• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ضياع الأمانة من أشراط الساعة
    د. ناصر بن سعيد السيف
  •  
    شروط وجوب الصوم
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التنبيه على ضعف حديث في فرضية صوم رمضان على الأمم ...
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    على رسلكما إنها حفصة
    السيد مراد سلامة
  •  
    تسبيح الكائنات لخالقها سبحانه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسراف في الطعام والشراب
    هيام محمود
  •  
    مع القرآن في رمضان (1)
    د. علي أحمد عبدالباقي
  •  
    ليلة الجن
    السيد مراد سلامة
  •  
    من آداب الصيام: تبييت النية من الليل في صوم ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    رمضان والخشية وعمارة المساجد والمصاحف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: تسمعون ويسمع منكم ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    الفاتحة وتوحيد الأسماء والصفات
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    صلاة القيام جماعة في المسجد الحرام في خلافة عمر ...
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    من يرخص لهم الفطر في رمضان
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حماية جناب التوحيد
    ولاء بنت مشاع الحربي
  •  
    حكم أكل لحم الكلاب
    وحيد بن عبدالله أبو المجد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تعدد الزوجات

تعدد الزوجات
د. شيرين لبيب خورشيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/3/2022 ميلادي - 12/8/1443 هجري

الزيارات: 4780

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعدد الزوجات

 

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدِ المرسلين، معلِّمِ النَّاسِ ما شرَّعَه ربُّ العالمين، خاتمِ النَّبيِّين والمرسلين للثَّقلين الإنسِ والجنِّ، عليه أفضلُ الصَّلاةِ والتَّسليمِ.

 

أمَّا بعدُ:

وقبلَ الحديثِ عن تعدُّدِ الزَّوجاتِ لابدَّ من التَّعرُّفِ على دليلِ مشروعيَّةِ التَّعدُّدِ، ومتى شُرِّعَ التَّعدُّدُ، وفي أي عامٍ هجريٍّ شُرِّعَ هذا التَّعدُّدُ.

 

ومعرفةِ أنَّ التَّعدُّدَ مباحٌ في الشَّرائعِ السَّماويَّةِ السَّابقةِ كاليهوديَّةِ والنَّصرانيَّةِ...

 

أما في الجاهليَّةِ فقدْ كانوا يبيحون للرَّجلِ أن يجمعَ في عصمتِه من الزَّوجاتِ ما شاءَ دونَ التَّقيُّدِ بعددٍ.

 

وقدْ وردَتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ في البخاريِّ فمنهم من كانَ يجمعُ بينَ أكثرَ من أربعِ نسوةٍ...

 

أمَّا الدَّليلُ على مشروعيَّتِه فقد نزلَتِ الآياتُ في سورةِ النِّساءِ -وهي سورةٌ مدنيَّةٌ تنزَّلَتْ بعدَ سورةِ البقرةِ والأنفالِ وآلِ عمرانَ، ثمَّ الأحزابِ، فالممتحنةِ، ثمَّ النِّساءِ[1].

 

وسمِّيتْ بسورةِ النِّساءِ (سورةُ النِّساءِ الكبرى) لكثرةِ ما فيها من أحكامٍ تتعلَّقُ بالنِّساءِ، وسمِّيتْ سورةُ الطَّلاقِ في مقابلِها (سورةُ النِّساءِ الصُّغرى)، وتعتبرُ سورةُ النِّساءِ السُّورةُ التي تحدَّثَتْ عنْ أحكامِ الأسرةِ بنحوٍ مطوَّلٍ عن أحكامِ المرأةِ بنتًا وزوجةً وسنتحدَّثُ بالتَّفصيلِ عنِ السَّببِ في نزولِ بعضِ الآياتِ لنستدلَّ على مشروعيَّةِ التَّعدُّدِ في الزَّوجاتِ.

 

ففي سورةِ النِّساءِ حدَّدَ التَّشريعُ الإسلاميُّ عددَ الزَّوجاتِ على ألا يزيدَ الجمعُ عنْ أربعِ زوجاتٍ في ذمَّتِه.

 

والأهمُّ من ذلك حدَّدَ شروطَ التَّعدُّدِ في الزَّواجِ وسنتحدَّثُ عنها بالتَّفصيلِ.

 

ولكنْ قبلَ الحديثِ عن شروطِ التَّعدُّدِ عليك أختاه أنْ لا تنكري ما أباحَه اللهُ عزَّ وجلَّ وما أحلَّه اللهُ عزَّ وجلَّ، ولسْتُ بصددِ التَّحدُّثِ عمَّا تقبلُه المرأةُ في وقتِنا الحاضرِ من عدمِ التَّعدُّدِ، أو تحرِّمُ ما أحلَّه اللهُ عمومًا، وليسَ فقطْ هذا التَّشريعُ...

 

معَ العلمِ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عَلِمَ أنَّ طبيعةَ المرأةِ الغيرةُ من أنْ يشاركَها في زوجِها غيرُها من النِّساءِ، وهي غيرُ ملومةٍ على وجودِ هذه الغيرةِ، فإنَّ الغيرةَ في خيارِ النِّساءِ الصَّالحاتِ منَ الصَّحابيَّاتِ بلْ ومنْ أمَّهاتِ المؤمنين، ولكنْ لا يجبُ أنْ تحملَها الغيرةُ على الاعتراضِ على ما شرعَه اللهُ تعالى، بلْ ألَّا تمانعَ في ذلك إنْ تحقَّقَتْ شروطُ تعدُّدِ الزَّوجاتِ كما سنبيِّنُ ذلك وسنرى أنَّ شروطَ التَّعدُّدِ ليسَ رضا الزَّوجةِ شرطًا في جوازِ التَّعدُّدِ، وقدْ سئلَتِ اللجنةُ الدَّائمةُ للإفتاءِ عن هذا الشَّرطِ وأجابَتْ عنه...

 

نعودُ الآنَ إلى سورةِ النِّساءِ وأهمِّيَّةِ تقوى اللهِ عزَّ وجلَّ لكلِّ من الرَّجلِ والمرأةِ، والأهمُّ ما خصَّه اللهُ بحسنِ التَّعاملِ معَ الزَّوجةِ وعلى تقبُّلِها كما هي، وأنْ يستمتعَ بها على ما بها من عوجٍ، وليسَ العوجُ إلَّا دليلٌ على وجودِ العاطفةِ لديها وقدْ تحدَّثْتُ عن هذا الأمرِ بالتَّفصيلِ الممتعِ في كتابي الأوَّلِ من موسوعةِ المرأةِ المسلمةِ: (حوَّاءُ تكوينها وخصائصُها)[2]، وأهمِّيَّةُ العودةِ دومًا إلى ما أمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ بحسنِ التَّعاملِ معَ الأرحامِ وفي نهايةِ الآيةِ الأولى ختمت ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾، ليأتيَ بعدَها مباشرةً الآياتُ البيِّناتُ التي تتحدَّثُ عنِ اليتامى قالَ تعالى: ﴿ وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا * وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النِّساء:٢-٤].

 

سببُ النُّزولِ:

قالَ مقاتلٌ والكلبيُّ: نزلَتْ في رجلٍ من غطفانَ كانَ عندَه مالٌ كثيرٌ لابنِ أخٍ له يتيمٌ، فلمَّا بلغَ اليتيمُ طلبَ المالَ، فمنعَه عمُّه، فترافعا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنزلَتْ هذه الآيةُ، فلمَّا سمعَها العمُّ قالَ: (أطعنا اللهَ وأطعنا الرَّسولَ، نعوذُ باللهِ من الحوبِ الكبيرِ، فدفعَ إليه مالَه، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: منْ يوقَ شحَّ نفسِه ورجعَ به هكذا، فإنَّه يحلُّ دارَه، يعني جنَّتَه، فلمَّا قبضَ الفتى مالَه أنفقَه في سبيلِ اللهِ تعالى، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثبتَ الأجرُ وبقيَ الوزرُ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، قدْ عرفْنا أنَّه ثبتَ الأجرُ فكيفَ بقيَ الوزرُ، وهو ينفقُ في سبيلِ اللهِ؟ ثبتَ الأجرُ للغلامِ وبقيَ الوزرُ على والدِه[3].

 

أمَّا نزولُ الآيةِ الثَّالثةِ: روى الصَّحيحان وغيرُهم عن عروةَ بنِ الزُّبيرِ أنَّه سألَ خالَتَه عائشةَ أمِّ المؤمنين رضيَ اللهُ عنها عن هذه الآيةِ[4]، فقالَتْ: يا بنَ أختي، هذه اليتيمةُ تكونُ في حجرِ وليِّها، يشركُها في مالِها، ويعجبُه مالُها وجمالُها، فيريدُ أنْ يتزوَّجَها من غيرِ أنْ يقسطَ في صداقِها، فلا يعطيها مثلَ ما يعطي أترابَها منَ الصَّداقِ، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن ينكحوا ما طابَ لهم منَ النِّساءِ مثنى وثلاثَ ورباعَ.

 

وقولُه: ﴿ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾: أي انكحوا من شئتُم منَ النِّساءِ سواهنَّ إنْ شاءَ أحدُكم ثنتين، وإنْ شاءَ ثلاثًا، وإنْ شاءَ أربعًا، كما قالَ تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر:١] أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثةٌ، ومنهم من له أربعةٌ، ولا ينفي ماعدا ذلك في الملائكةِ لدلالةِ الدليلِ عليه، بخلافِ قصرِ الرَّجلَ على أربعٍ فمن هذه الآيةِ كما قالَ ابنُ عبَّاسَ وجمهورُ العلماءِ، لأنَّ المقامَ مقامَ امتنانٍ وإباحةٍ، فلو كانَ يجوزُ الزَّواجُ بأكثرَ من أربعٍ لذكرَه.

 

قالَ الشَّافعيُّ: وقدْ دلَّتْ سنَّةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المبيَّنةُ عنِ اللهِ، أنّه لا يجوزُ لأحدٍ غيرَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يجمعَ بينَ أكثرَ من أربعِ نسوةٍ، وهذا الذي قالَه الشَّافعيُّ مجمعٌ بينَ العلماءِ[5].

 

فقدْ روى أبو داودَ عنْ عميرةَ الأسديِّ قالَ: أسلمتُ وعندي ثمانُ نسوةٍ فذكرتُ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: اخترْ منهنَّ أربعًا[6].

 

وروى الشَّافعيُّ في مسندِه عن نوفلَ بنِ معاويةَ الدَّيليِّ قالَ: أسلمْتُ وعندي خمسُ نسوةٍ، فقالَ لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اخترْ أربعًا أيتهنَّ شئتَ، وفارقِ الأخرى" فعمدْتُ إلى أقدمِهنَّ صحبةً عجوزٌ عاقرٌ معي منذُ ستِّينَ سنةٍ فطلَّقتُها، فهذه كلُّها شواهدُ لحديثِ غيلانَ كما قالَ البيهقيُّ[7].

 

لتأتيَ بعدَها الآياتُ: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النِّساء:٣].

 

ثمَّ أكَّدَ اللهُ تعالى ضرورةَ التزامِ العدلِ بينَ الزَّوجاتِ المتعدِّداتِ ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا… ﴾، فذكر إنْ خفتُم ألَّا تعدلوا حالَ تعدُّدِ الزَّوجاتِ، فعليكم أنْ تلزموا الزَّواجَ بواحدةٍ، فإنَّ من يباحُ له التَّعدُّدُ هو من يثقُ بنفسِه بتحقيقِ العدلِ المأمورِ به صراحةً في قولِه تعالى: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النِّساء:١٢٩]، وقد يحملُ هذا العدل في ميلِ القلبِ، ولولا ذلك لكانَ مجموعُ الآيتين منتجًا عدمَ جوازِ التَّعدُّدِ بوجهٍ ما.

 

والخوفُ من عدمِ العدلِ يشملُ حالَ الظَّنِّ والشَّكِّ في ذلك، فإمَّا أن تقتصروا على واحدةٍ من الحرائرِ أو تقتصروا على الاستمتاعِ بما تشاؤون من الإماءِ، بطريقِ التَّسرِّي لا بطريقِ النِّكاحِ لعدمِ وجوبُ العدلِ بينهنَّ، وإنَّما المطلوبُ فقطْ حقُّ الكفايةِ في نفقةِ المعيشةِ بحسبِ العرفِ.

 

تحدَّثنا سابقًا عن أحكامِ الزَّواجِ وتحدَّثنا عنِ الحقوقِ والواجباتِ عندَ كلٍّ من الزَّوجِ والزَّوجةِ لذا سنسلِّطُ الضَّوءَ على معنى حكمِ التَّعدُّدِ وأهمِّ شروطِه.

 

من دليلِ هذه الآيةِ ﴿ أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾ يتبيَّنُ أنَّ التَّعدُّدَ ما يجعلُه مندوبًا، أو مكروهًا، أو محرَّمًا، وذلك تبعًا لاعتباراتٍ وأحوالٍ تتعلَّقُ بالشَّخصِ الذي يريدُ تعدُّدَ الزَّوجاتِ.

 

فما هي الشُّروطُ الواجبةُ لتعدُّدِ الزَّوجاتِ؟

اشترطَتِ الشَّريعةُ لإباحةِ التَّعدُّدِ شرطين جوهريَّينِ هما:

1- توفيرُ العدلِ بينَ الزَّوجاتِ: أي العدلُ الذي يستطيعُه الإنسانُ، ويقدرُ عليه، وهو التَّسويةُ بينَ الزَّوجاتِ في النَّواحي المادِّيَّةِ من نفقةٍ وحسنِ معاشرةٍ ومبيتٍ، فإنَّه تعالى أمرَ بالاقتصارِ على واحدةٍ إذا خافَ الإنسانُ الجورَ وعدمَ العدلِ بينَ الزَّوجاتِ.

 

2- القدرةُ على الإنفاقِ: لا يحلُّ شرعًا الإقدامُ على الزَّواجِ، سواءً بواحدةٍ أو من أكثرَ إلَّا بتوافرِ القدرةِ مؤنِ الزَّواجِ وتكاليفِه، والاستمرارِ في أداءِ النَّفقةِ الواجبةِ للزَّوجةِ على الزَّوجِ، لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "يا معشرَ الشَّبابِ، من استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّجْ…[8] والباءةُ مؤونةُ النِّكاحِ[9].

 

ولكن قدْ يطرأُ على التَّعدُّدِ ما يجعلُه مندوبًا، أو مكروهًا، أو محرَّمًا، وذلك تبعًا لاعتباراتٍ وأحوالٍ تتعلَّقُ بالشَّخصِ الذي يريدُ التَّعدُّدَ:

♦ فإذا كانَ الرَّجلُ بحاجةٍ لزوجةٍ أخرى: كأنْ لا تعفُّه زوجةٌ واحدةٌ، أو كانَتْ زوجتُه الأولى مريضةً أو عقيمًا، وهو يرغبُ بالولدِ، وغلبَ على ظنِّه أنَّه يقدرُ على العدلِ بينَهما، كانَ هذا التَّعدُّدُ مندوبًا، لأنَّ فيه مصلحةً مشروعةً، وقدْ تزوَّجَ كثيرٌ من الصَّحابةِ رضيَ اللهُ عنهم بأكثرَ من زوجةٍ واحدةٍ.

 

المندوبُ: النَّدبُ لغةً هو الدُّعاءُ إلى الفعلِ.

 

المندوبُ اصطلاحًا هو ما طلبَ الشَّارعُ فعلَه من المكلَّفِ طلبًا غيرَ حتمٍ، وأمَّا معناه بخواصِّه فهو ما يُحمدُ فاعلُه ولا يُذمُّ تاركُه[10].

 

♦ إذا كانَ التَّعدُّدُ لغيرِ حاجةٍ، وإنَّما لزيادةِ التَّنعُّمِ والتَّرفيهِ، وشكَّ في قدرتِه على إقامةِ العدلِ بينَ زوجاتِه، فإنَّ هذا التَّعدُّدَ يكونُ مكروهًا، لأنَّه لغيرِ حاجتِه، ولأنَّه ربَّما لحقَ بسببِه ضررٌ بالزَّوجاتِ من عدمِ قدرتِه على العدلِ بينهنَّ.

 

المكروهُ: هو ما طلبَ الشَّارعُ تركَه لا على وجهِ الحتمِ والإلزامِ، وتعريفُه بالخواصِّ أو بالحكمِ: هو ما يمدحُ تاركُه ولا يذمُّ فاعلُه[11].

 

♦ وإذا غلبَ على ظنِّه، أو تأكَّدَ أنَّه لا يستطيعُ إنْ تزوَّجَ أكثرَ من واحدةٍ أنْ يعدلَ بينهنَّ إمَّا لفقرِه أو لضعفِه، أو لعدمِ الوثوقِ من نفسه في الميلِ والحيفِ فإنَّ التَّعدُّدَ عندئذٍ يكونُ حرامًا، لأنَّ فيه إضرارًا بغيرِه.

 

والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "لا ضررَ ولا ضرارَ"[12].

 

ويجبُ أن يعلمَ لو عدَّدَ الزَّوجُ في الحالتين الأخيرتين، وعقدَ على ثانيةٍ أو ثالثةٍ، كانَ العقدُ صحيحًا، وترتَّبتْ عليه آثارُه من حلِّ المعاشرةِ، ووجوبِ المهرِ، والنَّفقةِ وغيرِها، وإن كانَ مكروهًا في الثانيةِ وحرامًا في الثَّالثةِ، فالحرمةُ توجبُ الإثمَ ولا تبطلُ العقدَ[13].

 

ولستُ بصددِ التَّحدُّثِ عن الحكمةِ من إباحةِ التَّعدُّدِ فقدْ أفادَتْ كتبُ الفقهِ الخاصِّ بأحكامِ الأسرِ الحديثَ عنِ الحكمةِ من تعدُّدِ الزَّوجاتِ خاصَّةً في أيَّامِنا هذه.

 

ولكنْ أعودُ من جديدٍ معَ سورةِ النِّساءِ والدَّليلِ على حكمةِ التَّعدُّدِ معَ شرطيِّ العدلِ والانفاقِ والخوفِ من عدمِ العدلِ المطلوبِ بينَ النِّساءِ، وخاطبَ الرَّجلَ بإعطاءِ الزَّوجاتِ مهورَهنَّ عن طيبِ نفسٍ دونَ تلكُّؤٍ، رمزًا للمودَّةِ التي تقومُ بينَ الزَّوجين، وعنوانًا على المحبَّةِ وتكريمِ المرأةِ.

 

فإنْ تحقَّقَتِ استطاعةُ الزَّوجِ التَّعدُّدَ في الزَّوجاتِ فما على الزَّوجِ إلَّا التَّعرُّفُ على أحكامِ التَّعدُّدِ، خاصَّةً في وقتِنا الحاضرِ.

 

وأهمسُ في أذنِك أيَّتُها المؤمنةُ ألَّا تعمِّمي هذه الأحكامَ فلكلِّ امرأةٍ وضعُها الخاصُّ بها.

 

فبعدَ معرفةِ أحكامِ التَّعدُّدِ من مندوبٍ ومكروهٍ وحرامِ، أصبحَ واضحًا لك أنَّ لكلِّ حالةٍ من حالاتِ التَّعدُّدِ وضعٌ حسبَ الوضعِ الاجتماعيِّ، فلا تحرِّمي التَّعدُّدَ مع العلمِ أنَّه مباحٌ فلا تحرِّمي ما شرَّعه اللهُ عزَّ وجلَّ، فمنكرُ ما شرَّعَه اللهُ عزَّ وجلَّ كافرٌ مرتدٌّ عن الإسلامِ لأنَّه -نعوذ باللهِ- منكرٌ لحكمٍ اللهِ وكارهٌ لما شرعَ اللهُ، واللهُ يقولُ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمَّد:٩].

 

من كرهَ ما أنزلَ اللهُ حبطَ عملُه، فالذي يكره تعدُّدَ الزَّوجاتِ ويرى أنَّ الشَّريعةَ - يعني قدْ ظلمتْ أو أنَّ في حكمِ اللهِ في هذا ناقصٌ... هذا كلُّه ردَّةٌ عنِ الإسلامِ نعوذُ باللهِ منه[14] -.

 

رجاءً الانتباهُ إلى أنَّ الحلالَ والحرامَ هو للهِ عزَّ وجلَّ فلا تتسرَّعي وتحرِّمي وتحلِّلي على هواكِ فإنَّه بابٌ من أبوابِ الشِّركِ باللهِ، قالَ تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النَّحل:١١٦].

 

فالمعلومُ قطعًا أنَّ التَّشريعَ المطلقَ -تحريمًا وتحليلًا-إنَّما هو حقٌّ خالصٌ للهِ تعالى.

 

وفي الختامِ تعدُّدُ الزَّوجاتِ في الإسلامِ أمرٌ دينيٌّ تشريعيٌّ، وردَتْ أدلَّتُه في القرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ المطهَّرةِ، وقدْ دلَّتْ كتبُ الفقهاءِ الأربعُ التَّفصيلَ في كتابِ النِّكاحِ وما اشتملَتْ عليه من أحكامِ شريعةٍ التي تحدَّثَتْ مطوَّلًا عن أهمِّيَّةِ العدلِ الذي هو شرطٌ من شروطِ التَّعدُّدِ، والعدلُ هو بحسنِ العشرةِ – وعاشروهنَّ بمعروفٍ – والتَّسويةُ في الحقوقِ المقدورِ عليها من نفقةٍ وكسوةٍ ومبيتٍ، والأهمُّ عدمُ الظلمِ بينهنَّ.

 

فمن استطاعَ أنْ يعدلَ ولديه القدرةُ على الإنفاقِ يقدِمُ على هذه الخطوةِ مع دراسةِ كلِّ تبعاتِ ما سيحدثُ في حياتِه الاجتماعيَّةِ وخاصَّةً في تربيةِ الأولادِ...

 

أدعو اللهَ عزَّ وجلَّ لنا جميعًا أن نقولَ سمعْنا وأطعْنا ربَّنا وتقبَّلْ منَّا جميعَ أعمالِنا واجعلْها خالصةً لوجهِك الكريمِ.

 

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.



[1] السيوطي، جلال الدين، الإتقان في علوم القرآن، دار الكتب العلمية، لبنان، المجلد الأول، ص20.

[2] شيرين لبيب خورشيد، موسوعة المرأة المسلمة، حواء تكوينها وخصائصها، ص50 - 51.

[3] الواحدي النيسابوري، أبي الحسن، أسباب النزول، جدة/ بيروت، دار القبلة للثقافة الإسلامية، ط3، 1407هـ/ 1987م، ص174.

[4] رواه البخاري، كتاب النكاح، باب: لا يتزوج أكثر من أربع حديث رقم: (5098)، رواه مسلم، حديث رقم: (3018)، الحديث كاملاً أنَّه سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عن قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ﴾ إلى ﴿ وَرُبَاعَ ﴾ [النساء: 3]، فَقالَتْ: يا ابْنَ أُخْتي، هي اليَتِيمَةُ تَكُونُ في حَجْرِ ولِيِّهَا تُشَارِكُهُ في مَالِهِ، فيُعْجِبُهُ مَالُهَا وجَمَالُهَا، فيُرِيدُ ولِيُّهَا أنْ يَتَزَوَّجَهَا بغيرِ أنْ يُقْسِطَ في صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ ما يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أنْ يَنْكِحُوهُنَّ إلَّا أنْ يُقْسِطُوا لهنَّ، ويَبْلُغُوا بهِنَّ أعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاق، وأُمِرُوا أنْ يَنْكِحوا ما طَابَ لهمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قالَ عُرْوَةُ: قالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بَعْدَ هذِه الآيَةِ، فأنْزَلَ اللهُ: ﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ﴾ [النساء: 127]، والذي ذَكَرَ اللهُ أنَّه يُتْلَى علَيْكُم في الكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى الَّتي قالَ فِيهَا: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 3]. قالَتْ عَائِشَةُ: وقَوْلُ اللهِ في الآيَةِ الأُخْرَى: ﴿ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ﴾ [النساء: 127]، يَعْنِي: هي رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ لَيَتِيمَتِهِ الَّتي تَكُونُ في حَجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ والجَمَالِ، فَنُهُوا أنْ يَنْكِحُوا ما رَغِبُوا في مَالِهَا وجَمَالِهَا مِن يَتَامَى النِّسَاءِ إلَّا بالقِسْطِ، مِن أجْلِ رَغْبَتِهِمْ عنْهنَّ.

الراوي: عائشة أم المؤمنين/ المحدث: البخاري/ المصدر: صحيح البخاري.

[5] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، الجزء الأول، ص459، رجاء العودة إلى تفسير الآيات.

[6] أبو داود، كتاب الطلاق، باب: من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان، حديث رقم: (2241).

[7] مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح، كتاب النكاح، باب: المحرمات، حديث رقم: (3177).

[8] رواه البخاري، كتاب الصوم، باب: الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، حديث رقم: (1905).

[9] وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ/ 1989م، الجزء السابع، ص168.

[10] المستصفى 1/ 42، كشف الأسرار على أصول البزدوي 1/ 622، ولمن أرادت الاستزادة لمعرفة مصطلح المندوب تعود إلى كتب أصول الفقه الإسلامي.

[11] المستصفى 1/ 43، الإحكام للآمدي 1/ 63.

[12] ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضرّ جاره، حديث رقم: (2341).

[13] مصطفى الخن، الفقه المنهجي (أحكام الأسرة وملحقاتها)، الجزء الرابع، ص35 - 36.

[14] المستصفى 1/ 43، الإحكام للآمدي 1/ 63.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • حول تعدد الزوجات
  • حكم تعدد الزوجات
  • حكمة مشروعية تعدد الزوجات
  • تعدد الزوجات

مختارات من الشبكة

  • التعدد وجهة نظر أخرى (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كينيا: قانون يبيح تعدد الزوجات دون موافقة الزوجة الأولى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تعدد الزوجات بين المطالبة العصرية والإباحة الشرعية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تعدد الزوجات في الإسلام(مقالة - المترجمات)
  • لا للتعدد في المعاصي والتقلب فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول تعدد الزوجات في الإسلام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • دفاع المنصفين الغربيين عن تعدد الزوجات(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • وقفة مع تعدد الزوجات(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • العدوان على تعدد الزوجات(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حقائق تاريخية عن تعدد الزوجات(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/9/1444هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب