• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

نسخ التفسير القديمة

نسخ التفسير القديمة
د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/10/2022 ميلادي - 26/3/1444 هجري

الزيارات: 6498

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نسخ التفسير القديمة

 

أول مرحلة من مراحل تدوين علم التفسير هي كتابة العلماء لأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم، من غير استيعاب لجميع آيات القرآن الكريم، وهذه الروايات نوعان:

1) روايات في التفسير متفرقة ليست مجموعةً في كتاب واحد.

2) روايات في التفسير مجموعة في كتاب واحد، وتُروى كلُّها بإسناد مشهور، وكانت تُسمَّى نسخًا، وهي المقصودة بنسخ التفسير.

 

فمثال النوع الأول: روايات التفسير المتفرقة التي جاءت عن بعض الصحابة؛ كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأبي هريرة، رضي الله عنهم، أو جاءت عن بعض التابعين؛ كعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم، وكان العلماء يروونها كما يَرْوُون الأحاديث النبوية بالأسانيد، وهي مبثوثة في كتب التفسير المسنَدة، وفي كتب الحديث المسنَدة، وفي كتب الزهد المسنَدة، وفي كتب التراجم المسنَدة، وفي كتب العقائد المسنَدة، ولم تكن في عصر الرواية مجموعةً في نسخة واحدة.

 

مثال ذلك: قال ابن جرير (4/ 347): حدَّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدَّثنا هُشَيم، عن أبي بِشر جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، قال: (صلاة الوسطى: صلاة العصر).

 

ومثال النوع الثاني: نسخة معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، ونسخة عبدالله بن أبي نَجيح عن مجاهد.

 

وهذه أشهر نسخ التفسير القديمة:

1) نسخة تفسير الضحاك بن مزاحم (ت 105 هـ):

الضحاك بن مزاحم الخراساني، تابعي مشهور بالتفسير، روي عن ابن عباس وهو لم يَلْقه؛ إنما لقي سعيد بن جبير في الريِّ فسمِعَ منه التفسير، وروي ابن جرير تفسير الضحاك من عدة طرق منها: من طريق شيخه القاسم بن الحسن، عن الحسين بن داود، عن أبي تميلة، عن عُبيد بن سليمان، عن الضحاك، ومن طريق شيخه يعقوب، عن هُشَيم، عن جُويبر، عن الضحاك.

 

ويروي ابن أبي حاتم تفسير الضحاك من عدة طرق، منها: من طريق أبيه، عن سهل بن عثمان، عن مروان الفزاري وعبدالله بن المبارك، كلاهما عن جويبر، عن الضحاك، ومن طريق شيخه أبي سعيد الأشج، عن أبي خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك، ومن طريق شيخه أبي الأزهر النيسابوري فيما كتب له، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن الضحاك، وتوجد طريق مشهورة لتفسير الضحاك يرويها ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي رَوْق عطية بن الحارث عن الضحاك، وسيأتي ذكرها، كما توجد طُرُق أخرى لتفسير الضحاك في تفسير يحيى بن سلَّام وتفسير عبدالرزاق وتفسير ابن المنذر وتفسير الثعلبي.

 

2) نسخة تفسير عطية العَوفي (ت 111 هـ):

عطية بن سعد العَوفي الكوفي، تابعي، ضعيف في الحديث، وله نسخة كبيرة في التفسير يرويها عن ابن عباس، رواها ابن جرير وابن أبي حاتم بإسنادها المشهور المسلسل بالعوفيين، وكلهم ضعيف في الحديث، يقول ابن جرير: حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده عطية العوفي، عن ابن عباس، وكذلك يرويها ابن أبي حاتم، عن محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي فيما كتب له، وقد بلغ عدد روايات عطية العوفي عن ابن عباس في تفسير ابن جرير نحو (1370) رواية، وغالبها معانيها مقبولة، وفي بعضها غرابة.

 

3) نسخة تفسير قتادة بن دعامة السَّدوسي (ت 117 هـ):

قتادة بن دعامة السدوسي البصري، كان من كبار حُفَّاظ الحديث في عصره، ومن كبار مفسِّري التابعين، وُلِد رحمه الله وهو أعمى، ولم يجمع تفسيره بنفسه؛ ولكن كتب عنه التفسيرَ طُلَّابُه، ومن أشهرهم: سعيد بن أبي عَرُوبة، ومَعْمر بن راشد، وغالب تفسير عبدالرزاق الصنعاني هو عن مَعْمر عن قتادة، ففيه أكثر من (1700) رواية عن معمر عن قتادة، وقد تضمَّن تفسير ابن جرير (5700) رواية عن قتادة من قوله أو روايته، بعضها من طريق معمر، وبعضها من طريق سعيد بن أبي عَروبة، وبعضها من طريق غيرهما، وقد روى ابن جرير بإسناد واحد نسخة كبيرة جدًّا من تفسير قتادة، وهو هذا الإسناد: حدثنا بِشر بن معاذ العَقَدي، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع، قال: حدثنا سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة، وعدد الروايات عن قتادة بهذا الإسناد فقط (3423) رواية، وروى ابن جرير من طريق معمر عن قتادة نحو (1700) رواية، وبعض الروايات التي جاءت من طريق قتادة هي أحاديث نبوية رواها ابن جرير من طريق قتادة عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أو عن بعض التابعين عن الصحابة.

 

4) نسخة تفسير محمد بن كعب القُرَظي (ت 120 هـ):

محمد بن كعب القُرَظي، تابعي ثقة، كان أبوه من سبي بني قريظة، فنزل الكوفة، وولد له فيها محمد بن كعب، وأخذ محمد العلم عن كثير من الصحابة والتابعين، وكان من أعلم الناس بالتفسير، وله نسخة صغيرة في التفسير يرويها عنه أبو مَعْشَر نَجِيح بن عبدالرحمن المدني، وموسى بن عُبيدة الرَّبَذي، وأبو صخر المدني، فيها نحو مائة وخمسين رواية، غالبها موجود في تفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم، ومن أشهر أسانيد ابن جرير في رواية هذه النسخة قوله: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حَجَّاج، عن أبي مَعشَر، عن محمد بن كعب.

 

والقاسم الذي يروي عنه ابن جرير كثيرًا هو القاسم بن الحسن، من أشهر مشايخ ابن جرير، روى ابن جرير عنه عن الحسين بن داود عدة نسخ في التفسير؛ كنسخة تفسير محمد بن كعب القرظي، وتفسير الضحاك، وتفسير ابن جُريج، وعدد الروايات التي رواها ابن جرير في تفسيره من طريق شيخه القاسم عن الحسين أكثر من (2300) رواية.

 

5) نسخة تفسير عطاء بن دينار المصري (ت 126 هـ):

عطاء بن دينار من أتباع التابعين، له نسخة في التفسير مشهورة يرويها عن سعيد بن جبير، فيها أكثر من أربعمائة رواية، روى غالبها ابن أبي حاتم في تفسيره بإسناده المشهور: حدثنا أبو زُرعة، قال: حدثنا يحيى بن عبدالله بن بُكير، قال: حدثني عبدالله بن لَهِيعة، قال: حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، وهذه النسخة اعتمد عليها ابن أبي حاتم في تفسيره، وإن كانت مروية من طريق ابن لهيعة الذي ضعف روايته في الحديث أبو حاتم وأبو زُرعة؛ لكن هذه النسخة مقبولة؛ لأنها نسخةٌ مكتوبةٌ في التفسير وليست أحاديث نبوية، وقد نقلها ابن لهيعة وغيره عن عطاء بن دينار، قال ابن أبي حاتم الرازي في كتابه الجرح والتعديل (6/ 332): "سُئل أبي عن عطاء بن دينار، فقال: هو صالح الحديث، إلا أن التفسير أخذه من الديوان، فإن عبدالملك بن مروان كتب يسأل سعيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن، فكتب سعيد بن جبير بهذا التفسير إليه، فوجده عطاء بن دينار في الديوان، فأخذه فأرسله عن سعيد بن جبير".

 

6) نسخة تفسير عبدالله بن أبي نَجيح (ت 131 هـ):

عبدالله بن أبي نَجيح المكي له نسخة مشهورة يروي فيها أقوال مجاهد بن جبر في التفسير، ومجاهد بن جبر المكي (ت 104 هـ) هو من أشهر تلاميذ ابن عباس، وهو أكثر من رُوي عنه التفسير من التابعين، وفي تفسير ابن جرير أكثر من خمسة آلاف رواية في التفسير عن مجاهد، غالبها من قوله، وبعضها من رواية مجاهد عن ابن عباس أو غيره من الصحابة والتابعين، وهذه الروايات يرويها ابن جرير بعدة أسانيد غالبها من طريق نسخة ابن أبي نجيح عن مجاهد، ومن ذلك ما يرويه ابن جرير من طريق شيخه أبي كُريب، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ومن طريق شيخه المثنى بن إبراهيم الآملي، عن أبي حذيفة موسى بن مسعود، عن شِبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ومن طريق شيخه محمد بن عمرو الباهلي، عن أبي عاصم الضحاك بن مخْلَد النبيل، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.

 

7) نسخة تفسير زيد بن أسلم المدني (ت 136 هـ):

زيد بن أسلم المدني من ثقات التابعين، وأبوه أسلَم كان مولى عمر بن الخطاب، وكان زيد بن أسلم من المشهورين بالتفسير، وله تفسير رواه عنه ابنه عبدالرحمن وغيره، ويروي ابن جرير تفسير زيد بن أسلم من عدة طرق، منها: من طريق شيخه يونس بن عبد الأعلى، عن عبدالله بن وهب، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، وعن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، ومنها: من طريق شيخه الحسن بن يحيى عن عبدالرزاق الصنعاني، عن معمر، عن زيد بن أسلم، ويرويه ابن أبي حاتم من عدة طرق، منها: من طريق شيخه يونس بن عبدالأعلى، عن عبدالله بن وهب، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم.

 

8) نسخة تفسير الربيع بن أنس (ت 140 هـ):

الربيع بن أنس البصري ثم المروزي من صغار التابعين، وله نسخة في التفسير يرويها عن أبي العالية رُفَيْع بن مِهْرَانَ الرِّياحي البصري (ت 93 هـ)، وهذه النسخة يرويها ابن جرير بعدة أسانيد، أشهرها من طريق: عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبدالله بن أبي جعفر، عن أبيه أبي جعفر عيسى بن ماهان، عن الربيع، قال: حدثني أبو العالية، ويرويها ابن جرير أيضًا بقوله: حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا آدم قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، وقد بلغ عدد روايات الربيع عن أبي العالية في تفسير ابن جرير نحو (225) رواية، ويرويها ابن أبي حاتم من عدة طرق، أشهرها عن شيخه عصام بن رواد العسقلاني، عن آدم بن أبي إياس، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، وقد بلغ عدد روايات الربيع عن أبي العالية في تفسير ابن أبي حاتم نحو (450) رواية.

 

9) نسخة تفسير أبي رَوْق عطية بن الحارث الهمداني (ت بعد سنة 140 هـ):

أبو رَوْق عطية بن الحارث الهمداني الكوفي، من صغار التابعين، صدوق، وله نسخة مشهورة في التفسير، يرويها عن الضحاك بن مُزاحِم عن ابن عباس، وبعضها عن الضحاك من قوله، رواها ابن جرير بعدة أسانيد أشهرها قوله: حدثنا أبو كُرَيب محمد بن العلاء الهمداني، قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بِشْر بن عُمَارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبدالله بن عباس، وكذلك يرويها ابن أبي حاتم، عن علي بن طاهر، عن أبي كُريب بنفس إسناد ابن جرير، وقد أكثر ابن أبي حاتم من رواية نسخة أبي روق بإسناد آخر، وهو قوله: حدثنا أبو زُرعة، حدثنا مِنجاب بن الحارث، قال: حدثنا عثمان بن سعيد الزيات، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس، وقد بلغ عدد روايات أبي روق عن الضحاك قوله، أو عن الضحاك عن ابن عباس في تفسير ابن جرير نحو (170) رواية، وفي تفسير ابن أبي حاتم نحو (400) رواية؛ لكن هذه النسخة في إسنادها ضعف، فبِشر بن عمارة ضعيف جدًّا، وفي بعض متونها نكارة وغرابة.

 

مثال ذلك: قال ابن جرير (15/ 287): حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: (كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم: الجن، خُلِقوا من نار السموم من بين الملائكة، وكان اسمه الحارث)!

 

10) نسخة تفسير محمد بن السائب الكلبي الكوفي الشيعي (ت 146 هـ):

الكلبي كان عالمًا بالأخبار والأنساب والتفسير؛ لكنه في الحديث متروك، فقد روى أحاديث مناكير لم يتابعه على روايتها أحدٌ، فاتهمه العلماء بالكذب، ولم يجوز بعض العلماء ذكره في الكتب مطلقًا لكذبه، وبعض العلماء رضوه في التفسير خاصة من حيث الجملة، ونقلوا عنه في التفسير بعض الفوائد، كما تجد ذلك في تفسير يحيى بن سلَّام وتفسير ابن جرير وتفسير ابن المنذر، وممن حدَّث عن الكلبي: سفيان الثوري، وسفيان بن عُيَينة، وابن جريج، وابن إسحاق، ومعمر بن راشد، وحماد بن سلمة، وعبدالله بن المبارك، وهشيم وغيرهم؛ لكن ما رواه الكلبي عن أبي صالح باذان عن ابن عباس فلا يصحُّ، فأبو صالح لم يرَ ابنَ عباس، قال الإمام البخاري في كتابه التاريخ الكبير (1/ 101): "قال لنا علي ابن المديني: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري، قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: "كلُّ شيء حدثتك فهو كذب!"، وفي تفسير عبدالرزاق أكثر من (170) رواية من طريق معمر عن الكلبي، وفي تفسير ابن جرير نحو خمسين رواية فقط من طريق الكلبي، أما الثعلبي والواحدي فقد اعتمدا على تفسير الكلبي، وجعلاه من أصول تفسيريهما.

 

11) نسخة تفسير ابن جُرَيج المكي (ت 150 هـ):

عبدالملك بن عبدالعزيز بن جُريج، إمام أهل الحجاز في عصره، وهو أول من صنَّف العلم في مكة، وتفسيره كبير، فقد بلغت عدد روايات ابن جُريج في تفسير ابن جَرير الطبري أكثر من ألفين وخمسمائة رواية، يرويها ابن جرير بأكثر من مائة طريق، غالبها: من طريق شيخه القاسم بن الحسن، عن الحسين بن داود المصيصي، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، ويرويها أيضًا من طريق شيخه الحارث بن محمد بن أبي أسامة، عن الحسن بن موسى الأشيب، عن ورقاء، عن ابن جريج، ويرويها أيضًا من طريق شيخه الحسن بن محمد الزعفراني، عن حجاج، عن ابن جريج، ويرويها أيضًا من طريق شيخه عباس بن محمد الدوري، عن حجاج، عن ابن جريج، وهذان الإسنادان الأخيران عاليان، فبين ابن جَرير وابن جُريج في كل واحد منهما راويان فقط، ويُروى تفسير ابن جُريج بطُرُق أخرى موجودة في تفسير ابن المنذر وابن أبي حاتم، أما عبدالرزاق الصنعاني فهو تلميذ ابن جريج، ويروي عنه مباشرة بلا واسطة؛ لكنه لم يُكثِر في تفسيره من الرواية عن ابن جُريج، أما في مصنفه فأكثر جدًّا من الرواية عنه، فعدَّد روايات ابن جُريج في مصنف عبدالرزاق (4938) رواية.

 

12) نسخة تفسير مَعْمَر بن راشِد البصري ثم الصنعاني (ت 154 هـ):

مَعْمَر بن راشد من كبار أتباع التابعين، وقد كتب العلم عن كِبار الحُفَّاظ في زمانه من أهل البصرة والكوفة والمدينة ومكة واليمن؛ كأيوب وقتادة بالبصرة، وأبي إسحاق السَّبيعي والأعمش بالكوفة، والزهري وهشام بن عروة بن الزبير بالمدينة، وعمرو بن دينار بمكة، وهمَّام بن مُنَبِّه وعبدالله بن طاووس باليمن، وهو أول من رحل إلى اليمن في طلب العلم، ثم استقرَّ في صنعاء، وكان أول من صنف العلم في اليمن، قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/ 6): "كان من أوعية العلم، مع الصدق، والتحرِّي، والورع، والجلالة، وحسن التصنيف"، وقد رحل إليه كثيرٌ من أهل العلم ليسمعوا منه ما جمعه من الأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والتابعين في التفسير وغير ذلك، وكان له كتاب جمع فيه رواياته في التفسير، وكان ينسخه طلابه ويقرؤونه عليه، قال عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره (1/ 345): "رأيت عبدالله بن المبارك يقرأ على مَعْمر التفسير"، وعدد الروايات في تفسير عبدالرزاق من طريق مَعْمر (2912) رواية، غالبها عن مَعْمر عن قتادة، وتفسير عبدالرزاق الصنعاني يشتمل على (3755)، فأكثر من ثلاثة أرباع تفسير عبدالرزاق من طريق شيخه مَعْمر بن راشد.

 

13) نسخة تفسير معاوية بن صالح (ت 158 هـ):

معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي من كبار أتباع التابعين، وله نسخة مشهورة يروي فيها التفسير عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وهي نسخة كبيرة، توجد مفرقةً بحسب الآيات في كل من تفسيرَي ابن جرير وابن أبي حاتم، وهذه رواية منها: قال ابن جرير (3/ 291): حدثني علي بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾ [البقرة: 190]، يقول: (لا تقتلوا النساء، ولا الصبيان، ولا الشيخ الكبير، ولا مَن ألقى إليكم السلم وكفَّ يده، فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم)، وروى ابن أبي حاتم الرازي نفس هذه الرواية (1/ 325) فقال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية بن صالح، ... إلخ، وهذه النسخة أصح النسخ التي يُروى بها تفسير ابن عباس، وقد اعتمد عليها الإمامُ البخاريُّ في صحيحه.

 

وتوجد روايات كثيرة عن ابن عباس أصح من رواية علي بن أبي طلحة، وهي روايات متفرقة ليست مجموعةً في نسخة واحدة، منها ما يرويه ابن جرير من طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو ومسلم البَطين وعمرو بن مرة، كلهم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ومنها ما يرويه ابن جرير من طريق منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن ابن عباس، ومنها ما يرويه ابن جرير من طريق عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، ومنها ما يرويه ابن جرير من طريق عبدالله بن طاووس وغيره، عن طاووس بن كيسان، عن ابن عباس، وغيرها كثير.

 

14) نسخة تفسير أسْباط بن نصر الكوفي (ت 170 هـ):

أسباط بن نصر الهمداني الكوفي، له نسخة في التفسير يرويها عن السُّدِّي الكبير، واسمه إسماعيل بن عبدالرحمن (ت 127 هـ)، وهذه النسخة يرويها ابن جرير من عدة طرق، أشهرها عن شيخه محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضَّل، قال: حدثنا أسباط عن السُّدِّي، ويرويها ابن جرير أيضًا: عن موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن حماد القنَّاد، قال: حدثنا أسباط بن نصر الهمداني، عن إسماعيل بن عبدالرحمن السدي، عن أبي مالك غَزوان الغِفاري، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مُرَّة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا التفسير جمعه السدِّي عن مشايخه الذين سمَّاهم، وكلهم ثقات إلا أبا صالح باذان، فهو ضعيف جدًّا، ولم يرضه كثيرٌ من العلماء في التفسير، وقد خلط السدِّي روايات الجميع، فلم تتميَّز روايات الثقة من الضعيف.

 

وقد بلغ عدد روايات أسباط عن السدِّي في تفسير ابن جرير نحو (1770) رواية، وكذلك يرويها ابن أبي حاتم من عدة طُرُق، أشهرها عن شيخه أبي زُرعة الرازي، عن عمرو بن حماد، عن أسباط بن نصر، عن السُّدِّي.

 

15) نسخة تفسير عبدالرحمن بن زيد بن أسلم المدني (ت 182 هـ):

هو ضعيف جدًّا في الحديث؛ لكن أقواله في التفسير معتبرة، قال الذهبي: "كان عبدالرحمن صاحب قرآن وتفسير، جمع تفسيرًا في مجلد"، وقد روى ابن جرير تفسير عبدالرحمن بن زيد كاملًا في تفسيره، فابن جرير يروي تفسير عبدالرحمن بن زيد بن أسلم من طريق شيخه يونس بن عبدالأعلى، عن عبدالله بن وهب، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وعدد الروايات في تفسير ابن جرير من طريق يونس، عن ابن وهب، عن ابن زيد (2100) رواية، وهذه رواية منها: قال ابن جرير (1/ 175): حدثني يونس بن عبدالأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]: (الإسلام).

 

فهذه أشهر نسخ التفسير القديمة التي كانت في عصر التابعين أو أتباع التابعين، وكان أهل العلم يكتبون النسخة كاملة، ويروونها من أوَّلها إلى آخرها بإسناد واحد، وهذه النُّسَخ يُعتمد عليها إن كان الراوي لها ليس متهمًا بالكذب، حتى لو كان أحد رواتها ضعيفًا عند المحدِّثين؛ لأن المحدثين غالبًا يقصدون بتضعيف الراوي تضعيفه في الحديث النبوي، أما إن كان مختصًّا بعلم ما؛ كالقراءات أو التفسير أو التاريخ أو الشعر فيأخذون عنه العلم الذي اعتنى به، وإن كان ضعيفًا في الحديث.

 

قال يحيى بن سعيد القطان (ت 198 هـ): "تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثِّقونهم في الحديث، ثم ذكر ليث بن أبي سُلَيم، وجُويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب الكلبي، وقال: هؤلاء لا يُحمد أمرهم، ويُكتب التفسير عنهم"؛ رواه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 194).

 

وقال أحمد بن حنبل (ت 241 هـ): "جُويبر ما كان عن الضحاك فهو على ذاك أيسر، وما كان يسند عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي منكرة"؛ رواه ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل (2/ 541).

 

وفي قول الإمامين الكبيرين يحيى القطان وأحمد بن حنبل تنبيه مهم، وهو التساهل في قبول روايات التفسير، وإن كان بعض رواتها ضعيفًا في الحديث، لا سيما الروايات الموجودة في نسخ التفسير المعروفة، فهي نسخٌ كتبها العلماء في القرن الأول أو القرن الثاني الهجري، ونقلها عنهم مَنْ بعدهم، ففيها علم نافع، ولا بأس بتضعيف بعض الروايات التي فيها لمخالفتها للقرآن أو للسُّنَّة النبوية أو لغرابة القول ومخالفته لقول أكثر السلف وللمعروف في اللغة، أما الحكم على كل رواية من روايات التفسير كما يحكم على أسانيد الأحاديث النبوية، وتضعيف بعض أسانيد التفسير لكون بعض رواتها ضعيفًا عند المحدِّثين، أو لكونه لم يسمع ممن روى عنه التفسير الثابت عنه من طريق غيره؛ فهذا مخالف لمنهج العلماء من المفسِّرين والمحدِّثين، فهذا الإمام البخاري يعتمد في صحيحه على رواية علي بن أبي طلحة (ت 143 هـ) عن ابن عباس، مع أن ابن أبي طلحة لم يلْقَ ابن عباس، ولم يسمع منه التفسير؛ لكن البخاري وغيره من العلماء قبلوا تفسيره؛ لأنه أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، ثم أرسله عن ابن عباس، فنسخة تفسير ابن عباس التي أخذها ابن أبي طلحة عن مجاهد كان يرويها مباشرةً عن ابن عباس، من غير أن يذكر مجاهدًا بينهما، وهي نسخة كبيرة نافعة؛ يُنظر: ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 134).

 

وقد رد أبو جعفر النحاس على مَن يطعن في هذه النسخة، فقال في كتابه الناسخ والمنسوخ (ص: 75): "الذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعنًا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين، وهو في نفسه ثقة صدوق، وحدثني أحمد بن محمد الأزدي، قال: سمِعتُ علي بن الحسين يقول: سمِعتُ الحسين بن عبدالرحمن بن فهم يقول: سمِعتُ أحمد بن حنبل يقول بمصر: كتاب التأويل عن معاوية بن صالح لو جاء رجل إلى مصر فكتبه ثم انصرف به ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلًا".

 

وكذلك اعتمد الإمام البخاري في صحيحه على رواية عبدالله بن أبي نَجيح المكي (ت 131 هـ) عن مجاهد، مع أن ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير من مجاهد؛ لكن البخاري وغيره من العلماء قبلوا تفسيره؛ لأنه أخذ تفسير مجاهد عن القاسم بن أبي بزَّة، فابن أبي نجيح نسخ تفسير مجاهد من كتاب القاسم، ثم كان يروي نسخة تفسير مجاهد عن شيخه مجاهد مباشرةً من غير أن يذكر القاسم.

 

قال البخاري في التاريخ الكبير (5/ 233): "قال يحيى القطان: لم يسمع ابن أبي نجيح من مجاهد التفسير كله".

 

وقال ابن حِبَّان في كتابه مشاهير علماء الأمصار (ص: 231): "ما سمع التفسير عن مجاهد أحدٌ غير القاسم بن أبي بزة، نظر الحكم بن عتيبة وليث بن أبي سليم وابن أبي نجيح وابن جريج وابن عيينة في كتاب القاسم، ونسخوه، ثم رووه عن مجاهد"؛ ا هـ بتصرُّف يسير.

 

ومن أخطاء بعض المعاصرين أنه يضعف رواية في التفسير رواها ابن جرير مثلًا من طريق شيخه محمد بن حميد الرازي، وهو حافظ ضعيف، ضعَّف المحدثون ما ينفرد به من أحاديث مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما رواياته في التفسير فهي مقبولة، لا سيما التي يروي بها نسخ التفسير المشهورة، فمثلًا نسخة تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد، رواها ابن جرير من طريق شيخه محمد بن حميد الرازي عن مهران، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، ورواها ابن جرير أيضًا من طريق شيخيه محمد بن بشار وأبي كريب، كلاهما عن عبدالرحمن بن مهدي ووكيع عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، ورواها ابن جرير من طرق كثيرة أخرى، فمن الخطأ الشنيع أن نُضعِّف قولًا لمجاهد موجود في هذه النسخة؛ بحجة أن ابن حُميد الرازي ضعيف!.

 

ومثال آخر: تفسير عكرمة، يرويه ابن جرير بعدة أسانيد، أشهرها قوله: حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، فقد يضعف هذا الإسناد بعض الغالطين بحجة أن في إسناده محمد بن حميد الرازي شيخ ابن جرير، مع أنه قد روى هذه النسخة أو بعضها كثيرٌ من الرواة عن الحسين بن واقد كابنه علي بن الحسين بن واقد، وعلي بن الحسن بن شقيق، وزيد بن الحباب، والفضل بن موسى، وغيرهم.

 

وبعض الغالطين قد يُضعِّف هذه النسخة بدعوى أن في إسنادها الحسين بن واقد المروزي، قاضي مرو، وهو ثقة، من رجال الإمام مسلم؛ لكن له أوهام في الحديث، وقد ضعَّف المحدثون أحاديثه التي أخطأ فيها، أما روايته لهذه النسخة في التفسير فهي مقبولة عند العلماء، ولم يذكروا أنه وهم فيها.

 

نعم، لا بأس بتضعيف رواية منكرة في التفسير تفرَّد بها الكلبي مثلًا، فهو راوٍ شيعي ضعيف جدًّا، وهو متهم بالكذب، مثال ذلك: قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55]: "روى ابن مردويه من طريق محمد بن السائب الكلبي- وهو متروك- عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، والناس يصلون، بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أعطاك أحدٌ شيئًا؟))، قال: نعم، ذلك الرجل القائم، وأشار إلى علي بن أبي طالب، قال: ((على أي حال أعطاكه؟))، قال: وهو راكع، فكبَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، وهو يقول: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 56]، وهذا إسناد لا يُفرح به، ثم رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه، وعمار بن ياسر، وأبي رافع، وليس يصحُّ شيء منها بالكلية؛ لضعف أسانيدها، وجهالة رجالها"؛ انتهى من تفسير ابن كثير (3/ 138، 139) باختصار، فقد تفرَّد الكلبي برواية هذا الحديث الغريب عن ابن عباس، والمعروف عن ابن عباس أنه قال في تفسير هذه الآية: (إنه من أسلم تولَّاه الله ورسوله والذين آمنوا)؛ رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، كلاهما من طريق عبدالله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وقد جاءت هذه القصة بعدة أسانيد فيها انقطاع أو ضعف، وهي من كذب الشيعة، فإن المراد بقوله: ﴿ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55] وصفهم بإيتاء الزكاة وبالركوع، وليس المراد أنهم يؤدون الزكاة حال ركوعهم، فهي مثل قوله تعالى: ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113]، فليس المراد أنهم يتلون آيات الله حال سجودهم؛ بل وصفهم الله بتلاوة القرآن في الليل ووصفهم بالسجود، ويدل على أن الآية المذكورة ليست خاصةً بأحد أن الله سبحانه لم يقل: والذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، فالآية عامة في كل المؤمنين، فأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجميع الصحابة وجميع المؤمنين والمؤمنات يدخلون في عموم هذه الآية، كما قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].

 

وكذلك لا بأس بتضعيف أي رواية في متنها نكارة، ولو كانت في نسخة تفسير مشهورة، لا سيما إن كانت تلك النسخة تُروى من طريق راوٍ ضعيف؛ كنسخة عطية العوفي عن ابن عباس، فعطية شيعي مدلِّس ضعيف عند كثير من أهل الحديث، أو كنسخة أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس التي تفرَّد بها بشر بن عمارة، وهو ضعيف جدًّا، وقد يكون الإسناد صحيحًا إلى الصحابي أو التابعي، ويكون قوله الذي فسَّر به الآية خطأ، لمخالفته لآية أخرى أو حديث صحيح أو لتفرُّده بذلك القول أو لكونه اعتمد على رواية إسرائيلية أو لغير ذلك من الأسباب.

 

فعلماء الحديث المحققون ينظرون في الأسانيد والمتون، ولا إفراط عندهم ولا تفريط، ويشددون جدًّا في قبول الأحاديث المرفوعة عن النبي عليه الصلاة والسلام، لا سيَّما ما كان منها في العقائد والحلال والحرام، ويتساهلون في قبول أقوال الصحابة والتابعين وأتباعهم، ولا يُشدِّدون في أسانيدها كما يُشدِّدون في الأحاديث المرفوعة، وقد يُضعِّفون بعض الأسانيد التي يروى بها أقوال الصحابة ومن بعدهم لنكارة في متنها، أو تفرُّد راوٍ ضعيف بإسناد يخالف المعروف عن ذلك الصحابي أو التابعي، أو لسقط في الإسناد لا يُحتمل، ولهم معرفة كبيرة بأحوال الرواة وأخبارهم وطبقاتهم، ولهم نظر خاص في كل إسناد.

 

ومن ذلك تفريق علماء الحديث بين ما يرويه ابن جُريج عن عطاء عن ابن عباس، فيما يتعلق بتفسير سورة البقرة وآل عمران، فهو عطاء بن أبي رباح، التابعي المشهور الثقة، فيكون الإسناد صحيحًا، وبين ما يرويه ابن جُريج عن عطاء عن ابن عباس، فيما عدا تفسير سورة البقرة وآل عمران، فهو عطاء الخراساني، وهو لم يلقَ ابن عباس، فيكون الإسناد ضعيفًا، إلا أن يصرح ابن جريج بأنه عطاء بن أبي رباح؛ يُنظر: فتح الباري لابن حجر (8/ 667، 668).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفرق بين التفسير والتأويل
  • التفسير بالغرب الإسلامي
  • قاعدة في كيفية تلقي التفسير

مختارات من الشبكة

  • نسخ السنة بالسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفغانستان: ورق صحي من تدوير نسخ قديمة للقرآن الكريم(مقالة - ملفات خاصة)
  • جريمة الربا وصورها القديمة والمعاصرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهمية الرجوع إلى الأصول القديمة في كل علم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجاهلية القديمة والحديثة (س/ج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفكر في خطوبتها القديمة(استشارة - الاستشارات)
  • التقيت حبيبتي القديمة ونحن متزوجان(استشارة - الاستشارات)
  • جامع الردود العلمية على الشبهات القديمة والعصرية -الجزء الأول (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ادعاء علم الغيب حكمه وصوره القديمة والحديثة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • طلاق الزوجة والذهاب للحبيبة القديمة(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب