• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: (لعلي أعمل صالحا)

خطبة: (لعلي أعمل صالحا)
جمال علي يوسف فياض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/1/2022 ميلادي - 25/6/1443 هجري

الزيارات: 26868

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لعلي أعمل صالحًا

 

الحمدُ للَّه جابرِ القلوبِ المنكسرةِ من أجلِهِ، وغافرِ ذنوبِ المستغفرينَ بفضلِه، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، ولا شيءَ كمثلِهِ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أرسله بالهُدى ودينِ الحق ليظهرَهُ على الدِّينِ كلِّه، وخيَّرهُ بين أن يكونَ مَلِكًا نبيا أو عبدًا رسولًا، فاختارَ مقامَ العبوديةِ مع رسلِهِ، صل الله عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعدُ:

فيا أيها المؤمنون عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى، والاستعداد للدار الآخرة، فقد أمر الله عباده بذلك، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

إخواني الكرام، اعلموا - رحمني الله وإياكم - أن الله تعالى لم يخلقنا في هذه الدنيا عبثًا ولا سدًى، بل خلقنا لعبادته وطاعته، ولذلك أرسل لنا الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وبين لنا طريق الخير الموصل لرضوان الله عز وجل وجنته، وطريق الشر الموصل إلى غضبه تعالى وعذابه، فحري بالعاقل أن يتأهب لآخرته، وأن يعمر دنياه بما ينفعه يوم لقاء ربه، لأجل هذا أحببت أن أذكر نفسي وإياكم بالعمل لآخرتنا ورضا ربنا، وسوف تنتظم خطبتنا التي هي بعنوان: (لعلي أعمل صالحًا) تحت العناصر التالية:

أولًا: لماذا خلقنا الله تعالى؟

ثانيًا: العمر قصير فلا تضيعه في الغفلة.

ثالثًا: ورقة عمل.


فأبدأ مستعينًا بربي عز وجل وعليه توكلي واعتمادي، ولا حول ولا قوة إلا به.

 

معاشر الموحدين، إن ربنا الحكيم سبحانه قد أوجدنا في هذه الدنيا لنوحِّده ونعبده، فلم يخلقنا لنلعب ونمرح، قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115، 116].

 

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (وقوله: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ﴾؛ أي: أفظننتم أنكم مخلوقون عبثًا بلا قصدٍ ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا، ﴿ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾؛ أي: لا تعودون في الدار الآخرة؛ كما قال: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 36]، يعني هملًا.

 

وقوله: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾؛ أي: تقدس أن يخلق شيئًا عبثًا، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾، فذكر العرش؛ لأنه سقف جميع المخلوقات، ووصفه بأنه كريم؛ أي: حسنُ المنظر بهيُّ الشكل؛ كما قال تعالى: ﴿ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ [لقمان: 10][1].

 

وروى ابن أبي حاتم بسنده قال: "كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنكم لم تخلقوا عبثًا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادًا ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدًا إلا من حذر هذا اليوم وخافه، وباع نافدًا بباق، وقليلًا بكثير، وخوفًا بأمان، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين، وسيكون من بعدكم الباقين، حتى تردون إلى خير الوارثين؟

 

ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديًا ورائحًا إلى الله عز وجل، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صدع من الأرض، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد، قد فارق الأحباب وباشر التراب، وواجه الحساب، مرتهن بعمله، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم.

 

فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه، ونزول الموت بكم، ثم جعل طرف ردائه على وجهه، فبكى وأبكى من حوله"[2].

 

وقال – جل شأنه -: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 36]؛ أي: ليس يترك في هذه الدنيا مهملًا لا يؤمر ولا ينهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث، بل هو مأمور منهي في الدنيا، محشور إلى الله في الدار الآخرة"[3].

 

فالله تبارك وتعالى لم يخلقنا عبثًا، ناكل ونشرب وننام ثم نموت، لو كان الأمر كذلك، لاسترحنا، ولكن هناك بعث ونشور، ونفخ في الصور، ووقوف بين يدي العزيز الغفور، ويسأل كل إنسان عما اقترفته يداه، فلا تغفل يا عبد الله، وأفِق من غفلتك واعمل لآخرتك، وإياك وطول الأمل، فإن من أطال الأمل أساء العمل.

 

ثانيًا: العمر قصير فلا تضيعه في غفلة:

أيها الإخوة المؤمنون، إن العمر قصير، فلا مجال فيه للغفلة واللعب، بل كل لحظة في حياة المؤمن جوهرة، لذا كان الصالحون أولو الألباب، أحرص الناس على أوقاتهم وأعمارهم، ولقد أَحْسَنَ القَائِلُ (الشافعي):

إِنَّ للهِ عِبَادًا فُطَنَا
طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخَافُوا الفِتَنَا
نَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا
أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا
جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا
صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا

 

وسوف يندم المفرطون، ولكن سيندمون في ساعة لا ينفع فيها الندم، ساعة الموت؛ سيندم في هذه الساعة كل مقصر في حق نفسه، سيندم كل معرض عن ربه، سيندم ويتحسر كل من ضيع عمره في معصية الله، وسار بعيدًا عن طريق مولاه، وحينها يسأل الرجعة؟

 

ولكن لا يجاب إلى طلبه ولا يؤخر لحظة، اسمع ماذا قال الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].

 

ففي هذه الآية "يُخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى، وقيلهم عند ذلك، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته، ولهذا قال: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا ﴾.

 

كما قال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ ﴾ [إبراهيم: 44].

 

وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾ [الأعراف: 53]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 27، 28]، وقال تعالى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].

 

فذكر تعالى أنهم يسألون الرجعة، فلا يجابون عند الاحتضار، ويوم النشور ووقت العرض على الجبار، وحين يعرضون على النار، وهم في غمرات عذاب الجحيم.

 

وقوله: ها هنا: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ﴾: كلا حرف ردع وزجر، أي: لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه.

 

وقال قتادة: والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها، ولا قوة إلا بالله[4].


فيوم القيامة يتحسر من فرط في جنب الله، فيعاتبهم ربُّنا على تفريطهم في أعمارهم التي أعطاهم إياها؛ ليعملوا فيها الخير من الصالحات، ولكن ضيَّعوها, كما سمعنا قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ [فاطر: 37]؛ أي: أوما عشتم في الدنيا أعمارًا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في مدة عمركم؟

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعذر الله عز وجل إلى امرئ أخر عمره حتى بلغه ستين سنة"[5].

 

فقدِّم لنفسك وأنت ما زلت حيًّا تدب فيك الروح:

واعمل لدار يكن رضوَان خازنها
وَالْجَار أَحْمد والرحمن عاليها
رض لَهَا ذهب والمسك طينتها
والزعفران حشيش نابت فِيهَا
أنهارها لبن مَحْض وَمن عسل
وَالْخمر يجْرِي رحيقا فِي مجاريها
وَالطير تجْرِي على الأغصان عاكفة
تسبح الله جَهرا فِي مغانيها
أَحْمد دلالها والرب بَائِعهَا
وَجِبْرِيل يُنَادي فِي نَوَاحِيهَا
من يَشْتَرِي الدَّار فِي الفردوس يغمرها
بِرَكْعَة فِي ظلام اللَّيْل يُحْيِيهَا

 

عباد الله، وفَّقنا الله وإياكم لطاعته، وأعاننا على بلوغ مرضاته وجنته، وغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ عُمُرَ الآدَمِيِّ سَفَرًا إِلَى الأُخْرَى طَوِيلًا وَقَصِيرًا، فَسَارَ النَّاسُ بِبَضَائِعِ الأَعْمَالِ، فَرَبِحَ الْمُتَيَقِّظُونَ رِبْحًا كَثِيرًا، وَهَلَكَ الْمُفَرِّطُونَ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ عَادَ مِسْكِينًا فَقِيرًا، والصلاة والسلام على من أرسله ربنا هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، ثم أما بعد:

فثالثًا: ورقة عمل.

فكما سمعنا - أيها الكرام - أن الله لم يخلقنا سدًى وهملًا، بل خلقنا لعبادته والعمل لمرضاته، فهذه بعض الأعمال الصالحة العظيمة التي إن حافظ عليها العبد أفلح في دنياه وآخراه، أوصي نفسي وإياكم بها:

المحافظة على الصلوات الخمس؛ فالصلاة من أعظم الأعمال عند الله تعالى، فعلى العبد أن يحافظ عليها في أوقاتها في جماعة، فمن استقام على الصلاة أفلح وربح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر..."[6].

 

الإكثار من ذكر الله تعالى، فالذكر من أعظم الأعمال الصالحة، بل هو حياة القلب وجلاؤه، فمن غفل عن ذكر الله مات قلبه وصدأ، وتسلط عليه الشيطان، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟»، قالوا: بلى، قال: «ذكر الله».

قال معاذ بن جبل: "ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله"[7].

 

تحري الحلال في المأكل والمشرب، فـ"عوِّد نفسك أكل الحلال، واحرص على أن يكون كسبك طيبًا؛ لأن الحلال الطيب ينبت العمل الطيب، والجسم الطيب.

 

والحرام خبيث: (إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار، أَولى به)، والحديث الوارد في صحيح مسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: (ثم ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يستجاب له)، فيجب أن يكون عندك دقة في مراقبة دخلك، بحيث لا يدخل عليك جنيه واحد من حرام؛ لأنه إذا دخل عليك جنيها واحد من حرام، أفسد عليك الحلال والعياذ بالله"[8].

 

خالق الناس بخلق حسن، فإن الناظر في مقاصد العبادات الشرعية، يرى أنها شرعت من أجل حسن الخلق، فمن لم يحسن معاملة الخلق، فلا تنفعه عبادته لربه، فهذه امرأة أحسنت في العبادة، وأساءت في معاملة الخلق، فدخلت النار عياذًا بالله تعالى، فعن أبي هريرة، قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها، وصيامها، وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: "هي في النار"، قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: "هي في الجنة"[9].

 

فهذه بعض الأعمال الصالحة، من حافظ عليها سعد في الدنيا والآخرة، فعلى العبد أن يعمر حياته بطاعة ربه تبارك وتعالى وأن يحسن معاملة الخلق؛ كي يفوز برضا خالقه سبحانه وتعالى.

 

أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

الدعاء، وأقم الصلاة.



[1] التفسير العظيم 5 /500.

[2] التفسير العظيم 5/ 501.

[3] التفسير العظيم 8/ 283.

[4] التفسير العظيم 5/ 493 ,494.

[5] صحيح البخاري برقم (6419).

[6] سنن الترمذي، وقال: حديث حسن غريب ح 413.

[7] سنن الترمذي ح 3377، وصححه الألباني.

[8] دروس للشيخ سعيد بن مسفر؛ بتصرف.

[9] مسند أحمد ح 9675 وإسناده حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)
  • خطبة (يا بني لا تدخلوا من باب واحد)
  • "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم" (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (12)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (10)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب