• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

الصدق

الصدق
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2021 ميلادي - 6/2/1443 هجري

الزيارات: 9809

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصدق


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا. أمَّا بَعْدُ: فإنَّ الصدق هو قول الحق والثبات عليه، وهو مِنَ الأخلاق الإسلامية الرفيعة التي أمرنا بها اللهُ تعالى في كتابه وعلى لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


الصدق في اللغة: الصِّدْق نقيض، الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْداقًا، وصَدَّقه قَبِل قولَه وصدَقَه الحديث أَنبأَه بالصِّدْق، والمُصَدِّقُ: الذي يُصَدِّقُك في حديثك، والصِّدِّيقُ: الدائمُ التَّصْدِيقِ ويكون الذي يُصَدِّقُ قولَه بالعمل، والصَّداقةُ: والمُصادَقةُ المُخالَّة، والصَّدِيقُ: المُصادِقُ لك والجمع صُدَقاء وصُدْقانٌ وأَصْدِقاء وأَصادِقُ، الصَّدَقَةُ: ما أعطيته في ذات الله للفقراء، المُتَصَدِّق: الذي يعطي الصَّدَقة والصَّداقُ: والصِّداقُ: مَهْرُ المرأَة، الصَّدْقُ: الكامل مِن كل شيء.


مِصْدَاقُ الأمْرِ: حقيقته؛ (لسان العرب لابن منظور، ج4، ص2420: 2417).


منزلة الصدق:

قال ابن القيم: من منازل: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، منزلة الصدق: وهي منزلة القوم الأعظم، الذي تنشأ منه جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم، الذي من لم يَسِرْ عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق مِن أهل الإيمان، وسُّكْنان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وُضع على شيء إلا قطعه ولا واجه باطلًا إلا أراده وصرعه. مَن صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال وَمَحَكُ الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين، ودرجة الصدق تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين؛ (مدارج السالكين لابن القيم جـ2 صـ279).


الصدق وصية ربَّ العالمين:

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]؛ قال ابن كثير في تفسير لهذه الآية: اصدُقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا مِن المهالك، ويجعل لكم فرجًا مِن أموركم ومخرجًا؛ (تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ7 صـ313).


أخي الكريم:

اعلم أن الإيمان لا يرسخ في قلب المسلم حتى يكون من المتقين، ولا يصل العبد إلى درجة التقوى حتى تكون من الصادقين المخلصين، فالصدق صفة جليلة من صفات عباد الرحمن.


الصدق هو قول الحق والثبات عليه، وهو أيضًا الوفاء لله تعالى بالعمل الصالح، فالصدق: عمود الدين وركن الأدب وأصل المروءة، فلا تتم هذه الثلاثة إلا به.


وحقيقة الصدق: استواء السر والعلانية وأن تقول الحقيقة وإن ظهر لك أن الهلاك في ذكرها.


الصدق فيه رضا الرحمن، وبَرَكَة الأرزاق والأعمار والذُّرية وهو الطريق إلي جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خَطَرَ على قلب بشر.


الصدق من صفات الأنبياء والصالحين:

1) وقال سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41].


2) وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54].


3) وقال جل شأنه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 56].


4) وقال تعالى: ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [يوسف: 51].


5) وقال سبحانه: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المائدة: 75].


جزاء الصادقين:

قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].


وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 70].


قال عَزَّ وجَلَّ: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].


روى الشيخان عَنْ عَبْدِاللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا؛ (البخاري حديث 6094 / مسلم حديث2607).


روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ؛ (البخاري حديث 3256 / مسلم حديث 2831).


أقوال سلفنا الصالح في الصدق:

جاءت عن سلفنا الصالح أقوالٌ بليغةٌ عن الصدقِ والصادقين، وسوف نذكر بعضًا منها:

1 - لقمان الحكيم:

قيل للقمان الحكيم: ألستَ عبدَ بني فلان؟ قال: بلى. قيل: فما بَلَغَ بك ما نرى؟، قال تقوى الله، صدقُ الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني؛ (شُعَبُ الإيمان للبيهقي جـ4 صـ1889).


2 - عمر بن الخطاب:

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لأن يضعني الصدق، وقلما يفعل، أحبُّ إليَّ من أن يرفعني الكذب، وقلما يفعل؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ317).


3 - علي بن أبي طالب:

قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه: مَن كانت له عند الناس ثلاثة وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدثهم صدقهم، وإذا ائتمنوه لم يخنهم، وإذا وعدهم وَفَّى لهم، وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم، وتنطق بالثناء عليهم ألسنتهم، وتظهر له معونتهم؛ (بهجة المجالس لابن عبد البر جـ2 صـ574).


4 - عبدالله بن عمر بن الخطاب:

قال نافع: طاف ابن عمر سبعًا، وصلى ركعتين، فقال له رَجُلٌ من قريش: ما أسرع ما طفت وصليت يا أبا عبدالرحمن وخرجت، فقال ابن عمر: أنتم أكثر منا طوافًا وصيامًا، نحن نلتزم صدق الحديث، وأداء الأمانة، وإنجاز الوعد؛ (بهجة المجالس لابن عبد البر جـ2 صـ575).


5 - الحسن بن علي:

قال الحسن بن علي: الصدق والوفاء يكونان للعباد حصنًا من النار؛ (المجالسة للدينوري جـ7 رقم 2976).


6 - عبدالملك بن مروان:

قال عبدالملك بن مروان لمؤدِّب ولده عَلِّمْهم الصدق كما تعلمهم القرآن؛ (المجالسة للدينوري جـ4 رقم 1766).


7 - مطر الوَرَّاق:

قال مطر الوراق، قال: « خصلتان إذا كانتا في عبد كان سائر عمله تبعًا لهما: حُسْنُ الصلاة، وصدق الحديث؛ (شُعَبُ الإيمان للبيهقي جـ4 رقم 4899).


8 - المُهَلَّب بن أبي صُفرة:

قال المهلب بن أبي صفرة: ما السيف الصارم في يد الشجاع بأعز له من الصدق؛ (المجالسة للدينوري جـ6 رقم 2601).


9 - عبدالواحد بن زيد:

قال عبدالواحد بن زيد: الصدق: الوفاء لله بالعمل؛ (مدارج السالكين لابن لقيم جـ2 صـ285).


10 - إبراهيم الخواص:

قال إبراهيم الخواص: الصادق لا تراه إلا في فرض يؤديه أو فضل يعمل فيه؛ (مدارج السالكين لابن القيم جـ2 صـ289).


11 - الجنيد:

قال الُجنَيِّدُ: حقيقة الصدق: أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب؛ (مدارج السالكين لابن القيم جـ2 صـ289).


12 - يوسف بن أسباط:

قال يوسف بن أَسْبَاط: لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصدق، أحب إليَّ من أن أضرب بسيفي في سبيل الله؛ (مدارج السالكين لابن القيم جـ2 صـ289).

وقال أيضًا: يُرزق الصادق ثلاث خصال: الحلاوة والملاحة والمهابة؛ (المجالسة للدينوري جـ5 رقم 1865).


13 - الفضيل بن عياض:

قال الفضيل بن عياض: «لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق، وطلب الحلال؛ (شُعَبُ الإيمان للبيهقي جـ4 رقم 4900).


14 - داود بن رُشَيد:

قال داود بن رُشَيد: كان يقال: أربعة يُسَوِّدنَ العبدَ: الأدبُ، والصدقُ، والفقه، والأمانة؛ (المجالسة للدينوري جـ4 رقم 1263).


15 - إسماعيل بن عبيدالله:

قال إسماعيل بن عُبيد الله: لَما حضرت أبي الوفاة جمع بنيه، فقال لهم: يا بَنِيَّ عليكم بتقوى الله وعليكم بالقرآن، فتعاهدوه، وعليكم بالصدق حتى لو قَتَل أحدكم قتيلًا، ثم سئل عنه أَقَرَّ به، والله ما كذبت كذبة قط منذ قرأت القرآن؛ (المستطرف للأبشيهي جـ2 صـ13).


أخي الكريم:

هذه وصية والد لأبنائه عند سَكَرات الموت ومغادرة الدنيا؛ حيث وصاهم بتقوى الله وتلاوة القرآن والعمل به، والتمسك بالصدق في جميع أحوالهم، وما ذاك إلا لأن الصدق صفة الأنبياء والصالحين وحِلْيَة الأحرار، وزينة الأبرار، والصدق يرفع منزلة أصحابه بين الناس في الدنيا، ويرفع درجته على الله تعالى يوم القيامة.


الصدق في واحة الشعراء:

1 - قال محمود الوراق:

اصدُقْ حديثك إنَّ في الصدق الخلاصَ من الدنسْ

ودعِ الكذوبَ لشأنه خير من الكذب الخرسْ

قال محمود الوراق أيضًا:

الصدق منجاة لأربابه وقربة تدني من الرب؛ (المستطرف للأبشيهي جـ2 صـ13).


2 - قال منصور الفقيه:

الصدق أَوْلى ما به دان امرْؤٌ فاجعله ديِنًا

ودع النفاق فما رأيت منافقًا إلا أهينًا

وقال أيضًا:

الحمد الله شكرًا فالشكر أيسر حَقِّهْ

أمسى الصدُوقُ كثيرُ العدوِّ مِن أَجْلِ صِدْقِهْ؛ (بهجة المجالس لابن عبد البر جـ2 صـ575).


3 - قال موسى بن عبدالله بن خاقان:

الصدق حلو وهو المرِّ *** والصدق لا يتركه الحرُ

جوهرة الصدق لها زينة *** يحسدها الياقوت والدرُّ؛ (شُعَبُ الإيمان للبيهقي جـ4 رقم 4909).


أنواع الصدق:

إن للصدق أنواعٌ  كثيرةٌ يمكن أن نوجزها فيما يلي:

1 - الصدق في النية:

ينبغي على المسلم إذا عزم على فِعْل بعض أعمال الخير أن يبادر بها ويحذر التسويف.


1) روى الشيخان عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى؛ (البخاري حديث1) (مسلم حديث 1907).


2) روى الترمذي عن أبي كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ؛ (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني جـ2 رقم 1894).


3) روى البخاري عن مُعَاذِ بْن جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ؛ (البخاري حديث 128).


4) روى مسلم عن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ؛ (مسلم حديث 1909).


2 - الصدق في التوكل على الله:

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173: 174].


وقال سبحانه: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58].


وقال جَلَّ شأنه: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [إبراهيم: 11].


وقال تعالى: ﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3].


وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].


1) روى البخاري عَنْ عبدِالله بْنِ عَبَّاسٍ قال: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾؛ (البخاري حديث 4564).


2) روى الترمذي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا؛ (الترمذي حديث 2344).


3) روى الشيخان عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نظرت إلى أقدام الْمُشْرِكِينَ ونحن فِي الْغَارِ وهم على رؤوسنا، فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؛ (البخاري حديث 3653 / مسلم فضائل الصحابة حديث 1).


4) روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، قَالَ: صَدَقْتَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا؛ (البخاري حديث 2291).


3 - الصدق في التوبة:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].


يقول ابن كثير في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾؛ أي: توبة صادقة جازمة، تمحو ما قبلها من السيئات وتلم شعث التائب وتجمعه، وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات؛ (تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ14 صـ60).


شروط التوبة النصوح:

إذا كانت المعصية تتعلق بحق من حقوق الله تعالى فإن للتوبة منها ثلاثة شروط وهي:

1) الإقلاع عن المعصية.

2) الندم على فِعْلها.

3) العزم على عدم العودة إليها.


وأما إذا كانت المعصية تتعلق بحق من حقوق الناس، فإن للتوبة منها أربعة شروط وهي الثلاثة السابقة بالإضافة إلى الشرط الرابع وهو:

4 - رد المظالم إلى أهلها فإن فُقِدَ أحد هذه الشروط لم تصح التوبة؛ (رياض الصالحين صـ16).


وسوف نذكر فقط مثالين للتوبة الصادقة:

1 - روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ؛ (البخاري حديث 3470 / مسلم حديث 2766).


وفي رواية لمسلم: فَكَانَ إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبَ مِنْهَا بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أَهْلِهَا؛ (مسلم - كتاب التوبة حديث 47).


أخي الكريم، تأمل كيف أن القاتل لما كان صادقًا في توبته مع الله تعالى، تقبل الله توبته وغفر ذنبه وعفا عنه.


2 - روى مسلم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَى فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا فَقَالَ أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ (مسلم حديث 1696).


حقًّا إنها توبة صادقة من امرأة جاءت بنفسها بإرادتها لله تعالى لتكفر عن خطيئتها.


الصدق في العمل:

روى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه؛ (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني جـ1 حديث 1880).


روى البيهقي عن كُلَيْب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن؛ (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني جـ1 حديث 1891).


إننا في بعض الأحيان قد نشتري سلعة ما من السوق وعندما نعود إلى المنزل نجد أنها غير صالحة للاستخدام، وعندما نحاول إعادتها إلى صاحبها يرفض رد ثمنها أو تبديلها بغيرها، وهذا الأمر معتاد في وقتنا الحاضر، وقد يكون هذا الأمر بعلم من التاجر نفسه، وهو في هذه الحالة قد غش الناس، وقد نهانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغش، وهذا المال الذي أخذه التاجر نتيجة الغش لن يبارك الله فيه؛ روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا؛ (مسلم حديث 101).


في بعض الأحيان نطلب من أحد الصُنَّاع أن يقوم بعمل ثوب أو أثاث في المنزل أو ما أشبه ذلك، وبعد استلامه نجد أن الصناعة رديئة وقد تكون غير صالحة للاستخدام، ولذا يجب أن نتعامل مع الذين نظن فيهم الخير ويحافظون على الصلوات في المساجد ويصدقون في أقوالهم وأفعالهم.


5 - الصدق في التجارة:

يجب على كل مسلم أن يكون صادقًا مع الله ومع نفسه ومع إخوانه، والتاجر المسلم يجب أن يعتقد أن الأرزاق بيد الله وحده، وأن الصدق في البيع والشراء هو سبيل البركة في الأرزاق، ويجب علينا أن نعلم أن اللهَ قَدَّرَ أرزاق جميع المخلوقات إلى قيام الساعة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6].

 

وقال سبحانه: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذريات: 22: 23].


روى الشيخان عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا؛ (البخاري حديث 2079 / مسلم حديث 1532).


صدَقا وبيَّنا؛ أي: بَيَّنَ كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن.


إن الكثير من التجار يعتقدون أن الكذب وخداع الناس هو سبيل زيادة الأرباح، وهذا من تلبيس الشيطان عليهم لأنها زيادة ممحوقة البركة فإن المال الذي يأتي عن طريق الكذب عادة ما ينفقه صاحبه على الأمراض والدواء، ولذا فقد حذرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الحلف كذبًا من أجل الربح؛ روى الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قُلْنَا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا فَقَالَ الْمَنَّانُ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 967).


روى الترمذي عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالْإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 966).


6 - الصدق في المزاح:

إن من شريعتنا الإسلامية الغَّراء تعلمنا الصدق في كل شيء حتى في المزاح فيما بيننا ولقد حثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلمعلى الصدق في المزاح في أحاديثه الشريفة:

1 - روى أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ؛ (حديث حسن)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 4015).


2 - روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا قَالَ إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي للألباني حديث 1621).


3 - روى أبو داود عَنْ أَنَسٍ بن مالكٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ احْمِلْنِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ قَالَ وَمَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلَ إِلَّا النُّوقُ؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 4180).


4 - روى أبو داود عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 4182).


أخي المسلم الكريم، قارن بين هذا المزاح الصادق وبين مزاح الكثير من المسلمين اليوم، الذي يقوم على الكذب والسخرية والاستهزاء بالآخرين، من أجل إضحاك الآخرين.


5 - روى أبو داود عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ؛ (حديث حسن)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 4175).


7 - الصدق مع الأطفال:

روى أبو داود عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا فَقَالَتْ هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ قَالَتْ أُعْطِيهِ تَمْرًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ؛ (أبو داود حديث 4991)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 4176).


إن الأطفال يراقبون سلوك الآباء والكبار ويقتدون بهم، فإذا اعتاد الصغار على سماع الكذب من آبائهم، اعتادوا على ذلك عند الكبر، ولذا يجب أن نحذر الكذب أمام الأطفال خاصة، ويجب أن نراعي الصدق في الحديث عن تسليتهم سواء بالأقوال أو الأفعال والحكايات التي تُلقى على مسامعهم مع مراعاة ذكر فضائل الصدق أمامهم ليكونوا من الصادقين منذ نعومة أظفارهم مع تذكيرهم بصدق النبي صلى الله عليه وسلموالسلف الصالح.


وقفة مع النفس:

يجب علينا أن نقف مع أنفسنا وقفة صادقة لنرى كيف نربي أبناءنا؛ فإن الكثير من الآباء يتعمدون الكذب أمام أبنائهم، فإذا ما جاءه من يسأل عليه وهو في المنزل، يقول لولده أخبر من يسأل عنى بأنني غير موجود، فيعتاد الولد الكذب من أبيه، ويستمر هذا معه طول حياته إلا أن يتغمَّده الله برحمته ويهديه!


نبينا محمد صلى الله عليه وسلمإمام الصادقين:

كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلمصادقًا في أقواله وأفعاله، في جميع حياته حتى قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، ولذا فقد كان أهل مكة يلقبونه بالصادق الأمين وشهدوا له بذلك؛ روى البخاري عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أن هِرَقْلَ قال لأبي سفيان: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ أبو سفيان: لَا؛ (البخاري حديث 7)، وروى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ بعد أن عاد من غَارِ حِرَاءٍ وقد ذكر ذلك لخديجة رضي الله عنها فقال لها النبي: قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ لَهُ كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ؛ (البخاري حديث 6983).


لقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلممن الصدق الذي اشتهر به وعُرف عنه بين أهل مكة مدخلًا إلى المجاهرة بالدعوة إلى الله تعالى؛ روى الشيخان عَنْ عبدالله بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ قَالُوا نَعَمْ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا قَالَ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا، فَنَزَلَتْ ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [المسد: 1، 2]؛ (البخاري حديث 4770 / مسلم حديث 208).


صدق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 23: 24].

 

يتمثل صدق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما يلي:

1) تمسكهم بعقيدتهم وتحمل العذاب من أجل الله ورسوله.

2) ترك البلد الذي وُلدوا فيها وهاجروا إلى الله ورسوله.

3) بذل كل غال ونفيس من أجل نصرة دين الإسلام.


4) يتجلى صدق الإيمان في استعدادهم لقتل أبنائهم وآبائهم إذا كانوا عقبة في سبيل نشر الإسلام، كما ظهر ذلك في قصة عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول مع أبيه زعيم المنافقين وقتل أبي عبيدة بن الجراح لأبيه يوم بدر.


5) بذلوا قصارى جهدهم من أجل نشر الإسلام في أرجاء المعمورة وتمسكهم بسنة النبي ونشرها، ومحاربة الابتداع في الدين.


صور من حياة الصادقين:

سوف نذكر بعضًا مِن النماذج المشرقة للصادقين مِن سلفنا الصالح الذين تعطرت بسيرتهم كتب العلماء:

(1) أبو بكر الصديق:

قال الله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].


روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لَما أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس فمن كان آمنوا به وصدقوه، وسمعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس، قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني لأُصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك، أُصدقه بخبر السماء في غدوة أو رَوحة، فلذلك سُمي أبو بكر الصديق»؛ (مستدرك الحاكم جـ3 صـ63: 62).


(2) بلال بن رباح:

خطب بلال لأخيه امرأة قرشية، فقال لأهلها: نحن من قد عرفتم كنا عبدين، فأعتقنا الله تعالى، وكنا ضالين، فهدانا الله تعالى، وكنا فقيرين، فأغنانا الله تعالى، وأنا أخطبُ إليكم فلانة لأخي، فإن تنكحوها له فالحمد الله تعالى، وإن تردونا، فالله أكبر، فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: بلال ممن عرفتم سابقته، ومشاهده ومكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوِّجوا أخاه، فزوِّجوه، فلما انصرفوا قال له أخوه: يغفر الله لك أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عدا ذلك، فقال: مه يا أخي صدقت فأنكحك الصدق؛ (المستطرف للأبشيهي جـ2صـ14).


(3) الحجاج بن يوسف الثقفي:

خَطَبَ الحجاجُ بن يوسف فأطال، فقام رَجُلٌ، فقال: الصلاةَ، فإن الوقت لا ينتظرك، والرب لا يعذرك، فأمر بحبسه، فأتاه قومه زعموا أنه مجنون وسألوه أن يخلي سبيله، فقال الحجاج: إن أقرَّ بالجنون خليته (عفوتُ عنه)، فقيل للرجل: إن أقررت بالجنون عفا عنك الحجاج، فقال الرجل: معاذ الله، لا أزعم أن الله ابتلاني، وقد عافاني، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فعفا عنه لصدقه؛ (المستطرف للأبشيهي جـ2صـ14).


(4) رماح بن أبرد بن ميادة:

امتدح رَمَّاحُ بن أَبْرَد بن مِيَادَة جعفرَ بن سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس، فأمر له بمائة ناقة، فقبل يده، وقال: والله ما قبلت يد قرشي غيرك إلا واحد، فقال: أهو المنصور؟ قال: لا والله، قال: فمن هو؟ قال: الوليد بن يزيد، قال: فغضب، وقال: والله ما قبلتها الله تعالى، فقال: والله ولا يدك ما قبلتها الله تعالى، ولكن قبلتها لنفسي، فقال: والله لا ضرك الصديق عندي أعطوه مائة أخرى؛ (المستطرف للأبشيهي جـ2صـ14).


أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم وأن ينفع به طلاب العِلم الكرام.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصدق
  • نحتاج إلى الصدق لنبني مجتمع النهضة
  • من الشمائل والصفات المحمدية .. الصدق
  • من أخلاق معركة بدر: الصدق
  • من مواقف الصدق والطاعة في غزوة أحد
  • ضرورة الصدق وإخلاص النية في أعمال الدين والدنيا
  • الصدق الذي ينفي الكذب
  • فضل الصدق ومضرة الكذب (خطبة)
  • الأمور المعينة على الصدق (خطبة)
  • الصدق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • الصدق: فضائل وثمرات ومجالات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدق المنافي للكذب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحري الصدق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجالات الصدق في الأقوال والأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدق وفضله(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • التربية على الصدق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من الدلائل العقلية على صدق النبي صلى الله عليه وسلم (5) (حادثة الإفك وصدق النبوة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق (تصميم)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صدق الله فصدقه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب