• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة / في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم
علامة باركود

غزوة الخندق

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: تاريخ الخطبة: 29 من شهر شوال 1428هـ.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2007 ميلادي - 16/11/1428 هجري

الزيارات: 75288

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها

الحمد لله القوي العزيز؛ نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يقع شيء إلا بعلمه، ولا يقضى قضاء إلا بأمره ﴿ لله مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة:120] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه، واستمسكوا بدينكم وإن ضل عنه أكثر الناس؛ فإنكم مسئولون عنه يوم القيامة ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخرف:43 - 44].

أيها الناس: في الصراع بين الحق والباطل، وفي التدافع بين جند الله تعالى وجند الشيطان حِكَم وأسرارٌ لا يحيط بجميعها إلا العليم الحكيم الذي جعل التدافع بين الفريقين سنة من سننه في البشر لإصلاح الأرض ومن عليها ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ ﴾ [البقرة:251].

وكل ما جرى ويجري بين أهل الإيمان وأهل الكفر من المعارك الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية هو من هذا التدافع الذي أراده الله تعالى قدرا؛ فضلا منه سبحانه على عباده؛ ليَهْلِك من هلك عن بينة ويَحيا من حيي عن بينة، وليميز الله الخبيث من الطيب، ولْيُظهر المنافق من المؤمن، وحتى يَبين الكاذب من الصادق.

ولله سبحانه وتعالى جندٌ لا يعلمهم البشر ولا يرونهم، يسخرهم عز وجل مع عباده المؤمنين؛ فيؤيدونهم وينصرونهم؛ لتكون العاقبة لهم على الكافرين والمنافقين، وهم جنود في السماء وجنود على الأرض ﴿ وَلله جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح:7] لا يعلم عدتهم ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا أحد من الخلق ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدَّثر:31].

ومن جنده عز وجل ما هو حسي ومنها المعنوي، وفي هجرة النبي عليه الصلاة والسلام ومطاردة المشركين له كانت جنود الله تعالى حاضرةً لحفظ نبيه عليه الصلاة والسلام من المشركين وعيونهم ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة:40]

وفي غزوة بدر أيَّدَ الله سبحانه المؤمنين بملائكة من السماء مردفين يقاتلون معهم، وألقى الرعب في قلوب المشركين، وأنزل المطر تطهيرا للمؤمنين، وليذهب عنهم رجز الشيطان، ويثبت به الأقدام، وألقى النعاس تأمينا لعباده وتنشيطا لهم، وكل أولئك من جنده عز وجل.

وما من مواجهة بين الحق والباطل إلا ولله سبحانه فيها جند حاضرة لنصرة المؤمنين أو حمايتهم من الاستئصال.

وفي صلح الحديبية كان جند الله تعالى مع المؤمنين، قال الله تعالى في شأن هذا الصلح الذي سماه فتحا ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلله جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح:4].

ولما أُعجب المؤمنون في حنين بكثرتهم، وبغتهم العدو فما أغنت عنهم كثرتهم، واختلط حابلهم بنابلهم نصرهم الله تعالى بجنده، وأنزل سكينته عليهم ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾[التوبة:25 - 26].

وفي الأحزاب حين اجتمعت جموع المشركين، وحاصروا المدينة، وغدرت اليهود، وخذَّل المنافقون وأرجفوا، وعظم الكرب، وزُلْزِل المؤمنون حتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.. في ذلك الموقف العصيب الرهيب كان جند الله تعالى مع المؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب:9].

وقال حذيفة رضي الله عنه: (لقد رَأَيْتُنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ) رواه مسلم.

فَهُزمت جموع الشرك في الأحزاب بالريح وهي من جند الله تعالى، وبالملائكة عليهم السلام وهم أيضا من جنده عز وجل، وهم المراد بقوله سبحانه ﴿ وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [الأحزاب:9].

وهذه الريح تهب من الغرب، وتسمى الصبا، كما جاء عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ) متفق عليه.

قال مجاهد رحمه الله تعالى: ريح الصبا أُرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم على أفواهها، ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم الليل والنهار.

ومع تأييد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين في الأحزاب بالريح والملائكة فإنه عز وجل أكرم رسوله عز وجل بالمعجزات الباهرة، والآيات الظاهرة؛ تثبيتا للقلوب، وشدَّاً للعزائم، وحفزا للهمم؛ لتمضي في نصرة دين الله تعالى، وتصبر على الأذى فيه، وتعلم أن وعد الله تعالى حق، وأن العاقبة للمتقين.

ومن المعجزات الباهرة في غزوة الأحزاب ما أجراه الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام من مباركة طعام قليل لا يشبع رهطا، فيدعو فيه النبي عليه الصلاة والسلام فيأذن الله تعالى أن يُشبع الجيش كله ويبقي منه بقية.

عن جَابِرَ بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رأيت بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا فَانْكَفَأْتُ إلى امْرَأَتِي فقلت: هل عِنْدَكِ شَيْءٌ فَإِنِّي رأيت بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا؟ فَأَخْرَجَتْ إلي جِرَابًا فيه صَاعٌ من شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ - أي:سمينة - فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إلى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا في بُرْمَتِهَا ثُمَّ وَلَّيْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَبِمَنْ معه، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فقلت: يا رَسُولَ الله، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لنا وَطَحَنَّا صَاعًا من شَعِيرٍ كان عِنْدَنَا فَتَعَالَ أنت وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قد صَنَعَ سُوْرًا فَحَيَّ هَلًا بكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، ولا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حتى أَجِيءَ، فَجِئْتُ وَجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ الناس حتى جِئْتُ امْرَأَتِي فقالت: بِكَ وَبِكَ، فقلت: قد فَعَلْتُ الذي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ له عَجِينًا فَبَصَقَ فيه وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إلى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قال: ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي من بُرْمَتِكُمْ ولا تُنْزِلُوهَا، وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لقد أَكَلُوا حتى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كما هِيَ وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كما هو) وفي رواية (فلم يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حتى شَبِعُوا وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ قال: كُلِي هذا وَأَهْدِي فإن الناس أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ) رواه الشيخان.

ومن الكرامات في هذه الغزوة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل حذيفة رضي الله عنه ليستطلع خبر المشركين وقد آذتهم الريح، وأصابهم برد شديد كان حذيفة رضي الله عنه ينعم دونهم بالدفء، ولا يجد أثر الريح والبرد لا في ذهابه إلى المشركين، ولا في رجوعه إلى المسلمين حتى قال رضي الله عنه: (فلما وَلَّيْتُ من عِنْدِهِ - أي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي في حَمَّامٍ حتى أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ....وفي عودته بعد أن أنهى مهمته قال رضي الله عنه:فَرَجَعْتُ وأنا أَمْشِي في مِثْلِ الْحَمَّامِ) رواه مسلم.

فالحمد لله الذي أيده عباده المؤمنين بآياته، وأكرمهم بكراماته، وأعانهم بجنده، وكتب لهم نصره.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله تعالى لي ولكم....


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين،والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واستقيموا على دينكم، وثقوا بوعد ربكم؛ فإن الله تعالى لا يخلف وعده، ولا يخذل عباده.

أيها المسلمون: كانت غزوة الأحزاب امتحانا صعبا نجح فيه أهل الإيمان، وأخفق فيه أهل النفاق..

كان امتحانا ابتلي فيه المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، وزاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، ولكن الله تعالى ثبت المؤمنين بصدقهم ويقينهم، وخذل المنافقين بشكهم وارتيابهم، وردَّ الكافرين بغيظهم لم ينالوا من المسلمين نصرا ولا غنيمة ﴿ وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب:25]

وفي أثناء حصار المشركين للمدينة، وخيانة اليهود، وتخذيل المنافقين وإرجافهم، واشتداد الكرب، وعِظَم البلاء؛ كان اليقين بالله تعالى يملأ قلب النبي عليه الصلاة والسلام، فأخذ يبشر أصحابه رضي الله عنهم بما سيفتح الله تعالى عليهم من عواصم الدول الكبرى آنذاك، وهذا اليقين هو من تأييد الله تعالى للمؤمنين، وتثبيته لهم، وربطه على قلوبهم؛ فالفضل لله تعالى، عَنِ الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنه قال: (أَمَرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قال: وَعُرِضَ لنا صَخْرَةٌ في مَكَانٍ مِنَ الْخَنْدَقِ لاَ تَأْخُذُ فيها الْمَعَاوِلُ، قال: فَشَكَوْهَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عَوْفٌ: وَأَحْسِبُهُ قال: وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إلى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فقال: بِسْمِ الله، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وقال: الله أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، والله إني لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ من مكاني هذا، ثُمَّ قال: بِسْمِ الله وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرت ثُلُثَ الْحَجَرِ فقال: الله أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، والله إني لأُبْصِرُ الْمَدائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ من مكاني هذا، ثُمَّ قال: بِسْمِ الله، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فقال: الله أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، والله إني لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ من مكاني هذا) رواه أحمد.

فما أشد حاجتنا في هذا العصر إلى استلهام هذا الدرس العظيم من تلك الغزوة المباركة؛ فنزداد بالله تعالى إيمانا ويقينا، ونُصَدِّق بوعده، ونثبت على دينه، فلا نبدل ولا نغير مهما عظم الكرب واشتد البلاء، مستعينين بالله تعالى على ذلك، خاصة وقد اشتدت حملات الكافرين والمنافقين على المؤمنين، وهي تزداد يوما بعد يوم.

إن الآيات القرآنية التي تناولت هذه الغزوة العظيمة في سورة الأحزاب قد أثنت على ثبات المؤمنين، وتصديقهم بوعد الله تعالى في أحلك الظروف وأصعب الساعات ﴿ وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب:22، 23].

إنهم رجال قابلوا البلاء بالرضاء والتسليم، وتسلحوا له بالإيمان واليقين، ولم يبدلوا دينهم أو يتنازلوا عن شيء منه، وما كان ذلك منهم إلا بتثبيت الله تعالى وتأييده ومعونته عز وجل لهم، وذلك إنما ينال بتقواه وطاعته، فاتقوا الله تعالى أيها المسلمون وسلوه الثبات على الحق إلى الممات، ولا تغيروا دينكم، أو تتخلوا عن شيء منه؛ إرضاء للكفار والمنافقين، فإنهم لن يرضوا إلا بكفر المؤمنين ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء:89].

وصلوا وسلموا على نبيكم....

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة الخندق
  • صدق الرسالة المحمدية
  • قراءة معاصرة لغزوة الأحزاب
  • التواضع والزهد وعلو الهمة من دروس غزوة الخندق
  • غزوة الخندق

مختارات من الشبكة

  • غزوة الخندق (الأحزاب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وعبر من غزوة: «الخندق» و «بني قريظة»(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • غزوة الخندق(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خاتم النبيين (25) مواقف ودروس من غزوة الخندق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (24) غزوة الخندق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس غزوة الخندق وبني قريظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة غزوة الخندق(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • الحياء والعزة من دروس غزوة الخندق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة الأحزاب (الخندق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة الخندق(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
مبارك سالم ضرمان - السعودية 29-07-2022 06:08 PM

أشكركم عظيم الشكر.. إبداع أنتم اهله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب