• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أحكام الزنا والقذف واللعان

أحكام الزنا والقذف واللعان
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/5/2023 ميلادي - 10/10/1444 هجري

الزيارات: 6384

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام الزنا والقذف واللعان

 

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:

فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «أحكام الزنا، والقذف، واللعان».

 

وسوف ينتظم حديثنا معكم حول سبعةِ محاور:

المحور الأول:احذروا الزنا.

المحور الثاني:عقوبة الزاني في الدنيا.

المحور الثالث:احذروا جريمةَ القذفِ.

المحور الرابع:عقوبة القاذف في الدنيا.

المحور الخامس:أحكامُ اللِّعان.

المحور السادس:كَيفِيَّةُ اللِّعَانِ.

المحور السابع:متى تَسقط الحدُودُ؟


واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.

 

المحور الأول: احذروا الزنا:

اعلموا أيها الإخوةُ المؤمنونَ أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يعذب الزاني يوم القيامة عذابًا شديدًا.


قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].


ورَوَى البُخَارِيُّ عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَياهُ مَلَكَانِ في مَنامِهِ، وفيهِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللهَبُ ضَوْضَوْا[1]، قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلَاءِ؟.

 

قَالَا: «إِنَّهُمُ الزُّنَاةُ، وَالزَّوَانِي»[2].

 

والزنا من أعظم ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» [3].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ»: أي زوجته، ومعنى تزاني: تزني بها برضاها، وذلك يتضمن الزنا، وإفسادَها على زوجِها، واستمالَة قلبها إلى الزاني، وذلك أفحشُ[4].

 

المحور الثاني: عقوبة الزاني في الدنيا:

اعلموا أيها الإخوةُ المؤمنونَ أنَّ مَنْ زنا وهو متزوِّج فعقوبتُهُ الرَّجْمُ بالحجارة حتى الموت.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللهِ ه، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُ»[5].

 

وجعل الله عقوبة الزاني الذي لم يتزوج مائةَ جلدةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ عَنْ بَلَدِهِ في الدنيا.

قال الله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 2].


ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما قَالَا: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ، فَقَالَ: صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا[6] عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا»[7].

 

وَلَا يَجِبُ حَدُّ الزِّنَا إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَ شَرْطَانِ:

الأول: تَغْيِيبُ قدَرِ الجِلْدَةِ المَقْطُوعَةِ مِنَ الذَّكَرِ فِي الخِتَانِ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ.

رَوَى البُخَارِيُّ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ» قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَنِكْتَهَا»، لَا يَكْنِي، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهِ[8].

 

فإنْ حدَثَ ما دُونَ ذلكَ لم يَجِبِ الحدُّ على الفاعلِ، وإنما يجبُ عليه التعزيرُ وهو التَّأديبُ بما يراه القاضي.

 

الثاني: أَنْ يَعْتَرِفَ الزَّاني عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَيَسْتَمِرَّ عَلَى إِقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ الحَدُّ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ مِنَ المُسْلِمِينَ.


قالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4].


ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ المسْلِمِينَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المسْجِدِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَبِكَ جُنُونٌ؟».

قَالَ: لَا.

قَالَ: «فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟[9]».

قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبُوا بِهِ، فَارْجُمُوهُ»[10].

 

المحور الثالث: احذروا جريمةَ القذفِ:

اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أنَّ القَذْفَ مُحَرَّمٌ، وَكَبِيرَةٌ منَ الكَبائِر، وَهُوَ رمي الغيرِ بفِعلِ الفاحِشةِ.


قالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 23].


وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ».

 

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟.

 

قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المحْصَنَاتِ المؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ»[11].

 

المحور الرابع: عقوبة القاذف في الدنيا:

اعلموا أيها الإخوةُ المؤمنونَ أنَّ مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ بِالزِّنَا جُلِدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً.


لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4].


وَيَسْقُطُ حَدُّ القَذفِ عَنِ القَاذِفِ بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ:

الأولُ: أَنْ يعفوَ المَقْذُوفُ عَنِ القاذِفِ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى القَاضي، فَإِنْ وَصَلَ إِلَى القَاضي فَلَا يَسْقُطُ الحدُّ.

رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَيْغَمٍ، كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ»[12]، أي لو انتقَصَني أَحدٌ فليس لي عليه حقٌّ.

 

رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَعَافَوُا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ، فَقَدْ وَجَبَ»[13].

 

أي ليعف بعضكم عن بعضٍ فيما يوجب إقامةَ الحدِّ قبل أن يبلغني، فإذا بلغني وثبتَ عندي فقد وجب عليَّ إقامةُ الحد.

 

الثَّاني: إِذَا أَقَرَّ المَقْذُوفُ بِالزِّنَا.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4]، وَالإِقْرَارُ، وَالتَّصْدِيقُ فِي مَعْنَى البَيِّنَةِ، بَلْ أَبْلَغُ مِنْ إِقَامَةِ البَيِّنَةِ.

 

الثَّالثُ: إذا أتَى القَاذفُ بِأَربَعَةِ شُهودٍ يشهدون على ما يدَّعيهِ.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4].


الرابع: إِذَا قَذَفَ الرَّجُل زَوجَتهُ، فَلاعَنهَا.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6 - 9].


المحور الخامس: أحكامُ اللعان:

اعلموا أيها الإخوةُ المؤمنونَ أنَّ اللِّعَانَ يَجِبُ عَلَى مَنْ رَأَى زَوْجَتَهُ تَزْنِي، ثُمَّ وَلَدَتْ مَا يَغْلُبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ تُقِرُّ بِالزِّنَا فَيُصَدِّقُهَا.


فَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ المُحْصَنَةَ بِزِنًى، فَقَالَ: زَنَيْتِ، أَوْ: يَا زَانِيَةُ،أَوْ: رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ، فَعَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ:

الأول: أَنْ يأتي بأربَعَةِ شُهودٍ يشهدون على ما يدَّعيهِ.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4].

 

وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «البَيِّنَةَ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ».

 

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ.

فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «البَيِّنَةَ، وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ».

 

فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ فَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 4 - 9] [14].

 

الثاني: اللِّعَانُ إِذَا كَانَ مُقِرًّا بِقَذْفِهَا.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 4 - 9].

 

فهَذهِ الآياتُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ لِعَانَهُ يَقُومُ مَقَامَ الشُّهَدَاءِ فِي إِسْقَاطِ الحَدِّ.

 

الثالث: حَدُّ القَذْفِ إذَا لم يأَتِ بالشُّهَدَاءِ، ولمْ يُلاعنْ.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4].


الرابع: التَّعْزِيرُ - وَهُوَ التَّأدِيبُ كَمَا يَرَى القاضِي - إِذَا كَانَتْ زَوجَتُهُ كِتَابِيَّةً.

فإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ، ثَبَتَتْ أَرْبعةُ أَحْكَامٍ:

الحكم الأول: سُقُوطُ حَدِّ الزِّنا عَنِ الزَّوْجَةِ، وَحَدِّ القَذْفِ عَنِ الزَّوْجِ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُحْصَنَةً.

 

وَسُقُوطُ حَدِّ التَّعْزِيرِ إِنْ لَمْ تَكُنِ الزَّوجَةُ مُحْصَنَةً، والمُحصَنَةُ هيَ المُسلِمَةُ العفيفةُ.

 

الحكم الثاني: التَّفْرِيقُ بينَ المُتَلَاعِنَينِ، ولَا يحِلُ للرَّجلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ المَرأَةَ التي لاعَنَها.

 

رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فرَّقَ بَينَ المُتَلاعِنَينِ»[15].

 

وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: «حَضَرْتُ هَذَا[16] عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ في المُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا»[17].

 

الحكم الثالثُ: انْتِفَاءُ الوَلَدِ عَنِ المُلَاعِنِ، فَلَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، وإنَّمَا يُنسَبُ إلى أمِّهِ، فيقال: فلان بن فلانة.

 

رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ رَجُلاً لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَأَلحَقَ الوَلَدَ بِالمَرْأَةِ»[18].

 

الحكم الرابع: وجوبُ المهرِ للمرأةِ.

 

المحور السادس: كَيفِيَّةُ اللِّعَانِ:

1- أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ القَاضي: أَشْهَدُ بِاللهِ أَنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَا، وَيُشِيرُ إِلَيْهَا، إِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً سَمَّاهَا باسمِهَا.

 

2- ثُمَّ يَقُولُ لَهُ القَاضي: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ المُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ العَذَابَ.

 

3- فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَمَرَهُ القَاضِي أَنْ يَقُولَ: وَإِنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيَّ إِنْ كُنْتُ مِنَ الكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُ فِيهِ زَوْجَتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَا.

 

4- ثُمَّ تَقُولُ المَرْأَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ زَوْجِي هَذَا لَمِنَ الكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَتُشِيرُ إِلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا سَمَّتْهُ بِاسْمِهِ.

 

5- ثُمَّ يَقُولُ لَهَا القَاضِي: اتقِي اللهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ المُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ العَذَابَ.

 

6- فَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ، أَمَرَهَا القَاضِي أَنْ تَقُولَ: وَإِنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيَّ، إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا.

 

وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا:

قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 4 - 9].

 

ورَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [النور: 6، 7]، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَبْشِرْ يَا هِلَالُ، قَدْ جَعَلَ اللهُ ۵ لَكَ فَرَجًا، وَمَخْرَجًا».

 

قَالَ هِلَالٌ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَلِكَ مِنْ رَبِّي.

 

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْسِلُوا إِلَيْهَا»، فَجَاءَتْ، فَتَلَا عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَّرَهُمَا، وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا.

 

فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللهِ لَقَدْ صَدَقْتُ عَلَيْهَا.

فَقَالَتْ: قَدْ كَذَبَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَاعِنُوا بَيْنَهُمَا».

فَقِيلَ لِهِلَالٍ: اشْهَدْ.

 

فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا كَانَتِ الخَامِسَةُ، قِيلَ لَهُ: يَا هِلَالُ اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ المُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ العَذَابَ.

 

فَقَالَ: وَاللهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللهُ عَلَيْهَا كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا.

فَشَهِدَ الخَامِسَةَ، أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ.

ثُمَّ قِيلَ لَهَا: اشْهَدِي.

 

فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ، إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ، فَلَمَّا كَانَتِ الخَامِسَةُ، قِيلَ لَهَا: اتَّقِي اللهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ المُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ العَذَابَ، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً.

 

ثُمَّ قَالَتْ: وَاللهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي.

فَشَهِدَتِ الخَامِسَةَ، أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ، وَلَا تُرْمَى وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الحَدُّ، وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مُتَوَفَّى عَنْهَا[19].

 

أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.


الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..

 

المحور السابع: متى تَسقط الحُدودُ؟

إِذَا فَعَلَ الصَّبيُّ، أَوِ المَجْنُونُ، أَوِ النَّائِمُ مَا يُوجِبُ عَلَيهِ الحدَّ كشُربِ الخمرِ، أو القذفِ، أو الزنا لَمْ يُقَمْ عَلَيهِ الحَدُّ.


رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ»[20].

 

ومَنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلِ ما يُوجِبُ عَليهِ الحدَّ لَمْ يُقَمْ عَلَيهِ الحَدُّ.

روَى ابنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»[21].

 

وَروى البيهقيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أُتِي بِامْرَأَةٍ قَدْ زَنَتْ، قَالَتْ: «إِنِّي كُنْتُ نَائِمَةً، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِرَجُلٍ قَدْ جَثَمَ عَلَيَّ، فَخَلَّى سَبِيلَهَا، وَلَمْ يَضْرِبْهَا»[22].

 

وَلَا يُقَامُ الحَدُّ إلَّا عَلَى مَنْ عَرَفَهُ، فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ، أَوْ شَرِبَ الخَمْرَ جَاهِلًا تَحْرِيمَهَا كحديث عهدٍ بإسلام، أو مَن نشأَ في بلادٍ غير إسلامية لم تعرف الإسلامَ.


وَلَا يُقَامُ الحَدُّ عَلَى الجَاهِلِ بِالحَالِ، كَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَظُنُّهَا مَاءً، أَوْ وَطِىءَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ.


روى عبد الرزاق بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ المسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَبْدُهُ بِالزِّنَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَهُ: «هَلْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ حَدَّ اللهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا، فَأَعْلِمْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ، فَإِنْ عَادَ، فَاحْدُدْهُ»[23].

 

وَروى عبد الرزاق بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: «لَا أَرَى الحَدَّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَرَفَهُ»[24].

 

الدعـاء...

• اللهم ثبِّت قلوبَنا على الإيمان.

• ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا.

• ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خيرُ الراحمين.

• ربنا ارحمنا فإنك بنا راحمٌ.

• ربنا اصرِف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غرامًا.

• ربنا اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنَه.

• ربنا هبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قرةَ أعينٍ واجعلنا للمتقين إمامًا.

 

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.



[1] ضَوْضَوْا: أَيْ ضَجُّوا، وَاسْتَغَاثُوا؛ [انظر: «النهاية في غريب الحديث» (3/ 105)].

[2] صحيح: رواه البخاري (7047).

[3] متفق عليه: رواه البخاري (4477)، ومسلم (86).

[4] انظر: «شرح صحيح مسلم»، للنووي (2/ 81).

[5] متفق عليه: رواه البخاري (6830)، ومسلم (1691).

[6] عسيفا: أي أجيرا.

[7] متفق عليه: رواه البخاري (2696)، ومسلم (1697، 1698).

[8] صحيح: رواه البخاري (6824).

[9] أحصنت: أي تزوجتَ.

[10] متفق عليه: رواه البخاري(6825)، ومسلم (1691).

[11] متفق عليه: رواه البخاري (2766)، ومسلم (89).

[12] صحيح: رواه أبو داود (4888)، وقال الألباني: «صحيح مقطوع».

[13] صحيح: رواه أبو داود (4378)، والنسائي (4885)، وصححه الألباني.

[14] صحيح: رواه البخاري (4747).

[15] صحيح: رواه أبو داود (2258)، وأحمد (1/ 238)، وصححه الألباني في «الإرواء» (2101).

[16] أي اللاعن.

[17] متفق عليه: رواه البخاري (4745)، ومسلم (1492)، وأبو داود (2252)، واللفظ له.

[18] متفق عليه: رواه البخاري (6748)، ومسلم (1494).

[19] صحيح: رواه أبو داود (2258)، وأحمد (1/ 238)، وصححه الألباني في «الإرواء» (2101).

[20] صحيح: رواه أبو داود (4405)، والترمذي (1423)، وابن ماجه (2041)، وصححه الألباني.

[21] صحيح: رواه ابن ماجه (2045)، وصححه الألباني.

[22] صحيح: رواه البيهقي في «الكبرى» (8/ 330)، وصححه الألباني في «الإرواء» (2312).

[23] صحيح: رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 402)، وصحح إسناده ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (2/ 360).

[24] حسن: رواه عبد الرزاق (7/ 407)، وحسن إسناده ابن كثير في «مسند الفاروق» (2/ 506).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حد الزنا بين رحمة الإسلام وعظم التربية
  • الزنا دمار الإنسان
  • حكم التعريض بالزنا في القذف
  • خطبة: ولا تقربوا الزنا
  • تنور الزناة
  • أهم الطرق لمكافحة الزنا

مختارات من الشبكة

  • أحكام الظهار واللعان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • مذكرة كتاب الطلاق والإيلاء والظهار واللعان (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإيلاء والظهار واللعان والعدة ( من بداية المتفقه )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السب واللعان خلق سيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب