• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    صلاة العيد وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أين نحن من هذا الحق العظيم؟! (خطبة)

أين نحن من هذا الحق العظيم؟! (خطبة)
د. محمد جمعة الحلبوسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2022 ميلادي - 13/6/1443 هجري

الزيارات: 16930

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أين نحن من هذا الحق العظيم؟!

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فإن حق القرابة كبير عند الله عز وجل؛ ولذلك اتفق الفقهاء رحمهم الله على أن صلة الرحم واجبةٌ، وأن قطيعتها محرمةٌ ولو كان الموصول كافرًا[1].

 

فهذه السيدة أَسْمَاء بنْت أَبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي اللَّه عنهما قَالَتْ: ((قَدِمتْ عليَّ أُمِّي من مكة إلى المدينة وهِي مُشركة في عهْدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم – وكانت يومها مشركة - فَاسْتَفتَيْتُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلتُ: قَدِمتْ عَليَّ أُمِّي وَهِي راغبةٌ - جاءت ذليلة محتاجة إلى عطائي، تطلب مني صلة وإحسانًا - أَفأَصِلُ أُمِّي يا رسول الله؟ فقَالَ لها نبينا صلى الله عليه وسلم: (نَعمْ، صِلي أُمَّكِ))[2].

 

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بأن تحسن إلى أمها وتكرمها، وهي كافرة، فكيف إذا كانت الأم مسلمة؟!﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]، فحق القرابة عظيم عند الله سبحانه وتعالى.

 

ولذلك امتدح الله تعالى الواصلين لأرحامهم وقرابتهم في كتابه العزيز؛ فقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 21]، وذم القاطعين بقوله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [الرعد: 25].


بل تعالَ إلى سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يبين لنا من خلال أحاديثه المباركة أهمية هذا الحق؛ فيقول: ((أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا، مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ))[3].

 

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: ((دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ))[4].

 

وقال صلى الله عليه وسلم في حديث ثالث: ((الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ))[5].

 

يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للذي يتصدق على المسكين الغريب الذي ليس له صلة قرابة أجرًا واحدًا، وجعل للذي يتصدق على المسكين القريب الذي تربطه به صلة قرابة أجرين: أجر الصدقة، وأجر القرابة.

 

هذا سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: ((كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بِيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92]، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وَإِنَّ أحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بِيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا، يَا رَسُـولَ اللهِ، حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ رَسُـولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ))[6].

 

أرأيتم كيف وجَّه النبي صلى الله عليه وسلم أبا طلحة في صدقته: ((وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ))، كل ذلك لينبه الأمة على أهمية حق القرابة، وأن الصدقة عليهم من أعظم الصدقات.

 

بل هذه أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها كان لها جارية، فأعتقتها في سبيل الله، فلما دار عليها النبي صلى الله عليه وسلم في يومها قالت: ((يا رسول الله، أشعرتَ أني أعتقتُ فلانة؟ للجارية، فقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: أَوَ فَعَلْتِ؟ قَالَتْ: نَعمْ))، فماذا قال لها النبي صلى الله عليه وسلم؟ اسمعوا إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم لميمونة: ((أَما إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيتِهَا أَخوالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ))[7].

 

أرأيتم كيف يلفت نبينا صلى الله عليه وسلم الأنظار على أهمية الإنفاق على القرابة ومساعدتهم، فجعل الصدقة في الأخوال والأعمام أفضل من عتق العبيد في سبيل الله.

 

كم من الناس اليوم من يتصدق هنا وهناك، ويعطي هذا وذاك، ويساعد الناس، ولكنه لا يتذكر أقرباءه المحتاجين، ولا يلتفت إليهم، ولا يساعدهم!

 

كم من الناس من يأتي ويقول: أنا بحاجة إلى مساعدة لأشتري طعامًا لأولادي! كم من الناس من يجلب وصفة دواء ويقول: أنا بحاجة إلى هذا الدواء ولا أملك ثمنه! كم من الناس من يأتي ويقول: أنا بحاجة إلى من يساعدني لأسقف غرفة أجلس تحتها أنا وأولادي! وكم من شاب يأتي ويقول: أريد أن أتزوج وأريد مساعدتكم! وكم من الناس من يطلب مساعدة لإجراء عملية جراحية؟ وكم من يأتي ويطلب مساعدة ليشتري ما يحتاجه أولاده في المدرسة!

 

وعندما تسأله: من أنت؟ ومن هم أقرباؤك؟ وإذا به فلان بن فلان، وأقرباؤه فلان الذي منَّ الله عليه بالخير، وفلان الذي يمتلك العمارات والأملاك، وفلان الذي يملك الملايين، وفلان الذي يمتلك البساتين والمزارع.

 

تقول له: لماذا لا تذهب إلى أقربائك؟! لماذا لا يساعدونك؟! لماذا لا يقفون معك؟! يقول: لا، لن أذهب إليهم، هؤلاء جعلوا أصابعهم فى آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وأصروا واستكبروا استكبارًا، هؤلاء عندما أطلب منهم، يعيرونني يفضحونني، لا أريد الذهاب إليهم.

 

بل كم زوجة تشكو من زوجها، تقول: زوجي بخيل في بيته، كريم مع الناس، يصرف بسخاء على الآخرين، بينما يبخل عليَّ وعلى أولاده، عندما يخرج خارج البيت يصرف بسخاء على أصدقائه، وإذا دعاهم على وجبة طعام يأتي بأشكال وألوان من الطعام والشراب والفواكه، وأما أنا وأولاده فلا يصرف علينا، ولا يأتي لنا بما نحتاجه!

 

بل كم من أرملة عندها أطفال صغار، لا أهل زوجها ينفقون عليها وعلى أولادها، ولا أهلها يلتفتون إليها وإلى أولادها، فهي بين نارين: نار أهلها، ونار أهل زوجها! إلى أين تذهب هذه المرأة؟ أي باب تطرق؟ من يطعم أولادها الصغار؟ ومن يجلب لهم من يحتاجونه؟ من أين تأتي هذه الأرملة بالمال لتشتري ما تحتاجه المرأة؟ أين أقرباؤها؟ لماذا لا يلتفتون إليها؟

 

لماذا ينفق هنا وهناك ولا ينفق على أقربائه؟! ألم يسمع نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يقول: إن الصدقة على القرابة فيها أجر وثواب كبير: ((الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ))[8]، و((أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ))؛ على أولاده، وزوجته، وأقربائه.

 

لذلك أنا أقف اليوم لأقول لك أيها المسلم: التفت إلى أقربائك، التفت إلى ابن عمك وابن خالك، التفت إلى خالتك وعمتك، التفت إلى أخيك وأختك، فالدنيا دوارة، اليوم على فلان قريبك، لكن غدًا ستكون عليك، التفت إلى الناس كي تلتفت الناس إليك، والله كم من صاحب ثروة، وصاحب غِنى، بين ليلة وضحاها أصبح لا يملك شيئًا، وأصبحت لقمة الطعام حسرة عليه!

إِنَّما الدُنيا فَناءٌ لَيسَ لِلدُّنيا ثُبوتُ
إِنَّما الدُنيا كَبَيتٍ نَسَجَتهُ العَنكَبوتُ
وَلَقَد يَكفيكَ مِنها أَيُّها الطالِبُ قوتُ
وَلَعَمري عَن قَليلٍ كُلُّ مَن فيها يَموتُ

 

فعلينا جميعًا أن نصلأرحامنا ونحذر قطيعتهم، فإنها من أعظم الآثام، ولنستحضر دائمًا ما أعد الله للواصلين من الثواب العظيم، وللقاطعين من العذاب الأليم، جعلني الله وإياكم ممن يصل الأرحام ويحسنون إلى محسنهم، ويتجاوزون عمن أساء إليهم، اللهم اجعلنا ممن أفشى السلام وأطعم الطعام، ووصل الأرحام وصلى بالليل والناس نيام، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقه ومنهاجه، وعلى التابعين ومن تبِعهم إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فبعض الناس يظن أن الصدقة فقط هي ما وضعه في يد مسكين، أو أعطاه لفقير أو أرملة ويتيم، أو أنفقه في وجوه البر والخير، ويغيب عنه أن كل ما أنفقه على ولده وزوجه صدقات في ميزان حسناته إذا أحسن نيته، واحتسب عند الله نفقته.

 

فاحتساب النية في النفقة على الأهل والأولاد بجميع أنواعها ومواردها مِن مأكل ومشرب، وكساء وتعليم ودواء، وغير ذلك من الأمور، يجعلها الله تعالى في عداد الصدقة؛ كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: ((إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً))[9]، وقال لسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً، تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ، إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ؛ أي: في فمها))[10].

 

وهذا الذي تنفقه على زوجتك وولدك ليس مجرد صدقة عادية، وإنما هو من أعظم النفقات وأفضل الصدقات؛ قال المناوي في فيض القدير: "النفقة على العيال أعظم أجرًا من جميع النفقات"[11].

 

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الذي يسعى من أجل أن يأتي بلقمة العيش لأبيه وأمه وعياله كمن خرج في سبيل الله؛ فهذا كَعْبُ بنُ عُجْرَة رضي الله عنه يقول: ((مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جلدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ))[12].

 

فعلى المسلم أن ينتبه على هذه الصدقات المنسية والتي غفل عنها الكثير من الناس اليوم، ويحتسب كل نفقة ينفقها على عياله لينال أجرها وثوابها.

 

اللهم وسع أرزاقنا، وأصلح أزواجنا وذرياتنا، واخلف علينا فيما ننفقه عليهم خيرًا يا رب العالمين.



[1] قَدْ حَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ صِلَةَ ذَوِي الأْرْحَامِ وَاجِبَةٌ وَأَنَّ قَطِيعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ؛ [ينظر: أحكام القرآن لابن العربي: (1/ 401)].

[2] صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين: (3/ 215)، برقم (2620)، وصحيح مسلم، كتاب الزكاة، بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ، وَالْوَالِدَيْنِ وَلَوْ كَانُوا مُشْرِكِينَ: (2/ 696)، برقم: (1003).

[3] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْمَمْلُوكِ، وَإِثْمِ مَنْ ضَيَّعَهُمْ أَوْ حَبَسَ نَفَقَتَهُمْ عَنْهُمْ: (2/ 691)، برقم (994).

[4] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْمَمْلُوكِ، وَإِثْمِ مَنْ ضَيَّعَهُمْ أَوْ حَبَسَ نَفَقَتَهُمْ عَنْهُمْ: (2/ 692)، برقم (995).

[5] سنن ابن ماجه، كتاب الزكاة، بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ: (1/ 591)، برقم (1844).

[6] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ، وَالْوَالِدَيْنِ وَلَوْ كَانُوا مُشْرِكِينَ: (2/ 693)، برقم (998).

[7] صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب هبة المرأة لغير زوجها: (3/ 208)، برقم (2592).

[8] سنن ابن ماجه، كتاب الزكاة، بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ: (1/ 591)، برقم (1844).

[9] صحيح مسلم، كتاب الزكاة: بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْمَمْلُوكِ، وَإِثْمِ مَنْ ضَيَّعَهُمْ أَوْ حَبَسَ نَفَقَتَهُمْ عَنْهُمْ: (2/ 695)، برقم (1002).

[10] صحيح البخاري، كتاب الجنائز: باب رِثَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ: (2/ 103)، برقم (1295).

[11] فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي: (2/ 33).

[12] المعجم الكبير للطبراني: (19/ 129)، برقم (282)، ، وقال المنذري والهيثمي: رجاله رجال الصحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أين نحن من نصرة إخواننا في بورما؟!
  • أين نحن من طلب العلم؟!
  • أين نحن من ضمائرنا؟ وأين هي منا؟

مختارات من الشبكة

  • رقية المريض بقول: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنها خصيصة هذا الكتاب العظيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل وصلك هذا الخبر العظيم؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: {لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث سهل: "هذا خير من ملء الأرض مثل هذا"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- بوركتم
مصطفاي نور الدين - الجزائر 28-01-2022 11:43 AM

بارك الله في كل القائمين على الموقع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/12/1446هـ - الساعة: 12:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب