• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أقوال العلماء فيما يعفى عنه من النجاسات
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الفقه الميسر (كتاب الطهارة - ما يستحب ويندب له ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حين تغادر قبل أن تكتمل البركات
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تفسير: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تخريج حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الوجيز الـمنتقى من سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة ...
    شوقي محمد البنا
  •  
    وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    الحديث الثاني عشر: شهادة الزور جريمة كبرى
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الترادف والفروق اللغوية في القرآن الكريم (نماذج ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

خطبة: {إن الله على كل شيء قدير}

خطبة: {إن الله على كل شيء قدير}
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/5/2023 ميلادي - 12/11/1444 هجري

الزيارات: 19800

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد: اللهُ تبارك وتعالى له القُدْرَةُ الكاملةُ، فلا يُعجزه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، وقُدرته تعالى قُدرةٌ مُطلقةٌ لا يُحِدُّها شيءٌ، ولا تحتاج إلى مُقدِّماتٍ، ولا إلى أسبابٍ، يُدَبِّرُ شئونَ هذا الكونِ بقَدرهِ وقُدرَتِه وحِكمَتِه ﴿ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴾ [المرسلات: 23]. فسبحانه إذا قدَّرَ شيئًا قَدَرَ على تنفيذه ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]. فبِقُدْرَتِه أوجَدَ الموجودات، وبِقُدرتِه دبَّرها، وبِقُدرتِه سوَّاها وأحْكَمَها، وبِقُدرتِه يُحيي الموتى، ويَبعث العباد للجزاء، ويُجازي المُحسِنَ بإحسانه، والمُسيءَ بإساءته.

 

ومِنْ دَلائِلِ قُدْرَةِ اللهِ تعالى: خَلْقُ الخَلْقِ، ثم إماتتُهم، ثم إعادتُهم؛ ولا يَقدرُ على ذلك غيرُه سبحانه؛ ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ ﴾ [الحج: 66]. نَسِيَ أنَّ اللهَ تعالى خلَقَه ولم يَكُ شيئًا، ونَسِيَ أنَّ اللهَ سيُمِيتُه بغتةً، ونَسِيَ أنَّ اللهَ سيُحْيِيه مرةً أُخرى؛ للسُّؤالِ والجزاء.

 

وقال تعالى: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [لقمان: 28]. أي: إلاَّ كخَلْقِ نَفْسٍ واحدةٍ، فسُبحانه لا َيَشُقُّ عليه شيء؛ القليل والكثير عنده سواء، ولَمَّا سُئِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كيف يُحاسِبُ اللهُ الناسَ جميعًا في وقْتٍ واحد؟ قال: (كما يرزقهم جميعًا في وقْتٍ واحد). وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم: 27]. وكلُّ شيءٍ مهما عَظُمَ فهو على الله تعالى هَيِّن. ولَمَّا قالتْ مريمُ: ﴿ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 20، 21].

 

ومِنْ دَلائِلِ قُدْرَةِ اللهِ تعالى: اخْتِلَافُ صُوَرِ الخَلْقِ، وعدمُ تشابُهِهِم؛ قال ابنُ حزمٍ رحمه الله: (من عَجِيبِ قُدرَةِ اللهِ تَعَالَى كَثْرَةُ الْخلق؛ ثمَّ لَا تَرَى أحَدًا يُشْبِه آخَرَ شَبَهًا لَا يكون بَينهمَا فِيهِ فَرْقٌ). بل انظرْ إلى هذه الأعدادِ الهائلة من الناس – مُنذ بِدايةِ الخَلْقِ، وإلى قيامِ الساعة – لا يوجد بينهما تَشابُهٌ في بَصَماتِ الأصابع! قال الله تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ [القيامة: 3، 4]. قال السعدي رحمه الله: (فاسْتَبْعَدَ - مِنْ جَهلِه وعُدوانِه - قُدْرَةَ اللهِ على خَلْقِ عِظامِه التي هي عِمادُ البَدَنِ، فرَدَّ عليه بقوله: ﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ أي: أطرافَ أصابِعِه وعِظامِه، المستلزم ذلك لِخَلْقِ جميعِ أجزاءِ البدن؛ لأنها إذا وُجِدَت الأنامِلُ والبَنَانُ، فقد تمَّت خِلْقَةُ الجسدِ.

 

ومِنْ دَلائِلِ قُدْرَةِ اللهِ تعالى: إِحْياءُ الموتى؛ وقد وقَعَ ذلك مِرارًا في صُورةٍ باهِرَةٍ تَشفِي القلوبَ الحائِرَةَ؛ ومن ذلك ما قصَّه اللهُ تعالى، فقال: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259]. ومِنْ أوجُهِ قُدرَةِ اللهِ تعالى في هذه الآية:

1- أنه أماتَه مِائَةَ عامٍ؛ لِيتحلَّلَ جسدُه بالكلية، ثم بَعثَه بعد الموت، في سابِقَةٍ لا تحدث إلاَّ يوم القيامة.

 

2- سألَه اللهُ تعالى: ﴿ كَمْ لَبِثْتَ ﴾؛ لِيَظْهَرَ له عجزُه عن الإحاطة بأحواله وشئونه، ويُعرِّفَه قُصورَ عِلمِه بنفسِه – فضلاً عن غيرِه – مع كمال إحاطةِ اللهِ بكلِّ شيءٍ.

 

3- أنَّ اللهَ لم يُشعِرْه بطول الزَّمان، فمرَّتْ عليه المِائَةُ عامٍ كأنَّها يومٌ أو بعضُ يومٍ. وفيه إشارةٌ إلى أنَّ اللهَ تعالى بِيَدِه أنْ يُغَيِّرَ نوامِيسَ الكون، ويَقْلِبَ هذه الحياةَ رأسًا على عقب، ويُغيِّر نِظامَها.

 

4- من بدائع قُدرةِ اللهِ: حِفْظُه للطعام أعوامًا طويلةً دون تَغيُّر.

 

5- أنَّ بدنَه صار تُرابًا، وكذلك حِمارُه، فتأثير الزَّمان على الأبدان اختلفَ عن تأثيرِه على الطعام؛ فقد أَذِنَ اللهُ للزَّمانِ أنْ يُحْدِثَ أثرَه المُتعارف عليه بين الناس في تحلُّلِ الجسد، فمَنْ غيرُ القديرِ أّذِنَ للزَّمَنِ أنْ يُحْدِثَ أثرَه على الأبدان، ومنَعَ تأثيرَه على الطَّعام؟

 

6- أحْيَا اللهُ حِمارَه أمام عينيه، فراحَ يقول – مُعْتَرِفًا: ﴿ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

 

ومِنْ دَلائِلِ قُدْرَةِ اللهِ تعالى: تقليبُ القلوبِ؛ فمهما بلغت قُدرةُ المخلوقِ وتقواه، أو سَطْوَتُه وقَهْرُه؛ فلا يقوى بَشَرٌ على تغيير ما في قلب البشر؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - لِعَمِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: «قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَأَبَى؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56] رواه مسلم.

 

وتأمَّلْ في حالِ ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ – حِينَ نَطَقَ بالتوحيد؛ ماذا قال؟ فقد قال: «يَا مُحَمَّدُ! وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ» رواه البيهقي في "دلائل النبوة".

 

قال ابن القيم رحمه الله: (القديرُ الذي لِكَمالِ قُدرتِه يَهدي مَنْ يشاءُ، ويُضِلُّ مَنْ يشاءُ، ويَجعلُ المُؤمِنَ مُؤمنًا، والكافِرَ كافرًا، والبَرَّ بَرًّا، والفاجِرَ فاجِرًّا، وهو الذي جعل إِبراهيمَ وآلَه أَئِمَّةً يَدعون إِليه، ويَهْدون بِأَمْرِه، وجعلَ فِرعونَ وقومَه أَئِمَّةً يَدعون إِلى النَّار). فسُبحانَ اللهِ القادِرِ على قلبِ القلوب، وتحويلِ الأمور، وتغييرِ الأحوال.

 

ومِنْ دَلائِلِ قُدْرَةِ اللهِ تعالى: قُدْرَتُه على إِهْلاكِ المجرمين، والانتقامِ مِنَ الظَّالِمين: ولا يَظُنَّنَّ مُجْرِمٌ أو ظالِمٌ أنَّ اللهَ أهمَلَه، بل أمْهَلَه؛ لِيَأْخُذَه أخْذَ عزيزٍ مُقتدِرٍ؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102] رواه البخاري. وإهلاكُ اللهِ المجرمين وانتقامُه من الظالمين أكثرَ مِنْ أنْ يُحْصَى، وحَسْبُنا قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [فاطر: 44].

 

ومِنْ دَلائِلِ قُدْرَةِ اللهِ تعالى: إِظْهار قُدْرَتِه في الآخِرَةِ؛ وقد ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم شيئًا من ذلك؛ حين قال: «يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: "أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟" ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟"» رواه مسلم. فالسَّمَواتُ والأَرَضُونَ على سعتِها وقُوَّتِها وعَظَمَتِها وعَجِيبِ خَلْقِها؛ يَطْوِيها القادِرُ المُقتَدِرُ؛ يَطْوِيها بيده سبحانه وتعالى.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... أيها المسلمون.. مَنْ عَرَفَ القادِرَ المُقْتَدِرَ جل جلاله؛ لا يتوكَّلُ إلاَّ عليه، ولا يَعْتَصِمُ بأحدٍ سِوَاهُ، ولا يُفَوِّضُ أمْرَهُ إلاَّ إليه؛ لأنَّ مقاليدَ الأمورِ كلها بيده، فلا يُعجزه شيءٌ. وينبغي على الإنسانِ أنْ يَظَّلَ على حَذَرٍ من قُدرةِ اللهِ تعالى؛ فلا يسترسل في المعاصي، ولا ينقاد لشهوته؛ لأنَّ عينَ القادِرِ لا تَنام، وأعمالُ العبدِ تُحْصَى عليه، ثم يُحَاسَبُ عليها في الدنيا والآخرة.

 

وينبغي الابتعادُ عن الظَّلْمِ بِشَتَّى صُوَرِه؛ لأنَّ الإيمان بِقُدرَةِ اللهِ تعالى وانتقامِه للمظلومين من الظالمين يجعلُ العبدَ يرتدع عن الظُّلْمِ والعُدوان. قال تعالى: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ [البروج: 12]؛ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي؛ فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ! لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ» رواه مسلم.

 

فلا يَغْتَر الإنسانُ بِقُدْرَتِه أيًّا كان نَوعُها؛ فبَيْنَ عَشِيَّةٍ وضُحاها أو غَمْضَةِ عَينٍ وانتِباهَتِها يُحَوِّلُ القادِرُ المُقتَدِرُ الغِنَى إلى فَقْرٍ، والعِزَّةَ إلى ذِلَّةٍ، والصِّحةَ إلى مَرَضٍ، والحياةَ إلى مَوتٍ. ولهذا علَّمَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ نَسْتَخِيرَ اللهَ تعالى في أُمورِنا كُلِّها؛ لأنَّنا أضْعَفُ من أنْ نَسْتَقِلَّ بأَخْذِ قَرارٍ، أو نُقدِمَ على شيءٍ لا نعلمُ مآلَه أو مصيرَه، فقد علَّمَنا أنْ نقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ...» رواه البخاري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إن الله على كل شيء قدير
  • تفسير: (ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير)
  • وقفات مع القاعدة القرآنية: إن الله على كل شيء قدير
  • {إن الله على كل شيء قدير}

مختارات من الشبكة

  • خطبة: وصايا نبوية إلى كل فتاة مسلمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر الله بعد كل عبادة، عبادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العبرة من كسوف الشمس والقمر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب