• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

جمل مفيدة في أن العفو والتسامح من الأخلاق الحميدة (خطبة)

جمل مفيدة في أن العفو والتسامح من الأخلاق الحميدة (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/8/2021 ميلادي - 23/12/1442 هجري

الزيارات: 26475

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جُمَلٌ مفيدة

في أنَّ الْعَفْوُ وَالتَّسَامُح من الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70- 71].

 

أما بعد؛ فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

إخواني في دين الله؛ الناس في هذه الأيام كثُرَ فيهم ضيق الخُلُق، وعدم سعة الصدر، والتأثر بأي خبر، أو قول أو منظر، ولا يصبر، وليس عند كثير من الناس -إلا من رحم الله- ليس عندهم السهولة والليونة والتسامح والعفو، سواء بين الرجل وامرأته، وبين الرجل وأولاده، أو بين الرجل وجيرانه، أو بين الرجل والآخرين من المسلمين، ضيق الخُلُق!

 

خطبتنا هذه -إن شاء الله- عبارة عن جمل مفيدة في أن التسامح والعفو من الأخلاق الحميدة، وهذا وارد في كتاب الله في أكثر من سورة، وأكثر من آية، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك الحث على العفو والتسامح، وكذلك ما فعله الصحابة وأتباعهم، ومن الناس من هو موجود الآن إلى يوم القيامة عندهم سعة الصدر، قَالَ الله سبحانه وتَعَالَى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].

 

حسنة وسيئة، أساء إليك أحسن إليه، فليكن صدرك واسعا، قَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

 

وقد ضرب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المثلَ الأعلى في ذلك، انظروا إلى يوسف الصدِّيق عليه السلام، أخذه إخوته وألقوه في الجبِّ وهو البئر، ثم عندما لقيهم ماذا كان من حاله؟ قَالَ سبحانه وتَعَالَى على لسان يوسف عليه السلام: ﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ﴾ - يقول لإخوانه - ﴿ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ﴾ - أي: فضلك - ﴿ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾، فماذا كان جواب يوسف عليه السلام؟ ﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 89 - 92].

 

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: [قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ - وَكَانَ -الحر بن قيس- مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ رضي الله عنه في مجلس شورته، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا]، الكهل: الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين، وتم عقله وحِلمه. هؤلاء هم الذين يجلسون عند عمر وكان الحر من بينهم، [كَانُوا أَوْ شُبَّانًا- فَقَالَ عُيَيْنَةُ] ابن حصن [لِابْنِ أَخِيهِ] - يتقرب لابن أخيه الحرِّ أن يقربه إلى عمر -: [يَا ابْنَ أَخِي! هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ؟! فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ]، فَقَالَ: [سَأَسْتَأذِنُ لَكَ عَلَيْهِ]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [فَاسْتَأذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ]، - أي: لعمه - [فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ]، قَالَ: [هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ] -أَيْ: الْكَثِير- أي: أنت بخيل علينا، يقول لأمير المؤمنين، [وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ]، وهذا اتهام لعمر رضي الله عنه، [فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ]، أَيْ: يَضْرِبهُ - [فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ] الرجل الصالح جليس عمر: [يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذْ الْعَفْوَ ﴾ -خُذْ الْعَفْو مِنْ أَخْلَاق النَّاس، كَقَبُولِ أَعْذَارهمْ وَالْمُسَاهَلَة مَعَهُمْ- ﴿ وَأمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ - أي: المعروف من طاعة الله، والإحسان إلى الناس -، ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾، أَيْ: بالمجاملة الحسنة، وحسن المعاملة، وترك المقابلة، ولذلك لَمَّا قال عُيينة بن حصن لعمر رضي الله عنه: ما تعطي الجزل، ولا تقسم بالعدل، وغضب عمر، قال له الحُرّ بن قيس: إن الله يقول: ﴿ وأعرض عن الجاهلين ﴾، فتركه عمر.

 

قال الحُرُّ: [وَإِنَّ هَذَا] أي: عمه عيينة [مِنْ الْجَاهِلِينَ]، يعني أعرض عنه، قَالَ: [فَوَاللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ رضي الله عنه وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ]. [خ] [4642]، [7286].

 

توقف عمر وهو غضبان جدًّا، وأراد أن يوقع العقاب وهو أمير المؤمنين، الأمير وليُّ أمر، يستطيع أن يأمر به فيُقتَل، أو يأمر به فيُسجن، أو يأمر فيُضرب، ومع ذلك؛ آيةٌ من كتاب الله أوقفته عند حدِّه، هكذا كان حلمهم وهكذا كان عفوهم وتسامحهم في حقوقهم.

 

فلنكن وقَّافين عند حدود الله، وإذا ذكِّرنا بالله انتهينا وتوقَّفنا، كم منا تكون بينه وبين جاره مشاجرة تجعله في حالة غضبٍ شديد، فيذكِّرونه بالله فلا يذكر الله ولا يتوقف، يبقى مندفعا كالوحش المفترس، لا يرجعه كلمة، ولا تذكير بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تذكير بالخير، نسأل الله السلامة.

 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ذُكِّرْتُمْ بِاللهِ فَانْتَهُوا"، [بز] [8541]، انظر الصَّحِيحَة: [1319]. يعني توقف مهما كان الموقف الذي أمامك، توقف يا عبد الله! أنت ذُكِّرْتَ بالله العظيم الجبار الذي في قدرته سبحانه أن يوقفك بشلل، أن يوقفك بمرض مفاجئ، أن يوقفك بنزع روحك تلك اللحظة، قادر سبحانه وتعالى، تذكر هذا عندما تكون غضبان، فيذكرك غيرك بالله الملك القوي الجبار سبحانه.

 

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما؛ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾، قَالَ -عبد الله بن الزبير-: [أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ]، [خ] [4644]، [د] [4787].

 

و[العَفْو]: هو التَّجاوزُ عن الذَّنْب وتركُ العِقَاب عليه.

 

ألا تعلم أخي في دين الله! أنّك بعفوِك وتسامُحِك ولينِك لإخوانِك تزدادُ عند الله عزًّا!!

 

ليست ذلةً إذا عفوت وسامحت، ليست منقصةً ولا عيبا أن تسامح أخاك، بل هو عزٌّ عند الله كما ثبت ذلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا"، [م] 69- [2588]، [ت] [2029].

 

إنَّ الْعَفْوَ وَالتَّسَامُحَ، وسُهولةَ الأخلاقِ ولينَها من الأخلاق الحميدة، والآداب السامية؛ لكن فِي غَيْرِ ْحُدُود الله، فمن ارتكب حدًّا من حدود الله كالقتل أو الزنا، أو شرب الخمر أو نحو ذلك، وهذا يكون قد ثبت بالاعتراف أو بالشهود، فوجب على وليِّ الأمر أن يقيمَ حدّ الله عليه، هنا ما في مسامحة؛ لأن هذه الأمور وصلت إلى ولي الأمر، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، إِلَّا الْحُدُودَ". [د] [4375]، الصَّحِيحَة: [638].

 

قال الشّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: [وذَوو الهَيئاتِ الَّذينَ يُقالونَ عَثَراتِهِمُ؛ -أي يسامحون- الَّذينَ لَيسوا يُعرَفونَ بالشَّرِّ، فيَزِلُّ أحَدُهُمُ الزَّلَّةَ]، السنن الكبرى للبيهقي، ت. التركي [17/ 542].

 

مرة حدثت منه، ولا يعرف عنه هذا الشيء، فهذا تُقال عثرته.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

وفي العفو والتسامح، ضرب السلفُ الصالحُ من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومن بعدهم المثلَ الأعلى في العفوِ والصفحِ والتسامُحِ، فَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: [رُمِيَ]، أي: بسهم [رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ: أَبُو بَجِيلَةَ]، فَقِيلَ لَهُ: [ادْعُ اللهَ]، من الذي رماه؟ أعداء الله، فطلبوا الله أن يدعوا على من رماه.

 

فَقَالَ: [اللَّهُمَّ أَنْقِصِ الْوَجَعَ، وَلَا تَنْقِصْ مِنَ الْأَجْرِ]، ما دعا عليهم، وإنما قال: أنقص الوجع، ولا تنقص الأجر، له أجر ويشعر بالوجع، فيريد أن ينقص وجعه، وأن يزيد أجره، فَقِيلَ لَهُ: [ادْعُ ادْعُ]، فَقَالَ: [اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَاجْعَلْ أُمِّي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ]، [خد] [504]، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: [387].

 

هذه دعواتهم وهذه سماحتهم، فماذا نرى على صفحات الفسبكة وغيرها من السبّ والشتم، من مسلم على مسلم، ومن مؤمن على مؤمن، وكلهم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، سبٌّ وشتم بأقذع الألفاظ، عبر وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: [أَتَى رَجُلٌ أُمَّ الدَّرْدَاءِ] -وهناك أم الدرداء اثنتان الصغرى والكبرى، -وأم الدرداء هذه هي الصغرى الفقيهة، واسمها هجيمة بنت حُيَي الأوصابية، وأما الكبرى فهي: خَيرة بنت أبي حدرد الأنصارية، وهذه لها صحبة-. والأولى ليست لها صحبة، [فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا نَالَ مِنْكِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ] الخليفة، وهو ابن مروان الخليفة الأموي. أي: نالوا منكِ وتكلموا في ظهركِ، فماذا كان ردُّها؟ [فَقَالَتْ: إِنْ نُؤْبَنَ بِمَا لَيْسَ فِينَا]، -الأَبْن: الاتهام والذكر بالعيب؛ يعني نتهم ونذكر بعيب ليس فينا، [فَطَالَمَا زُكِّينَا بِمَا لَيْسَ فِينَا]، [خد] [420]، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: [323].

 

أيضا قد مدحَنَا أناس وأثنوا علينا بأشياء ليست فينا، فهذه بتلك، وهكذا يكون الناس في أحلامهم، عندهم الحلم وعندهم العفو وعند الصفح.

 

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: [أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ؟ كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ]، قال الألباني في [د] [4886]، والإرواء: [2366]: صحيح مقطوع. أَيْ: لَوْ اِنْتَقَصَ أَحَد مِنْهُمْ مِنْ عِرْضِي، فَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَى الِانْتِصَار. عون المعبود [10/ 411]. أي: لو أن أحدا تكلم في ظهري فأنا سامحته، وتصدقت بهذا صدقة لله!

 

من منا عندما يأتيه ناقلٌ لخبر أو إشاعة: فلان يتكلم فيك في ديوان، أو كتب عنك في الفيس بوك كذا وكذا، ماذا يكون حالنا؟ هل يكون عندنا الصفح والعفو؟ أم يكون عندنا الانتقام ولو كان الخبر كاذبا.

 

قال [أَبُو الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ الزَّاهِدُ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ -بن يوسف الثقفيُّ- بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ -الذين يخرجون على الدولة والحكومة- فَقَتَلَ فِيهِمْ، -أي: بدأ فيهم قتلا، لأنه ولي أمر، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ - من الخوارج -: [أَمْهِلْنِي حَتَّى أَذْهَبَ أَقْضِيَ دَيْنًا عَلَيَّ وَأَرْجِعَ]، واحد منهم يريد أن يقضي دينا عليه فَقِيلَ: [مَنْ يَضْمَنُكَ؟] فَقَالَ وَزِيرُ الْحَجَّاجِ: [أَنَا]، فَانْطَلَقَ فَقَضَى دَيْنَهُ، وَأَتَى مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: [هَأَنَاذَا]، فَقِيلَ لَهُ: [هَلاَّ اخْتَفَيْتَ وَنَجَوْتَ؟] قَالَ: [أَرَدْتُ أَنْ لا يُقَالَ: ذَهَبَ الصِّدْقُ مِنَ النَّاسِ]، وهو من الخوارج وعنده صدق.

 

وَقِيلَ لِلْوَزِيرِ: [لِمْ أَقْدَمْتَ عَلَى ضَمَانِ مَنْ يُقْتَلُ؟] هذا إنسان محكوم عليه بالقتل لو غاب أنت تقتل مكانه، فـقَالَ: [أَرَدْتُ أَنْ لا يُقَالَ: ذَهَبَتِ الْمَرُوءَةُ مِنَ النَّاسِ].

 

فَقَالَ الْحَجَّاجُ: [وَأَنَا قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ؛ لِئَلا يُقَالُ: ذَهَبَ الْعَفْوُ مِنَ النَّاسِ]]. معجم الشيوخ الكبير للذهبي [2/ 24، 25].

 

[وكان عند ميمون بنِ مهران ضيفٌ، فاستعجل على جاريته -أي: الخادمة- بالعشاء، فجاءت مسرعة، ومعها قصعةٌ مملوءة، -بالطعام الحار-، فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون، وكان من الصالحين والواعظين، فقال: [يا جارية! أحرقتني]، قالت: [يا معلِّمَ الخير، ومؤدّبَ الناس؛ ارجع إلى ما قال الله تعالى]، قال: [وما قال الله تعالى؟!] قالت: قال: ﴿ والكاظمين الغيظ ﴾، قال: [قد كظمت غيظي]، قالت: ﴿ والعافين عن الناس ﴾، قال: [قد عفوت عنك]، قالت: [زِدْ! فإن الله تعالى يقول: ﴿ والله يحب المحسنين ﴾]، قال: [أنت حرة لوجه الله تعالى]]. إحياء علوم الدين [2/ 220].

 

هنا عند الغضب الشديد وعند الإساءة الشديدة لك، هنا يكون اللين، وهنا تكون المسامحة، وعند الغضب الشديد يصدق العفو.

 

ألا تعلمون أنّ النارَ محرمةٌ على أهل العفو والتسامح! جاء ذلك في نصّ الحديث؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟!" قَالُوا: [بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ!] قَالَ: "كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، قَرِيبٍ، سَهْلٍ"، [حب] [470]، [ت] [2488]، [حم] 3938، انظر صَحِيح الْجَامِع: [3135] صَحِيح التَّرْغِيبِ: [1747].

 

فالمؤمن إذا كان عنده يهون على إخوانه يتواضع لهم، يلين الجانب لهم، يكون قريبا منهم، يكون سهلا في معاملته، في عفوه وصفحه، هذا تحرم عليه النار إن شاء الله، قال سبحانه: ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].

 

هؤلاء لبُدُوِّ الخير أو إخفائه، والعفو عن السوء، هذه صفات تجلب عفو القدير سبحانه، فإذا أردت أن يعفو الله عنك فاعف عن غيرك؛ من طفل صغير، أو من يقاربك في العمر، أو من هو أكبر منك؛ أساء إليك، فالعفو مهم يا عباد الله.

 

صلوا على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، واغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

 

اللهم وحّد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا.

 

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يا رب العالمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العفو والتسامح وضوابطه
  • التواضع والعفو والتسامح في فتح مكة
  • العفو والتسامح في الحروب النبوية
  • خطبة عن العفو والتسامح
  • العفو والتسامح في حياته عليه الصلاة والسلام (خطبة)
  • خاطرة: قيمة التسامح والتجاوز عن الآخرين خلق محمدي
  • التسامح المذموم (خطبة)
  • العفو والتسامح فضيلة ومكرمة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • منظومة دالية في الجمل التي لها محل من الإعراب والجمل التي لا محل لها منه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ما لا محل له من الإعراب من الجمل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجملة في القرآن الكريم: الجمل المرتبطة بما قبلها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجمل والجمال (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • منزلة الجمال في أخلاق القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إعراب الجمل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجمل المفيدة في شرح الفريدة(كتاب - موقع الشيخ عبدالمحسن بن عبدالله الزامل)
  • من فضائل النبي: جمله الله تعالى بمحاسن الأخلاق قبل بعثته الشريفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إندونيسيا: ملكة جمال الأخلاق الإسلامية ردا على ملكة جمال العالم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • دلالة التركيب بين الجملة الإسمية والجملة الفعلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب