• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدرس الخامس والعشرون: ليلة القدر
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    تحريم ترك الوفاء بنذر الطاعة لله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    حكم زواج المسيار
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    خطبة (المسح على الشراب)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    شرح لفظ "كواعب" (في ضوء كلام العرب والقرآن
    د. أورنك زيب الأعظمي
  •  
    مكانة إطعام الطعام في الإسلام
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    منهج القرآن في بيان الأحكام
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ماذا أخذت من السعودية؟
    أ. محمود توفيق حسين
  •  
    يعلمون.. ولا يعلمون
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

مراقبة الخواطر سبيل السعادة والفوز والنعيم

مراقبة الخواطر سبيل السعادة والفوز والنعيم
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2021 ميلادي - 16/10/1442 هجري

الزيارات: 10168

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مراقبة الخواطر سبيل السعادة والفوز والنعيم
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَقَيُّومُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ الَّذِي لَا فَوْزَ إِلَّا فِي طَاعَتِهِ، وَلَا عِزَّ إِلَّا فِي التَّذَلُّلِ لِعَظَمَتِهِ، وَلَا غِنًى إِلَّا فِي الِافْتِقَارِ إِلَى رَحْمَتِهِ، وَلَا هُدًى إِلَّا فِي الِاسْتِهْدَاءِ بِنُورِهِ، وَلَا حَيَاةَ إِلَّا فِي رِضَاهُ، وَلَا نَعِيمَ إِلَّا فِي قُرْبِهِ، وَلَا صَلَاحَ لِلْقَلْبِ وَلَا فَلَاحَ إِلَّا فِي الْإِخْلَاصِ لَهُ وَتَوْحِيدِ حُبِّهِ، الَّذِي إِذَا أُطِيعَ شَكَرَ، وَإِذَا عُصِيَ تَابَ وَغَفَرَ، وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَإِذَا عُومِلَ أَثَابَ.

 

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ جَمِيعُ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَقَرَّتْ لَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ جَمِيعُ مَصْنُوعَاتِهِ، وَشَهِدَتْ بِأَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ بِمَا أَوْدَعَهَا مِنْ عَجَائِبِ صَنْعَتِهِ، وَبَدَائِعِ آيَاتِهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ. وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي إِلَهِيَّتِهِ، كَمَا لَا شَرِيكَ لَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَأَمْلَاكُهَا، وَالنُّجُومُ وَأَفْلَاكُهَا، وَالْأَرْضُ وَسُكَّانُهَا، وَالْبِحَارُ وَحِيتَانُهَا، وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَالْآكَامُ وَالرِّمَالُ، وَكُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَكُلُّ حَيٍّ وَمَيِّتٍ ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ، وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، فَهِيَ مَنْشَأُ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، فَلَا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ:

مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ؟

فَجَوَابُ الْأُولَى بِتَحْقِيقِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَعَمَلًا.

وَجَوَابُ الثَّانِيَةِ بِتَحْقِيقِ "أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَانْقِيَادًا وَطَاعَةً.

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَسَفِيرُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، الْمَبْعُوثُ بِالدِّينِ الْقَوِيمِ وَالْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ، أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَإِمَامًا لِلْمُتَّقِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ. أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ فَهَدَى بِهِ إِلَى أَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَوْضَحِ السُّبُلِ، وَافْتَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ طَاعَتَهُ وَتَعْزِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَالْقِيَامَ بِحُقُوقِهِ، وَسَدَّ دُونَ جَنَّتِهِ الطُّرُقَ، فَلَنْ تُفْتَحَ لِأَحَدٍ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ، فَشَرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وَجَعَلَ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ؛ وَكَمَا أَنَّ الذِّلَّةَ مَضْرُوبَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، فَالْعِزَّةُ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ وَمُتَابَعَتِهِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 139]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ﴾ [محمد: 35]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]. أَيِ: اللَّهُ وَحْدَهُ كَافِيكَ، وَكَافِي أَتْبَاعَكَ، فَلَا تَحْتَاجُونَ مَعَهُ إِلَى أَحَدٍ" [1].

 

وبعد:

فيقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة النور [2].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾؛ يا أيُّها الذين آمنوا لا تَسلُكوا طُرُقَ الشَّيطانِ التي يَدْعوكم إليها بوساوسِه.

 

﴿ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾؛ أي: ومَن يَسلُكْ طرُقَ الشَّيطانِ يقَعْ في الفَحشاءِ والمنكَرِ؛ لأنَّ الشيطانَ يأمُرُ النَّاسَ بفِعلِ الذُّنوبِ العظيمةِ القبيحةِ، كالزِّنا، ويأمُرُ بمُنكراتِ الأقوالِ والأفعالِ التي تُنكِرُها الشَّريعةُ والعقولُ السَّليمةُ [3]

 

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ﴾؛ أي: ولولا فَضلُ الله عليكم ورحمتُه بكم، ما تطهَّر أحَدٌ منكم أبدًا مِن الشِّركِ والمعاصي واتِّباعِ خُطواتِ الشَّيطانِ، ولا اهتدَى إلى الإيمانِ والتَّوبةِ النَّصوحِ وطاعةِ الرَّحمنِ [4].

 

﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾؛ أي: ولكنَّ اللهَ يُطهِّرُ مِن الذُّنوبِ وآثامِها، ويهدي إليه مَن يشاءُ مِن عبادِه [5].

 

﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾؛ أي: واللهُ سميعٌ لأقوالِكم كُلِّها؛ خَيرِها وشَرِّها، عليمٌ بأقوالِكم وأعمالِكم وما في قلوبِكم، وهو محيطٌ بكلِّ ذلك، ومُحصيه عليكم؛ لِيُجازيَكم به [6].

 

وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ". قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ". وفي رواية: "وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ" [أخرجه مسلم ( 2814 )] [7].

 

وفي هذا الحديث يُبَيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ مَكايدَ الشَّيطانِ لا يَخلو مِنها أحدٌ؛ حتَّى نَكونَ مِنها على حَذَرٍ، فيقول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما مِنكم مِن أحدٍ"، أي: مَهما بَلغَ منَ العِبادةِ والعِلمِ ما بَلغَ، "إلَّا وَقدْ وُكِّلَ به قَرينُه مِنَ الجِنِّ"، أي: شَيطانٌ يُوَكَّلُ به يُغويه، ويُسوِّلُ له ويُشَكِّكُه في الدِّينِ. قالوا: وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: "وَإيَّايَ"، يَعني: لِي قَرينٌ مِنَ الجِنِّ كَما لكُلِّ إِنسانٍ قَرينُه مِنَ الجِنِّ، "إلَّا أنَّ اللهَ أَعانَني عَليه فأَسلَمَ"، يَعني: أَسْلَمَ الشَّيطانُ بأن صار مُسلِمًا، "فَلا يَأمُرُني إِلَّا بِخَيرٍ".

 

وفي روايةٍ، قال: "وَقَد وُكِّلَ به قَرينُه مِنَ الجِنِّ وقَرينُه مِنَ المَلائكةِ"، فَكما أنَّه قُيِّضَ له شَيطانٌ يُغويه ويُضِلُّه، كَذلك قُيِّضَ له مَلَكٌ يُسدِّدُه ويُرْشدُه.

 

وفي الحديثِ: حِرصُ الشَّيطانِ على إغواءِ بَني آدَمَ، وأنَّه لا يَنفَكُّ عنِ الإِغواءِ.

 

وفيه: أنَّ اللهَ قَيَّضَ لِلإنسانِ مَلَكًا يُعينُه ويُرشدُه، في مُقابلَةِ إغواءِ الشَّيطانِ وفِتنَتِه، وهذا من رحمة ربنا الرحمن الرحيم بعباده، فله الحمد العظيم، والشكر الجزيل، والثناء الجميل، والتمجيد الجليل.


وفيه: دَليلٌ عَلى عِصمَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أنْ يُؤثِّرَ فيه الشَّيطانُ بأَذًى في عَقلِه أو قَلبِه بضُروبِ الوَساوسِ.

عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ: أَتُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ، وَدِينَ آبَائِكَ، وَآبَاءِ أَبِيكَ؟". قَالَ: "فَعَصَاهُ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: أَتُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ؟ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ". قَالَ: "فَعَصَاهُ؛ فَهَاجَرَ". قَالَ: "ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: هُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقَسَّمُ الْمَالُ". قَالَ: "فَعَصَاهُ، فَجَاهَدَ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَمَاتَ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ" [أخرجه أحمد ( 15958 )، وقال شعيب الأرنؤوط وآخرون: إسناده قوي].

 

في هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ الشَّيطانَ قعَد لابنِ آدَمَ بأَطْرُقِه"، أي: طُرُقِ هَدْيِه وصَلاحِه يُوسوِسُ له ليَمنَعَه مِن السَّيرِ فيها؛ "فقَعَد له بطَريقِ الإسلامِ"، أي: ليَمنَعَه مِن الإسلامِ، "فقال"، أي: الشَّيطانُ: "أَتُسلِمُ وتَذَرُ دِينَك ودِينَ آبائِك وآباءِ أبيك؟!"، أي: يُنكِرُ عليه إسلامَه مُخالِفًا لدينِ آبائِه، "فعَصاه"، أي: لَم يَسمَعْ له ابنُ آدَمَ وخالَفَه، فأسلَمَ ابنُ آدَمَ للهِ عزَّ وجلَّ.

 

ثمَّ قعَد الشَّيطانُ لابنِ آدَمَ "بطَريقِ الهِجرةِ"؛ ليَمنَعَه مِن الهِجرةِ، فقال الشَّيطانُ: "أَتُهاجِرُ وتدَعُ أَرضَك وسماءَك؟!"، أي: ينكِرُ عليه الشَّيطانُ أنْ يُهاجِرَ، ويُعظِّمُ له مِن أمرِ مَوطِنِه، ويقولُ له: "وإنَّما مثَلُ المهاجِرِ كمَثلِ الفرَسِ في الطِّوَلِ"، أي: يَزيدُ الشَّيطانُ مِن التَّغريرِ بابنِ آدَمَ، فيُصوِّرُ له أنَّ المهاجِرَ في الغُربةِ كمثْلِ الفرَسِ المقيَّدِ، لا يَعرِفُ أحدًا ولا يُخالِطُه أحَدٌ إلَّا بقَدْرِ مَعارِفِه؛ فَهُوَ كالفَرسِ فِي القيدِ لا يَدُور ولا يرْعَى إلَّا بِقَدْرِهِ، بِخِلَاف أهلِ الْبِلاد في بِلادهمْ فإنَّهُم مَبسوطونَ لَا ضِيقَ عَلَيْهِم فأحدُهم كالفرس الْمُرْسل، وهذا من وسوسةِ الشيطانِ وتَخويفِه للمُؤمِن؛ فيُذكِّرُه بالمتاعبِ والمشاقِّ، ويُوزِانُ له بين قُيودِ الإيمانِ، وبينَ حالِ الكافرِ وما أمامَه مِن الفُسحةِ وعدمِ التقيُّدِ بأوامرَ أو نَواهٍ؛ ليصرفَه عن طريقِ الإيمانِ، ولكنَّ المؤمنَ الموفَّقَ مِن اللهِ رَفَضَ كيدَ الشَّيطانِ "فعَصاه فهاجَرَ"، أي: لَم يَسمَعْ ابنُ آدَمَ للشَّيطانِ وخالَفَه.

 

ثمَّ قعَد الشَّيطانُ لابنِ آدَمَ "بطَريقِ الجِهادِ"؛ ليَمنَعَه مِن الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فقال الشَّيطانُ: "هو جَهْدُ النَّفسِ والمالِ"، أي: يُقلِّلُ له مِن شَأنِ الجِهادِ، وإنَّما هو إرهاقٌ وتعَبٌ للنَّفسِ والمالِ، "فتُقاتِلُ فتُقتَلُ"، أي: فيكونُ جزاؤُك في القِتالِ القَتلَ، "فتُنكَحُ المرأةُ"، أي: يتزوَّجُ زَوجتَك رجُلٌ غيرُك، "ويُقسَمُ المالُ؟!"، أي: يَذهبُ للورَثَةِ، "فعَصاه فجاهَد"، أي: لَم يسمَعْ له ابنُ آدَمَ وخالَفَه وخرَج للجِهادِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فمَن فعَل ذلك منهم"، أي: خالَف الشَّيطانَ وأسلَم وهاجَر وجاهَد، "فَمَاتَ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ"، أي: جزاءً وأجرًا له أيا كان سبب موته، ومعنى "وقَصَتْه دابَّتُه"، أي: كانت سبَبًا في مَوتِه؛ كأنْ وقَعَ مِن عليها فمات، أو وطِئَتْه.

 

وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الشَّيطانِ، وبيانُ أنَّه يترصَّدُ لابنِ آدَمَ في كلِّ طُرُقِ الخَيرِ؛ فعَلى المسلِمِ الاحتياطُ لنَفْسِه والاستعانَةُ باللهِ تعالى.

 

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَجِدُ فِي أنْفُسِنا شَيْئًا ما نُحِبُّ أنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ وإنَّ لَنا ما طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، قالَ: "أوَ قَدْ وجَدْتُمْ ذَلِكَ؟" قالُوا: نَعَمْ، قالَ: "ذاكَ صَرِيحُ الإيمانِ" [أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1284)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ( 970 )].

 

في هذا الحَديثِ يَروي أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاءَهُ ناسٌ من أصحابِه فقالوا: فقالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَجِدُ فِي أنْفُسِنا شَيْئًا ما نُحِبُّ أنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ وإنَّ لَنا ما طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، أي: مِن الوَساوِسِ ومِن كَيدِ الشَّيطان ما لا نُحبُّ ولا نرضَى أن نُخرجَه من صُدورِنا على ألسِنَتِنا لما يَحويه من مَعانٍ شَيطانِيَّة، ويَثقُل ذلك علينا، ولو أن لنا الدنيا وما فيها. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أَوَ قَدْ وَجَدْتُم ذَلِكَ؟"، أي: هل وَجَدْتُم ما يُلقيه الشَّيطانُ في نُفوسِكُم، ثمَّ دَفعَكُم إيمانُكُم عن التَّحدُّث به؟ قالوا: "نَعَمْ". فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ذاكَ صَريحُ الإيمانِ"، والمعنى: أنَّ الإيمانَ الخالِصَ والخَوفَ من اللهِ في قُلوبِكُم هو الذي يَمنَعُكُم من قَبول ما يُلْقيهِ الشَّيطانُ في أنْفُسِكم والتَّصديقِ به، حتى صارَ ما يُلقيه إليكم مُجرَّدَ وَسوَسةٍ، ولا يَتمَكَّنُ في قُلوبِكُم منْها شَيءٌ، ولا تَطمَئنُّ إليه أنفُسُكُم.

 

وفي الحديث: أن على من ابْتُلِيَ بشيء من الشبهات والوساوس الاستعانة بالله تعالى وحده أن يزيلها عنه.

 

وفيه: أهمية الاجتهادِ في طلب العلم، وسؤالِ العلماء عمَّا يُشكِل على الطالب.

 

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْوَسَةِ الَّتِي يَجِدُهَا أَحَدُهُمْ، لَأَنْ يَسْقُطَ مِنْ عِنْدِ الثُّرَيَّا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ" [أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 10439 )، وصححه الشوكاني في رفع البأس عن حديث النفس ( 37 )].

 

وقول الصحابة رضي الله عنهم: "لَأَنْ يَسْقُطَ" أحدهم "مِنْ عِنْدِ الثُّرَيَّا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ" أي: إنَّه مِن شَناعتِه يَوَدُّ المؤمنُ أنْ يَهلِكَ ويَسقُطَ مِن السماءِ إلى الأرضِ ولا يأْتِيه هذا الفِكرُ، ولا يُحِبُّ ولا يَرضى أنْ يُخرِجَه مِن صَدرِه على لِسانِه؛ ممَّا يَحويهِ مِن معانٍ شَيطانيةٍ.

 

وقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ"، أي: أن بغضكم لما يلقيه الشيطان عليكم من وساوس، وكراهيتكم التحدث بها، واجتهادكم في التخلص منها، والاشتغال بما ينفع ويقرب إلى الله سبحانه وتعالى أعمال عظيمة من أعمال الإيمان، ودليل صدقه وصراحته؛ وليس المقصود أنَّ الوَسوسةَ نَفسَها هي الإيمَانُ، وذلك لأنَّها إنَّما تَتولَّدُ من فِعْلِ الشَّيطان وتَسوِيلِه.

 

وفي هذا الحديث: بيان بغض الصحابة رضي الله عنهم الشديد لوساوس الشيطان، وإنكارهم لها، وكراهيتهم التحدث بها.

 

وفيه: أهمية دفع الوساوس، والتخلص منها بإهمالها والاشتغال بما ينفع ويقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

 

وفيه: أن كراهية العبد لوساوس الشيطان، وسعيه في الخلاص منها علامة على صدق الإيمان ومتانة الدين وصحة اليقين.

 

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ - يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ - لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ". [أخرجه أبو داود ( 5112 )، وصححه الألباني في صحيح أبي داود].

 

ومعنى حُمَمَةً: فحما[8]؛ وفي هذا الحديث: بيان عدم تمكن وساوس الشيطان من نفوس الصحابة رضي الله عنهم، وبغضهم لها، وكراهيتهم التحدث بها؛ وعدم تأثيرها على صحة إيمانهم وقوته وصدقه.

 

وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ الشَّيطانَ يَتربَّصُ للمُؤمِن؛ ليَزِيغَهُ عن الإيمانِ إلى الكُفرِ.

 

وفيه: أنَّ المُؤمِن يَنبَغي عليه التَّخلُّصُ من وَساوِسِ الشَّيطانِ ودَفْعُها.

 

وفيه: مشروعية الحمد والتكبير والسرور عند حصول النعم الدينية، وهي هنا أن الله تعالى أخزى الشيطان، ولم يبلغه مراده من وساوسه.

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ " [أخرجه البخاري ( 2528 )].

 

وفي هذا الحديثِ مَظهَرٌ مِن مَظاهرِ رَحمةِ اللهِ تَعالى بهذه الأُمَّةِ، حيثُ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ رفَعَ الحِسابَ والعِقابَ، فلم يُؤاخِذْ أفرادَ الأُمَّةِ بما يلقيه الشيطان في نفوسهم مِنَ الشر والوساوس، فهذا مَعفوٌّ عنهُ، ولا يَترتَّبُ عليه إثمٌ ما دامَ العبد ينكر تلك تلك الوساوس ويبغضها ويدافعها، ولمْ يَعمَلْ بجَوارحِه شرا، أو يَتكلَّمْ به، وهذا مِن فضْلِ اللهِ تَعالى على أُمَّةِ الإسلامِ، كما تفضل عليها ببعثة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وإنزال القرآن الكريم، وتيسيرِ شَرائعِ الدِّينِ، ومُضاعَفةِ الأَجْرِ، وقبول التوبة، وغُفْرانِ الذُّنوبِ، وغير ذلك مِن أنواع فَضْلِ الله تعالى، وأصناف رَحمتِه سُبحانَه، وأبواب نعمه جل وعلا.

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ" [أخرجه البخاري (3276)].

 

وفي هذا الحديثِ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشَّيطانُ أحدَكم" فيَبعثُ في النَّفسِ الشُّكوكَ، ويُثيرُ فيها التَّساؤلاتِ العديدةَ عن حدوثِ الأشياءِ ومَن أحدَثَها، "فيقول: مَن خَلَقَ كذا؟ مَن خَلَقَ كذا؟"، أي: مَن خَلَقَ السَّماءَ؟ مَن خلَق الأرضَ؟ مَن خلَق الجبالَ؟ مَن خلَق الإِنسانَ؟ فيُجيبُه ابنُ آدمَ دِينًا وفِطرةً وعقلًا بقوله: اللهُ، وهذا جوابٌ بَديهيٌّ صحيحٌ وحقٌّ وإيمان، ولكنَّ الشَّيطانَ لا يَقِفُ عند هذا الحدِّ من الأسئلةِ والوساوسِ، بل يَنتقِلُ من سؤالٍ إلى سؤال، "حتَّى يقولَ: مَن خلَق ربَّك؟"، وهنا وضَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الدَّواءَ النَّافعَ والجوابَ السَّريع لمِثلِ ذلك، فقال: "فإذا بَلَغَه، فلْيَستعِذْ بالله ولْيَنْتَهِ"، أي: فإذا وصَل معه الشَّيطانُ إلى هذا الحدِّ فلْيَستعِذْ بالله منه، ولْيَكُفَّ عن الاستجابةِ له، ولْيَنْتَهِ عن الاسترسالِ معه في ذلك، وَلْيَعْلَمْ أنَّه يُريدُ إفسادَ دِينه.

 

وفي هذا الحديث: بيان أن الإيمانَ باللهِ سُبْحانَه وتعالى يتَطلَّبُ قلبًا منيبًا، وتَسْليمًا وانقِيادًا كامِلًا للهِ تعالى؛ وأن الشَّيطان لا هم له ولا عمل إلا إغواء الخلق، فهو ألد أعدائهم، ولا يَزالُ يدفَعُ إلى الناس إيرادات الباطلِ؛ وله أعوان من الجن والإنس، هم حزبه وهو وليهم؛ نعوذ بالله تعالى منهم ومن شرورهم.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ" [أخرجه أحمد ( 8376 )، وقال شعيب الأرنؤوط وآخرون: إسناده صحيح على شرط مسلم].

 

فقول "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ" هو الحق الواضح والصدق الظاهر؛ وليس بَعْدَه إلا الضَّلال البعيد والخسران المبين.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا: ﴿ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾. ثُمَّ لْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ" [أخرجه أبو داود (4721، 4722)، وحسنه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح ( 71 )].

 

وفي هذه الآيات [1 - 4] من سورة الإخلاص إفرادُ اللهِ عزَّ وجلَّ بالوحدانيَّةِ، وأنَّه الخالق الذي ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [سورة الشورى 11]؛ فلا يُوصَفُ بصِفاتِ الخَلْقِ كأن يقال بأنه مولودٌ، أو له زَوْجةٌ أو وَلَدٌ، تعالى اللهُ عمَّا يقولُ الظَّالِمونَ عُلوًّا كبيرًا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ ليَتْفُلْ عن يَسارِه ثلاثًا"، أي: يَبْصُقْ على اليُسْرى مِنْه ثلاثَ مرَّاتٍ إرغامًا للشَّيطانِ وتحقيرًا لَه.

 

وَعَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي صَدْرِي؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ لِي: أَشَيْءٌ مِنْ شَكٍّ؟ قَالَ: وَضَحِكَ. قَالَ: مَا نَجَا مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ. قَالَ: حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ﴾. الْآيَةَ. قَالَ: فَقَالَ لِي: إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾. [أخرجه أبو داود ( 5110 )، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود].

 

وفي هذا الحديث وجه ابن عباس رضي الله عنهما من سأله عن الوساوس أن يقرأ قول الله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [سورة الحديد 3]، لأن هذه الآية فيها شِفاء للشُّكوكِ التي في النفس، والذي يَنقدِحُ في الذِّهنِ ويُلقِيه الشيطانُ عنِ اللهِ عزَّ وجلَّ، يُدْفَع بهذِه الأسماءِ الحُسنَى للهِ سبحانه وما تَضمَّنَتْه من الصفات العُلَا؛ فإنَّه سبحانه الأوَّلُ الذي ليس قَبْلَه شيءٌ، والآخِرُ ليس بَعدَه شيءٌ، كما أنَّه الظَّاهِرُ الذي ليس فوقَه شيءٌ، والباطِن المحيطُ بكلِّ شيءٍ، ولا يكونُ دونه شيءٌ، ولو كان قَبْلَه شَيءٌ يكون مؤثرًا فيه لكان ذلك هو الربَّ الخَلَّاق؛ إذ لا بدَّ أن يَنتهيَ الأمرُ إلى خالقٍ غيرِ مخلوقٍ، وقائمٍ بنَفْسِه غنيٍّ عن غيرِه، وكلُّ شيءٍ فقيرٌ إليه، وذاك هو الله ربنا عز وجل.

 

والخطاب في قول الله تعالى: ﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [سورة يونس 94] موجه للنبي صلى الله عليه وسلم لفظا، شامل له ولأتباعه حكما [9]؛ والمراد منه تثبيت المومنين، والتحذير من الشك المخالف لليقين؛ نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يُصَرِّفَهَا على طاعته.

 

وأهل الكتاب المشار إليهم في هذه الآية هم من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، "كعبدالله بن سلام [رضي الله عنه] وأصحابه وكثير ممن أسلم في وقت النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه، ومن بعده وكعب الأحبار وغيرهما"[10].

 

وليس في الآية ما يفيد حصول الشك منه صلى الله عليه وسلم، فهو مُبرَّأ منه، بل هو صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق إيمانا، وأعظمهم صدقا، وأحسنهم يقينا، وأتمهم إخلاصا؛ بل هو إمامهم وقدوتهم ومعلمهم ومرشدهم إلى رضوان الله الرحمن الرحيم، وقائدهم وواعظهم ودليلهم وداعيهم إلى دار السعادة والفوز والنعيم، كما قال تعالى: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة 151][11]؛ وقد شهد له ربنا سبحانه وتعالى بالإيمان في قوله عز رجل: ﴿ ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَیۡكَ ٱلۡمَصِیرُ ﴾ [سورة البقرة 285].

 

وبالنظر في الأحاديث السابقة، يمكن القول أن السبيل لدفع الوساوس المتعلقة بالإيمان يتمثل فيما يلي:

♦ الانتهاء عن الاسترسال مع الوساوس، والإعراض عنها، وقطع التفكير فيها.

♦ بغض الوساوس وردها وإنكارها وكراهية التحدث بها.

♦ إهمال الوساوس، والاشتغال بما ينفع ويقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

♦ الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، فإنه لا يدرك خير ولا يُصرَف شر إلا بعونه.

♦ الاستعاذة بالله من الشَّيطان، والمحافظة على الأذكار، والإكثار من الدعاء.

♦ قول "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ".

♦ قول ﴿ ٱللَّهُ أَحَدٌ * ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ * لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ * وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ﴾ [سورة الإخلاص 1 - 4].

♦ التفل عن اليسار ثلاثًا.

♦ قول ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [سورة الحديد 3].

 

ومن خلال تأمل النصوص السابقة، يظهر بوضوح أن الخواطر مبدأ الخير والشر؛ فما فاز من فاز إلا بمراقبة خواطره، ولا شقي من شقي إلا بترك مراقبتها.

 

هذا، ويمكن تقسيم الخواطر إلى قسمين:

القسم الأول: الخواطر الإيمانية: وهي جميع الخواطر التي توافق ما جاء في الكتاب والسنة، وتدعو إلى فعل الواجبات أو المستحبات.

 

القسم الثاني: الوساوس الشيطانية: وهي جميع الخواطر التي تعارض ما جاء في الكتاب والسنة، وتدعو إلى فعل المحرمات أو المكروهات.

 

وبناء على التعريفين السابقين للخواطر الإيمانية، والوساوس الشيطانية تظهر أهمية الاجتهاد في طلب العلم الذي به يُهدَى العبد للتمييز بين نوعي الخواطر، والموازنة بين المصالح والمفاسد؛ وأما الجاهل فلا يستطيع التفريق بين قسمي الخواطر، ويسهل على الشيطان التحكم به، وبث ما يريد من شبهات وأمراض في قلبه، وتوجيهه إلى معاصي الرحمن، وما يجلب الذل والخذلان؛ نسأل الله تعالى السلامة والعافية.

 

ويمكن توضيح الطريقة الصحيحة للتعامل مع الخواطر بما يلي:

♦ تمييز الخواطر الإيمانية من الوساوس الشيطانية، وذلك بعرض الخاطرة على الكتاب والسنة، فإن وافقتهما فهي خاطرة إيمانية، وإن عارضتهما فهي وسوسة شيطانية.

 

♦ بعد تحديد نوع الخاطرة ينبغي التعامل معها بحسبها؛ فإن كانت خاطرة إيمانية فينبغي على العبد الناصح لنفسه، الراغب في رضوان ربه سبحانه وتعالى: الاستجابة لها، والمبادرة إلى فعل ما تدعو إليه، والاجتهاد في تحويلها من خاطرة إلى واقع وعمل، مع الاهتمام بتقديم الأهم على المهم.

 

وإن كانت وسوسة شيطانية فينبغي التعامل معها بحسب نوعها كما يلي:

♦ إن كانت وسوسة متعلقة بالإيمان: فينبغي اتباع ما سبق ذكره من علاجات مستفادة من الأحاديث المذكورة أعلاه.

 

♦ وإن كانت وسوسة غير مستقرة في النفس: فينبغي الإِعراضُ عنها، والردُّ لها من أساسها قبل أن تعلق في النفس، وترسخ في القلب [12].

 

♦ وإن كانت وسوسة مستقرة في النفس: فهذه تعالج بالعلم، فهو يبطلها بإذن الله تعالى، ويستأصلها من جذورها، وتصبح -على عكس مراد الشيطان منها- سببا في زيادة الإيمان وصحة اليقين.

 

واعلموا -رحمكم الله تعالى وغفر لكم- أن رد الشبهات والوساوس عمل صالح يثاب عليه العبد إن صحت نيته، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لما رأى إنكارهم للوساوس، وبغضهم لها: "ذاكَ صَرِيحُ الإيمانِ" [13].

 

والحاصل:

♦ أن مراقبة الخواطر مبدأ كل خير وبر وإحسان، وطريق صلاح القلب، وسبيل السعادة والفوز والنعيم.

 

♦ وأنه ينبغي على الطالبين لرضوان رب العالمين، الراغبين في جنات النعيم، إشغال أنفسهم وأذهانهم بالخواطر الإيمانية، وفتح أبواب القلب لها، والأنس بها، والعيش معها، والعمل بما تقتضيه؛ والإعراض عما سواها من اللغو والباطل، وسد مداخل القلب دونه.

 

♦ وأن الذي يُرزَق مراقبة خاطره، يُوفَّق لمراقبة ظاهره؛ ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"[14].

 

♦ وأن من كان مراقبا لله تعالى في السر والعلن، مستحيا من ربه سبحانه وتعالى أن يرى في باطنه أو ظاهره غير ما يرضيه، أولى الناس بمحبة الله عز وجل، والفوز بولايته، وبلوغ مرتبة الإحسان الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" [15].

والله تعالى أعلم.

 

"اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"[16].

 

"إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا؛ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ؛ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ". "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ"[17].

 

"اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ" [18].

 

﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [سورة آل عمران 191 - 194].

 

﴿ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰ⁠تِ ٱلشَّیَـٰطِینِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن یَحۡضُرُونِ ﴾ [سورة المؤمنون 97 - 98].

 

"يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" [19].

 

"اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ"[20].

 

اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الْيَقِينَ وَالْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [21].

 

اللَّهُمَّ جَدِّدِ الإيْمَانَ فِي قَلْوبنا [22].

 

"اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَفِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ" [23].

 

"اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا" [24].

 

"اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [25].

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الصافات 180 - 182].

 

"اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" [26].



[1] ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن قيم الجوزية (1/ 35-37) باختصار يسير].

[2] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17 /221)، ((تفسير القرطبي)) (12 /206)، ((تفسير ابن كثير)) (6 /30)، ((تفسير السعدي)) (ص: 564)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 19-22 من سورة النور).

[3] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17 /221)، ((تفسير ابن كثير)) (6 /30)، ((تفسير السعدي)) (ص: 564)، ((تفسير ابن عاشور)) (18 /187)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 19-22 من سورة النور).

[4] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/221)، ((تفسير ابن عطية)) (4/172)، ((تفسير ابن كثير)) (6/30)، ((تفسير السعدي)) (ص: 564)، ((تفسير ابن عاشور)) (18/187)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/485)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 19-22 من سورة النور).

[5] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/221)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 759)، ((تفسير ابن كثير)) (6/30)، ((تفسير السعدي)) (ص: 564)، ((تفسير سورة النور)) للشنقيطي (ص: 75).

[6] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17 /222)، ((البسيط)) للواحدي (16 /172)، ((تفسير ابن عطية)) (4 /172)، ((تفسير النسفي)) (2 /495)، ((تفسير ابن كثير)) (6 /30).

[7] مرجع التعليقات على الأحاديث: ((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية.

[8] ((عون المعبود وحاشية ابن القيم)) للعظيم آبادي (14/ 12).

[9] يُنظر: ((أقسام الخطاب الموجَّه للرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن)) بموقع الإسلام سؤال وجواب.

[10] [تفسير السعدي (ص: 373)].

[11] قال الله تعالى: ﴿ كَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا فِیكُمۡ رَسُولࣰا مِّنكُمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِنَا وَیُزَكِّیكُمۡ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَیُعَلِّمُكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ ﴾[سورة البقرة 151].

﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ﴾؛ أي: بيَّنَّا لكم شرائعَ ملَّة إبراهيم الحَنيفيَّة، فأمرْناكم باستقبال الكَعبة؛ نِعمةً من الله تعالى عليكم، مِثل ما أنعم عليكم أيضًا أوَّلَ مرَّة، بإرسال محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ منكم- أيُّها العربُ-؛ إذ يتحدَّث بلِسانكم، وتَعرِفون نَسبَه وخُلُقه؛ وذلك إجابةً لدعوة إبراهيمَ عليه السَّلام. [يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (2 /694)، ((التفسير الوسيط)) للواحدي (1 /233)، ((تفسير ابن عطية)) (1 /226)، ((تفسير القرطبي)) (2 /170)، ((تفسير السعدي)) (ص: 74)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 151-157 من سورة البقرة)].

وكان إبراهيم عليه السلام قد دعا ربَّهُ قائلًا: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [سورة البقرة 129].

﴿ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾؛ أي: هذا الرَّسول الذي أنعمْنا عليكم بإرساله فيكم، أتَى ليقرأ عليكم القُرآن، ويُطهِّركم من دَنَس الشِّرك والكُفران، ورَذائل الأخلاق والعِصيان، ويبيِّن لكم السُّنَّة ومعاني كلامِ الرَّحمن. [يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (2 /694-695)، ((تفسير ابن عطية)) (1 /226)، ((تفسير ابن كثير)) (1 /464)، ((تفسير السعدي)) (ص: 74)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 151-157 من سورة البقرة)].

﴿ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾؛ أي: ويُنبِّئكم بأخبار مَن سلَف، وأخبار ما يأتي من الغُيوب. [يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (2 /695)، ((تفسير ابن عطية)) (1 /226)، ((تفسير ابن عاشور)) (2 /50)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 151-157 من سورة البقرة)].

[12] قال ابن تيمية لتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى: "لا تجعل قَلْبك للايرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشربها فَلَا ينضح الا بهَا، وَلَكِن اجْعَلْهُ كالزجاجة المصمتة، تمر الشُّبُهَات بظاهرها وَلَا تَسْتَقِر فِيهَا، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وَإِلَّا فاذا اشربت قَلْبك كل شُبْهَة تمر عَلَيْهَا، صَار مقرا للشبهات" [((مفتاح دار السعادة)) لابن القيم (1/ 443)].

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "اعلم أَن الخاطرات والوساوس تُؤدِّي متعلقاتها إِلَى الْفِكر، فيأخذها الْفِكر فيؤديها إِلَى التَّذَكُّر، فيأخذها الذّكر فيؤديها إِلَى الْإِرَادَة، فتأخذها الْإِرَادَة فتؤديها إِلَى الْجَوَارِح وَالْعَمَل، فتستحكم فَتَصِير عَادَة، فرّدها من مبادئها أسهل من قطعهَا بعد قوتها وتمامها" [((الفوائد)) (ص: 174)].

[13] عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَجِدُ فِي أنْفُسِنا شَيْئًا ما نُحِبُّ أنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ وإنَّ لَنا ما طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، قالَ: "أوَ قَدْ وجَدْتُمْ ذَلِكَ؟" قالُوا: نَعَمْ، قالَ: "ذاكَ صَرِيحُ الإيمانِ" [أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1284)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (970)].

[14] عَنِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ" [أخرجه البخاري (52)].

[15] صحيح مسلم | كتاب: الإيمان | باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان قال أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله: بعون الله نبتدئ، وإياه نستكفي، وما توفيقنا إلا بالله جل جلاله: حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَهَذَا حَدِيثُهُ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ. فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ. وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ. قَالَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ. قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ: "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ". قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا. ثُمَّ قَالَ لِي: "يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟" قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ، يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ".

[16] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" أَوْ: "لَا إِلَهَ غَيْرُكَ" "وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" [صحيح البخاري (1120)].

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" أَوْ: "لَا إِلَهَ غَيْرُكَ" "وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" [صحيح البخاري (1120)].

[17] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا؛ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ". وَإِذَا رَكَعَ. قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي". وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ". وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي؛ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" [أخرجه مسلم (771)].

[18] عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي". فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ" [أخرجه أحمد (15492)، وقال شعيب الأرنؤوط وآخرون: رجاله ثقات].

[19] عن شَهْر بْن حَوْشَب قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ". قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لأَكْثَرِ دُعَاءَكَ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ؟". قَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ"، فَتَلَا مُعَاذٌ ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [سورة آل عمران 8] [أخرجه الترمذي (3522)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي].

ومعاذ المذكور في الحديث هو معاذُ بنُ معاذِ بنِ نصرِ بنِ حسَّانَ التَّميميُّ، أحد رواة هذا الحديث، ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين، وقال عنه: "كان فقيها عاقلا متقنا" [الثقات لابن حبان (7/ 482)، ((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[20] عن عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ". [اخرجه مسلم (2654)].

[21] عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: "اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ؛ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ" [أخرجه الترمذي (3558)، وقال الألباني في صحيح الترمذي: حسن صحيح].

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي" [أخرجه أبو داود (5074)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود].

[22] عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أحَدِكُمْ كَما يَخْلَقُ الثَّوْبُ الخَلِقُ، فاسْألُوا اللَّهَ أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ فِي قُلُوبِكُمْ" [أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 45)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1590)].

[23] عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِالْقَوْمِ صَلَاةً أَخَفَّهَا، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا، فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَمَا إِنِّي دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ: "اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَفِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ" [أخرجه النسائي (1306)، وصححه الألباني في صحيح النسائي (1305)].

[24] عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: "اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا" [أخرجه الترمذي (3502)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي].

[25] قال الله تعالى: ﴿ قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ عَـٰلِمَ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَیۡنَ عِبَادِكَ فِی مَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ ﴾ [سورة الزمر 46].

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؛ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [أخرجه مسلم (770)].

[26] عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي. فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ. قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [أخرجه البخاري (3370)].

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ". قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: "مَا شِئْتَ". قَالَ: قُلْتُ الرُّبُعَ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: النِّصْفَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: "إِذَنْ تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ" [أخرجه الترمذي (2457) وحسنه الألباني].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخواطر.. ما هي؟
  • الخواطر والأفكار
  • جبر الخواطر
  • في سوق الحرير بدمشق تباع السعادة بفلوس!
  • إياكم وكسر الخواطر
  • للقلوب الرقيقة "خواطر وتأملات إيمانية"
  • وصفة للسعادة

مختارات من الشبكة

  • نزهة الخاطر بعبادة جبر الخواطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القدوم إلى الله (8)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جبر الخواطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العشرون من الكتاب والسنة في وسائل نصرة المجاهدين والفوز بمثل أجورهم (PDF)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الخسارة للكافرين والفوز للمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • والفوز في الأخرى (قصيدة)(مقالة - موقع د. حيدر الغدير)
  • لذة الصيام... ذهب الظمأ وثبت الأجر والفوز(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الصيام ودورة المراقبة(مقالة - ملفات خاصة)
  • حاجتنا للإقبال على القرآن الكريم والفوز ببركاته (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ‏حاجتنا للإقبال على القرآن الكريم والفوز ببركاته وقول الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/12/1446هـ - الساعة: 22:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب