• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات / في البيوع واكتساب المال
علامة باركود

أيها الناس! إن لم تحذروا من الربا وذيوله فائذنوا بحرب من الله

أيها الناس! إن لم تحذروا من الربا وذيوله فائذنوا بحرب من الله
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/1/2023 ميلادي - 9/6/1444 هجري

الزيارات: 8253

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيها الناس! إن لم تحذروا من الربا وذيولِه

فائذنوا بحربٍ من اللهِ

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

لقد كثرت المعاملات في عصرنا الحاضر، وازدادت عما قبلها، وشابها ما شابها من الجواز والتحليل، أو من الحظر والتحريم، وكل المعاملات الدنيوية جائزة إلا ما حرم الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأصل في الأموال التحريم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا))؛ [(م) 147 - (1218)].

 

فالدماء والأموال والأعراض حرام كحرمة يومكم هذا؛ وكان يوم أضحى، في شهركم هذا؛ شهر حرام شهر ذي الحجة، هذا العام الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم حج حجة الوداع، في بلدكم هذا؛ البلد الحرام، حرَّم الأموال والأعراض والدماء.

 

ونتكلم في هذه الخطبة عن الأموال واكتسابها، والناس يجرون فيها كل مجرى، تجد أحدهم يتعامل ثم بعد ذلك يسأل، بعد أن وقع يسأل عن تلك المعاملة، هل حرام أم حلال؟ وبعضهم يريد المال؛ سواء أفتى الشيخ بالحِلِّ أو بالتحريم، يريد أن يفعل لأمور عنده لكن إن وجد فتوى من الشيخ، فليس من مانع، بل يكون ذلك أحسن وأفضل، وهذه المعاملة التي نتكلم عنها في خطبتنا هذه -فالمعاملات كثيرة - معاملة الربا، والعياذ بالله.

 

الربا أن تستدين درهمًا بدرهمين، أو تستدين دينارًا بدينارين؛ يعني تزيد على الدين، هذا الربا يطلق عليه (ربا الفضل)؛ يعني الزيادة، والربا أيضًا قبل أن ندخل في الكلام عن عقوبته، والتحذير منه (ربا النسيئة)؛ وهو التأجيل، مسألة التأجيل في بيع النقدين، أو بيع التمر والملح، وبيع القمح والشعير، تبيع السلعة إحداهما بالأخرى، ثم تؤجل الثمن، لكن إذا اختلفت الأجناس؛ المطعومات مع النقدي، فليس هناك مانع من التأجيل ومن الزيادة، وإنما إذا كان في الجنس الواحد، هذا هو الممنوع.

 

فاحذروا يا عباد الله، واسألوا عن دينكم وعن المعاملات المحرمة، فهي محصورة ومحدودة وقليلة.

 

أما المعاملات المباحة فكثيرة، فاتقوا ما حذَّر الله منه؛ لذلك قال سبحانه وتعالى في التحذير من الذين لا يَرْعَوُون فيأكلون الربا، قال عن الذين يأكلون، ولم يقل عن الذين هم يعطون، فإذا كان الذين يأكلون الربا مثلي ومثلكم مواطنين إذا أكلنا ما هو ربًا؛ قال عنهم الله عز وجل: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ ﴾ [البقرة: 275]؛ أي: يوم القيامة لا يقومون، ﴿ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275]، كإنسان مصروع أو ممسوس، كلما أراد القيام سقط، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ﴾ [البقرة: 275]، يسامحه الله ويعفو عنه فيما سلف، ﴿ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [البقرة: 275]، فيحاسبه عما سيأتي، ﴿ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 275، 276]؛ أثيم بالإثم والكفر ومحق الربا للأموال، والمرابون وآكلو الربا من أصحاب النار خالدين فيها؛ كلها صفات هؤلاء المرابين وأكلة الربا.

 

وقال سبحانه وتعالى خطابًا لكم أيها المؤمنون، لنا جميعًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ﴾ [البقرة: 278، 279]، ليس من إسرائيل ولا من أمريكا، بل بحرب ﴿ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 279].

 

الربا أوله فرح وسرور، ذهب إلى مؤسسة، إلى بنك، أو نحو ذلك، ويأخذ القرض، ويضعه في جيبه فرِحًا مسرورًا، وانبساطًا بالمال الذي حصَّله، وآخره حزن وحسرة وندامة؛ عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الربا وإن كثُر، فإن عاقبته تصير إلى قُلٍّ))؛ [(حم) (3754)، قال أحمد شاكر: إسناده صحيح].

 

عاقبته تصير إلى زوال، إلى قُلٍّ، فقد أخذه كثيرًا وصار قليلًا، ثم بعد ذلك لا يبقى منه إلا ذكراه السيئة؛ وفي رواية:

((ما أحد أكثر من الربا، إلا كان عاقبة أمره إلى قلة))؛ [(جه) (2279)، انظر صحيح الجامع: (3542)].

 

فمصير الربا إلى زوال، وخراب الديار، والحجر على المنازل والبيوت، وبيعها بالمزاد العلني، أمام عينيك، بيتك وعقارك، ويؤول الأمر إلى المحاكم والسجون.

 

فهل رأيتم أن رجلًا تعامل بالربا فأفلح؟ ما أفلح أبدًا من تعامل بالربا.

 

وهناك للربا ذيول وأبواب، فيا أيها الناس، إن لم تحذروا من الربا وذيوله، فائذنوا بحرب من الله ورسوله.

 

فالربا ذيوله كثيرة؛ كالشرك بالله سبحانه، والشرك ليس نوعًا واحدًا، بل هو أنواع كثيرة؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الربا سبعون بابًا، والشرك مثل ذلك))؛ [(كنز) (9752)، قال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 117): "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح"، صحيح الجامع: (3540)]، وأكل الربا من كبائر الذنوب السبعة، يُقارَن بالشرك ويُقارَن بالقتل، ويُقارَن الربا بالزنا، والعياذ بالله.

 

فآكل الربا يُقارَن بالزناة، وتضاعف عقوبة من تعامل بشيء يسير جدًّا من الربا بعشرات المرات من عقوبة الزنا؛ فعن عبدالله بن حنظلة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((درهم ربًا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنيةً))؛ [(حم) (21957)، قال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 117): "رواه أحمد، والطبراني في الكبير، والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح"، الصحيحة: (1033)].

 

عقوبة الزنا مرةً واحدة جريمة، والعقوبة كبيرة، فكيف لو زنى ستة وثلاثين مرة، هذا مقابل درهم ربا، والدرهمان اضرب في اثنين، والعشرة والعشرين، والألف والأكثر، يا عبدالله، اتقِ الله.

 

بل فرع من فروع الربا، أو باب من أبوابه في القبح والشناعة والجريمة، مثل أن يزني الرجل بمحرم من محارمه، فالعقوبة شديدة، والنكاية عظيمة؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الربا ثلاثة وسبعون بابًا، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم))؛ [قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، (ك) (2259)، (طس) (7151)].

 

نوع من أنواع الربا وذيوله، غِيبة المسلم والوقوع في عرضه، والكلام في ظهره، هذا نوع من أنواع الربا والعياذ بالله، الربا يجلب عقاب الله العام، يعني إذا جاءت عقوبة لا تأتي للرجل المرابي في نفسه في الدنيا، في الآخرة نعم.

 

لكن في الدنيا فالعقاب عام، نسأل الله السلامة.

 

وانظروا إلى حالنا في هذا الزمان؛ أكلة الربا والذين يتعاملون به، والمرابون بشتى الصور والأنواع، وانظر إلى حالنا والنتائج التي نحن فيها، لا تسُرُّ لا عدوًّا ولا صديقًا، الضيق علينا من مكان، نسأل الله السلامة، الربا يجلب عقاب الله العام الذي يعم الجميع؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ما ظهر الربا والزنا في قوم إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل))؛ [(حم) (3809)، قال شاكر: "إسناده صحيح"، و(حب) (4410)، (يع) (4981)، صحيح الترغيب: (1860)].

 

إذا ظهر الربا وفشا في الناس، وصار مقننًا بقوانين، وصارت له أنظمة، ووُجد من يدافع عنه، ويوقعك في السجون إن قصرت أو ما شابه ذلك، جاء العذاب العام، نسأل الله السلامة.

 

فالمتعامل بالربا والآكل والمعطي، والكاتب والشاهد أو الشاهدان، كلهم في الإثم سواء، الآثام التي تكلمنا عنها إذا كانوا يعلمون، بشرط أن يعلموا أن هذا ربًا، وهذا حرام، أما من لم يعلم، فالله لا يحاسبه ولا يعاقبه؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الآخذ والمعطي سواء في الربا))؛ [(ك) (2307)، صححه الألباني في الإرواء تحت حديث: (1339)، صحيح الجامع: (2751)].

 

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال:

((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله))؛ الوكيل أو الذي أعطى، ((وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء))؛ [(م) 106- (1598)].

 

عافانا الله وإياكم من الربا وذيوله، ونسأل الله أن يعافينا من حرب من عنده ومن رسوله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

لماذا يتعامل الناس بالربا؟ يتعاملون لجلب الأموال، لتكثيرها، أو لسد ديونهم، أو لأفعال هم يجعلونها أسبابًا دفعتهم لذلك؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 39].

 

الربا معناه في اللغة الزيادة، يربو يعني يزيد، فالذي يزيد أمواله بذلك لن تزيد أمواله، تزيد أموال أهل الصدقات، وأهل الزكوات الذين يتعاملون مع الله، لا يتعاملون مع عباد الله، يتعاملون مع الله؛ فيدفعون أموالهم في سبيل الله زكاة وصدقاتٍ، هذه التي تضاعف، وهذه التي تكشف عنك بها الكربات، فكثرة تقديم اللقم - كما يقولون - تزيل النقم.

 

إن أردت من الله خيرًا فقدِّم لله شيئًا، لله خالصًا دون مقابل من البشر، وأما الربا فلا يمكن إلا أن يكون هناك مقابل وزيادة؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلم محذرًا من الربا وأمثاله؛ كما ثبت عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إياك والذنوب التي لا تُغفَر: الغُلُول))؛ وهي السرقة من الغنيمة قبل قسمتها، ((فمن غَلَّ شيئًا أتى به يوم القيامة، وأكل الربا، فمن أكل الربا بُعث يوم القيامة مجنونًا يتخبط))؛ المرابي يُبعث مجنونًا يوم القيامة، أكلة الربا ترونهم أمامكم يوم القيامة يتخبطون، يقوم فيسقط يقوم فيسقط، بطونهم كأمثال البيوت الكبيرة، كلما قام أسقطه بطنه، وتطؤهم السابلة؛ أي الذين يجرون في يوم الحشر العظيم متوجهين إلى الأمن من النيران التي هي محيطة بهم، فهؤلاء لا يستطيعون أن يجروا مع الجارين، بل يطؤهم ويمشي من فوقهم الناس، أهل الموقف، ((وأكل الربا، فمن أكل الربا بُعث يوم القيامة مجنونًا يتخبط))، ((ثم قرأ عليه الصلاة والسلام: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275]))؛ [(طب) (ج 18ص60 ح110)، الصحيحة: (3313)].

 

إن آكل الربا يُعذَّب في قبره عذابًا عجيبًا وغريبًا؛ كما ثبت في صحيح البخاري وغيره في حديث الملكين اللذين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في منامه - ورؤيا الأنبياء حق - فقالا له: انطلق، قال عليه الصلاة والسلام:

((فانطلقنا، فأتينا على نهر - حسبت أنه كان يقول: أحمر))، ليس ماء صافيًا، بل إنه نهر أحمر، ((مثل الدم))، نسأل الله السلامة، ((وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل))؛ إذًا هناك رجلان؛ رجل يسبح في نهر الدم والعياذ بالله، والآخر على شط النهر، رجل ((قد جُمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة))، كأنه يريد أن يخرج من هذا المكان، لا يريد أن يبقى في الدم، الله أعلم بحرارته كم؟ الله أعلم بمذاقه كيف؟ الله أعلم، ذلك النهر كيف تكون رائحته؟ يريد أن يتخلص من هذا كله، فيذهب عند الذي عنده الحجارة ((فيفغر له فاه))، يفتح السابح فمه، يفتح فمه بقدر الله سبحانه وتعالى، بدون أن يكون منه إرادة رغمًا عنه، ((فيُلْقِمْهُ حجرًا))، الحجر لو وقع على رأس إنسان ألا يؤلمه؟ أو على يده أو على رجله، فكيف إذا وقع في فمه؟ فكيف إذا كان الحجر من حجارة جهنم، والعياذ بالله، حجارة من كبريت، قد اشتعل نارًا والله أعلم، ((فينطلق يسبح))، عندما يلقم الحجر يرجع يسبح، ((ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرًا، قال: قلت لهما: ما هذان؟))، أجاباه فيما بعد فقالا: ((وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر، فإنه آكل الربا))؛ [(خ) (7047)].

 

حديث طويل عند البخاري، وهذا الكلام فيه عن الربا، فنعوذ بالله من هذه المعاملة، وأمثالها مما يُغضِب الله عز وجل، ويُوجِب علينا غضبه وعقابه، وعلينا أن نحذر - يا عباد الله - من الربا وذيوله، وقد انتشر وعمَّ وطمَّ، وسهلت السبل إليه، عبر شبكات التباعد الاجتماعي، وعبر المؤسسات الـمقرَّة من العالم، التي لا تهتم لدين ولا لشرع، ولا تحريم أو تحليل، همها جمع المال من أي طريق كان.

 

فصلوا وسلموا على من لم يترك سبيلًا من سبل الخير إلا ودلنا عليه، ولم يدع طريقًا من طرق الشر إلا وحذرنا منه، كيف لا نصلي ولا نسلم عليه؟! وقد صلى وسلم عليه الله، وصلت وسلمت عليه الملائكة؛ فقال الله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.

 

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.

 

اللهم ‌أغْنِنا ‌بحلالك عن حرامك، وأغْنِنا من فضلك عمن سواك، اللهم ‌أغننا ‌بحلالك عن حرامك، وأغننا من فضلك عمن سواك، اللهم ادفع عنا الغلاء ‌والوباء، ‌والربا ‌والزنا، والزلازل والمحن.

 

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اسقِنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

 

اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا طبقًا سحًّا، هنيئًا مريئًا مربعًا، يا رب العالمين.

 

اللهم اجعل بلادنا هذه آمنةً مطمئنةً، وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وفي دورنا، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، وجميع ولاة أمور المسلمين، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير، وتحثهم عليه، وتبين لهم الشر، وتحذرهم منه، إنك على كل شيء قدير، اللهم ولِّ علينا خيارنا، واكفِنا شر أشرارنا.

 

﴿ وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ﴾. [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الربا في ضوء الكتاب والسنة
  • آكلو الربا
  • التحذير من الربا
  • تحريم الربا

مختارات من الشبكة

  • المداراة مع الناس وقول النبي عليه الصلاة والسلام شر الناس من تركه الناس اتقاء شره(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أكل أموال الناس بالباطل مهنة يمتهنها كثير من الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس(مقالة - ملفات خاصة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ازهد مما في أيدي الناس تكن أغنى الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا ...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب