• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

براءة الشافعية ومن وافقهم من القول بعدم جريان الربا في النقود الورقية

براءة الشافعية ومن وافقهم من القول بعدم جريان الربا في النقود الورقية
أ‌. محمد فضل العجماوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/4/2022 ميلادي - 1/9/1443 هجري

الزيارات: 35872

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

براءة الشافعية ومن وافقهم

من القول بعدم جريان الربا في النقود الورقية

 

يرى بعض المشتغلين بالفقه في وقتنا الحاضر أن أغلب أعمال البنوك التجارية الحالية خالية من الربا، واحتجوا بأن المعتمد في المذهب الشافعي وغيره أن الربا لا يجري إلا في النقود المتخذة من الذهب أو الفضة؛ لأنهما جوهر الأثمان، أو غالب الأثمان، أما النقود المتخذة من غير هذين المعدنين فلا يجري فيها الربا، لأنها لا تتخذ أثمانا في الغالب.

 

وهذا الرأي صحيح النسبة إلى الشافعية وغيرهم، ولكن الإشكال فيه أنه رأي تاريخي قيل في ظروف اقتصادية معينة، كانت العملات المعدنية المسكوكة من الذهب والفضة هي النقود المعتمدة في التبادل لا في الدول الإسلامية فحسب، بل في جميع دول العالم، وظل الوضع هكذا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في الربع الأول من القرن العشرين، حيث اتجه الاقتصاد العالمي إلى الاعتماد على العملات الورقية لأسباب كثيرة، وأصبحت العملات المعدنية من الذهب والفضة شيئا من الماضي.

 

فلو افترضنا أن فقهاء الشافعية الذين قالوا بالرأي السابق - بدءا بمؤسس المذهب الإمام الشافعي، وانتهاء بالفقهاء الذين عاشوا إلى قبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى= أقول: لو افترضنا أن هؤلاء الفقهاء كانوا يعيشون بين ظهرانينا حاليًّا، هل كانوا سيجمدون على هذا الرأي، ولا يتحولون عنه؟ أو أنهم كانوا سيراعون العرف السائد، ويعيدون النظر في هذا الرأي، ويعترفون بمساواة النقود الورقية لعملات الذهب والفضة؟

 

وسوف يقتصر هذا البحث على استجلاء حقيقة موقف المذهب الشافعي من قصر جريان الربا على عملات الذهب والفضة دون غيرهما من الفلوس المتخذة من غير هذين المعدنين، ونحاول التعمق والتنقيب في جميع زوايا هذا الرأي من خلال فحص نصوص كتب الشافعية، وتأمل منطوقها ومفهومها، لنخلص إلى حقيقة: مدى صلاحية تطبيق هذا الرأي على النقود الورقية الحالية، وبالتالي لا تنطبق جميع التعاملات الربوية على هذه النقود؟

 

وبناء على ذلك:

1- فلن يناقش البحث أدلة الشافعية في قصر الربا على عملات الذهب والفضة.

 

2- ولن يناقش البحث أدلة المذاهب المخالفة للشافعية.

 

تمهيد: مصطلحات مهمة:

1- النقود: عند الفقهاء: الدينار المتخذ من الذهب، والدرهم المتخذ من الفضة. كما تطلق على هذين المعدنين غير مسكوكين (مصوغين)، بل على تِبْرهما (فُتَات الذهب أو الفضة قبل أن يُصاغا).

 

2- النقدان: الدينار من الذهب، والدرهم من الفضة.

 

3- النقود في العصر الحديث: هي كل شيء يكون مقبولا قبولا عاما كوسيط للتبادل، ومقياس للقيمة. النقود وآثارها، للدكتور محمد أحمد عطا عمارة، ص 483.

 

4- الفلوس عند الفقهاء: العملات التي تصنع من المعادن من غير الذهب والفضة، مثل النحاس، والبرونز.

 

المبحث الأول:

ماذا يترتب على أخذنا بمذهب الشافعية في عدم جريان الربا في النقود الورقية

كان النقد الرسمي في الدولة الإسلامية بدءا من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى قريب منتصف القرن الرابع عشر الهجري (حوالي سنة 1336هـ) يتمثل في الدنانير المصنوعة من الذهب، والدراهم المصنوعة من الفضة.

 

في ظل اتساع التبادل التجاري ظهرت الحاجة إلى عملات منخفضة القيمة لشراء السلع المحقرات (قليلة القيمة والثمن)، مثل حفنة ملح، أو ربطة بقل، ولم يكن هناك كسور (بالعامية المصرية: فَكَّة) للدرهم، فظهرت الفلوس، وهي عملات مصنوعة من معادن خسيسة وقتها، مثل النحاس والبرونز.

 

ويرى الشافعية أن الذهب والفضة هما غالب الأثمان، أو جوهر الأثمان، ولهذا فإن الربا يجري في هذين المعدنين، كانا مسكوكين أم لا، مصوغين أم لا، حتى أنه يجري في الأواني المتخذة منهما.

 

ثم انطلق الشافعية بعد ذلك إلى القول: إن الربا لا يجري في الفلوس، لأنها لا تُعَدُّ أثمانا في الغالب، بل إنهم ثبتوا على هذا الرأي حتى لو كانت الفلوس تعد أثمانا في بعض النواحي.

 

هل يستطيع من قالوا بعد جريان الربا في النقود الورقية أن يخرجوا على الناس ويخبروهم بالآثار الفقهية التي تترتب على عدم جريان الربا في النقود الورقية؟

 

أنا أقول لكم: إذا لم تجعل الربا جاريًا في النقود الورقية بعلة كونها ليست أثمانا، وجعلتها إما عروضا أو فلوسا، ترتب عليه ما يلي:

1- أنه لا زكاة فيها حتى لو بلغت المليارات، فيضيع حق الفقراء والمساكين.

 

2- أنها لا تصلح رأس مال في عقد السلم.

 

3- أنها لا تصلح رأس مال في المضاربة، لأنه يشترط في رأسمال المضاربة أن يكون نقدا حاضرا عند بداية العقد، فتفسد بذلك جميع المشاركات التي تتم بين الأشخاص بأسلوب المضاربة.

 

المبحث الثاني:

نصوص الشافعية في عدم جريان الربا في غير النقدين الذهب والفضة من العملات

سبق أن قلنا إن المعتمد في المذهب الشافعي أن الذهب والفضة فقط هما جوهر الأثمان، ولهذا يجري فيهما الربا بنوعيه، فيحرم التفاضل في بيع أحدهما بجنسه، ويحرم النساء فيهما مطلقا، سواء أكان بجنسه أم بغير جنسه.

 

كما سبق أن نوهنا أن غير النقدين يطلق عليهما الفلوس، وأن الشافعية قالوا فعلا: إن الربا لا يجري فيها حتى لو راجت رواج النقدين من الذهب والفضة. وإليك النصوص:

1- قال الإمام الشافعي: "ولا بأس بالسلف في الفلوس إلى أجل؛ لأن ذلك ليس مما فيه الربا". (3/ 33).

 

التعليق: هذا الكلام نص في أن الربا لا يجري في العملات المسكوكة من غير معدني الذهب والفضة كالفلوس المسكوكة من النحاس، أو البرونز.

 

2- وقال الإمام الشافعي أيضا: "وإنما أجزت أن يسلم في الفلوس -بخلافه في الذهب والفضة- بأنه لا زكاة فيه، وأنه ليس بثمن للأشياء، كما تكون الدراهم والدنانير أثمانا للأشياء المسلفة، فإن في الدنانير والدراهم الزكاة، وليس في الفلوس زكاة، وإنما انظر في التبر إلى أصله وأصل النحاس مما لا ربا فيه ". (3/ 98).

 

التعليق: علل هذا النص عدم جريان الربا في الفلوس بعلتين:

الأولى: أن الفلوس ليس فيها زكاة.

الثانية: أنها ليست أثمانا للأشياء.

 

3- وقال المزني: (من الناس من كره أن يسلم دينارًا أو درهما في فلوس وهو عندنا جائز؛ لأنه لا زكاة فيه ولا في تبرها، وإنها ليست بثمن للأشياء المتلفة): "". مختصر المزني على هامش الأم (ج8، ص 174).

 

التعليق: ينظر التعليق على رقم (2).

 

4- قال إمام الحرمين (ت478): "الفلوس إذا جرت في بعض البلاد، وراجت رواج النقود، فقد ذهب شرذمةٌ من الأصحاب إلى أنها تلتحق بالنقود في الأحكام". نهاية المطلب (ج6، ص21).

 

التعليق: أفاد هذا النص أن بعض الشافعية-وإن كانوا شرذمة- ذهبوا إلى أن الفلوس لو راجت في بعض البلاد رواج النقود، فإنها تأخذ أحكام النقود من وجوب الزكاة بها، وجريان الربا فيها.. إلخ.

 

والسؤال: قياسًا على الرأي الوارد في هذا النص: ماذا لو راجت عملة من الفلوس في جميع البلدان، بل فاقت في رواجها الذهب والفضة في التعامل، أليس الأحرى والأجدر أن يكون لها جميع أحكام النقدين الذهب والفضة؟

 

5- وقال أيضًا: "لم يسمح أحد من الأصحاب بإيراد القراض على الفلوس. وإن عمّ جريانُها في بعض الأقطار، وكذلك القول في الغِطْرِيفية (دراهم كانت من أعزَ النقود ببخارى ضربها غَطْرِيف بن عطاء أمير خراسان أيام هارون الرشيد) فيما وراء النهر، والسبب فيه أن الفلوس لا يعم جريانها في البلاد الكبيرة، وإنما يتواطأ عليها أهل ناحيةٍ، ثم تكون عرضةً للكساد، ولو كسدت وركدت أسواقها، لتفاوتت تفاوتاً عظيماً". (7/ 442).

 

التعليق: علل إمام الحرمين عدم جواز أن تكون الفلوس رأس مال في المضاربة بعلتين:

العلة الأولى: أن الفلوس لا يعم رواجها في البلاد الكبيرة. (ولعل السبب هو اتساع التجارة، وتوفر النقدين في الحواضر)، وإنما يتفق على التعامل بها أهل النواحي.

 

العلة الثانية: أن الفلوس معرضة للكساد، ولو كسدت تتفاوت قيمتها تفاوتا كبيرا.

 

ونقول: مفهوم العلة الأولى أن الفلوس لو راجت في البلدان الكبيرة، لجاز أن تجعل رأس مال في المضاربة، مما يعني أنها تأخذ أحكام النقدين الذهب والفضة.

 

ومفهوم العلة الثانية: أن الحكومات المعاصرة هي الضامنة لعدم كساد الفلوس، المتحكمة في قيمتها، وبالتالي انتفت هذه العلة التي تمنع من جعْل الفلوس رأس المال في المضاربة.

 

6- وقال الغزالي (ت 505): "أما الفلوس إن راجت رواج النقود فالصحيح أنها كالعروض". الوسيط (3/ 150).

 

التعليق:

اختار هذا القول جماعة من متأخري الفقهاء، منهم الشيخ محمد عليش المالكي، والشيخ عبد الرحمن السعدي، والشيخ حسن أيوب.

 

7- وقال العمراني (ت 558): "أومأ في " الفروع " إلى وجه آخر: أنه يحرم الربا في الفلوس التي هي ثمن الأشياء وقيم المتلفات في بعض البلاد. وليس بشيء؛ لأن ذلك نادر". البيان (ج5، ص163).

 

التعليق:

أ- فاعل أومأ هو الإمام ابن الحداد صاحب كتاب الفروع.

 

ب- أومأ الإمام ابن الحداد إلى وجه بأن الفلوس إذا صارت ثمنا للأشياء وقيما للمتلفات، فإنه يجري فيها الربا، مما يعني أنها تأخذ بقية أحكام النقدين الذهب والفضة.

 

ج- خطأ العمراني هذا الوجه بأنه نادرا ما تكون الفلوس ثمنا للأشياء وقيما للمتلفات.

 

د- ومفهوم هذه التخطئة أن هذا الوجه يصبح صحيحا لو صارت هي الرائجة في غالب البلدان، فكيف الحال لو صارت الفلوس هي الرائجة في جميع البلدان؟

 

8- وقال النووي (ت 676) عن العلة القاصرة: "لغير المتعدية فائدتان: إحداهما: أن تعرف أن الحكم مقصور عليها، فلا تطمع في القياس. والثانية: أنه ربما حدث ما يشارك الأصل في العلة، فيلحق به. وأجابوا عن الفلوس بأن العلة عندنا كون الذهب والفضة جنس الأثمان غالبا، وليست الفلوس كذلك، فإنها وإن كانت ثمنا في بعض البلاد، فليست من جنس الأثمان غالبا، وإن لم تكن أثمانا". المجموع، (ج9، ص394).

 

التعليق: يلاحظ تعليل النووي جريان الربا في الذهب والفضة وعدم جريانه في الفلوس، بأن العلة في النقدين قاصرة، لا يجوز تعديتها إلى غيرهما، والسبب في ذلك: أن النقدين هما جنس الأثمان غالبا، وأن الفلوس وإن كانت ثمنا في بعض البلاد، فليست من جنس الأثمان غالبا.

 

قلت: وهذا السبب منتف حاليا، لا وجود له في زمننا الراهن، لأن الفلوس صارت هي الثمن لا في الغالب بل في جميع البلدان.

 

والسادة الشافعية لم يخطئوا في جعل العلة في النقدين قاصرة عليهما، لأن الذهب والفضة كانا النقدين المعتمدين في أغلب دول العالم في زمنهم، فرأيهم صحيح في زمنهم، غير مناسب في زمننا، لتغير الحال، وتبدل الأماكن بين النقدين والفلوس التي حلت محلهما في الرواج.

 

9- وقال النووي أيضًا: "إذا راجت الفلوس رواج النقود لم يحرم الربا فيها هذا هو الصحيح المنصوص وبه قطع المصنف والجمهور، وفيه وجه شاذ أنه يحرم حكاه الخراسانيون". المرجع السابق.

 

التعليق: هذا الكلام هو ذاته ما سبق أن نقلناه عن إمام الحرمين، فلينظر التعليق على رقم (5)، غير أن الإمام عبر بكلمة شرذمة، بينما ترجمها النووي هنا بأنهم جماعة من فقهاء خراسان.

 

10- وقال أيضا: "أما الذهب والفضة، فقيل: يثبت الربا فيهما لعينهما، لا لعلة. وقال الجمهور: العلة فيهما صلاحية الثمنية الغالبة. وإن شئت قلت: جوهرية الأثمان غالبا. والعبارتان تشملان التبر، والمضروب، والحلي، والأواني منهما. وفي تعدي الحكم إلى الفلوس إذا راجت وجه، والصحيح: أنه لا ربا فيهما لانتفاء الثمنية الغالبة.". روضة الطالبين (ج3، 379-380).

 

التعليق: انظر التعليق على النص رقم (13).

 

11- وقال الحصني: " الفلوس إذا راجت رواج الذهب والفضة هل يجري فيها الربا؟ الصحيح أنه لا ربا فيها لانتفاء الثمنية الغالبة فيها". كفاية الأخيار ص 829.

 

التعليق: انظر التعليق على النص رقم (13).

 

12- خرج الزركشي هذه المسألة على قاعدة (النادر هل يلحق بالغالب)، وقال إنه على أربعة أقسام: القسم الرابع: ما لا يلحق به على الأصح، وجعل منه: لو راجت الفلوس رواج النقود فهل تعطى حكمها في باب الربا؟ وجهان أصحهما لا اعتبار بالغالب. المنثور (ج3، ص243-244).


التعليق: انظر التعليق على النص رقم (13).

 

13- وقال زكريا الأنصاري (ت 926): "إنما يحرم الربا في الذهب والفضة، ولو حليا وإناء وتبرا، لا في الفلوس وإن راجت، وإنما حرم فيهما لعلة الثمنية الغالبة التي يعبر عنها أيضا بجوهرية الأثمان غالبا، وهي منتفية عن الفلوس وغيرها من سائر العروض". أسنى المطالب (ج2، ص22).

 

التعليق: تفيد نصوص النووي والحصني والأنصاري أن عدم جريان الربا في الفلوس بسبب انتفاء الثمنية الغالبة فيها، وهذا الانتفاء كان صحيحا في زمنهما، غير واقع في زمنناـ لأن الفلوس الآن هي الأثمان الغالبة في جميع بلدان المعمورة، مسلمها، وكافرها.

 

14- وقال ابن حجر: "لو راجت الفلوس رواج النقود ثبت لها أحكامها". الفتوى الفقهية الكبرى (ج2، ص182).

 

التعليق: هذا النص صريح أيما صراحة في أن الفلوس لو راجت رواج النقود، فإنها تأخذ أحكامها، وفائدة هذا النص: أن ابن حجر الهيتمي-وهو من محققي المذهب الشافعي ومنقحيه- جزم بالرأي، ولم يجعله وجها، بل جعله فتوى له.

 

15- وقال الشربيني (ت 977) والرملي (ت1004): "لو فسر الدراهم بما لا فضة فيه، كالفلوس، لم يقبل؛ لأنها لا تسمى دراهم، سواء أقاله مفصولا، أم موصولا. نعم: إن غلب التعامل بها ببلد بحيث هجر التعامل بالفضة، وإنما تؤخذ عوضا عن الفلوس كالديار المصرية في هذه الأزمان، فينبغي كما قاله بعض المتأخرين أن يقبل". مغني المحتاج (3/ 289)، ونهاية المحتاج (5/ 92). ومثله في حاشية الجمل على شرح المنهج (3/ 439).

 

التعليق: أفاد هذا النص أنه إن غلب التعامل بالفلوس في بلد، بحيث هجرت الدراهم الفضية وحلت محلها الفلوس، كما حدث في الديار المصرية في عصور متأخرة، وأقر شخص بأن عليه دراهم، ثم فسر هذه الدراهم بأنها فلوس، فإن بعض متأخري فقهاء الشافعية أجاز قبول تفسيره.

 

ونقل الرملي الكبير في حاشيته على أسنى المطالب قول الزنجاني في شرح الوجيز: إن كان في بلد ليس لهم نقد إلا الفلوس لا يبعد أن يقال يقبل تفسيره بها.


لكن استدرك العبادي في حاشيته على الغرر البهية قائلا: لا يخفى أن المعاملة بالدراهم الفضية في زماننا غير مهجورة في الديار المصرية؛ إذ تباع في نحو صاغتها. نعم: المعاملة بها قليلة، فلا يقبل التفسير بالفلوس. وقد وقع البحث فيما إذا أقر بثلاثة دراهم نقرة، وأجيب بأنه ينبغي لزوم ثلاثة دراهم فضة، إلا أن يفسر بثلاثة دراهم فلوس في نحو الديار المصرية في هذا الزمان فيقبل؛ لأن إطلاق النقرة على الفضة صار مهجورا فيها في هذا الزمان فليتأمل. (ج3، ص 213).


فانظر-رعاك الله- كيف راعى العبادي-وهو الشافعي القح- اختلاف الأزمان في إطلاق المسميات على النقود، وتأمل أثر ذلك في أحكامها.


تعليق عام على النصوص السابقة:

بعد تأمل النصوص السابقة نستطيع أن نستنتج ما يلي:

أولا:الشافعية -كسائر الفقهاء- يقصدون بالفلوس: عملات صغيرة القيمة مثل (المليم والنكلة في مصر قديما) مصنوعة من معادن خسيسة أقل قيمة من الذهب والفضة، ومخصصة لشراء الأشياء الحقيرة (قليلة القيمة ورخيصة الثمن) مثل حفنة ملح، أو حزمة فجل وما شابه ذلك. وبالتالي فالفلوس في عصورهم لم تكن تصلح لشراء الأشياء الجليلة كالبيوت، أو الدواب، أو الثياب، أو المصوغات والحلي، أو الأسلحة ومعدات الحرب.

 

ثانيا: الشافعية في كثير من المواضع: يجعلون الفلوس في مقابل النقود.

 

ثالثًا: إن العلماء بعد ذلك ألحقوا العملات الورقية بالفلوس، بناء على أنها مصنوعة من غير الذهب والفضة (تصنع الفلوس الورقية الآن من القطن)، واستغل ذلك من أخذ بظاهر الحديث وظاهر رأي الشافعية، وقال بعدم جريان الربا في الفلوس الورقية.

 

رابعًا: الصحيح في تكييف النقود الورقية أنها نقد قائم بذاته، ويعتبر كل نوع منها جنسًا مستقلًا، فتتعدد الأجناس بتعدد جهات الإصدار، فالجنيه المصري جنس، والريال السعودي جنس، والدولار الأمريكي جنس، والدينار الكويتي جنس.

 

خامسا: فقهاء الشافعية برآء من القول بعدم جريان الربا في النقود الورقية؛ لأنها لم تكن موجودة في أزمانهم، ولأنهم تكلموا في المسألة عندما كان الذهب والفضة هما النقد الرسمي السائد والغالب في جميع بلدان العالم، أما اللوم فيقع على المتحجرين الذين يريدون التستر وراء هذا الرأي لتمرير تعامل معين. وبناء عليه فإن الخلاف بين رأي الشافعية قديما في عدم اعتبار الفلوس نقودا يجري فيها الربا، وبين رأي العلماء المعاصرين المخالفين لهم، هو خلاف عصر وأوان، لا خلاف حجة، ودليل، وبرهان.

 

سادسًا: إن اقتلاع رأي فقهي تاريخي مبني على ظروف وأحوال تاريخية معينة، ومحاولة تركيبه على معاملات مالية تختلف كليا في حقيقتها، وتفاصيلها، وآليتها عن نظيراتها السابقات، وإيهام الجمهور أن هذا رأي الفقهاء السابقين هو من الكذب الدال على رقة دين صاحبه، وقلة أمانته، بل خيانته لله ورسوله.

 

ولو صح الجمود على رأي الشافعية ومن وافقهم في هذه المسألة، وأخذ رأيهم بحذافيره، وتطبيقه على العملات الورقية الحالية، لصح ألا يقام حد السرقة على من سرق العملات الورقية، بالغة ما بلغت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا". والآن ليس هناك دينار ولا حتى درهم.

 

فإن قال قائل: أليس أمر النقود من الخطورة والأهمية بالدرجة التي قد لا يطمئن القلب معها إذا استند الدليل فيها على مجرد العرف؟ لا سيما أن أعراف البلدان قد تتفاوت وتختلف من مكان إلى آخر، خصوصا الأماكن النائية عن بعضها؟

 

أجيب: أما بالنسبة للشق الأخير من السؤال، وهو اختلاف العرف وتفاوته فهو أولا لا يقدح في حجيته، إذا كان العرف مطردا، عاما في بلد كبير، واستوفى بقية شروط الاحتجاج به. فما بالك إذا كان هذا العرف مطردا اطرادا مطلقا في جميع بلدان الدنيا التي أصبحت تتعامل بالعملات الورقية، وتجعلها أثمانا لجميع الأشياء جليلها وحقيرها، كبيرها، وصغيرها.

 

أضف إلى ذلك أن العرف أحد الأدلة الشرعية المعتبرة، الذي اتفق على الاحتجاج به جميع المذاهب الفقهية، بما فيها المذهب الشافعي.

 

وأما الشق الأول من السؤال: فحسبي أن أقول لك: إن جميع العملات-المعدنية منها والورقية، بما فيها الذهب والفضة، إنما تستمد قيمتها من اتفاق الناس وتواطئهم على التعامل بها، وفي ذلك يقول ابن تيمية في نص مهم: "وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي، ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح، وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به؛ بل الغرض أن يكون معيارا لما يتعاملون به والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل". مجموع الفتاوى، (ج19، ص 251، 252).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من صور وأنواع الربا في الجاهلية
  • الربا في العصر الحاضر
  • موضوع عن الربا في الإسلام
  • "أصابه من غباره" خطر معاملات الربا في العصر الحاضر
  • وقفات مع حياة الإمام الشافعي (خطبة)
  • السلم في النقود

مختارات من الشبكة

  • السبب في عدم كتابة البسملة في مطلع سورة براءة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رباعيات تاج الدين ابن علي بن عبد الكافي السبكي في طبقات الشافعية الكبرى(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحفاظ على براءة الطفولة: دور الأهل في اختيار الملابس المناسبة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التحفة السنية في أسانيد كتب الفقه الشافعية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة طبقات الشافعية (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • البراءة من الكافرين(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • المحافظة على الفجر، والعشاء براءة من النفاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدروس الفقهية الميسرة: أحكام الطهارة والصلاة على مذهب السادة الشافعية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التفاؤل بالعطاس وبراءة الأطفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفوائد الحموية فيما يحتاجه طلبة الشافعية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب