفولتك كيف كان يصنع والدك بك حين تجوع، وحين تمرض، وحين تحضرك الحاجة، كانا يصنعان بك كل ما تحتاج إليه في تلك الأحوال وهما يرجوان صحتك وبقاءك على الحياة. فكيف حالك معهما في كبرهما وضعفهما؟


عَنْ زُرْعَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي أُمًّا بَلَغَهَا مِنَ الْكِبَرِ أَنَّهَا لَا تَقْضِي حَاجَةً إِلَّا وَظَهْرِي مَطِيَّةٌ لَهَا فَأُوطِيهَا وَأَصْرِفُ عَنْهَا وَجْهِي، فَهَلْ أَدَّيْتُ حَقَّهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَيْسَ بَعْدَ مَا حَمَلْتُهَا عَلَى ظَهْرِي، وَحَبَسْتُ عَلَيْهَا نَفْسِي؟ قَالَ: «لَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَصْنَعُ ذَلِكَ بِكَ وَهِيَ تَتَمَنَّى بَقَاءَكَ، وَأَنْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ بِهَا وَأَنْتَ تَتَمَنَّى فِرَاقَهَا"[6].


أيها الإخوة الكرام، مهما صنع الوالدان أو أحدهما مما يؤذي الولد أو يضجره فإن ذلك لا يدعو إلى إيذائهما، ولا يبرر الاعتداء عليهما، بل لو توعَّداه أو أحدهما بالقتل فلا يحق له أن يبادرهما به.


واسمعوا قول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15].


أرأيتم - معشر المسلمين - كيف ذكر الله وجوب بِرِّ الوالدين ومصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما وحرصهما الشديد على ردِّ ولدهما إلى الكفر، ومع هذا كله لم يقل للابن المسلم: اقتل والديك الكافرين، ولا عُقَّهما، وإنما قال له: وصاحبهما في الدنيا معروفًا.


عباد الله، إن ما نسمعه بين فينة وأخرى من قتل الأبناء للأمهات والآباء عمل شنيع غريب على مجتمعاتنا الإسلامية، ولهذه الجريمة الكبيرة أسباب أوصلت إليها، فما تلك الأسباب؟


الأسباب كثيرة، لكن منها:

تناوُل المسكرات من خمور وشبو ومُخدِّرات وغير ذلك، فكم من عدوان جرى على الأقارب والأباعد سببه تناوُل هذه الخبائث التي حرَّمَها الله تعالى على عباده.


قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90].


وأخطر هذه المسكرات: الشبو الذي ظهر في هذه السنوات الأخيرة؛ فهو آفة العصر وبلية الدهر الذي ما دخل بيتًا إلا دمَّرَه، ولا خالط مجتمعًا إلا أفسده وأهلكه.


ومن أسباب قتل الأولاد للآباء والأمهات: متابعةُ فاسدِ الأعلام ووسائل التواصُل الاجتماعي والألعاب الإلِكترونية الضارة.


فهناك مسلسلات ومواقع ومقاطع وبرامج ومجموعات ومنتديات وغرف تدعو إلى جريمة القتل وتروِّج لها وتُشجِّع عليها.


وهناك ألعاب إلِكترونية تهيج النفوس، وتهون الجرائم، وتُغيِّر العقول، وتسلب الإرادة، وتُربِّي الطفل أو الشاب على حب الاعتداء، فما يراه الأطفال والشباب في هذا العالم الافتراضي المتخم بالجريمة يمكن لبعضهم أن يُحوِّله إلى واقع في حياته وحياة مَنْ حوله.


وهذا الواقع الإعلامي الفاسد المُفسِد واقع مفروض قَلَّ أن يسلم منه بيت من بيوت الناس في عصرنا الحاضر، إلا من هداه الله فشاهد الطيب وأعرض عن الخبيث.


ومن أسباب قتل الأولاد للآباء والأمهات: جلساء السوء الذين يدعون جلساءهم إلى العقوق والتمرُّد على البيوت والانتصار للشهوات الجامحة والأفكار الشاذة المنحرفة التي لا تعرف حُرْمةً لدم مسلم فضلًا عن دم أب أو دم أم.


وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ))[7].


ومن أسباب قتل الأولاد للآباء والأمهات: ضعف التربية منذ الصغر؛ فهناك آباء وأمهات تركوا الحبل على الغارب لأولادهم، فلا ربَّوهم على طاعة الله تعالى، ولا علَّمُوهم طاعتهم وبِرَّهم بأقوالهم وأفعالهم، فكيف يُرجى بِرٌّ ورحمة بالأبوين من شاب تربَّى على الشر والعصيان والبُعْد عن طاعة الرحمن؟!


فما يلاقيه بعض الآباء والأمهات من عقوق أولادهم واعتدائهم عليهم إنما هو فاتورة تفريطهم، وترك تربيتهم ومتابعتِهم، والتغافل عن معرفةِ جلسائهم ومدخلهم ومخرجهم، ولكن مع هذا فإن هذا التفريط لا يُعَدُّ مبررًا للقتل وسفك الدم.


ومن أسباب قتل الأولاد للآباء والأمهات: سوء الحياة الزوجية داخل البيوت، فقد تكون هناك خلافات شديدة بين الأب والأم فيُجنِّد كل طرف بعض أولاده على الطرف الآخر، ويدعوه إلى الاعتداء عليه، فربما قتل الابن أباه انتصارًا لأمِّه، وربما قتلت البنت أمَّها انتصارًا لأبيها.


فأين العقول من الآباء والأمهات، قبل أن نسأل عن عقول الأبناء والبنات؟!


نسأل الله تعالى أن يهدي الأمهات والآباء، والبنات والأبناء، وأن يصرف عن مجتمعنا وسائر المجتمعات الإسلامية هذه الجريمة وكل جريمة.


قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

أيها المسلمون، إن قتل الأولاد لآبائهم وأمهاتهم جريمة بشعة تحتاج إلى تكاتف أفراد المجتمع جميعًا للحيلولة دون تكرارها.


يحتاج الأمر إلى يقظة أسرية في البيوت، وإلى يقظة توعوية من قبل الجهات الإرشادية والإعلامية الصالحة، وإلى يقظة حكومية لمتابعة المجرمين وسَنِّ العقوبات الرادعة التي تزجر كل مَنْ تُسوِّل له نفسُه الأمَّارةُ بالسوء إلى فعل هذا الذنب العظيم؛ "فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، كما قال عثمان رضي الله عنه.


ألا وإن من الوسائل المساعدة على المنع من هذا الفعل الأثيم: التربية الإيمانية للأطفال والشباب؛ لأنهم إذا صلح حالهم مع الله صلح حالهم مع خلقه؛ لأن طاعة الله تعالى تُعلِّمهم بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما، وكفَّ يد الاعتداء عنهما، وأما إذا تربَّى الطفل والشاب على البعد عن الصلاح والخير فلن يراعي في الغالب حقَّ والديه بعد أن ضيَّع حَقَّ ربِّه.


فعَلِّمُوا أولادكم الصلاة، وقراءة القرآن، والذهاب إلى المساجد، ومجالس العلم والذِّكر، ودُلُّوهم على مجالسة الصالحين، والبُعْد عن مجالسة أهل الشر والفساد.


راقبوهم، واسألوا عنهم مع من يجلسون ويصحبون، لا تتركوهم في أماكن الضياع واللهو والانحراف، واتعبوا في متابعتهم اليوم حتى تستريحوا من جرائمهم غدًا.


قال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لِرَجُلٍ: "أَدِّبِ ابْنكَ؛ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ وَلَدِكَ، مَاذَا أَدَّبْتَهُ؟ وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ"[8].


ومن وسائل العلاج: إشغال الشباب بالأعمال النافعة المشروعة، وألَّا يُترَكوا للفراغ؛ فإن الفراغ طريق الضياع والانحراف والجريمة، قال أبو العتاهية:

إنَّ الشبابَ والفراغَ والْجِده
مُفسدةٌ للمرء أيُّ مَفسده

ومن وسائل العلاج: تحذيرهم من خطر الفضاء المفتوح والإعلام المنحرف والألعاب الإلِكترونية المُدمِّرة، واختيار البرامج والمواقع والقنوات المفيدة التي ترشد إلى النافع في أمر الدنيا أو الدين.


فانتبهوا -أيها الشباب- واحذروا الإعلام المنحرف، والدخول في مواقع أو قنوات أو مجموعات تروِّج للرذيلة والانحراف الفكري، وتصطاد عقول الشبان شيئًا فشيئًا.


ومن وسائل العلاج: الحذر من المسكرات بأنواعها، والابتعاد عن رفقاء الشر الذين يُروِّجون لها، وربما يغرون الشباب بالأموال والشهوات حتى يُوقِعوهم في مصايدهم، فيصعب خروجهم منها حينئذٍ.


ومن وسائل العلاج: أن نقول للآباء والأمهات: اتقوا الله في أنفسكم وأولادكم؛ أحسنوا معاملتهم وأحسنوا تربيتهم، وأدُّوا لهم حقوقهم المشروعة، وإياكم وظلمهم وتفضيل بعضهم على بعض بما يُوغِر صدورَهم، ويبخسهم ذا الحق من حقِّه، ففي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ)).


وإذا كانت بينكم مشكلات فلا تنشروا بساطها أمام أسماعهم وأبصارهم، ولا يُحرِّض الأب أولاده على أمِّهم، ولا تُحرِّض الأمُّ أولادَها على أبيهم، فالنتيجة وخيمة على الجميع.


أخيرًا: المسارعة في إقامة حد الله تعالى على القتلة وعدم التساهل فيه؛ حتى يكون رادعًا لهم، وزاجرًا لغيرهم.


قال الله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا))[9].


اللهم أصلحنا وأصلح أولادنا ومجتمعنا، وجنِّبنا أسباب الفساد، وأصلح أحوال العباد والبلاد.


هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البشرية.



[1] رواه البخاري.

[2] رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وابن حبان، وهو صحيح.

[3] رواه مسلم.

[4] رواه البخاري في صحيحه وفي أدبه المفرد، ورواه أحمد وابن ماجه.

[5] رواه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان، والحاكم، وهو صحيح.

[6] الجامع لابن وهب (ص: 149).

[7] رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وهو حسن.

[8] شعب الإيمان (11/ 135).

[9] رواه أحمد وابن ماجه والنسائي، وهو حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إلى المغتبطين بقتل المؤمنين
  • سبب ترك قتل المنافقين
  • قتل الساحر قد يكون ردة وقد يكون حدا
  • قتل الفواسق في الحرم
  • القتل الخطأ وأحكامه

مختارات من الشبكة

  • ظاهرة قتل الأزواج والزوجات: أسبابها، والوقاية منها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تفسير آية: (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القتل رحمة، أو القتل بدافع الشفقة بين الإسلام والغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة الوقوع في القتل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الجناية على النفس(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • فضل قتل الوزغ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القتل والانتحار لدى جيل الإنترنت: دراسة تحليلية نفسية(مقالة - ملفات خاصة)
  • ظاهرة القتل العمد في ديار المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث أبي سعيد الخدري: كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كفارة القتل في الإسلام(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب