• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

من أقوال السلف في صفات العقلاء

من أقوال السلف في صفات العقلاء
فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/1/2023 ميلادي - 17/6/1444 هجري

الزيارات: 30933

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أقوال السلف في صفات العقلاء


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فالعقل نعمة عظيمة، قالت عائشة رضي الله عنها: قد أفلحَ من جعل اللهُ له عقلًا، وقال مطرف بن الشخير رحمه الله: ما أوتي أحد أفضل من العقل، وقال الإمام ابن عقيل رحمه الله: العقل أفضل ما منَحَه اللهُ خَلْقَه، وقال الحسن البصري: لا يتمُّ دينُ امرئ حتى يتمَّ عقلُه، وقيل لابن المبارك رحمه الله: ما خيرُ ما أُعطي الرجل؟ قال: غريزة عقل، وقال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله: عمود السعادة العقل، والعقل لو كان شجرةً، لكانت من أحسن الشجر، وقال الخطيب البغدادي رحمه الله: قال ابن كنجك: خير المواهب العقل.


ويكفي العاقل أن الشيطان يكابد المؤمن العاقل، قال وهب بن منبِّه رحمه الله: قرأتُ في بعض ما أنزل الله تعالى: إن الشيطان لم يكابد شيئًا أشدَّ عليه من مُؤمنٍ عاقل، وإنه ليسوقُ مئة جاهلٍ، فيستجرهم حتى يركب رقابهم، فينقادون له حيث شاء، ويُكابد المؤمن العاقل، فيصعُب عليه حتى ينال منه شيئًا من حاجته، وقال: وإزالة الجبل صخرةً صخرةً أهونُ على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل.

 

والعقل عقلان، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: والعقل عقلان: عقل غريزي، وهو أبُ العلم ومربِّيه ومُثمره، وعقل مكتسب مستفاد، وهو ولد العلم وثمرته ونتيجتُه، فإذا اجتمعا في العبد فذلك فضل الله يُؤتيه مَن يشاء، واستقام له أمرُه، وأقبلت عليه جيوشُ السعادة من كل جانب، وإذا فقدهما فالحيوانُ البهيم أحسنُ حالًا منه، وإذا انفردا نقص الرجلُ بنقصان أحدهما.

 

ومن فضائل العقل كما ذكر العلامة ابن القيم أنه: آلةُ كلِّ علم وميزانُه الذي يُعرَفُ به صحيحُه من سقيمه، وراجحُه من مرجوحه، والمرآةُ التي يُعرَف بها الحَسَن والقبيح.

 

وهناك أشياء تزيد في العقل وتُنمِّيه، قال أبو حازم رحمه الله: العقل التجارب.


وقال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: كل شيء محتاج إلى العقل، والعقل محتاج إلى التجارب.


وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: العقل ينمو بالتعلُّم والتحصيل والدُّرْبة والمِران.

 

وثمرة العقل: طاعة الله، وحسن معاملة الخلق، قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: ثمرةُ العقل طاعةُ الله فيما أمرك ونهاك، وعدلك في معاملة الناس في التأدُّب لهم والإنصاف، فعقلٌ لا يثمر طاعة الحق، ولا إنصاف الخَلْق، كعينٍ لا تُبْصِر، وأُذُنٍ لا تَسْمَع.

 

والعقل له آفات ينبغي الحذر منها،قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: "آفة العقل العُجْب، والعاقل لا يستحقر أحدًا؛ لأن مَن استحقر السلطان أفسد دُنْياه، ومن استحقر الأتقياء أهلك دينه، ومن استحقر الإخوان أفنى مروءته، ومن استحقر العام أذهب صيانته، وآفة العقل الصَّلَف [الكِبْر] والبلاء المردي، والرخاء المفرط؛ لأن البلايا إذا تواترت عليه أهلكت عقله، والرخاء إذا تواتر عليه أبطره، ورأس العقل المعرفة بما يمكن كونه قبل أن يكون.


قوت الأجساد: المطاعم، وقوت العقل: الحكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، كذلك العقول إذا فقدت قوَّتها من الحكمة ماتَتْ.


من عقوبات الذنوب والمعاصي: أنه تؤثر بالخاصية في نقصان العقل، فلا تجد عاقلينِ أحدهما مُطيعٌ لله، والآخر عاصٍ إلا وعقل المطيع منهما أوفر وأكمل، وفكره أصحُّ، ورأيه أسدُّ، والصواب قرينه".

 

للسلف أقوال في صفات العقلاء يَسَّر الله فجمعتُ بعضًا منها، اللهَ أسألُ أن ينفَع بها.


يتبع ما جاءت به الرسل:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: المخالفون للرسل سفهاء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ [البقرة: 130]، وقوله في المنافقين: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ﴾ [البقرة: 13]، وقوله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾ [البقرة: 142] فإنهم وإن كانوا أذكياء وعندهم علم بالصناعة والسياسة هم في الحقيقة سفهاء؛ لأن العاقل هو الذي يتبع ما جاءت به الرسل فقط.


يتلقَّى أحكام الله عز وجل بالقبول والانقياد والتسليم:

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل من كان أبعد عن التصديق بما جاءت به الرسل والعمل به كان أنقص عقلًا.

 

• قال العلامة السعدي رحمه الله: لا يعترض على أحكام الله إلا سفيهٌ جاهلٌ معاندٌ، وأمَّا الرشيد المؤمن العاقل، فيتلقَّى أحكامَ ربِّه بالقبول والانقياد والتسليم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36].


من حملة القرآن الكريم العاملين به:

عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس وكان من النفر الذين يُدنيهم عمر، وكان القُرَّاء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولًا كانوا أو شبابًا، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: كان أصحاب مجالس عمر هم القُرَّاء؛ أي: حملة القرآن؛ لأنهم هم أصحاب العقل وأصحاب الهداية.


مُطيع لله عز وجل، مجتنب للذنوب والمعاصي، لا يقع فيما لا ينبغي:

• قال وكيع بن الجراح: إنما العاقل مَن عقل عن الله أمرَه ليس من عقل أمرَ دنياه.

 

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله: أول شعب العقل هو لزوم تقوى الله وإصلاح السريرة؛ لأن من صلح جوَّانيه [باطنه] أصلح الله برَّانيه [ظاهره]، ومن فسد جوَّانيه أفسد الله برَّانيه.


• قال الإمام ابن حزم رحمه الله: حد العقل استعمال الطاعات والفضائل، وهذا الحد ينطوي فيه اجتناب المعاصي والرذائل، وقد نصَّ الله تعالى في غير موضع من كتابه على أنَّ مَن عصاه لا يعقل، قال الله حاكيًا عن قوم: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10].


• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: المعاصي تفسد العقل، فإن للعقل نورًا، والمعصية تطفئ نور العقل ولا بُدَّ، وإذا طفئ نوره ضعف ونقص، قال بعض السلف ما عصى اللهَ أحدٌ حتى يغيب عقلُه، وهذا ظاهر فإنه لو حضره عقله لحجزه عن المعصية وهو في قبضة الربِّ تعالى وتحت قهره، وهو مُطَّلع عليه،...وملائكته شهود عليه، ناظرون إليه، وواعظ القرآن ينهاه، وواعظ الإيمان ينهاه، وواعظ الموت ينهاه، وواعظ النار ينهاه، والذي يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة أضعافُ أضعاف ما يحصل له من السرور واللذة بها، فهل يُقدِم على الاستهانة بذلك كلِّه والاستخفاف به ذو عقل سليم؟!

 

• قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]؛ قال العلامة العثيمين رحمه الله: أعقل الناس أطوعُهم لله تعالى؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

 

• قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: العقل الصحيح هو الذي يعقِل صاحبَه عن الوقوع فيما لا ينبغي، كما قال جل وعلا عن الكفار: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10]، أما العقل الذي لا يزجر عمَّا لا ينبغي فهو عقل دنيوي يعيش به صاحبه، وليس هو العقل بمعنى الكلمة.


يعمل لآخرته، ولا يغترُّ بزخرف الحياة الدنيا:

• قال علي رضي الله عنه: العاقل الذي لم يحرمه نصيبُه من الدنيا حظَّهُ من الآخرة.

 

• قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: العاقل المصيب من عمل ثلاثًا: مَن ترك الدنيا قبل أن تتركه، وبنى قبره قبل أن يدخله، وأرضى ربَّه قبل أن يلقاه.


• قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: العاقل الحازم الموفق يقول لنفسه: "قدِّري أنك قد مِتِّ، ولا بد أن تموت، فأي الحالتين تختارين: الاغترار بزخرف هذه الدار، والتمتُّع بها كتمتُّع الأنعام السارحة أم العمل لدار أكلها دائم وظِلُّها ظليل، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ العيون؟"، فبهذا يُعرَف توفيق العبد من خذلانه، وربحه من خسرانه.


يعرف حق المحسن ويجتهد في مكافأته:

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: غير خافٍ على عاقلٍ لزوم حق المُنْعِم، ولا مُنْعِم بعد الحق سبحانه على العبد كالوالدين، فقد حملت الأمُّ بحمله أثقالًا كثيرة، ولقيت وقت وَضْعِه مزعجات مثيرة، وبالغَتْ في تربيته وسهرت في مداراته، وأعرضت عن جميع شهواتها لمراداته، وقدَّمته على نفسِها في كل حال، وقد ضمَّ الوالد إلى تسبُّبه في إيجاده، ومحبَّته بعد وجوده، وشفقته في تربيته الكسب له والإنفاق عليه، والعاقل يعرف حَقَّ المحسن ويجتهد في مكافأته.

 

ينظر إلى العواقب، فيجتنب اللذَّات التي عاقبتها الآلام والحسرات:

• قال سلمة بن دينار رحمه الله: النظر في العواقب تلقيح العقول.

 

• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: العاقل الكيِّس دائمًا ينظر إلى الغايات من وراء سُتور مبادئها، فيرى ما وراء تلك الستور من الغايات المحمودة والمذمومة، فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خُلِط فيه سُمٌّ قاتلٌ، فكلما دعَتْه لذَّتُه إلى تناوله نهاه ما فيه من السُّمِّ، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مُفْضٍ إلى العافية والشفاء، وكلما نهاه كراهةُ مذاقه عن تناوُله أمرهُ نفعُه بالتناوُل.

 

• لما كانت خاصة العقل النظر إلى العواقب والغايات، كان أعقلُ الناس أترَكَهم لما ترجَّحَتْ مفسدتُه في العاقبة، وإن كانت فيه لذَّةٌ ما ومنفعةٌ يسيرةٌ بالنسبة إلى مضرَّتِه.

 

• خاصة العقل تحملُ الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبه من الألم العظيم والشرِّ الطويل.

 

• أعقل الناس مَن آثر لذَّتَه وراحته الآجلة الدائمة على العاجلة المنقضية الزائلة، وأسفه الخلق من باع نعيم الأبد وطيب الحياة الدائمة واللذة العظمى التي لا تنغيص فيها ولا نقص بوجه ما، بلذَّة منغصة مشوبة بالآلام والمخاوف، وهي سريعةُ الزوال وشيكة الانقضاء.


• قال الإمام ابن مفلح المقدسي رحمه الله: قال أبو الفرج: إنما فضل العقل على الحسِّ بالنظر في العواقب، فإن الحس لا يرى إلا الحاضر، والعقل يلاحظ الآخرة، ويعمل على ما يتصوَّر أن يقع، فلا ينبغي للعاقل أن يغفل عن تلمُّح العواقب.


• قال العلامة السعدي رحمه الله: خاصية العقل النظر للعواقب، وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع، يُفوِّت نعيمًا عظيمًا باقيًا، فأنَّى له العقل والرأي؟!

 

يعتني دائمًا بإصلاح سريرته وحراسة قلبه من الآفات:

• قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: الواجب على العاقل الاهتمام بإصلاح سريرته، والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وإدباره، وألَّا ينسى تعاهُدَ قلبِه بترك ورود السبب الذي يُورِث القساوة له عليه.


• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

• العاقل المؤمن هو الذي يكون دائمًا في نظر إلى قلبه ومرضه وصحَّته وسلامته وعطَبِه، فمرض القلب أخطر من مرض البدن بكثير، والعاقل يعتني بهذا عناية أشد.


• الذي ينبغي للعاقل أن يهتم بتنعيم قلبه، ونعيم قلب الإنسان بالفطرة، وهي التزام دين الله عز وجل.


يتصف بمكارم الأخلاق ويتجنب سفاسفها:

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله:

• محبة المرء المكارم من الأخلاق وكراهته سفاسفها هو نفس العقل.


• الواجب على العاقل إذا لم يُعرَف بالسماحة ألَّا يُعرَف بالبخل، كما لا يجب إذا لم يُعرَف بالشجاعة أن يُعرَف بالجبن، ولا إذا لم يُعرَف بالشهامة أن يُعرَف بالمهانة، ولا إذا لم يُعرَف بالأمانة أن يُعرَف بالخيانة.


• قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:

• قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 154] فإذا كان عليمًا بذات الصدور، تعيَّن على العاقل البصير أن يحرص ويجتهد في حفظ باطنه، من الأخلاق الرديئة، واتِّصافه بالأخلاق الجميلة.


• أدب العبد عنوان عقله، وأن الله مريد به الخير.


يصبرُ ويتصبَّر على ما يُصيبه:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال بعض السلف: العاقلُ يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يصبر صَبْرَ الكِرام سلا سُلُوَّ البهائم.


• الذي ينبغي للإنسان العاقل ألَّا يستخفَّنَّه أولئك القوم الذين لا يؤمنون بما وعد الله به الصابرين، ولا يُهِمه كلام الناس حتى يحقِّق اللهُ له ما وعَدَه.


• لا ينبغي للإنسان أن يُكثِر الشكاية؛ بل يصبر ويحتسب، ولا يكون كالمرأة، كلما جاءه شيء جاء يشكو، هذا غلط، فالإنسان العاقل الحازم يتصبَّر.


يحاسب نفسه:

• قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: وأفضلُ ذوي العقول منزلةً أدومُهم لنفسه محاسبةً، وأقلَّهم عنها فترةً.


والعاقل لا يخفى عليه عيبُ نفسه؛ لأن مَن خفي عليه عيبُ نفسه، خفيت عليه محاسنُ غيره، وإن من أشدِّ العقوبة للمرء أن يخفى عليه عيبُه؛ لأنه ليس بمُقْلِعٍ عن عيبه مَن لم يعرفه، وليس بنائلٍ محاسن الناس مَن لم يعرِفْها.


• قال العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله: العاقل مَن حاسَبَ نفسه،...فكان لنفسه صديقًا، لا يسعى إلَّا في نفعها، ولا يُهِمُّه غيرُ رفعِها، يطرح هواه إلى ما أمر به الله، فمن كان ذلك فاز بالنعيم المقيم، وأمِنَ شرَّ الجحيم.

 

فَطِنٌ يتغافل:

• قال الإمام الشافعي رحمه الله: الكيِّس العاقل، هو الفَطِن المتغافل.

 

• قال الخطيب البغدادي رحمه الله: قيل لأعرابي: مَن الأريب العاقل؟ قال: الفَطِن المتغافل.

 

يوازِن بين الأمور، ويُؤثِر الآخرة على الدنيا، والباقي على الفاني:

• قال العلامة السعدي رحمه الله:

• العاقلُ يوازِن بين الأشياء، ويُؤثِر أَوْلاها بالإيثار، وأحقَّها بالتقديم.


• قال الله عز وجل: ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [طه: 72] في هذا الكلام من السحرة، دليل على أنه ينبغي للعاقل أن يُوازِن بين لذَّات الدنيا ولذَّات الآخرة، وبين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.


• قال الله: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [القصص: 60]؛ أي: أفلا تكون لكم عقول، بها تزنون أي الأمرين أولى بالإيثار، وأي الدارين أحق للعمل لها، فدل ذلك على أنه بحسب عقل العبد، يؤثر الأخرى على الدنيا، وأنه ما آثر أحدٌ الدنيا إلا لنقصٍ في عقله.


• أهل العقول الزكية الذكية،...يؤثرون الأعلى على الأدنى، فيؤثرون العلم على الجهل، وطاعة الله على مخالفته، وأن لهم عقولًا ترشدهم للنظر في العواقب، بخلاف مَنْ لا لُبَّ له ولا عقل، فإنه يتخذ إلهه هواه.


• قال العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله: ليس العاقل مَن سعى في تكثير ماله، وتهنيء عيشه، وتحسين ثيابه، وترغيد أكله وشرابه، وتحلية شبابه، كلَّا والله، وإنما العاقل مَن آثر الباقي على الفاني، والدائم على المنقطع، والفاضل على المفضول، والخير على الشرِّ، ودار المقرِّ على دار الممرِّ، ومكان الإقامة على طرق السفر، وأيُّ عاقِل يسعى في عمارة ما لا يقيم فيه ويترك ما يقيم فيه؟! وأيُّ مميز يُزخرفُ طريقًا هو مارٌّ فيها وراحل عنها، ويترك إقامته خرابًا؟! وإنما ذلك من الجنون، وأعقل الناس الزاهدون.

 

يغبط مَن أنفق ماله في سبيل الخيرات ونيل علوِّ الدرجات:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: العاقل يغبط من أنفق ماله في سبيل الخيرات ونيل علوِّ الدرجات، والجاهل يغبط مَن أنفق ماله في الشهوات وتوصَّل به إلى اللذَّات المُحرَّمات، قال الله تعالى حاكيًا عن قارون: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ [القصص: 79، 80] إلى قوله: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83].


يجالس العلماء والصالحين والعقلاء:

• قال الشافعي رحمه الله: أربعة تزيد في العقل: ترك الفضول من الكلام، والسواك، ومجالسة الصالحين، ومجالسة العلماء.


• قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: والذي يزداد به العاقل من نماء عقله هو التقرُّب من أشكاله، والتباعُد من أضَّداده؛ فعن محمد بن أبي مالك الغزي، قال: سمِعتُ أبي يقول: جالِسُوا الألِبَّاء أصدقاء كانوا أو أعداء، فإن العقول تلقح العقول.


• قال شعبة رحمه الله: عقولنا قليلة، فإذا جلسنا مع مَن هو أقل عقلًا مِنَّا ذهب ذلك القليل، وإني لأرى الرجل يجلس مع مَنْ هو أقلُّ عقلًا منه فأمقته.


• قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: قال عبدالعزيز بن زرارة لمعاوية: يا أمير المؤمنين، جالِس الألِبَّاء، أعداء كانوا أو أصدقاء، فإن العقل يقع مع العقل.


• قال العلامة العثيمين رحمه الله: كان الحر بن قيس من أصحاب عمر رضي الله عنه؛ لأنه كان عاقلًا حليمًا وذكيًّا، وهذا ممَّا يدلُّك على أن عمر رضي الله عنه لا يختار لمجالسه إلا العقلاء.


يعذر الناس:

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أعقلُ الناس أعذَرُهم لهم.

 

يُداري الناس:

• قال الحسن: كانوا يقولون: المداراةُ نِصْفُ العقل، وأنا أقول: هي العقلُ كُلُّه.

 

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله: الواجبُ على العاقل أن يُداري الناس مُداراة الرجل السابح في الماء الجاري، ومن ذهب إلى عشرة الناس من حيث هو، كدَّر على نفسه عيشه، ولم تصْفُ له مودَّتُه؛ لأن وداد الناس لا يُستجلَب إلا بمساعدتهم على ما هم عليه؛ إلَّا أن يكون مأثمًا، فإذا كانت حالة معصية فلا سمْعَ ولا طاعة.


ومن التمس رِضا جميع الناس التمس ما لا يُدرَك؛ ولكن يقصد العاقل رِضا مَنْ لا يجد من معاشرته بُدًّا، وإن دفعه الوقت إلى استحسان أشياء من العادات كان يستقبحها، واستقباح أشياء كان يستحسنها- ما لم يكن مأثمًا - فإن ذلك من المداراة، وما أكثر مَن دارى فلم يسْلَم! فكيف توجد السلامة لمن لا يُداري؟!


يتصرَّف بحكمة:

قال العلامة العثيمين رحمه الله:

• ينبغي للإنسان أن يكون عاقلًا، ما يخطو خطوة إلا وقد عرف أين يضع قدمه، ولا يتكلَّم إلا وينظر ما النتيجة من الكلام؟ ولا يفعل إلا وينظر ما النتيجة من الفعل؟


• العاقل لا يتصرَّف إلا بما يراه مفيدًا وحكمةً.


يتأنَّى ولا يستعجل:

• قال العلامة العثيمين رحمه الله: كون الإنسان يتأنَّى ولا يرُدُّ الشيء إلَّا بعد أن يتبيَّن فيه الخطأ، لا شكَّ أن هذا من العقل ومن الشَّرْع.

 

يقبل النصيحة ويستفيد منها:

• قال عبدالغني: لما رددت على أبي عبدالله الحاكم الأوهام التي في مدخل الصحيح، بعث إليَّ يشكرني، ويدعو لي، فعلمتُ أنه رجل عاقل.

 

• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: النصيحة لقاح العقل، فكلما قويت النصيحةُ قوي العقل واستنار.

 

يحفظ لسانه، ويزن كلامه:

• قال الإمام الشافعي رحمه الله: أربعة تزيد في العقل:.... ترك الفضول من الكلام.


• قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: ينبغي للعاقل أن يكون....حافظًا للسانه.


• قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله: كلام الإنسان عنوان عقله، يدله عليه.


يعرف خير الخيرين، وشر الشرين:

• قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس العاقلُ الذي يعرفُ الخيرَ من الشرِّ؛ ولكنه الذي يعرف خيرَ الشرَّينِ.

 

• قال الشافعي: ليس العاقل الذي يدفع بين الخير والشر فيختار الخير؛ ولكن العاقل الذي يدفع بين الشرَّينِ فيختار أيْسَرَهما.

 

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر؛ وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين، وشرَّ الشرينِ.


يستخدم القياس:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: العاقل يقيس الغائب على الشاهد، والمستقبل على الحاضر، ويتبيَّن له الأمر.


لا يختار محبة ما يضرُّه ويُشقيه:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الحي العاقل لا يختار محبة ما يضرُّه ويُشقيه؛ وإنما يصدر ذلك عن جهلٍ وظُلْمٍ، فإن النفس قد تهوى ما يضرُّها ولا ينفعها- وذلك من ظلم الإنسان لنفسه - إما أن تكون جاهلةً بحالِ محبوبها بأن تهوى الشيء وتحبَّه غير عالمة بما في محبَّتِه من المضرَّة، وهذا حال مَن اتَّبَع هواه بغير علمٍ، وإما عالمة بما في محبَّتِه من المضرَّة؛ لكن تُؤثِر هواها على عِلْمِها، وقد تتركب محبَّتُها من أمرين: اعتقاد فاسد، وهوى مذموم، وهذا حال مَن اتَّبَع الظَّنَّ وما تهوى الأنفُسُ.


لا يستمع إلى النمَّام ويحذَر منه:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: العاقل إذا نقل إليه أحدٌ شيئًا عن شخص، فإنه يستحضر آية من القرآن وتكفيه، وهي قوله عز وجل: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 10، 11].


يتوقَّى الوقوع في الزلل والخطأ:

• قال الإمام ابن قتيبة: قال زياد: ليس العاقل الذي يحتال للأمر إذا وقع؛ ولكنه الذي يحتال للأمر ألَّا يقع فيه.


• قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: والعاقل يحسم الداء قبل أن يُبْتلى به، ويدفع الأمر قبل أن يقَعَ فيه.


يُكثِرُ مِن ذكر الله عز وجل:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: الإنسان العاقل الحازم المؤمن لا يزال يذكُر الله سبحانه وتعالى؛ لأن في كل شيء من مخلوقاته آيةً تدُلُّ على وحدانيَّتِه سبحانه وتعالى، وعلى حِكْمَتِه.


يتدارك نفسه بالتوبة إذا وقع منه الزللُ والخطأ:

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: لو أن العاقل أصبح وأمسى وله ذنوبٌ بعدد الرمل كان وشيكًا بالنجاة والتخلُّص منها، ولو أن الجاهل أصبح وأمسى وله من الحسنات وأعمال البرِّ عددُ الرمل، لكان وشيكًا ألَّا يسلم له منها مثقالُ ذرَّةٍ، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأن العاقل إذا زلَّ تدارك ذلك بالتوبة والعقل الذي رُزِقَه، والجاهل بمنزِلة الذي يبني ويهدِم، فيأتيه من جهله ما يُفسِد صالحَ عملِه.

 

قليل الكلام:

قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: العاقل يُقِلُّ الكلام، ويُبالغ في العمل، ويعترف بزلَّة عقله.


يهدي الهدايا، ويختار المناسب منها:

• قال يحيى بن خالد: أشياء تدُلُّ على عقول أربابها:.... الهدية على قدر عقل مُهْدِيها.


• قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: العاقل يستعمل مع أهل زمانه لزوم بعث الهدايا بما قدر عليه؛ لاستجلاب محبَّتِهم إيَّاه، ويفارقه تركه مخافة بغضهم، وإني لأستحب للعاقل المداومة على إطعام الطعام، والمواظبة على قِرى الضيف.


لا يأمر غيره بالخير ولا يفعله، ولا ينهاه عن الشر ولا يتركه:

قال العلامة عبدالله بن ناصر السعدي رحمه الله: مَن أمَرَ غيرَه بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشرِّ فلم يتركه؛ دلَّ على عدم عقله وجهله، خصوصًا إذا كان عالمًا بذلك.

 

لا يغترُّ بكلام العوامِ ومَدْحِهم:

قال الإمام الخطابي البُسْتي رحمه الله: الواجب على العاقل ألَّا يغترَّ بكلام العوامِ وثنائهم، وألَّا يثق بعهودهم وإخائهم، فإنهم يُقبِلون مع الطَّمَع، ويُدبِرون مع الغِنى، ويطيرون مع كُلِّ ناعِقٍ.

 

يطلب العلم ويُداوم على طلبه، ويكون قصده العمل به:

قال الإمام ابنُ حِبَّان رحمه الله: الواجب على العاقل إذا فرغ من إصلاح سريرته أن يثني بطلب العلم والمداومة عليه؛ إذ لا وصول للمرء إلى صفاء شيء من أسباب الدنيا إلا بصفاء العلم فيه.


والعاقل لا يشتغل في طلب العلم إلا وقصده العمل به؛ لأن مَنْ سعى فيه لغير ما وصفنا ازداد فخرًا وتجبُّرًا، وللعمل تركًا وتضييعًا، فيكون فساده في المتأسِّين به فيه أكثر من فساده في نفسه، ويكون مثله كما قال الله تعالى: ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [النحل: 25]، والواجبُ على العاقل مجانبةُ ما يدنِّس عِلْمَه من أسباب هذه الدنيا، مع القصد في لزوم العمل بما قدر عليه.


ويجب على العاقل ألَّا يطلب من العلم إلا أفضله، وفضل العلم في غير خيرٍ مهلكةٌ، كما أن كثرة الأدب في غير رضوان الله موبقةٌ، والعاقل لا يسعى في فنونه إلا بما أجدى عليه نفعًا في الدارين معًا، وإذا رُزِق منه الحظ لا يبخل بالإفادة؛ لأن أول بركة العلم الإفادة.


يستكثر من الفضائل وأعمال البرِّ:

قال الإمام ابن حزم: ينبغي أن يرغب العاقل في الاستكثار من الفضائل، وأعمال البرِّ التي يستحق من هي فيه الذكر الجميل، والثناء الحسن، والمدح وحميد الصفة، فهي التي تُقرِّبه من بارئه تعالى، وتجعله مذكورًا عنده عز وجل بالذكر الذي ينفعه.

 

يملك نفسه عند الغضب:

قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: العاقل مَن ملك نفسَه عند الغضب.

 

يعرف الخير فيطلبه، ويعرف الشرَّ فيتركه:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا يُسمَّى عاقلًا إلَّا مَن عرَف الخير فطلبه، والشرَّ فتركه.

 

يتجنَّب القهقهة:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: الضحك ثلاثة أنواع: ابتدائي، ووسط، وانتهائي، الابتدائي التبسُّم، والوسط الضحك، والمنتهي القَهْقَهة، والقَهْقَهة لا تليق بالإنسان العاقل الرزين، والتبسُّم هو أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والضحك يكون من الأنبياء أحيانًا.


لا يستهزئ بغيره:

قال العلامة السعدي رحمه الله: العاقل يرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمَنْ هو آدميٌّ مثله، وإن كان قد فضل عليه، فتفضيله عليه يقتضي منه الشكر لربِّه، والرحمة لعباده.


يتفكَّر:

قال لقمان لابنه: يا بني، لكل عملٍ دليلٌ، ودليلُ العقل التفكُّر.

 

يتواضَع:

قال لقمان لابنه: يا بني، لكُلِّ شيءٍ مطيةٌ، ومطيةُ العقل التواضُع.


من صفات العاقل من أقوال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله:

• العاقل لا يُبالي ما فاته من حطام الدنيا مع ما رزق من الحظِّ في العقل.


• العاقل لا يطول أملُه؛ لأن مَن قوي أملُه ضعف عملُه، ومَن أتاه أجلُه لم ينفعه أمَلُه.


• من عقل العاقل دفن عقله ما استطاع؛ لأن البذر وإن خفي في الأرض أيامًا، فإنه لا بُدَّ ظاهر في أوانه، وكذلك لا يخفى عقله وإن أخفى ذلك جهده.


• العاقل لا يَدَّعي ما يُحسِن من العِلْم؛ لأن فضائل الرجال ليست ما ادَّعوها؛ ولكن ما نسبَها الناسُ إليهم.


• لا يجب للعاقل أن يغتمَّ؛ لأن الغَمَّ لا ينفع، وكثرتُه تُزْري بالعقل، ولا أن يحزن؛ لأن الحزن لا يرد المرْزِئة [المصيبة]، ودوامه ينقص العقل.


• العاقل لا يُخيف أحدًا أبدًا ما استطاع، ولا يُقيم على خوفٍ وهو يجد منه مَذْهبًا.


• العاقل لا يبتدئ الكلام إلَّا أنْ يُسأل، ولا يُكثِر التماري إلا عند القبول، ولا يُسرِع الجواب إلا عند التثبُّت.


• العاقل لا يتَّكِل على المال، وإن كان في تمام الحال؛ لأن المال يحلُّ ويرتحل، والعقل يقيم ولا يبرح.


• العاقل لا يُقاتل من غير عُدَّة، ولا يخاصم من غير حُجَّة، ولا يُصارع بدون قوة.


• لا يجب للعاقل أن يتوسَّل في قضاء حاجته بالعدوِّ، ولا بالأحمق، ولا بالفاسق، ولا بالكذَّاب، ولا بمَنْ له عند المسؤول طعمه.


• العاقل يبتدئ بالصنائع قبل أن يُسأل؛ لأن الابتداء بالصنيعة أحسنُ من المكافأة عليها.

 

من صفات العاقل من أقوال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:

• العاقل مَنْ يحفظ جانب الله عز وجل وإن غضب الخَلَق.

 

• العاقل مَن حفظ دينه ومروءته بتَرْك الحرام، وحفظ قوَّتَه في الحلال.

 

• مِن علامات كمال العقل علوُّ الهِمَّة، والراضي بالدون دنيء.

 

• الواجب على العاقل أخذ العُدَّة لرحيله، فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمْرُ ربِّه.

 

• ينبغي للعاقل أن يترصَّد وقوع الجزاء...وإن طالت المدة...فميزانُ العَدْل لا يُحابي.

 

• الواجب على العاقل أن يحذر مغبَّة المعاصي، فإن نارَها تحت الرماد.

 

• لو ميَّز العاقل بين قضاء وَطَرِهِ لحظةً وانقضاء باقي عمره في حسرة لما قرب منه.

 

• العاقل...يستر ما في قلبه من البغض والود، ويُداري مَن يُكِنُّون له الغيظ والحقد.

 

• العاقل مَن إذا فعل خطيئةً بادرَها بالتوبة، فكم مغرور بإمهال العصاة لم يمهل.

 

• العاقل لا يدخل في شيء حتى يُهيِّئ الخروج منه.

 

• ينبغي للعاقل أن يتنبه...في دفع كل ما يحذره من شَرٍّ.

 

• العاقل مَن كانت عينُه مراقبةً للعواقِبِ، محترزة مما يجوز وقوعه، عاملة بالاحتياط.

 

• المؤمن العاقل لا يلتفت إلى حاسده؛ إذ ذلك يحسده على الدنيا، وهذا هِمَّتُه الآخرة.

 

• لا ينبغي للعاقل أن يُظهِر سِرًّا حتى يعلم أنه إذا ظهر لا يتأذَّى بظهوره.

 

• العاقل يُدبِّر بعقله عيشته في الدنيا...والتدبير حفظ المال، والتوسُّط في الإنفاق.

 

• يُستدَل على عقل العاقل بسكوته، وسكونه، وخفض بصره، وحركاته في أماكنها اللائقة بها، ومراقبته للعواقب، فلا تستفزه شهوةٌ عاجلةٌ عُقْباها ضرر، وتراه ينظر في الفضاء، فيتخيَّر الأعلى والأحمد عاقبة من مطعم، ومشرب، وملبس، وقول، وفعل، ويترك ما يخاف ضرره، ويستعد لما يجوز وقوعه.

 

وختامًا: العقل جوهر الإنسان وأكرم أخلاقه، قال إياس بن معاوية: من عدم فضيلة العقل فقد فُجِع بأكرم أخلاقه، وقال الحارث المحاسبي: لكل شيء جوهر، وجوهر الإنسان العقل.

 

وعقول الناس تختلف بحسب الزمن الذي يعيشون فيه، قال مطرف بن عبدالله بن الشخير رحمه الله: عقول الناس على قَدْر زمانِهم.

 

وكلما تقدَّم الزمن قلَّت عقول الناس، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يأتي على الناس زمان يعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد فيه أحدًا ذا عقلٍ.

 

فمن وجد عاقلًا في زمانه فهو كنز ثمين، فليصحبه ما استطاع، قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله: فإذا وفق المرء لصحبة العاقل فليشد يديه به.


والعاقل قد يتعب ممَّا يرى ويسمع من أهل زمانه؛ ولكنه مع ذلك مستريح، قال الإمام ابن حزم رحمه الله: صدق مَن قال: إن العاقل في الدنيا متعوب، وصدق من قال: إنه فيها مستريح، فأمَّا تَعَبُهُ فبما يرى من انتشار الباطل، وغلبة دولته، وبما يُحالُ بينه وبين الحقِّ من إظهار الحقِّ، وأما راحتُه، فمن كل ما يهتمُّ به سائر الناس من فضول الدنيا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أقوال السلف في المال
  • من أقوال السلف في الناس
  • من أقوال السلف في النفاق والمنافقين
  • من أقوال السلف في تأديب الأبناء وتربيتهم
  • من أقوال السلف في حسن الخلق
  • من أقوال السلف في حفظ اللسان
  • من أقوال السلف في ستر المرأة لجميع بدنها
  • من أقوال السلف في مكارم الأخلاق
  • من أقوال السلف فيما يزيل الهموم ويشرح الصدور
  • من أقوال السلف في آداب طالب العلم
  • العقل المظلوم

مختارات من الشبكة

  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال أئمة أهل السنة في إثبات الصفات(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • بعض أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في القدر المشترك في الأسماء والصفات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال بعض الأئمة في القدر المشترك في الأسماء والصفات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب صفة صلاة النبي )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقسام صفات الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال الصحابة والسلف في إنزال الناس منازلهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرب، الملك، المليك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الخالق، البارئ، المصور)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أسماء الله تعالى: (الحيي، الستير)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب