• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة / العلم والدعوة
علامة باركود

الله ينصر عباده المؤمنين المخلصين ولو بعد حين (خطبة)

الله ينصر عباده المؤمنين المخلصين ولو بعد حين (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/11/2022 ميلادي - 25/4/1444 هجري

الزيارات: 23422

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الله ينصر عباده المؤمنين المخلصين

ولو بعد حين

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين، آمين.

 

هناك بعض الأسئلة التي تمر بخواطرنا أو بخواطر أغلبنا:

لماذا لم يستجب الله دعاءنا؟

لماذا لم ينصرنا الله حتى الآن؟

لماذا لم يؤيدنا الله حتى الآن؟

لماذا لم يهلِكِ الله المعتدين وينتقم من الظالمين والمتجبرين؟


هذه أسئلة، ستعلمون في هذه الخطبة الأجوبة عليها؛ لأن محبة الرب عز وجل لـعباده وأوليائه المؤمنين، وتأييده لهم بنصرته ومعيته، لا شك فيها ولا ريب، لكننا نستعجل!

 

فقد قال سبحانه وتعالى في وصف المؤمنين المؤيَّدين المنصورين من الله سبحانه وتعالى؛ قال:

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، المؤمن منصور في الدنيا وفي الآخرة؛ وقال سبحانه:

﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173]، سيدافع عنا الله سبحانه وتعالى، لكن إن لم يكن بيننا خائن أو كفور؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38]، وقال سبحانه منتقمًا من المجرمين، وقد سبق ذلك في التاريخ، وسيأتي إن شاء الله بالانتقام من الظالمين؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 103].

 

هذه الآيات وغيرها كثير تبين أن النصر معقود مع الإيمان والتوحيد، ومع طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن كان هناك تأخير للنصر والتأييد، وتأخير لاستجابة الدعاء، فلنتفقَّد أنفسنا حول هذه الآيات التي في سورة النور؛ قال سبحانه:

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [النور: 54 - 57].

 

هذه الآيات تبين لنا شروطًا إن فعلناها تحقق المشروط؛ فالشروط هي:

طاعة الله وطاعة رسوله، على قدر طاعتنا لله وطاعتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكون النتائج الحسنة؛ ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النور: 54].

 

وهذه الشروط أيضًا منها الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والعمل الصالح؛ فقد قال سبحانه في وعد الموعودين بالنصر والتمكين والاستخلاف: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [النور: 55].

 

وأيضًا في ذاك العمل وتلك الطاعة لله ورسوله نحتاج إلى الإخلاص له سبحانه، وعدم الإشراك بالله سبحانه وتعالى في عبادته، دون خلط بأي نوع من أنواع الشرك؛ قال سبحانه: ﴿ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].

 

وفي نهاية الآيات الثلاث التي ذكرناها قبل قليل، اختصَّ الله سبحانه وتعالى أمرًا عظيمًا يحبه سبحانه وتعالى، والمؤمن يداوم عليه؛ وهي اختصاص الصلاة والزكاة، واتباع هديِ النبي صلى الله عليه وسلم وسُنته، والتركيز عليها، هذا من الشروط المهمة حتى يأتيَنا الله بالمشروط المقبول عنده، والـمرضيِّ عندنا: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].

 

بهذه الأمور وبهذه الشروط تأتي النتائج، فإذا فعلنا تلك الشروط بإخلاص، وَهَبَنَا الله سبحانه وتعالى المشروط، ووجدنا نتيجة أعمالنا وعباداتنا الخالصة، فأبشِروا - أيها المؤمنون الصادقون - بالتوفيق والهداية؛ قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54].

 

وأبشروا بالاستخلاف في الأرض، والتمكين للدين، وإرساء الأمن والأمان بدل الخوف والرعب: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55].

 

وبطاعة الله وعبادته، أبْشِروا أن يَهَبَنا الله المغفرة والرحمة؛ قال سبحانه: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].

 

والتحذير من الحسبان والظن في أن الله لا يقدر على الكافرين في هذه الأرض، في هذه المدد الطويلة التي ليس لنا فيها نصر ولا تمكين، يظن بعض الناس أن الله غير قادر على الكافرين، نسأل الله السلامة؛ قال سبحانه: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النور: 57]، لا يعجزون الله والله، لكن قَدَرَ الله نافذٌ لا محالة، أمور أرادها الله عز وجل وقدَّرها وستكون، وإن شاء الله فيها الخير الكثير لهذه الأمة، وإن رأينا فيها ما نكره.

 

﴿ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [النور: 57]، في هذه الدنيا وعلى هذه الأرض، والله لا يعجزون الله، فهل هؤلاء الكفار يملكون من الأرضين السبع أرضًا واحدة؟ هل هؤلاء الكفار يملكون سماء واحدة؟ هل هؤلاء الكفار يملكون قمرًا أو شمسًا أو نجمًا أو كوكبًا؟ لا والله، بل لا يملكون حتى أرواحهم التي في أجسادهم، يخرجها الله منهم متى شاء وكيف شاء، فلا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض، فلا نظنَّنَّ بالله ظن السوء؛ أنه قد تركنا، أو خذلنا، رغم ما يحدث في الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لا تظنَّ يا مؤمن، يا عبدالله، يا من تَتَّبِع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تظن أن الله قد تركنا أو خذلنا، لكن فلنراجع أنفسنا، ولا نعيب غيرنا وننسى أنفسنا.

 

فإذا كانت فلسطين أُعطيَت لليهود بجرَّةِ قلم، بورقة من بلفور، لا يعني ذلك أنها ملك لهم، وإنما جرى ذلك بتقدير الله جل جلاله؛ لتقصيرنا - نحن العرب والمسلمين - ولتفرقنا وانقسامنا، وعدم اجتماع كلمتنا.

 

فإن كان للنصر والتأييد، والاستخلاف والتمكين تأخيرٌ، فهناك منا في الطاعة والعبادة والاتباع تقصير.

 

وها أنتم تَرَون بأعينكم، وتسمعون بآذانكم، وتشعرون بوجدانكم قول باريكم سبحانه: ﴿ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ ﴾ [الرعد: 31]؛ وأي قارعة تصيب الكفار الآن؟! حقًّا إنها قارعة، ﴿ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ ﴾ [الرعد: 31]، فإن لم تصبهم مباشرة، فتحل قريبًا من ديارهم، ﴿ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].

 

فإذا تأخر الوعد، فاعلموا أن سبب التأخير هو التقاعس في العبادات، والتكاسل عن الطاعات، ها هو الشافعي رحمه الله يحكي واقعنا وحالنا؛ فيقول:

‌نعيب ‌زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا
وقد نهجوا الزمان بغير جُرم
ولو نطق الزمان به هجانا
ديانتنا التصنُّع والترائي
فنحن به نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحمَ ذئبٍ
ويأكل بعضُنا بعضًا عَيانا
لبِسنا للتخادع مسكَ ضأن
فويل للمغير إذا أتانا

[مناقب الشافعي للبيهقي (2/ 84)].

 

(نهجوا الزمان)؛ أي: نذُمُّ الزمان ونشتمه ونعيبه، (ديانتنا التصنع)؛ أي: يتدينون ويظهرون التدين، ويفعلون مظاهر معينة من الرياء، (لبسنا للتخادع مسك ضأن)؛ يعني: جلد شاة، فهو من الخارج ناعم ما شاء الله، وهذا للخداع.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

وكما وعد الله رسله والمؤمنين بالنصر والتمكين، وحقق لهم ذلك في الحياة الدنيا، ورأينا ذلك وعلمناه، بما قرأناه في كتاب ربنا وفي هديِ نبينا، وفي تاريخ المسلمين؛ كيف نصر الله رسله؟ وكيف نصر المؤمنين؟ عندما كانوا يطيعون الله ورسوله، ويعملون الصالحات.

 

فكذلك سيحقق الله وعده لمن آمن به وأطاعه، وأخلص له في عبادته، ولم يشرك به شيئًا؛ سيحقق لهم دخول الجنان، والنجاة من الخلود في النيران.

 

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: ((بينما أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم))؛ يعني راكب خلف النبي صلى الله عليه وسلم ((على حمار يقال له: عفير))، اسم حمار النبي صلى الله عليه وسلم عفير، ((فقال: يا معاذ بن جبل، فقلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعةً، ثم قال: يا معاذ، فقلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعةً))؛ أي: وقتًا من الزمن، ((ثم قال: يا معاذ، فقلت: لبيك يا رسول الله وسعديك))، كم مرةً نادى معاذًا ولم يجبْهُ، ومعاذ يجيبه ثلاث مرات، فـتكرار النداء هنا؛ لتأكيد الاهتمام بما يخبره به، ويبالغ في تفهمه وضبطه، في الثالثة قال صلى الله عليه وسلم: ((هل تدري ما حق الله على عباده؟ وما حق العباد على الله؟))، المراد بحق الله على العباد هنا: ما يستحقه الله على عباده مما جعله محتمًا عليهم؛ من توحيده، وعبادته بالصلوات والصيام وما شابه ذلك، وإقامة الأخلاق الفاضلة بين المسلمين، والمعاملات الحسنة في البيع والشراء وما شابه ذلك، هذه عبادة الله سبحانه وتعالى.

 

وحق العباد على الله: ما وعدهم به من الثواب والجزاء، والنصر والتأييد والتمكين، فحق ذلك ووجب بحكم وعده الصدق.

 

((فقلت: الله ورسوله أعلم))، ما يدري معاذ ما هي الحقوق، فمعاذ يجيب الإجابة الصحيحة بعدم علمه، ((قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا))، المراد بالعبادة: عمل الطاعات، واجتناب المعاصي، وعطف عليها عدم الشرك؛ لأنه تمام التوحيد، والحكمة في عطفه على العبادة أن بعض الكفرة كانوا يدَّعون أنهم يعبدون الله، ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3]، هم هكذا يدعون أنهم يعبدون الله، ولكنهم كانوا يعبدون آلهةً أخرى؛ ولذلك ذكر كلمة (ولا يشركوا به شيئًا)، فاشترط نفيَ ذلك.

 

قال ابن حبان: "عبادة الله: إقرار باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالجوارح"؛ ولهذا قال في الجواب: "فما حق العباد إذا فعلوا ذلك؟" فعبَّر بالفعل، ولم يعبر بالقول، ((وحق العباد على الله: ألَّا يعذب من لا يشرك به شيئًا))، وفي رواية: ((وإن حق العباد على الله ألَّا يعذب من فعل ذلك منهم))، فعل؛ يعني هناك فعل وعمل تقوم به يا عبدالله، ((فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر به الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا))؛ [والحديث بزوائده عند: (خ) (2856)، (5967)، (م) (م) 48- 51 (30)، (حم) (10795)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح]، وفي رواية عن أنس بن مالك: ((دعهم ‌فليتنافسوا ‌في ‌الأعمال))، حتى يتسابقوا في الأعمال، ((‌فإني ‌أخاف ‌أن ‌يتكلوا عليها))؛ [المعجم الكبير للطبراني (20/ 46) ح (75)].

 

لقد قال سبحانه، واعدًا المؤمنين وعدًا حسنا في الآخرة؛ إذا عاشوا في هذه الحياة الدنيا، يعبدون وحده لا يشركون به شيئًا؛ فقال: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122].

 

وهكذا وعد الله يتحقق كما تحقق لرسله والذين آمنوا في الدنيا سيتحقق في الجنات؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [لقمان: 8، 9]، وقال سبحانه: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72].

 

فوحِّدوا الله الذي لا إله إلا هو، وصلوا على رسوله الذي صلى الله عليه في كتابه؛ فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وعلى من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.

 

اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والعزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بِرٍّ، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.

 

اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير، اللهم وأظهر الهدى ودين الحق الذي بعثت به نبيك محمدًا صلى الله عليه وسلم على الدين كله، ولو كره المشركون.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أعظم وصية من الله تعالى لعباده المؤمنين (التوحيد ووحدة العقيدة)
  • بشارة رب العالمين لعباده المؤمنين

مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التراحم والأخوة بين المؤمنين (إنما المؤمنون إخوة)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات المؤمنين في سورة المؤمنون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، وأن محبة المؤمنين من الإيمان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تفسير: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نداءات الله جل جلاله العشرة لعباده الجن والإنس المؤمنين منهم والكفرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسس وتطبيقات العمل الخيري عند أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خرافة القبور الثلاثة بمكة المشرفة: عبد المطلب، وأبو طالب، وأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب