• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

سب الله ودينه أكبر الكبائر (خطبة)

سب الله ودينه أكبر الكبائر (خطبة)
حسام يوسف حسن النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/5/2022 ميلادي - 14/10/1443 هجري

الزيارات: 84921

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سبُّ اللهِ وَدِينِهِ أَكْبَرُ الكَبَائِرِ


الخطبة الأولى

الحَمْد لله ذي العظَمة والجَلال، الذي تفرَّد بِكُلِّ جمالٍ وكمالٍ، وأشْهد أنْ لا إله إلا الله، وحْده لا شريك له، ولا نِدَّ ولا مِثال، له الأسْماء الحُسْنى والصِّفات العُلى، وهو الكبير المُتَعال، وأشْهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبْده ورسوله، كريم الأخْلاق، وطَيِّب الخصال، وخيْرُ منْ تقرَّب إلى الله بالإعْظام والإكْبار والإجْلال، صلَّى الله وسلَّم عليْه وعلى آله وصحْبه خيْر صحْبٍ وآل، وعلى مَنْ تَبِعهم بإحْسانٍ ما تجدَّدت البُكُور والآصال[1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، أما بعد:

فيا أيها الإخوة الكرام، إنَّ موضوع خطبتنا عن آفةٍ مُهْلِكَة، وكبيرةٍ للعملِ مُحْبِطَة، وعن الإسلام مُخْرِجَة، ولِغَضَبِ الله وسَخَطِهِ جالبة، ولِرَحْمَتِهِ ورِضْوانِهِ مُبْعِدَة.

 

حديثنا عن جريمة من الجرائم التي لا يوافق عليها عقل ولا دِين، ألا وهي سَبُّ اللهِ عز وجل ودِينِهِ.

 

أيها الإخوة، إنه لا يَخفى عليكم ما نشاهده اليوم من تهاونِ بعض الناس بِسَبِّ اللهِ عز وجل ودِينِهِ، فلا يكاد أحدُهم يَغْضَبُ إلا ويَسُبُّ اللهَ ودِينَهُ، وكَأَنَّ سَبَّ اللهِ ودِينِهِ أصبح في قاموس هؤلاء الجُهَّال من الأمور المُسْتَهَانِ بها، المَأْمُونِ عِقَابُهَا، أَلَا يَعْلَمُ هؤلاء أنَّ سَبَّ اللهِ ودِينِهِ، أكبرُ الكبائر، وأشنعُ الجرائم؟!

 

كيف تَجَرَّأَ هؤلاء على سَبِّ رَبِّهِم وخالِقِهِم وَوَلِيِّ نِعْمَتِهِم؟! هل نَسِيَ هؤلاء أنَّهم كانوا نُطْفَة مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى؟! فَخَلَقَهُمُ اللهُ فَأَحْسَنَ خَلْقَهُم، وَصَوَّرَهُم فَأَحْسَنَ صُوَرَهُم؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ [الانفطار: 6، 7]، أي: ما الذي جَرَّأَكَ على مخالفة أوامر خالِقِكَ، أتهاونًا بحقوقه، أم احتقارًا لعذابه، أم إنكارًا لجزائه[2]؟!.

 

واللهِ إنَّ مِنْ أعظم المصائب، أنْ نَرَى اليوم أُناسًا يَدَّعُونَ الإسلامَ وَيَسُبُّونَ الإسلام ومَنْ شَرَعَهُ، واليهودُ والنصارى - وَهُمْ مَنْ هُمْ-، لَمْ يَتَجَرَّؤُوا على سَبِّ الله عز وجل، بَلْ ادَّعَوْا أنهم أبناء الله وأحباؤه، قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18].


يا مَنْ تَدَّعِي الإسلامَ وَتَسُبُّ خالِقَكَ، أَمَا تستحيي من نَفْسِكَ وَجَهْلِكَ بِقَدْرِ رَبِّكَ؟!، وأحبار اليهودِ قد عَرَفُوا قَدْرَ اللهِ عز وجل، فَعَنْ ‌عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: " جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، ‌إِنَّا ‌نَجِدُ ‌أَنَّ ‌اللهَ ‌يَجْعَلُ ‌السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67][3].


عباد الله، اعلموا أنَّ مَنْ عَظَّمَ الله سبحانه وَقَدَرَهُ حقَّ قَدْرِهِ؛ تَحَقَّقَ فلاحُه ونجاحُه وسعادتُه في دنياه وأخراه، بل إنَّ تعظيمَه سبحانه أساسُ الفلاح، وكيف يُفْلِحُ ويَسْعَدُ قَلْبٌ لا يُعَظِّمُ ربَّه وخالقَه وسيدَه ومولاه، ومَن عَظَّمَ الله عَرَفَ أَحَقِّيَّةَ اللهِ عز وجل بالذُّلِ والخضوعِ والخشوعِ والانكسارِ، وعظّمَ شَرْعَهُ، وعظّمَ دِينَهُ، وعَرَفَ مكانةَ رُسُلِهِ. وهذا التعظيم لله سبحانه يُعَدُّ أساسًا متينًا يقوم عليه دِين الإسلام[4].

 

أيها الكرام، إنَّ مِمَّا يُدْمِي القُلُوبَ، ويُدْمِعُ العُيُونَ، ويُنْذِرُ بخطرٍ عظيمٍ قريبٍ، أنْ نَسْمَعَ اليوم في بلادنا مَنْ يَسُبُّ اللهَ عز وجل ودِينَهُ، أَمَا عَلِمَ أولئك الجُهَّال قَدْرَ اللهِ وعظمتَه؟! أَمَا يَخشى هؤلاء أنْ يُخْرِسَ اللهُ ألسِنَتَهُمْ، أو يُعْمِي أبصارَهم، أو يَقْبِضَ أرواحَهم على هذه الكبيرةِ العظيمةِ؟!

 

أقسم بالله العظيم، لو أنَّ واحدًا مِنَ البشر قَدَّمَ مَعْرُوفًا لِأَحَدِنَا، لَمَا نَسِينَاهُ له، وَلَقَدَّرْنَاهُ تَقْدِيرًا، وَلَذَكَرْنَاهُ في المجالس بالثناء والعطاء، فكيف لا نُعَظِّمُ اللهَ ذَا الجلالِ والإكرامِ؟! الذي خَلَقَنَا فأَحْسَنَ خَلْقَنَا، وأعطانا رغم تقصيرنا وعصياننا.

 

والله لا أدري كيف يصلي ويصوم مَن يسب اللهَ ودِينَهُ، يُتْعِبُ نَفْسَهُ بالقيام والجوع والعطش، ويَسُبُّ مَنْ شَرَعَ الصلاةَ والصيامَ، وَيَسُبُّ دِينَهُ الذي رَضِيَهُ، ما هذا التناقض العجيب الغريب؟!

 

والله لو أَنَّنَا قَدَرْنَا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، لَمَا تَجَرَّأَ أَحَدٌ مِنَّا على سَبِّهِ أو سَبِّ دِينِهِ، قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

 

وقال نوح عليه السلام لقومه لَمَّا كفروا بالله جل جلاله: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ [نوح: 13، 14]؛ أي: ما شأنكم لا تخافون عظمة الله حيث تعصونه دون مبالاة؟! وقد خلقكم طَوْرًا بعد طَوْر من نُطْفة، فَعَلَقة، فمُضْغة[5]، هذه حَقِيقَتُكَ أيُّها الإنسان، مِنْ نُطْفَةٍ مُسْتَقْذَرَة، فَاعْرِفْ قَدْرَ نَفْسِكَ، وَاعْرِفْ قَدْرَ خَالِقِكَ جل جلاله، وَعَظِّمْهُ حَقَّ العَظَمَةِ، تَكُنْ مِنَ الأَتْقِيَاءِ السُّعَدَاءِ.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ذِي العِزَّةِ والجَبَرُوتِ، حَيٌّ لا يموت، عظيمٌ غَنِيٌّ عن خَلْقِهِ، واسعُ الرحمة شديدُ العقاب، والصلاة والسلام على نَبِيِّنَا محمد المُعَظِّمِ لِرَبِّ الأرباب، أما بعد:

فإنَّ اللهَ عز وجل قد لَعَنَ مَنْ آذاه، وَتَوَعَّدَهُ بالعذاب المُهِين، فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57]، ولا إيذاء لله أعظم مِنْ سَبِّهِ أو سَبِّ دِينِهِ.

 

واعْلَمُوا أيُّها الإخوةُ أنَّ سَبَّ اللهِ - تعالى- أَعْظَمُ أنواعِ الكفر.


سَبُّ الله تعالى كُفْرٌ فوق كلِّ كُفْرٍ، وهو فوق كُفْرِ عُبَّادِ الأصنام؛ لأن عُبَّادَ الأصنام إنما عظموا الأحجار لتعظيمهم لله، فَهُمْ لم يُنْزِلُوا قَدْرَ اللهِ حتى يساووه - تعالى- بالأحجار، وإنَّما رَفَعُوا الأحجار حتى تساوي الله؛ ولهذا يقول المشركون بعد دخولهم النار: ﴿  تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97- 98].

 

وبعض ألفاظ السبِّ لله تعالى أعظم كفرًا من الإلحادِ؛ لأنَّ المُلْحِدَ نَفَى وجودَ خالقٍ ورَبٍّ، ولسانُ حالِهِ: أَنِّي لو أَثْبّتُّه لعظَّمْتُهُ! وأمَّا مَنْ زَعَمَ إيمانَه باللهِ؛ فهو يُثْبِتُ رَبَّهُ وَيَسُبُّهُ، وهذا أَظْهَرُ عِنادًا وتحديًا! وَنَصْبُ الأصنامِ في بلدٍ من البلدانِ، والطوافُ حولَها والسجودُ لها والتَّبَرُّكُ بها؛ أهونُ عند الله من اشْتِهَارِ سَبِّ الله في نوادي ذلك البلدِ وشوارِعِهِ وأسواقِهِ ومجالسِهِ؛ لأنَّ اشْتِهَارَ سَبِّهِ – سبحانه - أعظمُ من تَشْرِيكِ الأوثان معه، مع كَوْنِ الفِعْلَيْنِ كُفْرًا؛ إِلَّا أنَّ المُشْرِكَ يُعَظِّمُ اللهَ، والسابَّ يُحَقِّرُهُ! تعالى الله عن ذلك.

 

"وسَبُّ الله واشْتِهَارُهُ في بَلَدٍ، أعظمُ من استحلال الزنا وتشريعِهِ فيها، وأعظمُ من فاحشة قوم لوط وتشريعها؛ لأنَّ كُفْرَ استحلالِ الفواحش كُفْرٌ سَبَبُهُ جَحْدُ تشريعٍ مِنْ تشريعاتِ الله واستهانةٌ بأمرٍ مِنْ أَوَامِرِه، وأمَّا السَّبُّ فَكُفْرٌ سَبَبُهُ الكُفْرُ بذاتِ المُشَرِّعِ، والكُفْرُ بذاتِ المشرِّع يَلْزَمُ مِنْهُ كُفْرٌ بجميع تشريعه، واستهانةٌ بها، وهذا أعظمُ وأشد، مع كَوْنِ كلا الفِعْلَيْنِ كُفْرًا، إلا أنَّ الكُفْرَ دركاتٌ، كما أنَّ الإيمان درجاتٌ".

 

وَسَابُّ اللهِ عز وجل كافرٌ بإجماعِ المسلمين، قال ‌الإمامُ إِسْحَاقُ ‌بْنُ ‌رَاهَوَيْهِ: "وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ مَنْ سَبَّ الله عز وجل، أو سَبَّ رسولَهُ r، أَوْ دَفَعَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، أنه كافر بذلك، وإن كان مقرًّا بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ "[6].

 

وقال الإمام أبو محمد ابن حَزْم: "وَأَمَّا سَبُّ اللَّهِ - تَعَالَى- فَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يُخَالِفُ فِي أَنَّهُ كُفْرٌ مُجَرَّدٌ "[7].

 

وقال القاضي عِيَاض: "لَا خِلَافَ أَنَّ سَابَّ اللَّهِ - تَعَالَى- مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَافِرٌ حَلَّالُ الدَّمِ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِتَابَتِه"[8].

 

ومَنْ سَبَّ الله تعالى كَفَرَ، سواء كان مازحًا أو جادًّا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى، أو بآياتِهِ أو بِرُسُلِهِ، أو كُتُبِهِ؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66][9].

 

والذي يَسُبُّ اللهَ عز وجل أو دِينَهُ، لا تجوز مُجَالَسَتُهُ، ولا مُآكَلَتُهُ، ولا تَزْوِيجُهُ، حتى يتوبَ إلى الله I من هذه الكبيرة، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

 

وإذا مات مَنْ سَبَّ اللهَ عز وجل أو دِينَهُ وَلَمْ يَتُبْ: فلا يُغَسَّلُ، ولا يُكَفَّنُ، ولا يُصَلَّى عليه، ولا يُدْعَى له بالرحمة، ولا يُدْفَنُ في مقابر المسلمين، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 84].


وإذا كان مَنْ سَبَّ اللهَ أو دِينَهُ متزوجًا، فإنَّ عقدَ نكاحِهِ في خَطَرٍ عظيم، فَيَجِبُ عليه الإسراع في مراجعة مفتي المدينة التي يعيش فيها؛ حتى يَعْرِفَ حكمَ الله في حياتِهِ الزوجية.

 

وأخيرًا: أختم خطبتي ببندين مهمين:

البند الأول: توبةُ مَنْ سَبَّ اللهَ أو دِينَهُ.

تكون توبتُه بنطق الشهادتين، ثم الاغتسال، والندم الشديد على ما وقع منه من سبِّ الله أو دينه، والعزم على عدم الرجوع لهذا الذنب العظيم مرة أخرى، وأنْ يُعَظِّمَ الله -تعالى- في نَفْسِهِ ومجالِسِهِ التي كان يَسُبُّ الله عز وجل فيها، وفي حياتِهِ كُلِّهَا، وأنْ يُكْثِرَ من الاستغفار على ما مَضَى.

 

البند الثاني: الأمور المعينة على تعظيم الله تعالى:

الأمر الأول: التَّفَكُّرُ في مخلوقاتِ الله عز وجل؛ لأنَّ عَظَمَةَ المخلوقِ تَدُلُّ على عظمةِ خالقِهِ، قال تعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 20، 21]؛ أي: وَفِي الْأَرْض مِنْ الْجِبَال وَالْبِحَار وَالْأَشْجَار وَالثِّمَار وَالنَّبَات وَغَيْرهَا، لَدَلَالَات عَلَى قُدْرَة اللَّه - سبحانه وتعالى- ووحدانيته، للمصدِّقين أنَّ الله هو الخالق البارئ، ‌وَفِي ‌أَنْفُسكُمْ آيَات مِنْ مَبْدَأ خَلْقكُمْ إلَى مُنْتَهَاهُ، وَمَا فِي تَرْكِيب خَلْقكُمْ مِنْ الْعَجَائِب، أَفَلَا تُبْصِرُونَ لِتَعْتَبِرُوا؟![10].

 

الأمر الثاني: أنْ يَعْرِفَ الإنسانُ رَبَّهُ حَقَّ المعرفة، فيعرف أسماءَه وصفاته ويَفْهَمَ معناهم، وأنْ يَقرأَ في القرآنِ والسِّيَرِ عن قُدْرَةِ اللهِ عز وجل وعَظَمَتِهِ، كيف أَهْلَكَ الأُمَمَ الكافرة المتجبرة، كعَادٍ وثَمُودَ، وقَوْمِ لُوطٍ ونُوحٍ، وفِرْعَوْنَ وجنودِه، وقارونَ وعِزِّهِ.

 

وفي الختام: أسأل الله أن يجعلنا مِنْ الذين يُعَظِّمُونَهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ، وَ‌يَقْدُرُونَهُ ‌حَقَّ قَدْرِهِ، وَيَخْشَوْنَهُ حَقَّ خَشْيَتِهِ، وَصَلِّ اللهم وسلِّم تسليمًا كثيرًا على نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] خطبة مختصرة عن عظمة الله تعالى، عبدالله الجار الله.

[2] انظر: تفسير السعدي.

[3] صحيح البخاري، رقم الحديث (4811).

[4] مقال بعنوان: تعظيم الله تعالى، عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر.

[5] المختصر في تفسير القرآن الكريم، جماعة من علماء التفسير (ص571).

[6] التمهيد، ابن عبد البر (2/ 150).

[7] المُحَلَّى بالآثار (12/ 435).

[8] الشِّفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 582).

[9] المغني، ابن قدامة (9/ 28).

[10] تفسير الجلالين (ص693)، المختصر في تفسير القرآن الكريم، جماعة من علماء التفسير (ص521).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا
  • أكبر الكبائر
  • من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه
  • خطر سب الوالدين وأنه من أكبر الكبائر
  • شرح حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟
  • من أكبر الكبائر: القنوط من رحمة الله
  • شرح حديث أبي بكرة: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"
  • إياكم والكبائر (خطبة)
  • الكبائر

مختارات من الشبكة

  • سب الدهر والريح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم سب الدين في حالة الغضب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ظاهرة سب الدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم سب دين الجمادات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سب الدين أو الملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سب الملائكة وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الغبار والنهي عن سب الريح(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • السب والشتم ليست من أخلاق المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من الكبائر الشائعة (5) سب أحد من الصحابة رضي الله عنهم أو بغضه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تنبيهات على بعض الألفاظ(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر وتقدير
حسين العبيدي الشاهري - العراق 22-11-2024 06:47 AM

شكراً لكم على هذه الخطبة القيمة المباركة التي فيها النصح والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزاكم الله خير الجزاء وجعلها الله في ميزان حسناتكم.

1- من يطبق؟
أبو وائل الحلبي - سوريا 02-06-2023 02:33 PM

من يطبق عقوبة التعذير؟!
نسمع الكثير ممن يشتم ويسب الذات الإلهية وعندما نتكلم يقال لنا:(أنت ستقيم الدين في مالطة)..
أقصد من ينكر بلسانه يتعرض لأذى دون أي مناصر سوى المناصرة القلبية..
من سيطبق؟ ومن سيشرع؟ ومن...
حسبنا الله ونعم الوكيل...

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب