• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    الحج: أسرار وثمرات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل بعض أذكار الصباح والمساء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    المال الحرام
    د. خالد النجار
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

إتحاف الأخيار بالرد المختصر لشبهة محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار

إتحاف الأخيار بالرد المختصر لشبهة محاولة النبي صلى الله عله وسلم الانتحار
د. محمد سيد شحاته

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/10/2021 ميلادي - 27/2/1443 هجري

الزيارات: 16277

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إتحاف الأخيار بالرد المختصر

لشبهة محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار[1]

 

زعم بعض المشككين في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم أنه حاول الانتحار، وأقوى ما استدلوا به رواية من بلاغات الزهري في "صحيح البخاري" جاءت عقب حديث عائشة، وفيها:

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ: " كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ فَكَانَ يَخْلُو بِغَارٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - بِاللَّيَالِي أُولَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ فَيَتَزَوَّدَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَالَ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، قَالَ: " فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، قَالَ لِخَدِيجَةَ: "أَيْ خَدِيجَةُ مَالِي؟" وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، فَقَالَ: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي"، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلَّا أَبْشِرْ وَاللَّهِ لَا يَحْزُنُكَ اللَّهُ أَبَدًا، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَءًا تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟» فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِي، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا، فَغَدَا مِنْ أَهْلِهِ مِرَارًا لِكَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ جِبَالِ الْحَرَمِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى ذِرْوَةَ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ وَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذَا أَوْفَى عَلَى ذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ[2].

 

وهذه الرواية ضعفها العلماء من ناحيتين:

الأولى: من ناحية السند وضعف السند لأكثر من علة:

1- الشذوذ حيث إن معمرًا[3] تفرد بهذه الزيادة دون يونس[4] وعقيل[5] فهي شاذة[6].

2- البلاغ إذ الرواية من بلاغات الزهري.

 

فالبخاري نقل نصين مختلفين:

الأول: حديثًا صحيحًا متصل السند عن عائشة.

والثاني: نصًا ضعيفًا لا سند له عن الزهري.

 

ومن خلال التخريج تبين أن البخاري خرج الحديث في أكثر من موضع، ولم يذكر فيه هذا البلاغ.

 

فأراد أن يبين من طرف خفي أن هذه الزيادة بها مخالفة، فذكر الصحيحة والمعلة ليظهر ما بالثانية من علة فهذه الزيادة جاءت في بعض الطرق دون بعض.

 

وصنيع الأئمة يؤيد ذلك:

انظر هذا البلاغ عند البخاري وفيه: وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى...

 

وفي مصنف عبد الرزاق بعد أن ذكر الرواية وذكر التعليق: قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ[7].

 

فحرف الفاء في قوله فأخبرني هذا يفيد العطف على رواية سابقة، والتعقيب بأخرى لاحقة.

 

قال الحافظ ابن حجر: " ثم إن القائل ( فيما بلغنا ) هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وَصَلَ إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا ) أ.هـ[8].

 

ومن المعلوم عند المحدثين أن مرسل الإمام الزهري ضعيف قال يحيى القطان: ( مرسل الزهري شر من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، وكلما يقدر أن يسمي سمى؛ وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه!)[9].

 

وقال الذهبي: "مراسيل الزهري كالمعضل؛ لأنه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه، ولما عجز عن وصله"[10].

 

وقال العلائي: "اختلف في مراسيل الزهري لكن الأكثر على تضعيفها قال أحمد بن أبي شريح سمعت الشافعي يقول يقولون نحابي ولو حابينا أحدا لحابينا الزهري وإرسال الزهري ليس بشيء"[11].

 

فالغالب على روايته الإعضال لأنه من صغار التَّابعين، مرسله ضعيف.

 

وقال الألباني: "بلاغ الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغترّ أحد من القراء بصحته لكونه في الصحيح، والله الموفق". اهـ[12].

 

وقال الشيخ شعيب: "إسناده صحيح على شرط الشيخين. دون قوله: حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا- حزنا... فهو بلاغات الزهري، وهي واهية"[13].

 

فبلاغات الزهري لا تُقبل؛ لأنها مقطوعة الإسناد من أوله، فهي كالمعلَّقات تعريفًا وحكمًا، ومجرد وجود مثل هذه البلاغات أو المعلقات في كتاب الإمام البخاري لا يعني أنها صحيحة عنده، أو أنها مما يصح أن يقال فيها: رواه البخاري؛ لأن الذي يقال فيه ذلك هو ما رواه فيه مسندًا.

 

كما هو واضح من اسم الكتاب الجامع المسند الصحيح.

 

قال ابن حجر: "الجواب عما يتعلق بالمعلق سهل؛ لأن موضوع الكتابين - يقصد الصحيحين - إنما هو المسندات، والمعلق ليس بمسند، ولهذا لم يتعرض الإمام الدارقطني فيما تتبعه على الصحيحين إلى الأحاديث المعلقة، التي لم توصل في موضع آخر لعلمه أنها ليست من موضوع الكتاب وإنما ذكرت استئناسا واستشهادا".

 

الناحية الثانية: من ناحية المتن.

حيث إن هذه الزيادة تعارض الروايات الصحيحة، والتي سبقت في ثنايا البحث، والتي تفيد نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النفس، وأنه من أكبر الكبائر، ثم إنها تعارض أصلًا من أصول الإسلام وهو عصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ويتعارض هذا البلاغ مع ما يجب أن يكون عليه النبي صلى الله عليه وسلم من رسوخ الإيمان بنبوته، وكمال اليقين برسالته، وهذا البلاغ يصور مدى ما بلغه ذلك الحزن اليائس حتى جعله يتشكك في تبدي جبريل له، وفى إخباره أنه رسول الله حقًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم كما تصرح به عبارة هذا البلاغ - لم يكد يسكن جأشه لتبدي جبريل له وإخباره أنه رسول الله حقًا حتى يعود إلى عزيمته في إلقاء نفسه من ذرى شواهق الجبال، فيتبدى له جبريل مرة أخرى، ويقول له: يا محمد، أنت رسول الله حقًا.

 

فأين سكون جأشه الذى أحدثه في نفسه تبدي جبريل له، وإخباره أنه رسول الله حقًا؟، وأين رسوخ إيمانه برسالة ربه التي شرفه بها قبل فترة الوحي، وأنزل عليه في أول مراتب وحيها في غار حراء قرآنًا يتلى، حتى يعود عن عزيمته لإلقاء نفسه من ذرى شواهق الجبال إذا طالت عليه فترة الوحي؟!..

 

قال الشيخ أبو شهبة: "وليس أدل على ضعف هذه الزيادة من أن جبريل - عليه السلام - كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم كلما أوفى بذروة جبل: "يا محمد إنك رسول الله حقا"، وأنه كرر ذلك مرارا، ولو صح هذا لكانت مرة واحدة تكفي في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم، وصرفه عما حدثته به نفسه كما زعموا"[14].

 

فهي زيادة منكرة من حيث المعنى لأنه لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له.

 

فالرواية ضعيفة سندًا، باطلة متنًا؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم أرفع قدرًا، وأجل مكانة، وأكثر ثباتًا من أن يقدم على الانتحار بسبب فترة الوحي وانقطاعه عنه.

 

ومما ينبغي الإشارة إليه أن هناك روايات في كتب التواريخ كلها ضعيفة.

 

فهناك رواية في طبقات ابن سعد قال: "أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما نزل عليه الوحي بحراء، مكث أيامًا لا يرى جبريل عليه السلام، فحزن حزنًا شديدًا، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة، وإلى حراء مرةً؛ يريد أن يلقي نفسه منه، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامدًا لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتًا من السماء، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم صعقًا للصوت، ثم رفع رأسه: فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعًا عليه، يقول: "يا محمد، أنت رسول الله حقًّا، وأنا جبريل، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه، وربط جأشه، ثم تتابع الوحي بعد وحمي"[15].

 

وهذه الرواية ضعيفة جدًّا فيها محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي المدني القاضي نزيل بغداد قال ابن حجر: متروك مع سعة علمه من التاسعة مات سنة سبع ومائتين وله ثمان وسبعون[16].

 

وقال البخاري: سكتوا عَنْهُ، تركه أَحْمَد وابْن نمير[17].

 

ثم إنها موقوفة على ابن عباس، حكى ابن عباس ما غلب على ظنه، وهذا لا يمكن معرفته إلا من النبي صاحب الرسالة، فهو مرسل ضعيف.

 

فهذه الرواية ضعيفة جدًّا لا ترتقي بحال من الأحوال بل ولا تصلح أن ترقي غيرها.

 

وهناك رواية للإمام الطبري قال: "حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَقُولُ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ: حَدِّثْنَا يَا عُبَيْدُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ مَا ابْتُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام؟ فَقَالَ عُبَيْدٌ- وَأَنَا حَاضِرٌ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ عِنْدَهُ مِنَ النَّاسِ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَحَنَّثَ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ- وَالتَّحَنُّثُ: التَّبَرُّرُ- وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَرَاقٍ لَيَرْقَى فِي حِرَاء وَنَازِلٌ.

 

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ ذَلِكَ الشَّهْرَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، يُطْعِمُ من جاءه من المساكين، فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جِوَارَهُ مِنْ شَهْرِهِ ذَلِكَ، كَانَ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ- إِذَا انْصَرَفَ مِنْ جِوَارِهِ- الْكَعْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَيَطُوفُ بِهَا سَبْعًا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مَا أَرَادَ مِنْ كَرَامَتِهِ، مِنَ السَّنَةِ الَّتِي بَعَثَهُ فِيهَا، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى حِرَاءٍ- كَمَا كَانَ يَخْرُجُ لِجِوَارِهِ- مَعَهُ أَهْلُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِيهَا بِرِسَالَتِهِ وَرُحِمَ الْعِبَادُ بِهَا، جَاءَهُ جبريل بأمر الله [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَجَاءَنِي وَأَنَا نَائِمٌ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ، فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ:

اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَقْرَأُ؟ فَغَتَّنِي، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَاذَا أَقْرَأُ؟ وَمَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلا افْتِدَاءً مِنْهُ أَنْ يَعُودَ إِلَيَّ بِمِثْلِ مَا صَنَعَ بِي، قَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾، قَالَ: فَقَرَأْتُهُ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي وَهَبَبْتُ مِنْ نَوْمِي، وَكَأَنَّمَا كُتِبَ فِي قَلْبِي كِتَابًا].

 

[قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ شَاعِرٍ أَوْ مَجْنُونٍ، كُنْتُ لا أُطِيقُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِمَا، قَالَ: قُلْتُ إِنَّ الأَبْعَدَ- يَعْنِي نَفْسَهُ- لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، لا تُحَدِّثُ بِهَا عَنِّي قُرَيْشٌ أَبَدًا! لأَعْمَدَنَّ إِلَى حَالِقٍ مِنَ الْجَبَلِ فَلأَطْرَحَنَّ نَفْسِي مِنْهُ فَلأَقْتُلَنَّهَا فَلأَسْتَرِيحَنَّ قَالَ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنَ الْجَبَلِ، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، قَالَ: فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا جبرائيل فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافٍّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وأنا جبرائيل قَالَ: فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَشَغَلَنِي ذَلِكَ عَمَّا أَرَدْتُ، فَمَا أَتَقَدَّمُ وَمَا أَتَأَخَّرُ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَلا أَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا إِلا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ، فَمَا زِلْتُ وَاقِفًا مَا أَتَقَدَّمُ أَمَامِي، وَلا أَرْجِعُ وَرَائِي، حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي، حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيْهَا وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي وَانْصَرَفْتُ رَاجِعًا إِلَى أَهْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَيْنَ كنت؟ فو الله لَقَدْ بَعَثْتُ رُسُلِي فِي طَلَبِكَ، حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيَّ قَالَ: قُلْتُ لَهَا: إِنَّ الأَبْعَدَ لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَقَالَتْ: أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ! مَا كَانَ اللَّهُ لِيَصْنَعَ ذَلِكَ بِكَ مَعَ مَا أَعْلَمُ مِنْكَ مِنْ صِدْقِ حَدِيثِكَ، وَعِظَمِ أَمَانَتِكَ، وَحُسْنِ خُلُقِكَ، وَصِلَةِ رَحِمِكَ! وَمَا ذَاكَ يا بن عَمٍّ! لَعَلَّكَ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: نَعَمْ ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يا ابن عم واثبت،] فو الذى نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ، ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ- وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ وَرَقَةُ قَدْ تَنَصَّرَ وَقَرَأَ الْكُتُبَ، وَسَمِعَ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ- فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَأَى وَسَمِعَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ! وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ، لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي يَا خَدِيجَةُ، لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ- يَعْنِي بالناموس جبرائيل عليه السلام الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى- وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ، فَسَهَّلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَعْضَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْهَمِّ، فَلَمَّا قَضَى رسول الله صلى الله عليه وسلم جِوَارَهُ، وَانْصَرَفَ صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، وَبَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، وهو يطوف بالبيت، فقال: يا بن أَخِي، أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ، فَأَخْبَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى مُوسَى، وَلَتُكَذِّبُنَّهُ وَلَتُؤْذِيَنَّهُ، وَلَتُخْرِجُنَّهُ، وَلَتُقَاتِلُنَّهُ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ لأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ فَقَبَّلَ يَافُوخَهُ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، إِلَى مَنْزِلِهِ.

 

وَقَدْ زَادَهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ وَرَقَةَ ثَبَاتًا، وَخَفَّفَ عَنْهُ بَعْضَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْهَمِّ[18].

 

وهذه الرواية أيضًا بها أكثر من علة:

الأولى: الإرسال؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيًّا، إنما هو من كبار التابعين[19].

 

قال الذهبي: وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِيهِ عُمَيْرٍ[20].

 

الثانية: في السند راويان متكلم فيهما:

1- سلمة بن الفضل الأبرش بالمعجمة مولى الأنصار قاضي الري صدوق كثير الخطأ من التاسعة مات بعد التسعين [ومائة] وقد جاز المائة[21].

 

فسلمة كثير الخطأ، ولم يتابع.

 

2- محمد ابن حميد بن حيان الرازي حافظ ضعيف وكان ابن معين حسن الرأي فيه من العاشرة مات سنة ثمان وأربعين[22].

 

الثالثة: المتن فيه نكارة ظاهرة، حيث جعل الرؤيا الأولى لجبريل عليه السلام رؤيا منامية، وهذا مخالف لبقية النصوص التي تُثبت أنها رؤية حقيقية، ثم كان من جواب النبي صلى الله عليه وسلم: (ماذا أقرأ؟)، وهذا لم يحصل؛ فإن الثابت في صحيح البخاري وغيره أنه كان يقول: ( ما أنا بقاريء )[23].

 

فالرواية تعارض الروايات الصحيحة، فهي منكرة سندًا ومتنًا.

 

وخلاصة القول في هذه الشبهة:

1- أن جميع ما ورد في هذه القصة ضعيف سندًا ومتنًا.

 

فالحادثة المذكورة قد اجتمع فيها الشذوذ في السند، والنكارة في المتن، فلا معنى لأن تُتخذ مطعنا في النبي الكريم.

 

2- أن فترة انقطاع الوحي كانت لإزالة الخوف الذي جاء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه الوحي، وأنها للاستعداد لما بعده، فكيف يلتقي هذا مع همِّه صلى الله عليه وسلم بالانتحار؟!.

 

قال الصالحي – رحمه الله: "الحكمة في فترة الوحي - والله أعلم -: ليذهب عنه ما كان يجده صلى الله عليه وسلم من الروع وليحصل له التشوق إلى العود"[24].

 

قلت: فالله عز وجل ثبَّت قلبه بالوحي، وما وجده من الرهبة من نزول الوحي أول مرة فيدل على بشريته، وعلى شدة الوحي، وقد كان يعاني صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عند نزول الوحي في بعض صوره.

 

3- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصعد الجبال اشتياقًا للوحي، لا سيما وقد نزل عليه الوحي في قمة جبل عال، فكان يخرج هنا وهناك بحثًا عن الوحي الذي التقاه في هذا المكان.

 

4- راوي القصة عبر عما رآه هو وما دار في ذهنه، وما غلب على ظنه، ولم يعبر عن حال النبي صلى الله عليه وسلم، لاسيما والنقل يدل على ذلك.

 

5- مما يمكن أن يجاب به أنه لو ثبت عنه ذلك لثبتت توبته منه.

 

قال ابن تيمية: "لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبًا إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب، ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقربه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك، وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة.

 

ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دل على أن يوسف لم يذنب أصلا، في تلك القصة كما يذكر من يذكر أشياء نزهه الله منها بقوله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]، وقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ [يوسف: 24]. والهم - كما قال الإمام أحمد: همان، هم خطرات وهم إصرار. وقد ثبت في الصحيحين[25] عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قال إن الله تعالى يقول إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة كاملة، فإن عملها فاكتبوها عشرا إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن تركها فاكتبوها له حسنة فإنما تركها من جراي"[26].

 

6- وعلى كل فإن الله عز وجل قد حفظ نبيه، وصرف عنه هذا الهم الذي حدثته به نفسه.

 

فالعصمة متحققة لا محالة.



[1] كتبه الأستاذ الدكتور محمد سيد أحمد شحاته – أستاذ الحديث وعلومه- جامعة الأزهر- كلية أصول الدين أسيوط

[2] البخاري في كتاب التعبير باب أول ما بدئ به رسول الله r من الوحي الرؤيا (6/ 2561) ح(6581)، وأحمد في المسند (43/ 112) ح(25959)، وابن حبان كتاب الوحي بيان كيف بدئ الْوَحْيِ (1/ 216) ح(33)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2 /137 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وقد روى البخاري ومسلم من غير هذا البلاغ صحيح البخاري كتاب التفسير باب سورة العلق (4/ 1894) ح(4670)، ومسلم في كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  (1/ 97) ح(322).

[3] صحيح البخاري (6/ 2561) ح(6581).

[4] انظر: صحيح البخاري (4/ 1894) ح(4670)، وصحيح مسلم (1/ 97) ح(322).

[5] صحيح البخاري (4/ 1895) ح(4673).

[6] السلسلة الضعيفة (3/160).

[7] مصنف عبد الرزاق الصنعاني كتاب المغازي بَاب مَا جَاءَ فِي حَفْرِ زَمْزَمَ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْحَجِّ أَوَّلُ مَا ذُكِرَ مِنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (5/ 321) ح(9719).

[8] فتح الباري (16 /290 ).

[9] انظر شرح علل الترمذي لابن رجب (1/ 284).

[10] سير أعلام النبلاء (5/ 339).

[11] جامع التحصيل (ص: 89).

[12] السلسلة الضعيفة (3/160-163) ح (1052).

[13] تحقيق مسند أحمد (43/ 114).

[14] السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/2006م، ج1، ص265، 266 بتصرف يسير.

[15] الطبقات الكبرى (1 /196).

[16] تقريب التهذيب (ص: 498) ت(6175).

[17] التاريخ الكبير (1/ 178)، وتهذيب التهذيب (9/ 364).

[18] تاريخ الطبري (2/300).

[19] تهذيب الكمال في أسماء الرجال (19/ 223) ت(3730).

[20] تاريخ الإسلام (2/ 860).

[21] تقريب التهذيب (ص: 248) ت(2505).

[22] تقريب التهذيب (ص: 475) ت(5834).

[23] أخرجه: البخاري كتاب التفسير باب سورة العلق (4/ 1894) ح(4670)، ومسلم في بدء الوحي باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  (1/ 97) ح(322).

[24] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (2 / 272).

[25] نص الرواية.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً).

أخرجه: البخاري في كتاب الرقاق باب من هم بحسنة أو بسيئة (5/ 2380) ح(6126)، ومسلم في كتاب الإيمان باب إذا هم العبد بحسنة (1/ 83) ح(255).

[26] منهاج السنة النبوية (2/ 411).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ظاهرة الانتحار أسباب وحلول
  • الانتحار ليس من فعل الأتقياء الأبرار (خطبة)
  • الانتحار: الأسباب والوقاية والعلاج
  • خطة بحث: ظاهرة الانتحار: دوافعها وآثارها وطرق الوقاية منها في ضوء الدراسات الإسلامية
  • خطبة عن الانتحار
  • القتل والانتحار لدى جيل الإنترنت: دراسة تحليلية نفسية
  • التحذير من آفة الانتحار

مختارات من الشبكة

  • إتحاف الأريب بسقوط شبهات أهل الصليب (3)(مقالة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • إتحاف الأريب بسقوط شبهات أهل الصليب (2)(مقالة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • إتحاف الأريب بسقوط شبهات أهل الصليب (1)(مقالة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • إتحاف الأخيار بقصص الانتصار للنبي المختار (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • إتحاف الأخيار بأربعين حديثا في فضل الاستغفار (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف العالمين برحمة النبي بالأسارى المخالفين (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة إتحاف الزكي بشرح التحفة المرسلة إلى النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف الأنام بما يتعلق بالصلاة والسلام على خير الأنام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف النبلاء بفقه صوم خاتم الأنبياء (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • إتحاف النبيه بمن ألف كتابا في سيرة أبيه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/11/1446هـ - الساعة: 15:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب