• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات
علامة باركود

اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة

اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/8/2021 ميلادي - 22/1/1443 هجري

الزيارات: 24771

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة

 

الحمدُ للهِ الوليِّ الحميدِ، ذِيِ العرشِ المجيدِ، المبدئِ المعيدِ، الفعَّالِ لما يُريد، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 19]. سبحانهُ وبحمده، وعدَ الشاكرينَ بالجنة والمزيدِ، وتوعَّدَ الكافرينَ بأغلال الحديدِ، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [هود: 107]. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ شهادةَ إخلاصٍ وتحميدٍ وتوحيدٍ، ألا إنَّ ربِّي قويٌّ مَجيـدُ. لطيفٌ جليلٌ غنـيٌّ حَميدُ. وكلُّ المُلوكَ وإن عظُمتْ. فإنَّ المُلـوكَ لرَبِّي عَبيـدُ.. وأشهدُ أن محمداً الرسولُ المصطفى، والنبيُ المرتضى، والخليلُ المجتبى، أرسلهُ اللهُ للإيمان منادياً، وإلى الجنة داعياً، وإلى صراطه المستقيمِ هادياً، وبالمعروف آمراً، وعن المنكر ناهياً. صلَّى الله وسلَّمَ وبارَكَ عليهِ، وعلى آله وأصحابِه والتابعينَ، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، ﴿ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف: 35]. و﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]. ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52]. ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.. ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

 

معاشر المؤمنين الكرام: جاء في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ". إذن فالصَّلاةُ يا عباد الله: هي خيرُ الأعمالِ، بل هيَ أُمّ العباداتِ وأساسُ الطاعاتِ، وأولُ ما فُرضَ من العبادات، وهيَ آخرُ ما يُفقدُ من الدِّين، وآكدُ ما أوصى به سيدُ المرسلين، وأولُ ما يحاسبُ عليه المسلمُ يومَ الدَّين.

 

الصلاة يا رعاكم الله: ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، وفريضةُ اللهِ الثابتةُ على المسلمين. الصلاة: أُنسُ المؤمِنين، وقرةُ عينِ الموحِدين، ومِعراجُ المتّقين. الم تسمعوا قول الصادق الأمين، عليه الصلاة والسلام: «وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة».

 

الصلاةُ أيها الموفقون: عنوانُ الفلاحِ, وطريقُ النَّجاح، قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.

 

الصلاةُ يا أهل الصلاة: نورٌ في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وطمأنينةٌ في النفس، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، وشفاءٌ لما في الصدور. تَكفَّرُ السيئات, وترفَعُ الدرجات, وتضاعَفُ الحسنات، يقول الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].

 

الصلاةُ أُخي المبارك: تفريجٌ للكروب، وعلاجٌ للخطوب. ألم تسمع قولَ علَّام الغيوب: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج: 19 - 22]. ألم تتأمَّل قول العزيز الحكيم: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 97، 98]، ألم تسمع قولَ المصطفي صلى الله عليه وسلم: أرحنا بها يا بلال. وكان إذا حزبهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة.

 

فهَذِهِ العِبَادَةُ العَظِيمَةُ، وَالشَّعِيرَةُ الجليلة، كنزٌ عظيمٌ من الأجور والحسناتِ المُضاعَفةِ، والفضائلِ والبركاتِ المترادِفة، بِدأً مِن لحظة سماعِ الأذانِ. فمن سمعَ المؤذنِ وردَّدَ معهُ ما يقولُ من قلبه, دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ النِّدَاءَ اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابعَثْهُ مَقَامًا مَحمُودًا الَّذِي وَعَدتَهُ، حَلَّت لَهُ شَفَاعَة النبي صلى الله عليه وسلم يَومَ القِيَامَةِ، ومَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسلامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنبُهُ "، وكُلُّ ذلك ثابت في الأحاديث الصحيحة. وكُلُّ ذلك قبلَ أن يقومَ المسلمُ ليتهيأ لها. فتُغفرُ ذُنوبهُ، وتُدركهُ شفاعةُ الحبيب صلى الله عليه وسلم، ويضمنُ دخولَ الجنَّة.

 

فإذا قامَ ليتوضأ، فإن ذنوبَ كُلِّ عضوٍ يغسِلهُ أثناء الوضوء, تخرجُ مع قطراتِ الماء. حَتَّى يَخرُجَ في نهاية وضوئهِ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ. ومن تَوَضَّأ فَاسبِغَ الوُضُوءَ ثُمَّ قال أَشهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ فُتِحَت لَهُ أَبوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ". وكل ذلك في صحيح مُسلِمٌ. فإذا مشى إلى الصَّلاةَ، لم يَخطُ خَطوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بها دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدخُلَ المَسجِدَ، ومَن غَدَا إلى المَسْجِدِ ورَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ له نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّما غَدَا أوْ رَاحَ. وَإِذَا دَخَلَ المَسجِدَ كَانَ في صَلاةٍ مَا كَانَت الصلاة تَحبِسُهُ، وَتُصَلِّي عَلَيهِ المَلاَئِكَةُ مَا دَامَ في مَجلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فيهِ: اللهُمَّ اغفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارحَمْهُ، مَا لم يُحدِثْ. والدُّعَاءُ بَينَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ لا يُرَدُّ. وكُلُّ ذلك في الصحيح.

 

وَأَمَّا الصَّلاةُ نَفسُهَا بما فِيهَا مِن تلاوةٍ وَذِكرٍ وَدُعَاءٍ، وَخَفضٍ وَرَفعٍ, وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ, وقيامٍ وَقُعُودٍ، فَكُلُّهَا حَسَنَاتٌ وَدَرَجَاتٌ، وَتَكفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَرَأَيتُم لَو أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُم يَغتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ هَل يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ؟! " قَالُوا: لا يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ، يَمحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَا مِن امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاةٌ مَكتُوبَةٌ فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لما قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لم يُؤتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ"، ومن أدرك تكبيرةَ الأحرامِ أربعينَ يوماً كُتبت له براءتانِ من النار والنفاق، ومَن وافَقَ تأمينُه تأمينَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه، ومن قال: "رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ"، فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ؛ فَإِنَّكَ لا تَسجُدُ للهِ سَجدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بها دَرجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بها خَطِيئَةً"، وأقربُ ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجدٌ، وإذا اقتربَ العبدُ من ربه فقمنٌ أن يُستجابَ له. ومَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ. ولو يَعْلَمُ الناسُ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا. ومن صلى البردَين دخلَ الجنة، ومن صلى الصبحَ فهو في ذمَّة الله. وكُلُّ ذلك ثابتٌ في الاحاديث الصحيحة.

 

فإذا سلًّم المسلمُ مِن صَلاتِهِ، فبين يديه أذكارٌ سهلةٌ ميسورة، أُجورها عظيمةٌ موفورة، ما بين تسبيحٍ وتحميدٍ وتكبيرٍ. فتغفرُ بها خطاياهُ وإن كانت مثل زبدِ البحر، ويُرفعُ بها الدرجاتِ العُلا، ومَن قَرَأَ آيَةَ الكُرسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ لم يَمنَعْهُ مِن دُخُولِ الجَنَّةِ إِلاَّ أَن يَمُوتَ. ثم هناكَ الرواتبُ المسنونة: فـمَا مِن عَبدٍ مُسلِمٍ يُصَلِّي للهِ تَعَالى في كُلِّ يَومٍ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً تَطَوُّعًا غَيرَ فَرِيضَةٍ، إِلاَّ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا في الجَنَّةِ. وما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ، ومن صلَّى قبلَ الظُّهر أربعًا، وبعدَها أربعًا حرَّمهُ اللهُ على النَّار. ورحِمَ الله امرأً صلَّى قبلَ العصر أربعًا. وكل ما ذكرته من الأجور والفضائل ثابتٌ في الاحاديث الصحيحة.

 

فالصَّلاةَ أيها المسلمون: نَبعُ غَنِيٌّ بِالحَسَنَاتِ، وَنَهَرٌ غمرٌ مِنَ الأُجُورِ والدرجات، وَسَيلٌ متدفقٌ مِنَ الفَضَائِلِ والبركات. فَاتَّقُوا اللهَ يا عباد الله وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ، وَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ العَجزِ وَالكَسَلِ عَنِ الطَّاعَاتِ، و﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].

 

بارك الله لي ولكم.

 

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه.

أما بعد: فاتقوا الله وكونوا من الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

 

معاشر المؤمنين الكرام: من أرادَ أن يعرفَ قدْرهُ ومنزلتهُ عند اللهِ تعالى، فلينظر إلى قدر الصلاةِ ومنزلتِها عندهُ، سواءً بسواء. فالصلاةُ هي عمادُ الدينِ وشعارهُ، وأُسّهُ ودِثارهُ، من حفِظها حفِظَ دينَهُ, وكانت لهُ نوراً وبرهاناً ونجاةً يومَ القيامةِ، ومن ضيَّعها فهو لما سِواها أضيَع. صَلاحُها صَلاحٌ لبقيةِ الأعمال، وفسادُها فسادٌ لبقيةِ الأعمال.

 

الصلاة أيها المباركون: هي الفيصلُ بين الإيمانِ والكفر، لا يقبلُ اللهُ من عبدٍ صرفاً ولا عدلاً إلا إذا أقامها، لا دِينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تركَ الصّلاة. قال جلَّ وعلا: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11]. بل جاءَ في صحيح مُسلمٍ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليس بينَ الرّجل والكفرِ أو الشرك إلاّ تركُ الصّلاة"، وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "من فاتتهُ صلاةٌ فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ"، وكانت هي آخرُ وصاياه صلى الله عليه وسلم، يقولُ وهو يلفِظُ أنفاسهُ الأخيرة: "الصلاةَ، الصلاةَ، وما ملكت أيمانُكم". وكان الصحابةُ لا يرَونَ شيئًا مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرُ الصّلاةِ. بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا حظَ في الإسلام لمن ترك الصلاة".

 

فلا واللهِ, لا يُفرِّطُ فيها بعدَ ذلك إلا مخذولٌ محرومٌ. وذلك من أعظمِ أسبابِ دُخولِ النَّارِ، فحِينَ يُسأَلُ المجرمون: ﴿ مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ ﴾ [المدثر: 42، 43]. وتاركُ الصلاة يا عباد الله: موعودٌ بالضَنْكِ الدُّنيويّ والعذابُ الأُخرويّ، ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]. وقال صلى الله عليه وسلم: "من تركَ الصلاةَ لقيَ اللهَ وهو عليهِ غضبانٌ"، ويقولُ صلى الله عليه وسلم مُحذِّرًا ومُنذِرًا: "لا تتركنَّ صلاةً متعمِّدًا، فمن فعلَ ذلكَ فقد برئت مِنهُ ذمّةُ اللهِ وذمّةُ رسولِه". بل جاءَ في حديثٍ مُتفقٍ عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "لقد هممتُ أن آمرَ بالصلاة فتُقام، ثمّ آمرَ رجلاً يُصلِّي بالناس، ثمّ أنطلِقُ معيَ برجالٍ معهم حزَمٌ من حَطبٍ إلى قومٍ لا يشهدونَ الصلاة، فأحرّقَ عليهم بيوتهم بالنار". فالأمرُ جِدُّ خطيرٌ يا عباد الله: وقد صحَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمعَ المناديَ بالصلاة فلم يمنعهُ من اتِّباعه عذرٌ لم تُقبَل منهُ الصلاةَ التي صلّى"، قيل: وما العذرُ يا رسول الله؟ قال: "خوفٌ أو مرض". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لأن تمتلئ أذُنا ابنِ آدمَ رصاصًا مُذابًا خيرٌ لهُ من أن يسمعَ النداءَ ولا يجيب". وعن علي رضي الله عنه قال: "لا صلاة لجار المسجدِ إلا في المسجد، قيل: ومن هو جارُ المسجد؟ قال: من سمعَ الأذان".

 

فيا أيها المضيعونَ لصلاةِ الجماعة، يا أيها الهاجرون لبيوتِ الله. إلى متى يا رعاكُم اللهُ تتخلفون، وحتى متى تسوفُون وتؤجلُون. ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الحديد: 16]. لقد حصْحصَ الحقُّ لولا صَمَمُ القلوب، ولقد اتضحَ السبيلُ لولا كدَرُ الذُّنوب. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَحَافِظُوا عَلَى أداء الصَّلاةِ جماعةً في بيوت الله. ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108]. ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46].

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

اللهم صل على محمد..

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم قراءة الفاتحة في الصلاة
  • حكم قراءة البسملة في غير الصلاة
  • حكم قراءة البسملة في الصلاة
  • الاعتراضات الواردة على أدلة القول بأن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية
  • المشروع من السكتات في الصلاة والذكر فيها
  • حكم من لم يستطع قراءة الفاتحة في الصلاة
  • حكم قراءة ما زاد على الفاتحة في الصلاة
  • كيف تخشع في الصلاة؟
  • تفسير قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة...}
  • إنما هي أعمالكم (خطبة)
  • لا تبطلوا أعمالكم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف أعلم ابني الصلاة وهو بعيد عني؟(استشارة - الاستشارات)
  • الإلمام بصفة وضوء وصلاة خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام باللغة الأردية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المدينة المنورة: ورشة عمل لتنظيم وتسهيل الصلاة في الروضة وزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أسرار علمية في الصلاة(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • بعد أذكار الصلاة يعمد كل فردا إلى الدعاء (الدعاء الجماعي في ادبار الصلاة)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من سنن الصلاة (سنن عامة في باب الصلاة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب