• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

العلة في المصطلح الأصولي (3)

العلة في المصطلح الأصولي (3)
عصام الدين بن إبراهيم النقيلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2022 ميلادي - 9/8/1443 هجري

الزيارات: 36175

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلة في المصطلح الأصولي

(الجزء الثالث)

 

مسالك العلة:

المسالك في اللغة:

جمع مسلك؛ وهو مكان السلوك؛ أي: المرور[1].

 

واصطلاحًا:

الطريق التي يتوصَّل بها إلى معرفة العلة الموجودة في الأصل، وتمييزها عن سائر الأوصاف الأخرى[2].

 

وطرق إثبات العلَّة هي: النَّصُ من الكتاب أو السنَّة، والإجماع، والاستنباط، والاستنباط بنفسه تندرج تحته أقسام سنتطرق لها[3].

 

قال العابدي رحمه الله تعالى في منظومته:

ويحصلُ الْعلمُ بأصلِ الْعلَّهْ
أو ظنُّها بهذه الْأدلَّهْ
النَّصُّ والإيماءُ والمناسبهْ
والسَّبرُ والتَّقسيمُ منْ بعدِ شبهْ
والسَّادسُ الدَّوْرانُ ثمَّ الطَّردُ
كذاك تنقيحُ الْمناطِ بعدُ

 

ويمكن تقسيم طرق إثبات العلة إلى طريقين: طريق النقل، وطريق العقل:

الطريق الأوَّل: النَّقلي:

وهو على ثلاثة أقسام: النص، والإيماء والتنبيه، والإجماع:

وهو أن يدل دليل من الكتاب أو من السنة، أو الإجماع، أو ينبِّه على العلَّة التي من أجلها وُضع الحكم، والنص أو الإجماع على العلة نص أو إجماع على فروعها.

 

المسلك الأوَّل: النص:

وهذا النوع ينقسم إلى قسمين: علة صريحة، وغير صريحة:

القسم الأوَّل: العلة الصريحة:

وهي التي وُضعت لإفادة التَّعليل، بحيث لا تحتمل غير العلَّة[4].

 

قال الآمدي: الصريح هو الذي لا تحتاج فيه نظر ولا استدلال، بل يكون اللفظ موضوعًا في اللغة له[5].

 

وهي التي تُؤخَذ مِن دلالة قطعية أو ظاهرة:

والقطعية: أي: المتواترة الواضحة البيِّنة؛ كقوله تعالى على لسان عيسى عليه السلام: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾ [المائدة: 72]، فقطعًا علَّةُ تحريم الجنة الشِّركُ بالله تعالى.

 

والصِّيَغ اللُّغَوية في هذه الحالة، التي يُعبَّر بها عن العلَّة في القرآن والسُّنة منها: لكيلا، لئلَّا، من أجل ذا، كي لا، وإذًا، وغيرها.

 

مثال:

قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ﴾ [الأحزاب: 37].

 

أي: علَّة ذلك إباحة زواج الرجل من زوجة ربيبه، إذا قضى منها حاجته، ثمَّ طلقها.

 

وقوله تعالى: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]؛ أي: علَّة إرسال الرُّسل قيام حجَّة الله تعالى على النَّاس، وعدميَّة حجَّتهم عليه تعالى بعد الرسل.

 

وقوله تعالى: ﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 30 - 32].

 

أي: فمن قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في أرض، فكأنَّما قتل النَّاس جميعًا، وعلَّة ذلك قتل قابيل بن آدم أخاه هابيل بغير حقٍّ.

 

وقوله تعالى: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [الحشر: 7].

 

أي: وعليَّة ذلك، أن يبقى الفيء دولة؛ أي: يتداوله الأغنياء منكم بينهم، يصرفه هذا مرَّة في حاجات نفسه، وهذا مرَّة في أبواب البرِّ وسُبل الخير، فيجعلون ذلك حيث شاؤوا، ولكننا سننَّا فيه سنة لا تُغير ولا تُبدَّل[6].

 

القسم الثاني: العلة غير الصريحة:

فهي النص الظاهر الذي دلَّ على العلَّة، التي تؤخذ من معنًى راجحٍ؛ كقوله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [إبراهيم: 1]، فعِلَّةُ إنزال الكتاب إخراجُ الناس من الظلمات إلى النور، وهذا هو المعنى الراجح، وتَحتَمِلُ الآيةُ أن اللام للعاقبة؛ أي: عاقبة إنزال الكتاب خروج الناس من الظلمات إلى النور، وهو معنًى مرجوح.

 

ومن ألفاظه: اللام، والباء، وأنْ، وإنَّ.

 

أمَّا "اللام": مثال قوله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [إبراهيم: 1]، فاللام هنا كما سبق وأشرنا أنها للتعليل، ويحتمل أن تكون للعاقبة؛ قال صاحب التنقيح: "اللام في اللغة تأتي للتعليل، وتحتمل أن تكون للعاقبة، وتستعمل للملك، ولو أُضيفت إلى الوصف تعيَّنت للتعليل"[7].

 

وأمَّا "الباء": فكما في قوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]؛ أي: بسبب رحمة الله تعالى، والباء لها استعمالات أخرى، كالإلصاق، والتعدية، والاستعانة، والمصاحبة، وغيرها؛ ولهذا جُعلت من قبيل الظاهر لاحتمال غير التعليل[8].

 

وأمَّا "أنْ": الناصبة فهي بمعنى "لئلَّا"، والفعل المستقبل بعدها تعليل لما قبله؛ كقول الله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ [الأنعام: 156]؛ أي: لئلَّا تقولوا إنَّما أُنزلَ الكتابُ علَى طائفتينِ منْ قبلنا.

 

وأمَّا "إنْ": فكقوله صلى الله عليه وسلم في طهارة الهرَّة: ((إنَّها منَ الطوَّافين عليكمْ والطوَّافات))[9]، فعلَّل صلى الله عليه وسلم طهارة الهرَّة بالطواف عليهم.

 

المسلك الثاني: الإيماء والتَّنبيه، ويعبَّر عنه بالعلَّة غير الصريحة:

ولكن يجب التنبيه على أنَّ بعض الأصوليين يقسم العلَّة الصريحة وغير الصريحة بالنص والظاهر فقط، وعلى هذا فهو يحمل الإيماء والتنبيه إلى العلل التي تعرف من مسلك العقل، وهو صحيح، لأنَّه رأى بأنَّ فيها جهدًا يبذله العالم، ولكننا نظرنا على أنَّ العلَّة دفينة في النصِّ، ولا يُطلَّع عليها إلَّا بالإيماء والتنبيه، وعلى هذا، فمسلك الإيماء والتنبيه من جنس العلة غير الصريحة.

 

وهي التي لا تكونُ واضحةً في النص، وتؤخذ من دلالة الإيماء والتنبيه؛ أي: الوصف الذي لولاه لَمَا كان للحكم معنًى، فدلالته على العلَّة غير صريحة، ولكنَّه يشير إليها وينبِّه عليها، وذلك بأن توجد قرينة تدل على العلة؛ كقوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، فحكم جلد الزاني لولا وصف الزنا، لَما كان له معنًى، والمعنى أنَّه لم يذكر الفعل، بل ذكر الوصف.

 

والإيماء والتنبيه على أنواع؛ منها:

1) تعليق الحكم على العلة بالفاء، وهذا يفيد العلِّيَّة باتِّفاق، وهو بدوره على أنواع:

أ) أن تدخل الفاء على العلة ويكون الحكم متقدِّمًا:

كقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته ناقته: ((ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ، قالَ أَيُّوبُ: يُلَبِّي، وقالَ عَمْرٌو: مُلَبِّيًا))[10].

 

فعلَّة بعثهِ ملبيَّا؛ لأنَّه مات ملبيًّا في الحجِّ، ولكنَّ هذا غير صريح في النصِّ، إلَّا أنَّه أومأ ونبَّه صلى الله عليه وسلم: ((فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا)).

 

ب) أن تدخل الفاء على الحكم، وتكون العلة متقدِّمة:

فهذا تنبيه على تعليل الحكم بالفعل الذي رُتِّب عليه؛ كقوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38]، فدل هذا أنَّ القطع معلَّل بفعل السرقة.

 

وقوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، فعلة الجلد هو الزِّنا، فهذا الاقتران بين الحكم والوصف يدلُّ على أنَّ الوصف الذي اقترن بالحكم هو علَّته، ومن هنا قال الأصوليُّون: تعليق الحكم بالمشتقِّ يُؤذنُ بعليَّة ما منه الاشتقاق[11].

 

ج) تعليق الحكم بالفاء من غير كلام الشارع:

أي: ما رتَّبه الراوي بالفاء؛ كقول عمران بن حصين: ((أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم فَسَهَا، فسجد سجدتين، ثمَّ تشهَّدَ ثمَّ سلَّمَ))[12]، فعلَّة سجوده صلى الله عليه وسلم هو السهو، فهذه صيغة من الراوي تدلُّ على أنَّه فهمَ الحكمَ وفهم علَّته، فالفاء في اللغة ظاهرة في التعقيب، وأنَّها سببه؛ إذِ السبب ما ثبت الحكم عقبه، ولهذا تفهم السببيَّة مع عدم المناسبة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ((من مسَّ ذكره فليتوضَّأ))[13].

 

2) ترتيب الحكم على وصف بصيغة الجزاء:

كقوله تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ﴾ [الأحزاب: 30]؛ لأنَّ الجزاء يتعقب الشرط ويُلازمه.

 

وعلَّة مضاعفة العذاب أنَّهنَّ نساء النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا فُهمَ من النصِّ ولم يُصرِّح به، وفُهمَ بترتيب الحكم عليهنَّ إذا ما اتصفن بوصف ما.

 

3) أن تأتي العلَّة بشكل الإيماء والتنبيه على شكل سؤال:

كما في الحديث: ((جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟...))[14].

 

وهذا يدل على أنَّ الوقاع علَّة للعتق، وهذا لم يكن صريحًا ولكن فُهمَ من النصِّ الذي كان على شكل سؤال.

 

4) وكذلك تأتي على صيغة الجواب:

كقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219]؛ أي: علة تحريم الخمر والقمار رُجحان ضررِهما، وهذا لم يكن صريحًا، ولكنَّه فُهمَ من النص الذي جاء في شكل جواب للسؤال.

 

المسلك الثالث: الإجماع:

وهو اتفاق المجتهدين من الأمَّة في عصر من العصور على أمر من الأمور، ومرادنا هنا، هو أن يجتمعوا على أن هذا الحكم علَّته كذا؛ كالإجماع على أنَّ العلة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يقضِي القاضِي وهوَ غضبانٌ))[15]، أنَّ علَّته اشتغال قلبه عن الفكر والنَّظر في الدليل والحكم، وعلى هذا فيُقاس عليه اشتغاله بالجوع أو العطش، أو الخوف أو الألم، ونحو ذلك مما يشوِّش الفكر.

 

وكذلك إجماعهم على علَّة تقديم الأخ الشقيق على الأخ من الأب في الإرث، وهي امتزاج النسبين، فيُقاس عليه تقديمه في ولاية النكاح وغيرها، وكإجماعهم على أنَّ الصِّغر علَّة في الولاية المالية، فيقاس عليه الولاية في التَّزويج[16].

 

الطريق الثاني: العقلي: أي: استنباط العلةِ بالعقل:

ويدخل تحته: السبر والتقسيم، والشبه، الدوران، والمناسبة،والطرد، وتنقيح المناط، ويتبعه تخريج المناط، وتحقيق المناط[17].

 

المسلك الرابع: السبر والتَّقسيم:

وهذا المسلك يسمَّى بالسبر فقط، وبالتقسيم فقط، وبهمَا معًا.

 

والسَّبرُ: هو حصر العلةِ، أو الوقوف على العلة، فيميِّزُ المجتهدُ الصالح للتعليل من غيره.

 

وأمَّا التقسيم: فهو افتراض العلة، أو حصر الأوصاف التي يمكن التعليل بها[18].

 

وتعريف السبر والتقسيم معًا هو: حصر الأوصاف التي يُتوهَّم صلاحيتها للتعليل، ثم اختبارها وسبرها لإبطال ما لا يصلح منها للتعليل.

 

مثال: قوله تعالى: ﴿ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 78]، وهذه الآية ردٌّ على العاص بن وائل لمَّا قال: لأوتينَّ مَالًا وولدًا[19]، فيُعمل هنا بالسبر والتقسيم ليُنظر إلى علَّة قول العاص بن وائل، فيُرد عليه بأنَّ مستندهُ لا يخلو من ثلاثة أمور، وهذا ما يسمى باختيار الأوصاف؛ أي: السبر:

الأمر الأوَّل: أن يكون قد اطلع الغيب، وعلم أنَّ الله تعالى قد كتب ذلك في لوحه المحفوظ.

 

الأمر الثاني:أن يكون الله تعالى قد أعطاه عهدًا بذلك، فلن يُخلف الله وعده.

 

الأمر الثالث: أن يكون قد قال ذلك افتراء على الله تعالى، لا من عهد ولا اطلاع.

 

وبعد هذا السبر والحصر يبدأ التقسيم والتمييز واختيار الصالح للاعتلال به من غيره:

فلا شكَّ أنَّ القسم الأول والثاني باطلان؛ لأنه لم يطلع على الغيب؛ ودليله قوله تعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 26]، ولم يأخذ عند الله تعالى عهدًا؛ لأنَّه مات كافرًا، والعهد قيل: الصلاة، وقيل: لا إله إلَّا الله، وقيل: هو الإسلام، والصحيح أنَّ العهد في الآية المذكورة هو الصلاة؛ دليله قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ العهدَ الذِي بيننَا وبينهمُ الصَّلاةُ، فمنْ تركهَا فقدْ كفرْ))[20].

 

فمن لم يأتِ بها أوَّلًا من باب أولى.

فلم يبقَ إلَّا القسم الثالث، وهو: الافتراء على الله تعالى.

 

ومثاله أيضًا: ورد النصُّ بتحريم الخمر، ولكن لم يبلغ النص إلى بعض المجتهدين، أو بلغه وتردَّد في تصحيحه، فيبحث حينها، عن العلَّة التي من أجلها حرم الخمر، فيحصر الأوصاف، هل الخمر حرام لأنه سائل، أم لكونه من العنب، أم لكونه مسكرًا؟ ثمَّ يختبر ويتأمل في الأوصاف التي حصرها، ويلغي ما كان منها غير مناسب للحكم، ويُبقي ما جمع شروط العلَّة.

 

فالأول: أي: كون الخمر سائلًا: هذا وصف طرديٌّ لا علاقة له بالحكم، والثاني: أي: كونه متخذًا من العنب، هذا وصف قاصر غير متعدٍّ، وقد سبق فيما تقدم الكلام عليه بأنه لا يعلَّلُ به.

 

ولم يبقَ إلا الثالث: وهو الإسكار: وهو وصف منضبطٌ متعدٍّ جامع لشروط العلَّة، فيكون الإسكار هو علَّة تحريم الخمر.

 

مثالُ آخر: نهيُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتباءِ والإمام يخطُبُ يوم الجمعة، فمنهم مَن قال: علَّتُه أنها جِلسة تنكشفُ فيها العورة، ومنهم مَن قال: لأنها مظنة للنوم، ومنهم من قال أنها سبب خروج الريح[21]، فيجمع المجتهد كلَّ الاحتمالات، ثمَّ يُميِّز ويختار ما يصلح أن يكون علَّة، ويجب الاختيار لأنَّه سيصبح أصلًا يُقاس عليه، فإن اختار المجتهد علَّة المنع هو كشف العورة، أصبح الاحتباء ممنوعًا في كل الحالات التي يجتمع بها المسلم بالنَّاس، وإن كانت علَّة ارتخاء الأعضاء ممَّا ينجر عنه النعاس، فهو يُمنع في كل خطبة سواء خطبة جمعة أو عيدين أو درس، وإن كان سببه خروج الريح فيُمنع قبل كل صلاة.

 

ولعلَّ المجتهد يختار كلَّ الاحتمالات لِما فيها من قواسم مشتركة تصلح أن تكون علَّة، فيقول علَّة المنع: النوم، والريح، وكشف العورة.

 

ويجب أن يُعلمَ أنَّ السبر والتَّقسيم تختلف أنظار المجتهدين فيه على حسب الأفهام، وإدراك الوصف المناسب؛ ومثاله: حديث عبادة بن الصامت، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الذهبُ بالذهبِ، والفضَّةُ بالفضَّةِ، والبرُّ بالبرِّ، والشَّعيرُ بالشعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والملح بالملح، مثلًا بمثلٍ، سواء بسواءٍ، يدًا بيدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ))[22].

 

وفي هذا اختلف العلماء في العلة الدالة في تحريم بيع هذه الأجناس متفاضلة، والحديث يحتوي على جملتين:

الأولى: حالة النَّقدين.

والثَّانية: حالة الأصناف الأربعة.

 

ولكل حالة منهما علَّة تنفرد بها، فعلة الذهب والفضة غير علة الأصناف الأربعة، فتَرى أنَّ المجتهد في حالة البحث بالسبر والتقسيم عن العلة في التحريم، يصل في بحثه إلى أنَّ العلَّة في النَّقدين، الوزن مع الجنسِ، وفي الأصناف الأربعة الكيل مع الجنس، فيجري الربا في كل مكيلٍ أو موزون اتَّحد جنسه، سواء كان مطعومًا كالأرز أو غير مطعوم كالحنَّاء، وهو مذهب أبي حنيفة[23]، والمشهور من مذهب أحمد[24]، وبه قال إسحاق والنخعي والزهري والثوري[25].

 

وقيل أيضًا: إن العلة هي الاقتيات والادخار، وبعضهم يزيد كونه للعيش غالبًا، وهو قول مالك[26]، وهذه علة ربا الفضل عندهم.

 

وأما علة ربا النسأ، فالطعم على غير جهة التداوي.

 

وقيل: العلة فيها الطعم، سواء كان اقتياتًا، أو تفكهًا، أو تداويًا، فيجري الربا في كل مطعوم سواء كانت مكيلة أو غير مكيلة كالثمار، والفواكه، والبيض، والأدوية، وغيرها من المطعومات.

 

وهذا مذهب الشافعي في الجديد[27]، ورواية عن الإِمام أحمد[28]، واختاره ابن المنذر[29].

 

وقيل: العلة هي الطعم مع الكيل أو الوزن، وبه قال سعيد بن المسيب[30]، وهو قول الشافعي في القديم[31]، ورواية عن أحمد، رجحها ابن تيمية[32].

 

أو يذهب بالمجتهد بحثه إلى أنَّ العلَّة في النَّقدين هي الثَّمنيَّة، فالعلَّة قاصرة على الذهب والفضَّة[33] [34].

 

وعلى أساس العلل التي استنبطها العلماء يكون القياس.

 

المسلك الخامس: الشبه:

ويسميه العلماء: الاستدلال بالشيء على مثله، وهو يُطلق على كل قياس، فإنَّ الفرع يلحق بأصله بجامع يشبهه فيه، ويعتبر هذا المسلك من أدق مسالك العلة، واختلف الأصوليون في تعريف الشبه، حتى قال الجوني: لا يمكن حدُّه.

 

وأحسن ما قيل فيه أنَّه: تردُّد الفرع بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهًا[35]، كالعبد إذا ما قُتل، فهل تلزم فيه القيمة كالدابة، أم يلزم فيه الديَّة كالحر؟ فقد اجتمع فيه مناطان مختلفان ومتعارضان.

 

فالأوَّل: الماليَّة؛ حيث يباع ويُرهن وغير ذلك، فيُقاس على الدابة.

 

والثاني: النفسية؛ حيث إنَّه ينكح بعقد صحيح ويطلق، ويعقل، ويقام عليه الحد، ويُكلف بالعبادات، فيقاس على الحر، ثمَّ يلحق بأكثرهما شبهًا، والرَّاجح أنَّ العبد المسلم أشبه بالحر من الدابَّة، وأنَّ العبد الكافر أشبه بالدَّابة من الحرِّ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن العبد المسلم: ((اسمَعوا وأطيعوا وإنِ استُعمِلَ عليْكم عبدٌ حبشيٌّ كأنَّ رأسَهُ زبيبةٌ))[36]، فلا دلالة أوضح من هذا في أن العبد المسلم أقرب للحر.

 

ولقول الله تعالى في شأن العبد الكافر: ﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾ [الأعراف: 176]، وقوله تعالى: ﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44]، وغير ذلك من آيات تشبيه الكفار بالدواب، وهي دلالة واضحة على أنَّ الكافر للدَّابة أقرب من الحرِّ.

 

وقياس الشبه اختُلفَ فيه ثم رجحوا أنَّه حجَّة، ولا يُصار إليه مع إمكان القياس بالعلَّة، وحكى الإجماع على هذا القاضي أبو بكر، والباقلاني، والزركشي وغيرهم[37].

 

المسلك السادس: الدوران، وهو الطرد والعكس:

والدوران اصطلاحًا:

وجود الحكم مع وجود الوصف، وانعدام الحكم مع انعدام الوصف.

قال فيه الجويني: "... إنَّه أقوى ما يثبت به العلل"[38].

 

والدوران يقع على وجهين:

أحدهما: يقع في صورة واحدة:

مثال: الإسكار في العصير، فإنَّ العصير قبل وجود الإسكار فيه كان حلالًا، فلمَّا دخله وصف الإسكار صار حرامًا، فلمَّا زال منه الوصف ودخله وصف مغاير بأن صار الخمر خلًّا، صار حلالًا، فدوران الحكم الذي هو التحريم مع الوصف الذي هو الإسكار، وجودًا وعدمًا.

 

والثاني يقع في شكلين:

كوجوب الزكاة في الحلي لكونه أحد النقدين، وعدم الوجوب في الثياب لعدم النَّقدية، فصار الدوران في صورتين، الوجود في النقد، والعدم في غير النقد، ولكن الصورة الأولى أقوى؛ قال الطوفي: "لكنَّ الدوران في صورة أقوى منه في صورتين، على ما هو مدرك ضرورة أو نظرًا أو ظاهرًا"[39].

 

وقد اختلفوا في إفادة دوران العلة على ثلاثة أقوال:

الأول: أنَّه يفيد العليَّة قطعًا.

والثاني: أنه لا يفيد العليَّة قطعًا ولا ظنًّا.

والثالث: أنه يفيد العليَّة بشرط عدم المزاحم.

 

وهذا الأخير هو الصحيح؛ وهو مذهب الجمهور، وقالوا: إذا دار الوصف مع الحكم غلب على الظن كونه معرِّفا له، وينزل بمنزلة الوصف المومئ إليه بأن يكون علَّة، وإن خلا من المناسبة، ومثَّلوا لهذا: بأن لو دُعيَ رجلٌ باسمٍ طبيعي لا شتم فيه ولا سب فغضبَ، ثم دُعيَ بغيره فلم يغضبْ، وتكرَّر ذلك منه، عُرف أنَّ هذا الاسم سبب الغضب وعلَّته، مع أنَّه يفقد المناسبة.

 

ورويَ عن ابن حنبل رضي الله عنه أنَّه قال: "لا تكون العلَّة علَّة، حتى يقبل الحكم بإقبالها، ويُدبر بإدبارها"[40].

 

المسلك السابع: المناسبة[41]:

وهذا المسلك يسمى أيضًا بالإخالة؛ لأنَّ المجتهد فيه يخالُ - أي: يظنُّ - أنَّ هذا الوصف علة الحكم، ويسمى أيضًا تخريج المناط، وسيأتي ذكره مع قسميه، وتسمى أيضًا بالمصلحة، ورعاية المقاصد.

 

والمناسبة في اللغة:

الملاءمة[42].

 

وفي اصطلاح الأصوليين:

أن يكون الحكم مقترنًا بوصف مناسب يترتَّب بناء الحكم عليه مصلحة مقصودة للشارع، كالزنا فإنَّه مناسب للتحريم؛ لأنَّ منع الزنا فيه مصلحة حفظ الأنساب وعدم ضياعها، أو دفع مفسدة وهو اختلاط الأنساب وعدم التمييز بينها، وقد عرَّفه ابن الحاجب بأنه: "وصف ظاهر منضبط يحصل عقلًا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودًا من جلب مصلحة أو دفع مضرَّة"[43].

 

وقد اعترضوا على هذا التَّعريف بأنه غير جامع؛ هذا لأنَّ الأصوليين قسَّموا المناسب كل على حسب اصطلاحه، إلى ظاهر وخفي، ومنضبط وغير منضبط[44]، وتعريف ابن الحاجب لم يدخل فيه الوصف الخفي ولا غير المنضبط.

 

وقال الشنقيطي: "وضابط مسلك المناسبة والإخالة عند الأصوليين: هو أن يقترن وصف مناسب بحكم في نص من نصوص الشرع، ويكون ذلك الوصف سالمًا من القوادح، ويقوم دليل على استقلاله بالمناسبة دون غيره، فيُعلم أنَّه علَّة ذلك الحكم، مثاله: اقتران حكم التحريم بوصف الإسكار؛ في قوله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ مسكرٍ حرام))[45]، فالإسكار مناسب للتحريم، مقترن به النص، سالم من القوادح، مستقل بالمناسبة[46].

 

أقسام مسلك المناسبة من جهة اعتباره وعدمه:

قد تقدَّم في الشروط العامة للعلة أنه ليس كل وصف في الأصل يصلح أن يكون علة لحكمه، وأنه لا يصح التعليل بوصف إلا إذا كان ظاهرًا منضبطًا مناسبًا، وتبيَّن أن المراد بمناسبة الوصف للحكم أن يكون مظنة لحكمته، بحيث يكون بناء الحكم عليه وربطه به من شأنه أن يحقق المصلحة التي شرع الحكم من أجلها، وعلى هذا؛ فإنَّه يشترط للاحتياط أن يكون الوصف المناسب مع ظهوره وانضباطه قد اعتبره الشارع علة بأي نوع من أنواع الاعتبار.

 

ومن ناحية اعتبار الشارع للمناسب وعدم اعتباره إياه، قسَّم الأصوليون الوصف المناسب إلى أقسام أربعة:

1) المناسب المؤثر.

2) والمناسب الملائم.

3) والمناسب المرسل.

4) والمناسب المُلغَى.

 

وبنوا الحصر في هذه الأقسام على أن الوصف المناسب إذا اعتبره الشارع بعينه علة لحكم بعينه، فهو المناسب المؤثر.

 

وإذا اعتبره الشارع علة بنوع آخر من أنواع الاعتبار الثلاثة التي سيأتي بيانها، فهو المناسب الملائم.

 

وإذا لم يعتبره الشارع بأي نوع من أنواع الاعتبار، ولم يلغِ اعتباره، ولم يرتب حكمًا على وفقه، فهو المناسب المرسل.

 

وإذا ألغى الشارع اعتباره، فهو المناسب الملغى.

 

وقد اتفقوا على صحة التعليل بالمناسب المؤثر وبالمناسب الملائم، وعلى عدم صحة التعليل بالمناسب الملغى، واختلفوا في صحة التعليل بالمناسب المرسل.

 

وهذا بيان الأقسام الأربعة وأمثلتها:

1) الوصف المناسب المؤثر:

وهو الوصف المناسب الذي رتب الشارع حكمًا على وفقه، وثبت بالنص أو الإجماع بعينه علَّة للحكم، الذي رتب على وفقه؛ ومثاله قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]، فالحكم الثابت بهذا النص هو إيجاب اعتزال النساء في المحيض، وقد رتب على أنه أذًى، وكان النص صريحًا في أن علة هذا الحكم هو الأذى، فالأذى لإيجاب اعتزال النساء في المحيض هو وصف مناسب مؤثر.

 

وقوله تعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 6]، فالحكم الثابت بهذا النص أن من لم يبلغ الحلم من اليتامى ثبتت الولاية على ماله لوليه، وقد ثبت بالإجماع أن علة ثبوت الولاية المالية على الصغير صغره، فالصغر لثبوت الولاية المالية وصف مناسب مؤثر.

 

فكل حكم شرعي رُتب على وصف مناسب في محله، ودلَّ نص أو إجماع على أن هذا الوصف هو علة هذا الحكم، فهذا الوصف مناسب مؤثر، وهذا أعلى درجات اعتبار الوصف المناسب.

 

2) الوصف المناسب الملائم:

هو الوصف المناسب الذي رتب الشارع حكمًا على وقفه، ولم يثبت بالنص أو الإجماع اعتباره بعينه علة لنفس الحكم الذي رتب على وفقه، ولكن ثبت بالنص أو الإجماع اعتباره بعينه علة لحكم لجنس الحكم، أو اعتبار جنسه علة لعين الحكم، أو اعتبار جنسه علَّة لجنس الحكم، فمتى كان الوصف المناسب معتبرًا بنوع من هذه الأنواع الثلاثة للاعتبار، كان التعليل به موافقًا لتصرُّفات الشارع في تشريعه وتعليله؛ ولهذا يسمى المناسب الملائم؛ أي: الموافق لتصرفات الشارع، وقد اتُّفق على صحة التعليل به، وبناء القياس عليه.

 

أمثلة أنواع الاعتبار الثلاثة التي يصح بها الوصف المناسب الملائم:

أ) مثال: المناسب الملائم الذي اعتبره الشارع بعينه علة لجنس الحكم: الصغر لثبوت الولاية للأب في تزويج الصغيرة، وذلك أنه ثبت بالنص ثبوت الولاية للأب في تزويج ابنته البكر الصغيرة.

 

فالحكم هو ثبوت الولاية رُتِّب على وفق البكارة والصغر، ولم يدل نص أو إجماع على أن العلة لثبوت هذه الولاية البكارة أو الصغر؛ أي: إنَّ الولاية عليها حكم واجب بالنص، لكنَّ الصِّغر أو البكارة لم يثبت بالنصِّ أنَّهما علَّة لذلك الحكم، لكن ثبت بالإجماع اعتبار الصغر علة للولاية على مال الصغيرة، والولاية على النفس هو ولاية التزاوج من جنس واحد.

 

فكأن الشارع لما اعتبر الصغر علة للولاية على مال الصغيرة، اعتبر الصغر علة للولاية عليها بأنواعها، ومن أنواع الولاية: الولاية على تزويجها، فَعِلَّةُ ثبوت الولاية للأب على تزويج البكر الصغيرة الصغر، ولأن الصغر يتحقق في الثيب الصغيرة، فتُقاس على البكر الصغيرة، وتثبت عليها ولاية التزويج، وتُقاس عليها أيضًا مَن في حكم الصغيرة، المجنونة والمعتوهة، فالصغر وصف مناسب ملائم للحكم ثبت بالنص، والحكم هو ثبوت الولاية عليها، وثبتت عليَّة الولاية بالصغر عن طريق الإجماع، فهذه العلة من جنس الحكم.

 

ب) ومثال: المناسب الملائم الذي اعتبر الشارع جنسه علة لعين الحكم: المطر لإباحة الجمع بين الصلاتين في وقت واحد، وذلك أنه ثبت بالنص إباحة الجمع بين الصلاتين حال المطر، فالحكم وهو إباحة الجمع بين الصلاتين رتب على وفق حال المطر، ولم يدل نص ولا إجماع على أن المطر هو علة هذا الحكم، لكن دل نص آخر على إباحة الجمع بين الصلاتين في وقت واحد حال السفر، وثبت بالإجماع أن علة إباحة الجمع هو السفر، والسفر والمطر نوعان من جنس واحد، لأن كلًّا منهما عارض مظنة الحرج والمشقة، فكأن الشارع لما اعتبر السفر علة لإباحة الجمع بين الصلاتين اعتبر كل ما هو من جنسه علة لهذه الإباحة، فعلة إباحة الجمع بين الصلاتين حال المطر: المطر؛ لأنها من جنس علة السفر، ويقاس عليه حال الثلج والبرد، فالحكم الأوَّل هو الجمع بين الصلاتين، والسفر علَّتهُ، ولمَّا كان السفر والمطر نوعين من جنس واحد، ألا وهو المشقَّة، فتكون علَّة الجمع في المطر من جنس علَّة الجمع في السفر الأصلية، قياسًا عليه.

 

ج) ومثال: المناسب الملائم الذي اعتبره الشارع بجنس علة لجنس الحكم: تكرر أوقات الصلوات في الليل والنهار لسقوط قضاء الصلاة عن الحائض.

 

وذلك أنه ثبت بالنص أن الحائض في أثناء حيضها لا تصوم ولا تصلى، وأن عليها إذا طهرت أن تقضي الصوم دون الصلاة، فالحكم - وهو سقوط قضاء الصلوات عنها - لم يدل نص على علته، ولكن رُئي أن تكرر أوقات الصلوات ليلًا ونهارًا مظنة الحرج والمشقة في أدائها، والشارع اعتبر أشياء كثيرة هي مظان الحرج عللًا لأحكام كثيرة هي رخص وتخفيف عن المكلف، كالمرض والسفر لإباحة الفطر في رمضان، والسفر لقصر الصلاة الرباعية، وعدم الماء للتيمم، ودفع الحاجة للسلم والعرايا، فكأن الشارع اعتبر كل نوع من أنواع مظان الحرج علة لكل نوع من أنواع الأحكام التي فيها تخفيف، وتكرر أوقات الصلوات من أنواع مظان الحرج، وسقوط قضائها عن الحائض من أنواع الأحكام التي فيها تخفيف، فالحكم هو سقوط قضاء الصلاة على الحائض، وجنس علَّته تقاس على علَّة الجمع وهو السفر الذي ينجر عنه المشقة والحرج، والحرج بدوره علَّته من جنس الحكم.

 

فالاعتبار فالأوَّل: علَّة من جنس الحكم.

والثاني: علَّة من جنس العلَّة.

والثالث: علَّة من جنس علَّة من جنس الحكم.

 

أو تقول: الأوَّل: قياسٌ على الحكم.

والثاني: قياسٌ على علَّة الحكم.

والثَّالث: قياسٌ على علَّة الحكم التي قيست على الحكم.

 

وهذا النوع من أنواع الاعتبار يفسح المجال للتعليل بالأوصاف المناسبة،؛ لأن كل وصف مناسب رتب الشارع الحكم على وفقه، لا يخلو من أن يكون أيُّ وصف من جنسه اعتبره الشارع علة لحكم من جنس حكمه، وصحة التعليل بالمناسب بناء على اعتبار جنسه في جنس الحكم تفتح أبواب القياس بسعة؛ لأن مآل هذا أن الشارع إذا اعتبر وصفًا هو مظنة الحرج علة لحكم فيه تخفيف، صح اعتبار أيِّ وصف آخر من مظان الحرج علة؛ لأن حكمًا آخر فيه تخفيف.

 

ولا يتصور أن يوجد وصف مناسب رتب الشارع حكمًا على وفقه، ولم يعتبره بأي نوع من أنواع الاعتبار السابقة، بل لا بد أن الشارع اعتبره، ولو باعتبار جنسه علة لجنس حكمه.

 

وعلى هذا، فكل وصف مناسب رتب الشارع حكمًا على وفقه، فهو إما أن يكون مؤثرًا، أو ملائمًا.

 

وأما ما سماه بعض الأصوليين بالمناسب الغريب، فلا يتصور وجوده؛ لأنهم عرَّفوه بالوصف المناسب الذي رتب الشارع حكمًا على وفقه، ولم يثبت اعتباره بأي نوع من أنواع الاعتبار، وقد تبيَّن أنه مع السعة في اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم لا يوجد مناسب غريب، ولهذا لم يذكر صاحب جمع الجوامع المناسب الغريب، واقتصر على تقسيم المناسب إلى: مؤثر وملائم ومرسل[47].

 

3) الوصف المناسب المرسل:

هو الوصف الذي لم يرتب الشارع حكمًا على وفقه، ولم يدل دليل شرعي على اعتباره بأي نوع من أنواع الاعتبار، ولا على إلغاء اعتباره.

 

فهو مناسب؛ أي: يحقق مصلحة، ولكنه مرسل؛ أي: مطلق عن دليل اعتبار ودليل إلغاء، وهذا هو الذي يسمى في اصطلاح الأصوليين: بالمصالح المرسلة.

 

ومثاله: المصالح التي بنى عليها الصحابة تشريع وضع الخراج على الأرض الزراعية، وتدوين القرآن ونشره، وغير هذا من المصالح التي شرعوا الأحكام بناء عليها، ولم يقم دليل من الشارع على اعتبارها ولا على إلغاء اعتبارها.

 

وهذا المناسب المرسل اختلف العلماء في تشريع الأحكام بناء عليه؛ فمنهم من نظر إلى ناحية أن الشارع لم يعتبره، فقال: لا يُبنى عليه تشريع، ومنهم من نظر إلى أن الشارع لم يلغِ اعتباره، فقال: يُبنى عليه التشريع، والله أعلم.

 

والصحيح أنَّه يُبنى عليه تشريع؛ لأنَّ أفعال الصحابة في عصرهم لم تخلُ من ثلاث حالات:

1) إمَّا أن يكون الحكم من سنَّة خليفة راشد مهدي، وهي سنَّة مأمور بها، ومن هنا خرجنا من المناسب المرسل إلى المناسب المؤثر؛ لأنَّ الأمر أصبح بالنص.

 

2) أو أن يكون قد اجتمع على الحكم جماعة من الصحابة وهو الإجماع.

 

3) أو أن تجمع عليه سنة الخليفة الراشد مع الإجماع، فهذه الثلاثة مؤثِّرة.

 

ولكن مع ذلك، فقد تباينت مواقف الفقهاء في الأخذ بالمصلحة المرسلة كدليل تُبنى على مقتضاه الأحكام الشرعية على النحو التالي:

الأول: المنع مطلقًا؛ وقد نسب الآمدي ذلك إلى فقهاء الشافعية والحنفية ومن الحنابلة ابن قدامة[48].

 

الثاني: الجواز مطلقًا؛ أي: يجوز العمل بالمصلحة المرسلة، وهو المشهور عن الإمام مالك وأحمد والجويني.

 

الثالث: الجواز بشروط: إذا كانت المصلحة المرسلة ضرورية قطعية كلية جاز العمل، وإن لم تكن، فلا يجوز العمل بها، وإلى هذا ذهب الغزالي، وذهب آخرون إلى جواز العمل بها بشرط أن تكون المصلحة ملائمة لأصل كلي من أصول الشرع، أو لأصل جزئي جاز البناء عليها، وإلا فلا، ونسب هذا القول إلى معظم أصحاب أبي حنيفة، وبعضهم نسبه إلى الإمام الشافعي[49].

 

والظاهر - والله أعلم - أنَّه يُبنى عليها التَّشريع بشروطها، فالوصف المناسب المرسل، وهو المصالح المرسلة، علَّته المصلحة، والمصلحة هي غاية مقاصد الشريعة، فهذه حجة قيامها، وإن عقد الإجماع على فعل ما، فقد كملت حجِّتها، وغالب المصالح المرسلة عقد عليها الإجماع، والله أعلم بالصَّواب.

 

وقد عرَّفها البوطي في رسالته "ضوابط المصلحة" بقوله: "كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع دون أن يكون لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء"[50].

 

أقسام المصالح المرسلة:

وعلى هذا نفتح بحثًا في أقسام المصلحة وشروطها:

المصالح المرسلة على ثلاثة أقسام:

الأول: المصالح الضَّروريَّة أو المقاصد الضرورية، أو درء المفاسد:

وهي المعروفة بالضروريات الخمس، وزادوا السَّادس؛ لأن درء المفسدة يكون إما عن:

1) الدين.

2) أو النفس.

3) أو العقل.

4) أو النسب.

5) أو المال.

6) أو العِرض.

 

فللأوَّل: نصب الأئمة ووجوب قتل المرتد، وعقوبة المضل صيانة للدين.

وللثاني: تحريم القتل ووجوب القصاص فيه صيانة للأنفس.

وللثالث: تحريم الخمر ووجوب الجلد فيها صيانة للعقول.

وللرابع: تحريم الزنا ووجوب الحد فيه صيانة للنسب.

وللخامس: وتحريم السرقة ووجوب القطع فيها صيانة للمال.

وللسادس: تحريم القذف ووجوب الحد فيه صيانة للأغراض.

 

الثاني: المصالح الحاجيَّة أو المقاصد الحاجيَّة، أو الحاجيات:

أي: ما يحتاجه المسلم إذ بفواته تحصل المشقة والتعب، فقصد الشارع مراعاة هذه الحاجيات توسعةً على النَّاس ورفعًا للضيق والحرج والمشقة عنهم، ولكن لا ينجر بتركها فساد في الضروريات الست.

 

من أمثلة ذلكَ: تشريع الفطر للمريض، والمسافر، والحامل، والمرضع في الصيام؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((... إنَّ اللَّهَ تعالى وضعَ شطرَ الصَّلاةِ أو نصفَ الصَّلاةِ والصَّومَ عنِ المسافرِ وعنِ المرضعِ أوِ الحُبلى...))[51].

 

ومعنى وضع؛ أي: لم يوجبها عليه في تلك الحالة.

 

مثال آخر: التيمم عند فقد الماء؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6].

 

مثال آخر: السماح للمريض بالصلاة قاعدًا إذا شق عليه القيام، ووُجدت مشقة تخرجه عن الخشوع؛ إذ إنَّه سيتألم بالقيام ألمًا يصرفه عن الخشوع، وطبعًا إذا كان عاجزًا عن القيام من باب أولى، فرخَّصتِ الشريعة للمريض بالصلاة قاعدًا في هذه الحالة؛ كما جاء في حديث عمران بن حصين لما اشتكى البواسير، فقال صلى الله عليه وسلم: ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب))[52].

 

الثالث: المصالح التحسينية أو المقاصد التحسينية، وتسمى أيضًا بالتَّتميمات والتحسينيَّات:

وهي: الأخذ بما يليق بمحاسن العادات، وتجنب السفاسف وما يطعن في المروءة، وما يأنفه أصحاب العقول الراجحة.

 

وهذه التحسينيات تجمع قسمًا كبيرًا من مكارم الأخلاق، فلا يختل بفقدانها نظام الحياة، ولا نظام الدين والآخرة، ولا يدخل على المكلف الحرج والضيق العظيم، لكن إذا ما رُوعيت تكون هناك مستنكرات عند أصحاب العقول السليمة والفطر المستقيمة.

 

وهي على قسمين: أفعال، وتجنُّبات.


أمَّا الأفعال:

كالتزام سنن الفطرة من إرخاء للحية، وقص الشارب.

وخلاصة: هي التزام المندوبات والمستحبات، في العادات والعبادات.

 

وأمَّا التجنُّبات:

كالابتعاد عن السفاسف والقهقهة والحديث بما بلا ينفع، وقليل البخل؛ لأنَّ البخل حرام.

وخلاصة: البعد عن المكروهات.

 

والصحيح أنَّ المقاصد التحسينيَّة ليست مرتبطة بالمندوب والمكروه فحسب، بل تدور حول أحكام التَّكليف، لكن فيها مراعاة للذوق وللفطر السليمة، فمثلًا: يوجد مصلحة تحسينية واجبة: كرفع النجاسة، وستر العورة.

 

وعكسها محرَّم: فلا يُتصوَّر أن يسير الناس وعوراتهم مكشوفة، فهذا لا يقبله عقل سوي، وهو محرَّمٌ أيضًا.

 

والمندوب: من التحسينيات: كأخذ الزينة عند كل مسجد، فهذا مستحب، والشرب ثلاثًا، وغيرها.

 

ومخالفة المندوبات التحسينيَّة مكروه: كعدم أخذ الزينة للمسجد، ودخوله بريح الثوم والبصل مثلًا؛ لأنَّ التشريع ولو كان تحسينيًّا مستحبًّا، إلَّا أنه لم يُشرع عبثًا، بل لحكمة علِمها مَن علِمها، وجهلها من جهلها.

وبه كذلك في العادات عامَّة.

 

شروط اعتبار الوصف المناسب المرسل أو ما يُعرف بالمصالح المرسلة:

ومن شروط اعتبار الوصف المناسب المرسل أو ما يُعرف بالمصالح المرسلة، كي يصحَّ بناء التشريع عليه:

أ) ألَّا تصادم نصًّا من الكتاب، أو السنة، ولا إجماعًا، وإلا كانت مصلحة ملغاة؛ لأن معنى إرسالها أن الشارع لم يلغِها ولم يعتبرها.

 

ب) ألَّا تُعارض القياس، فبين مطلق المصلحة والقياس أوجه اتفاق، وأوجه افتراق؛ إذ القياس إنما هو مراعاة مصلحة في فرع بناء على مساواته في علة حكمه المنصوص عليها، ففي القياس مراعاة لمطلق المصلحة بعلة اعتبرها الشارع... فكل قياس مراعاة للمصلحة، وليس كل مراعاة للمصلحة قياسًا؛ إذ تنفرد المصلحة بأن أحد أقسامها وهي المصلحة المرسلة، هي المصالح التي يراها المجتهد مما لا شاهد يؤيده من أصل يقاس عليه، ولا دليل يلغيه من الوحي، وإن كانت مستندة إلى دليل ما اعتبره الشارع، غير أنه دليل لا يتناول أعيان هذه المصلحة بخصوصها، وإنما يتناوب الجنس البعيد لها، كجنس حفظ العقل والنسب والروح.

 

وإنما يقال ذلك في دليل المصلحة المرسلة؛ لأن هذا هو حالها حقيقة، ولأن تجريدها من الدليل الشرعي الذي تستند عليه من قبيل التشهي النفسي والهوى.

 

لكن دليل المصلحة أقل من دليل القياس؛ إذ دليل المصلحة يتناول الجنس البعيد للمصلحة، وتنطوي ضمن مقاصد الشريعة وكلياتها العامة، أما دليل القياس، فإنه يتناول عين الوصف المناسب، ويدل عليه صراحة، كما في الوصف المؤثر، أو بواسطة جريان الشارع على وفقه، كما في الوصف الملائم.

 

ومن أجل هذا الاختلاف في مرتبة كل من القياس والمصالح المرسلة، وجب تقديم القياس على المصالح المرسلة، وعدم اعتبارها إذا تعارضت مع القياس.

 

ج) أن تكون فيما يعقل معناه من الوسائل والعادات والمعاملات، ونحو ذلك، ولا تكون في المواضع التي يتعين فيها التوقيف؛ كأسماء الله وصفاته، والبعث والجزاء، والعبادات المحضة، والمقدرات كالمواريث وأنصبة الزكاة، فإن المصلحة المرسلة لا يمكن أن يستدل بها على ثبوت عبادة، أو زيادة فيها، أو نقص شيء منها.

 

د) أن ترجع إلى حفظ أمر ضروري، فتكون من باب ما لا يتم الواجب إلا به، أو ترجع إلى رفع الحرج، فتكون من باب التخفيف، فمثلًا: جمع القرآن فيه حفظ للشريعة بحفظ أصلها، وكتابته؛ سدًّا لباب الاختلاف فيه.

 

وكذلك تضمين الصُنَّاع لحفظ الصنعة والمال، وجواز الحبس في التهم للاحتيال لحفظ المال وهكذا.

 

هـ) أن تكون المصلحة حقيقية لا متوهمة، فالمصلحة المتوهمة لا ينظر إليها، ومثالها: ما يتوهمه بعض الناس من أن التسوية بين الرجل والمرأة في الإرث فيه مصلحة، وهي ترغيب الكفار في الإسلام، ومن ذلك: ما يتوهمه البعض من أن العمل بالقوانين الوضعية المستوردة فيه مصلحة وهي التسوية بين الناس في الحقوق والواجبات.

 

وهؤلاء غفلوا عن أن خالق الناس أعلم بما يصلحهم وما يناسبهم، وأن ترغيب الكفار في الإسلام بترك فرض من فرائضه مفاسده أعظم مما يتوخى فيه من مصلحة، وما في القوانين الوضعية من المصالح يمكن تحصيلها من الشريعة على وجه أكمل، بل الأمر أشد من ذلك؛ إذ نهى الشارع على أن تُقدَّم المصلحة الدنيا عن المصلحة العليا، وسورة عبس فيها دلالة ذلكَ، فيُنظر إلى شروح السورة ومقاصدها، فكيف بمن يعطل حكم الله ظنًّا به أنَّه مصلحة.

 

و) أن تكون المصلحة عامة؛ لأنها إن لم تكن عامة كانت خاصة، والأحكام في الشريعة لا توضع لفرد ولا للبعض، وإنما هي للناس كافة بغير تفرقة.

 

ز) ألَّا يترتب على الأخذ بها تفويت مصلحة أخرى أهم منها، أو مساوية لها إذا لم يمكن الجمع بين المصلحتين.

 

ح) أن يكون حصول المصلحة بالحكم مقطوعًا به أو غالبًا على الظن[53].

 

4) الوصف المناسب المُلغَى:

وهو الوصف الذي يظهر أن في بناء الحكم عليه تحقيق مصلحة، ولم يرتب الشارع حكمًا على وفقه، ودل الشارع بأي دليل على إلغاء اعتباره.

 

مثل: تساوي الابن والبنت في القرابة لتساويهما في الإرث، ومثل إلزام المفطر عمدًا في رمضان بعقوبة خاصة لردعه.

 

وهذا لا يصح بناء تشريع عليه[54].

 

المسلك الثامن: تنقيح المناط[55]:

التنقيح في اللغة:

التهذيب والتمييز والتخليص، فقولك: كلام منقَّح؛ أي: لا حشو فيه، ونقح الشاعر القصيدة إذا هذَّبها ونقاها من الأبيات التي لا دخل لها بالموضوع[56].

 

والمناط في اللغة:

مصدر ميمي بمعنى اسم المكان (الذي يُناط فيه)، وهو مكان النوط الذي هو التعليق والإلصاق، ومنه "ذات أنواط": شجرة كانوا في الجاهليَّة يعلقون فيها أسلحتهم[57]، ظنًّا منهم أنها تأتي لهم بالنصر، وسمِّي المناط كذلك؛ لأنَّ الشارع علَّق الحكم وربطه بها؛ قال ابن دقيق العيد: "وتعبيرهم بالمناط من العلة من باب المجاز اللغوي؛ لأنَّ الحكم لمَّا عُلق بها كان كالشَّيء المحسوس الذي تعلَّق بغيره"[58].

 

وتنقيح المناط في اصطلاح الأصوليين:

تهذيب العلَّة ممَّا علق بها من الأوصاف لا دخل لها في العليَّة؛ قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "هو أن ينص الشارع على الحكم عقيب أوصاف يعرف فيها ما يصلح للتعليل وما لا يصلح، فيُنقح المجتهد الصالح ويلغي ما سواه"[59].

 

واختصارًا: فالمناط: يُرادف العلة، تقول العرب: ناط سيفَه في الشجرة؛ أي: علَّقه، كذلك الحُكم مُعلَّق بعلَّته.

 

وتنقيح المناط: أي: إزالةُ الصفات غير المتعلِّقة بالعِلَّة في النص؛ وعلى هذا فتَنْقِيحُ المَناطِ: هو النَّظَرُ والاجْتِهادُ في تَعيِينِ ما دَلَّ النَّصُّ على كَونِهِ عِلَّةً مِن غَيرِ تَعيِينٍ، وذلك مِنْ خِلالِ اسْتِبعادِ ما لا مَدْخَلَ له في الاعْتِبارِ مِما اقترِنَ بِهِ مِن الأوصافِ غَيرِ المُناسِبَة، مِثالُ ذلك: قِصَّةُ الأَعْرابِي الذي جامَعَ زَوْجَتَهُ في نَهارِ رَمَضانَ عَمْدًا، فَأوْجَبَ علَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الكَفَّارَةَ، والذي يتَعلَّقُ بقِصَّتِهِ أُمُورٌ مُتَعَدِّدَةٌ؛ هي: الجِماعُ، وكَونُهُ أَعْرابِيًّا، وأنَّ الجِماعَ كانَ في رَمَضانَ، وأنَّهُ كان مُتَعَمِّدًا، ومِنْ خِلالِ البَحْثِ عن العِلَّةِ الـمُؤَثِّرَةِ في الحُكْمِ مِن بين هذه الأوْصافِ، نَجِدُ أنَّه لا يَصِحُّ واحِدٌ مِنْها أن يَكون عِلَّةً لِوُجوبِ الكَفَّارَةِ سِوَى الجِماعِ في نَهارِ رَمَضانَ مُتَعَمِّدًا[60]، وكل الصفات التي من دونه فهي ملغاة.

 

وصراحة تخصيص العلَّة بالجماع ليس جامعًا، بل الصَّحيح أنَّ العلة هي انتهاك حرمة رمضان فهذا الوصف متعدٍّ، ولكن إن حُصر بالجماع يُصبح قاصرًا، وعلى هذا فالكفارة واجبة بعلَّة انتهاك حرمة رمضان بجماع أو بغيره، وهذا يسمى إلحاق الفرع بأصله وإلغاء الفارق؛ أي: يقاس على تلك الحادثة ويُفهم منها أنَّ كل انتهاك لحرمة رمضان مما يوجب الفطر فيه عليه كفارة، وهذا ما يسمى بمفهوم الموافقة، ومنه أيضًا يسمى تنقيح المناط؛ قال الزركشي هو: "إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفارق بأن يقال: لا فرق بين الأصل والفرع إلَّا كذا وكذا، وذلك لا مدخل له في الحكم ألبتة، فيلزم اشتراكهما في الحكم، لاشتراكهما في الموجب له، كقياس الأمَةِ على العبد فإنَّه لا فارق بينها إلَّا الذكورة، وهذا الفارق ملغًى بالإجماع، إذ لا مدخل له في العليَّة"[61].

 

ومن الاصطلاح الأصولية التي تلحق بتنقيح المناط: تخريج المناط، وتحقيق المناط:

أما تخريج المناط:

فهو اسْتِنْباطُ العِلَّةِ مِنَ الـحُكْمِ الثابِتِ بِنَصٍّ أو إِجْماعٍ.

 

وهو استخراج العِلّة التي لم تذكر في النص الشرعي الْمُثْبت لحكم المقيس عليه بطريق الاستنباط؛ مثل: تخريج علة الربا في الذهب، والفضة من حديث: ((الذهب بالذهب مثلًا بمثل، والورق بالورق مِثلًا بمِثل))[62]، فيقال: هي الثمنية[63].

 

واختصارًا تَـخرِيجُ المَناطِ: هو أَنْ يُظْهِرَ الـمُجْتَهِدُ العِلَّةَ ويَسْتَخْرِجَها مِن الـحُكْمِ الشَّرْعِي الذي ثَبَتَ بِنَصٍّ أو إِجْماعٍ بدونِ تعليلٍ، والـمُرادُ بِالعِلَّةِ هُنا: الوَصْفُ المُستنبطُ لتعليقِ الـحُكْمُ بِهِ، ومِن أمثِلَتِه: الاِجْتِهادُ في إِثْباتِ أنَّ الطُّعْمَ عِلَّةُ الرِّبا في البُرِّ، وذلك حتَّى يُقاسَ عَلَيْهِ كُلُّ ما سِواهُ مِمَّا يُشارِكُه في عِلَّتِهِ، فَكأنَّ الـمُجْتَهِدَ أَخْرَجَ العِلَّةَ مِن خَفاءٍ؛ فلِذلك سُمِّيَ: تَخْريجَ الـمَناط[64].

 

وأما تحقيق المناط:

فهو عملية القياس التي يَرُدُّ فيها المجتهدُ الفرعَ إلى الأصلِ لاتفاقهما في العلة، وبالتالي الحكم.

 

واصطلاحًا هو:

وُجُودُ العِلَّةِ المُتَّفَقِ عليها بِنَصٍّ أو إِجْماعٍ أو اسْتِنْباطٍ في الواقِعَةِ المرادِ تطبيقُ الحكمِ عليها.

 

وهو: الاجتهاد في التحقق من وجود العِلَّة المنصوصة، أو المتفق عليها في الفرع، كنص الشارع على أن العِلَّة في طهارة الهرة هي الطوافة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّهَا ليستْ بنجسٍ، إنَّهَا منَ الطوَّافينَ عليكمْ والطوَّافاتِ))[65].

 

فيجتهد في تحقق هذه العِلَّة، وهي الطوافة في غير الهرة كسواكن البيوت من فأرة، ونحوها، ليحكم بطهارتها[66].

 

ولكثير من التوضيح فتحقيق المناط هو: أن يَجْتَهِدَ المُجْتَهِدُ في إِثْباتِ وُجُودِ العِلَّةِ في الصُّوْرَةِ التي هي مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ وهو نوعانِ:

1) مُجْمَعٌ عليه في كُلِّ الشَّرائِعِ: وهو أن تكون القاعِدَةُ الكُلِّيَّةُ مَنْصُوصًا أو مُتَّفَقًا عليها، فَيَجْتَهِدُ المُجْتَهِدُ في تَحْقِيقِها في الفَرْعِ، كَوُجُوبِ المِثْلِ مِن النَّعَمِ في جَزاءِ الصَّيْدِ، ووُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، فَيَجْتَهِدُ في البَقَرَةِ مثلًا بأنَّها مِثْلُ الحِمارِ الوَحْشِيِّ، ويَجْتَهِدُ في القَدْرِ الكافي في نَفَقَةِ زَوْجَةٍ مُعَيَّنَةٍ.

 

2) ما عُرِفَت فيه عِلَّةُ الحُكْمِ بِنَصٍّ أو إِجْماعٍ، فَيُحَقِّقُ المُجْتَهِدُ وُجُودَ تلك العِلَّةِ في الفَرْعِ، كالعِلْمِ بأنَّ السَّرِقَةَ هي مَناطُ القَطْعِ، فَيُحَقِّقُ المُجْتَهِدُ وُجُودَها في نَبَّاشٍ مُعيَّنٍ لِأَخْذِهِ الكَفَنَ مِن حِرْزِ مِثْلِهِ[67].

 

المسالك الفاسدة للعلة:

1) مسلك الطرد:

وهو مختلف فيه، وكثر فيه الكلام واللغط، وتوسع فيه بعض الأحناف حتى قاسوا قياسات عجيبة لا يقبلها من له أدنى ذوق أو عقل.

 

والطرد لغة:

الإبعاد، والطَّرَدُ بالتحريك الاسم، والطرد الجريان، تقول: الأنهار تُطرد؛ أي: تجري، واطَّرد الشيء اطِّرادًا؛ أي: تبع بعضه بعضًا وجرى، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن هذا المعنى[68].

 

واصطلاحًا:

عرَّفه الفتوحي بأنه: "مقارنة الحكم للوصف بلا مناسبة، لا بالذات ولا بالتَّبع"[69].

 

ويسمى بالدوران الوجودي، والفرق بينه وبين الدوران، أنَّ الدوران هو ملازمة العلة للحكم وجودًا وعدمًا، وأما الطرد، فهو الملازمة في الوجود دون العدم، وهو عبارة عن المقارنة في الوجود دون العدم، وقد اختلفوا في حجيته وعدمها، حتى إنَّ أغلبهم ألغوه، وقد مثلوا له بقول بعضهم: بأن البرق يستعقب صوت الرعد؛ فلهذا اطرد وغلب على الظن به.

 

ويشترط فيه ألَّا يكون الوصف مناسبًا بالذات ولا بالتبع، فإنَّه لو كان الوصف مناسبًا بالذات لكان قياس علَّة، ولو كان مناسبًا بالتبع لكان قياس شبه[70].

 

والذين قالوا بعدم حجيَّة الطرد، قالوا بعدم حجيَّة الدوران من باب أولى، وهذا مبالغ فيه، والذين قالوا بحجيَّة الدوران، وقع الخلاف بينهم في حجيَّة الطرد:

الأوَّل: قالوا بحجيَّة الطرد، وتكفي المقارنة، ولو في صورة واحدة، وهذا ما نُسب إلى الحسن بن القصار والصيرفي[71]، واحتجا لذلك بقول: وجود الحكم مع الوصف مما يغلب على الظنِّ أن يكون الوصف علَّة؛ لأنَّه لا علَّة للحكم سواه، فلو لم يجعل هذا الوصف علَّة لخلا الحكم من المصلحة وهو باطل[72].

 

والقول الثاني: أنَّ الطرد لا يُعتبر حجَّة مطلقًا، ولا يفيد العليَّة وحده، وهو ما ذهب إليه جمهور الأصوليين، وكل من لم يقل بالطرد والعكس[73]؛ قال الفتوحي: "وليس الطرد دليلًا وحده عند الأئمَّة الأربعة وغيرهم؛ لأنَّه لا يفيد علمًا ولا ظنًّا فهو تحكم، وممن ذهب إلى هذا القول الغزالي؛ حيث ذكر الطرد من المسالك الفاسدة التي لا يجوز الاحتجاج بها[74]، وهو الراجح؛ لأنَّ الطرد لا يفيد علمًا ولا ظنًّا.

 

2) الاستدلال على العلية بعدم وجود دليل على عدم العليَّة:

مثل أن يقال: هذا الوصف علَّة؛ لأنه لا دليل يدل على عدم علِّيته، لأنَّه إذا انتفى الدليل على عدم علِّيته ثبت كونه علَّة للزوم انتفاء المدلول بانتفاء الدليل، ومتى انتفى عدم العليَّة ثبتت العليَّة لأنَّهما نقيضان، والنقيضان لا يرتفعان ولا يجتمعان[75].

 


[1] ينظر في قواميس اللغة.

[2] العلة عند الأصوليين؛ لمبارك عامر بقنة، ص 10.

[3] ينظر: الإحكام للآمدي 277/ 3، والمحصول للرازي 139/ 5، شرح الكوكب المنير 155/ 4، وإرشاد الفحول 167/ 2.

[4] العلة عند الأصوليين؛ لمبارك عامر بقنة، ص 11.

[5] الإحكام للآمدي، ص 277/ 3.

[6] تفسير الطبري.

[7] البحر المحيط 190/ 5.

[8] العلة عند الأصوليين، لمبارك عامر بقنة، ص 12.

[9] رواه أبو داود 75، والترمذي 92، والنسائي 68، وابن ماجه 367، وملك في الموطأ 81/ 1، وغيرهم.

[10] رواه البخاري 1268، واللفظ له ومسلم.

[11] شرح ألفية ابن مالك للحازمي.

[12] رواه أبو داود 1026، والترمذي 393، والحاكم 323/ 1، وابن حبان 2670، وغيرهم.

[13] رواه ابن ماجه 481، والطحاوي 75/ 1، والبيهقي 130/ 1، كلهم من طريق مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان، وقال الطحاوي: هذا الحديث منقطع؛ لأنَّ مكحولًا لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان شيئًا، وقال البصيري في الزوائد: في الإسناد مقال، ففيه مكحول الدمشقي، وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة.

[14] رواه البخاري بسنده إلى أبي هريرة 1936.

[15] رواه البخاري 7158، ومسلم 1717، وأبو داود 3572، والترمذي 1349، والنسائي، وغيرهم.

[16] العلة عند الأصوليين؛ لمبارك عامر بقنة.

[17] يُنظر: الإحكام للآمدي 277/ 3، المحصول للرازي 139/ 5، شرح الكوكب المنير 115/ 4، إرشاد الفحول 176/ 2.

[18] العلة عند الأصوليين؛ لمبارك عامر بقنة.

[19] ينظر: شرح الطبري، سورة مريم، آية رقم 78.

[20] رواه النسائي عن طريق بريدة بن الحصيب الأسلمي، وصححه الألباني.

[21] عن معاذ بن أنس: ((أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عنِ الحبوَةِ يومَ الجمعةِ والإمامُ يخطُب))؛ [أخرجه أبو داود 1110، وابن حزيمة 1815]، والحبوةُ: أنْ يَضَعَ الإنسانُ أَلْيتَيهِ على الأرضِ، ويَضُمَّ رِجْلَيه إلى بَطنِه بثوبٍ، أو بيَدَيه.

[22] رواه مسلم 1587.

[23] علة تحريم الربا عند الحنفية: القدر (الكيل أو الوزن) مع الجنس، فإن اجتمعا حرم الفضل والنساء، فلا يجوز بيع قفيز بر بقفيزين منه، ولا بيع قفيز بر بقفيز بر وأحدهما نساء (مؤجل)، وإن عدما (القدر والجنس) حل التفاضل والنساء، وإن وجد أحدهما – أي: القدر وحده كالحنطة بالشعير، أو الجنس وحده كالثوب الهروي بهروي مثله - حل التفاضل وحرم النساء؛ [انظر: عمدة القارئ (11/ 252)، المبسوط (12/ 113)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 84)، بدائع الصنائع (5/ 183)، تبيين الحقائق (4/ 85)].

[24] الكافي في فقه الإِمام أحمد (2/ 53)، المغني (4/ 26)، الإنصاف (5/ 12)، كشاف القناع (3/ 251، 252).

[25] المغني (4/ 26).

[26] بداية المجتهد (2/ 97)، مواهب الجليل (4/ 346)، تفسير القرطبي (3/ 353)، شرح الزرقاني على الموطأ (3/ 362)، الكافي لابن عبدالبر (ص310، 311)، الخرشي (5/ 57)، الفواكه الدواني (2/ 75)، حاشية الدسوقي (3/ 47).

[27] تفسير البغوي (1/ 342)، الحاوي الكبير (5/ 83)، مختصر خلافيات البيهقي (3/ 380)، شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 9)، المجموع (9/ 502)، مغني المحتاج (2/ 22)، إعانة الطالبين (3/ 12)، كفاية الأخيار (1/ 241)، نهاية الزين (ص 227)، فتح العزيز شرح الوجيز (8/ 163).

[28] المغني (4/ 27).

[29] المجموع (9/ 502).

[30] تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل (1/ 342)، المنتقى للباجي (4/ 239)، الوسيط للغزالي (3/ 47).

[31] تفسير البغوي (1/ 342)، الوسيط (3/ 47)، شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 9)، المجموع (9/ 502).

[32] المغني (4/ 27)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 391).

[33] الربا والمعاملات الصرفية 96، 112.

[34] للمزيد: يُنظر: كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة دبيان الدبيان ص 11/ 18.

[35] البحر المحيط 5/ 231.

[36] أخرجه البخاري 693.

[37] للمزيد: يُنظر: الإبهاج 69/ 3، والبحر المحيط 234/ 5، وشرح الكوكب المنير 190/ 4.

[38] البرهان 44/ 2.

[39] شرح الكوكب المنير 192/ 4.

[40] شرح الروضة لابن بدران 289/ 2.

[41] شفاء الغليل 142، البحر المحيط 206/ 5.

[42] اللسان 252/ 2، مختار الصحاح 601، القاموس المحيط 176.

[43] مختصر المنتهى 293/ 2، الآمدي 294/ 3، تهذيب شرح الإسنوي 87/ 3.

[44] ينظر: إرشاد الفحول 184/ 2، وتهذيب شرح الإسنوي 88/ 3.

[45] رواه البخاري.

[46] مذكرة في أصول الفقه.

[47] كتاب أصول الفقه لعبدالله خلاف (71 – 75) بتصرف كبير.

[48] روضة الناظر لابن قدامة، 87.

 

[49] نشر نظرية التقعيد الفقهي وأثرها في اختلاف الفقهاء، لمحمد الروكي، 528 – 529.

[50] ضوابط المصلحة للبوطي، 330.

[51] حديث حسن، رواه أبو داود، 2408.

[52] رواه البخاري: 1117.

[53] للمزيد: يُنظر: الاعتصام (2/ 627)، بحث المصالح المرسلة لعلي جريشة (ص/ 44)، "أصول الفقه" للشيخ عياض السلمي (ص209)، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، حقيقة البدعة للشيخ الغامدي (2/ 179)، وكتاب البدعة الشرعية لأبي المنذر المناوي، ص 21، وغيرها.

[54] كتاب أصول الفقه لعبدالله خلاف (71 – 75)، بتصرف.

[55] يُنظر: المستصفى 231/ 2، فواتح الرحموت، البحر المحيط 255/ 5، الإبهاج 80/ 3، نثر الورود 522/ 2، شرح الإسنوي 199/ 3، شرح الكوكب المنير 200/ 4، إرشاد الفحول 202/ 2، التلويح على التوضيح 580/ 2، المسود 387، شفاء الغليل 412، المحلى على جمع الجوامع 292/ 2، الإيضاح لقوانين الإصلاح 65، الموافقات 64/ 4، الروضة 2332/ 2، المذكرة في أصول الفقه 244، الوجيز في أصول الفقه 244.

[56] لسان العرب 464/ 3، مختار القاموس 615.

[57] اللسان 279/ 9.

[58] البحر المحيط 255/ 5.

[59] المسودة 387.

[60] المستصفى: (2/ 231) - الإحكام في أصول الأحكام: (3/ 462) - التعريفات للجرجاني: (ص 94) - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: (ص 221) - معجم لغة الفقهاء: (ص 148) - معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية: (1/ 494).

[61] ينظر: الإبهاج 81/ 3، المسودة 393.

[62] البخاري: 2176، ومسلم: 1584.

[63] انظر: الإحكام للآمدي، ٣/ ٣٠٣، نشر البنود للعلوي، 2/ 171، تشنيف المسامع للزركشي ٣/ ٣٢٠.

[64] الإحكام في أصول الأحكام: (3/ 63) - البحر المحيط في أصول الفقه: (4/ 229) - المستصفى: (2/ 233) - شرح الكوكب المنير: (2/ 171) - روضة الناظر وجنة المناظر: (ص 147) - معجم مصطلحات أصول الفقه: (ص 125) - معجم لغة الفقهاء: (ص 125).

[65] مالك: 54، وأحمد: 22528، أبو داود: 75، والنسائي: 68، وابن ماجه: 367.

[66] انظر: نشر البنود للعلوي المالكي، 2/ 208، شرح تنقيح الفصول للقرافي، 389، شرح الكوكب المنير لابن النجار، 4/ 200.

[67] نهاية السول شرح منهاج الأصول: (1/ 336) - البحر المحيط في أصول الفقه: (7/ 324) - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: (2/ 142) - المهذب في أصول الفقه المقارن: (5/ 2084) - معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة: (ص 467) - مذكرة في أصول الفقه: (ص 291).

[68] ينظر: المصباح المنير 371.

[69] ينظر: شرح الكوكب المنير 195/ 4.

[70] حاشية البناني 2/ 291، البرهان 2/ 23.

[71] التبصرة للشيرازي 46، إحكام الفصول للباجي 694، المحصول 221/ 5، البحر المحيط 315/ 7.

[72] ينظر: نهاية السول 73/ 3، أصول الفقه للشيخ زهير 56/ 4.

[73] ينظر: البحر المحيط 314/ 7، إرشاد الفحول 220، تيسير الوصول إلى قواعد الأصول 412.

[74] ينظر: شرح الكوكب المنير 198/ 4، البرهان 791/ 2، قواطع الأدلة 141/ 2، المستصفى 314/ 3.

[75] البحر المحيط 258/ 5، الإبهاج 84/ 3، تهذيب شرح الإسنوي 123/ 3، نثر الورود 525/ 2، المحصول 233/ 5.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلة في المصطلح الأصولي (1)
  • العلة في المصطلح الأصولي (2)
  • العلة في المصطلح الأصولي (4)

مختارات من الشبكة

  • تعريف العلة، وأقسامها، وأبرز المؤلفات فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان الفرق بين العلة والحديث المعل وعلم العلل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين العلة الأصولية والعلة المقاصدية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علم المصطلح وعلم اللغة: أبعاد العلاقة بينهما(مقالة - حضارة الكلمة)
  • توظيف المصطلح في الصراع الحضاري: مصطلح الإرهاب أنموذجا (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • توظيف المصطلح في الصراع الحضاري: مصطلح الإرهاب أنموذجا (PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • أشهر قوادح العلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعليل في النحو بكثرة الاستعمال وأمن اللبس والفرق(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاجتهاد بتحقيق المناط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسالك العلة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب