• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الخطاب الخلاب في خبر مسيلمة الكذاب

الخطاب الخلاب في خبر مسيلمة الكذاب
محمد السيد حسن محمد


تاريخ الإضافة: 14/2/2022 ميلادي - 12/7/1443 هجري

الزيارات: 9685

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخطاب الخلاب في خبر مسيلمة الكذاب

 

هذا لطف النبي صلى الله عليه وسلم مع مسيلمة الكذاب، وحين ادعى أنه أُشْرِكَ في الأمر مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ودون دليل أو برهان، وبغير سند لا من واقع أو سنة أو قرآن، وقد غاب عن هذا الأحمق أنه الله تعالى جعله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وفي قرآن كريم يتلى إلى يوم الدين، وحين قال الله تعالى رب العالمين ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب:4].

 

ولكن هذا النبي صلى الله عليه وسلم كان قد رأى تصديق ذلك من منامه، ولأن رؤيا الأنبياء حق، ولأنها تأتي كفلق الصباح، وبالتالي فادعاء هذا كذبا أنه أشرك معه في الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بحد ذاته علم على نبوة هذا النبي العربي الأمي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكما قلنا أبدًا فإن هذه الأعلام وقد كان بإمكانهم أن يجردوها من إعجاز صاحبها، ولما يفعلون نقيضها! ولكنه وأنى لهم ذلك؟! وها هو الإعجاز يحاصرهم في كل مخبأ، وها هو التحدي يحيطهم من كل منحى، وها هو الصرف يطاردهم ومن كل صعيد، وإن كل ذلك في يقظتهم، أو من منامهم؛ ليعكر عليهم صفوهم، وكيما يعيشوا أبدًا في نكد وكدر، ومما سببوه من دخن وعكر.

 

ويكأن هذه الأعلام بمثابة برهان آخر، وكدليل آخر على نبوة هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وبالتالي فمقامها هكذا إثباتًا وبلاغًا، ولذا كان التحدي، ولست أقول صرفًا، وكيما لا يقال صرف! ولكنه هكذا ماثل أمامنا؟ وعلى جاحد أن يبطله، أو أن يأتينا من برهان.

 

هذا وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه ما أولهما صلى الله عليه وسلم أنهما خروج دعيي النبوة ذاك مسيلمة الكذاب في اليمامة، وذاك الأسود العنسي في اليمن!

 

فعن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة، فنزل في دار بنت الحارث، وكان تحته بنت الحارث بن كريز، وهي أم عبد الله بن عامر، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس - وهو الذي يقال له: خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيب، فوقف عليه فكلمه، فقال له مسيلمة: إن شئت خليت بيننا وبين الأمر، ثم جعلته لنا بعدك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت، وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، قال عبيدالله بن عبدالله: سألت عبد الله بن عباس عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكر، فقال ابن عباس: ذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم أريت أنه وضع في يدي سواران من ذهب، ففظعتهما وكرهتهما، فأذن لي، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان. فقال عبيد الله: أحدهما العنسي، الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة الكذاب[1].

 

وهذا الذي حدث، وكما قلت آنفًا، فقد كان من إمكانهما رده، أحدهما أو كلاهما على الأقل، وليبطلا هذا الدين من أساسه، ولكنه ليس ذلك من وسعهما، أحدهما أو كليهما أيضًا، وحين كان قدرًا ربانيًّا مقدورًا.

 

وهذا وقوف منه صلى الله عليه وسلم على الرؤيا وتعبيرها، وحين كان ذلكم علمًا آخر منضافًا أولًا، وحين كان برهان جواز تعبير الرؤى لمن علم، ودل أيضًا على تصدر ذي ملكات التعبير؛ ومن علم وبرهان، لا من تخرص وافتئات، أو وسواس شيطان، ولأن علم ذلكم له أهله، وما عيب ألا يعرف عبد، بل جريرة أن يقول على الله تعالى بلا علم؛ ولأنها الرؤى وتفسيرها، تعمل في صاحبها عملها؛ ولذا فحسن ألا يتعرض لها إلا من علم وفهم ثاقبين ممهورين بالدليل والعلم المتين، ولأنها بمثابة فتوى من فقه فيما يتعرض له، وإنها ومن ها هنا تخضع خضوعًا تامًّا تحت طائلة ما نص القرآن العظيم عنه، وحين قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 169].

 

ولكن الذي نقف عنده أيضًا هو هذا الحزم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحين وقف تجاه هذا الأفاك الكذاب مسيلمة، وحين وألا يعطيه ولو قضيبًا، أو قطعة، أو عسيبًا! وهذا إمعان في إذلال، وهذا التحدي ليس من قريبه، أو من مثله، بل هو التحدي عينه.

 

ولكن الذي نقف عنده أيضًا، هو ذلكم التواضع من هذا النبي صلى الله عليه وسلم، وإذ هو سيد الخطباء، وإذ هو زعيم النجباء، وحين أسند الخطابة، وإن لزم لهذا الصحابي الكريم، ثابت بن قيس رضي الله تعالى عنه، وإذ كان يدعى خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها نحن حديثو عهد من كلامه، الذي أحاط بوفد عبدالقيس إحاطة السوار بالمعصم، وكمثل أخيه حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنهما شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وحين لم يجد وفد عبد القيس إلا الإذعان، وحين لم يجدا من الإذعان للحق مهربًا.

 

ولكننا نشير أيضًا إلى إسناد كل عمل لمن يستأهله ويجيده، وكيما تكون المخرجات متوافقة مع مدخلاتها، ولتأتي الأمو أكلها، وحين أسندت الخطابة إلى قيس ولما أحيل الشعر إلى حسان.

 

وهذا عمل إداري ذو شأن، به تعلو الجهة الإدارية وترقى، ومنه ينتظر عطاؤها، وحين يقل خطؤها.

 

ولكننا نقف أيضًا على هذه الأرضية الثابتة، والتي وقف عليها هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومواجهة أفاك أشر كذاك مسيلمة، ولأن الأمر جد، وكيما يجهضه وإفكه معًا، ولأول مرة، وكيما يكون عبرة من نفسه، وكيما يكون أسطورة الحكايات على الألسنة، فلا يحدثن أحد بذلك نفسه، استتبابًا لأمن النبوة، وجانبها، وجنابها، ودرءًا لخطر المرجفين والأدعياء، وما أكثرهم في كل مكان وزمان!

 

ولكن الذي نقف عليه أيضًا هو ذلكم اليقين بالرب الكريم المتعال القهار الجبار، وحين كان من أمر هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أنه تحدث وبثقة النبي ويقينه؛ ولأنه مبلغ عن الله تعالى، وإنما يكون قوله وسلطته مستمدة مما خوله ربه من قرار، أو ما أسداه إياه من تبيان، وهذا الذي منه جاء قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف:110].

 

ولكن الذي نقف عنده أيضا هو هذه المحطات التي مرت بها هذه الدعوة المباركة، وعلى طول سبيلها، ومن سني عمرها، وحين كان هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم مجاهدًا في الله تعالى حق جهاده، ولربما جاز لنا القول بأن طرف النعاس عينه كان آية، ومن هذا الذي يدخل فيه اليوم، وليدخل في غيره من غد، من أحداث متواليات، ومن أخطار متتابعات، كانت قد تعرضت لها هذه الدعوة المباركة في كل وقت وحين من أطوارها ومراحلها.

 

وهذا برهان عدة الصبر، والذي يتحلى به دعاة الخير، ومن نصب يواجهونه، وإنما كان ذلكم الصبر هو زادهم، ولأنه معه تكون العاقبة للمتقين، ولأن الله تعالى قال: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود:49]، وكذا قوله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل:127]، وكذا قوله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه:132].

 

ولكن الذي نقف عنده أيضًا هو ذهاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى هذا الأفاك، وإلى عقر داره، والحق أن هذا إفحام بالغ، وإذ ما تبقى لهذا الأفكاك الأشر من حجة، وإلا قد أدمغت، وحين راح هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم إليه، وفي عقر داره؛ ليحبطه وليخذله، وليهزمه، وكيما يكون آية من نفسه، ولغيره أبدًا أيضًا.

 

وهذا سبيل للدعاة العاملين، وكما أنف، وأن يباغتوا خصومهم، وفي عقر ديارهم، ولا ينتظروهم ليأتوهم، بل يأتي إليهم دعاة الحق لإذلالهم، ومن عقر ديارهم، وهذا أمعن في التحدي، وهذا أنكى في الاحتجاج، والمبالغة فيه أيضًا، وإنما ينضاف إلى إمعانات أخر أنفت!

 

ولكن الذي نستشرفه أيضًا، هو ذلكم حرص هذا النبي صلى الله عليه وسلم على إسلام الناس - كل الناس - وجوههم لله تعالى ربهم الحق المبين، بل ويشمل ذلكم هذا الكذاب الأشر مسيلمة! وهذا هو الذي منه كان إرساله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين؛ وليخرجهم من الظلمات إلى النور، بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، صراط الله الذي له ملك السماوات والأرض، وما بينهما وإليه المرجع، والمصير، والنشور، والمآب، وكما قال الله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ الناسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللهِ الذِي لَهُ مَا فِي السمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ [إبراهيم:1-3].

 

ولكن الذي نقف عنده أيضًا هو ذلك السفه في العرض، وحين زعم ذا الدعي مسيلمة شرط اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم أن يَمنحه صك اتباعه من بعده! ولكن هذا ليس من سلطة أحد، لا من سلطة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من صلاحيات غيره من البشر، ولأنه تعد على سلطان الله تعالى وأمره ونهيه وقوله تعالى آنف البيان، ومن الآية الرابعة من سورة الأحزاب، ومن بعد ذكر قرآن نزل، ومن بعد قوله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون كلهم يزعم: أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي[2].

 

ولكن هذا مسيلمة الكذاب متناقض مع نفسه، وإذ أي شرط يشرطه؟! ولئن كان رسولًا من صدقٍ، فما طلب من أحد هذا الصك! ولأن النبي يؤيَد ممن بعثه، وهو الله تعالى! وبالتالي فإن هذه دعوى ساقطة من مهدها ابتداءً، وليست تحمل إلا هكذا سقطوها، وانهدامها، وبهتانها، وزورها، وكذبها، وافتراءها، وإفكها من أساس.

 

والغريب في الأمر أنه كافر بيِّن كفره، وحين لم يأت ببينة على صدق كلامه، وسوى أن الأنبياء عليهم الصلوات والتسليمات يفعلون ما أمرهم به ربهم، ولسوف يؤيِّده ربه، وإذ لو كان نبيًّا جدلًا! وكما أيد هذا النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم من قبل، وبالتالي فإنه ليس بحاجة إلى شهادة حسن سير وسلوك من أحد، ولا حاجة له أيضًا أن يمنح صك الخلافة، وحينها ليس سيكون خليفته في النبوة، ولكنه وكما أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم!

 

وبالتالي فإن دعواه ساقطة من ألفها، ومن بائها!

 

ولكن العجيب أنه قد أرسل قومه إلى هذا النبي العربي الأمي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وسبحان الله وتعالى، فيسلمون ويعطيهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويمنحهم، ويفيض عليهم من عطائه، وإلا أنه أعطاهم ليعطوا مسيلمة الكذاب، وحين قال قوله: أما أنه ليس بشركم مكانًا!

 

وهذا أساس عظيم قامت عليه أخلاق هذا النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الأفاك هذا كان قد قعد راعيًا لمتاع القوم، وكما أنه ومن باب قوله صلى الله عليه وسلم: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.

 

ولكن هذا مسيلمة الكذاب كان قد تطاول، وحين ادعى أنه يوحى إليه، ومن كذبه قوله: مضاهاة للقرآن: لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا، وأحل لهم الخمر والزنا، ووضع عنهم الصلاة!

 

وليته ادعى كلامًا فيه رائحة الصدق والفطرة، وكيما يمكنه التلبيس على قومه، ولكنه وهيهات، وحين حكم عليه هذا النبي بالكذب، ومن قبله، وحين حكم القرآن الحكيم، وبأنه لا نبي بعد هذا النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وإن من إحنه وتخرُّصه، وإن من حمقه وكذبه، وحين جاء باطلًا ظلمًا مناقضًا، لما أطبقت عليه ديانات السماء، ولما عليه الحنفاء الأنقياء، من تحريم للخمر، والزنا، ومن ترك للصلاة.

 

وسبحان الله وتعالى، وحين تحمل دعاوى الشر أسباب بطلانها، ومن قولها ابتداءً، ومن زعمها انتهاءً، ودونما كثير إعمال لفكر أو عقل ماهرين!

 

ولكن هذا مسيلمة الكذاب؛ ولأنه كذاب فقد شرط على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما أنف أن يوصي له بالنبوة ومن بعده! وليرد الرسول صلى الله عليه وسلم عليه بقوله: لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه، تحقيرًا وذمًّا، وإذ ليس يملك النبي نفسه من ذلكم من شيء.

 

ولكن هذا الذي سبق ليس يصرفنا عن بيان الخلاف حول إسلامه من عدمه، وأنه حال إسلامه فقد ارتد ومن بعد، والمسألة طويل كلام أهل العلم فيها.

 

وإنما يطمئن القلب إلى أنه لم يسلم، برهان مجيئه أول مرة مشترطا، ولم يعلن أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم في مجلسهم ذلك، وعلاوة على إفكه وكذبه وشرطه، وليت شرطا مما يمكن قبوله، وكما قد شرطت ثقيف لها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن شرطها وإن كان لا معقولا هو الآخر، وإنما كان معقولًا رجوعهم عنه، واستشرافًا منه صلى الله عليه وسلم أيضًا، إلا شرطا كهذا لمسيلمة، وإنما معه تسقط النبوة من أساس، ويسقط الدين من أصل، ويسقط معه القرآن الكريم من تبع، وحين أنف ذكر قوله تعالى: ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾.

 

ولكن هذا الاطمئنان نابع ومما أنف استدلالًا، وكذا ولدى عقد مواجهة بين شرط كهذا الذي شرطه مسيلمة الكذاب، وشرط شرطته قريش يومًا ما، وحين تقاسموا الزمان، فعامًا يعبدون الله تعالى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعامًا يعبد النبي معهم آلهتهم التي يدعونها من دون الله تعالى! وحين نزل فيه القرآن مزلزلًا عروشهم، ومسفهًا أحلامهم، ومعيبًا دينهم، وحين قال الله تعالى مولانا الحق المبين سبحانه: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 1-6].

 

وعلى كل حال، ولئن كانت رواية الإمام البخاري رحمه الله تعالى أوضح في الدلالة على أن ذاك مسيلمة الأفاك الأشر لم يسلم ابتداءً، ولأنه أتى مشترطًا مقاسمة النبي في الرسالة، وكما أنف، فإن هذا إسقاط للديانة من أساس، وهذا ما تطمئن له النفس، وإلا أنه فليس يمنع ذلك من ذكر طرف مما قيل إن: تواتر ردة مسيلمة، وقتال الصديق له، أظهر عند الناس من قتال الجمل وصفين، ومن كون طلحة والزبير قاتلا عليًّا، ومن كون سعد وغيره تخلفوا عن بيعة علي[3].

 

ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن ابن عباس قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده اتبعته، وقدم في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فقال له: «لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي رأيت فيه ما أريت، وهذا ثابت يجيبك عني»، ثم انصرف عنه.



[1] [صحيح البخاري: 4378].

[2] [صحيح الترمذي، الألباني: 2219].

[3] [منهاج السنة النبوية، ابن تيمية:8 /170].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الخطاب للمرأة غير الخطاب للرجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتب علوم القرآن والتفسير (11)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بلاغة الخطاب التعليمي والحجاجي في القرآن والحديث لأيمن أبو مصطفى(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الخطاب الإسلامي: (ومن أصدق من الله حديثا)، (ومن أصدق من اللَه قيلا)، (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حمزة بن عبدالله بن عمر العدوي: حياته وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفهوم الخطاب الإسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الترجمة وتحليل الخطاب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أقارن بين خاطبي الأول وبقية الخطاب(استشارة - الاستشارات)
  • مدارس الخطاب الفقهي للأقليات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم الشرعي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب