• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات...}

تفسير قوله تعالى: { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات...}
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2022 ميلادي - 1/11/1443 هجري

الزيارات: 56120

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ... ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126].

 

قوله: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ﴾ أي: واذكر حين قال إبراهيم داعياً ربه عز وجل ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾، أي: يا رب، فـ"رب": منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، وحرف النداء محذوف للعلم به وللبداءة مباشرة باسم "الرب" والتيمن والتبرك به.

 

فدعا عليه السلام باسم الرب الذي له الخلق والملك والتدبير.

 

﴿ اجْعَلْ هَذَا ﴾ "هذا": مفعول أول لـ"جعل"، و﴿ بَلَدًا ﴾ مفعوله الثاني، أي: صيِّر هذا الوادي وهذا المكان، وهو المكان الذي أسكن فيه هاجر وابنها إسماعيل، كما في قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ﴾ [إبراهيم: 37].

 

﴿ بَلَدًا آمِنًا ﴾ فدعا أن يكون الوادي والمكان بلداً، وأن يكون آمنا.

 

وقال هنا: "بلداً" بالتنكير لأن هذا الدعاء كان قبل بناء البيت وقبل أن يكون الوادي بلداً مسكوناً، وقال في سورة إبراهيم: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾ [الآية: 35] بالتعريف؛ لأن هذا الدعاء كان- والله أعلم- بعد بناء البيت وبعد أن كان الوادي بلداً مسكوناً، كما قال تعالى في سورة التين: ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 3]، وقال في سورة البلد: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1، 2].

 

و"البلد" اسم للمكان المسكون كالمدينة والقرية.

 

﴿ آمِنًا ﴾: صفة لـ "بلداً"، أي: مكان وموضع أمن من الخوف فلا يرعب أهله.

 

وقد أجاب الله دعوة إبراهيم عليه السلام، فجعل مكة بلداً آمنا شرعاً وقدراً، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 97]، وقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 67]، وقال تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3، 4]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].

 

ومن أراده بسوء قصمه الله كما فعل بأبرهة وأصحاب الفيل.

 

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح"[1].

 

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة، ما بين لابتيها لا يقطع عضاها، ولا يصاد صيدها"[2].

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها"[3].

 

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على المدينة قال: "اللهم إني أحرم ما بين لابتيها مثل ما حرم به إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم..." الحديث[4].

 

وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت لها في صاعها ومدها بمثل ما دعا إبراهيم لأهل مكة"[5].

 

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرماً، وإني حرمت المدينة حراماً ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف"[6].

 

وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها. فقال العباس إلا الإذخر؛ فإنه لقينهم ولبيوتهم. فقال: إلا الإذخر"[7].

 

وفي حديث أبي شريح العدوي: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس... الحديث"[8].

 

ولا منافاة بين هذين الحديثين وما في معناهما من الأحاديث الدالة على أن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، وبين الأحاديث الدالة على أن إبراهيم حرمها؛ لأن إبراهيم بلغ عن الله حكمه فيها، وأنها لم تزل بلداً حراماً عند الله قبل بناء إبراهيم عليه السلام لها؛ ولهذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 91].

 

﴿ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾: بعد أن دعا إبراهيم عليه السلام ربه بجعل مكة بلداً آمنا أتبع ذلك بدعوة أخرى وهي أن يرزق أهله من الثمرات؛ لأن النعمة لا تتم إلا بتوفر الأمن والرزق؛ ولهذا امتن الله عز وجل على قريش بقوله تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3، 4].

 

ومعنى ﴿ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾ أي: وأعط أهله من الثمرات، والرزق: العطاء.

 

﴿ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ بدل من قوله: (أهله) بدل بعض من كل، فخصص دعوته بالرزق بمن آمن من أهل الحرم بالله واليوم الآخر.

 

و"من": موصولة، و"آمن": صلة الموصول، أي: الذي آمن منهم.

 

والإيمان بالله يتضمن الإيمان بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.

 

﴿ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ أي: وآمن باليوم الآخر؛ يوم القيامة، وما فيه من البعث والحساب والأهوال، والجزاء على الأعمال، بالجنة أو النار.

 

وسمي بـ "اليوم الآخر" لأنه لا يوم بعده والإيمان بالله لا يتم إلا بالإيمان بشرعه، ومن ذلك بقية أركان الإيمان وهي: الإيمان بالملائكة والكتب والرسل، وبالقدر خيره وشره، وغير ذلك مما أوجب الله الإيمان به.

 

كما يتضمن ذلك أركان الإسلام الخمسة وكل ما أوجب الله القيام به؛ لأن الإيمان والإسلام إذا أفرد أحدهما تضمن الآخر.

 

وهذا الدعاء من جوامع كلم النبوة فإنه لا قوام للحياة ولا لأمور الدنيا والدين إلا بالأمن والرزق.

 

﴿ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ ﴾ القائل هو الله عز وجل، وقوله: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ ﴾معطوف على قوله: ﴿ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ﴾أي: قال الله: وأرزق من كفر، أو: ومن كفر أرزقه أيضاً، فعم بالرزق من آمن ومن كفر، كما قال تعالى: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ [الإسراء: 20].

 

فخص إبراهيم بالدعوة بالرزق من آمن فقط، وأجيب بتكفله عز وجل برزق الجميع من آمن ومن كفر، وهذا بخلاف دعوة إبراهيم السابقة لما قال الله له: ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ﴾ [البقرة: 124]، ﴿ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [البقرة: 124] فعمم إبراهيم بهذه الدعوة، وأجيب بتخصيصها بغير الظالمين بقوله تعالى: ﴿ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124].

 

﴿ فَأُمَتِّعُهُ ﴾ قرأ ابن عامر بإسكان الميم وتخفيف التاء: ﴿ فَأُمْتِعُهُ ﴾، وقرأ الباقون بفتح الميم وتشديد التاء: ﴿ فَأُمَتِّعُهُ ﴾، أي: فأعطيه ما يتمتع به من مسكن ومأكل ومشرب وملبس وغير ذلك من متاع الدنيا الزائل.

 

﴿ قَلِيلًا ﴾: صفة لظرف محذوف، أي: فأمتعه زماناً قليلاً، أي: زماناً قصيراً ؛ لأن عمر الإنسان مهما طال فهو قصير، ولأن الدنيا كلها بالنسبة للآخرة قليل.

 

وأيضاً فأمتعه متاعاً أو تمتعاً قليلاً، فيكون "قليلاً" صفة لمصدر محذوف، أي: متاعاً قليلاً من حيث عين المتاع.

 

فمهما أوتي الإنسان من الدنيا وملذاتها فذلك قليل بالنسبة للآخرة، كما قال تعالى: ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38]، وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ﴾ [الروم: 55]، وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ﴾ [يونس: 45]، وقال تعالى: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف: 35].

 

وقال تعالى: ﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ﴾ [المؤمنون: 112، 113]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 52]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ﴾ [طه: 102 - 104].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها"[9].

 

ومع قصر عمر الإنسان في هذه الدنيا، وقلة ما يحصل له من متاعها، فذلك مشوب بالكبد والكدر، كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4].

 

وكما قيل:

لا طيب للعيش ما دامت منغَّصة
لذَّاتُهُ بادِّكَارِ الموتِ والهَرَمِ[10]


إضافة إلى نزع البركة من العمر ومما يحصل عليه الإنسان من الدنيا بالنسبة لأهل الكفر والمعاصي.

 

﴿ ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ ﴾ ذكر الله الوعيد بالعذاب بعد ذكر الوعد بالمتاع احتراساً من أن يغتر الكافر فيظن أن تخويله بالنعم في الدنيا دليل على رضى الله تعالى عنه، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [لقمان: 23، 24]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [يونس: 69، 70]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النحل: 116، 117].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102] "[11].

 

ومعنى ﴿ ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ ﴾ أي: ثم ألجئه وأكرهه وأدفعه وأسوقه إلى عذاب النار، كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ [الطور: 13]؛ أي: يدفعون بشدة وقوة، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ﴾ [القمر: 48]، وقال تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ [ق: 21].

 

﴿ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ الواو: استئنافية: و"بئس": فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمخصوص بالذم محذوف تقديره: هي، أي: وبئس المصير هي، أي: النار، و"المصير" المرجع والمآل والمآب.

 

المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»



[1] أخرجه مسلم في الحج (1356).

[2] أخرجه مسلم في الحج (1362) وأبو داود في المناسك (2039).

[3] أخرجه البخاري في الأنبياء (3367)، ومسلم في الحج (1345)، والترمذي في المناقب (3922).

[4] أخرجه البخاري في الجهاد والسير (2893)، ومسلم في الحج (1365).

[5] أخرجه البخاري في البيوع (2129)، ومسلم في الحج (1360).

[6] أخرجه مسلم في الحج (1374).

[7] أخرجه البخاري في الحج (1834)، ومسلم في الحج- تحريم مكة وصيدها (1353)، وأبو داود في المناسك (2017)، والنسائي في مناسك الحج (2892)، والترمذي في السير (1590)، وابن ماجه في الجهاد (773).

[8] أخرجه البخاري في العلم (104)، ومسلم في الحج (1354)، والنسائي في فضائل الحج (2876)، والترمذي في الحج (809).

[9] أخرجه البخاري في الجهاد- فضل رباط يوم في سبيل الله (2892)، والترمذي في فضائل الجهاد (1648)، وابن ماجه في الزهد (2377) – من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

[10] البيت مجهول القائل. انظر: "أوضح المسالك" (1/ 242).

[11] أخرجه البخاري في الجهاد- فضل رباط يوم في سبيل الله (2892)، والترمذي في فضائل الجهاد (1648)، وابن ماجه في الزهد (2377)- من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }
  • تفسير قوله تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن...}
  • تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم...}
  • تفسير قوله تعالى: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم...}
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد...}
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد جاءكم موسى بالبينات ....}
  • تفسير قوله تعالى: { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم ... }
  • تفسير قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا ...}
  • كل علم يسأل عنه أهله والعارفون به

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (1) سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التنبيه على أن " اليسير من تفسير السعدي " ليس من تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب