• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

المحرم بين عاشوراء والهجرة

المحرم بين عاشوراء والهجرة
خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/8/2022 ميلادي - 17/1/1444 هجري

الزيارات: 7712

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المحرم بين عاشوراء والهجرة

 

يأتي شهر المحرم من كل عام حاملًا ذكريات من ذاكرة الإسلام والمسلمين، جابرًا للخواطر، مطمئنًا للقلوب، ساترًا للعيوب، كاشفًا للكروب، مبشرًا بالعدل الإلهي، والنصر المستحق لأولئك المستضعفين، في مناسبتين عظيمتين من مناسبات الإسلام؛ أما المناسبة الأولى فكانت في العاشر من المحرم، كانت لنبي الله موسى عليه السلام، ونجاته من بطش فرعون وظلمه، تبين انتِصَارَ الحَقِّ على الباطلِ، وتَبْعثُ في قلبِ المُؤمن الثبات أمام الأعداء مهما بَلغوا من القوةِ الظاهرة، فإنَّ قوة الباطل لا تُقَاوِم قوةَ الحق أبدًا.

 

خطر: شَعر فرعون بالخطر، لما قيل له: سيُولد من بني اسرائيل مَن يُدمرك، ويقضي على مُلْكك، فوضع قوانين أرضية وضعية، وراح يقتل الأبناء كالمرعونِ، ويستحيي النساء كالمجنون؛ لكن الله قتله بالقانون الذي سنَّه، وبالبند الذي وضعه، كيف؟!

 

تكبُّر: بلغ به التكبُّر والصَّلَف والغرور أن يدَّعي الألوهية، وأن يعلن للناس بكل جرأة وصفاقة: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، وأن يقول بملء فيه من غير حياء ولا مواربة: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، ثم يفتخر بقوَّته وسلطانه، فيقول: ﴿ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51].

 

احتقار: ثم يحتقر موسى عليه السلام- وهو العبد الفالح، والداعية الناصح، والنبي الصالح- فيقول: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 52].

 

سخرية: ثم يتساءل في سخرية: ﴿ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 23]، فيجيب موسى: هو ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾ [الشعراء: 24]، فقال فِرْعَونُ لمن حَولَهُ ساخرًا ومُسْتَهْزِئًا بمُوسَى: ﴿ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴾ [الشعراء: 25]، فذكَّره مُوسَى بِأَصْلِهِ، وأنَّهُ مَخْلُوقٌ من العَدَم، وصائِرٌ إلى العَدَم مِثْلَ آبائِهِ الأوَّلِين، فقال مُوسَى هو: ﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الشعراء: 26]، وحينئذٍ بُهِت فِرْعَون، فادَّعى دَعوَى المُكابِر المَغْبُون فقال: ﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ [الشعراء: 27]، فَرَدَّ عليه مُوسَى ذلك، وبيَّن لَهُ أن الجُنون إنما هو إنْكار الخَالِق العظيم فقال: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الشعراء: 28].

 

تهديد: فلما عَجَز فِرْعَونُ عن رَدِّ الحَقِّ لَجَأَ إلى ما لَجَأَ إليه العَاجِزُون المُتَكَبِّرون، فَتَوَعَّدَ موسى بالاعتقالِ والسِّجنِ، فقال: ﴿ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾ [الشعراء: 29]، ولَمْ يَقُلْ: لَأَسْجُنَنَّك؛ ليزيد في إِرْهَابِ مُوسَى، وإن لدى فِرْعَونَ من القوةِ والسُّلْطَان والنُّفُوذ ما يُمَكِّنُهُ من سِجْنِ الناس الذين سيكونُ موسَى من جُمْلَتِهم على حَدِّ تَهْدِيدِه وإرْهَابه.

 

نتيجة ومصير: جَمَع فرعون قومه، وخرج في أَثَرِ موسى مُتجهين إلى جِهَة البحر: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]؛ أي: أنَّ البَحْرَ من أَمَامِنَا، فَإِن دخَلْنَاهُ غَرِقْنَا، وفِرْعون وقَومَهُ خَلْفَنَا، فإن وقَفْنَا أَدْرَكْنَا- أي: لَحِقَ بِنا- فقال مُوسى: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، فلما بَلَغ مُوسى ومَن معه من المُؤْمِنِينَ البَحْرَ أمر اللهُ مُوسَى عليه السلام أن يَضْرِب بعصاه البحر، فضربه فَانْفَلَق البَحر اثْنَي عشَرَ طَرِيقًا، وصار ماء البحر بِقُدْرَة الله بين هذه الطُّرُق كالجبال العظيمة، فلما تكَامَل موسى وقومه خارجين من البحر، وتكامل فرعون بجنوده داخِلِين، أمرَ اللهُ البحرَ أن يعُود إلى حالهِ، فَانْطَبَقَ على فِرعون وجنوده، فكانوا من المُغْرَقِين.

 

وكان هذا مآله ومصيره: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46].


بل تلاحقهم وتتبعهم لعنات المظلومين أينما كانوا، وحيثما ارتحلوا: ﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ [القصص: 42].

 

إنه الله: هكذا فإن البطش والقهر، الخلق والأمر، الإحياء والإماتة، العظمة والقدرة، صفات لا تنبغي إلا لله رب العالمين، نعم إنه الإله الحق، الذي يخلق ويرزق، يمنع ويمنح، ينفع ويضر، يُحيي ويميت، ويعز ويذل، لا إله غيره، تعنو له الوجوه، وتخشع له القلوب، وتتوجه له الأنفس، فلا تذل إلا له، ولا تستعن إلا به، ولا تتوجه إلا إليه، ولا تعمل إلا ابتغاء مرضاته.

 

مقابلة مع أوجه التشابه: إذن يأتي شهر المحرم، ويحمل لنا في طيَّاته من ذكريات الإسلام:

الأولى: ذكرى يوم عاشوراء.

 

والثانية: ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، جعلها عمر بن الخطاب تاريخًا هجريًّا للمسلمين، من بداية المحرم يرتبون حياتهم، وينظمون وقائعهم، ويدرجون شؤونهم، ويعدون أيامهم، ويحسبون أعمارهم! مناسبتان متشابهتان في بعض الحالات!

 

فكل منهما يوم من أيام الله الكبرى، وملحمة من ملاحم الإيمان العظمى، وفصل من فصول المعركة الممتدة، بين أهل الحق وأهل الباطل، وموقعة من المواقع التي تدور رحاها بين حزب الرحمن وحزب الشيطان.

 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، يتوجَّه إلى الله بكلماته، ويَستجلِب نصرَ الله بآياته، ويتحصَّن ضدَّ الشدائد بقرآنه: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس: 9]، خرج من بين أيديهم بعد أن نثَر التراب على رؤوسهم، ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]. وصَلَ صلى الله عليه وسلم الغارَ مع صاحبه، ووصل الكفار من خلفه، فقال أبو بكر: "لو نظَرَ أحدُهم إلى قدمِه لرآنا"، وهنا يتجلَّى عنصرُ الثقة بالله، واصطحاب معيَّة الله؛ فلا يُتوجَّه إلا إليه، ولا يُستعان إلا به، ولا يُتحصَّن إلا بالركون إليه وحده، كيف؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما ظنُّك باثنينِ اللهُ ثالثُهما، لا تحزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنا))، وهناك قال موسي عليه السلام: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62].

 

مقارنة: وهذان طريقان متناقضان، ومنهجان مختلفان، أحدهما يقول: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]، والآخر يقول: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، طريق يقول: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [الأنعام: 57]، وآخر يقول: ﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ﴾ [غافر: 29]، طريق ينادي: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59]، وآخر يقول: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5]، منهج يقول: ((قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا))، ومنهج ضده يقول: ﴿ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ﴾ [ص: 6]، منهج يقول في تواضُعٍ جَمٍّ، وانكسار إلى الله: ((اللهُمَّ إنَّهم حُفاةٌ فاحملهم، عُراةٌ فاكسهم، وجياعٌ فأطْعِمْهم))، وآخر يقول في صلف وعلو واستكبار: "لا بد أن نرد بدر، فننحر الجذور، ونشرب الخمور، ونسمع القينات، ونشاهد الراقصات، وتسمع بنا العرب فتهابنا"، فشتان بين المنهجين! وما أبعد ما بين الطريقين، كما البعد بين المشرقين!

 

طريقان متوازيان لا يلتقيان: إن منهج الحق ومنهج الباطل لا يلتقيان ولا يجتمعان ولا يتفقان، كيف؟!

لا يستقيم الظل والعود أعوج، ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32].


نعم، منهج الكفر لا يقبل بوجود المنهج الرباني أصالة؛ لأنه يناقضه في كل شيء، فهو يحارب أهله، وربما يعمل للقضاء على وجودهم أصلًا، ومنهج الحق يريد أن تكون كلمة الله هي العليا؛ لذلك فإن المؤمن عندما يختار الإسلام فلا بد أن يقاوم الكفر، وعندما يرتضي التوحيد لا بد أن يحارب الشرك، وعندما يستظل بشريعة الله لا بد أن يرفض مناهج البشر، وعندما يتذوق طعم الإيمان يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار، ((أنْ يكونَ اللهُ ورسولُه أحَبَّ إليه ممَّا سواهما، وأن يحبَّ المرْءَ لا يُحبُّه إلَّا للهِ، وأنْ يكره أن يعود في الكُفْر بعد إذ أنَقَذَه اللهُ منه كما يكرَهُ أنْ يُلقى في النارِ))؛ صحيح الجامع.

 

تضييق وحصار من أهل الباطل: في الحالتين تضييق وتقتيل، وتشريد وتعذيب وتنكيل، استهزاء وسخرية وسفاهة وتحقير، حصار ودمار من أهل الباطل على أهل الحق: في مصر: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4]، وفي مكة يزيد الخطب والهول والتعذيب حتى يقول النبي لهم: ((صَبْرًا آل ياسِر فإنَّ مَوْعِدَكم الجَنَّة)).

 

ويقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا، فيرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند الكعبة: ((قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ، فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتى بالْمِنْشارِ، فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ، فيُجعلُ نِصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، واللَّهِ ليُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرموتَ لا يخافُ إِلَّا اللهَ، والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ))؛ رواه البخاري.

 

أخرجوا من هؤلاء صناديد قريش، فأذن الله لهم بالخروج فقط للحفاظ على دينهم وعقيدتهم: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]

 

خروج وهجرة: فلما لم يجد كل منهما مأوى ومكانًا صالحًا لإقامة دين الله وحكمه؛ خرج موسى من مصر مع مؤمني قومه تحت جنح الليل بعد أن أمره الله بذلك، ونصحه مؤمن آل فرعون: ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص: 20].

 

وتوجه بعد ذلك إلى الأرض المقدسة، وكذلك رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أمره الله أن يهاجر إلى المدينة ويترك مكة، وهي خير بقاع الأرض.

 

المواجهة: ومرة أخرى تتشابه القضيتان في المواجهة الحاسمة التي لا تحتمل القسمة؛ ليعرف فيها الحق من الباطل، وأي الفريقين أحق بنصر الله سبحانه.

 

يخرج موسى مع قومه كما أمره الله: ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾ [الدخان: 23]، ويخرج محمد صلوات الله عليه تحت جنح الليل، وقد أحاط ببيته الكافرون.

 

موسى يصل إلى البحر، ويدركهم فرعون بجنوده، وقد أجمع أن يبيدهم أجمعين: ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ [الشعراء: 53 - 56]، وفي مكة تجمَّع شُبَّان القبائل وقد أجمعوا على قتل صاحب الرسالة عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ﴾ [الأنفال: 30].


النجاه في معية الله: ويصل الأمر مداه وقد أدرك فرعون وجنوده موسى ومَن معه، وبلغ الأمر منتهاه، وبلغت القلوب عند بني إسرائيل الحناجر، ونادَوا بكل خوف وهلع: ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]، ونادى موسى بكل يقين: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62].

 

وفي مكة أحاط القوم برسول الله ولا ملجأ إلا الله- أخزاهم الله- وخرج من بين أيديهم يتلو كتاب الله وينثر التراب على رؤوسهم في يقين كامل بنصر الله، حتى وصل الغار، ومرة أخرى يحيط الكفار بحزب الله رسول الله ومعه صاحبه، ولم يعد في قوانين الأرض إلا قول أبي بكر: "لو نظَرَ أحدُهم تحت قدميه لرآنا"، وتأتي كلمات الصادق بوعد ربه: ((ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثُهما))، يا أبا بكر: ((لا تحزن؛ إنَّ اللهَ مَعَنا)).

 

النصر المؤزر لأصحاب الحق:

في مصر هناك عند البحر يأتي نصر الله، فيُوحي إلى موسى ﴿ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ [الشعراء: 63]، ومرَّ موسى وقومه بسلام آمنين، وأغرق الله فرعون وجنده الظالمين ﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ﴾ [الشعراء: 64، 65].


وعند الغار كان النصر أعجب وأغرب، فليس ثمَّ في الأرض أسباب، فصرف الله أعين الكافرين، وحفظ نبيَّه وصاحبه من مكر الظالمين ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].


في القصتين خاب سعي الكافرين، وضلَّ مكر الكافرين، ونصر الله المؤمنين، من غير قوة منهم ولا حول ولا قدرة؛ وإنما هو تدبير العزيز الحكيم، فإن وعده لا يتخلَّف ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].

 

إنها بارقةُ أملٍ، وباب ثقة في نصر الله، وطرد لليأس من القلوب، وتوديع للقنوط، وأن هذا الدين منصور مهما بلغت حالة أهله، وأن الله هو الذي يتولَّى نصرته حين لا يكون ثمَّ ناصر سواه.

 

وفي كل من الحالتين كانت الخاتمة بالنصر لجند الله المؤمنين، وإهلاك الله للظالمين ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 8، 9].


وصدق الله العظيم: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].

 

اللهم انصُرْ جند الحق، واخذل أهل الباطل، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، وأنت نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عاشوراء والهجرة النبوية
  • عاشوراء والهجرة النبوية من أيام الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع شهر الله المحرم ويوم عاشوراء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحرم لذاته والمحرم لغيره في المعاملات المالية وأثره في مستجداتها المعاصرة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تغطية الرأس للمحرم(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل شهر الله المحرم وفضل صومه وصيام عاشوراء(محاضرة - ملفات خاصة)
  • خصائص شهر الله المحرم ومسائل وأحكام عن يوم عاشوراء(كتاب - ملفات خاصة)
  • فضل الشهر المحرم وعاشوراء وصومه(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • المحرم وعاشوراء: سنن وبدع(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شهر الله المحرم وصيام عاشوراء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحرم وعاشوراء(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شهر الله المحرم وصيام عاشوراء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب