• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / في الفتن وأشراط الساعة
علامة باركود

سلسلة خطب الدار الآخرة (13): الحوض المورود

سلسلة خطب الدار الآخرة (13) الحوض المورود
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/2/2022 ميلادي - 24/7/1443 هجري

الزيارات: 13124

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة خطب الدار الآخرة (13)

الحوض المورود

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾، ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾، ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾، وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ، وصفيهُ وخليلهُ، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وسيد ولد آدم أجمعين، ﷺ عليهِ، وعلى آله وصحابتهِ والتابعين، ومن تبعهم، أمَّا بعدُ:

فاتقوا اللهَ عباد الله، وأخلِصُوا النيّةَ للهِ جهْدَكُم، فإنَّما الأعمالُ بالنياتِ، واجتهِدوا في الطاعة، فقد أفلحَ من جدَّ في الطاعات، والزَموا الصدْقَ، فإن دينَ اللهِ هو الصدقُ في المُعاملات، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾..

 

أيُّها المؤمنونَ الكرام، هذه هي الحلقةُ الثالثةُ عشرةَ من سلسلة دروسِ الدارِ الآخرة، وكنَّا قد ذكرنا في الحلقة الماضية أنَّ أحداثَ يومِ القيامةِ كثيرةٌ متنوعة, يمكنُ تقسيمها إلى مراحل مختلفة، المرحلةُ الأولى منها مرحلةُ نمو الأجسام، وخروجُ الناسِ من قبورهم، والمرحلةُ الثانية: سَوقُ الناسِ كُل إلى مكانهِ المخصَّصِ حسبَ إيمانهِ وعمله، وذكرنا بعضَ أحوالِ المؤمنينَ في العرصات، وأنهم يستظلونَ بظل العرشِ، وإنَّ يومَ القيامَةِ على طوله يمرُّ عليهم كقدْرِ ما بينَ الظهرِ والعصرِ، وأمَّا العصاةُ فكلٌّ يعذبُ حسبَ معصيتهِ، ثم تحدثنا عن المرحلةُ الثالثة: وهي مرحلةُ الانتظارِ الطويل، في صحيح مسلمٍ قال ﷺ: "تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ القِيامةِ مِنَ الخَلْقِ، حتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كمِقْدارِ مِيلٍ، فيَكُونُ النَّاسُ على قَدْرِ أعْمالِهِم في العَرَقِ، فمِنْهُم مَنْ يَكُونُ إلى كَعْبَيْه ومِنْهُم مَنْ يَكُونُ إلى رُكْبَتَيْه، ومِنْهُم مَنْ يَكُونُ إلى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُم مَن يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجامًا".

 

وإنَّ من أشدِّ ما يُعانيهِ الناسُ في ذلك الموقفِ الرَّهيبِ الطَّويل، انعِدامُ الماء، حتى يصلَ العطشُ بالناس مبلغًا عظيمًا، ويكونونَ في كربٍ أليم، وحر وظمأٍ شديد، تجفُّ اجوافهم، وتلتهب حلوقهم، وتتقرحُ أشداقُهم، فمن رحمةِ اللهِ بعباده المؤمنين أنَّ يجعلَ لهم بأرض المحشرِ أحواضَ ماءٍ، يُشرفُ عليْها الأنبياءُ الكرام، ويرِدُها المؤمنونَ ليشربوا، وهذه هي المرحلةُ الرابعة: مرحلةُ الورود.. قال رسول الله ﷺ: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا، وإنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أيُّهُمْ أكْثَرُ وارِدَةً، وإنِّي أرْجُو أَنْ أَكُونَ أكْثَرَهُمْ وَارِدَةً"؛ صححه الألباني.

 

إذًا فلكلِّ نبيٍّ حوضٌ خاص به، وأعظمُها حوضُ نبينا محمَّدٍ ﷺ، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: أغفى رسولُ اللَّهِ إغفاءةً، فرفعَ رأسَهُ مبتَسِمًا، فقالوا لهُ: لِمَ ضحِكْتَ يا رسولَ اللَّهِ، فقالَ: "إنَّهُ أُنْزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌ فقرأَ: سورة حتَّى ختمَها، ثم قالَ لهم: "هَل تَدرونَ ما الكَوثرُ قالوا اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ، قالَ: هوَ نَهْرٌ أعطانيهِ ربِّي عزَّ وجلَّ في الجنَّةِ علَيهِ خيرٌ كثيرٌ..".

 

والكوثرُ غيرُ الحوضِ، فالكوثرُ: كما في صحيح البخاري، أنَّ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ"، وأمَّا الحوضُ: فهو مجمَعُ الماءِ في أرض المحشر، وماؤهُ مُستمدٌ من نهر الكوثر، فالكوثرُ والحوضُ ماؤهما واحدٌ، إلا أنَّ أحدهما في الجنة، والآخرُ في أرض المحشر، وكلاهما يُسمى الكوثر, لكثرته وعِظَمِ خَيرِه، قال ﷺ في وصف الحوضِ كما في صحيحِ مُسلم: "يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ"، ويغتُّ؛ أي يتدفقُ تدفُقًا شديدًا، وأحاديثُ الحوضِ ثابتةٌ متواترةٌ، تزيدُ على الخمسينَ حديثًا.

 

وقد ذكرَ النبيُّ ﷺ أوصافًا عجيبةً لحوضه الشريف، ترغيبًا وتحفيزًا للمؤمن ليبذلَ الأسبابَ الموجبةَ لوروده والشُّربِ منهُ؛ كقوله ﷺ: حَوْضِي مَسِيرةُ شَهْرٍ، سِعتهُ كما بينَ أيلةَ وصنعاء، وزَوَاياهُ سَوَاءٌ، طولهُ مَسيرةُ شهرٍ، وعرْضهُ مَسيرةُ شهر، ماؤهُ أشدُّ بياضًا من الثلج، وريحهُ أطْيبُ من المِسك، وطعمهُ أحلى من العسلِ باللَّبن، وكِيزانهُ كنجوم السَّماء، أي في عددِها ونورِها ولمعانِها، مَن شرِب مِنهُ شربةً لا يظْمأ بعدها أبدًا، وكلُّ ذلك ثابتٌ في الأحاديث الصحيحة، وهكذا يا عباد الله، فجمالُ صفاتِ هذا الحوضِ العظيم تُذهِلُ العقل، وتُحركُ المشاعِر، وتستثيرُ إيمانَ المسلم ليُجدِّدَ العهدَ مع اللهِ تعالى، والمؤمنُ الصادقُ إذا سمعَ بمثل هذه الأحاديثِ اشتاقت نفسهُ، وعلَت هِمَّتهُ ليعملَ كلَّ ما يستطِيعُ؛ حتى لا تفوتهُ هذه الشربةُ الهنيئة، فاللهُ تعالى سيكرمُ نبيهُ المصطفى ﷺ وأمتهُ المرحومةَ بحوضٍ عظيم، لونه أشدُّ بياضًا من الثلج، وريحهُ أطْيبُ من المِسك، وطعمهُ أحلى من العسلِ، وحينَ يُرفعُ لهم هذا الحوضُ ويتراءونَهُ، ينطلِقونَ إليه مُستبشرين، حتى إذا ما أتوهُ وجدوا أنَّ نبيهم ﷺ قد سبقهُم إليه، قائمًا ينتظرهم هناك، فيصِلونَ إليه وقد بلغَ بهم العطشُ مبلغًا عظيمًا؛ جاء في صحيح مُسلمٍ قال رسول الله ﷺ: "إنِّي علَى الحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَن يَرِدُ عَلَيَّ مِنكُمْ"، وفي مُسلم أيضًا: "وإنِّي لأَصُدُّ النَّاسَ عنْهُ، كما يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عن حَوْضِهِ، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، أَتَعْرِفُنَا يَومَئذٍ؟ قالَ: نَعَمْ لَكُمْ سِيما ليسَتْ لأَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا، مُحَجَّلِينَ مِن أَثَرِ الوُضُوءِ".

 

وإبعاد النبي ﷺ للآخرينَ عن حوضه، إنَّما هو بأمر اللهِ وحكمتِه، فذهابُ كُلُّ مؤمنٍ من الأُمم الأخرى لحوض نبيهم، هو أبلغُ في ظهور مكانةِ ذلك النبي عندَ قومهِ، كما أنَّ فيه إبرازٌ لمكانةِ هذه الأمةِ وخيريتها من بين الأمم.

 

أيُّها الأحبةُ الكرام، إذا كانَ المصطفى ﷺ سينتظرنا بجوار حوضه، وسيعرفنا من بين الناس، فماذا أعددْنا لذلك اللقاء المصيريِّ المهيبِ، ماذا أعددنا ليُسمحَ لنا بأن نقتربَ ونشرب، فليس كلُّ المسلمينَ سيُسمحُ لهم، هناك من سيطردُ ويذاد، ففي صحيح البُخاري، أنَّ النَّبي ﷺ قال: "إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مِنِّي، وَمِنْ أُمَّتِي، فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ".

 

فتصوروا يا عباد الله، فالناسُ سيرِدُونَ الموقفَ وهيَ عطْشى بأمس الحاجةِ ليطفؤوا ظمأهم، فيرِدُ المؤمنونَ أحواضَ أنبيائهم، ويذادُ عنهُا من خالفَ جماعتهم، وفارقَ سبيلهم، نعم سيُطردُ عنها أولئك الذين بدَّلوا دينَهم وحرَّفوه، وأحدثوا فيه وبدلوه، وكذلك سيطردُ الظَّلمةُ المسرفونَ في جورهم، وأصحابُ الكبائرِ المصِّرينَ على كبائرهم، أمَّا الكفَّارُ ومن استوجبَ الخلودَ في النَّار فلهم شأنٌ آخر، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [النور: 39]، وقال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29].

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله...

 

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أمَّا بعدُ:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].

 

معاشِرَ المؤمنين الكرام، الحوضُ بإذن اللهِ ورحمته, موعِدُنا مع حبيبنا المصطفى ﷺ، فالحوضُ المورودُ هو مُلتقى أهلِ الإيمان, قبل دخولهم الجِنان، هناك يُطفأُ ظمأهم، ويَسكُنُّ خوفهم، وتَقرُّ عُيونهم، برؤية نبيهم ﷺ، وصحابتهِ الكرام، وسادةُ الأمَّةِ الأعلام، الحوضُ: هو بدايةُ فرحِ المؤمنين في الآخرة؛ لأنه لا يصلهُ إلا الفائزون المفلحون، ولقد ذكرَ العلماءُ عِدةَ أسبابٍ تمكنُ المؤمنَ من أن يصلَ للحوض ويفوزَ بتلك الشربةِ الهنيئة، وأولُ تلك الأسبابِ وأهمها: الاستقامةُ على دينِ الله، فالمتمسكُ بكتاب اللهِ الحكيم، المتَّبِعُ لسنة رسولهِ الكريم، الحريصُ على اتباع هديهِ القويم، البعيدُ عن البدعِ والظُّلمِ وكبائر ِالمنكرات، هو من سيأتي ربهُ بقلبٍ سليم، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أنَّ النبيَّ ﷺ قال: "إني قد تركتُ فيكم شيئينِ لن تضلوا بعدهما: كتابُ اللهِ وسنتي، ولن يتفرقا حتى يرِدا عليَّ الحوض"؛ صححه الألباني، وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه: أنَّ النبيَّ ﷺ قال: "إنِّي فَرَطُكُمْ علَى الحَوْضِ، مَن مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، ومَن شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أقْوامٌ أعْرِفُهُمْ ويَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحالُ بَيْنِي وبيْنَهُمْ. فأقُولُ إنَّهُمْ مِنِّي، فيُقالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَن غَيَّرَ بَعْدِي"؛ متفقٌ عليه..

 

وثاني الأسباب: عدمُ إعانةِ الظَّلمةِ على ظُلمهم، فعن كعبِ بن عُجرةَ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ له: "أعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ"، قَالَ َومَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ، قَالَ: "أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِى لاَ يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلاَ يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي"، والحديث صححهُ الألباني..

 

وثالثها: الصبرُ على نقصِ حُظوظِ الدنيا، واستئثارُ الآخرينَ بها، ففي صحيح البخاريُ ومسلمٌ عن أنس بن مالك رضى الله عنه: أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ للأنصار: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، وَمَوْعِدُكُمْ الْحَوْضُ".

 

ورابعُ الأسباب: المحافظةُ على الوضوء، فأمَّةُ محمدٍ ﷺ سيأتونَ يوم القيامةِ مميزينَ عن غيرهم، يُعرفون بمجرد النظر إليهم، ففي صحيح مُسلمٍ، قال رسول الله ﷺ: "تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتي الحَوْضَ، وَأَنَا أَذُودُ النَّاسَ عنْه، كما يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عن إِبِلِهِ، قالوا يا نَبِيَّ اللهِ أَتَعْرِفُنَا؟، قالَ: نَعَمْ, لَكُمْ سِيما ليسَتْ لأَحَدٍ غيرِكُمْ, تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثَارِ الوُضُوءِ".

 

ألا فاتقوا الله عباد الله، وتمسَّكوا بالكتاب والسنة تفلحوا، وإياكم والظُّلم، فالظُّلمُ ظُلماتٌ يوم القيامة، واسبغوا الوضوءَ فالطَّهورُ شَطْرُ الإيمانِ، وحافظوا على الصلاة, فالصلاةُ نورٌ، وأكثروا من الصدقة، فالصدقةُ بُرهان، وعليكم بالصبر فالصَّبْرُ ضِياء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ﴾ [آل عمران: 200]، اللهم صلِّ على محمدٍ...

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلسلة خطب الدار الآخرة (7): أول ثلاث آيات من الأشراط الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (8): بقية الآيات الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (9): آخر الآيات الكبرى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (10): قيام الساعة وأهوالها
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (11): البعث والنشور
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (12): أحوال الناس في العرصات
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (14): الشفاعة العظمى
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (15): العرض العام على الله
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (16) الجدال والتخاصم بين الغرماء
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (17) الحساب الفردي
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (18) الميزان واستلام الصحف
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (19) العبور على الصراط والشفاعات
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (20) النار وأهوالها
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (22) الأخيرة: أعمال أهل الجنة وصفاتهم

مختارات من الشبكة

  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (12)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (10)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (8)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (7)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (6)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (5)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (4)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (3)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (2)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب