• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

تنبيه الغافل اللاه بمن لا يكلمهم الله

تنبيه الغافل اللاه بمن لا يكلمهم الله
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/1/2023 ميلادي - 19/6/1444 هجري

الزيارات: 14441

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تنبيه الغافل اللاه بمن لا يكلمهم الله

 

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين آمين.

 

هنيئًا لمن يكلمهم الله يوم القيامة، هنيئًا لمن ينظر الله إليهم يوم القيامة، هنيئًا لمن يزكيهم الله يوم القيامة، وتعسًا وشقاء وبؤسًا لمن يحرمون أنفسهم من كلام الله سبحانه وتزكيته ونظره يوم القيامة بأفعالهم وأعمالهم، وعندما حصرتُ هذه الأعمال التي تحرم فاعلها، من تزكية الله، وجدتها تسعة ممن لم يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم؛ فمن هؤلاء المحرومون:

 

منهم علماء ودعاة يكتمون ما أنزل الله سبحانه وتعالى من العلم؛ مقابل حطام من حطام الدنيا، ودراهم من دراهمها، أو مقابل منصب أو جاه أو مال، أو نحو ذلك؛ قال سبحانه:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [البقرة: 174]؛ أي: من القرآن الكريم، ﴿ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174].

 

إن الوعيد شديدٌ لمن كتم ما أنزل الله على رسله؛ من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله، أن يبيِّنوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوَّض عنه بالحطام الدنيوي، ونبذ أمر الله؛ فأولئك: ﴿ مَا يَأْكُلُونَ ﴾ الذي يجمعونه ﴿ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ﴾؛ فما اكتسبوه، إنما حصل لهم بأقبح المكاسب وأعظم المحرمات، فكان جزاؤهم من جنس عملهم، ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾، بل قد سخط عليهم، وأعرض عنهم، ﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾؛ أي: لا يطهرهم من الأخلاق الرذيلة، وليسوا من أهل المدح والرضا والجزاء عليها؛ [انظر تفسير السعدي، (ص: 82)].

 

هذا هو الصنف الأول، والكلام فيه يطول، وإنما المسألة مسألة اختصار.

 

ثانيًا: وكذلك يُحرم من كلام الله جل جلاله، ونظره وتزكيته من بخِل بماءٍ ليس من حقه، فالبخل كله مذموم، أن يكون الإنسان بخيلًا؛ قد يكون، لكن البخل بالماء وهو ليس ملكك أنت؛ كماء السبيل، ومياه العيون التي ليس لها مالكٌ، أو يكون في الفلاة والصحراء، فيمنع الناس منها، نسأل الله السلامة، فمن فعل ذلك، حُرم من كلام الله، ونظره وتزكيته؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق، يمنع منه ابن السبيل، فيقول الله يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك))، لستَ أنت الذي أخرج هذا الماء ولم تستنبطه من أرضه، ولم تأتِ بآلة تخرج هذا الماء، إن كان الأمر كذلك، فهذا ملك لهذا الإنسان الذي استنبطه.

 

لكن عن العين والنهر الذي هو من الله، فكيف تمنع منه عباد الله؟ إذا كان في فلاة، فليس لأحد أن يتخصص به، وعلى هذا لم يقنع هذا المانع بأن يأخذ حاجته من ابن السبيل المحتاج إليه؛ فكان هذا قد منع فاضلًا عن حاجته إنسانًا محتاجًا إلى ذلك الفاضل؛ [الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 347)].

 

فلا تمنعوا ماء الله يا عباد الله، ولو من عندكم أو مما هو ملك لكم، فسُقيا الماء أمره عظيم، وفضله جسيم عند الله سبحانه وتعالى.

 

ثالثًا: نسمع كثيرًا من الناس من يحلفون بالله، ونقول هذا منهي عنه حتى لو كنت صادقًا، ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾ [القلم: 10]، فكيف إذا كان الحالف كاذبًا؟ نسأل الله السلامة، فكيف إذا كان كاذبًا ليروج بضاعة، أو يروج سلعةً، أو نحو ذلك؟ نسأل الله السلامة، هذا كذلك يُحرم من كلام الله جل جلاله، ونظره وتزكيته يوم القيامة؛ استخدم يمينه بالله سبحانه ليروج بضاعته؛ قال سبحانه:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [آل عمران: 77]، من أجل أن يربح، وفي الحقيقة هو يخسر في الدنيا والآخرة، فالمال الذي اكتسبه ليس فيه بركة؛ لأنه حلف عليه كذبًا، ويدخل في ذلك كل من أخذ شيئًا من الدنيا في مقابلة ما تركه من حق الله تعالى أو حق عباده، يدخل فيه أيضًا، من اشترى بعهد الله وأيمانه ثمنًا قليلًا، وكذلك من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم، مال معصوم فهو داخل في هذه الآية، كأن يقول: والله هذا الشبر من الأرض لي، ويقسم عليه، أو أكثر أو أقل، أو يدعي مالًا معينًا في يد فلان ويحلف يمينًا أنه له، فهؤلاء:

﴿ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾ [آل عمران: 77]؛ أي: لا حظَّ ولا نصيب لهم من الخير.

 

﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 77] يوم القيامة؛ غضبًا عليهم وسخطًا عليهم، لتقديمهم هوى أنفسهم على رضا ربهم.

 

﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾ [آل عمران: 77]؛ أي: ولا يطهرهم من ذنوبهم، ولا يزيل عيوبهم.

 

﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]؛ أي: موجع للقلوب والأبدان، وهو عذاب السخط والحجاب، وعذاب جهنم، نسأل الله العافية؛ [تفسير السعدي (ص: 136)].

 

وجاء في الحديث في هذا الأمر ما قاله صلى الله عليه وسلم: ((ورجل)) ممن يُمنَعون ويُحرمون من نظر الله وتزكيته وكلامه، ورجل ((ساوم رجلًا بسلعة))، ساومه: بكم هذه السلعة؟ بعشرة بأقل بأكثر، وهذا الكلام كان ((بعد العصر فحلف له بالله، وهو كاذب، لأخذها بكذا وكذا))، والله يا فلان هذه عليَّ بكذا، وهو كاذب، وفي رواية:

((أعطيت بها كذا وكذا))، كأن يقول: والله دفعوا لي فيها كذا وكذا، وهو كاذب، ((فصدَّقه الرجل، فأخذها))؛ أي: المشتري، وفي رواية:

((ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر، ليقتطع بها مال رجل مسلم، ثم قرأ هذه الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77])).

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾، وعهد الله، أن يعاهد إنسان على شيء وهو كاذب، ﴿ وَأَيْمَانِهِمْ ﴾، يحلفون ليأخذوا شيئًا وثمنًا قليلًا مهما كان هذا الثمن، لو كان ملايين فهو قليل مقابل ما أقسم بالله وهو كاذب، والله مال الدنيا بأكمله أمام كلمة: (والله) وهو كاذب، لا تساويها، ما ربح شيئًا، بل خسر والله.

 

ولاحظوا قوله: ((رجل بايع رجلًا بسلعة بعد العصر))، وتلك هي الصلاة الوسطى، لم تمنعه أن يحلف بالله كاذبًا، الصلاة التي أُمِر بالمحافظة عليها لم تمنعه أن يحلف بعدها كاذبًا، وذلك الوقت وقت فراغ أصحاب الأعمال، ووجودهم، وكثرتهم لم يمنعه تجرؤه على الله أن يحلف كاذبًا أمامهم، واجتماع الأندية وشهود الناس، فإذا حملت إنسانًا جرأته على الله سبحانه وتعالى أن يحلف به في هذا الوقت وأمام الناس كاذبًا في مشهد من المسلمين، فقد تعرض لسخط الله سبحانه وتعالى، وحرم رؤيته يوم القيامة"؛ [الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 347) بتصرف].

 

رابعًا: كذلك يُحرم من كلام الله جل جلاله، ويحرم من نظره وتزكيته مَن يبايع ويعطي السمع والطاعة لولي الأمر؛ للرئيس أو الملك، أو ما شابه ذلك، يعطون السمع والطاعة من أجل الجاه والمنصب والمال، لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم؛ ففي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:

((ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا))، آه يا فلان سأنتخبك؛ لتصبح رئيسًا أو ملكًا، مقابل أن تعطيني وزارة أو حقيبة، يريد الدنيا يا عباد الله، ((فإن أعطاه منها، ما يريد، وفى له، وإن لم يعطِهِ منها، لم يفِ له))، وفي رواية: ((فإن أعطاه منها رضِيَ، وإن لم يعطه منها سخط))؛ فبيعته وطاعته لولي الأمر من أجل الدنيا.

 

فقوله: ((بايع إمامًا لدنيا))؛ يعني: لأجل دنيا، فهو ينوي وقت بيعه أنه إن أعطاه من الدنيا وفى له، فيعطيه السمع والطاعة، وينظر إليه أنه لا يوجد أحسن من هذا الرئيس والحاكم، وإن لم يعطه منها لم يفِ له، ويحرض الناس ضده وما شابه ذلك؛ لأنه لم يأخذ ما أراد، فذلك الذي لا ينظر الله إليه، فأما إذا بايعه قاصدًا بذلك الحق، وجمع كلمة الإسلام، فإنه لم يبقَ له خيار أعطاه أو منعه، هو يفعلها لله.

 

ففي هذا الحديث ما يدل على أن مبايعة الإمام ينبغي ألَّا تكون راجعةً إلى الدنيا، بل إلى مصلحة الدين"؛ [الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 347) بتصرف يسير].

 

مصلحة الأمة، ومصلحة الشعب، بايع إمامك على هذه النية، لا شيء عليك إن شاء الله، إن بايعته لأمر آخر من حطام الدنيا فتُحرم من هذا الأمر؛ من تزكية الله، ومن رؤيته ونظره إليك، نظر الرحمة.

 

في الحديث وعيد شديد في نكث البيعة، لا يجوز من بايع أن يخرج على من بايعه، والخروج على الإمام حرام؛ لقوله وبيانه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى، ولِما نراه في هذه الدنيا التي نعيشها، ولما في ذلك في هذا العصر الذي نحن فيه من تفرُّق الكلمة، ولما في الوفاء - إذا وفى الإنسان ولو رأى ظلمًا أو ما شابه ذلك - من تحصين الفروج والأموال، وحقن الدماء، والأصل في مبايعة الإمام:

أن يبايعه على أن يعمل بالحق، هكذا نيتك في بيعتك أن يعمل بالحق، ويقيم الحدود، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فمن جعل مبايعته لغير ذلك؛ لمال يُعطاه، دون ملاحظة المقصود في الأصل؛ وهي الأمن والأمان للأمة، فقد خسر خسرانًا مبينًا، ودخل في الوعيد المذكور، وحاق به إن لم يتجاوز الله عنه بتوبة أو نحو ذلك.

 

وفي الحديث أن كل عمل لا يُقصَد به وجه الله، وأُرِيد به عَرَض الدنيا، حتى الأعمال الأخرى كالعبادات والطاعات إن أردت بها الدنيا فهي باطلة، فهو - أي عمله - فاسد وصاحبه آثم"؛ [فتح الباري].

 

خامسًا: وكذلك يحرم من كلام الله جل جلاله، ويحرم نظره وتزكيته من وصل إلى سن الشيخوخة؛ كبير في السن سنه خمسون أو أكثر، ولم ينتهِ عن اقتراف جريمة الزنا، نسأل الله السلامة، كبير في السن، وعيونه تراقب نساء المسلمين، سواء أكانت المراقبة علنًا أو يراقبها عبر الفضائيات، أو عبر مواقع التواصل والتباعد الاجتماعي.

 

وهذا الزنا الأصل فيه أنه حرام، ولا يجوز من كل أحد وهو قبيح، ولكنه من الشيخ الذي قد ضعفت قوته، وعدمت أو كادت شهوته - أي انتهت - هذا أقبح، نسأل الله السلامة.

 

سادسًا: وكذلك يُحرم من كلام الله جل جلاله، ويُحرم من نظره وتزكيته من كان مسؤولًا؛ وزيرًا كان أو رئيسًا أو أميرًا أو ملكًا، لا يفارقه الكذب، ولا تفارقه صفة كذاب، ما الذي يضطرك إلى الكذب؟ الذي يضطر إلى الكذب الذي يخاف من غيره، وهذا لا يخاف من أحد أصلًا، يكذب في أقواله، ويكذب في أفعاله، فالكذب من كل أحد قبيح، إلا أنه من الـملك الذي لا يخاف إذا صدق، ولا يبالي بأحد إذا هو صدع بالحق – أقبح؛ [الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 128)].

 

سابعًا: وكذلك يُحرم من كلام الله جل جلاله، ونظره وتزكيته الفقير الذي هو عالة على صدقات الناس وزكواتهم، فقير في أكله وشربه وملبسه، فقير يمد للصدقات والزكوات، ويتصف بالكبرياء، والاستكبار والتعالي على خلق الله سبحانه، فقير يتعالى على أي شيء، هذا لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم، فـالكبر من كل أحد قبيح، إلا أنه من العائل؛ أي: الفقير الذي ليس من أحواله ما يناسب الكبر - أقبح، فكانت هذه المعاصي في حق هؤلاء أغلظ منها في حق غيرهم؛ [الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 128)].

 

جمع صفات هؤلاء حديث واحد؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زانٍ، وملك كذَّاب، وعائل مستكبر))؛ [(م) (107)، (س) (2575)].

 

عافانا الله وإياكم من كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

وبقِيَ حديث في مثل هؤلاء، نضيفه إلى أولئك السبعة، حديث ذكر ثلاثةً منها واحد مما ذكرناه، إذًا يبقى اثنان، ويكون المجموع تسعة؛ وهو:

أنه يُحرم من كلام الله جل جلاله، ونظره وتزكيته ما ذُكِر في حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم))، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كرر هذه الجملة ثلاث مرات، مما أثار الصحابة ليسألوا، قال أبو ذر: فقلت: ((خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل إزاره، والمنَّان الذي لا يعطي شيئًا إلا مِنَّة، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب))؛ [(م) (106)، (ت) (1211)].

 

المنفق سلعته بالحلف الكاذب تكلمنا عنها، أما الذين يحرمـون من كلام الله جل جلاله، ونظره وتزكيته؛ من يتباهى مستكبرًا بثيابه الجميلة الطويلة، التي تجر على الأرض من الكبرياء، والتعالي على خلق الله تعالى، هذا يحرم من نظر الله، وجاء مفسرًا في الحديث الآخر رواه البخاري: ((لا ينظر الله إلى من جرَّ ثوبه خيلاء))؛ [(خ) (5783)]؛ أي: كبرياء، وهذه تكون في العباء والثياب القمصان أو الجلبيات أو البناطيل أو نحو ذلك، يجر يجعله يجر، إذا كان في النية كبرياء فيحرم من نظر الله إليه؛ وفي رواية مسلم: ((إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بَطَرًا))؛ [(م) 48 - (2087)]، والخيلاء: الكبر، ولا يكون إلا مع جر الإزار؛ وقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 23]؛ [إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 381)].

 

التاسعة والأخيرة: وكذلك يُحرم من كلام الله جل جلاله، ونظره وتزكيته مَن ينفق على الفقراء ويحسن إليهم، وإلى المساكين، ويده ممدودة إلى الناس بالخيرات، ثم يعيِّرهم ويمُنُّ عليهم، ويقول: أنت لولا أنا ما وصلت إلى ما وصلت إليه، يمن عليهم، كما يقولون في المثل: (لحم كتافك من خيري)، هذا أفسد عمله، والعياذ بالله، أما يوم القيامة، فلا ينظر الله إليه ولا يكلمه ولا يزكيه.

 

لذلك هذا الأمر كيف لا تكون فيه هذه العقوبة؟ عقوبة عدم نظر الله إليه، وعقوبة عدم تزكيته، وعقوبة عدم كلام الله له، وعقوبة أن يخلد في النار، أو أن يقذف في النار، إن المن مبطل للعمل، وكيف لا؟ وفيه جحد للحق؛ من أين جاء جحد الحق؟ قال العلماء: فإن المؤمن بالله يلزمه أن يعترف بأن توفيق الله تعالى له هو الذي كانت الأعمال الصالحة عنه سبحانه، فإذا منَّ بذلك، عندما تعطي، فعطاؤك عمل صالح، وهذا التوفيق من الله، فعندما تقول: هذا مني، تأليت على الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله هو المنان، أما أنت إذا كنت منانًا، فتكون من هؤلاء الثلاثة، تُحرم؛ لأنك أخذت صفةً من صفات الله؛ كذبًا وزورًا وافتراء فادعيتَها لنفسك، فإذا منَّ بذلك، فقد جحد لله سبحانه وتعالى كرم صنعه؛ [الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 175) بتصرف].

 

فمن شُكْرِ الله سبحانه وتعالى الاعترافُ بنعم الله جل جلاله.

فاعترافك بنعم الله دليل على شكرك لله، فصلوا وسلموا على رسول الله؛ فقد صلى الله عليه وملائكته في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

فاللهم إنا نسألك ألَّا تحرمنا من كلامك يوم القيامة، ونسألك أن تزكينا وتزكي أعمالنا في ديننا ودنيانا وأخرانا، وألا تحرمنا من نظرك إلينا، وارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم يوم نلقاك يا رب العالمين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة)
  • من لا يكلمهم الله جل جلاله كلام رضا ومحبة
  • رفع الملامة في بيان من لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة
  • الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة (خطبة)
  • شرح حديث أبي هريرة: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة"

مختارات من الشبكة

  • تنبيه الغافل للتزود من النوافل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تنبيه المتواصل الغافل إلى حقيقة قرار الصلة على وسائل التواصل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغافلون، وكيفية التعامل معهم {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • نصيحة للشباب الغافل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإنسان الغافل والفرص المتباينة!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تذكير الغافل بفضل النوافل(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • تذكرة العاقل وتبصرة الغافل(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • زلزال عظيم رحمة من رب العالمين لتنبيه الغافلين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تنبيه الغافلين (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تذكير العارفين وتنبيه الغافلين ببر الوالدين (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب