• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: مخاطر إدمان السوشيال ميديا على الشباب
    السيد مراد سلامة
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / رجالات الإسلام
علامة باركود

الباحثون عن الحق (2) ورقة بن نوفل

الباحثون عن الحق (2) ورقة بن نوفل
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2023 ميلادي - 19/6/1444 هجري

الزيارات: 16228

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الباحثون عن الحق (2)

ورقة بن نوفل


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فَاطِرٍ: 1- 2]، نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلٌ لِلْحَمْدِ كُلِّهِ، وَلَهُ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، فَأَهْلٌ أَنْ يُحْمَدَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَلَاهُمْ بِدِينِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كُتُبَهُ ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾ [النَّحْلِ: 36]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلنَّاسِ بِالنُّورِ الْمُبِينِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ؛ فَبَلَّغَ وَأَدَّى وَنَصَحَ وَبَشَّرَ وَحَذَّرَ وَأَنْذَرَ، فَلَا حُجَّةَ لِمُعْرِضٍ، وَلَا عُذْرَ لِمُقَصِّرٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الْإِيمَانِ، وَهِيَ تَزِيدُ الْإِيمَانَ وَتُثَبِّتُهُ، وَلَا فَوْزَ إِلَّا بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يُونُسَ: 9- 10].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا يُدْرِكُ الْعَبْدُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ إِلَّا حِينَ يَرَى مَنْ ضَلُّوا عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَا يَنْفَعُهُمْ. وَلَا يَفْهَمُ الْعَبْدُ مَعْنَى إِدْرَاكِ الْحَقِّ وَمَعْرِفَتِهِ إِلَّا حِينَ يَقْرَأُ سِيَرَ الْبَاحِثِينَ عَنِ الْحَقِّ، الَّذِينَ أَمْضَوْا أَعْمَارَهُمْ كُلَّهَا فِي الْبَحْثِ عَنِ الدِّينِ الصَّحِيحِ.

 

وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الرِّجَالِ الْقَلَائِلِ: وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ، يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَدِّ جَدِّهِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ زَوْجِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، «كَرِهَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، وَطَلَبَ الدِّينَ فِي الْآفَاقِ» وَكَانَ يَبْحَثُ عَنِ الدِّينِ الصَّحِيحِ فِي الْكُتُبِ وَعِنْدَ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَلَهُ رِحْلَاتٌ عِدَّةٌ فِي بَحْثِهِ عَنِ الدِّينِ الصَّحِيحِ حَتَّى اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ دِينِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: «وَقَدْ كَانَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ: زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَوَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ... وَعُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ... وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ... حَضَرُوا قُرَيْشًا عِنْدَ وَثَنٍ لَهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ لِعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَلَا بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرِ إِلَى بَعْضٍ، وَقَالُوا: تَصَادَقُوا، وَلْيَكْتُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ قَائِلُهُمْ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا قَوْمُكُمْ عَلَى شَيْءٍ، لَقَدْ أَخْطَئُوا دِينَ إِبْرَاهِيمَ وَخَالَفُوهُ، مَا وَثَنٌ يُعْبَدُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؟! فَابْتَغُوا لِأَنْفُسِكُمْ. فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ، وَيَسِيرُونَ فِي الْأَرْضِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ كِتَابٍ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمِلَلِ كُلِّهَا، يَسْأَلُونَهُمُ الْحَنِيفِيَّةَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ. فَأَمَّا وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فَتَنَصَّرَ، وَاسْتَحْكَمَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَابْتَغَى الْكُتُبَ مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى عَلِمَ عِلْمًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ...».

 

وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو وَوَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ ذَهَبَا نَحْوَ الشَّامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْتَمِسَانِ الدِّينَ، فَأَتَيَا عَلَى رَاهِبٍ فَسَأَلَاهُ عَنِ الدِّينِ فَقَالَ: إِنَّ الدِّينَ الَّذِي تَطْلُبَانِ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ، وَهَذَا زَمَانُهُ، فَإِنَّ الدِّينَ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ تَيْمَاءَ، فَرَجَعَا، فَقَالَ وَرَقَةُ: أَمَّا أَنَا قَائِمٌ عَلَى نَصْرَانِيَّتِي حَتَّى يُبْعَثَ هَذَا الدِّينُ، وَقَالَ زَيْدٌ: أَمَّا أَنَا فَأَعْبُدُ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى يُبْعَثَ هَذَا الدِّينُ. وَمَاتَ زَيْدٌ فَرَثَاهُ وَرَقَةُ».

 

وَبَقِيَ وَرَقَةُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ نَدِيمِهِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو حَتَّى نُبِّئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِـ (اقْرَأْ)، فَكَانَ لِوَرَقَةَ مَوْقِفٌ مَحْمُودٌ، وَمَقَامٌ مَحْفُوظٌ؛ إِذْ ثَبَّتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَمْأَنَهُ، وَبَشَّرَهُ بِالنُّبُوَّةِ، وَوَعَدَهُ بِنَصْرِهِ إِنْ هُوَ أَدْرَكَ رِسَالَتَهُ، وَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ شَابًّا لِيُدَافِعَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَ خَبَرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدَ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [الْعَلَقِ: 1-3]، فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ... وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ، قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَجَاءَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ: «فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِوَارَهُ وَانْصَرَفَ صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ؛ بَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا، فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي، أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى، وَلَتُكَذَّبَنَّهُ وَلَتُؤْذَيَنَّهُ وَلَتُخْرَجَنَّهُ وَلَتُقَاتَلَنَّهُ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ، فَقَبَّلَ يَافُوخَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ»، «وَقَدْ زَادَهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ وَرَقَةَ ثَبَاتًا، وَخَفَّفَ عَنْهُ بَعْضَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْهَمِّ». وَذَكَرَ سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّ وَرَقَةَ آخِرُ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ، وَدُفِنَ بِالْحَجُونِ.

 

رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، وَجَعَلَ دَارَ الْخُلْدِ مَثْوَاهُ...

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَدْرَكَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ أَوَائِلَ الْبَعْثَةِ، وَلَمْ يُدْرِكِ الرِّسَالَةَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ أَيْ: أَنَّهُ مَاتَ بَيْنَ نُزُولِ اقْرَأْ وَالْمُدَّثِّرِ، الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِالنِّذَارَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ اشْتُهِرَ فِي الْإِسْلَامِ بِتَثْبِيتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَبْشِيرِهِ بِالرِّسَالَةِ، وَإِخْبَارِهِ بِأَذَى الْمُشْرِكِينَ لَهُ، فَقَوَّى قَلْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَهَيَّأَ لِمَا يَسْتَقْبِلُهُ فِي قَابِلِ أَيَّامِهِ، فَكَانَ مَوْقِفًا عَظِيمًا مِنْ وَرَقَةَ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَنْسَاهُ الْمُسْلِمُونَ.

 

وَالْعَجَبُ أَنَّ وَرَقَةَ هُوَ الَّذِي دَلَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الدِّينِ الصَّحِيحِ، فَلَمَّا أُرْسِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُتَهَيِّئًا لِلْإِسْلَامِ بِسَبَبِ كَلَامِ وَرَقَةَ لَهُ، وَقِصَّةُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَمِعَ اثْنَيْنِ مِنَ الْحُنَفَاءِ يَتَحَدَّثَانِ عَنْ قُرْبِ خُرُوجِ نَبِيٍّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَلَمْ أَكُنْ سُمِعْتُ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَبِيٍّ يُنْتَظَرُ، أَوْ يُبْعَثُ، قَالَ: فَخَرَجْتُ أُرِيدُ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَكَانَ كَثِيرَ النَّظَرِ فِي السَّمَاءِ، كَثِيرَ هَمْهَمَةِ الصَّدْرِ، قَالَ: فَاسْتَوْقَفْتُهُ، ثُمَّ اقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي، أَبَى أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْعُلَمَاءُ إِلَّا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي يُنْتَظَرُ مِنْ أَوْسَطِ الْعَرَبِ نَسَبًا، وَلِي عِلْمٌ بِالنَّسَبِ، وَقَوْمُكَ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا، قَالَ: قُلْتُ: يَا عَمِّ، وَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ؟ قُلْتُ: يَقُولُ مَا قِيلَ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا ظُلْمَ وَلَا تَظَالُمَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ وَصَدَقَّتُ» رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ.

 

وَوَرَقَةُ مُبَشَّرٌ بِالْجَنَّةِ رَغْمَ أَنَّهُ مَا أَدْرَكَ الرِّسَالَةَ، وَمَاتَ فِي الْفَتْرَةِ، لَكِنَّهُ أَعْلَنَ تَصْدِيقَهُ بِالنَّبِيِّ إِنْ أُرْسِلَ، وَوَعَدَ بِالْوُقُوفِ مَعَهُ، وَالِانْتِصَارِ لَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَسُبُّوا وَرَقَةَ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُ لَهُ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

 

وَحَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى هِدَايَتِنَا لِدِينِهِ، وَأَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ وَنَعْمَلَ صَالِحًا لِنَفُوزَ بِرِضَاهُ سُبْحَانَهُ ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 132].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الباحثون عن الحق (1) زيد بن عمرو بن نفيل
  • الباحثون عن الحق (3) سلمان الفارسي رضي الله عنه

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة مناقب الإمام مالك بن إنس (ج1 من النسخة الثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب المراسيل(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه ذكر شيوخ الشريف أبي الفضل محمد بن العباس المهدي وذكر حالهم وتاريخ وفاتهم ومختار حديثهم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة رحلة العبدري (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة: الأوهام التي في مدخل الحاكم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة عمدة الأحكام من كلام خير الأنام (النسخة 13)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الأربعون القاوقجية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • التوضيح لشرح الجامع الصحيح (ج9)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب الفهرست(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الاستيعاب في معرفة الأصحاب (ج1) (النسخة 13)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/5/1447هـ - الساعة: 12:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب