• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بتقوى الله

الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بتقوى الله
فواز بن علي بن عباس السليماني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2022 ميلادي - 30/3/1444 هجري

الزيارات: 10982

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله

 

قال المصَنِّفُ: عن العرباض بن سارية رضي الله عنه[1] قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا يَا رَسُولَ الله: كَأَنَّهَا موعظة مودع؛ فأوصنا، قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ[2]، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ[3]، قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ[4].


قوله: (ذرَفت منها العيون): قال في "النهاية" (2/ 396): ذرَفَتِ العينُ تذرِفُ إذا جرى دمعها؛ اهـ.

 

قال الطيبي: ذرفت؛ أي: سالت وإسناده إلى العيون مبالغة؛ اهـ.

 

قوله: (وجلِت منها القلوب): قال في "المرقاة" (2/ 43): وجلت ـ بكسر الجيم ـ والوجل خوف مع الحذر؛ أي: خافت منها القلوب لتأثيرها في النفوس، واستيلاء سلطان الخشية على القلوب؛ اهـ.

 

فائدة في قول العرباض رضي الله عنه: ذرَفت منها العيون ووجلِت منها القلوب:

قال في "المرقاة" ـ عقب كلامه السابق ـ: قال الطيبي: وفائدة تقديم ذرفت على وجلت، وحقه التأخير للإشعار بأن تلك الموعظة أثَّرت فيهم، وأخذت بمجامعهم ظاهرًا وباطنًا؛ اهـ.

 

وتبِعه ابن حجر، ولا يخفى أن العلة المذكورة إنما هي للجمع بينهما لا للتأخير.

 

ويمكن أن يقال: وجهه أن الظاهر عنوان الباطن، واستدل بالدمعة على الخشية، وإن كانت هي موجبة للدمعة، والله أعلم؛ اهـ.

 

قلت: وقد وصف الله المؤمنين بهذه الصفة، فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال:2].

 

وقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الحج:34 ـ 35].

 

قوله: (فأوصنا): قال العلامة العثيمين في "تعليقاته على الأربعين النووية" (ص50): لأن موعظة المودع تكون موعظة بالغة قوية؛ اهـ.

 

قلت: وأيضًا تكون مشتملة على أهم الأمور، ومجامعها، والله أعلم.

 

وقال العلامة العباد حفظه الله "في شرح هذا الحديث من الأربعين النووية": وهذه الموعظة متصفة بثلاث صفات: كونها بليغة، وكونها وجلِت منها القلوب، وكونها ذرفت منها العيون.

 

تعريف الموعظة:

قال العلامة العباد ـ عقب كلامه السابق ـ: والموعظة: هي الكلام الذي فيه ترغيب وترهيبٌ، يكون فيه ترقيقٌ للقلب وتخويفٌ وزجرٌ، فيؤثر ذلك في القلب ويوجل، وتدمع العين من الخوف من الله تعالى؛ اهـ.

 

قوله: (أُوصيكم بتقوى الله):

تعريف التقوى:

التقوى لغةً: الوقاية، ومصدره وقاءً بمعنى حفظ الشيء عما يؤذيه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [الدخان: 56].

 

ومعنى قولنا: اتقِ الله: توقَّه؛ أي: اجعل بينك وبين عذاب الله كالوقاية، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة»، رواه البخاري برقم (1413)، ومسلم (2347)، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه.

 

ومعنى اتقى فلان كذا: إذا جعله وقاية.

 

وأجدر ما يتقون به من العذاب يوم القيامة الوجه، قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الزمر:24]، ومنه قول النابغة الذبياني:

سقط النصيفُ ولم ترد إسقاطَه
فتناولتْه واتَّقتنا باليدِ

وقول الآخر:

فألقتْ قناعًا دونَه الشمسُ واتَّقت
بأحسن موصولين كفٍّ ومِعصمِ

 

اهـ ملخصًا من "تفسير الطبري" (8/ 665)، و"تفسير الألوسي" (12/ 374)، و"بصائر ذوي التمييز" (5/ 258).

 

وفي الاصطلاح: لها أكثر من عشرة تعاريف: منها ما اقتصر على شيء دون شيء، أو لم يكن فيه إيضاح للقارئ، إما لإسهاب فيه أو قصر، أو تعريف جانبٍ دون آخر، وأحسن تعريف رأيته، هو ما روى بن أبي شيبة (30993) بسندٍ صحيح، عن طلق بن حبيب أنه قال: إذا وقعت الفتن فاطْفؤوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: هي أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء رحمة الله، والتقوى ترك معاصي الله على نورٍ من الله مخافة عذاب الله.

 

شرح أثر طلق بن حبيب في تعريف التقوى:

فقوله: هي العمل بطاعة الله: قال الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ ﴾ [آل عمران:50]، وهذا في أكثر من عشرة مواضع في القرآن.

 

وإلى هذا ينضم ما قاله الجرجاني في "تعريفاته" (ص65): أن التقوى في الطاعة يراد بها الإخلاص، وكذلك قول من عرف التقوى بأنها الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته.

 

وقوله: على نور من الله؛ أي: على بصيرة، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال:29].

 

ويقول تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق:2]، والفرقان والمخرج عامان.

 

وقوله: رجاء رحمة الله: قال الله تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف:156].

 

وقوله: والتقوى ترك معاصي الله: قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا الله وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة:223].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الدنيا، واتقوا النساء»، رواه مسلم برقم (6948)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «من اتقى الشبهات فقد استبرأَ لدينه وعرضه»، رواه البخاري (52) ومسلم (4094)، عن العمان بن بشير رضي الله عنه.

 

ويدخل في هذا تعريف من قال: إن التقوى هي اجتناب كلِّ ما فيه ضرر، وكذا تعريف من قال: هي المحافظة على آداب الشريعة، ومجانبة كل ما يبعد المرء عن الله تعالى، وكل ما تقدم في تعريفها لغة.

 

أقول: ولو لاحظت وجدت أن أكثرَ تعاريفها مبني على هذه الفقرة.

 

وقوله: على نور من الله مخافة عذاب الله: قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة:2].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، عن عدي رضي الله عنه؛ رواه البخاري (1413) ومسلم (1016).

 

وبقي تعاريف متممةٌ لما مضى؛ منها:

ما ذكره السيوطي في "الدر" (1/ 61) أن رجلًا سأل أبا هريرة عن التقوى؟ فقال له: هل أخذت طريقًا ذات شوكٍ؟ قال: نعم، قال: فكيف كنت تصنع إذا رأيت الشوك؟ قال: أعدل عنها أو جاوزتها أو قصرت عنها، قال: ذاك التقوى أي: فكذلك التقوى.

 

وبنحوه عن عمر أنه سأل أبي بن كعب، فقال له كما قال أبا هريرة رضي الله عنه.

 

وفي هذا يقول عبدالله بن المعتز، كما في "تفسير ابن كثير" (1/ 53):

خل الذنوب صغيرها
وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماشٍ فوق أرض
الشو ك يحذر ما يرى
لا تحقرن من الذنوب صغيرة
إن الجبال من الحصى

 

وفي "شرح السنة" للبغوي (14/ 341)، عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: التقي ملجم لا يفعل كل ما يريد؛ اهـ.

 

حقيقة التقوى:

وقال القرطبي في "تفسيره" (12/ 55) عند قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾: وأضاف التقوى إلى القلوب؛ لأن حقيقة التقوى في القلب، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في صحيح الحديث: «التقوى ها هنا وأشار إلى صدره»؛ اهـ.

 

وقال الإمام ابن القيم في "الرسالة التبوكية" (ص15): وحقيقة التقوى العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، فيفعل ما أمره الله به إيمانًا بالأمر وتصديقًا بوعده، ويتر ك ما نهى الله عنه إيمانًا بالنهي وخوفًا من وعيده، ثم ذكر أثر طلق بن حبيب السابق.

 

ثم قال: وهذا من أحسن ما قيل في حد التقوى؛ اهـ.

 

أصل التقوى:

قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" ـ تحت الحديث الثامن عشر ـ: وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذَره وقاية تَقيه منه.

 

فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه، وسخطه وعقابه - وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه.

 

ونقل عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرَّم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا، فهو خيرٌ إلى خيرٍ.

 

قلت ـ أي: ابن رجب ـ: عملًا بقوله تعالى: ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ﴾ [الفتح:26]، مع مراعاة الكتاب والسنة وملازمة الورع في كل شيء؛ اهـ.

 

مكان التقوى:

قال ابن القيم في "كتاب الفوائد" (ص55): والتقوى في الحقيقة تقوى الجوارح، قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج:32].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج:37].

 

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «التقوى هاهنا وأشار إلى صدره»، عن أبي هريرة رضي الله عنه في "مسلم" (2664).

 

وقال القرطبي في "تفسيره" (12/ 55) عند قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾: وأضاف التقوى إلى القلوب؛ لأن حقيقة التقوى في القلب، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في صحيح الحديث: «التقوى ها هنا وأشار إلى صدره»؛ اهـ.

 

فإذا استقام القلب استقامت الجوارح والضد بالضد، للحديث السابق، وحديث النعمان المتفق عليه.

 

أهمية التقوى:

ما أمَر الله بأمرٍ، ولا نهى عن محرَّم إلا بدأ ذلك أو ختمه بالتقوى إلا فيما ندر، وهذا لأمر عظيم، وفائدة مقصودة، بسطناها في باب أهمية التقوى من كتابنا (الجواهر الكبرى في صفات وفضائل التقوى).

 

مراتب التقوى:

المرتبة الأولى من كمل تقواهم: وهم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وليسوا في درجة واحدة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إني لأتقاكم لله وأخشاكم له»، رواه البخاري برقم (5063)، ومسلم (1401)، عن أنس رضي الله عنه.

 

المرتبة الثانية: من كان على سيرهم حَذْو القذة بالقذة؛ كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة:177].

 

وقوله: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ الآية إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف:156ـ 157].

 

المرتبة الثالثة: من كانوا ذوي عملٍٍ صالحٍ، إلا أن الاسترسال في المباحات يجرهم إلى المتشابه، وربما وقعوا في الحرام، ولكن سرعان ما يرجعون، كما قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران:133ـ 135].

 

وروى البخاري برقم (2215)، ومسلم (6949)، عن ابن عمر رضي الله عنهما في قصة أصحاب الغار الذي قالت له المرأة: «اتقِ الله ولا تفُض الخاتم إلا بحقه، وذلك بعد أن قعد منها مقعد الرجل من امرأته، وكذلك الذي غاضب عامله، ثم بعد فترة من استخدامه للمال والانتفاع منه أعطاه ماله، وغيرها من الأدلة.

 

المرتبة الرابعة: أدنى المرتب، وهي مرتبة أصحاب المعاصي الكبيرة، المسترسلين فيها، من غير توبةٍ ولا ندم، للجهل المطغي عليهم، وهؤلاء أكثر الأصناف عددًا.

 

ويجمع هذه المراتب: قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة:93]، والله أعلم.

 

راجع: "تفسير الطبري"(8/ 665)، و"تفسير الألوسي"(12/ 374 ـ 375) و"البصائر" (5/ 258).

 

مراتب التقوى عند ابن القيم:

قال العلامة ابن القيم في كتاب "الفوائد" (ص65): والتقوى ثلاث مراتب:

أحدها: حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات.

والثانية: حميتها عن المكروهات.

والثالثة: الحمية عن الفضول وما لا يغني.

 

فالأولى: تعطي العبد صيانة.

والثانية: تفيده صحته وقوته.

والثالثة: تكسبه سروره، وفرحه، وبهجته؛ اهـ.

 

قلت: وليكن حال العبد مع ربه، كحال عمير ابن الحمام رضي الله عنه، ففي "مشارع الأشواق" (ص212)، أنه كان في غزوة بدر، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والذي نفسي بيده، لا يقاتلهم اليوم رجلًا صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة»، فرمى بتمراتٍ كن في يده، ثم أنشأ يقول:

ركضًا إلى الله بغير زاد
إلا التقى وعمل المزاد
والصبر في الله على الجهاد
وكل زاد عرضة النفاد
غير التقى والبر والرشاد

 

والقصة في "مسلم" (4915)، بأوسع مما ذكرت، وفيها من العظة غير ما عليه اقتصرت.

 

وأخيرًا أقول: إن من التُقى البحث عن أخي الصدق والتقى والأمانة، كي تقر به عينك، ويعينك على تجنُّب الخطأ والعيوب والرجوع إلى علام الغيوب، كما ذكر ذلك ابن أبي الدنيا في كتاب "الإخوان" (ص110)، فقال:

أبل الرجال إذا أردت إخائهم
وتوسمن أمورهم وتفقد
فإذا وجدت أخا الأمانة والتقى
فبه اليدين قرير عين فا شدد
ودع التذلل والتخشع تبتغي
قرب امرئ إن تدن منه تبعد

 

وفي هذا الزمان، زمن غربة الإسلام في أهله ـ فضلًا عن غيرهم ـ من سلَّم الناس من شره لا يَسْلَمْ من شرهم، ولكن المتقي يعفو ويصفح ابتغاء الأجر من الله، فيهون عليه البلاء، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران:120].

 

وفي زماننا لعلَّ الوحدة خير من جلساء السوء، فقد امتلأت بهم الأرض، ولكن لنا في سلفنا عبرة.

 

ومن ذلك ما في "ديوان الشافعي" ـ المنسوب إليه ـ (ص64):

إن لم أجد خلًّا تقيًّا فوحدتي
ألذ وأشهى من غوي أعاشره

 

وللتقوى معان وشروط وغير ذلك، بسطتها في كتابي (الجواهر الكبرى لبيان ما تحتويه التقوى).

 

قوله: (وإن تأمر عليكم عبد): قال المبارك فوري في "تحفة الأحوذي" (7/ 366)؛ أي: وإن تأمر عليكم عبد حبشي، كما في رواية "الأربعين" للنووي؛ أي: صار أميرًا أدنى الخلق، فلا تستنكفوا عن طاعته، أو لو استولى عليكم عبد حبشي فأطيعوه مخافة إثارة الفتن.

 

ووقع في بعض نسخ أبي داود: وإن عبدًا حبشيًّا ـ بالنصب ـ أي: وإن كان المطاع عبدًا حبشيًّا.

 

قال الخطابي: يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم، وإن كان عبدًا حبشيًّا، ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبدًا حبشيًّا، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأئمة من قريش".

 

وقد يضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح في الوجود؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدًا، ولو مثل مفحص قطاة، بنى الله له بيتًا في الجنة.

 

وقدرُ مفحص القطاة لا يكون مسجًدا لشخص آدمي، ونظائر هذا الكلام كثيرة؛ اهـ.

 

وقال العلامة العثيمين في "تعليقاته على الأربعين النووية" (ص50): يعني وإن كان الأمير عبدًا فأسمعوا له وأطيعوه، وهذا هو مقتضى عموم الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ... ﴾ النساء:59].

 

قلت: وقول العلامة العثيمين لعله أقرب، لعدم استحالة كون العبيد قد يصيرون ملوكًا، والله أعلم.

 

قوله: (فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين): تقدم الكلام على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

هل يُفهم من قوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسني وسنة الخلفاء الراشدين...)، أنهم يسنون للناس؟

 

قلت: أما قوله صلى الله عليه وسلم: (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين): فقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (8/ 67): وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسماهم صلى الله عليه وسلم خلفاءَ.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون إمرة وملكًا وجبروتًا)، فتضمَّنت مدة الخلافة الأربعة المذكورين رضوان الله عليهم أجمعين؛ اهـ.

 

وقال الكشميري في "العرف الشذي" (2/ 69): وفي شرح هذا الحديث قولان:

قيل: إن سنة الخلفاء والطريقة المسلوكة عنهم أيضًا سنة وليس ببدعة.

 

وقيل: إن سنة الخلفاء في الواقع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ظهرت على أيديهم.

 

ويمكن لنا أن نقول: إن الخلفاء الراشدين مجازون في إجراء المصالح المرسلة، وهذه المرتبة فوق مرتبة الاجتهاد، وتحت مرتبة التشريع، والمصالح المرسلة الحكم على اعتبار علة لم يثبت اعتبارها من الشارع، وهذا جائز للخلفاء الراشدين لا للمجتهدين.

 

وزعم البعضُ أن الخلفاء الراشدين ليس لهم إلا ما للمجتهدين، وهذا غير صحيح، وبعض مسائل أبي حنيفة تدل على أن لهم مساغ إجراء المصالح المرسلة؛ اهـ.

 

وقال الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 11): وأما حديث: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ)، أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وصححه الحاكم، وقال: على شرط الشيخين.

 

ومثله حديث: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)، أخرجه الترمذي، وقال: حسن، وأخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، وله طرق فيها مقال إلا أنه يقوي بعضها بعضًا، فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها؛ فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين.

 

ومعلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عمر رضي الله عنه نفسه الخليفة الراشد، سمى ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة، ولم يقل: إنها سنة، فتأمل أن الصحابة رضي الله عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنه لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حُجَّة.

 

وقد حقَّق البرماوي الكلام في "شرح ألفيته في أصول الفقه" مع أنه قال: إنما الحديث الأول يدل أنه إذا اتَّفق الخلفاء الأربعة على قول كان حُجَّة، لا إذا انفرد واحد منهم.

 

والتحقيق: أن الاقتداء ليس هو التقليد، بل هو غيره، كما حققناه في "شرح نظم الكافل" في بحث الإجماع؛ اهـ.

 

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وكل ضلالة في النار)، وهل المراد أن الضلالة في النار أم صاحبها؟:

قال العلامة الخضير - حفِظه الله - في "شرح الموطأ" (الدرس:187/ ص12): المراد: صاحبها؛ اهـ.


قلت: وهذا هو ما يقتضيه الدليل، فإن العذاب إنما يقع على مرتكب البدعة لا على البدعة عينها، والله أعلم.

 


[1] هو العرباض ـ بكسر أوله وسكون الراء بعدها موحدة وآخره معجمة ـ بن سارية السلمي، أبو نجيح صحابي، كان من أهل الصفة ونزل حمص مات بعد السبعين 4.اهـ من "التقريب" (ص388).
[2] في بعض النسخ زيادة: (من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ).
[3] سبق الكلام على ذلك مفصلًا في (باب وجوب الدخول في الإسلام).
[4] رواه أحمد (4/ 126)، وأبو داود (2/ 358)، والترمذي (7/ 438)، وابن ماجه (1/ 16). قلت: وهو في "الصحيحة" برقم (2735)، وفي "الصحيح المسند" (921).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا ينظر إلى أجسامكم}
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: إن بعدكم أياما الصابر فيها
  • الكلام على قول حذيفة رضي الله عنه: كل عبادة لا يتعبدها أصحابُ محمد فلا تتعبدوها

مختارات من الشبكة

  • الترهيب من الكلام فيما لا يعني وفضول الكلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام فيما لا يعني (ترك فضول الكلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (3)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الكلام عند ابن جني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أنا عليه وأصحابي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ اللسان وفوائده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: طوبى للغرباء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب