• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: كيف ننجح في التواصل مع الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الحياة بين الإفراط والتفريط
    شعيب ناصري
  •  
    البناء والعمران بين الحاجة والترف (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    ذكر الله خير من إنفاق الذهب والفضة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أين تقف حريتك؟! (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تحريم الحلف بالطواغيت والأنداد كاللات والعزى ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المعالجات النبوية لأزمة الفقر (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    هل من خصائص النبي محمد عليه الصلاة والسلام أنه لا ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    الإيثار صفة الكرام
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: حر الصيف عبر وعظات
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه ...
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

نعمة العقيدة الصحيحة (خطبة)

نعمة العقيدة الصحيحة (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/2/2023 ميلادي - 26/7/1444 هجري

الزيارات: 42939

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نعمة العقيدة الصحيحة

 

الْـخُـطْبَةُ الأُوْلَـى

الحمد لله الذي مَنَّ بظاهرِ النِّعَمِ وفرُوعِهَا وَأُصُولِهَا، فأعْطَى النُّفوسَ مِن سَوَابِغِ نَعْمَائِهِ غايةَ مُنْيَتِها، ومنتهى سُؤْلِها، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الَّذِي تَفَرَّدَ بِإِيصَالِ الخَيرَاتِ وَالمَسَارِّ، وَدَفْعِ العُقُوبَاتِ وَالمَكْرُوهَاتِ وَالمَضَارِّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرسولُهُ المُصْطَفَى المُختَارُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ الأَخيَارِ، وَعَلَى التَّابِعينَ لَهمْ بِإِحسَانٍ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا، أما بعد:

فَاتَّقُوا اللهَ تعَالَى، واشْكُرُوا مَوْلَاكُمْ عَلَى مَا خَصَّكُم بِهِ مِنَ النِّعَمِ وَالآلَاءِ، واعْلَمُوا أَنَّكُم لَا تَقدِرُونَ عَلَى العَدِّ لَهَا وَالإِحصَاءِ، فَاشتَغِلُوا بِالتَّفَكُّرِ بِأُصُولِ النِّعَمِ وَقَوَاعِدِهَا، وَمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ثَمَرَاتِهَا وَنتَائِجِهَا وَفَوَائِدِهَا.

يَا مَنْ إِلَيهِ جَميعُ الخَلْقِ يَبْتَهِلُ
وَكُلُّ حَيٍّ عَلَى رُحْمَاهُ يَتَّكِلُ
يَا مَنْ نَأَى فَرَأَى مَا فَي القُلُوبِ وَمَا
تَحْتَ الثَّرَى وحِجَابُ اللَّيلِ مُنسَدِلُ
أَنتَ المُنَادَى بِهِ فِي كُلِّ حَادِثةٍ
وَأَنْتَ مَلجأُ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ الحِيَلُ
أَنتَ الغِيَاثُ لِمن سُدَّت مَذاهِبُهُ
أَنتَ الدَّليلُ لِمَن ضَلَّتْ بِهِ السُّبُلُ
إِنَّا قَصدنَاكَ والآمَالُ وَاقِعةٌ
عَليكَ والكُلُّ مَلْهُوفٌ ومُبتَهِلُ
فَإِنْ غَفَرتَ فَعَنْ طَوْلٍ وَعَنْ كََرمٍ
وَإِنْ سَطَوتَ فَأَنتَ الحَاكِمُ العَدْلُ

 

عِبَادَ اللهِ، يَقِفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَرِيرِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ - وَهُوَ يَلْفِظُ آخِرَ أَنْفَاسِ الْحَيَاةِ، فَيَقْضِي أَعْظَمَ حَقٍّ لَهُ فِي الدُّنْيا عَلَيه؛ وَهُوَ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى التَّوْحِيدِ، فَيَقُولُ لَهُ: ((أَيْ عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ))، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَالا يُكَلِّمَانهِ، حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَيُكَرِّرُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَجْتَهِدُ؛ لَكِنَّ أَبَا طَالِبٍ يَأْبَى اتِّبَاعَهَا حَتَّى مَاتَ؛ رواه البخاري.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إن ذُكِرَتْ نِعَمُ اللهِ وَعُدَّتْ، فَإِنَّ أَجَلَّهَا وَأَفْضَلَهَا: تَوحِيدُ اللهِ وَإِفرَادُهُ بِالعِبَادَةِ؛ إِنَّها الغَايَةُ مِنْ خَلقِ الجِنِّ وَالإِنسِ، بِهِ أُرْسِلَتْ الرُّسُلُ، وأُنزِلَتْ الكُتُبُ، ولِأَجلِهِ نُصِبَتْ المَوَازِينُ، وَوُضِعَتْ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَانقَسَمَتْ الخَلِيقَةُ إِلَى مُؤمِنينَ وَكُفَّارِ، وَعَلَيهِ يَقَعُ الثَّوابُ والعِقَابُ، وَعلَيهِ نُصِبَتْ القِبْلَةُ وَأُسِّسَتْ المِلَّةُ، وَلِأَجلِهِ جُرِّدَتْ سُيُوفُ الجِهَادِ، وَهُوَ حَقُّ اللهِ عَلَى جَميعِ العِبَادِ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾ [هود: 1، 2].

 

بِهَذِهِ العَقِيدَةِ تَخَلَّصَ الإنسَانُ مِنْ كُلِّ خَوفٍ وَوَجَلٍ، وَصَارَ لَا يَخَافُ أَحَدًا إِلَّا الله، وَعَلِمَ عِلْمَ اليَقِينِ أَنَّ اللهَ وَحدَهَ هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ كُلِّ مَا سِوَاهُ؛ تَفَرَّدَ بِخَلْقِ الْخَلْقِ، وَضَمِنَ لَهُمْ رِزْقَهُمْ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَعَلِمَ سِرَّهُمْ وَعَلانِيَتَهُمْ، وَلِعِبَادَتِهِ خَلَقَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِهَا.

 

نَعَمْ، اللهُ جَلَّ وَعَلَا هُوَ النَّافِعُ الضَّارُّ، والمُعطِي وَالمَانِعُ، وَأَنَّهُ وَحدَهُ الكَفِيلُ لِحَاجَاتِ البَشَرِ، فَمَنْ أَيقَنَ ذَلِكَ تَغَيَّرَ العَالَمُ كُلُّهُ فِي نَظَرِهِ بِهَذِهِ المَعْرِفَةِ الجَدِيدَةِ والاكتِشَافِ الجَدِيدِ، وَصَارَ مَصُوْنًا عَنْ كُلِّ نَوعٍ مِنَ العُبُودِيَّةِ وَالرِّقِّ، وَعَنْ كُلِّ رَجَاءٍ وَخَوفٍ مِنَ المَخْلُوقِ، وَعَنْ كُلِّ مَا يُشَتِّتُ البَالَ، وَيُشَوِّشُ الأَفْكَارَ، فَاعتَزَّ بِنَفسِهِ، وَفَرِحَ بِكَرَامَتِهِ، وَعَرَفَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مُكَرَّمٌ مِنْ خَالِقِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ أَحَدٌ غَير اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

نَعَمْ، تَلَاشَتْ عَقِيدَةُ الجَهْلِ وَالخُرَافَةِ وَالأَوْهَامِ الَّتِي تُقَدِّسُ الأَشخَاصَ وَالذَّواتَ, العَقيدَةُ الَّتي تَرَى أَنَّ لِبَعْضِ البَشَرِ شَيْئًا مِنَ القَدَاسَةِ، شَيئًا مِنَ القُدْرَةِ الخَارِقَةِ، شَيئًا يَفُوقُ العَادَةَ فَقَدَّسُوهُم وَعظَّمُوهُم وخَافُوهُم وَالتَجَئُوا إِلَيهِم فِي السَّراءِ والضَّراءِ وَهُمْ وَاللهِ لَيسُوا بِشَيءٍ أَبَدًا إِمَّا حِجَارَةً صَمَّاءَ أَو عِظَامًا بَالِيَةً أَو شَيئًا مِنَ الأَفلَاكِ وَالأَجْرَامِ وَلَرُبَّمَا رُفَاتٍ مِنْ بَهِيمَةٍ مِنَ البَهَائِمِ!

 

فَهَذَا هُوَ الدِّينُ الْعَظِيمُ، دِينُ اللهِ، دِينُ الإِسْلامِ، الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، وَأَصْلُهُ وَأَسَاسُهُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، الَّتِي بَعَثَ اللهُ بِهَا جَمِيعَ الرُّسُلِ، فَلَا إِسْلامَ إلَّا بِهَا.

 

نَعَمْ، مِنْ عَهْدِ نُوحٍ إِلَى عَهْدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا إِسْلامَ إلَّا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ قَوْلًا وَعَمَلًا وَعَقِيدَةً، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُ: "لَا إلَهَ إلَّا اللهُ" بِلسَانِهِ وَيُصَدِّقُهَا بِقَلْبِهِ وَأَعْمَالِهِ، فَيُوَحِّدُ اللهَ، وَيَخُصُّهُ بِالْعِبَادَةِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ.

 

مَعْنَى هَذِهِ الْعقيدة الصحيحة -أَيُّهَا الْمُوَحِّدُونَ-: أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ، فَلَا مَعْبُودَ بحَقٍّ سِوَى الله، وَكُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ فَهُوَ افتِرَاءٌ وَزُورٌ وَضَلَالٌ وَبُهْتَانٌ وَبَاطِلٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].

 

فالعَقيدَةُ الصَّحيحَةُ هِيَ: إِفرَادُ اللهِ تَعَالَى فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَفِي أَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَفِي أُلُوهِيَّتِهِ، وَفِي شَرْعِهِ؛ وَمِنْ ثَمَّ يَتَجرَّدُ القَلبُ للهِ تَعالَى وَحْدَهُ تَجْريدًا تَتَحَطَّمُ أَمَامَهُ الطَّوَاغِيتُ بِكُلِّ أَنوَاعِها أَحيَاءً وَأَمْوَاتًا، وَيتَخَلَّصُ مِنْ شَوَائِبِ الشِّركِ وَضَلَالَاتِ البِدَعِ.

 

فَتَتَجَرَّدُ القُلوبُ مِنَ الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ بِأَنوَاعِهَا، تَتَجَرَّدُ مِنَ الظُّلْمِ، وَالغِلِّ، وَالحِقْدِ، وَالتَّدَابُرِ، وَالتَّقَاطُعِ، وَالغِشِّ، وَالغِيبةِ، والنَّمِيمَةِ، وَالكِبْرِ، وَالخُبثِ، تَتَجَرَّدُ مِن جَرَائِمِ الاعتِدَاءِ عَلَى دِينِ اللهِ، وَعلَى النُّفوسِ، وَالعُقُولِ، والأَموَالِ، وَالأَعرَاضِ، وَتَلْفظُ المَبَادِئَ الخَبيثَةَ المُدَمِّرةَ، وَتَصْفُو القُلُوبُ لِبَارِئِها وَحدَهُ، وَتَسقُطُ عِبَادَةُ الطَّوَاغِيتِ جَميعًا، فَتَصْلُحُ كُلُّ الأَعمَالِ، وتَخْلُصُ وِجهتُها للهِ رَبِّ العَالَمينَ لَا شَرِيكَ لَهُ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، كُلُّ مَنْ أَتَى بِناقِضٍ مِنْ نواقضِ الْإِسْلامِ أَبْطَلَ مَفهُومَ هَذِهِ العَقِيدَةِ السَّمْحةِ كَائِنًا مَنْ كَانَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعقيدَةَ إِنَّمَا تَنْفَعُ أهْلَهَا إِذَا عَمِلُوا بِهَا وَاسْتَقَامُوا عَلَيهَا، فَأَفْرَدُوا اللهَ بِالْعِبَادَةِ وَخَصُّوهُ بِهَا، وَتَرَكُوا عِبَادَةَ مَا سِوَاهُ، وَاسْتَقَامُوا عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيهِ مِنَ الْمَعْنَى، فأَطاعُوا أوامِرَ اللهِ وَتَرَكُوا نَوَاهِيَهُ، وَلَمْ يَأْتُوا بِناقَضٍ يَنْقُضُهَا؛ وَبِذَلِكَ يَسْتَحِقُّونَ كَرَامَةَ اللهِ، وَالْفَوْزَ بِالسَّعَادَةِ، وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ.

 

أَمَّا مَنْ نَقَضَهَا بِقَولٍ أَوْ عَمَلٍ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ وَلَوْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ألْفَ مَرَّةٍ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ.

 

فَلَوْ قَالَ: أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَصَلَّى وَصَامَ وَزَكَّى وَحَجَّ؛ وَلَكِنَّه يَعْتَقِدُ في أَحَدٍ أَنَّه يَنْفَعُ أو يَضُرُّ مِنْ دُونِ اللهِ، كمن يَعتقِدُ ذلكَ في الْجِيلانِيِّ، أَوْ الْبَدَوِيِّ أَوْ الْحُسينِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وغيرهم أو يَدْعُوهُمْ أو يَسْتَغِيثُ بِهِمْ، أو يَنْذُرُ لَهُمْ، أَوْ يَطُوفُ عَلَى قُبُورِهِمْ، أو يَطْلُبُ مِنْهُمُ الْمَدَدَ وَالْعَوْنَ، لَمْ تَنْفَعْهُ هذه العقيدة وَصَارَ بِذَلِكَ كَافِرًا ضَالًّا، وَناقِضًا لِهَذِهِ الْعقيدة، مُبْطِلًا لَهَا.

 

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَصَلَّى وَصَامَ؛ وَلَكِنَّه يَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ يَتَنَقَّصُهُ أَوْ يَهْزَأُ بِهِ، أَوْ يَقُولُ: إِنَّه لَمْ يُبَلِّغِ الرِّسَالَةَ كَمَا يَنبغِي، أَوْ يَعِيبُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعُيُوبِ، صَارَ كَافِرًا.

 

وَكَذَلِكَ لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسلِمٌ وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاةِ، فَقَالَ: إِنَّ الصَّلاةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، أَوْ أنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ وَاجِبًا، أَوْ الزَّكاةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، كَفَرَ إِجْمَاعًا وَلَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ: "لَا إلَهَ إلَّا اللهُ".

 

وكَذا مَن أَحَلَّ شيئًا مِمَّا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ -كالزِّنا أو الخَمْرِ- كَفَرَ عندَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِهَذَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ رحِمَهُمُ اللهُ فِي كُتُبِهِمْ بَابًا ذكروا فيهِ أحكَامَ الْمُرْتَدِّ، وَهُوَ الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إِسْلامِهِ، وَذَكَرُوا فِيه أَنْوَاعًا مِنْ نَواقِضِ الْإِسْلامِ؛ كالكُفْرِ باللهِ أو بِنبوَّةِ أحدِ الرُّسُلِ، أو وجودِ الملائكةِ، أو الجنَّةِ والنَّارِ، ونحوِ ذلكَ مِن أُمُورِ الإسلامِ المتوَاتِرَةِ.

 

فَاحمَدُوا رَبَّكُم عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، الَّتِي لَا تَستَطِيعُونَ لَهَا عَدًّا وَلَا شُكُورًا، وَاستَغْفِرُوهُ مِنْ تَقصِيرِكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيهِ؛ إِنَّه كَانَ غَفُورًا قَدِيرًا.

أَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ .....

 

الـخُـطْبةُ الـثَّـانـيةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ عَقيدَةَ الإِسلَامِ الحَقَّة لَيسَتْ اسْمًا لَا مَعنَى لَهُ، أوْ قولًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، أَوْ لَفظًا لَا مَضْمُونَ لَهُ، كَمَا قَدْ يظنُّهُ البَعضُ؛ بَلْ هُوَ اسمٌ لِمَعنًى عَظِيمٍ، وَقَولٌ لَهُ معنًى جَلِيلٌ، هوَ أَجَلُّ مِنْ جَمِيعِ المعَانِي فِي هَذِهِ الدُّنيَا، وحَاصِلُهُ: البراءةُ مِنْ عِبَادةِ كلِّ ما سِوَى اللهِ، والإِقْبَالُ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ طَمَعًا وَرَغَبًا، إِنَابَةً وَتَوكُّلًا، هَيْبَةً لَهُ وَإجلَالًا.

 

فَصَاحِبُ هَذِهِ العَقِيدَةِ المُبَارَكَةِ لَا يَسألُ إِلَّا اللهَ، صَاحبُها لا يَستغيثُ وَلَا يَتَوسَّلُ إلَّا بِاللهِ، وَلَا يتوكَّلُ إلَّا عَلَى اللهِ، وَلَا يَرجُو غَيرَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا.

 

صَاحِبُ العَقِيدةِ المُبَارَكَةِ لَا يَذْبَحُ إِلَّا للهِ، لَا يَصرِفُ شَيْئًا مِنَ العِبَادةِ والخُضُوعِ والتَّذَلُّلِ إِلَّا للهِ وَحدَهُ.

 

المُوَحِّدُ لَا يَطُوفُ عَلَى قَبرٍ، وَلَا يَعتقِدُ فِي وَليٍّ أنْ يَنْفَعَ أوْ يَضرَّ، وَلَا يَدعُوهُ مِنْ دُونِ اللهِ.

 

صَاحِبُ العَقِيدَةِ المُبَارَكَةِ لَا يَأْتِي سَاحِرًا أَوْ مُشَعْوِذًا أَوْ كَاهِنًا، لَا يَتَطَيَّرُ وَلَا يَتشَاءَمُ وَلَا يُعَلِّقُ تَمِيمَةً أَوْ حِرْزًا، مُحسِنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ، مُعْتَمِدًا مُتَوَكِّلًا وَاثِقًا عَلَيهِ فِي كُلِّ شَيءٍ؛ فِي النَّصْرِ، وَالرِّزْقِ، وَالشِّفَاءِ، وَفِي تَسْهِيلِ الصعابِ مِنْ أُمورِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ جَميعَ أَعمَالِ الإسْلامِ دَاخِلةٌ فِي هَذِهِ العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، العَقيدةِ المُبَارَكَةِ مِنْ إِقامةِ الصَّلَاةِ، وَإِيتاءِ الزَّكَاةِ، وَصَومِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ لِمَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبيلًا، وَكُلِّ أَمرٍ أَمَرَ اللهُ بهِ وَرَسُولُهُ، وَكُلِّ أَمرٍ نَهَى اللهُ عَنهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَهَذِهِ العَقِيدَةُ - أيُّها الإخوَةُ -: تَقْتَضِي، أنْ تُسْلِمَ المُجْتَمَعَاتُ الإِسْلَامِيَّةُ - حُكَّامًا وَمَحكُومِينَ -الوُجُوهَ للهِ، وأنْ ينقادُوا لأَوَامِرِهِ، وَأَنْ يَلْتَزِمُوا ذَلِكَ فِي المَنْهَجِ وَالعَمَلِ، وَفْقَ مَنهَجٍ كَامِلٍ مُتَكَامِلٍ بِكَافَّةِ جَوَانِبِ حَيَاتِهم السِّياسِيةِ وَالاجتِمَاعِيَّةِ وَالاقْتِصَادِيَّةِ وَغَيرِهَا، وَأَنْ تَسْيرَ وَفْقَ ضَوَابِطِ هَذَا الدِّينِ، وَوَفْقَ تَعَالِيمِهِ وَأَهْدافِهِ وَمَقَاصِدِهِ، كَمَا أَقَامَ بِذَلِكَ نبيُّنا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَوْلةَ الإِسلَامِ العُظْمَى.

 

قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 

وإنَّا لَنَسْألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يَجْعَلَنَا أَجْمَعِينَ مِنْ أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ حقًّا وَصِدْقًا، إِنَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - سَمِيعُ الدُّعَاءِ، وَأَهلُ الرَّجَاءِ، وَهُوَ حَسبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلِ.

صَلُّوا يَا عِبَادَ اللهِ وَسَلِّمُوا....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معنى العقيدة الصحيحة
  • أثر العقيدة الصحيحة على الحياة
  • أقوال وأفعال تخالف العقيدة الصحيحة (1)
  • ما أحوجنا إلى الفطام: {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} بناء العقيدة الصحيحة

مختارات من الشبكة

  • الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: وقفة شرعية (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة: كيف ننجح في التواصل مع الشباب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البناء والعمران بين الحاجة والترف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أين تقف حريتك؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المعالجات النبوية لأزمة الفقر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حر الصيف عبر وعظات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/2/1447هـ - الساعة: 16:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب