• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

{ وقاتلوا في سبيل الله }

{ وقاتلوا في سبيل الله }
د. خالد النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/9/2022 ميلادي - 2/3/1444 هجري

الزيارات: 5756

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 190]

 

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 190 - 194].

 

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ في سبيل دينه، وشرعه، ولأجله؛ فسبيل الله سبحانه وتعالى يتناول الدين، وأن يكون القتال في حدود الدين، وعلى الوجه المشروع، ولله وحده، فهو يتضمن الإخلاص والمتابعة؛ لأنه ليس بالأمر الهيِّن، فإن المقاتِل يعرض رقبته لسيوف الأعداء، فإذا لم يكن مخلصًا لله، خسر الدنيا والآخرة، ولم تحصل له الشهادة؛ فنبَّه بتقديم المراد ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾؛ ليكون قتاله مبنيًّا على الإخلاص.

 

﴿ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ ليصدوكم عن دينكم، وهذا القيد للإغراء؛ لأن الإنسان إذا قيل له: «قاتل مَنْ يقاتلك» اشتدَّت عزيمتُه، وقويت شكيمتُه؛ وعلى هذا فلا مفهوم لهذا القيد.

 

ولا خلاف بين العلماء في أن القتال كان محظورًا قبل الهجرة بقوله: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [فصلت: 34] إلى قوله: ﴿ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، وقوله: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ﴾ [المائدة: 13]، وقوله: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]، ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ﴾ [العنكبوت: 46]، الآية، وقوله: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

 

واختلف السلف في أول آية نزلت في القتال؛ فروي عن الربيع بن أنس وغيره أن قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ [البقرة: 190] أول آية نزلت في القتال، وروي عن أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال: أول آية نزلت في القتال قوله تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39]، وقال آخرون: قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ أول آية نزلت في إباحة قتال من قاتلهم، والثانية نزلت في الإذن بالقتال عامة لمن قاتلهم، ومن لم يقاتلهم من المشركين.

 

فقال الربيع بن أنس: أول آية نزلت في الإذن بالقتال في المدينة قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾، فكان النبي عليه السلام بعد ذلك يقاتل من قاتله من المشركين، ويكفُّ عمَّن كفَّ عنه إلى أن أمر بقتال الجميع، وهو مثل قوله تعالى: ﴿ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾.

 

﴿ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾: لا تجاوزُوا الحدَّ؛ فتقتلوا النساء والأطفال، ومَن اعتزل القتال، أو تُمَثِّلُوا بالقتلى؛ ولهذا قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن يبعثهم؛ كالسرايا والجيوش: ((اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا))؛ [أبو داود]؛ لأن هذا من العدوان ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾: تعليل لحكم النهي عن الاعتداء.

 

قالت جماعة من أهل العلم: إن الله تبارك وتعالى لعظم حكمته في التشريع، إذا أراد أن يشرع أمرًا شاقًّا على النفوس، كان تشريعه على سبيل التدريج؛ لأن إلزامه بغتة في وقت واحد من غير تدريج فيه مشقة عظيمة على الذين كلفوا به، قالوا: فمن ذلك الجهاد، فإنه أمرٌ شاقٌّ على النفوس؛ لما فيه من تعريضها لأسباب الموت؛ لأن القتال مع العدو الكافر القوي من أعظم أسباب الموت عادة، وإن كان الأجل محدودًا عند الله تعالى كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: 145]، وقد بيَّن تعالى مشقة إيجاب الجهاد عليهم بقوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ﴾ [النساء: 77].

 

ومع تعريض النفوس فيه لأعظم أسباب الموت، فإنه ينفق فيه المال أيضًا كما قال تعالى: ﴿ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [الصف: 11]، قالوا: ولما كان الجهاد فيه هذا من المشقة، وأراد الله تشريعه شرعه تدريجًا، فأذن فيه أولًا من غير إيجاب بقوله: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39]، ثم لما استأنست به نفوسُهم بسبب الإذن فيه، أوجب عليهم، فقال: من قاتلهم دون من لم يقاتلهم بقوله: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾ [البقرة: 190]، وهذا تدريج من الإذن إلى نوع خاص من الإيجاب، ثم لما استأنست نفوسُهم بإيجابه في الجملة أوجبه عليهم إيجابًا عامًّا جازمًا في آيات من كتابه؛ كقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ﴾ [التوبة: 5]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ﴾ [التوبة: 36]، وقوله: ﴿ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ﴾ [الفتح: 16] إلى غير ذلك من الآيات.

 

﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ﴾: وجدتموهم وظفرتم بهم، وتمكنتم من قتالهم ﴿ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ ﴾ الشرك الذي هم فيه ﴿ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾، فشركهم بالله عز وجل أعظم من قتلكم إياهم في الحرم، والذي كان منهم من تعذيب من أسلم وظفروا به ليفتنوهم عن الدين أعظم من قتالكم إياهم في الشهر الحرام، وهذه فتنة أشد من القتل لتكرر إضرارها بخلاف ألم القتل، وهو حجة للمسلمين، ونفي للتبعة عنهم في القتال بمكة إن اضطروا إليه.

 

قال ابن عثيمين: «الفتنة» هي صدُّ الناس عن دينهم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10]، فصد الناس عن دينهم فتنة أشد من قتلهم؛ لأن قتلهم غاية ما فيه أن يقطعهم من ملذَّات الدنيا؛ لكن الفتنة تقطعهم من الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11].

 

ومن فوائد الآية: أن الفتنة بالكفر، والصد عن سبيل الله أعظم من القتل، فيتفرع على هذه فائدة أن استعمار الأفكار أعظم من استعمار الديار؛ لأن استعمار الأفكار فتنة، واستعمار الديار أقصى ما فيه إما القتل، أو سلب الخيرات، أو الاقتصاد، أو ما أشبه ذلك، فالفتنة أشد؛ لأنها هي القتل الحقيقي الذي به خسارة الدين والدنيا والآخرة.

 

﴿ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ ﴾ ابتداءً ﴿ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ مكة والحرم من حولها ﴿ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ﴾ فلا تكونوا البادئين ﴿ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ ﴾ القتل والإِخراج الواقع منكم لهم ﴿ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾ يُفعل بهم ما فعلوا بغيرهم.

 

قال ابن عاشور: الجملة معطوفة على جملة: ﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ﴾ التي أفادت الأمر بتتبع المقاتلين بالتقتيل حيثما حَلُّوا سواء كانوا مشتبكين بقتال المسلمين أم كانوا في حالة تنقُّل أو تطلع أو نحو ذلك؛ لأن أحوال المحارب لا تنضبط وليس في الوقت سعة للنظر في نواياه والتوسم في أغراضه؛ إذ قد يبادر إلى اغتيال عدوِّه في حال تردُّده وتفكُّره، فخصَّ المكان الذي عند المسجد الحرام من عموم الأمكنة التي شملها قوله: ﴿ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ﴾؛ أي: إن ثقفتموهم عند المسجد الحرام غير مشتبكين في قتال معكم فلا تقتلوهم، والمقصد من هذا حفظ حرمة المسجد الحرام التي جعلها الله له بقوله: ﴿ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 97]، فاقتضت الآية منع المسلمين من قتال المشركين عند المسجد الحرام، وتدل على منعهم من أن يقتلوا أحدًا من المشركين دون قتال عند المسجد الحرام، وجعلت غاية النهي بقوله: ﴿ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ ﴾؛ أي: فإن قاتلوكم عند المسجد فاقتلوهم عند المسجد الحرام؛ لأنهم خرقوا حرمة المسجد الحرام، فلو تركت معاملتهم بالمثل لكان ذلك ذريعة إلى هزيمة المسلمين، فإن قاتلوا المسلمين عند المسجد الحرام عاد أمر المسلمين بمقاتلتهم إلى ما كان قبل هذا النهي، فوجب على المسلمين قتالهم عند المسجد الحرام وقتل من ثقفوا منهم كذلك.

 

وقد أذِنَ الله للمسلمين بالقتال والقتل لِلْمُقَاتِلِ عند المسجد الحرام ولم يعبأ بما جعله لهذا المسجد من الحرمة؛ لأن حُرْمَتَهُ حُرْمَةُ نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فلما كان قتال الكفار عنده قتالًا لمنع الناس منه وَمُنَاوَأةً لدينه، فقد صاروا غير مُحْتَرِمِينَ له؛ ولذلك أمرنا بقتالهم هنالك تأييدًا لحرمة المسجد الحرام.

 

ففي الآية جواز القتال عند المسجد الحرام إذا بدأَنا بذلك أهلُه؛ لقوله تعالى: ﴿ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ﴾؛ ولا يعارض هذا قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فإنْ أحَدٌ ترخَّصَ بقتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقولوا: إنَّ اللهَ أَذِنَ لرسوله ولم يأذن لكم)).

 

فروى البخاريُّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)) فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ [بلية].

 

فالممنوع هو ابتداء القتال لندخل مكة، فهذا حرام، ولا يجوز مهما كان الأمر؛ وأما إذا قاتلونا في مكة فإننا نقاتلهم من باب المدافعة.

 

﴿ فَإِنِ انْتَهَوْا ﴾ عن الشرك والكفر وأسلموا ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ لهم ﴿ رَحِيمٌ ﴾ بهم.

 

والقتال فرض كفاية، ويتعين في مواضع، وهذا الفرض كغيره من المفروضات من شرطه القدرة، أما مع العجز فلا يجب؛ لكن يجب أن يكون العزم معقودًا على أنه إذا حصلت القوة جاهدنا في سبيل الله؛ لما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ)).

 

﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾؛ أي: صد عن سبيل الله بأن يكفُّوا عن المسلمين، ويدخلوا في الإسلام، أو يبذلوا الجزية ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ ﴾ خالصًا ﴿ لِلَّهِ ﴾، فالأمر بقتالهم مقيد بغايتين؛ غاية عدمية: ﴿ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾؛ أي: حتى لا توجد فتنة، و«الفتنة» هي الشرك، والصد عن سبيل الله، والغاية الثانية إيجابية: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ بمعنى: أن يكون الدين غالبًا ظاهرًا لا يعلو إلا الإسلام فقط، وما دونه فهو دين معلوٌّ عليه، يؤخذ من أصحابه الجزية عن يد وهم صاغرون.

 

ولذلك لم يقبل الإسلام الجزية من وثنيي العرب على قول فريق من العلماء، حيث اختلف العلماء فيمن سوى أهل الكتاب من الكفار: هل يعاملون معاملتهم أو يقاتلون إلى أن يسلموا؟ والقول الراجح أنهم يعاملون معاملتهم، كما يدل عليه حديث بريدة الثابت في صحيح مسلم:

 

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِن الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: ((اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ)).

 

وقد ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ الجزية من مجوس هجر، كما في البخاري: وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِن الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وهو يدل على أن أخذ الجزية ليس خاصًّا بأهل الكتاب.

 

وفي آية الأنفال: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الأنفال: 39].

 

والفرق بين قوله تعالى: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾، وقوله عز وجل: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ أن آية البقرة سياقها يتحدث عن كفار قريش، والأمر بقتال المعتدين منهم، ومقابلة اعتدائهم بالصد والدفاع، فقد انتهكوا الحرمات، واعتدوا وظلموا، والله لا يحبُّ المعتدين، وأما سورة الأنفال فهي من السور التي تُفصِّل أحكام الجهاد والقتال ضد عموم الكفار، وليس كفار قريش خصوصًا، وتشرع الحكم الذي يعم الأحوال والأزمان والأشخاص، فكان سياقها عامًّا يُراد به جميع الكفار، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الأنفال: 38 - 40].

 

فإذا تبين اختلاف السياقين عرَفنا أن السياق الذي يتحدث عن عموم الكفار، سواء كانوا مشركين أم أصحاب ديانات أخرى، يُناسبه أن يُقالَ فيه: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، وعلو الإسلام يقضي أن يكون هو الدين الظاهر على جميع الديانات، إما بعدد المسلمين، أو بالحُكْم بالشريعة، أو بفسح المجال لتبليغ الدعوة.

 

وأما السياق الذي يتحدث عن مشركي أهل مكة، وليس فيهم أي دين آخر، فيناسبه قوله عز وجل فيه: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾، فلا حاجة لكلمة ﴿ كُلُّهُ ﴾؛ لأنه دين واحد في مكة، وهو دين عبادة الأصنام.

 

وقد أخرج البخاري عن عبدالله بن عمر أثرًا جيدًا قال: جاء رجلان إلى ابن عمر أيام فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس صنعوا ما ترى وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج? فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ فقال ابن عمر: قاتلنا مع رسول الله حتى لم تكن فتنة وكان الدِّين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدِّين لغير الله، قال ابن عمر: كان الإسلام قليلًا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما عذَّبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة.

 

﴿ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ فإن انتهوا عن نقض الصلح، أو فإن انتهوا عن الشرك بأن آمنوا فلا عدوان عليهم، وهذا تصريح بمفهوم قوله: ﴿ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ واحتيج إليه لبعد الصفة بطول الكلام ولاقتضاء المقام التصريح بأهم الغايتين من القتال؛ لئلا يتوهم أن آخر الكلام نسخ أوله وأوجب قتال المشركين في كل حال.

 

﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ هتكه بهتكه، تهتكون حرمته عليهم كما هتكوا حرمته عليكم ﴿ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ﴾ جمع حُرُم؛ والمراد بـ «الحرم» كل ما يحترم من زمان، أو مكان، أو منافع، أو أعيان؛ لأن «حُرُم» جمع حرام، و«حرمات» جمع حُرُم؛ فالمعنى: أن المحترم يقتص منه بمحترم آخر، وأن من انتهك حرمة شيء فإنه تُنتهَك حرمته: فمن انتهك حرمة الشهر انتُهِكت حرمته في هذا الشهر، ومن انتهك عِرض مؤمن انتُهِك عِرض مثله؛ ومن انتهك نفس مؤمن فقتله انتُهِكت حرمة نفسه بقتله، وهكذا.

 

ومعنى كونها قصاصًا؛ أي: مماثلة في المجازاة والانتصاف، فمن انتهكها بجناية يعاقب فيها جزاء جنايته، وذلك أن الله جعل الحرمة للأشهر الحرم لقصد الأمن، فإذا أراد أحد أن يتخذ ذلك ذريعةً إلى غدر الأمن أو الإضرار به، فعلى الآخر الدفاع عن نفسه؛ لأن حرمة الناس مقدمة على حرمة الأزمنة، ويشمل ذلك حرمة المكان كما تقدم في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ﴾.

 

والأشهر الحرم أربعة: ثلاثة متتابعة؛ هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وحرمتها لوقوع الحج فيها ذهابًا ورجوعًا وأداء، وشهر واحد مفرد هو رجب، وكان في الجاهلية شهر العمرة، وقد حرمته مُضَر كلها؛ ولذلك يقال له: رجب مضر، وقد أشير إليها في قوله تعالى: ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ [التوبة: 36].

 

وكل هذا التأكيد من الله عز وجل في هذه الآيات من أجل تسلية المؤمنين؛ لأن المؤمنين لا شك أنهم يحترمون الأشهر الحرم والقتال فيها؛ ولكن الله تعالى سلَّاهم بذلك بأن قال: ﴿ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ﴾؛ فكما أنهم انتهكوا ما يجب احترامه بالنسبة لكم، فإن لكم أن تنتهكوا ما يجب احترامه بالنسبة إليهم؛ ولهذا قال تعالى مفرعًا على ذلك: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ﴾ ليس أخْذُنا بالقصاص اعتداء؛ ولكنه سُمي اعتداءً من باب المشاكلة اللفظية ﴿ بِمِثْلِ ﴾ اعتدوا عليه بمثله؛ فالباء للبدل بحيث يكون المثل مطابقًا لما اعتدي عليكم به في هيئته، وفي كيفيته، وفي زمنه، وفي مكانه ﴿ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ هذا مؤكد لما قبله من قوله: ﴿ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ﴾ تشجع المؤمنين المعتدى عليهم على قتال أعدائهم، وتعلمهم أن من قاتلهم في الشهر الحرام فليقاتلوه في الشهر الحرام، ومن قاتلهم في الحرم فليقاتلوه في الحرم، ومن قاتلهم وهم محرمون فليقاتلوه وهو محرم، وهكذا الحرمات قصاص بينهم ومساواة

 

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أمر بتقوى الله، فيدخل فيه اتقاؤه بألَّا يتعدَّى الإنسان في القصاص إلى ما لا يحل له ﴿ وَاعْلَمُوا ﴾ أمر بالعلم بأن الله مع المتقين، وهو أوكد من مجرد الخبر، والمراد به العلم مع الاعتقاد ﴿ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ بالنصرة والتمكين والتأييد، وجاء بلفظ ﴿ مَعَ ﴾ الدالة على الصحبة والملازمة حضًّا على الناس بالتقوى دائمًا؛ إذ من كان الله معه فهو الغالب المنتصر.

 

واعلم أن ما أثبته الله لنفسه من المعيَّة لا ينافي ما ذَكر عن نفسه من العلو؛ لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، ولا يُقاس بخلقه؛ فمعيَّتُه ثابتة مع علوِّه تبارك وتعالى، وإذا كان العلو، والمعية لا يتناقضان في حق المخلوق، فإنهم يقولون: «ما زلنا نسير والقمر معنا»، ولا يعدون ذلك تناقضًا مع أن القمر في السماء، فثبوت ذلك في حق الخالق من باب أولى؛ وبهذا يبطل قول من زعم أن معيَّةَ الله تستلزم أن يكون في الأرض مختلطًا بالخَلْق، فإن هذا قول باطل باتفاق رأي السلف المستنِد على الكتاب والسُّنَّة في إثبات علوِّ الله فوق خلقه، وتفصيل القول في هذا مدوَّن في كتب العقائد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا...)
  • تفسير: (وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم)
  • صبر الصحابة رضي الله عنهم في سبيل الله

مختارات من الشبكة

  • هذا سبيلك لا سبيلي (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • تفسير قوله تعالى: (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف الخيري في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في سبيل الله .. أسمى القواعد الأخلاقية للحروب النبوية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الحديث: ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حديث: انتدب الله- ولمسلم: تضمن الله(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حديث: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الكلام على قول مجاهد: (السبل: البدع والشبهات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قول أبي بن كعب: (عليكم بالسبيل والسنة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب