• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أقسام العلم ومراتب الإدراك

أقسام العلم ومراتب الإدراك
عصام الدين بن إبراهيم النقيلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2022 ميلادي - 18/7/1443 هجري

الزيارات: 49812

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أقسام العلم ومراتب الإدراك

 

أولًا: المعنى اللُّغوي "للعلم":

أصل مادة (علم) تدلُّ على أثر بالشَّيء يتميز به عن غيره[1]، فهو من العلامة والأثر[2].

 

ورجلٌ علَّامةٌ، أي: كثير العلم، والتاء للمبالغة، واستعلمه الخبر فأعلمه إياه[3].

 

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي للعلم:

عرَّف الجرجاني العلم بأنَّه: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع[4].

 

وعرَّفه المناوي بأنَّه: الاعتقاد الجازم الثَّابت المطابق للواقع؛ إذ هو صفةٌ توجب تمييزًا لا يحتمل النَّقيض، أو هو حصول صورة الشَّيء في العقل، والأول أخص[5].

 

وقيل هو: إدراك الشيء على ما هو به[6].

 

وقولهم: (الاعتقاد الجازم الثَّابت المطابق للواقع)، يقتضي انطباعًا في العقل بما يكون له أثرٌ وعلامة راسخة، كما أن دلالة أنَّه (صفةٌ توجب تمييزًا لا يحتمل النَّقيض) لبيان أن كلَّ معلوم بعد العلم به ينضبط بدقَّةٍ عالية يتميَّز من خلالها عن غيره من المعلومات، و(حصول صورة الشَّيء في العقل) إن بعد التمييز فإنَّ الصورة تتطوَّر إلى اعتقاد قلبيٍّ ثابت جازم، يطابق ذلك الواقع الذي عليه ذلك الأمر، والله تعالى أعلم.

 

أقسام العلم:

ينقسم العلم إلى قسمين: علم ضروري، وعلم نظري:

1) العلم الضروري:

يفيدُ العلمَ بلا استدلالٍ[7]، ويستوي في إدراكه الخاص والعام.

 

والعلم الضَّروري ويسمى أيضًا (البديهي)[8] وهو ما لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر وفكر، فيحصل بالاضطرار وبالبداهة، كتصديقنا بأنَّ الكلَّ أعظم من الجزء، وبأنَّ النَّقيضين لا يجتمعان، وأنَّ الواحد نصف الاثنين، وأنَّ النَّار حارقةُ، والسَّماء فوقنا، والله واحد، وهكذا...

 

2) العلم النَّظري:

والعلم النَّظريُّ يُفيدُ العلم، لكن، مع الاستِدْلالِ على الإِفادةِ[9].

 

كالعلم بوجوب النيَّة في العبادات، والوضوء للصَّلاة، وكالعلم بأنَّ الغسل رافع للجنابة، وكعلمنا بطريقة الوضوء والغسل والصَّلاة، فكلُّ هذَا يحتاج إلى نظر واستدلال.

 

والعلم النظري له مراتب، وقد سمَّوها بـ: مراتب الإدراك الستَّة.

 

مراتب الإدراك:

الأدراكُ لغةً:

مصدرُ أدركَ[10]، وأدركَ الصبيُّ والفتاةُ: إذَا بلغَا، ويطلقُ الإدراكُ فِي اللُّغةِ ويرادُ بهِ: اللَّحاقُ، يقالُ: مشيتُ حتَّى أدركتهُ، ويرادُ بهِ أيضًا: البلوغُ فِي الحيوانِ والثَّمرِ، كمَا يستعملُ فِي الرُّؤيةِ فيقالُ: أدركتهُ ببصرِي: أيْ رأيتهُ، وقدِ استعملَ الفقهاءُ الإدراكَ بمعنَى: بلوغِ الحلمِ، فيكونُ مساويًا للفظِ البلوغِ بهذَا الإطلاقِ، ويطلقُ بعضُ الفقهاءِ الإدراكَ ويريدونَ بهِ أوانُ النضجِ[11].

 

الإدراكُ اصطلاحًا:

وصولُ النَّفسِ إلَى المعنَى بتمامهِ[12].

المرتبة الأولى: العلم:

وقد سبق تعريفه، وهو المعبَّر عنه باليقين، واليقين: هوَ الاعتقادُ الجازمُ المطابقُ للواقعِ[13]، واختلفُوا فِي هلِ اليقينُ يفيدُ العلمَ الضَّرورِي أمِ النَّظرِي، والظَّاهرُ أنَّهُ يفيدُ كلاهمَا علَى ما سيأتِي منَ التَّقسيماتِ.

 

واليقينُ علَى ثلاثةِ أقسامٍ:

1) علمُ اليقينِ.

2) عينُ اليقينِ.

3) حقُّ اليقينِ.

 

ويجمعهَا قولهُ تعالى: ﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ * ثمَّ لتَرَونَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ ﴾ [التكاثر: 5 – 7].

 

وقولهُ تعالَى: ﴿ إنَّ هَذَا لَهُوَ حقُّ اليَقِينِ ﴾ [الواقعة: 95].

 

فالأوَّلُ: هوَ العلمُ بالشَّيءِ عِلمًا جازِمًا وهوَ علمٌ يقينيٌّ: لقولهِ تعالَى: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14].

 

قال الطبري: وأيقنتها قلوبهم، وعلموا يقينا أنها من عند الله – تعالى - فعاندوا بعد تبينهم الحق، ومعرفتهم به[14].

 

والثَّاني: هيَ الرُّؤيةُ التِي تحقِّقُ درجةً منَ اليقينِ أعلَى منَ علمِ اليقينِ، لقوله تعالى: ﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 97].

 

يقول الطبري: فإذا أبصار الذين كفروا قد شخصت عند مجيء الوعد الحقّ بأهواله وقيام الساعة بحقائقها، وهم يقولون: يا ويلنا قد كنا قبل هذا الوقت في الدنيا في غفلة من هذا الذي نرى ونعاين ونزل بنا من عظيم البلاء[15].

 

وقال ابن كثير: ﴿ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ أي: من شدة ما يشاهدونه من الأمور العظام[16].

 

وقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12].

 

قال السعدي: ﴿ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ﴾ أي: بان لنا الأمر، ورأيناه عيانًا، فصار عين يقين[17].

 

والثَّالثُ: هوَ الحقيقةُ الملموسةُ، وهوَ بدخولِهم للجحيمِ، حينهَا يتحقَّق مَا علِموهُ يقينًا ومَا رأوهُ يققينا، وهوَ حقُّ اليقينِ، ومنهُ قولهُ تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الحاقة: 51].

 

قال السعدي: ﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ﴾ أي: أعلى مراتب العلم، فإن أعلى مراتب العلم اليقين وهو العلم الثابت، الذي لا يتزلزل ولا يزول. واليقين مراتبه ثلاثة، كل واحدة أعلى مما قبلها: أولها: علم اليقين، وهو العلم المستفاد من الخبر. ثم عين اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة البصر. ثم حق اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة الذوق والمباشرة[18].

 

وقال تعالى: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعدَنَا ربُّنَا حَقًا ﴾ [الأعراف: 44].

 

أيْ وجدُوا مَا وعدهمْ ربُّهمْ حقَّ اليقينِ، وكانُوا قدْ علموهُ فِي دنياهُمْ علمَ اليقينِ، ثمَّ رأوهُ يومَ القيامةِ عينَ اليقينِ، ثمَّ دخلُوا الجنَّةَ فتحقَّقَ اليقينُ.

 

وأمَّا ابنُ القيِّمِ فقدْ عبَّرَ عنْ أقسامِ اليقينِ الثَّلاثةِ بمَا يلِي:

القسم الأولَى: علمُ اليقينِ، وهيَ انكشافُ المعلومِ للقلبِ، بحيثُ يشاهدهُ ولَا يشكُّ فيهِ كانكشافِ المرئيِّ للبصرِ.

 

القسم الثَّانيةُ: عينُ اليقينِ، أي مشاهدةُ المعلومِ بالأبصارِ.

 

القسم الثَّالثةُ: حقُّ اليقينِ، وهيَ أعلَى درجاتِ اليقينِ، وهيَ مباشرةُ المعلومِ وإدراكهُ الإدراكَ التَّامَ.

 

فالأولَى: كعلمكَ بأنَّ في هذَا الوادِي ماءً.

والثَّانيةُ:كرؤيتهِ.

والثَّالثةُ:كالشُّربِ منهُ[19]. انتهى كلام ابن القيم.

 

مثالٌ آخرٌ: إيماننَا الجازمُ بالجنَّةِ والنَّارِ، هذَا علمُ اليقينِ؛ فإذَا أزلفتِ الجنَّةُ يومَ القيامةِ للمتَّقينَ، وشاهدهَا الخلائقُ، وبرِّزتِ الجحيمُ للغاوينَ، ورآهَا الخلائقُ، فذلكَ عينُ اليقينِ، فإذَا أدخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ وأهلُ النَّارِ النَّارَ، فذلكَ حينئذٍ حقُّ اليقينِ[20].

 

ومنْ خلالِ مَا تقدَّمَ يتَّضحُ أنَّ اليقينَ هوَ درجةٌ منَ العلمِ أعلَى وأسمَى منَ المعرفةِ والدِّرايةِ، فهوَ في أعلَى حدودِ العلمِ[21].

 

وممَّا ينبغِي أنْ يُعلمَ أنَّ اليقينَ يقوَى ويضعفُ ويزدادُ وينقصُ، فهوَ درجاتٌ متفاوتةٌ، قالَ ابنُ تيميَّةَ رحمهُ تعالَى: للمؤمنينَ العارفينَ باللهِ المحبِّينَ لهُ منْ مقاماتِ القربِ و"منازلِ اليقينِ" مَا لَا تكادُ تحيطُ بهِ العبارةُ، ولَا يعرفهُ حقَّ المعرفةِ إلَّا منْ أدركهُ ونالهُ[22].

 

وقالَ عنِ اليقينِ فِي موضعٍ آخرَ: "لهُ درجاتٌ متفاوتةٌ"[23].

 

وقالَ الشيخُ محمَّدٌ بنُ عبدِ الوهَّابِ: "اليقينُ يضعفُ ويقوَى"[24].

 

والسؤالُ أيُّ أنواعِ اليقينِ الذِي يقوَى ويضعفُ؟

 

الجواب: لا يكونُ إلَّا علمُ اليقينِ، ويستحيلُ أنْ يكونَ حقَّ اليقينِ لأنَّهُ كمَا أسلفنَا أنَّ فِي مرتبةِ حقِّ اليقينِ قدْ تحقَّق الأمرُ وانتهَى، فلَا مجالَ للزيادةِ فيهِ ولَا النقصانِ، وكذلكَ عينُ اليقينُ، فلَا أيقنَ منَ العينِ لاستيعابِ الحقيقةِ، فإن نقص اليقين من عين اليقين فلا يكون إلَّا وهمًا، وهذا لا يكون في علم اليقين فضلا على عين اليقين، ولكنَّه يتحقق فيما يقابل الظن، وهو قسم رابع من أقسام اليقين كما سيأتي.

 

والمرتبة الثانية هي: الظنُّ:

هو الاعتقاد الرَّاجح مع احتمال النَّقيض، ويستعمل في اليقين والشَّك، وقيل: الظَّن أحد طرفي الشَّك بصفة الرُّجحان[25].

 

أو تقول: هو تجويز أمرين أحدهما أرجح من الآخر، فالرَّاجح منهما هو الظنُّ، والمرجوح هو الوهم.

 

ويجب أن يُعلم؛ أنَّ الظَّنَّ لَا يُفيدُ العلمَ (أيْ اليقينَ) قبلَ التَّرجيحِ، فإنْ رُجِّحَ الظنُّ أصبح قسمًا منْ أقسامِ اليقينِ ويفيدُ حينهَا العلمَ وهو أدنى أقسام اليقين ويمكن تسميته ظن اليقين، منهُ قولهُ تعالَى: ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَّاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ﴾ [القيامة: 26 – 28].

 

قالَ ابنُ كثيرٍ: فهنَا لمَا بلغتِ الرُّوحُ إلَى التَّراقِي وهيَ جمعُ ترْقوةٍ وهيَ العظامُ التِي بينَ ثغرةِ النَّحرِ والعاتقِ[26].

 

جوَّزَ المحتظرُ حينهَا أمرينِ، وهوَ أنَّهُ سيموتُ أوْ أنَّه لَنْ يموتَ ساعتهَا، ثمَّ رجَّحَ أنَّهُ الفراقُ، أيْ الموتُ بعدَ أنْ تيقَّنَ منْ ذلكَ؛ ونخرجُ بهذَا أنَّ الظَّنَّ الرَّاجحَ يفيدُ العلمَ، وهوَ جزءٌ منَ اليقينِ إن رُجِّحَ.

 

قال الطَّبري: "وظنَّ أنَّهُ الفراقُ" يقولُ تعالَى ذكرهُ: و"أيقنَ" الذِي قدْ نزلَ بهِ أنَّهُ فراقُ الدُّنيَا والأهلِ والمالِ والولدِ[27].

 

وعنِ الزَّركشِي قالَ: وكلُّ ظنٍّ يتَّصلُ بهِ "إنَّ" المشدَّدةُ فهوَ يقينٌ، كقولهِ تعالَى: ﴿ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيهْ ﴾ [الحاقة: 20] [28].

 

قال الطبري: عن ابن عباس، قوله: ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ يقول: أيقنت.

 

وعن عن قتادة ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾: ظنّ ظنا يقينا، فنفعه الله بظنه[29].

 

وقال السعدي: أي: أيقنت فالظن هنا بمعنى اليقين[30].

وقال البغوي: ﴿ إِنِّي ظَنَنَتُ ﴾، علمت وأيقنت[31].

 

وقال ابن كثير: أي: قد كنت موقنا في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة، كما قال: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾[ البقرة: 46] [32].

 

وقال القرطبي: إني ظننت أي أيقنت وعلمت[33].

 

وأمَّا الصلة بين الظن واليقين تحسن الإشارة إليها في هذا الموضع:

فإطلاق الظن في كلام العرب على معنى اليقين كثير، وقد ورد ذلك في كتاب الله تعالى، والعرب تطلق الظن بمعنى اليقين ومعنى الشك[34] أيضًا، فبعض الظن يطلق والمراد به اليقين، وأما اليقين فلا يطلق على الظن.

 

والعلم والظن يشتركان في كون كل واحد منهما اعتقادًا راجحًا، إلا أنّ العلم راجح مانع من النقيض، والظن راجح غير مانع من النقيض. فلمّا اشتبها من هذا الوجه؛ صح إطلاق اسم أحدهما على الآخر[35].

 

والعرب تستعمل الظن في موضع العلم فيما كان من علم أدرك من جهة الخبر أو من غير وجه المشاهدة والمعاينة أو التحقيق، فأما ما كان من علم أدرك من وجه المشاهدة والمعاينة أو التحقيق فإنها لا تستعمل فيه الظن، وعلى هذا فإنَّهم يستعملون الظن كجزء من علم اليقين في أدنى درجاته، ولا يدخل في عين اليقين ولا حق اليقين، ومع ذلك فلا يكون الظن بمعنى علم اليقين إلَّا بعد الترجيح، وهو بذلك من جنس العلم النظري، أي: اليقين النظري، أمَّا العلم الضروري، أي: اليقين الضروري، فالظن ليس من جنسه ولا يُدعى العلم الضروري بالظنِّ، ولعلَّ العلم الضروري يأتي بالظنِّ أيضا، فيرى الإنسان النَّار فيظن ويُرجِّح من دفئها أنها حارقة ولا يحتاج لحرق نفسه ليكون علمه ضروريا، فهذا علم ظنيُّ يصدق أن تطلق عليه علما ضروريًّا، بل قد يصل الظن إلى عين اليقين وعين اليقين عينان، عين القلب، والعين البصيرة، ومرادنا هو عين القلب، ودليلنا قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾[الحج: 46]، قال السعدي: أي: هذا العمى الضار في الدين، عمى القلب عن الحق، حتى لا يشاهده كما لا يشاهد الأعمى المرئيات، وأما عمى البصر، فغايته بلغة، ومنفعة دنيوية[36].

 

وقال ابن كثير: يقول: فإنها لا تعمى أبصارهم أن يبصروا بها الأشخاص ويروها، بل يبصرون ذلك بأبصارهم؛ ولكن تعمى قلوبهم التي في صدورهم عن أنصار الحق ومعرفته[37].

 

وهي عين القلب البصيرة فيظن بعد الترجيح ظنًّا شديدا لا يشوبه أدنى شكٌّ حتَّى يرى بعيني قلبه الحقيقة، فيرى وعد الله تعالى ووعيده، وهو معنى قوله تعالى: ﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ ﴾ [5 – 6]، وعلى هذا والظنُّ بجميع أنواعه يصلح للاستدلال ما يصلح له القين عمومًا.

 

المرتبة الثالثة: الشَّكُّ:

هوَ إدراكُ الشَّيءِ معَ احتمالٍ مساوٍ[38]، وهوَ تجويزُ أمرينِ لَا أحدَ فيهمَا أرجحُ منَ الآخرِ، ولَا مزيَّةَ لأحدهمَا علَى الآخرِ، أيِ استوَى طرفاهُ.

 

المرتبة الرابعة: الوهمُ:

هوَ إدراكُ الشَّيءِ معَ احتمالِ ضدٍّ راجحٍ[39]، وهوَ مرجوحُ الظَّنِّ.

 

وكما يُقابل الظنَّ الوهم، يقابل العلم الجهل، وهو على قسمين:

بسيط ومركب:

المرتبة الخامسة: الجهل البسيط:

هو عدمُ إدراكِ الشَّيئِ بالكلِّيَّةِ[40].

 

المرتبة السادسة: الجهلُ المركَّبُ:

هوَ إدراكُ الشَّيءِ علَى خلافِ مَاهوَ عليهِ[41].

 

وهوَ شرُّ مَا فِي البابِ، بحيثُ رُكِّبَ علَى صاحبهِ العديدُ منَ الأمورِ، أوَّلُهَا: أنَّهُ جاهلٌ بالشَّيءِ، الثَّاني: أنَّهُ جاهلٌ بأنَّهُ جاهلٌ، الثَّالثُ: أنَّهُ مدركٌ للشَّيءِ علَى خلافِ مَاهوَ عليهِ، فرُكِّبَ عليهِ جهلانِ وعلمٌ مخالفٌ للحقيقةِ، لذلكَ سمِّيَ جهلًا مركَّبًا، وفيهِ كتَبَ أحدهمْ بيتينِ بشكلِ طُرافةٍ حيثُ قالَ:

قالَ حمارُ الحكيمِ تومَا:

لوْ أنصفَ الدَّهرُ لكنتُ أركَبُ - لأنَّنِي -
جاهلٌ بسيطُ وصاحبِي جاهلٌ مركَّبُ

ونحنُ لَا نقولُ لوْ أنصفَ الدَّهرُ فالدَّهرُ هوَ اللهُ تعالَى كمَا نصَّ علَى ذلكَ الحديثُ حيثُ قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فِي مَا يخبرُ بهِ عنْ ربِّهِ: "يؤذينِي ابنُ آدمَ يسبُّ الدَّهرَ وأنَا الدَّهرُ..." [42].

 

ولكنَّنَا نقولُ "لو أنصفَ القومُ لكنتُ أركبُ"، وما كتبناهَا إلَّا للأمانةِ العلميَّةِ.

 

وتومَا هذَا كانَ رجلًا يدَّعِي الحكمةَ، وهوَ فِي أصلهِ جاهلٌ جهلًا مركَّبًا، ومنْ حكمِهِ أنَّهُ أفتَى يومًا النَّاسَ وقالَ: "تصدَّقُوا ببناتكمْ علَى شبابِ المسلمينَ"، وهوَ لَا يدرِي أنَّ النِّكاحَ لهُ شروطٌ يصحُّ بهَا العقدُ، وإنِ اختلَّتِ الشُّروطُ فهوَ زنًا.

 

فقالَ: المحبِّيُ فِي ذلكَ:

تصدَّقَ بالبناتِ علَى البنينِ
يريدُ بذلك جنَّةَ النَّعيمِ[43]

وتومَا هذَا كانَ أبوهُ طبيبًا، وبعدَ وفاتهِ ورثَ كتبَ أبيهِ وبدأَ يشتغلُ بهَا، وكانَ يقرأُ "الحبَّةُ السَّوداءُ شفاءٌ منْ كلِّ داءٍ"، غيرَ أنَّ النُّسخةَ التِي كانَ يقرأُ منهَا فيهَا خطأٌ املائيٌ بسيطٌ، حيثُ استُبدِلَتْ كلمةُ "الحبَّةُ" ب "الحيَّةِ" فقرأهَا "الحيَّةُ السَّوداءُ شفاءٌ منْ كلِّ داءٍ"، وقيلَ أنَّهُ كانَ يبحثُ عنْ حيَّةٍ سوداءَ فلدغتهُ وماتَ، وفِي روايةٍ قيلَ أنَّهُ تسبَّبَ بموتِ خلقٍ كثيرٍ.

 

وقد قال أبو حيَّان النحوي:

يظنُّ الغَمرُ أنَّ الكتب تهدي
أخا فهمٍ لإدراكِ العلومِ
ومَا يدرِي الجهولُ بأنَّ فيهَا
غوامضَ حيَّرتْ عقلَ الفهيمِ
إذَا رُمتَ العلومَ بغيرِ شيخٍ
ضللتَ عنِ الصِّراطِ المستقيمِ
وتلتبسُ الأمورُ عليكَ حتَّى
تكونَ أضلُّ منْ تومَا الحكيمِ[44]

 

وهذه تسمى مراتب الإدراك الستة، أعلاه العلم بأقسامه وهي: علم اليقين ثمَّ عين اليقين، ثمَّ حق اليقين، ثم الظن الراجح، ثم َّشك، ثمَّ الوهم، ثم الجهل البسيط، فالمركب.

 

إلَّا أنَّ الجهل المركَّب على أربعة أقسام:

1 – جهل مركب قطعي:

وهو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا قطعيًّا.

 

مثل الكهنة من عباد البقر، فهم يدركون أنَّ آلهتهم بقرة، وهم يعبدونها، فهم أدركوا العبوديَّة على خلاف ماهي عليها، إدراكا جازما، هذا بما أنَّهم كهنة.

 

2 – جهل مركب ظني:

وهو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا ظنيًّا.

 

وهو إدراك خاطيٌ جاء بعد تدبُّر واستدلال كعامَّة عبَّاد الأوثان، فإنَّهم قد تساءلوا وسألوا أهل الشرائع عن شرائعهم ثمَّ رُجِّح عندهم أنَّ أوثانهم المعوجَّة وعبادتها هي الحقُّ، وباقي الشرائع عندهم مرجوحة، فإن كان المرجوح هو الحقُّ الأصلي فلا يكون هذا النوع من الجهل إلَّا الوهم بعينه، فالوهم مرجوح الظن، فمتبِّع الوهم هو جاهل مركب من جنس إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا ظنيًّا، وإن كان مرجوحه ليس الحق، فيبقى ظنًّا باطلا، ومرجوحه باطل من جهة أنَّه مرجوح الظن، وباطل لأنَّه يرى أنَّه وهم، وباطل لأنَّ الرَّاجح والمرجوح على خلاف الحق، والظن عكس إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا يقينيًّا، فهذا الأخير ليس له ضدٌّ مرجوح ولا شكٌّ في غيره.

 

3 – جهل مركب شكِّي:

وهو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا شكيًّا.

 

فهو مدرك لعديد من الأمور وكل هذه الأمور هي على خلاف الحق، ومع ذلك فهو لا يدري أين الحق فيها، فهو متذبذب بينها، كحال عبَّاد الكواكب، كلَّ يوم يعبد كوكبا ويظنُّ فيه الخير، وهي كلها على خلاف الحق، فإنَّ ترجَّح له أمر بينها أصبح هذا الجهل المركب هو: إدراك للشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا ظنيا، وهو عين الوهم إن كان مرجوحه هو الحق، فإن لم يكن له ضد مرجوح فهو إدراك للشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا يقينيا.

 

4 – جهل مركب وهمي:

وهو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه إدراكا وهميا.


وهو إدراك مرجوح باطل من ظن راجح باطل.



[1] انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/ ١٠٩.

[2] انظر: مشارق الأنوار، القاضي عياض ٢/ ٨٣.

[3] انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٢/ ٤١٧، مختار الصحاح، الرازي ص٢١٧.

[4] التعريفات، الجرجاني ص١٥٥.

[5] التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص٢٤٦.

[6] الحدود الأنيقة، السنيكي ص٦٦.

[7] كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي - ص197 -الفرق بين العلم الضروري والعلم النظري.

[8] البديهي بهذا المعنى مرادف للضروري المقابل للنظري، وقد يطلق «البديهي» على المقدمات الأولية، راجع شرح الشمسية (ص ١٢)، وشرح المطالع (ص ١٠)، والقواعد الجلية (ص ١٨٤).

[9] كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي - ص197 -الفرق بين العلم الضروري والعلم النظري.

[10] معجم المعاني.

[11] الموسوعة الفقهية موقع إسلام ويب.

[12] شرح نظم العمريطي.

[13] نزهة النظر لابن حجر العسقلاني.

[14] تفسير الطبري.

[15] السابق.

[16] تفسير ابن كثير.

[17] تفسير السعدي.

[18] السابق.

[19] ينظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم.

[20] انظر: مدارج السالكين لابن القيم.

[21] ينظر: الزركشيّ‏، البرهان في علوم القرآن ج 1، ص 408.

[22] مجموع فتاوى شيخ الإسلام.

[23] الاستقامة.

[24] كتاب التوحيد للشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهَّاب.

[25] التعريفات للجرجاني.

[26] تفسير ابن كثير.

[27] تفسير الطبري.

[28] الإتقان في علوم القران للسيوطي.

[29] تفسير الطبري.

[30] تفسير السعدي.

[31] تفسير البغوي.

[32] تفسير ابن كثير.

[33] تفسير القرطبي.

[34] دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، الشنقيطي ص ١٧.

[35] مفاتيح الغيب، الرازي ٣/ ٤٧.

[36] تفسير السعدي.

[37] تفسير ابن كثير.

[38] ينظر حاشية كتاب "زينة النواظر وتحفة الخواطر" لابن عطاء الله السكندري.

[39] السَّابق.

[40] السَّابق نفسه.

[41] السَّابق نفسه.

[42] متَّفقٌ عليهِ.

[43] خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

[44] الآداب الشرعية لابن مفلح (2/ 152).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقسام العلماء
  • اللف والنشر في القرآن

مختارات من الشبكة

  • أقسام القراء ومراتبهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام السلوك الأخلاقي ومراتبه(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • شرح كتاب الدروس المهمة- الدرس السابع (أقسام التوحيد وأقسام الشرك)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أقسام التوحيد وأقسام الشرك(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • أقسام التوحيد وتعريفاتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الناس في العلم والعمل(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • أقسام الناس في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام العلم في النحو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رأي الإمام الشاطبي في أقسام تحقيق المناط في الاجتهاد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب