• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ترويع المسلم ظلم عظيم (خطبة)

ترويع المسلم ظلم عظيم (خطبة)
د. محمد جمعة الحلبوسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2022 ميلادي - 26/4/1444 هجري

الزيارات: 35333

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ترويع المسلم ظلم عظيم


نقف اليوم مع وصية من وصايا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الوصية نهى فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر تهاوَنَ به الكثيــرُ من الناس في دنيا اليـوم؛ بل بعـض الناس أصبـح يتباهى بفـعل هــذا الأمر، هـــذا الأمر تراه في الأسـواق والطُّرُقـات والمدارس والجامعات والبيـوت؛ بل حتى في بعـض المساجد، هـذا الأمر نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ للحفاظ على سلامة الخَلْق من كلِّ أذًى، هذا الأمر لخطورته عدَّه العلماء بأنه كبيرة من كبائر الذنوب [1]، هذا الأمر هو ترويع المسلمين.

 

فاسمع إلى نبيِّك صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا))، وهذه الوصية لها قصة ذكرَها أهل الحديث؛ وهي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهَا- وفي رواية: فانطلقَ بعضُهُم إلى حَبْلٍ معه فأخذه[2]- فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: ((مَا يُضْحِكُكُمْ؟))، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنَّا أَخَذْنَا نَبْلَ هَذَا فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا))[3].

 

فالنبي صلى الله عليه وسلم حرَّم ترويع المسلم وتخويفه بأي وسيلةٍ من الوسائل، وبأي شكل من الأشكال، وفي أي حالٍ من الأحوال؛ لأنَّ ترويعَه ظلمٌ عظيمٌ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تَرُوِّعُوا الْمُسْلِمَ؛ فَإِنَّ رَوْعَةَ الْمُسْلِمِ ظُلْمٌ عَظِيمٌ))[4]، وهو نوع من الأذى الذي حذَّر منه القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].

 

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حذَّر من ترويع المسلم وتخويفه، ولو على سبيل المزاح، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لاعِبًا أَوْ جَادًّا، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ))[5].

 

عندما تنظر إلى واقع الأُمَّة اليوم ترى ومع الأسف الشديد بعض الناس يعتبرون ترويع وإخافة الآخرين ودبَّ الرعب في قلوبهم نوعًا من المزاح المضحك والمسلِّي بالنسبة لهم، فيجعلون سعادتهم على حساب خوفهم واضطرابهم، وقد حرَّمَ الإسلام من ترويع المسلم جادًّا أم مازحًا تحت أي حالٍ ولأيِّ مُبرِّر.

 

بل تعالَ وانظر إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم كيف يؤكِّد على حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرُّض له بما قد يُؤذِيه، فيقول صلى الله عليه وسلَّم: ((مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ))[6].

 

يعني: مَن أشار إلى أخيه المسلم بحديدة؛ أي: (بسلاح كسكين وخنجر وسيف ورمح أو حديدة جارحة)، فإن الملائكة تلعنه وتدعو عليه بالطرد من رحمة الله!

 

أمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ)) دلالة على خطورة هذا الأمر، وفيه مُبَالَغَةٌ فِي إِيضَاحِ عُمُومِ النَّهْيِ فِي كُلِّ أَحَدٍ سَوَاءٌ مَنْ يُتَّهَمُ فِيهِ وَمَنْ لَا يُتَّهَمُ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا هَزْلًا وَلَعِبًا أَمْ لَا، والحكمة من التحريم: لأن ترويع المسلم ظلمًا وعدوانًا حرامٌ، ولا يجوز بكل حال[7].

 

بل إن كثيرًا مِن أهـل العلم فسَّرُوا حديثَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ))[8]، فسَّرُوه لأنَّ الكلبَ يُرَوِّع الناسَ في أحيائهم، ويخوِّفُ صبيانَهم ونساءَهم، قال الإمام النووي (رحمه الله): "وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي سَبَب نُقْصَان الْأَجْر بِاقْتِنَاءِ الْكَلْب، فَقِيلَ: لِمَا يَلْحَق المارِّينَ مِن الْأَذَى مِنْ تَرْوِيع الْكَلْب لَهُمْ وَقَصْده إِيَّاهُمْ"[9].

 

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان من هَدْيه عند وداعه للجيوش الإسلامية أن يُوصيَهم بعدم قتل كبار السِّنِّ والنساء والأطفال أو ترويعهم، وعدم قلع الأشجار، أو هدم البيوت السكنية، وكذلك بيوت العبادة، وكل ما يؤدي إلى ترويع السكان[10].

 

بل انظـروا إلى رحمة نبيِّـكم صلى الله عليه وسلم، هـذا ابن مسعود رضي الله عنه، يقـول: كنَّا مع رسـولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فانطلقَ لِحاجَتِه، فرأينا حُمَّرَةً - طَائِرٌ صَغِيـرٌ كَالْعُصْفُـورِ- معها فَرْخَانِ، فأخذنا فَرْخَيْها، فجاءتِ الحُمَّرَةُ، فجعلت تُعَرِّشُ (أي: ترفرف بجناحيها)، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((مَنْ فَجَعَ هذهِ بولدِها؟ رُدُّوا ولدَها إليها))[11].

جَاءَت إلَيْكَ حَمَامةٌ مُشتاقَةٌ
تَشكُو إلَيْكَ بِقَلْبِ صَبٍّ واجِفِ
مَنْ أخْبَرَ الوَرْقاءَ أنَّ مَكانَكُم
حَرَمٌ وأنَّكَ مَلْجَأٌ لِلخَائِفِ

صلى الله عليه وسلم.

 

فإذا كان ترويع الحيوان رفضه النبي صلى الله عليه وسلم وحرَّمَه، فكيف بترويع المؤمنين والمؤمنات؟! فكيف بترويع النساء والأطفال؟! فكيف بترويع الشيوخ؟! فكيف بترويع المرضى؟!


بل إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع قانون الأمن العام لجميع أفراد المجتمع، حتى لا يكون أحدهم سببًا في ترويع الآخرين بأي صورة من الصور؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ))[12].

 

فأين المسلم من الوصايا المحمدية التي يريد من خلالها أن يصبح الإنسان آمنًا على نفسه، مطمئنًا على عرضه، لا يخاف ظلم ظالم، ولا جور جائر؟ أين أهل المقالب الذين يُفزِعون الناس ويُخوِّفونهم من أجل أن يضحكوا من هذه الوصايا المحمَّديَّة؟


حُكِي أنَّ شيخًا عالِمًا كانَ يَمشي معَ أحدِ تلاميذِهِ بينَ الحقولِ وأثناءَ سيرِهما شاهدا حذاءً قديمًا اعتقدا أنَّه لرجلٍ فقيرٍ يعملُ في أحدِ الحقولِ القريبـةِ، والَّذي سيُنهي عمَلَهُ بعدَ قليلٍ ويأتي لأخْذِهِ.

 

فقالَ التَّلميذُ لشيخِه: ما رأيُكَ يا شيخَنا لو نُمازِحُ هذا العاملَ ونقومُ بإخفاءِ حذائِهِ، وعندما يأتي لِيَلبسَهُ يَجدُه مفقودًا، فنرى كيفَ سيكونُ تصرُّفُه؟! فأجابَه العالِمُ الجليلُ: يَجبُ ألَّا نُسلِّيَ أنفسَنا بأحزانِ الآخرينَ؛ ولكنْ أنتَ يا بنيَّ غنيٌّ، ويمكنُ أنْ تَجلِبَ السعادةَ لنفسِكَ ولذلكَ الفقير بأنْ تقومَ بوضْعِ قِطَعٍ نقديَّةٍ بداخلِ حذائِهِ، وتختبئَ كي تُشاهِدَ مَدَى تأثيرِ ذلكَ عليهِ!

 

أُعجبَ التلميذُ بالاقتراحِ، وقامَ بوضْعِ قطعٍ نقديَّةٍ في حذاءِ ذلكَ العاملِ، ثُمَّ اختبأَ هو وشيخُه خلفَ الشُّجيراتِ؛ ليريا ردةَ فعلِ ذلكَ على العاملِ الفقيرِ.

 

وبعدَ دقائقَ جاءَ العاملُ الفقيرُ رثَّ الثِّيابِ بعدَ أنْ أنهى عملَه في تلكَ المزرعةِ ليَأخُذَ حِذاءَهُ، وإذا به يتفاجأُ عندما وضَعَ رِجْلَهُ بداخلِ الحذاءِ بأنَّ هنالكَ شيئًا ما بداخلِهِ، وعندما أخرجَ ذلك الشيءَ وَجَدهُ (نقودًا)، وقامَ بفعلِ الشيءِ نفسِه في الحذاءِ الآخَرِ ووجدَ نقودًا أيضًا! نظَرَ مليًّا إلى النقودِ وكرَّرَ النَّظرَ ليتأكدَ من أنَّه لا يحلُمُ، بعدَها نظرَ حولَه بكلِّ الاتِّجاهات ولم يجدْ أحدًا حولَه! وضعَ النقودَ في جيبِه وخَرَّ على ركبتَيه، ونظرَ إلى السَّماءِ باكيًا، ثمَّ قالَ بصوتٍ عالٍ يُناجي ربـَّهُ: أَشكرُكَ يا ربُّ، يا منْ عَلِمْت أنَّ زوجَتي مريضةٌ وأولادي جِياعٌ لا يجدون الخبزَ؛ فأنقذتَني وأولادي من الهلاكِ، واستمرَّ يبكي طويلًا ناظرًا إلى السَّماءِ، شاكرًا هذهِ المِنحةَ الرَّبانيَّةَ الكريمةَ.

 

تأثَّرَ التَّلميذُ كثيرًا وامتلأَتْ عَيْناهُ بالدُّموعِ، عندَها قالَ الشَّيخُ الجليلُ: ألسْتَ الآنَ أكثرَ سعادةٍ مِمَّا لو فعلْتَ اقتراحَكَ الأوَّلَ وخبَّأتَ الحذاءَ، أجابَ التَّلميذُ: لقدْ تعلَّمْتُ درسًا لنْ أنساه ُما حييْتُ.

 

فلا يجوز لك أن تأخذ حذاء أخيك مازحًا فتُخفيه ويبقى صاحبه يبحث عنه، هذا حرام عليك، ولا يجوز لك أن تأخذ سيارته والموبايل أو أيَّ شيء من متاعه مازحًا بدون علمه، ويبقى يبحث عنه، فيُصيبه الخوف والهلع، وهذا حرام عليك، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يأخُذن أحدُكُمْ متاعَ أخِيه لاعِبًا ولا جَادًّا))[13].

 

فإيَّاك أن تكون سببًا في ترويع أخيك المسلم بأي شكل من الأشكال، المسلم الحقيقي لا يُروِّع مُسلِمًا وإنْ كان هازلًا؛ لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه، والمسلمُ من سَلِم المسلمون من لسانِه ويَدِه.

 

اللهمَّ أمِّنَّا في أوطاننا، وأصلح ما فسد من أحوالنا، اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنْه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكُفْر والفُسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.


الخطبة الثانية

مسألتنا تتعلق بسؤال: لماذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم؟

أيها المسلم، في زمن الجاهلية كان المزاح وإخافة الآخرين عادةً منتشرةً بين الناس، يبتغون من خلالها الضحك والسخرية؛ ولكن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لم يترك الناس هكذا، ولم يغفل هذه العادة السيئة، فنهى عنها، وقال: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا))[14].

 

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم؟

في ذلك الزمن لم يكن أحد يعلم شيئًا عن مخاطر الترويع أو مخاطر الخوف، وحتى اكتشف العلماء مساوئ إخافة الآخرين من خلال المزاح، فدعونا نتأمَّل: ماذا كشف العلماء حول مخاطر الترويع أو مخاطر الخوف؟ وماذا تسبَّب للإنسان؟

 

في دراسة حديثة نُشِرت أواخر سنة (2015م) في المجلة الطبية البريطانية وجد الباحثون أن الترويع والخوف ومشاهدة أفلام الرعب تؤدي لزيادة تخثُّر الدم؛ مما يؤدي للإصابة بالجلطات القلبية، فأثناء الخوف الشديد يقوم الجسم بإفراز مواد تؤدي لزيادة تخثُّر الدم؛ حيث يُهيِّئ الجسم نفسه للمخاطر التي قد تؤدي لإصابته ونزف الدم منه، فيقوم الجسم برد فعل تلقائي لإيقاف هذا النزف المحتمل.

 

فيحذر الأطباء اليوم من خطورة الترويع وتكرار مشاهدة مناظر العنف أو الخوف أو الرعب، فكلها تترك آثارًا سلبية على الجهاز العصبي، وكذلك تؤثر على دورة الدم وسلامة القلب، ويزيد الترويع من تخثُّر الدم واحتمال تشكُّل جلطات قد تؤدي لأمراض خطيرة تنتهي بالموت.

 

أرأيتم لماذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلمين؟!

ليسمع كل من يقوم بنشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تبدأ في طرح موضوع مهم لجذب الانتباه والتركيز، وفي آخر المقطع يظهر شيء مخيف بشكل مفاجئ، وهذا يكون من باب المزاح؛ لكنه مخيف جدًّا، ولو أرسل هذا المقطع لمرأة حامل أو مريض قلب أو شيخ كبير قد يتسبَّب في موت أو جلطة أو ضرر.

 

وهنا العلماء يقولون: إن التسبب في ترويع الآخرين قد يترتب عليه الضمان في بعض الحالات، كمن قصد تخويف غير الْمُمَيِّزِ أو البالغ غير المتيقظ لهذا الموقف فمات، فيعدُّ فعله قتلًا شبه عمد، وعليه الدية مُغلَّظة، وكذلك عليه الدية إن تسبب الترويع بذهاب منفعة عضو من أعضاء من تم ترويعه[15].

 

فينبغي للمسلم إذا أراد نشر أي مادة على مواقع التواصُل الاجتماعي أنْ يحرص على نشر ما فيه الخير والنفع والفائدة للمجتمع، وعلى المسلم أنْ يبتعدَ عن نشر كلِّ ما فيه سخرية أو ترويع أو تخويف، فمن حُقوقِ المسلم على المسلم ألَّا يحزنه أو يخوفه أو يزعجه.

 


[1] عدَّه بعض أهل العلم في الكبائر؛ كابن حجر الهيتمي في كتابه: الزواجر عن اقتراف الكبائر.
[2] سنن أبي داود، كتاب الأدب- باب من يأخذ الشيء على المزاح: (7/ 352)، برقم (5004).
[3] أخرجه أحمد في مسنده: (38/ 163)، برقم (23064) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
[4] الحديث في الجامع الصغير للسيوطي: (2/ 390) برقم (9769)، ورمز المصنف له بالصحة، وقال الهيثمي: رواه الطبراني والبزار، وفيه عاصم بن عبيدالله وهو ضعيف، مجمع الزوائد: (6/ 253).
[5] سنن الترمذي، أبواب الفتن- بَابُ مَا جَاءَ لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا: (4/ 32)، برقم (2160)، وقال الترمذي: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
[6] صحيح مسلم، كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِشَارَةِ بِالسِّلَاحِ إِلَى مُسْلِمٍ: (4/ 2020)، برقم (2616).
[7] ينظر: شرح النووي على مسلم: (16/ 170).
[8] صحيح مسلم، كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ- بَابُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، وَبَيَانِ نَسْخِهِ، وَبَيَانِ تَحْرِيمِ اقْتِنَائِهَا إِلَّا لِصَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ: (3/ 1201)، برقم (1574).
[9] يُنظَر: شرح النووي على مسلم: (10/ 239).
[10] عَنِ ‏‏ابن عباس رضي الله عنهما ‏قَالَ: ‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: ((اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا ‏تَغْدِرُوا ‏وَلَا‏ ‏تَغُلُّوا‏ ‏وَلَا‏ ‏تُمَثِّلُوا ‏وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ ‏الصَّوَامِعِ))؛ رواه أحمد في مسنده (2728)، والبيهقي (17933)، وقال الهيثمي في المجمع: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال فيه: ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً ولا شيخًا، وفي رجال البزار: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثَّقه أحمد، وضعَّفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح، وقال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف.
[11] سنن أبي داود، كتاب الأدب- باب في قتل الذَّرِّ: (7/ 540)، برقم (2675) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
[12] سنن الترمذي، أَبْوَابُ الْإِيمَانِ- بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ: (4/ 313)، برقم (2627) قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[13] سنن أبي داود، كتاب الأدب- باب من يأخذ الشيء على المزاح: (7/ 351)، برقم (5003).
[14] أخرجه أحمد في مسنده: (38/ 163)، برقم (23064)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
[15] تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي: (9/ 2).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ترويع المسلم
  • المسلم كالنخلة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الترويع (خطبة)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الجناية بالترويع في الفقه الإسلامي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخويف القطط وترويعها(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • بريطانيا: اقتحام مسجد أثناء الصلاة وترويع المصلين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح حديث: المسلم أخو المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرمة المسلم على أخيه المسلم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: حق المسلم على المسلم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حق المسلم على المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث أبي هريرة: "المسلم أخو المسلم لا يخونه"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق المسلم على أخيه المسلم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب